روايات

رواية الريح والهوايل الفصل الثاني 2 بقلم هند عبدالله

رواية الريح والهوايل الفصل الثاني 2 بقلم هند عبدالله

رواية الريح والهوايل البارت الثاني

رواية الريح والهوايل الجزء الثاني

الريح والهوايل
الريح والهوايل

رواية الريح والهوايل الحلقة الثانية

جلس الحاج عايد في صالة كبار الزوار في مطار البلد الذي يعمل به واسند ظهره الى مقعده الوثير وتذكر
يوم وفاة ابيه وكان هو أصغر إخوته واكثرهم بكاء .
يومها ظنه الناس يبكي لوفاة الفقيد بينما هو كان يبكي جوعا
فقد أضاع ابيه كل ما يملك ثم لم يحتمل الفقر فسقط ميتا تاركا لأمه حملا ثقيلا مكونا من أربع اولاد وبنتين اصغرهم عايد واخته التوأم
تعبت الام كثيرا حتى اكملو تعليمهم واجتهدت كثيرا وعملت في أعمال كلما تذكرها اقشعر بدنه ألما من أجلها فكم من ايام باردة عادت الام من الخارج وملابسها مبتلة واصابعها متورمة من كثرة العمل
فقد كانت تقف على طاولات تنظيف السمك في السوق
وعملت في الخياطة والتطريز حتى كل بصرها ثم عملت في بيع لوازم العرائس
كل هذا الشقاء وللاسف خاب أملها في أولادها جميعا حيث فشلو في التعليم الا عايد
كان اكثرهم تقديرا لتعبها فكد واجتهد حتى تخرج من كلية الهندسة وتخصص في البترول
كان هدفه محددا وطريقه امام عينيه
عايد دائما ما يقول عن نفسه : قطر الشباب فاتني ملحقتش اعمل اللي بيعملوه الشباب
بقعة الضوء الوحيدة في شباب عايد كانت حبه للميا وصبرها عليه وتقديرها لظروفه
تزوجها يوم ظهور نتيجته في الكلية ولم يكن يمتلك اي شئ بالكاد اشترى سريرا وضعه في غرفة ايجار بالقرب من منزل والدته حتى يرعاها
مر عايد ولميا بظروف بالغة السؤ في بداياتهم فرت منه دمعة حين تذكر ذلك اليوم الذي اضطر فيه ان يبيع سريره ليشتري الدواء لوالدته
وباتت لمياء ليلتها على الارض وهى حامل في ابنتهم الكبرى في شهرها السابع
ولم يتمكن هو من النوم حرجا من فقره امامها
افاقت لمياء من نومها لتجده يجلس القرفصاء بالقرب من باب الغرفة واضعا يده على رأسه
ربتت على كتفه قائلة : ولا يهمك بكرة هننام على ريش نعام وهفكرك .
ربنا لابد هيكافئك على برك بيها
في هذا اليوم خرج عايد قاصدا عمله
نظر في جيبه فلم يجد الا قروشا قليلة ان ركب ذهابا فلن يتبقى معه شيئا
: الأمر لله اخدها مشي واتاخرلي نص ساعة وخلاص
سار عايد شاردا في طريقه حتى رأى رجلا يبدو عليه الوجاهة يقف بجوار سيارته الفارهة
استوقفه الرجل راجيا
لو تسمح
افندم
بعد اذنك بس تقف معايا نغير الكاوتش عندي ميعاد طيارة ومش لاقي حد يساعدني
تبسم عايد قائلا ده لسة فاضل عالفجر نص ساعة طبعا مستحيل تلاقي حد يساعدك معاك استبن ؟
ايوة بس الحقيقة معرفش مكانه فين في العربية دي
طب اتفضل انت وانا هتصرف
دقائق قليلة ووقف عايد يخبر الرجل انه انهى تركيب الكاوتش
تهلل وجه الرجل وهو يشكر عايد كثيرا ويشد على يده
: انا متشكر جدا الله يباركلك ده الكارت بتاعي ياريت نبقى على تواصل ولا اقولك هات رقمك
من يمكن ان يتصور ان صدفة صغيرة مثل هذه قد تتسبب في كل هذا
بعد أكثر من شهر جاء طفل من أبناء الجيران يركض نحوه
عم عايد جالك تليفون عندنا بيقول صاحبك بتاع الكاوتش
ذهب للرد على الهاتف غير متذكرا قصة الكاوتش
: الو
: ازيك يا هندسة انا نضال اللي انت انقذتني وغيرتلي الكاوتش
: اه اهلا وسهلا يافندم لا انقذتك ولا حاجة دي خدمة بسيطة كلنا بنحتاج لبعض
: انت يومها قولتلي انك مهندس بترول لكن انا مقولتلكش انا بشتغل ايه
: ايه
: كبير مهندسي مشروع الدرة
: بتاع الشارقة
: تسمع عنه
: ومين ماسمعش يافندم
: طب واللي يشغلك فيه
لم يسمع عايد باقي الجملة فقد خر ساجدا باكيا
بجد يا استاذ نضال انا مش عارف اقول ايه
ماتقولش حاجة تروح لمكتبي في العنوان ده تديهم بياناتك وهيعملولك اللازم وعلى فكرة دي مش جميلة والله حقيقي المشروع كان طالب مهندسين انا حتى نازل اعمل مقابلات لعشرة غيرك
طار عايد ليقبّل يدي امه ويخبرها بالأمر
: رزقك يا امي الحمدلله ربنا رزقني بشغلانة ممتازة في الشارقة
لميا : بجد يا حبيبي
: بجد يا لميا هتقدري تتحملي وحدك ابننا وخدمة امي
: روح انت بس وما تقلقش علينا
مرت ايام التجهيزات للسفر سريعا
نظر الحاج عايد اليوم لحقيبته البراند وتذكر الحقيبة المتواضعة التي اعدتها له لميا وكم الحرج الذي شعر به حين انفتحت فجأة في المطار وانسكبت محتوياتها على الارض
تذكر حالة ملابسه التي وقعت ارضا وكم الحرج الذي شعر به
مقارنة بمظهره اليوم وضحك : راحت الهدوم الدايبة بس داب بدالها عمرك يا عايد بقيت عجوز عندك خمسين سنة
تعلن شركة طيران….. على السادة ركاب درجة رجال الأعمال…….
سمع النداء وتوجه لكاونتر الحجز ومازال شاردا في سنوات شقائه
حتى أصدر هاتفه صريرا ينبا عن إشعار رسالة صوتية قصيرة
تقول : ربنا يرجعك بالسلامة
وضع نظارته ونظر جيدا لمصدر الرسالة وتسائل في نفسه ودي عرفت منين اني راجع دلوقتي غريبة جدا !!!!!!!!
قضى الحاج عايد ثلاث ساعات مدة رحلة الطيران في حيرة شديدة من أمر هذه المرأة
اسمها عجيب صوتها أعجب طبيبة . زوجها مسجون . لابد أن لها قصة مربكة
على كل حال لقد كان خطأ ان حفظت رقمها وخطأ اكبر ان اجبت رسائلها حدث نفسه
: بسيطة يا عايد اعمل حظر وريح نفسك انت مش ناقص صداع
وامسك هاتفه وأتم عملية الحذف والحظر لكل ما يتعلق بها وهو يستغفر ويسبح ويحوقل
وارتاحت نفسه للأمر فاراح رأسه للخلف واضعا عصابة العينين حتى سمع صوت اعلان الهبوط
وفي مكان اخر
: يابنتي حرام عليكي صحتك حد في الدنيا يعمل كده !!!!
: ايه بس يا ماما يعني بلاش انضف!
: هو ده تنضيف ده جنان ايه اللي فك وتركيب ستاير كل جمعتين وغسيل سجاد وبطاطين
: ياماما عايد زمانه جاي وانا بحب انضف البيت قبل ما يوصل عشان يبقى منعنش .
: يابنتي يا ضنايا هو مفروض يرجع يلاقيكي انتي اللي منعنشة تروحيلك كوافير مثلا،تنامي حبة كده عشان وشك يورد، مش يرجع يلاقي ضهرك محلول من التنضيف وصوابع ايديكي مشققة .
: ماما اسكتي الله يكرمك هو بيحبني كده وكمان احنا كبرنا خلاص
صمتت الام رغما عنها فالجدال مع لمياء قد يمتد لساعات دون ان تغير من رأيها حرفا واحدا .
لميا مصابة بهوس النظافة لدرجة انها قد تلمح حبة تراب في اخر ركن في برقع ستارة ما ولا ترى حبة ظهرت في وجه ابنتها الكبرى
اعتاد ابناؤها انها دائما ما تحدثهم وهى منكفأة على تنظيف امر ما حتى كادو ينسو ملامحها
دق جرس الباب فاعتدلت لميا في جلستها وهى تأمر ابنتها الصغرى بفتح الباب
: بابا وحشتني اول مرة تغيب شهر بحاله
: معلش يا ندى حقك عليا المرة دي هنخرج انا وانتي كتير كتير
قامت لميا للقاء زوجها : حمد الله على السلامة يا حج
: الله يسلمك يا حبيبتي اخباركم ايه ؟
: الحمدلله بخير وفي نعمة
ثم اشارت لابنتها خدي شنطة بابا عالحمام يا ندى
: لا لا استني حمام ايه حطيها في اوضتي
: ياحج لا يا حج انا شفت في جروب بيت مؤمن ان شنط السفر بتبقى مليانة ميكروبات وحتى مرة واحدة فتحت شنطة جوزها لقت صرصار
صرخ عايد بعصبية
: يووووه استغفر الله العظيم هو الهوس ده مالوش حدود اتقي الله يا شيخة دنا لسة مخدتش نفسي
تعجبت لميا من ثورته : هو حصل ايه لده كله الحق عليا اللي دايما بنضف واعقم علشان صحتك وصحة ولادك
امسك عايد بهاتفه وطلب رقم مساعده الشخصي والقائم بتخليص اعماله في مصر
: الو يا خيري وحياتك احجزلي في اي اوتيل .. اه اسبوع وأكدلي رحلة العودة بعد اسبوع على كازبلانكا … لا لا مش هقدر اكمل شهر هنا خلاص اتطمنت عالولاد نشوف شغلنا بقى
أمسكت ندى في طرف ثوبه باكية : بابا انت هتسيبني وتمشي انت مش لسة قايلي هنخرج ؟
: هنخرج يا حبيبتي ادخلي البسي وشوفي اختك واخوكي قوليلهم يلبسو هما كمان
خرجت حماته من احدى الغرف
: استهدى بالله يا حج هتسيب بيتك وتروح لوكاندة
: اسف يا امي بس حقيقي راجع مرهق ومش متحمل خناقات من نوعية اقلعو الجزم برة وارفعو رجليكو هكنس وحصلت كمان عايزة ترمي شنطتي في الحمام كده كتير للصبر حدود
: مانت عارف يابني هى بتعز النضافة زي عنيها
: عارف بتعز النضافة اكتر من جوزها وولادها عارف لما اجي اقولها كلمة من زوج لزوجته توبخني زي العيل وتقولي كبرنا على كده هو احنا بنكبر على محبتنا لبعض ومابنكبرش على مسكة المقشة والجاروف
اصطف ابناؤه الثلاثة وقد ارتدو ملابسهم وصاحت ندى بفرح : احنا جهزنا يا عايد
ابتسم عايد : يا مجرمة انتي الوحيدة اللي بتقولي عايد حاف كده
: خلاص يا بابا المرة الجاية هجيب لغيف يلا بينا بقى
ضحك عايد من لماضة الصغيرة وحملها وتوجه للباب
وقفت لميا في طريقهم
: حقك عليا انا اسفة متزعلش
: معلش هفسح الولاد ولما اهدى هرجع
: اوعدك أن هخلص تنضيف قبل ما ترجعو
هز عايد رأسه في أسى : مافيش فايدة يلا يا ولاد
بعد مرور يومين في الفندق ايقظته ابنته الكبرى أمل : بابا اصحى تليفونك مبطلش رن من ساعة
: صباح الفل يا حبيبة بابا هاتيه
ناولته الهاتف وقبلت جبينه : بابا شكرا بجد على اليومين دول انا اول مرة مصحاش على صوت المكنسة الكهربا
ضمها عايد قائلا : حقك عليا يا حبيبتي اوعدك أن كل ده يتصلح
: ماما طيبة وجميلة وبتحبنا بس موضوع النضافة ده كل يوم يزيد واحنا فعلا خايفين عليها يا بابا
: ماما احسن ست في الدنيا ومافيش انسان من غير عيوب يا أمل وكتر خيرها ان متحملة ابوكي السنين دي كلها
: انت يا بابا فيك عيوب !!!؟؟؟
: يووووه دنا شرك خالص
ضحكت أمل وهى تبتعد : خلص تليفوناتك هصحي اخواتي عشان نطلب الفطار
امسك هاتفه فوجد مكالمات من خيري وابو كرامات
فطلب خيري لترتيب مواعيد اليوم
ثم طلب ابو كرامات: الو ايوة يا حاج …. الله يسلمك متأسف والله كنت نايم …… اه اه خيري هيبعت شهريات الناس اللي عندك مع مبلغ بسيط كده عيدية لكل أسرة …… تعيش يا سيدي ربنا يفتح علينا ونساعد الدنيا كلها …… مالها ….. اه لا لا بص يا حج انا مش حابب تواصل مع حالات خالص وخصوصا لو ستات الله يكرمك الواحد مش ناقص فتن ……. طيب لو مصممة ترجع الفلوس خدهم منها ووزعهم على حد تاني بمعرفتك ….. سبحان الله طب لما هو حالتها بتسؤ وظروفها صعب عايزة ترجع الفلوس ليه …….. اه ياسيدي عملتها بلوك مش حابب تواصل مباشر انما معنديش مانع اساعد …… طيب مع السلامة

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الريح والهوايل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *