رواية غرام في المترو الفصل الثاني 2 بقلم ولاء رفعت علي
رواية غرام في المترو الفصل الثاني 2 بقلم ولاء رفعت علي
رواية غرام في المترو البارت الثاني
رواية غرام في المترو الجزء الثاني
رواية غرام في المترو الحلقة الثانية
بعد عناء يوم شاق ما بين القطار والمحطة، انتهت من بيع جميع قطع الثياب التي لديها وكما تفعل مثل كل يوم تعود بالمال إلي السيدة رشا والتي تعطيها مبلغ من المال كل يوم.
قررت أن تذهب إلي شقيقتها وحملت لها ما تحب من الفاكهة والحلوى، وقفت تنتظر سيارة أو مركبة ثلاثية الإطارات، توقفت احداها وخرج السائق رأسه
“مروحة علي بيتكم و لا رايحة مشوار؟”
ولجت إلي داخل المركبة وأخبرته
“رايحة الشارع اللي ورانا عند أختي”
نظر إليها عبر المرآة الجانبية وسألها
“و أحلام عاملة إيه كويسة؟”
كانت نظرة عينيه تخبرها عن ماضي ملخصه حب قد دفنه منذ أن دخول سمير في حياة شقيقتها و تزوجها رغماً من اعتراض الجميع، لكن سؤاله الآن مجرد الإطمئنان و ربما الفضول لديه، وهو كيف تعيش أحلام الآن مع غيره؟!
تنهدت غرام وقامت باختصار حال شقيقتها في جملة قصيرة
“الحمدلله يا عاطف، أهي عايشة”
“هو جوزها لسه بيمد إيده عليها؟”
ليس هو فقط من يعلم بهذا بل الحارة جميعها، لم يمر أسبوع أو بضعة أيام سوي يسمع الجيران صراخ أحلام وزوجها يقوم بضربها و ينعتها بصفات مشينة و هو تحت تأثير المخدرات.
“أدعيلها يا عاطف ربنا يهديلها جوزها يا يبعده عنها”
توقف عاطف أمام منزل سمير وكانت أحلام في الشرفة في الطابق الثاني، تضع الثياب المبللة علي الحبل، انتبهت إلي غرام التي تنزل من المركبة ويليها عاطف الذي رفع رأسه رغماً عنه ليراها تنظر إليه دون أن يبدو عليها أي تعبيراً علي ملامح وجهها.
“اتفضل يا عاطف”
قالتها غرام وتعطيه الأجرة، انتبه إليها ورفع يده
“أقسم بالله أبداً، أنتي كدة بتشتميني يا غرام”
“يعني أنت وجمال جايبين التوكتوك ده عشان تسترزقوا منه و لا تقضوها لله؟!”
“طب أنا راضي بذمتك عمرك شوفتي سواق ياخد من أخته الأجرة؟”
ابتسمت وهزت رأسها
“لاء”
“يلا أطلعي لأخدتك بقي ولو عايزة أي حاجة أتصلي عليا”
“تسلم يا عاطف وأبقي سلملي علي خالتي أم عنتر”
ولج إلي المركبة بعد أن ألقي نظرة علي أحلام فوجدها دلفت إلي الداخل
“يوصل إن شاء الله”
و بالأعلى كانت أحلام تنتظر شقيقتها بعد أن فتحت الباب
“إيه المفاجأة الحلوة دي؟”
و قبل أن تتفوه غرام سمعت الصغير يناديها
“أتو لام «خالتو غرام»”
“أنا أصلاً مش جاية عشانك جاية عشان مداميدو حبيب قلب خالتو اللي واحشني”
حملته وقامت بتقبيل وجنته المكتنزة، ضحك وعانقها بذراعيه الصغيرين
ألتفت إلي أحلام و ظلت تنظر إليها، بينما الأخري تحدق إلي أسفل بخجل
“و جاية عشانك برضو يا بنت عبدالرحمن المصري”
رفعت وجهها وابتسمت ثم احتضنت شقيقتها بقوة
“حقكم عليا، ديماً بيشيلكم همي وبخذلكم في الأخر”
لكزت غرام كتف الأخرى و عقبت
“إحنا أهلك يا عبيطة، لو إحنا مشيلناش همك مين غيرنا هيستحملك و يتفقع مرارته”
ضحكت كلتيهما، و ولجا إلي الداخل بعد أن أغلقت أحلام باب الشقة
وضعت غرام الصغير فوق الأريكة، لاحظت شقيقتها ما جلبته وتركته بالقرب من الباب
“إيه اللي أنتي جايباه ده هو أنتي جاية عند حد غريب؟”
“أنا جايبلك أنتي و ميدو، و ياريت ما تأكليش سمير منهم”
أخبرتها بمزاح فضحكت أحلام وهمت بالذهاب
“أدخلي أغسلي إيديكي عقبال ما أغرف نتغدي مع بعض”
أوقفتها الأخرى تمسك بيدها
“تعالي هنا أنا مش جعانة، أنا جاية أقعد معاكي شوية وأقولك حقك عليا ماتزعليش مني علي اللي قولتهولك، بيت أبوكي مفتوحلك في أي وقت”
جلست أحلام وتشعر بالحزن أكثر
“أنا اللي حقكم عليا، كل مرة لما باجيلكم غضبانة وماما تكلم سمير عشان تاخد حقي، و أنا في الآخر أرجع بيتي من وراكم”
نهضت الأخرى وجلست جوار شقيقتها، واضعة يدها علي يد الأخرى
“ماما عمرها ما زعلت منك، بالعكس هي زعلانة عليكي وعلي اللي بتعمليه في نفسك، أنا مش عايزة أفتح مواضيع و نقلب في المواجع، أنا كل اللي يهمني أنا وماما نشوفك مبسوطة”
“ربنا ما يحرمني منكم”
تجمعت الدموع في عينيها، فأخبرتها غرام
“أبوس إيدك بلاش دموع، أنا معيش مناديل أديهالك”
ابتسمت رغماً عنها وقامت
“لو مش عايزاني أعيط يبقي كولي معايا”
و علي المائدة، انتهت غرام للتو من تناول طعامها
“الحمدلله، تسلم إيدك يا حلومه نفسك في الأكل زي نفس ماما بالظبط”
“بالهنا والشفا، أغسلي إيديكي و روحي أقعدي مع ميدو عقبال ما أعملنا كوبيتين شاي ونقعد نرغي زي زمان”
※ ※ ※
عاد عاطف أمام منزله فوجد والدته ما زالت تجلس أمام الخضروات التي تقوم ببيعها، نزل من المركبة ورأي القادمة علي بُعد أمتارٍ تتمايل بخصرها مع كل خطوة لها، وصوت كعب نعليها الذي يجذب إليها رجال وشباب الحارة، يتابعها عاطف حتي وصلت أمام البناء الذي تقطن به، لاحظت نظراته إليها، فحدقت نحوه بنظرة ساخرة ثم ولجت إلي الفناء
“هو أنت تنسي أحلام وتتعلقلي بالبت سماح بنت مليجي؟!”
ألتفت إلي والدته يخبرها
“هو أنتي شوفتيني جريت وراها و لا قولتلها بحبك؟”
أمسكت كوب من المعدن و تقوم بسكب الماء منه ثم تنثره فوق ربطات الجرجير والبقدونس حتي تظل طازجة
“أومال كل ما بتشوفها بتنح ليه؟”
تهرب من الحديث مع والدته وولج خلف عجلة المقود دون أن يتفوه بحرف
“رايح فين يا ولاه؟”
“رايح أشوف أكل عيشي”
و أنطلق بالمركبة، عقبت والدته بوعيد
“بتتهرب مني؟!، ماشي يا عاطف”
و لدي سماح ذات القد الذي سحر عيون الرجال، فهي تتعمد ارتداء عباءة تجسد منحنيات جسدها، و تظهر جزء من خصلات شعرها الملونة من أسفل الحجاب، تطلق الغرة تنسدل علي جانب وجهها المليء بمساحيق التجميل.
جلست داخل غرفتها علي طرف السرير، تخلع حجابها و تزفر بضيق، أتاها صوت والدها بالخارج
“بت يا سماح أنتي جيتي؟”
ردت بصوت جهوري
“أيوة يابا، لسه راجعة من السوق”
“طيب أنا نازل هاروح القهوة أتفرج علي الماتش وراجع تكوني عملتي العشا”
“طيب”
سمعت صوت إغلاق الباب، أردفت بحنق
“طبعاً و لا علي بالك الأكل و الشرب دول بيجو منين و لا أزاي!”
صدر من هاتفها صوت تنبيه لرسالة واردة، أخرجت الهاتف من المحفظة الجلدية خاصتها، فتحت الرسالة والتي من رقم مسجل باسم
«نيكول مصلحة»
و محتوي الرسالة كالآتي
«هاي سماح… أنا نيكول اللي بعتلك من البارح علي رسايل التيك توك تبعك، فكرتي و لا شو؟»
قامت سماح بالرد كتابياً
«أيوة فاكراكي، بس كنت عايزة أعرف حاجة، هما اللي هعملهم لايف علي الخاص، عايزين مني إيه بالظبط؟، يعني أنا بعمل فيديوهات و مخبية وشي و بطلع بهدومي عادي»
رأت الأخرى الرسالة فسرعان قامت بالرد
«هتسوي نفس اللي بتسويه عادي… لكن ممكن يطلب أو تطلب منك شيء زيادة… متل تشلحي تيابك و تضلي بتيابك الداخلية عادي… ما تخافي ما بيطلبوا أكتر من هيك»
«ثواني بس يا نيكول… أنتي بتقولي ممكن تطلب؟… قصدك ستات؟»
«إي حبيبتي… و زي ما فهمتي هيك بالضبط… هدول بيدفعوا مصاري كتير… و بعدين أنتي كل اللي يهمك يتبعتلك الدولارات وبس… ما تسألي عن أشيا ما تخصك… فهمتي عليا؟»
«طيب أنا إيه اللي يضمنلي الفيديوهات دي ما ياخدوهاش و ينزلوها علي المواقع إياها»
«انتبهي شوي سماح… أنا قلتلك في المسچ الأولي أن هاد المقاطع أو اللايف كيف ما بدك تسوي منهم… كلها بتتم في غرف سرية يعني ما بيقدروا ينزلوها علي الفون تباعهم أو تتاخد إسكرين… لأن هاد شغل و بنربح منه وأنتم نفس الشىء»
«مين أنتم بقي؟»
«أوف سماح… بعيدلك للمرة المية ما تسألي عن شىء ما يخصك… عليكي تنفذي الأوامر وبس… و اه كنت بنسي لو بدك تربحي مصاري أكتر ممكن تتواصلي مع رفيقاتك… صحباتك يعني أو صبايا أو سيدات من محيط معارفك أو يقربون لإلك… لكن تعرضي الأمر عليهن بطريقة غير مباشرة»
«هو أي نعم هيبقي صعب… بس إيه هي الطريقة؟»
«انتبهي معي منيح وأنا بخبرك بكل شىء»!!!
※ ※ ※
“أنتم فاهمين سمير غلط، هو والله يبان مفتري و ظالم لكن جواه عكس كدة خالص”
كلمات أحلام سبرت أغوار شقيقتها التي كانت تداعب الصغير
“ده علي أساس إحنا ما نعرفهوش؟!، روحي بصي لنفسك في المراية يا أحلام و بصي علي درعاتك و رقبتك ووشك اللي لسه عليه آثار الضرب، و تقوليلي مش مفتري، لاء إحنا اللي بنفتري عليه و ظالمينه”
أخذت الأخرى طبق حلوي من أعلي المنضدة لتعطيه إلي شقيقتها
“اللي بيعمله معايا بيكون غصب عنه، أنا اللي بخرجه عن شعوره و بنرفزه”
وضعت غرام ابن شقيقتها بجوارها لتخبر الأخرى بحدة
“أحلام بطلي استهبال، كلنا عارفينك كويس، يا بنتي ده أنتي أكتر واحدة فينا هادية و في حالك، عمرنا ما سمعناكي بتزعقي و لا بتتخانقي، أنتي أغلب من الغلب”
“يعني عايزين مني إيه؟!، أتطلق منه عشان ترتاحوا؟”
نهضت غرام وأخذت الصحن من شقيقتها وأعادته فوق المنضدة
“بقولك إيه، أنا قايمة ماشية أحسن، عمالة افهمك من بدري أنك تعملي لنفسك شخصية و تاخدي موقف مع جوزك لما يمد ايده عليكي، لكن أنتي في ملكوت تاني”
ذهبت أحلام خلف شقيقتها
“استني بس يا غرام، إحنا بنتكلم مش بنتخانق”
“أنا علي أي حال كنت هامشي عشان أطمن علي أختك ابتسام أشوفها رجعت من الدرس و لا لسه و أخوكي سعيد اللي زمانه من الصبح وهو في الشارع”
“طب استني، خدي ده لماما ولأخواتي”
ذهبت إلي البراد و أخذت منه علبة بها الكثير من الحلويات، وضعت العلبة داخل كيس وتعطيها إلي غرام التي امتنعت عن أخذها
“عندنا و خير ربنا كتير، خليهم ليكي أنتي وميدو، و أهم حاجة خلي بالك من نفسك”
احتضنتها وفعلت المثل مع الصغير واردفت
“سلام”
“مع السلامة، أبقي سلميلي علي ماما و ابتسام وسعيد”
“يوصل”
تنزل الدرج وفي الفناء وجدت زوج شقيقتها يدخل وينظر إليها بتوتر
“سلام عليكم يا غرام”
حدقت إليه بازدراء و لم تبادله التحية وكأنه شيء مقزز تتجنبه مما جعله يستشيط من الغيظ، أسرع في الصعود وقام بالضغط علي الجرس باستمرار دون انقطاع
“شكلها نسيت حاجة حاضر جاية أهو”
قامت بفتح الباب فوجدت زوجها يقف أمامها والشر يتطاير من عينيه
ابتلعت لعابها وتتراجع إلي الوراء خوفاً من نظراته المرعبة لديها
“أزيك يا سمير، مالك فيه حاجة؟”
“أختك العقربة أرمي عليها سلام ربنا، تقوم تبصلي من فوق لتحت و ماتردش كأني لوح خشب واقف قدامها؟!”
“معلش حقك عليا، بالتأكيد ما تقصدش، أو ماخدتش بالها”
جذبها من يدها بقوة
“قصدك إن أنا بتبلي عليها و لا إيه؟”
ترتجف من الخوف وتخبره
“ما أقصدش والله، بس… بس…
قام بهزها قائلاً
“أنا ممكن كنت مسكتها و أديتلها حتة علقة، بس أنا بقول عيب ياض يا سمير، دي أخت مراتك و خالة ابنك”
رفعت يدها في وضع الدفاع علي وجهها حتي لا تتلقي منه لطمة مفاجئة كالعادة
“أنا آسفة وحقك عليا، أنا هعاتبها لما أشوفها”
دفعها بغلظة فوقعت علي الأرض، تأوهت وترفع طرف العباءة وأخذت تمسد ساقها لتخفف الألم، و بدلاً أن يشعر بالشفقة حيالها لرؤيتها في تلك الحالة المزرية، ظل ينظر إليها بشهوة، فزوجته أكثر شقيقاتها جمالاً، شعرها مثل سلاسل الذهب والبشر الشقراء، و عيون بلون العسل، ملكة جمال دار السلام كما لقبها شباب الحارة، لكن كما قالوا قديماً أن الجميلات أكثر الناس تعاسة في الحظ، و لنا في قصص السابقات عبرة، كليو باترا اختارت الانتحار من أجل فقدان عشيقها، چوليت التي تجرعت السم أيضاً لأنهم قد حرموها من حبيبها، و بين قصص المشاهير امرأة الأحزان المغنية التركية بيرجن التي تم إطلاق الرصاص عليها من طليقها و ذلك كان في أواخر ثمانينات القرن الماضي، كان مهوساً بها لكن كثيراً كان يعنفها ويضربها ضرباً مبرحاً.
حاولت أحلام أن تنهض فوجدته مازال يقف أمامها
“عايزاني أنسي اللي عملته أختك؟”
سألته بعدم إدراك منها أو ربما الطيبة الزائدة لديها تجعلها لا تبصر الأمور جيداً
“أكلمها تعتذر لك؟”
ابتسم علي صفاء ونقاء زوجته، جذبها بين ذراعيه، يحاصر خصرها بين يديه
“لاء تعالي جوة أوضتنا هقولك تعملي إيه”
و حين أدركت ما يريد، أوقفته لتخبره
“أستني بس هنيم ميدو الأول”
جذبها خلفه كالشاه
“ما هو قاعد يلعب أهو، أنا أهم”
و ولج إلي داخل الغرفة و أغلق الباب خلفه، انتبه الصغير وشعر بالخوف عندما اختفي أبويه من أمامه، ذهب اتجاه الغرفة ووقف أمامها، أخذ يطرق الباب بكفيه الصغيرين ويبكي مردداً
“ماما؟، ماما؟”
※ ※ ※
تخرج الفتيات من بوابة هذا البناء بتدافع، و ذلك بعد انتهاء المحاضرة لمادة اللغة الإنجليزية، تحتضن ابتسام المذكرة و الدفتر وتسير بمحاذاة زملائها، أخبرتها التي علي يمينها
“ابتسام كلمي”
وأشارت إليها نحو شاب في بداية العشرين من عمره، يستند بساعده فوق دراجة نارية
ابتعدت عن الفتيات وذهبت إليه وتتلفت من حولها لتطمئن أن لا يراها أحد من أهل الحارة ويبلغ شقيقتها
“إيه رأيك في المفاجأة دي؟”
وقفت أمامه وتحدق إليه بغضب
“أنت أتجننت يا عثمان؟!، جاي لحد السنتر في وسط أصحابي، وافرض حد من الحارة شافني معاك؟”
“إيه اللي هيجيب بتوع حارتنا لحدايق المعادي، أنا خلصت شغل في الورشة بدري النهاردة روحت استحميت و لبست طقم شيك و قولت أجيلك عشان وحشاني، علي الأقل تشوفيني من غير شحم و لا ريحة جاز اللي علي طول بتعايريني بيهم”
“أنا عمري ما عايرتك، بس ما ينفعش لما تحب تشوفني تيجي لي بهدوم الشغل المبهدلة، لو مش عشاني، علي الأقل عشان نفسك، يارب تكون فهمتني”
هز رأسه بسأم وأجاب هازئاً
“أنا فاهمك طبعاً”
“ما قولتليش جيبت الموتوسيكل ده منين؟”
ضحك وأخبرها
“ده اسمه Race يا حبيبتي، بتاع عيل فرفور من المعادي اتخبط منه وجابوا علي الورشة نظبطه، قولت أجربه و أخدك ونلف بيه شوية”
تراجعت بتردد
“أنا بخاف أركب الحاجات دي”
“ما تخافيش و أنا معاكي، هاتركبي ورايا و تمسكي فيا، بس تمسكي بضمير”
غمز بعينه لتدرك إنه يقصد ان تحتضنه من ظهره
“بلاش يا عثمان أنا…
حملها من خصرها ووضعها أعلي الدراجة، صعد هو أيضاً
“طيب والملزمة والكشكول احطهم فين؟”
“أقعدي عليهم”
فعلت كما قال، ووضعت يديها علي كتفيه
“جاهزة؟”
“اه، بس سوق براحة بالله عليك عشان بترعب من البتاعة ده”
ضحك و قبل أن ينطلق رأت معلم الإنجليزي يقف لدي سيارته السوداء وينظر إليها غاضباً
شهقت ورددت دون أن يسمعها عثمان
“مستر حسن!”
انتفضت عندما أنطلق عثمان بقوة فجعلها تتشبث به أكثر، و تخفي وجهها عن نظرات مُعلمها، و بداخلها تخشي أن يخبر شقيقتها بما رآه.
※ ※ ※
علي موسيقي أشهر أغاني كوكب الشرق ترقص وتميل جذعها إلي الأمام تارة و إلي الخلف قليلاً تارة أخري، تهز خصرها مع الإيقاع بمهارة أمام عينين هذا الستيني، يحدق إليها بفرح عارم لم يصدق حاله إنه أخيراً نال قسطاً من الراحة هرباً من ضغوط العمل وتعويض إهمال وتقصير زوجته تجاهه، فهذا سبب وعذراً يأخذه في كل زيجة سرية له، لكن تلك المرة هي الأفضل إليه، استطاع في خلال أسبوعين أن يقع بها ويجعلها أن توافق علي الزواج منه في السر و عرفياً أيضاً، فهو لا يريد أن تختلط نزاوته بحياته الشخصية أو أن يشارك أحداً ابنائه في إمبراطورية رأفت الشريف الذي بناها من الصفر حتي هذا الوقت الحالي.
انتهت الموسيقي و اكتفت هي بهذا القدر من الرقص، جلست جواره بدلال
“إيه يا فوفو بعرف أرقص؟”
“تعرفي إيه بس، ده أنتي أستاذة ومعلمة”
قامت بتناول علبة السجائر و أخذت واحدة فقامت بإشعالها، أخذها من أناملها
“انتي بتعملي إيه؟، هاتي البتاعة دي، إذا كان أنا بطلتها أنتي هاتشربيها”
“الله يا بيبي، أنت بتخاف عليا؟”
احتضنها بين ذراعيه و اخبرها
“اه طبعاً بخاف عليكي، مش بقيتي مراتي؟!”
قامت بتقبيل خده ثم نهضت من جواره
“لما أروح أصب لنا كاسين وراجعة لك”
“ما تتأخريش عليا”
“عينيا”
واطلقت ضحكة جعلته يصيح بسعادة
“الله أكبر، دي ليلتنا هتبقي أحلي ليلة”
أخرج من درج الكمود علبة مليئة بالأقراص، تناول منها حبة زرقاء و ابتلعها و تجرع معها الماء.
بعد قليل…
نهضت من جواره تسأله بخوف
“مالك يا رأفت فيه إيه؟”
يضع كفه علي موضع قلبه، يخبرها بصعوبة
“قلـ.. بي، ألحـ.. قينـ..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية غرام في المترو)