روايات

رواية سيف وتالا الفصل الثاني 2 بقلم مارينا عبود

رواية سيف وتالا الفصل الثاني 2 بقلم مارينا عبود

رواية سيف وتالا البارت الثاني

رواية سيف وتالا الجزء الثاني

سيف وتالا
سيف وتالا

رواية سيف وتالا الحلقة الثانية

– أنتَ!!
– مُفاجأة مش كده؟
– أنتَ إيه إللي جابكَ هنا؟ ويوسف فين؟
– يوسف عندُه احتماع ومقدرشِ ييجي ياخدكِ، فطلب مني أخد عربيتُه وارجعكِ البيت.
غمضت عيني لثواني علشان اقدر اسيطر على عصبيتي، ولأني كُنت طالعة مضايقة من الشُغل ومش قادره ادخل في جدال مع حد، قررت انزل من العربية وامشي الطريق لوحدي،وبدون ولا كلمة نزلت فنزل هو كمان.
– أنتِ رايحة على فين؟
– هاخد الطريق مشي، أنا مش فايقه للجدال معاكَ.
اتنهد ووقف قدامي:
– طيب لو سمحتِ بلاش جنان واركبي العربية.
– لا، ومتحاولش معايا علشان منتخانقش.
– يا بنت الناس هو أنا هخطفكِ يعني!!
– لا، بس هنتخانق مع بعض.
– طيب اركبي العربية وأنا اوعدكِ طول الطريق مش هتكلم معاكِ.
– قولتلكَ لا يعني لا.
– تالا بطلي عناد! أنا مش هينفع اسيبكِ تمشي الطريق ده كُله لوحدكِ؟ الطريق مفيهوش حد ومش آمان.
– عادي، مش فارق معايا، خليك أنتَ في نفسك وملكشِ دخل بيا.
اتنهد ومسح على وشه بضيق:
– طيب يا تالا اتفضلي امشي ووريني هتوصلي ازاي!
مهتمتشِ لكلامُه وسيبتُه ومشيت، فضلت ماشيه في الشارع وأنا بدندن مع نفسي، أنا عارفة أنه التصرف بتاعي غلط، بس أنا حقيقي مضايقة ومش عاوزه اركب معاه، فضلت بتمشي لحد ما سمعت صوت كلاب جاي من مكان قريب..
بلعت ريقي وبصيت حوليا ملقتشِ حد،
ياربي يعني أنا كان لأزم اعمل فيها بطلة وارفض اركب معاه!
أخدت نفس وقررت ارجع بسرعة لنفس المكان إللي كُنت واقفة في.
سرعت في خطواتي وأنا هموت من الخوف، فضلت بتلفت حوليا وماخدتش بالي من الحجر إللي كان قُدامي وخبطت فيه، صرخت فجاة وقبل ما اقع كانت في إيد حد بتشدني.
– أنتِ كويسة ؟ حصلكِ حاجة.
فتحت عيني ببطء ورفعت رأسي لقيتُه هو، معرفش ليه فرحت من جوايا وحسيت بالأمان لما شوفتُه! فضلت ببصُله بتعب وهو بيبصلي بخوف وقلق.
– أنتَ..ازاي!
– أنتِ عبيطة؟ أنتِ فكراني هسيبكِ تمشي لوحدكِ يعني!
سندني وقعدني تحت شجرة كبيرة، قعد قُصادي وبصلي بعصبية وقلق:
– عنادكِ ده هيوديكِ في داهية، أنتِ أمتى هتبطلي عناد وتكبري؟ حركِ رجلكِ يلاه.
مردتش وفضلت ساكته، شردت ورجعت بذاكرتي شوية لوراء.. نفس نظرة الخوف والقلق
نفس العصبية ونفس الموقف بيتكرر تاني بس الفرق الوحيد
اننا كُبار مُش صُغيرين.
طيب هو احنا ليه كبرنا واتغيرنا
ليه مفضلناش زي ما أحنا مجرد أطفال بقلب مليان برائة
ليه الدنيا فرقتنا وأخدت كُل واحد لمكان!
– تالا أنتِ كويسة ؟ شردتي في إيه؟
– هاا، لا ولا حاجة، أنا عاوزه امشي.
– تمام، هتقدري تقومي؟ ولا اجيبلكِ العربية على هنا.
– لا مفيش داعي، أنا كويسة وهقدر أقوم.
– تمام، هاتي إيدك اساعدكِ.
اتنهدت ومسِكت في إيده علشان اقدر اقوم، اتمشينا لحد العرببة، ركبت معاه بدون جدال المرادي، حتى أنه كان كل شوية يبصلي وهو مستغرب، فضلنا طول الطريق ساكتين، أنا متكلمتش وهو محاولش يتكلم معايا، وصلنا قُدام العمارة إللي ساكنه فيها، شكرتُه على مساعدتُه وطلعت شقتنا، دخلت اوضتي من غير ما اتكلم مع حد.
– مالك يا حبيبتي ؟ أنا ملاحظ أنك بقالكِِ يومين قاعده زعلانه ومش بتطلعي من أوضتك! قوليلي إي إللي مزعلكِ؟
– مفيش يا جو، كُل الموضوع إني مضايقة بسبب الشُغل.
– ياستي متزعليش وبكره تلاقي شُغل أحسن مِنُه، طيب أقولكِ أي رايكِ تيجي تشتغلي معانا أنا وبابا.
– لا، أنا عاوزه اشتغل في المجال إللي بحبُه.
– طيب خلاص أنا هتصرف، دلوقتِ قومي اجهزي علشان نطلع.
– لا روحوا لوحدكُم أنا مش هطلع.
مسك المخدة وضربني بيها:
– أنا مُش باخد رأيك على فكرة، قومي يلاه.
– حاضر يا يوسف
– حبيبة قلب يوسف.
ابتسمت وهو سابني وخرج، قُمت جهزت نفسي ولبست فستان لطيف من إللي أنا بحبهم، ظبطت نفسي وطلعت لقيت ميسون جاهزة، اخدتني ونزلنا مع يوسف علشان نتعشاء بره، دخلنا الكافية لقيتُه قاعد!!
بصيت لميسون لقيتها بتتهرب بنظراته، نغزتها فبصتلي.
– ممكن افهم إيه إللي جايبُه هنا ؟
– هو يوسف مقالكيش؟
– لا ياختي مقاليش!
– بصراحة يوسف إللي عزمُه على العشاء.
– طيب اسيبك أنا بقى
.
كُنت همشي فمسكتني وزقتني معاها علشان نروح عندهم، أول ما شافني ابتسم ومدلي إيدُه فسلمت عليه وقعدت قُصادُه، كُنت قاعده طول الوقت متوتره ومضايقة وهو ملاحظ ده! يوسف وميسون قاموا يرقصوا وسابوني قاعده معاه، اخويا ومراتـه دول أنا هوريهم بس ارجع البيت!
– تالا.
– نعم؟
– أنتِ كويسة؟ حاسكِ مُش تمام.
اتنهدت:
– لا أنا كويسة، شكرًا لسؤالكَ.
– تالا أنتِ لو مضايقة من وجودي أنا مُمكِن استاذن وامشي عادي.
طيب وبعدين في الكلام إللي يخلي الواحد يحس بالذنب ده!
هو الولا ده بحالات ؟ أنا قولت أنه عندُه انفصام في الشخصية محدش صدقني!
أنا مبقتش عارفة هو كويس ولا شايف نفسي ولا إيه بالظبط!
– صدقني أنا مش مضايقة من وجودك خاالص يا سيف.
– إذًا إيه إللي مضايقكِ؟
– مفيش حاجة مضايقاني، أنا كويسة خاالص.
– رغم أنكِ بتكذبي بس هعرف برضوا.
ابتسمت وبصيت ليوسف وميسون وهما بيرقصوا.
معرفش إيه سر اهتمامُه بيا، وإيه سبب نظراتُه الغريبة!
يوسف وميسون قعدوا وبدأنا نتعشاء ونسترجع ذكريات طفولتنا سوا، ضحكنا وهزرنا، كان عشاء لطيف وقعده جميلة.
طلعنا من الكافية وكنا هنمشي بس عربية يوسف عطلت واضطرينا نركب في عربية سيف، وصلنا قُدام باب العُمارة، يوسف وميسون طلعوا قُدامي وأنا نزلت وكُنت هدخل وراهم وقفني صوتُه.
– تالا استني
التفت وبصيت لُه بهدوء، كان واقف متوتر ومخبي حاجة وراء ضهره، أخد نفس طويل وطلع وردة باللون إللي بحبُه فابتسمت:
– إيه ده ؟
– دي وردة.
ابتسمت:
– ما أنا شايفة أنها وردة، بس إيه المُناسبة ؟
رفع كِتافه باستسلام:
– اعتبريها رأية السلام بينا.
ضحِكت واخدتها فضحِك وقال بتوتر:
– افهم من كده أنك موافقة نرجع صُحاب.
– اممم، موافقة.
– بجد!!
قالها بحماس وفرحة أنا استغربتها فابتسمت وهزيت رأسي بتأكيد، وقبل ما يقول اي حاجة سيبتُه مع فرحتُه ودخلت باب العُمارة وأنا مبسوطة، ولأول مرة قلبي الجميل يزوره احساس غريب، وفرحة غريبة بتدق بابُه!
– تالا ادخلي غيري هدومكِ وتعالي عاوزكِ.
– حاضر.
دخلت اوضتي وطلعت الوردة من شنطتي، ابتسمت بلُطف وطلعت البلكونة لقيتُه لسه واقف قُدام العُمارة، أول ما رفع رأسه وشافني ابتسم وكأنُه كان مُتاكد إني هطلع، اتوترت ودخلت بسرعة وقفلت الباب، حطيت إيدي على صدري وأنا بحاول أخد نفسي، هو إيه إللي حصلي في يوم وليلة!
ليه بقيت اشوفُه اتوتر وقلبي يدق فجاة!
أحنا غرقنا ولا إيه عم سامي!!
لا لا دي أكيد مُجرد أوهام..
– يوسف أنت قولتلي أنكَ عاوزني.
– اه يا حبيبتي تعالي.
– في إيه قلقتني!
– مفيش داعي تقلقي..
اتنهد وكِمل:
– أنا عارف أنك مضايقة أنكِ سيبتي شُغلكِ في مجال الدعاية والإعلان، وطبعًا أنتِ رافضة تشتغلي معانا أنا وبابا وحابة جدًا تشتغلي في مجالكِ، وعلشان كده أنا عندي ليكِ عرض حلو وهيعجبكِ.
– وإيه العرض ده؟
– أنت أكيد غرفتِ أنه سيف فتح شركة جديدة هنا في القاهرة، وهو قالي أنه محتاج حد كويس في الدعاية والإعلان، ولأنك كُنتِ بتشتغلي في شركة فأنا مقولتلكيش، بس بما أنكِ سيبتي شُغلكِ ف إيه رأيك تشتغلي معاه في الشركة بتاعتُه؟
– بس هو ..
– من غير بس، أنا عارف أن علاقتكُم متوترة من وقت ما شفتو بعض، والحقيقة أنا مستغرب جدًا من الموضوع ده، لانكم كنتوا بتحبوا بعض وعلاقتكُم جميلة وانتوا صُغيرين، صحيح كنتوا بتتخانقوا برضوا على اتفه الأسباب بس كنتوا بتتصالحوا بسرعة، وبصراحة أنا معرفش إيه إللي حصل بينكُم وصلكُم لكده!
اتنهدت وبصيت لُه بهدوء:
– مرت سنين طويلة على صداقتنا دي، في السنين دي كُل واحد فينا شاف حياتُه واتغير جدًا عن زمان، بعد ما كبرنا بقينا اغراب عن بعض، هو عاش في مكان وأنا في مكان، والدنيا فرقتنا، هو مش صعب اننا نرجع زي الأول بس الموضوع محتاج وقت، وعمومًا أنتَ بلغُه إني هكون في الشركة بتاعتُه بُكره الصُبح، ولو اتفقنا ممكِن نبدأ شُغل فورًا.
ابتسم وبصلي بتشجيع وفخر:
– خلاص اتفقنا، يلاه قومي نامي وارتاحي وبكره هاخدكِ ونتكلم مع سيف.
– تمام، تصبح على خير.
– وأنتِ بخير.
أنا معرفش إيه إللي خلاني اوافق
أنا في البداية مكُنتش حابه اشوفُه..
بس دلوقتِ أنا هشتغل معاه في نفس المكان، وهيبقى في وشي طول الوقت! أنا معرفش أنا وافقت ليه! يمكن علشان حبي للشغل وبالتحديد المجال إللي أنا بحبُه! او يمكن لاني أنا .. حابه علاقة طفولتنا وحكاياتنا ترجع تاني!
– يوسف باشا بنفسُه هنا! دي الشركة نور…تالا!!
– إيه مش هتقولنا ادخلوا ولا إيه ؟
ابتسم وشاورلنا نقعد:
– لا ازاي يا صاحبي، اتفضلوا اقعدوا.
قعدنا قُدامه ويوسف بدأ يتكلم معاه، مكنتش مركزه بيقولوا إيه، كل تركيزي كان على ديكور مكتبُه، كُنت ببص حوليا بإعجاب، رغم أنه صُغير بس جميل، والوانُه كمان جميلة وهادية، أنا بحب الديكورات دي جدًا.
– لو عاحبك الديكور أنا ممكِن اخليهم يعملولكِ مكتبكِ بنفس الديكور ده.
– اتمنى جدًا.
قولتها بعفوية فابتسم وهز رأسُه بتأكيد:
– عيوني لتالا هانم، من بُكره هخليهم يجهزولكِ مكتبكِ.
بصيت لُه وابتسمت بإمتنان، يوسف استاذن ومشي علشان شُغله، وهو بدأ يفهمني نظام الشُغل ايه، كان كل شوية يبصلي ويسرح فأتوتر واحاول اتجاهل نظراتُه، خلصنا واخدني عرفني على مكتبي، وإللي بالمُناسبة كان برضوا لطيف وحبيتُه.
– مستر سيف أنا خلصت شُغل، ممكِن امشي؟
ساب الورق إللي في إيدُه ورفع رأسه ليّا:
– اولًا بلاش تقوليلي مستر سيف طول ما أحنا لوحدنا، وثانيًا استنيني عشر دقايق وأنا هوصلكِ.
– مفيش داعي، أنا هروح لوحدي.
– أنا عارف أنك تقدري تروحي لوحدكِ، بس أحنا طريقنا واحد، فممكِن تقعدي هنا شوية وأنا هخلص ونمشي.
– طيب، أنا هلم حاجتي وأنت لما تخلص ابعتلي.
– تمام، عشر دقايق بس وهنمشي.
تالا يلاه بينا.
– …
– تالا أنتِ سمعاني؟
فُقت من شرودي وبصيت لُه بتوتر:
– ها؟ كُنت بتقول إيه ؟ معلش شردت سوية.
– ولا يهمكِ، تعالي يلاه علشان نمشي.
– تمام، يلاه .
نزلنا وركبت معاه عربيتُه، حطيت رأسي على شُباك العربية وفصلت ببُص للشوارع، ولأول مرة أكون ساكته ومش بتكلم
مش بحاول انكش إللي قدامي او اتخانق!
عربيتُه وقفت فجاة قُدام نفس الكافية إللي كُنا قاعدين فيه من إمبارح، عقدت حواحبي وبصيت لُه.
– أحنا إيه إللي جابنا هنا؟
– انزلي من غير كلام.
مستناش رد مني ونزل فنزلت معاه ودخلنا قعدنا، شاور للويتر ينزلنا اتنين عصير وبصلي.
– قوليلي إيه إللي مضايقكِ؟
– أنا مفيش حاجة مضايقاني.
– بالعكس، أنتِ بقالكِ كام يوم مش في المود، والكُل ملاحظ كده، حتى يوسف زعلان جدًا لأنه شايفكِ في الحالة دي، وأنا كمان متعودتش على البنت الهادية دي! أنا اتعودت على البنت الشقية، الشرسة إللي مش بتبطل مشاكل وخناق معايا، وعلشان كده أنا جيبتكِ هنا ومش هنتحركَ من هنا غير لما اعرف إيه إللي مزعلكِ.
اتنهدت وبدأت احكيلُه:
– مفيش، كُل الموضوع أنه حصلت معايا مشكلة في الشُغل،بس المُشكلة المرادي كانت بسبب شخص قريب مني.
– مش فاهم، احكيلي إيه إللي حصل.
– زميلتي في الشغل واللي بعتبرها زيها زي ميسون وكُنت بثق فيها، أخدت كُل التصاميم إللي عملتها وراحت عطتهم للشركة المُنافسة، ووقتها المُدير اتهمني قُدام كُل الشركة إني أنا إللي عطيتهم التصاميم بعد ما تعبت سنين معاهم في الشركة دي.
– وبعدين؟ حصل إيه ؟
– ولا حاجة، رفضت اطلع من الشركة غير لما فرغت كُل كاميرات المُراقبة وقدرت اثبت إني مليش دخل في الموضوع، واكتشفت أنها هي إللي سرقت التصاميم من مكتبي وراحت عطتهم للشركة المُنافسة، وهي اعترفت انها عملت كده بسبب غيرتها مني أنا وهدفها أنها توقعني في مُشكلة، وطبعًا بعد ما ظهرت الحقيقة المُدير اعتذر وحاول يرجعني الشركة بس أنا رفضت، وبصراحة أنا الموضوع مش فارق معايا، أنا إللي فارق معايا وضايقني أني عُمري ما اذيت الإنسانة دي، بالعكس أنا كُنت بعتبرها صاحبتي وشخص بثق فيه،ومتوقعتش تكون بتحقد عليا كُل الحقد ده!
– متزعليش على وحده زي دي وتضايقي نفسكِ، الناس إللي زي دي مينفعش نزعل عليهم، ولأزم تفهمي أنُه مش كل الناس القريبين مننا بيحبونا ويستاهلوا ثقتنا، في ناس مهما عملتِ معاهم هيفضلوا يحقدوا عليكِ لأنه من جواهم نقص، وصدقيني مش كل الناس تستاهل إننا نثق فيهم ونديهم الأمان، أنتِ لأزم تكوني واعيه يا تالا وتخلي بالكِ من كُل الناس إللي أنتِ بتتعاملي معاهم، وتوقعي كُل حاجة من اي حد لأنه صوابعكِ الخمسة مش زي بعضهم، وكذلك الناس إللي في حياتنا مُش كلهم زي بعضهم، ولا كلهم يستاهلوا ثقتنا الغالية فيهم، واوعي ييجي يوم وتزعلي او تندمي على حاجة كويسة عملتيها لحد، لأنه كُل الحاجات الكويسة ربنا هيجازيكِ عليها خير، ولأزم تشكُري ربنا أنه كشفلكِ الإنسانة دي على حقيقتها، واتأكدي أنه ربنا هيعوضك بناس أحسن منها، وكمان هيعوضكِ في شُغلكِ ويكرمك بشكل أفضل من حساباتكِ.
– شكرًا يا سيف، شكرًا على اهتمامكَ، وكلامكَ إللي فرق معايا جدًا، والحقيقة أنا من أول يوم شوفتكَ حسيت أنك متغير عن زمان، وأنك بقيت شخص مغرور كده ومتكبر، بس بصراحة اتضحلي العكس، أنت لسه زي ما أنت متغيرتش، نفس الشخص العاقل، الناضج، إللي بيوقف جنب زمايلُه وبينصحهم.
– اممم، لا أنا شكلي كده هبدأ اتغر واشوف نفسي فعلًا.
ضحِكت:
– تصدق أنا مني لله إني اتكلمت وفكرت امدحكَ، قوم روحني يا سيف.
ضحك وشرب بق من العصير وبصلي:
– ايوه كده رجعتِ تالا إللي اعرفها، دور الإنسانة الهادية مش لايق عليكِ.
– سيف!!
– عيونُه.
اتكسفت وبصيت بعيد فضحِك:
– إيه ده أنتِ طلعتِ بتتكسفي زي البنات وكده!
ياربي يعني اقوم اضربُه المتخلف ده ولا اعمل إيه !!
وبعدين أنا ليه حاسه بسخونة غريبة في وشي؟
معقولة أنا وشي احمر بجد! يالهووي أنا هقوم اجري دلوقتِ
– استني أنتِ رايحة فين ؟
مهتمتش لصوتُه إللي بيناديني وطلعت بره الكافية وأنا ببرطم، اصلًا أنا مين قالي اتكلم معاه! أنا لساني ده عاوز قطعُه فعلًا.
– تالا، يا تالا استني رايحة فين ؟
وقفت قُدامه بعصبية:
– نعم؟ عاوز إيه ؟
– ممكِن تهدي؟ أنتِ مفيش حد يعرف يهزر معاكِ يعني!
– أنا عاوزه امشي دلوقتِ.
– حاضر بس نتعشي الأول، حرام عليكِ أنا من الصُبح مأكلتش حاجة.
– أنا مليش دعوة، روحني وبعدين اعمل إللي تعمُله.
بصلي وقال ببراءة:
– يا تالا علشان خاطري، اهون عليك أفضل جعان يعني ؟
– آه عادي، حد قالك إني حبيبتكَ او مراتكَ علشان اخاف عليكَ مثلًا.
– ما أنتِ هتكوني قريبًا.
– إيه؟
– قصدي تعالي نأكل اتنين شاورما من عند عم محمد الغلبان ده، وبعدين هروحكِ الببت، يلاه تعالي.
مستناش مني رد واخدني وروحنا عند عمو إللي بيبيع شاورما، سيبتُه يشتري وروحت وقفت عند الكورنيش! افتكرت شكلُه وهو بيترجاني من شوية وضحِكت، بعيدًا عن إني أنا وهو عاملين زي القط والفار بس بقيت بحب خناقاتي معاه! بصراحة بفرح لما انكُشه.
– اتفضلي يا ست هانم، علشان ترجعي تفتكري الأيام دي بعد كام سنة.
– شكرًا، بس أنا مش عاوزه افتكركَ بحاجة.
– ماشي، لما نشوف.
– قصدكَ إيه ؟
– قصدي كُلي أكلكِ بسرعة واشربي العصير علشان اروحكِ، أحسن ما طنط تقتلني.
ابتسمت وأكلت معاه وبعدها اخدني وركبنا العربية، بس المرادي مفضلناش ساكتين، طول الطريق كُنا بنتكلم، فضلنا نتكلم عن ذكريات طفولتنا، حياتنا من بعد فراقنا، لحد ما وقفت عن سؤال سألُه بعفوية.
– أنتِ حبيتِ يا تالا؟ او في حد شاغل تفكيركِ؟
– لا، طول السنين إللي فاتت كُنت مركزة على شُغلي وبس.
– اممم، طيب ولو حد اتقدملكِ ممكِن توافقي؟
ابتسمت وهزيت رأسي بعشوائية:
– يعني، لو شخص كويس ومناسب وفيه كُل الصفات إللي أنا عاوزها ليه لا.
ابتسم وبصلي شوية، شوفت لمعة غريبة في عنيه فابتسمت وسألته:
– مالك؟ بتبصلي كده ليه؟
وقف العريبة قُدام باب العمارة وبصلي بارتباك:
– تالا أنا بحبكِ، وده مش من دلوقتِ، أنا بحبكِ من وقت ما كُنت طفل صُغير ووعيت على الدنيا لقيتكِ جنبي، لما سافرت اتوقعت إني هنساكِ بس محصلش، أنتِ مروحتيش من بالي ولا لحظة، كُنت كل ما بكبر حبي ليكِ بيكبر في قلبي، والحقيقة سبب من أسباب رجوعي لمصر هو أنتِ، أنا رجعت علشان ادور عليكِ أنتِ، بس لما لقيتكِ مش فكراني اتصدمت! ومقدرتش أقولكِ أي حاجة، ودلوقتِ أنا بقولهالكِ بكل وضوح، تتجوزيني يا تالا؟
في اللحظة دي حسيت وكأنه في حاجة وقعت على دماغي.
مكنتِش قادره استوعب كلامُه إللي قالُه فجاة !
افتكرت زمان وهو صغير لما كان دايمًا يقولي أني مش هكون لحد غيرُه..
وأنه مهما مرت السنين هترجع الدنيا تجمعنا في يوم!
غمضت عيني للحظات ونزلت من العربية، وقفت وأنا بحاول اسيطر على قلبي إللي حسيت أنه في طبول شغاله جواه! ومشاعري إللي فجاة اتحركت وأنا مش عارفة احددها هي ايه.. صدمة، فرحة، خوف!
مش عارفة! كُل إللي اعرفُه إني مبسوطة
مبسوطة اووي وقلبي بيرقص دلوقتِ..
أخدت نفس عميق وبصيت ورايا لقيتُه بيبصلي بأسف.
– تالا أنا اسف، أنا…
– رقم بابا ويوسف معاك تقدر تكلمهم وتاخد منهم معاد.
– أنتِ ..
– موافقة، أنا موافقة اتجوزك.
تمت

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سيف وتالا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *