روايات

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل التاسع 9 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل التاسع 9 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت التاسع

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاسع

من نبض الوجع عشت غرامي
من نبض الوجع عشت غرامي

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة التاسعة

لكلِّ شدّة مُدّة، ولكل ضيقٍ مُتسع،
هكذا هي الحياة؛ يتعاقبُ فيها نهارٌ مُضيءٌ وليلٌ مُظلم ،تارةً يُخالجك الألم، وتارة يُصالحك الأمل، واللَّه دوماً في هذه وفي تلك معك
فالحمدلله في السراء وإن قصُرت، والحمدلله في الضراء وإن طالت .
هنودة حبيبة قلبى كيفك ياقمر اتوحش…تك
وكادت أن تكمل مشاغبتها إلا انها رأت أخر شخص لم تتوقع ان تراه فبهت وجهها ومات الكلام على لسانها ،
ورددت وهي تتراجع بخطواتها للخلف قليلا وعيناها مرتكزة على هند :
_ أنى متأسفة جداً ياأستاذة مكنتش أعرِف ان عندك ضيوف ،
واسترسلت وهي تدير وجهها للخلف تقصد الخروج:
_ أني همشي وهرجع لحضرتك كمان شوي تكوني فضيتي .
منعتها هند مرددة بصوت عال:
_ لااا تعالي ده أدم مش غريب تعالي ادخلي يابنتي .
أما هو وقت رؤيتها تسمرت عيناه عليها كانت ترتدي نقابها بلون البنفسج الذي جعلها أعذوبة في الرقة والجمال ، عيناه تفحصتها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها كي يهدأ قلبه ، ولكنه لم يهدأ بل اشتعل داخله نيـ.رانا فور رؤيتها ، فمجرد دلوفها للمكان حبـ.ست أنفاسه ،
لاحظت مكة عيناه المثبتة عليها وكانت محرجة بشدة ، ثم سألتها بعينيها عن ماذا تقصد ، فأجابتها هند وهي تشير إلى أخيها بمحبة :
_ ده ياستي يبقي أخويا ، ادخلي بقي مش حد غريب .
دلفت بوجه متعجب من تلك المفاجأة وجلست أمامه مع مراعاة المسافة ، لم ترفع عيناها ووجهت جسدها ناحية هند وتصنمت مكانها ،
أما هو ظل يردد داخله أمامها وقد نسي الزمان والمكان وكأنها وحدها الموجودة أمامه ،
فحقا ساحرة أنتي تلك الصغيرة ، لم أراكي وأنتي أمامي ولكني أشعر بأني أعرفك لا بل أحفظك ،
أأنتي من الحور العين أم أنكي من جنس حواء !
أريد أن أبحر في هواكي ، أريد أن أكتشفك ، أتعمق داخلك ، أحفظ أسرار الجمال التي تنبعث من عيناكي فقط ،
وجدت هند أن أخيها في عالم أخر ومكة اعترتها حالة من الحرج والخجل وشعرت بمدى حماقتها أنها أطاعت أخيها وأعلمته مجيئها فتحمحمت بابتسامة:
_ تحبي تشربي ايه يا مكة أجيب لك الشاي بالنعناع اللي بتحبيه ولا أجيب لك عصير.
فركت مكة يداها بتوتر من تحت خمارها ،
ولكن عيناه المرتكزة معها جعلته يشعر بخجلها وتوترها ولكنه أمسك هاتفه واصطنع أنه منشغل به كي يخرجها من حالة الخجل ، أما هي اجابتها برفض مصاحب بالشكر:
_ لاا شكراً يا أستاذة مش حابة أشرب حاجة ،
وتابعت حديثها وهي تسألها بخفوت :
_ أروح للأستاذة مروة أكمل اللي بديته وياها عن حلقة الحديد والصلب اللي حضرتك طلبتيها مننا وبعدين أعاود لك ؟
ألقت مكة سؤالها ونظرت جانباً ،أما أدم نظر لأخته مترجيا أن ترفض فهو لايريد ابتعادها عن مرمى عيناه الأن ، يريدها أمامه كي يشعر بها ويشتم أنفاسها بالمكان ويعبأ منها ما يكفيه حتى ترحل وتأخذ قلبه معها ،
رأت نظراته المترجية لها فأغلقت فمها وهي تدعي الغضب أمامه من أفعاله الصبيانية التي لاتليق بمكانته وأجابت مكة :
_ لاا ياموكة أنا عايزة رأيك في حاجة تانية لحلقة النهاردة الخاصة بيا ، أنا بقيت بثق في رأيك جداً ، مختلف عن باقي الأراء اللي حواليا ، كلهم منظورهم للحاجة زي بعضهم أما إنتي تفكيرك للشئ وانك بتتعمقي فيه بيبهرني .
شكرتها مكة بامتنان على رأيها :
_ جزاكي الله خيرا يا أستاذة ، والله كلام حضرتك وسام شرف ليا في أول طريقي .
تمددت ملامحها بسعادة ورددت :
_ جزانا وإياكي ياجميلة ، أنا متنبئة لك إنك هتبقي حاجة مختلفة وهتكسري الدنيا بإذن الله بأفكارك ومبادئك وخاصة إنك مختلفة فعلاً شكلا وموضوعاً ،
وكادت أن تكمل إشادتها إلا أنها جائها اتصال على هاتفها فوجدته زوجها فاستئذنت منها بلطف :
_بعد اذنك هرد على قرة عيني زوجي يعني وهرجع لك ما تقلقيش مش هتاخر عليكي.
اما هو فور ان قامت اخته تنفس الصعداء واحس بأن القدر يخدمه وبقيا وحدهم هي أمامه بنفسها وفورا انطلق لسانه:
_ ازيك ، أخبارك ايه .
كانت جالسة مكانها وتشعر بأن أعصاب جسدها مفكوكة من شدة توترها ، لم يحدث لها موقف كهكذا ولم تحاصر من رجل كهكذا،
وردت على سلامه باختصار:
_ في نعمة وفضل من الله.
قالت تلك الكلمات المعدودة وصمتت ، أما هو ردها أحزنه وطريقتها المختصرة أشعرته بمدي تعبه وحربه التي سيجهد فيها بشدة كي ينالها ، وردد وهو قاصداً النظر إلى عيناها كي يتشبع منهما وبالأخص أنها لم ترفعها ولم تنظر إليه ولو بالخطأ:
_ يارب دايما ، تعرفي انك كنتي في بالي النهاردة وأنا بصلي الفجر ، مش عارف بعد ماأديت الصلاة لقيتك جيتي على بالي .
فحقا يالك من رجل ماهر تعرف تجذب أي أنثى في الحديث ، تنتقى الأسلوب الذي يليق مع كل امرأة ، فرفعت أنظارها وهي تردد باندهاش:
_ايه ده هو إنت بتصلي والفجر كمان ؟!
لم يندهش من سؤالها فهو قد توقعه بقدر ما لفت انتباهه نظرتها المندهشة والمغلفة بالإعجاب وها هو استطاع جذب انتباهها وأجابها:
_ هو أنا مش مسلم زيي زيك والصلاة فرض عليا ، وهي دي اللي بتفرقني عن الكافر !
واسترسل حديثه وهو يدافع عن حاله أمامها :
_ إنتي ليه واخدة فكرة عني اني وحش وبتاع سكر وبنات ، دي الفكرة العامة اللي واخداها عن اي فنان عموما ؟
لم تعرف ماذا تجيبه فهي لم تريد الانخراط معه في الحديث ولكنها منذ يومان رأت فيديو له بمحض الصدفة وهو يلقي أغنيته الأخيرة وكانت معه إحداهن فانتابها الفضول وشاهدت المقطع ولم يخلف ظنها كحديثه ذلك وهتفت بما رأته عيناها بوضوح علها تكسب ثوابا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
_ سبحان الله كلامك عكس أفعالك ، يعني من يومين وأني بقلب عادي في watch it لقيتك في الفيديو وياك بنات وبتلمسهم عادي وبتقرب منهم والحركات اللي بتحصل في الفيديو كليب المعروفة من المطربين كلهم .
انفرجت أساريره لأنها أعلنت أمامه أنها تراه وتأتي بمقاطعه وتشاهدها وردد مدافعاً عن حاله :
_ إيه علاقة إني بصلي وبأدي عباداتي بالشغل دي نقرة ودي نقرة .
استفزها بكلامه ونطقت برفض:
_ هو اي شغل يجيب فلوس كتيير يبقي حلال !
إنك تلمس بنت وايدك تبقي في ايديها وممكن كمان تبقي في حضن…
وكادت أن تكمل كلماتها إلا أنها سكتت خجلاً مما كانت ستردده ، فأكمل هو بدلاً عنها:
_ مكملتيش كلامك ليه ؟ قصدك بيبقوا معايا في أوضاع بالنسبة لك حرام ، بس ده شغل وكمان تمثيل يعني مش حقيقي مش بيبقي في مشاعر ايه المشكلة في كدة ، ده شغل زي أي شغل عادي جداً.
لم يعجبها كلامه ولا أسبابه التي لاتمت بصلة للدين الإسلامي وتحدثت بكل وقار :
_ إنت حافظ مش فاهم على فكرة .
اندهشت ملامحه وهي رأت ذلك ولكن أكملت حديثها بتأدب :
_ يعني التمثيل حلال أصلا في وجهة نظرك ؟
يعني أنك تلمس ست وتستحل النظرة والكلمة والقرب منها وتقول تمثيل ده بالنسبة لك عادى وترجع بعد إكده من سهراتك تصلي وتأدي فرض ربنا وتقول دي نقرة ودي نقرة !
شعر بالراحة اجتاحت أوصاله وتسللت إلي قلبه ، هدوئها في الحديث رزقه السكينة ، كلامها وتعبيراتها المعترضة لم تكن فيها نظرة الاحتقار أو الكبر ، لم تكن من المجادلين في الحديث والمتعصبين لرأيهم ، ولكنه مقتنع أنه لن يفعل خطأ وبرر لها أسبابه :
_ يعني الدكتور اللي بيكشف علي المريضة وبيلمسها وبتنكشف قدامه ده مش حرام ؟
كل مهنة ليها أسبابها وليها خطواتها اللي متنفعش إلا بيها .
أخذت نفسا عميقا ولم تعرف كيف تجيبه كي تقنعه ان الطبيب غير المغني ولكن أكملت حديثها علها تخرجه من ذاك الطريق أو تكون نورا تهدى به إلي الطريق الحق:
_ هو الدكتور زي المطرب ! الدكتور قاسم اليمين أنه ميبصش على المريضة ولا يحل لنفسه يلمسها لمسة حرام ، انت متخيل قسم اليمين على كتاب الله ده يعني ايه ،
ومش معنى كلامي إن كل دكتور شريف في مهنته لاا كل مهنة فيها إللي بيراعي ربنا في مهنته وفي اللي بيخالف ضميره وربنا طبعاً شاهد ومطلع وكل حاجة بتتسجل عند ربنا سبحانه وتعالى فلازم الإنسان يروح له صحيفته نضيفة .
ردد بكلمات خرجت بتلقائية من شفتيه :
_ إنتي جميلة أوي يامكة عاملة زي الملاك اللي بينزل من السما يهدي العاصي .
استمعت أذناها إلى همسه ولأول مرة يغازلها رجل ولأول مرة تشعر بالخوف والسعادة في آن واحد ، واحمر وجهها خجلاً من تحت نقابها وأصبحت تجلس على الكرسي في حالة تتعجب لها أنقذتها هند بقدومها وهي تردد :
_ معلش اتأخرت عليكي حبيبتى يالا نبدأ حالا ،
ثم نظرت إلى أخيها قائلة :
_ ممكن بقي تقوم يافنان تتابع شغل المحطة والأوراق اللي عايزة تتمضي ولا ايه ؟
أخرجته شقيقته من حالة التيهة وود ان يمسك رقبتها ويختنـ.قها لأنها ستجعله يفارق تلك الجلسة المحببة إلى قلبه ، ولكن استأذن منهما ومنها بالتحديد:
_ حاضر هروح حالا ، ممكن نبقي نتكلم تاني لأن كلامك أثر فيا وحابب توضح لي وجهة نظرك أكتر .
انحرجت من طلبه الذي فاجأها به وأجابته :
_ اني مش باجي اهنه كَتييير هي مرة واحدة في الأسبوع بس ، لو احتجت اي استفسار ممكن تبعته للأستاذة هند وهي تبلغه لي وأنا هبعت لها الرد .
لم يريد تلك الإجابة ولم يعجبه ردها الذي حطم آماله في طريق الوصول إليها ، ولكن سيصبر فالمعـ.ركة تستحق فهي أعجبته وأحبها ومن الواضح أنها لن تشعر بمحبته لها إلي الآن ولكن سيفعل قصارى جهده إلي أن يمتلك قلبها وأشار برأسه بموافقة وألقى سلامه وغادر المكان ،
أما هي نظرت إلى هند متسائلة لها بملامة :
_ ممكن اسألك سؤال وتردي عليا بصراحة ياأستاذة ؟
توقعت هند سؤالها وتحدثت:
_ هتسأليني أنا جيبتك هنا عن طريق ادم أخويا ولا لا مش ده سؤالك.
هزت رأسها وهتفت بعتاب:
_ لو كان إكده يبقي مليش لازمة اهنه لأن وجودي وشغلي ملهمش عازة وقتها واني جايه لهدف تاني خالص عكس ماقلتي لي .
انصعقت هند من كلامها وهتفت برفض قاطع:
_ لا يامكة متفهميش غلط أنا أعجبت بشغلك جداً وانبهرت بيه كمان ولولا كدة مكنتش جيت لك لحد عندك ، إنتي فاهمة نص الموضوع غلط ،
وتابعت حديثها وهي تشرح لها ماحدث بكل صدق:
_ شفت لآدم الفيديو اللي نزل فكلمته إنه إزاي يجيب حد تاني يعمل معاه اللقاء وخاصة أن إحنا المسؤولين مسؤولية كاملة عن شغله ، بس وقتها شرح لي كل حاجة وعجبني شغلك اووي فقررت إنك تبقي من التيم بتاعي ومن ساعة ماشفتك وأنا حسيت انك اختي الصغيرة وحبيتك أووي ، أو ربنا وضع محبتك في قلبي من أول ماشفتك وبتلاقيني ببعت لك على طول على الواتساب وحبيت التعامل معاكي اووي .
تنفست براحة من ردها وتابعت استفسارتها:
_ طيب هو حضرتك قلتي لحد على شكلي أو وصفتيني لأي حد ؟
اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت باستنكار:
_ لا والله العظيم يابنتي ، أنا يستحيل أعمل كدة ولا عمري هعملها مش علشان أنا منفتحة شوية ابقي جاهلة للدرجة دي في أمور ديني ، أنا احترمت تدينك ورب الكون يعرف إني معملتهاش ولا عمري هعملها متقلقيش ياموكة.
أحست مكة أنها صادقة فهي أيضاً تشعر بالارتياح ناحيتها فابتسمت لها ، وبدأن في الانشغال بأعمالهن .
________________________________
مضى شهراً على تلك الأحداث عمران وسكون يتقربان أكثر وأكثر وأصبحا جزءًا لا يتجزأ من حياة بعضهم ، أما رحمة وماهر فهما في لعبة القط والفأر مستمرين وهي تفهمته جيداً وأصبحت تجعله يستشيط ويستنكر أفعالها وبدأت تنشط شعور الإحساس لديه وبدات امتحانتها وابتعدت عن المكتب تماما مما جعله يجن في بعدها ولكنه لم يعترف بذلك،
أما مكة انخرطت في مذاكرتها وادم كل حين يراسلها عبر الواتساب حين يشتاق للكلام معها وهي مرة ترد باختصار ومرات لن تجيبه عن رسائله وتتعمد فتحها كي تجعله يبتعد عنها ولكنها شعرت أنه يكن لها شعوراً وإعجابا ولكنها ودت أن توأد ذاك الشعور بداخله فهما خطان متنافران ووجهتان متباعدتان وقصتهم ستفشل من قبل أن تبدأ ، ولكنه مصمم على أن ينولها فكانت في كل مرة تذهب إلي أخته يسافر لها كي يراها من خلف الستار ولا تشعر به ثم يعود بقلب يخفق سعادة وحزناً في أن واحد ،
أما عن وجد فهي تلاعبت على سلطان بمكرها كي تجعله يذوب عشقا بها ، رأته خارجاً من منزله قاصداً مزرعته فتحركت أمامه وهي متعمدة أن يراها دون أن تنظر إليها ، كانت تتغنج في خطواتها وما إن رآها حتى نادى عليها بصوت عال :
_ بت وجد إنتي يابت ، وقفي عنديكي .
افتعلت الهلع ورددت وهي تمتثل الخوف :
_ بسم الله الرحمن الرحيم ، ايه ده هو إنت ياابو عمران اتخضيت والله .
ثبت عصاه أرضا وهتف باستنكار:
_ وه شفتي عِفريت ولا ايه ! رايحة على وين بكير إكده ياوجد مش عوايدك تصحي بدرية اكده وتخرجي كمان ؟
مطت شفتيها بدلال واجابته:
_ هو إنت كنت تِعرِف عوايدي ميتي ومن مين ؟
أني بحب أصحى بدري وأتمشي ساعة الصبحية داي وبالمرة أجيب طلباتي اللي نقصاني وياي واني راجعة ،
وتابعت حديثها المصحوب بالدلال وهي تدعي الحزن :
_ مانت عارف بقي اني واحدنية ومحدش بيقضي لي حاجتي غيري .
اقترب منها بخطوات قليلة وأردف بصوت أجش وهو متأثر بحديثها :
_ خلاص يابت كلها شهرين بالكتيير وعمران ولدي هيتجوز واحنا وراه طوالي ومهتبقيش وحدانية يازينة الصبايا .
اقتربت هي الأخرى بخطواتها وكادت أن تتلامس عبائته الواسعة وهتفت بنفس الطريقة:
_ بجد ياحاج سلطان ؟
اني قلت أنت خليت بوعدك وياي ومبقتش رايدني .
رفع حاجبه باستنكار وردد بنفي:
_ كيف إكده هو فيه حد يرفص النعمة بيدة يابعيدة إنتي ، بس كل الحكاية أطمن على ولدي الأول وبعديها أشوف حوارنا ونتتموا الجواز على خير .
عندما ينطق إتمام زواج عمران تزداد نا.را ويشت.عل داخلها وتريد أن تطبق على رقبتهم جميعاً تميـ.تهم عدا عمران حبيبها ومعشوقها الأول والأخير ، ولكن هي كالحرباء تغير لونها تمويها لعدوها وعيناها وسط رأسها تري جميع الاتجاهات كي تصوب سهـ.مها ببراعة وتنـ.قض على فريستها ، فهدأت داخلة وتلون وجهها بالخجل المصطنع فمن ينظر إليها يشاهدها خجلة ولكن تلك علامات الغضب الساحق التى ارتسمت على وجهها ولكن خبأتها ببراعة داخل كلماتها لذاك الشائب:
_ اني قلت أنك رايدني النهاردة قبل بكرة ومهتقدرش على الانتظار وكل يوم أقول هياجي حداكي يابت ياوجد ويسبق بالجواز ويخيب أملي وانام ودمعتي على خدي ،
وأكملت بدمع زائف :
_ فيها ايه يعني لو نتممو زواجنا قبل ولدك هيجرى ايه عاد ؟
اتسعت عيناه باستنكار وردد برفض قاطع:
_ له مهنعملش شي واصل قبل فرحة ولدي الوحيد اصبري يابت فات الكتييير مابقى إلا القليل متتعجليش بالخير باقي هبابة وقت وتنولي المراد .
هزت كتفها وابتسم وجهها وتحدثت بسعادة مفتعلة ككل حديثها:
_ وإنت كمان مهتنولش المراد ؟
ده أني هدخلك الجنة على الأرض وهدوقك شهد وجد وهنسيك اسمك وسنك وهرجِعك ولا أحسنها شاب في التلاتينات بس أنت عجل ياحاج .
استطاعت أن تثير داخله بدلالها وتمكنت من اقتحام قلب ذلك الشائب ، وانخرط ورائها دون أي حسبان لأي اعتبارات وردد مفاجئا إياها :
_ لااا كتير اكده على يابوي ، بت ياوجد اعملي حسابك كتب كتاب ولدي كمان يومين واحنا بعديه بسبوع طوالي خلاص داي اخر قرار عندي .
انفرجت أساريرها فور ان نالت مرادها فألقت الفتيل الذي سيشعل الني.ران في ذاك المنزل وبالتحديد في قلب عمران الذي يعشق والدته وقررت الابتعاد عنهم طيلة الأسبوع حتى لايشك في أمرها أحدا فقد نفذت ماتريد ،ثم التفتت حولها يميناً ويساراً واستئذنت منه المغادرة :
_ طيب اني همشي بقي علشان محدش ياخد باله من وقفتنا في الوقت ده عاد ويجيبوا سيرتي بالباطل واني منقصاشي أني قافلة داري علي وكافية خيري شري ، فوتك بعافية ياحاج.
ردد سلامها :
_ وإنتي من أهلها ياوجد .
وتوجه كل منهم إلي طريقه بقلب يدق دقات مختلفة فدقاتها انتصار بأنها ستكن بجانب عمران ولن تجعله يسعد فهي لن تطوله ولكن لن تهنئ غيرها عليه ج ، أما دقاته هو بامرأة تعيد شبابه دقات مختلفة مستنكرة على ذالك الشائب .
______________________________

انتهت الاختبارات لدي كل من رحمة ومكة ،
اليوم ستذهب رحمة كي تواصل عملها بمكتب ماهر الريان ولكن يومياً وبشكل مستمر فقد أنهت دراستها وتفرغت لأولى مشوارها المهني ، وصلت إلى المكتب في الساعة الثانية ظهراً قبل موعد وصول ماهر بساعتين ،
فقد اشتاقته كثيراً ولكن دون أن توضح له ، أما هو يعاند حاله كثيراً فطيلة فترة غيابها يشعر بنقصان بدونها ولكنه لم يهاتفها مرة واحدة مما جعلها تحزن ، دلفت إلى مكتبها ونظرت إليه بمحبة فقد استوحشت أوراقه وقضاياه ، ثم دلفت الي مكتبه ومان إن رأت صورته الموضوعة على مكتبه نظرت إليها بتعمق ، نظرة عيناه فيها غموض مثير لاهي مبتسمة ولا هي حزينة ،
لاهي مخيفة ولا هي خائفة ، مختلف انت يارجل ، ماذا ورائك ؟
أقسم برب السماء وأشهده انك اقتحمت أسواري ولكن سأبدل نظرتك الغامضة إلى واضحة ، سأجعلك تنطقها دائما وأنت لاتريد ، سأستخدم معك مكر حواء كي تلين ،
وقفت متسمرة مكانها ترى الصورة والمكتب بأكمل وهي تتشبع منهم قدر الامكان ،
ثم نظرت إلى الساعة المعلقة على الحائط وجدت أنها شردت كثيرا ، بدأت في مهامها بالمكتب وبعد أن أنهت ترتيب الملفات قررت أن تغير من نظام المكتب كي تعطي طاقة متجددة للمكان ،
بعد نصف ساعة نظرت إليه باستحسان ثم قامت بتشغيل الجهاز المعطر للمكان وأزاحت الستار من على الشباك ودخلت شمس النهار أنارت المكتب وأدفئته ثم خرجت إلى مكتبها وبدأت في عملها ،
بعد قليل دلف كل من ماهر وجاسر ابن عمها ويبدوا أنهم عائدين من إحدى الجلسات ،
دلفا إليها وألقى جاسر السلام على ابنة عمه ، أما ماهر فور أن رآها أحس بشعور الاحتواء ونظر إليها بعيناي طفل فقد أمه ولكن من تحت نظارته السوداء القاتمة ،فهو انتقى ذاك النوع من العدسات خصيصاً كي لايري أحداً نظرة عيناه ،
ثم هتف مباشره دون سلام أو كلام :
_ بلغي الشؤون المالية تصرف مكافئة للمتر جاسر ، وإنت تعالى معايا على المكتب .
غمز لها جاسر بعيناه مع ابتسامة نامية على وجهه ودلف وراءه ، رأى ذلك الماهر تلك النظرة فور أن دلف مكتبه وعيناه نظرت إلى الكاميرات مباشرة ، وشعر للمرة الثانية بالغضب الشديد الذي لم يفسر معناه إلى الآن ،
أما هي ابتسمت على مشاغبة ابن عمها وأصبح الآن الذراع الأيمن لماهر في مكتبه ،
جلس جاسر أمامه مرددا بامتنان:
_ مش عارف أشكرك إزاي يامتر على المكافأة مكنش ليه لزوم نكلَف سعاتك يافندم .
أدار بالكرسي يمينا ويسارا وهتف :
_ مفيش شكر ياجاسر إنت النهاردة اديت مرافعة في المحكمة تستاهل ولازمن تاخد مكافئتك عليها وبزيادة كماني ، انت قدرت تثبت براءة الراجل من القضية من خلال شعرة القاتل الحقيقي ودي ثغرة محدش يتوقعها إلا محامي كبير وأنت ماشاء الله بقيت مكار القضايا ياجاسر.
حسس جاسر على صدره وهو يردد بامتنان:
_ كله بتوجيهات سعاتك يافندم وكلها حاجات اتعلمناها منك أنت الأب الكبير لينا ياماهر باشا.
هز ماهر رأسه بإشادة ثم أعطاه ملفا لقضية العمال المنفصلين قسراً من وظيفتهم وهو يدلي تعليماته:
_ اتفضل يامتر دي قضية العمال اللي انفصلوا من مصنع الحديد والصلب اجبارا لان الشريك اللي أخد المصنع مش عايزهم ، عايزك بقي توريني همتك وترجع للعمال دي حقها ومكانها في المصنع وعايزة اعرِفك على حاجة كمان ، إن القضية دي مفيهاش أتعاب العمال دول غلابة وقصدوني وكانو هيبيعو اللي حيلتهم علشان يوكلوني بس أنت عارف لينا قضيتين تلاتة في السنة لله واني حابك تاخد إنت الثواب ، وكمان القضية دي لو كسبتها هتفتح لك طاقة القدر أولا لأنها لربنا وثانيا لأنها بقت راي عام يالا يابطل وريني همتك .
أخذ منه الملف واحتضته بين يداه بسعادة غامرة وردد :
_ متقلقش يافندم هبذل قصارى جهدي وبإذن الله هرجِع للعمال دول حقوقهم على داير مليم والله المستعان ، ومننحرمش من كرم سيادتك يافندم .
ثم أكمل حديثه مستئذنا:
_ هستئذن اني تؤمرني بحاجة تانية ياباشا ؟
حرك رأسه بنفي:
_ لا اتفضل على مكتبك تابع اللي معاك ومتشغلش وقتك بشغل المكتب هخلي رحمة تكلف كل واحد بقضيته ، ومتنساش الميتنج بتاع بالليل مع الدكتورة عاليا ميعادنا النهاردة.
استمع إليه بتركيز ووعده بأنه لن يتأخر ثم انصرف وأغلق الباب خلفه ، استند ماهر بجسده على الكرسي وهو يدلك رأسه من الم الصداع ثم لفت انتباهه رؤية جاسر ورحمة يتحدثون بابتسامات عريضة على وجوههم ومن حركة شفاه لها استنتج أنه يداعبها وهي تستجيب لخفة ظله معها ولكن هو ابن عمها وفي منزلة أخيها لذالك لن يقدر على محاسبتها أو ملامها ، أحس بوخزة في قلبه وعيناه ترتكز عليهما ولم يستطيع تفسير تلك الوخزة ، ظل منتبها معهما حتى غادر جاسر وعادت هي الي عملها ، وجد نفسه يرفع سماعة الهاتف مرددا بصوت متعب :
_ تعالي حالا .
شعرت بالإجهاد في نبرة صوته فتركت مابيدها ودلفت إليه ، وجدته مسترخيا على الكرسي مغمض العينين بإرهاق فوقفت أمامه مرددة :
_ حضرتك كويس يافندم ؟
أجابها وهو على وضعه :
_ لا مش كويس ، اتفضلي اقعدي .
عرضت عليه مساعدتها :
_ تحب أساعد حضرتك بحاجة معينة ؟
ردد بتعب:
_ اه عايزك تطلبي الصيدلية وتجيبي حبوب للصداع وكمان هاتي الحبوب داي،
ثم فتح الأدراج وأخرج منها العلبة الفارغة وأعطاها إياها كي تحضر له مثلها وأكمل:
_ وكوباية قهوة كمان لأن دماغي مش مظبوطة وحاسس بالإرهاق .
انفتح فاهها على وسعه وتسائلت بدهشة وهي تقرأ محتوى العبوة :
_ هو حضرتك بتاخد منوم يافندم دي غلط على صحتك جامد يامتر .
فرك جبهته بيداه و أجابها:
_ معرفش أعيش من غيرها ، يالا بسرعة علشان مش قادر.
اعترضت رأيه ورددت بنصح :
_ هجيب لحضرتك القهوة وحبوب الصداع لكن المنوم لا .
اعتدل بجلسته وهتف منزعجا:
_ ايه اللي بتقوليه ده ياأستاذة إنتي هتفرضي عليا أوامر ولا ايه ! اتفضلي على مكتبك ونفذي اللي قلت لك عليه.
اعترضت رأيه ونطقت بتعقل :
_ أنا مديرة مكتب حضرتك ومن واجبي إني أحافظ على صحتك وحضرتك إكدة بتدمِر صحتك .
تأفف من ثرثرتها وأشار إليها مرددا :
_ يوووه من كلامك الكَتير اللي ملهش عازة واصل ، طب بسرعة هاتي الحبوب والقهوة اعمليها تقيلة ومتتأخريش علشان دماغي هتتفرتك .
رأت أن تقترح عليه اقتراحا جال ببالها :
_ طيب أني عِندي اقتراح ايه رأيك حضرتك تعمل لك ركن اهنه في المكتب ويكون فيه سرير ، نجيب مهندس ديكور يظبِط لك الدنيا وقت ماتحس بالتعب والارهاق ترتاح ساعة وتقوم نشيط بدل العلاجات عمال على بطال داي .
نظر إليها بتفحص وهتف بتعمق قاصداً ارباكها :
_ للدرجة دي خايفة عليا وعلى صحتي ياآنسة ؟
توترت من سؤاله ولكن تماسكت كي لا يظهر توترها وأجابته :
_ طبعاً ده حضرتك خط المحاكم ولازم نحافظ على صحتك ده إنت أستاذنا ومنك بنتعلم أصول المهنة .
رفع حاجبه معجبا بردها المغلف بالفطنة ثم أشار اليها بموافقة على ردها ،ثم طلب منها قهوته ، خرجت من مكتبه وهي تتنفس الصعداء وتنطلق أنفاسها الحبيسة في وجوده فهي تشعر كأنها مسؤلة عنه ولا تريد له الأذية ومن الواضح أنه وحيداً ليس له زوجة كما علمت أن زوجته ماتت منذ عامهم الأول ، وليس له أما أو أبا ويبدوا عليه التشتت لذلك التمست له أعذار لجموده ، أنهت تحضير قهوته ودلفت إليه بالدواء والقهوة ثم وضعتهم أمامه ورددت :
_ أجيب لحضرتك حاجة تانية يافندم ولا اكده تمام ؟
سألها عن طلبه منها فقد تركها شهراً بأكمله حتى أنهت امتحاناتها :
_ مقلتليش ردك على طلبي موافقة ولا لا ؟
استدعت الهدوء واصطنعت أنها لم تفهم شئ وسألته باندهاش مصطنع:
_ طلب إيه يافندم ، حضرتك أني لسه جاية النهاردة ومكنتش موجودة اهنه من شهر ومفكراش حضرتك طلبت مني ايه ؟
نظر إليها بنصف أعين ، فحقا ماكرة أنتي تلك الأنثى وعقلك عقل امرأة محنكة وليست بنتا صغيرة ليس لها في مكر النساء، فتحدث :
_ تمام هعمل نفسي مصدق انك مفكراش وهفكرك مرة تانية ، عايز أعرف ردك على لما طلبتك للجواز ، استنيتك كَتير بس قلت علشان امتحاناتك وأهه أديكي خلصتي على خير .
توترت من عرضه مرة ثانية ودق قلبها ، نحت مكرها جانباً وتحدثت بلسان الأنثى التي تود أن تُعشق ، تود أن ترى اللهفة في عين حبيبها لها ، تود سماع كلمة “أحبك” ، لديها أحلام الفتيات تريد حكواها لأميرها ، فهو يريد أن يحرمها من كل ذلك ، لاااا لن تستكين ولن تهدأ حتى تسمع أذناها تلك الكلمة وتطرب قلبها بها ، وليس فقط بل ستشعر بها كل لحظة في همساته ولمساته ونظراته ، فتحدثت وهي تتأنى وجعاً استشعره من كلامها :
_ خايفة أوافق أندم على موافقتي ، وخايفة أرفض أندم بردو على موافقتي ، إنت ناضج جداً وأني لسه في مرحلة الاحتياج ، إنت احتياجاتك غير احتياجاتي ، تفكيرك مختلف عن تفكيري وفي نفس الوقت مش قادرة أرفض ،
واسترسلت حديثها وهي تخرج كل مافي قلبها بصدق أحس به :
_ أني صادقة جداً في مشاعري وفي كلامي ومش حابة اللف والدوران علشان بحب الوضوح وخاصة في البدايات ،
كلمة واحدة منك تخليني أوافق وكلمة تخليني أرفض .
انتابه شعور يهدد الحصار الذي وضعه حول أعضاء الحس لديه وبالتحديد قلبه فقد وعد نفسه أن لايعشق امرأة ولا يسمح للعواطف أن تقترب من أسواره مرة أخرى وحاولت معه نساء غيرها ولكن لم تجدي محاولتهن نفعا وخاصة أنه كان صريحاً مع جميعهن ، أما تلك يشعر أمامها بأنه ليس رجلا قارب على مشارف الأربعين ، كان متفهما لكل كلمة قالتها فأشار إليها بعينيه أن تكمل فتابعت هي :
_ ايه احساسك من ناحيتي ياماهر ؟
استمع الى اسمه من بين شفتاها من غير أي ألقاب ، يا الله وكأنه لم يسمع اسمه بدون ألقاب منذ أن كان طفلاً من شفاه امرأة غير والدته ، كم كان له لذة أعطت روحه راحة حين سمعه منها ، لم يجيبها على سؤالها لانه تعمق في ملامحها وحركة شفاها وهي تنطق اسمه ويعيده في ذاكرته أمامها ، أما هي فسرت سكوته بأنه رافض حتى مبدأ الحوار في ذاك الموضوع وقررت إعطائه هدنة قبل الانقلاب عليه ، وقامت من مكانها وهي تردد بعملية :
_ تمام يافندم هروح أشوف شغلي ، عن اذنك.
ألقت كلماتها وخرجت من أمامه وهو لم يوقفها ولم يمنعها ، تائه في ملكوت حروف اسمه الذي استوحشه كثيراً ، أحس بالحنين وكأنه رجع طفلاً ونادته أمه كي تأخذه بين أحضانها ولكنه لم يستجيب لها وفضل اللعب مع أصحابه ، شبه ذلك بذاك الموقف منذ قليل ومن بعدها يندم على عدم تمسكه بالفرص التي تحيي قلبه ولكنه قرر إعطاء هدنة الآن لنفسه وبعد قليل من التفكير خرج من هالة الحنين وعاد إلى صلبه وجموده مرسومين على ملامحه وترك قلبه وأمره بيد رب العباد يقلبه كما يشاء فأنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد
_______________________________
مرت الأيام وكل في ملكوته هائم ،الى أن جاء اليوم المنتظر كتب كتاب عمران وسكون ، ذاك اليوم الذي سيشهد قلب السكون فيه انتصارا عظيماً حققه لها رب العباد ، كانت ترتدي فستانا باللون الأبيض القاتم ويزينها حجابا بنفس اللون وعلى رأسها تاجا من الورود ووجهها مزين بالمكياج الذي تضعه لأول مرة ، كان جمالها هادئا غير مفتعلا ، كان الجميع يجلسون حولها يهنئوها ويرددون التكبير عليها بأعين تلمع حبا ،
أما عند عمران ارتدى هو الأخر قميصاً باللون الأبيض وبنطالا باللون الأسود ومصففا شعره لأعلى بعناية ، وضع البرفيوم الخاص به بغزارة وارتدي ساعته ذات اللون الأسود المحببة إلى قلبه ، وهبط الأدراج وجد الجميع ينطلقون بالزغاريد فرحة بوحيدهم عمران ، وانطلقوا جميعا وبجانبه صديقه محمد الذي لم يتركه من بداية موضوعه ،
سمعت سكون وأهلها وصولهم بالتهليل والزغاريد المتعالية التي هزت أرجاء القرية ،
دق قلبها كثيراً وشعرت بأن قدماها لم تستطيع حملها بالرغم من نحافة جسدها الا إنها من شدة التوتر خجلة ،
صعدوا جميعهم وبدأوا بالتسليم والمباركات والجميع فرح لتلك الزيجة التي أدخلت الفرح والسرور على قلوبهم عدا تلك الوجد التي وقفت تتآكل سكون بعينيها وتود أن تلتهمها وتتخلص منها ، كانت تنظر إلى عمران بعيناي يكسوها الحزن وقلب مولع من حرمانها منه ،
استقر الجميع في أماكنهم بعد التسليم والمباركة ثم بدأ المأذون خطوات الزواج في موقف يهز القلوب سعادة وفرحا من جماله ،
أما عند سكون في الداخل كانت تجلس وسط اخواتها تشعر بالسعادة الطاغية على معالم وجهها ، فتحدثت مكة إليها بسخط :
_ كان لازمته ايه الميكب اللي داهنة بيه خلقتك ده ، يالا عاد عدي سيئات كتييير لحد الليلة داي متخلص ياسكون هانم .
ضربتها مها بخفة على كتفها وهتفهت لها بامتعاض:
_ الملافظ سعد يادبش إنتي ، الليلة كتب كتابها ومهتخرجش من الدار ومفيش حد هيشوفها يابقرة إنتي اكتمي عاد ومتبوظيش فرحتنا ، هي داي الف مبروك بتاعتك !
أشاحت برأسها بامتعاض مماثل ورددت بتعليل لرأيها :
_ وهو المأذون مش راجل ؟ ولا الرجالة اللي ماليين المكان برة دول عيرة وكلهم محرمين ياست مها ، انتم حرين هه اللهم بلغت وعميلت اللي علي .
ثم ابتسمت ومدت يداها وأخذتها بين أحضانها وهي تبارك لها بسعادة غامرة:
_ مبروك ياحبيبتي ربي يتمم لك على خير ياست البنات يابدر منوِر ياعمري إنتي .
رفعت مها حاجبها باستنكار قائلة :
_ والله ماكان من الاول يختي بدل سم البدن بتاعك داه ياللي مبتفهميش إنتي .
اخرجت مكة لعابها لها كي تغيظها وهتفت بحاحب مرفوع:
_ ملكيش صالح ياللي حاطة نقرك من نقري عاد ، هو أني عدوتك ياخيتي ولا حاجة ؟
مطت مها شفتيها بامتعاض واردفت:
_ والله يمكن بغير منك علشان إنتي أحلي مني ولا ايه عاد ياشبر واقطـ.ع إنتي .
نفضت سكون يداها بغضب من نقار كلتاهن الذي لم ينتهي وهدرت بهم :
_ وه هو داي وقته إياك منك ليها هتجننوني ، النهاردة كتب كتابي ياللي مبتفهموش ودماغكم متركبة شمال ، حرام عليكم اسكتوا بقي .
ربتت مها على ظهرها بحنان وهدأتها قائلة :
_ خلاص ياعروسة متكشِريش بنفك التوتر والخجل اللي مالي وشك وخلناكي نسيتيه اهه .
دلفت إليهم والدتهم وهي تشد سكون إلى أحضانها بفرحة مرددة :
_ الف مليون مبروك يابتي ربنا يجعله عريس الهنا والسعادة ياحبيبتي ، يالا ياغالية علشان تمضي المأذون واقف على امضتك .
هزت رأسها برفض قاطع وهي تهتف :
_ له ياماي مهخرجش قدام الخلق دول كلياتهم ، خليه يجيب دفتره وياجي اهنه واني همضي .
اتسعت مقلتي ماجدة وهتفت باستنكار:
_ وه عايزة المأذون يدخل اوضة البنات يامخبولة إنتي ، يالا اخرجي قدامي بلاش دلع بنتة عاد .
خرجت معها أختها معها وهي تشجعها ، وصلت إليهم وهي تلقي راسها أرضا من شدة خجلها وما إن رأتها زينب حتي قامت إليها واحتضنتها بحفاوة ورددت وهي تربت على ظهرها بسعادة:
_ مبروك يامرت الغالي عقبال الليلة الكَبيرة وتنوري داره ياغالية .
بادلتها سكون الاحضان بخجل وهي ترد عليها :
_ الله يبارك فيكي ياماما الحاجة منحرمش منيكي ولا من طيبة قلبك.
ثم خطت سكون ناحية الدفتر وعلامات الخجل على وجهها تغمره كألوان الطيف ،
رآها عمران وكعادته ظل ينظر إليها بمحبة وبعيناى لاتتمنى رؤية غيرها وبيدان تريد ضمها ولكن هدأ من حاله إلي أن يبارك لها بطريقته بعد قليل ،
مضت عقد القران بأيد مرتعشة من شدة خجلها ثم انطلق الجميع مهللين ومباركين لهم ،
بعد ساعة بالتحديد من عقد قرانهم انفض الجميع وهدأت الأجواء وانصرفوا جميعا عدا عمران ، خرجت إليه سكون بعد أن ابدلت ثيابها بأخرى مريحة وارتدت حجابا صفته بإهمال على رأسها ،قام واقفاً مكانه يستقبلها ببسمته الآسرة لعقلها ومد يداه إليها وهو يبارك لها وحدهم أخيراً:
_ مبروووك عليا إنت ياحبيبي.
ابتسمت برقة وأخفصت بصرها لأسفل خجلاً وردت مباركته :
_ الله يبارك فيك ياعمران.
تقدم بخطواته أمامها ثم أمسكها من يدها لأول مرة ،شعرت بدفئ يداها بين يداه وتمردت أعصاب جسدها عليها وشعرت بأنها في عالم الخيال ، ولكن ماإن ضغط على يدها كي يجعلها تشعر أنه حقيقة وليست خيال حتى أغمضت عيناها بنشوة من تلك اللحظة ، فهذه أول لمسة وأول اقتحام بين جسد العمران والسكون شعرته فقط من لمسة يد ،
ترك يداها ورفع رأسها أمام عيناه وهو يردد بعشق:
_ مش لو كان ده يوم دخلتنا كان احسن بردك ، اني عايز أخدك واهرب بيكي لمكان نكونو فيه وحدينا ، أنا وإنتي وبس ياحبيبي إنت.
ابتلعت انفاسها بصعوبة ولم تعرف بما تجيبه من شدة خجلها ثم انطلق لسانها بهمس:
_ متتعجلش كلها شهرين وأكون ملك يمينك وساعتها مفيش حاجة هتبعدنا عن بعض .
بعيناى تفيض غراما طلب منها :
_ قربي مني منفسكيش تسكني حضن عمران اللي حلم كتتتير يسكن حضنك وينسي فيه كل هموم الدنيا.
اهتز جسدها خجلاً وأدارت وجهها وهي تردد بخفوت :
_ له مش دلوك ياعمران مهقدرش اصبر لما نتجوز وابقي في دارك عاد .
لم يمهلها وقت أن تفكر أو تعترض فاحتضنها من ظهرها وهو يحاوط خصرها بتملك مرددا جانب أذنها بوله :
_ كيف إكده عايزة تحرميني من حضنك لااا ده إنتي بتحلمي ياداكتورة.
حاولت افكاك يداه من على خصرها وهي تردد بصعوبة فقد أُهلكت من قربه ورائحته :
_ بعد يدك ياعمران ميصحش إكده أمي ولا اخواتي حد يشوفنا .
أدار جسدها أمامه واحتضن وجهها بين كفاي يداه ثم ردد بتصميم:
_ وماله مايدخلوا عاد انتي مرتي على سنة الله ورسوله ، محدش يقدر يتكلم نص كلمة .
تلبكت بين يداه فعمران يحتضن وجهها ليس فقط عيناها داخل عيناه وكلها بين يداه ، ودت أن تنتزع الخجل وتلقي بنفسها داخل احضانها بل وتشدد عليه حتي تستقر بأمان وتعوض الحرمان الذي اشتقاته كثيرا ، فهي الآن في حضرة العمران ذائبة ، هائمة ، وفي شوقه متيمة ، لاحظ نظراتها الهائمة فهمس لها :
_ شايف في نظرة عينيكي شوق كبييير ونفسك تترمي في حضن عمران بس مستحية ، قربي ياحبيبي وأنا أنسيكي الدنيا باللي فيها .
كانت تنظر الي ملامحه تتشبعها داخلها حتي تحلم بتلك اللحظة حين يبتعد ، كانت تغمض عيناها وتستنشق رائحته داخل صدرها وتعبئها قدر المستطاع حتي تتنفسها حين يغادر ،
وهتفت بهمس مماثل له :
_ خايفة اجرب حضنك أترمي فيه ومطلعش منيه ، وابقي بعديها كيف السمك لما يطلع من الماية.
رمش لها بعينين هائمتين قائلا بتشجيع :
_ طيب متتكسفيش هو حضن عمران ماكان ولا عمره هيكون غير ليكي واني محتاجه أكتر منك ،
ثم مد يداه ولامس يداها وجذبها داخل أحضانه وخبأها داخله وهمس بجانب أذنيها:
_ جميييييل حضنك جميييل ودافي ، حاسس إنك كيف العيلة اللصغيرة اللي بين ضلوعي ياسكون ، أرجوكي متطلعيش من حضني وقت ماتكوني في بيتي ، ومتسبينيش مهما حوصل.
أحست بضياعه فشددت من احتضانه وهمست بجانب أذناه:
_ كيف أسيبك أو أهملك ياكل كلي ده إنتي حلم العمر ومني الأيام وأماني الليالي اللي عشت أعدها وأجهزها لقربك ياحبيبي.
بصوت هائم راجٍ لقربها :
_الله حبيبي طالعة منيكي وحاسسها كأنها ضافت ليا وصف جَديد كيف المسجون وأول ما يطلع من السجن اول حاجة يعملها يبص للسما بشمسها ونورها وياخد نفس طوييييل انه رجع للنور من تاني ، إنتي السما بشمسها ونجومها وقمرها وعتمته ياحبيبي.
ابتلعت انفاسها وتحدثت:
_ كان عندي حق إني أحبك واتمناك وكمان أستناك كتييير علشان قلبي دليلي وقال لي هو ده يابلاش .
كانا لقائهم الاثنان في هدوء ساحر بلمسات ساحرة وهمسات متيمة وأرواح عاشقة ثم هتف بمحبة:
_ يابختي بقلبك ياسكون ، طمني قلبك انه أختار عمران وهو بيوعده انه هيبقي أمين عليه حتي في عز غضبه وعصبيته عمره ماهيجرحه وهيحتويه وهو كمان يوعدني إنه يخلي باله مني وميقساش علي ولا يبعد عني ودايما ينبض ليا وحدي ومهما شفتي مني أفعال غريبة التمسي لي الأعذار وخليكي متوكدة إن عمران عاشق لتراب سكون مهما حوصل.
وفجأة وبعد أن أنهى كلماته المتيمة بها أبعدها عن أحضانه بحدة ورماها بعيداً عنه وكانها رثاَّ وهو ينظر لها نظرة غريبة جعلتها ارتعبت من طريقته وشعرت بالمهانة من حركته ، ومن شدته معها سقطت على الأريكة وهو على نفس نظراته التي أشعرتها بالخوف ، نظرات تراها لأول مرة ورددت باندهاش ….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *