رواية فرط الحب الفصل الحادي عشر 11 بقلم دينا ابراهيم
رواية فرط الحب الفصل الحادي عشر 11 بقلم دينا ابراهيم
رواية فرط الحب البارت الحادي عشر
رواية فرط الحب الجزء الحادي عشر
رواية فرط الحب الحلقة الحادية عشر
– ريان.
خرج اسمه اكثر تطلبًا وكأنه استغاثة من بين ثغرها المنفرج قليلًا فلم يشعر بذاته الا وهو يميل ليلثمها بفمه الكبير يلبي نداء يحرق فيه بشغفه الخوف والانكسار … ويبثها بالأمان وال…عشق…
قبله ايقظت داخله بركان من المشاعر المغلقة فصار كالغريق يبحث عن طوق النجاة داخل جوفها يبتلع آهات اجتازت خلاياه لتستقر في جوف صدره، فكلاهما سيسقط من على حافة الهاوية بدون الآخر …
ضغط أكثر فوق جسدها يود لو تنصهر بين أحضانه في خضم عنفوانه وزادت نيرانه حين شعر بأصابعها تغوص في خصلاته القصيرة تتثبت به في قوة وشفاها تقابلاه بذات النيران والشعف.
هربت جميع أفكاره وترك العنان لكفيه بالتنقل الحر الجارف فوق غصنها الواعر بحسن مفاتنها القاتلة.
ازدادت شراسة استجابتها كنمرة فكت أسرها للتو فانطلقت راكضه كالمجنونة تبحث وتكتشف المكان، زمجر في رضا حين تقابلت أظافرها الناعمة بمنتصف ظهره تدعوه للمزيد والمزيد.
كان في جنة يشعر بين ذراعيها فيها بالخُلود وتمنى لو تدوم لحظتهما إلى الأبد ولكن لكل بداية نهاية.
شعر بصدمتها تجتاح جسدها الصغير المتحجر المحصور بين ذراعيه بفعل هجومه السافر قبل أن تَحرمه من طعم ثغرها الذي جذبته عنوه من بين شفتاه المعترضة.
علت انفاسهما كلًا لأسبابه مع تشابه بعضها فمال ريان يسند جبينه فوق كتفها وأسفل عنقها يلهث بقوة لجمح مشاعره وأصابعه تلتف حول معصميها في استعداد للعاصفة المقبلة.
أما “ريم” فكانت أنفاسها العالية تختلط مع الاعاصير داخل رأسها في محاولة لاستيعاب ماذا يحدث هنا وكيف انتهى بها الأمر بهذه الحالة المستسلمة بين أحضانه، فأخر ما تتذكره هو مرض عُمر وخلودهم للنوم.
– إبعد عني.
مرر صوتها المعركة الدائرة داخل صدرها فتنهد ريان وهو يحكم قبضته حول ذراعيها يمنع مقاومتها التي بدأت في الثوران أسفله فزمجرت صائحه:
– إبعد عني يا بني آدم … إنت ازاي تعمل فيا كده.
ارتفع جانب وجهه في غلاظة متعمدة قائلًا بنبرة متعجبة:
– هكون عملت ايه يعني، هي أول مرة اعملها ما انا ياما عملت كده!
غمرتها حمرة الخجل والحقد وهي تنازع أسفله للانفلات منه قائلة في نبرة قاتلة:
– أنا الحق عليا إني وثقت فيك ما انا غبية،
بعد اللي عملته فيا حتى البديهيات معاك لازم كنت آخد حذري فيها معاك.
– ممكن نبطل هري في الفاضي ونتكلم في الجد.
– هري في الفاضي، انت بتتحرش بيا وتقولي هري على الفاضي،
هي كلمة “مش طيقاك” مش فاهمها عشان عقلك يصورلك ان ليك حق تلمسني من تاني.
تأوه عندما ركلت ساقه فقابلت جانب جسده في قوة لكنه جزّ على أسنانه مدعي الهدوء في اجابته الحادة الناهية:
– والله لو اتكلمنا في الحق فأنا أكتر واحد أحق في لمسك لأني ببساطة جوزك بس إنتِ اللي مرهقة شوية وبتنسي.
– حق مين يا أبو حق….
صرخت به ريم في لهجة مستهجنه فأسرع ريان بوضع كفه فوق رأسها بينما تحاول الابتعاد عنه دون جدوى فضحك بغلاظة قائلًا:
– إنتِ هتردحيلي والله عال، الناس بتكبر تعقل وتسمع الكلام وإنتِ بتخيبي.
حدقته ريم بنظرات ساحقة كالرياح العاتية وكل ما تتمناه هو اطاحته ومرغ كبريائه أرضًا
فعض شفتيه يكبح ابتسامة فلو تعلم كم يثيره عنادها ومقاومتها له لِما فعلت من الأساس لكنه أحبط افكاره وحاول التثبت بذلك النقاش الذي كان يحضره منذ فترة كي يعتذر لها ويحصل على رضاها.
– ريم أنا عارف إني غلطت غلط كبير وعارف ان مينفعش تسامحيني بسهولة.
اجابته بارتفاع حاجبها الساخر وكأنها تخبره بتهكم:
– لا يا شيخ.
اغلق فمه في خيط ضيق قبل ان يسعل بخفه متجاهلًا إياها ليتمتم بتوتر:
– انا مغلطش في اني شكّيت فيكي وكدبتك وبس، وعشان تعرفي اني بجد باقي عليكي …
باقي عليكي ده ايه لا معلش لامؤاخذه في اللفظ يعني انا مش هسيبك تبعدي عني طول ما فيا نفس طالع وخارج.
خرج صوتها المعترض مكتوم أسفل قبضته وللحظة وتره احمرار وجهها ظننا انه يقطع تنفسها ولكن استمرار غمغمتها وحركتها اسفله تخبره بانها حمرة الغضب فاستكمل سريعًا:
– عارف عارف مش طيقاني
وحقك أنا ساعات كتير مش بطيق نفسي، بس انا قعدت كده مع نفسي وقولت ياض يا ريان إنت مش عايز تسيب ريم ليه دي ولية نكد حتى.
انفلت ساعدها الأيمن وقتها لتقابله بصفعه لجانب رأسه قابلها هو بابتسامه مغيظة ومال يقبل جبينها متجاهلًا غمغمتها المستنكرة وهو يعيد ذراعها بجانب الآخر ويحكم قبضته على كلاهما في كف واحد من جديد ثم قال متعمدًا الإمساك بنظراتها المشتعلة:
– بس رجعت وقولت اسيبها ازاي وعنيها الحلوة دي هي أول حاجة بفتكرها أول ما افتح عيني.
سرق انتباهها اخيرًا وخفت مقاومتها وهي تنظر إليه عيناها تشع بحاجتها للمزيد وهو لم يبخل فاستطرد:
– اسيبها ازاي والضحكة مش بتطلع من قلبي غير لما تبقى مرسومه من شفايفها الحلوة المبطرخة دي.
ابتسم في خفة وابعد كفه عن وجهها يبعد خصلاتها عن عيناها بينما هي لا تتحرك او تتكلم فقط تطالع عيناه التي لا تتركها وتبثها بشعاع أمل وعشق مهول لا ينتهي هزها ودمر معظم حصونها، ثم مال يلامس أنفه بأنفها معترفًا أخيرًا بما هز جدران قلبها:
– اسيبها ازاي وأنا قلبي معرفش معنى الوطن غير لما سكن في عيونها.
رمشت ريم وارتعشت شفتيها بمشاعر مضطربة بين لهفة وانغلاق حاد لكنه باغتها بقبله رفرفت كجناحي فراشه بخفه فوق ثغرها ليعلن بكل ذرة رجولية وحب يكتنفه:
– بَحبِك..
أعاد قبلته الخاطفة من جديد يرغب في مباغتة عقلها هامسًا بحرارة:
– بَحبِك ومقدرش أعيش من غيرك.
رفرف بشفتيه من جديد يحاول سرقتها بالكامل لكنها انتفضت وتلك المرة هربت تمامًا ورمت ثقلها لتخرج ساقطة من الفراش بينما يحاول هو انقاذها لكنها رفعت اصبعها في وجهه المطل عليها من الفراش، وهتفت متحملة على آلامها في رفض:
– اه فهمت.
-فهمتي!!
اعادها ريان في تعجب فقالت وهي تستقيم وتواجهه في شراسة:
– أيوة فهمتك، إنت فاكر انك هتقدر تضحك عليا واني لسه عيله عبيطه.
– فاكر!
اجابها متهكمًا مغتاظًا من رفضها فقالت من بين اسنانها:
– بالظبط، لكن لا مش هتقدر تضحك عليا لأني متأكدة ان اللي زيك مش بيعرف يحب!
انتفض هو الآخر ليقف في مواجهتها مردفًا في غيرة حارقة:
– اومال مين اللي يعرف يحب،
• الواد المتني اللي فضلتي تضحكي عليا طول فترة جوازنا ومفهماني انه اخوكي وسحبتي مني حق اني أكون السند الحقيقي في حياتك..
خرجت منها ضحكه مستنكرة وهي تلفظ كلماتها متعمدة اشعاله:
-لا وإنت كنت ونعمة السند ليا،
كنت حتة عيله لا راحت ولا جت وإنت محور حياتها بس ازاي كان لازم تقتل كل حاجه حلوة جوايا بعمايلك.
صمت لكنه تركها تفرغ شحنة الكُره من داخلها فاكثر ما يعرفه عنها انها تنسى الإساءة بالعتاب وإن كان هذا ما يستدعيه الموقف لتسامحه فليكن فهو يستحق ذلك وأكثر، ولكن صمته أغضبها أكثر فهتفت في غل:
– وفي الاخر بتسأل كنت متمسكه بأحمد ليه!!
عشان محدش غيره وقف جنبي لما خالتي اللي فضلالي من الدنيا سافرت وهجت بالفلوس اللي حيلتنا واترميت أنا تحت رحمته وهو رحمني.
– خير وعمله وانتهى ويشكر عليه ده حقك
لكن انتي وصلتيه انه يبقى أهم من عيلتك اللي هي أنا وعُمر،
انتي اختارتي هوسك بوجوده، واني مش هشيلك رغم اني كان ممكن احط حياتي تحت رجليكي لو طلبتي.
علا صوته ليهز الجدران بقوة انفعالاته وقساوة ما اخفاه داخل صدره طويلًا مستكملًا باتهام:
– كنتي بتخليني أنام احلم انك سبتيني عشانه وانه خطفك مني ووصلتيني ان اقل حاجة تحصل أشُك فيكي وأصدق.
ترقرقت الدموع في مقلتيها لكنها منعت هبوطها في عناد وصرحت في هدوء:
– إنت صح إنت غلطت وأنا غلطت والعلاقة دي انتهت من زمان ومينفعش تتعلق بيها.
– وإنتِ صح، العلاقة دي انتهت ومينفعش اتعلق بيها..
ظهر الجرح جليًا على وجهها معلنًا عن التناقضات والصراعات المشتعلة داخلها لكنه اقترب منها خطوتين مستكملًا في هدوء وصدق:
– عشان كده هنبني علاقة جديدة، علاقة صح ونضيفة أنا وإنتِ
وغصب عنك يا ريم لأن خيار اني اسيبك ده مش هيحصل.
تلعثمت في رفض تحاول كبح رفرفة قلبها وهمست في اضطراب لا تعلم ما يخرج من فمها:
– مينفعش انا وأحمد….
اقترب منها يقتحم مساحتها معلنًا في لهجة حادة قاتلة تبرز ما يعتريه من حنون غاضب:
– ما اسمعش اسمه على لسانك تاني وإلا ورحمة ابويا وأمي أروح اغتصبهولك عشان ترتاحي وميبقاش نافع لا لجواز اكتر ما هو مش نافع.
زمت شفتيها وحركت رأسها في استهجان هامسة في اشمئزاز:
– إنسان متوحش مستفز مش قادر تطلع روح التحرش من تفكيرك.
حرك يده في الهواء بلا مبالاة واضحة وهو يتحرك يبحث عن سجائره فيقول بانزعاج بينما يشغل إحداها:
– بطلي بقى جو الرهبنة ده مش لايق عليكي ما إنتِ كنتي متمرغة في حضني من خمس دقايق.
نفخ الدخان بالقرب من وجهها مستمتعًا بالخجل والغضب المتنافس فوق بشرتها السمراء اللامعة وارتفع جانب وجهه في انتصار عندما لم تجد اجابه تتناسب مع حقارته كي تقذفه بها فاكتفت بدب قدميها في طفولية متمتمه ببضع كلمات لم يفهم نصفها وخرجت من أمامه هاربة.
حرك كتفيه مفكرًا لا يهم المهم أن الخطوة الكبرى قد انتهت وانه يشعر وكأن جبال العالم انزاحت عن صدره باعترافه لها، متعجبًا كيف ينسى المرء أن يبوح بمشاعره، فيصبح كإنسان آلي يحارب من أجل العيش والمكانة الاجتماعية متناسيًا أن الأسرة والاحبة دومًا أهم.
*****
استيقظت وسام في الصباح الباكر داخل غرفتها لكنها قابلت اليوم بمشاعر مستفزة كئيبة غير راضية ووجدت نفسها تتصيد المشاحنات في جنون.
– أنا نازل عايزه حاجة وأنا جي؟
قاطع بيجاد تحديقها الصامت في الحائط فنظرت له بلا تعابير هامسة في خفوت:
– لا.
تنهد متذكرًا كيف اوقفته عن اتمام طقوس عشقهما أخر مرة حاكمة عليه بأن يبقى مستلقيًا بجوارها فوق الأريكة متحملًا عقابها بالقرب البعيد بين احضانه، رمقها نظرة أخيره وطلب في رجاء:
– طيب على الأقل اتصلي بعلاء صبي السوبر ماركت خليه يطلعلك اللي تحتاجيه وبلاش تنزلي وإنتِ حامل.
ضاقت عيناها وسألت في تهكم قاسٍ:
– والرفق بالإنسان اللي مش عبد عند حد
ولا نسيته عشان علاء لسه عيل عنده خمستاشر سنة؟
ابتلع بيجاد غضبه في جوفه الجاف بصعوبة وقبض على اصابعه القوية قبل ان يجيبها في جدية متعمدًا كبح ملامحه الغاضبة:
– عنده خمستاشر سنة بس نصيبه انه لازم يشتغل وده خلاه راجل يعني انا مش بستغله،
وأنا بقولك اطلبي ومتقلقيش أنا براضيه كويس وبلاعبه عندي في الجيم ببلاش فهو كده هيحس انه بيساعد والجمايل مردوده.
أنهى جملته واتجه للخارج مغلقًا الباب خلفه دون ان ينتظر اجابتها، زفر في حده ينفس عما يعتمر صدره وهبط في حزن فكل يوم يثبت له ان حياتها البائسة لن تنتهي.
فقد نجح والدها في ترسيخ صورة فاسده داخل عقلها ولن ينجح ابدًا في محوها، كان يمشي تائهًا غير قادر على الانتباه لمن يلقي عليه السلام أو يناديه من اصدقائه، وصل اخيرًا للصالة الرياضية الموجودة بالقرب من منزله ونظر لنفسه في المرأة ولأول مرة يشعر بالهموم والعجز تنعكس من ملامحه.
تلألأت عيون وسام بعبراتها ما إن خرج وانفجرت باكية دون مبرر وظلت الساعة اللاحقة تبكي وتبكي دون توقف فهي مرهقة متعبة ترغب في استعادة حياتها والعيش بطبيعية وترغب في النوم في سلام دون قلق أو هم يقتلها بشأن حياة بيجاد أو بشأن حياة مولودها.
استقامت في تعب لتشعر بدوار وقتي، أمسكت رأسها واستغفرت الله تواليه عندما تذكرت انها لم تأكل منذ الصباح ثم اتجهت للمطبخ لتناول شيء ما فهي لا ترغب في إصابة الصغير داخلها بسوء.
زفرت في غضب وكادت تبكي من جديد عندما اكتشفت انتهاء المربى التي تفضلها لكنها تمالكت ذاتها واتجهت لغرفتها ترتدي عبايتها لشراء المزيد، دار تحذير بيجاد لها في عقلها بأن لا تنزل لكنها تجاهلته بعناد.
دلفت تدور في المتجر الموجود في البناية الملاصقة لمنزلها واختارت بعض الأطعمة التي جذبتها وشعرت باشتهاء لتناولها ما إن رأتها ثم ارتسمت ابتسامه خفيفة على محياها حين تقدم علاء منها يصر على حمل الأكياس لها حتى المنزل.
خرجت وسام خلفه وانشغلت عيناها بالماء المندفق من ماكينة داخل المغسلة المقابلة للمتجر والتي يفصلها عنه بضع مترات قليلة في الشارع الضيق، لكنها شهقت في ذعر وتشنجت معدتها حين شعرت بجلد خصرها يلتوي بين أصابع ما.
قفزت للجانب البعيد وطالعت في عيون متسعة شاب جالس على مقعد أمام المتجر يظهر عليه الغنى وملابسه ومقتنياته تصرخ أموال، عقدت ملامحها في غضب تقابل نظراته الفاسقة بقولها:
– إنت قليل الأدب ومتربتش.
– عارف.
نظرت له باحتقار واندفعت للذهاب فاوقفها في سماجة:
– ماشيه ليه ما تستني اوريكي قلة الأدب.
اندفع علاء الصغير الذي ألقى بالاكياس وهرع نحوها هاتفًا:
– ما تحترم نفسك يا جدع.
وقف الشاب يطالعه في استهجان قائلًا في حده:
– وإنت مال أمك، غور من وشي يالا.
– تعالى يا علاء وصلني وسيبه ده بني آدم بجح.
قالت وسام وعبراتها تسيل على وجهها في غضب لا تصدق ان الرجل تجرأ على لمسها وانه حتى انتفاخ معدتها بحملها لم يشفع لها أمام وقاحته.
احتدت نظرات علاء للرجل في رفض وحقد فسبه الرجل الذي دفع أصابعه في وجه علاء ليرتد للخلف محذرًا:
– يلا يا كوكو وصلها يلا متبحلقش!
علت أنفاس علاء ولكنه اتجه نحو وسام التي تحمل الأكياس من الأرض لمساعدتها ولكن عينيه ترفض الابتعاد في غضب عن الشاب المدلل ولولا جسده الضئيل الضعيف لكسر عظامه.
حين أوصلها همست له وسام بشكر واعتذار، فقابها بالصمت وهزه من رأسه قبل أن يركض للأسفل وما ان لامست أرض الطريق حتي لمعت عيناه في تحدي وهرول راكضًا نحو شخص واحد هو القادر على تهذيب ذلك المتعجرف.
*****
– لا متحملش ع رجلك الوزن ده لان عضلة رجلك مش هتستحمل…
أوقف بيجاد تعليماته وانتبه لذلك الراكض نحوه بأنفاس متقطعة فاعتذر من الرجل امامه واتجه نحو علاء متسائلًا في توتر:
– فيه ايه يا علاء، حاجه حصلت في البيت؟
هز رأسه في نفي لكنه تابع يلقي في إصرار ما حدث منذ قليل، لتشتعل عيون بيجاد بغضب أعمى فيركض كالثور الهائج في جنون حين يُلوح أمامه بالأحمر.
اقترب بيجاد من المتجر فأشارعلاء لرجل يرتدي سروال بلون السكر المحروق وقميص أبيض ناصع فاتجه بيجاد دون تأجيل وبكل عنفوان ضرب قدمه في صدر الجالس فينقلب ككيس البطاطا من فوق المقعد وينفجر الجحيم…
قضمت وسام قطعة من الخبز تجبر جوفها اجبارًا على ابتلاعها بينما دموعها ترفض الجفاف، مسحت أنفها مرة أخرى لا تزال تشعر بالنقم على ذلك الرجل الحقير، لكنها انتفضت في هلع عندما تعالت أصوات الرجال في الأسفل بجنون واسم “بيجاد” الذي يخرج من فم الجميع في ذعر، جعل الدقات في قلبها تتوقف فهمست وهي تلقي بالطعام في إهمال:
– يالهوي يالهوي.
ركضت للشرفة متناسيه حجابها وصرخت في جنون حين رأت زوجها يعتلي صدر المتحرش وقبضاته المتطايره تقابل وجهه الدامي في شراسه:
– بيجاد لا يا بيجاد سيبه.
رفع رأسه يصرخ بها في جنون للدخول ولكنها دخلت فقط لتجذب عباءتها وتركض في هلع نحو الأسفل وهي تدعو الله بصوت عالي ورجاء صادق بأن لا يفقد الحقير روحه على يد زوجها المجنون.
انطلقت نحو الرجال هاتفه دون حرج متعمده زجه من حالته التي يفشل الرجال من حوله في السيطرة عليها:
– بيجاد كفاية هيموت في ايديك!
ضرب بيجاد رأس الرجل الشبه فاقد للوعي في الأرض بحده معارضًا أيادي الرجال التي تحاول جذبه دون فائده ولكن صوتها فاق قوتهم حين جذبه من بقعته السوداء داخل روحه ووقف في جنون هاتفًا في غضب:
– اطلعي فوق ومتنزليش إنتِ اتهبلتي!
اتجه نحوها يدفعها نحو المبنى بملامح تصرخ جنون فحاولت امساكه وهي تنفجر في بكائها:
– عشان خاطري يا بيجاد تعالى فوق كفاية.
– بقولك اطلعي.
ابعد ذراعه المغطى بالدماء عنها تاركًا إياها غارقة في مخاوفها واتجه نحو الرجل الذي يسند الناس جسده الغير متزن وما ان لمحه الشاب حتى صرخ وسقط للخلف محاولًا الهرب منه، تكاتل الرجال حول بيجاد يحاولون دفعه للجانب البعيد اما ذلك الغارق في دمائه فقد كان يزحف حتى حملته ساقه من جديد، وعند علو صوت بيجاد المعلن عن اقترابه منه حتى التفت في ذعر يبحث عن مكان للهرب فلم يجد سوى المبني أمامه.
وغريزته للبقاء دفعته للتفكير بالصعود هناك والاختباء بأحد البيوت كي يستطيع الاتصال بالمساعدة هربًا من ذلك المجنون الذي يعزم على قتله وانهاء حياته.
أغمض جفونه يمنع قطرات من الدماء السائلة من الاستقرار في عينه اليسرى وتأوه في ألم عندما وصل للمدخل وانغرست أصابع صغيرة ولكنها كانت كافية لتسبب له ألم في جسده الذي تم إبراحه ضربًا.
– تعالى بسرعة الله يحرقك يا بعيد.
– ابوس إيدك كفاية وسيبيني أستخبى جوزك هيموتني.
زمجرت وسام في وجهه وهي تجذبه وراءها على الدرج مؤكدة:
– اتنيل واطلع استخبى عشان هيموتك فعلًا.
أسرعت وسام في فتح الباب عندما وصل إلى مسامعها انتقال الأصوات لمدخل المبنى متأكدة ان بيجاد لن يهدأ حتى يصل إليه، فتحت سريعًا ودفعت الرجل للداخل مغلقة الباب في قوة.
سمعت تخطي بيجاد لبابها وحمدت الله إنه في اسوأ أحلامه لن يتخيل انها من تحمي الحقير، نظرت للرجل الغارق في دمائه باشمئزاز وجذبته إلى غرفتها واضعه منشفه فوق رأسه وضغطت بقوة قائلة في غل:
– وقف الدم هجبلك كحول وبن يوقفه، خسارة في جتتك، بس لما ربنا ياخدك ياريت يبقى بعيد عننا.
أمسك الرجل المتألم المنشفة فوق رأسه وسأل في ضعف:
– لما إنتِ مش طيقاني بتساعديني ليه؟
– مش عشان سواد عيونك، عشان خاطر جوزي اللي خسارة يضيّع نفسه عشان كلب زيك.
بصقت كلماتها في اشمئزاز ليبعد الشاب عينيه في خجل عنها ويسأل:
– طيب وههرب ازاي وجوزك تحت
إلتوت شفتيها في سخرية وأخبرته في حده:
– ومين قالك انه تحت جوزي طلع يدور عليك في الشقق ومش هيسكت غير لما يلاقيك.
وقف وكاد يسقط من طوله فاقتربت وسام توازنه في غضب وتدفعه للجلوس رغم اعتراضه:
– يعني هيدخل يدور هنا كمان، يا نهار اسود ده احنا في بيته!
– بالظبط وإحمد ربنا انه في بيته هو مش هيتخيل انك هنا.
– ولما يجي هعمل ايه ؟
سأل الرجل في ذعر فرمقته من اسفله لأعلاه وردت:
– لما يجي تستخبى هنا وتخاف على نفسك عشان لو حس بس انك هنا هيجيب اجلك غير كده انا هتصرف!
ذهبت تبحث عن منشفة وهلعت حين رات الدماء أمام باب المنزل من الداخل فركضت تحضر القهوة المطحونة تعطيه له وتأمره بوضع بعضها فوق جروحه واتجه تحضر منشف تنظف بها أثار تواجد ذلك الابتلاء المختبئ في غرفتها ولسانها لا يتلو سوى الدعاء للخالق بأن تنتهي الأمور على خير.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية فرط الحب)