روايات

رواية انت ادماني الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني البارت السابع والعشرون

رواية انت ادماني الجزء السابع والعشرون

انت ادماني
انت ادماني

رواية انت ادماني الحلقة السابعة والعشرون

تقلصت ملامحه بألم ليعتدل بوقفته واضعاً يده على مكان الطعنة ، بينما نهضت “توليب” لترميه بنظراتٍ قلقة وهي ترى حالته الغير طبيعية .. ولكن علمت بديهياً أن تحركه المفاجئ ألمه ، مدت أناملها الرفيعه لصدره العاري و هي تتلمس جرحه ، بدى عميقاً إلى حدٍ ما .. نظرت له لتقول :
– أنت أزاي مروحتش لدكتور يا رعد .. هي أتخيطت صح ؟
– لاء … أجاب ببساطة
– لاء ؟!! خليني اشوف ..
قالت وهي تنزع الضمادة الملتفة حول جزعه ببطئ ، جزعت و هي ترى الطعنة كما هي لم تُخيط .. نظرت له يإقتضاب لتقول بصرامة :
– على فكرة أنت مهمل ومعندكش ذرة مسئولية .. أتفضل عشان أخيطهالك ..
نفض يدها ليقول بجمودٍ :
– اتعدلي يا توليب .. ومالكيش دعوة دة جرحي أنا ..
– بس أنا سبب الجرح دة .. و أنا متعودتش أبقى متسببة فـ أذى شخص ..
قالت و هي تغرز أصبعها ذو الضفر متوسط الطول بصدره الصلب ..
رماها بنظراتٍ ساخرة ليمسك بأصبعها بكفه بعنفوانية حتى كاد أن يكسره .. لم يرى ألمٍ على ملامحها .. رأى قوة و تحدي وصراحةً .. أعجبوه ..
نفض أصبعها ليذهب نحو جواده .. ملس على رأسه ليطمئن قليلاً ، هو الجواد المحبب له منذ صغره ..
قطبت “توليب” حاجبيها لتحدج بالجواد بعنف ، نفضت شعرها المتهدل على ظهرها بتكبرٍ لتمضي نحو الجواد ، ابعدت كف “رعد” لتنظر له بعنف ، بينما ملست هي على رأس الجواد برفقٍ محدقه به بحنوٍ ، كتم “رعد” غيظه ، أمتدت أنامله السمراء ليتلاعب بخصلاتها الطويلة الغجرية ..
نظرت له “توليب” بجانب مقلتيها بحدة ، أستندت على ظهر الأدهم لتمتطيه بمهارةٍ وخصلاتها تتطاير خلفها ، أبتسم “رعد” بإعجاب ليقول :
– أنتِ ركبتي خيل قبل كدة ؟
نظرت له لتقول بثقة :
– طبعاً .. من و انا عندي 10 سنين و إنا بركبه .. بابا هو اللي كان بيعلمني أركبه ، كان عنده أسطبل ليا أنا بس ، حتى ان كان فيه حصان شبه الحصان ده كدة .. هو أنا ينفع لما أعوز ابقى اركبه ..؟ ولا هتضايق ؟
خفت نبراتها قليلاً أثر حزنها على أبيها ..
أبتسم لها “رعد” برفق ليردف بنبرة حانية لا تخرج إلا لها :
– أعتبريه بتاعك دلوقتي ..
صاحت “توليب” بفرح .. ولكن هدأت قليلاً عندما تذكرت ان تلك ستكون أخر ليلة جواره .. أهي كذبت وصدقت الكذبة ؟ ألتوى ثغرها بسخرية ليبدأ الجواد بالسير ببطئ .. ولكن نتيجة أندفاع “توليب” أخذ يركض بها و الأخرى تصرخ بسعادة كالأطفال و حقاً تذكرت جوادها ..
ركض بها الجوار بالفناء الوايع بينما “توليب” تقهقه بحماسٍ وخصلاتها تطاير ورائها .. و “رعد” وضع كفيه بجيب بنطاله و أرتسمت أبتسامة جذابة على ثغره .. و عيناه أيضاً تبتسم .. ضحكاتها ادخلت البهجة إلى قلبه .. بالطبع كل من سيسمع ضحكاتها تلك سيشعر بانه وُلد من جديد .. رؤيتها و هي سعيدة يغنيه عن العالم بأكمله .. طالع مهارتها بركوب الخيل وركوضها به بفخرٍ وكأنها إحدى أنجازاته النظيفة والنقية .. أخرج هاتفه من جيبه ليفتح الفيديو ليصورها و هو يبتسم عندما رآها تحوم بالخيل بالفناء وضحكاتها تعلو ..
أوقفت “توليب” الجواد ولم تختفي ضحكاتها لتترجل منه ، بينما “رعد” مازال يلتقط لها صوراً مع شريط فيديو مُبهجاً ، نظرت له “توليب” والضحكة ملء ثغرها ، نسمات هواءٍ أختلطت برائحة هواء الشتاء المميز لفح بشرتها ، أفترشت على العشب فاردة كِلتا ذراعيها على الأرضية .. أغمضت عيناها بأستجمامٍ ليوقف “رعد” الفيديو ليضع الهاتف في جيبه مجدداً و هو يمضي نحوها ، أفترش بجانبها و هو يضع كِلتا ذراعيه المفتولين تحت رأسه .. يطالع السماء للونها القاتم الخلاب ، و النجمات البراقة بها ، والقمر المنير الذي يتفوق جمالاً عن النجمات ، تفاجأ بها تنهض من جانبه و هي تركض ذاهبة نحو القصر ، صاح مستوقفها بتساؤل و هو مازال على وضعه :
– رايـحـة فين ؟
– هجيب حاجة ..
قالت وهي مازالت تركض برشاقة .. هز “رعد” رأسه بنفاذ صبر عن تلك الطفلة .. هي لم تستحق مافعله بها ..
عادت “توليب” بعد دقائق و هي تهرول نحوه ممسكة بصندوق الأسعافات الأولية ، جلست بجانبها لتردف بصرامة :
– قوم يلا ادعشان اخيطلك الجرح و أنضفه ..
قطب حاجبيه قائلاً بعند :
– مش عايز ..
ضيقت “توليب” حدقتيها لتضع الصندوق جانباً ، مدت كِلتا كفيها ممسكة بكفه لينهض ، أخذت تشحذ قوتها و هي تحاول جعله ينهض بينما الأخر صوت ضحكاته إخترقت الأجواء على محاولاتها البائسة ..
نفضت “توليب” كفه و هي تقول صائحة بإستهجان مخلوطٍ بنبرة كادت أن تبكي :
– أنت تقيل أوي أيه دة !!
و بلحظةٍ كان يجذبها من يدها جاعلها تعتليه و هو ينظر لها بجرأة قائلاً بنبرة ذات مغزى :
– مش أد الحاجة متعمليهاش يا شاطرة ..
توردت و جنتيها من وضعهما لتدفع من صدره في محاولة لأبعاده عنها و لكن بلا فائدة ، أزداد الوضع سوءاً عندما لف ذراعيه حول خصرها الشبه عاري و هو يلزقها بجسدها كتى باتت تختنق ، أخذت تصرخ به أن يتركها و هو لا يكترث .. و رغم أنها تضغط على جرحه – بدون قصدٍ – إلا أنه أبى تركها مستمتعاً بمحاولاتها الواهية لأبعاده بينما اردف وقد قست ملامحه قليلاً :
– أعتذري ..
قطبت حاجبيها بتساؤل و هي تتمتم :
– على ؟
شدد قبضته على خصرها و هو يقول مزمجراً بها :
– أنك روحتي نمتي في بيت راجل غريب ..
إزدردت ريقها لتصيح به بنبرة شبه عالية :
– أنت لو مكنتش .. آآآه ..
صرخت بألم عندما أعتصر خصرها بين يداه الفولاذية و هو يجأر بها :
– صــوتـك ..!!
أطبقت شفتيها بعبوس و هي تشيح بنظراتها عنه ، تفاجأت به يدير وجهها له و هو يضغط على صدغها بقسوة :
– لما أكلمك تبُصيلي ..
طالعته بحدة و تألم في آنٍ واحد ، أنفجرت به و هي تبعد يده :
– هو أنت ليه مصمم تكرهني فيك ؟ ليه مصمم تقتل كل لحظة حلوة بينا ؟
حاولت أن تبعد يداه عن خصرها و هي تقول بغضبٍ :
– سيبني .. سيبني يا رعد
– لما تعتذري ..
قال و هو مازال يقبض على خصرها ، تلويها بين يداه يجعل الألم بمعدته يشتد ..
– مش هعتذر ..
قالت و هي تنظر له بتحدٍ .. أزدادت عيناه سواداً ليشد على خصرها و هو يعتصره بين يداه ..
أغمضت هي عيناها بألمٍ و هي تئن .. تمتمت بحزنٍ :
– أسفة ..
خفف قبضته قليلاً و هو يطالع عبوسها بنظرةٍ حانية .. لف ذراعٍ حول خصرها و الأخر كان يُمسد على خصلاتها قائلاً بعتابٍ :
– توليب أنتِ اللي غلطتي .. واللي غلط بيعتذر صح ؟
نظرت له بألم لتقول وهي على وشك البكاء :
– بس أنت معتذرتش عن كل حاجة وحشة سببتهالي ..
رفع وجهه للسماء مغمضاً العينان .. بينما أنفجرت “توليب” بالبكاء و هي تدفن وجهها بصدره عند موضع قلبه بالضبط ..و دمعاتها الحارة بللت صدره ..
بينما كانت شهقاتها تمزق قلبه تمزيقاً ، أخذ يمسح على ظهرها و هو يغمغم بندمٍ مقبلاً خصلاتها :
– أسف .. أقسم بالله أسف ..
أخذ يقبل خصلاتها بحنانٍ وكأنها طفلته ، بينما هي لفت ذراعيها حول صدره و قد هدأ بكائها .. تمنت لو أنها لن تتركه غداً .. هي ستمزقه وستكسر قلبه إلى شظايا .. ولكن كان كبريائها أقوى من أن تظل معه حتى أو لأنها تحبه .. ذلك الحُب جعلها تخسر الكثير ..
بعدها نهضت لتخيط له الجرح وكان يبدو عليه أنه لم يتألم مطلقاً ..
• • • •
– أنا هنا ليه ؟! أنت عايز أيه مني ؟
قالت “حلا” و هي تجلس قبالته ، ملامحه رغم وسامتها إلا أنها تبث الرُعب بقلبها .. عيناه كالثليج أو أشد برودة ..
– أنتِ هنا مُجرد خدامة .. و هتبقي مراتي قريب ..
أرتجف طنين قلبها لتشهق و هي تقول بتلعثم :
– مـ مراتك ؟!!!
سارت أنامله على منحنيات وجهها الطفولي و هو يقول بخبثٍ :
– بالظبط كدة ..
– مستحيل ..!!
عقبت بتحدٍ قوي و هي تنظر داخل عيناه ، بينما هو لم يبدو عليه التأثر و هو مركزاً بنظره على عيناها .. نظرة رغم هدوئها إلى أنها كانت أقوى من صراخه ..
ألتوى ثغره بأبتسامة غامضة ليقرب وجهه منها وأنفاسه تلفح وجهها ، أستطرد بهدوءٍ :
– أنا نازل .. و لما أرجع عايز الشقة بتلمع .. و أحلى غدا يبقى على السفرة ..
ضرب بخفة على وجنتيها بكفه القوي لينهض و هو يمضي نحو الخارج .. وبالطبع صفع الباب خلفه تليه صفعته لباب الشقة مع “تكة” مفتاح الشقة مُعلناً أنه حبسها هنا ..
• • • •
– صحيح هي فين حلا ؟
هتفت “توليب” بتساؤلٍ ، ولكنها جُزعت عندما رأت “رعد” ينتفض و هو يقول :
– حلا !!!
بلمح البصر كان ينهض من مجلسه ليأخذ الهاتف طالباً رقمها .. أخذ يحاول الاتصال بها ولكن كل مرة كان الهاتف مُغلق .. ضرب بقدمه بعصبية لتنهض “توليب” هاتفة بفزع :
– فين حلا يا رعد ؟!!!!
صاح بها بعنف :
– مـعرفش .. هتجنن هتكون راحت فين .. أنا نسيت أصلاً أنها مش في البيت .. من يومين !!!!
شهقت “توليب” و هي تضع كفها على فمها بصدمة ، ولج “رعد” للقصر متجهاً لغرفتها و كما توقع بالطبع لم يجدها ، أطاح بمزهرية لتسقط متناثرة على الأرضية ، بينما دلفت “توليب” للغرفة ورائت و هي تنظر للمزهرية التي تحولت إلى شظايا .. أنحنت لتلملم الزجاج المتناثر على الأرضية لتسمع “رعد” يهدر بها بعنفٍ ممسكاً بكفيها :
– سيبي كُل حاجة يا توليب عشان متتعوريش ..
رُغم نبرته الآمرة إلا أنها تغاضت عنها لتربت على كتفه قائلة :
– متقلقش هنلاقيها يا رعد هتكون راحت في بس ..
أعتصر مقدمة رأسه و عيناه تلونت بأحمراراً مُرعب و هو يردد :
– هتجنن ..
أشفقت “توليب” على حاله لتقول و هي تطمئنه :
– يمكن تبقى راحت عند صاحبتها مثلاً ونسيت تقولك .. عشان خاطري أهدى ..
لم ينظر لها .. أفكار وسناريوهات بغيضة تهاجسه كالوسواس ، هي مفقودة منذ يومين و هو لم يشعر بذلك أطلاقاً .. لو حدث شئٍ لها لن يسامح نفسه .. سيقلب الدنيا رأساً على عقب ..
– تــولــيــب …!!!!!
صاح ذلك الصوت الذي نُبع من الخارج ، أنتفضت “توليب” لصوت “قُصي” ، رقص قلبها فرحاً لتترك “رعد” الذي تجمد لثانية و هي تركض على الدرج الرخامي .. ولجت للحدقة لتجده يفتح ذراعيه لها ، ثواني و كانت “توليب” لتلقي بنفسها في أحضانه متوسدة صدره الصلب ، أغمض “قُصي” مقلتيه بشوقٍ لأخته .. فـ منذ علمه بأنها عادت للقصر أقسم على الذهاب لها ليعانقها ويُعنفها بالوقت نفسه .. ثم يجذبها ليخرجا من ذلك القصر ، أخرجها من أحضانه و هو يكوب وجهها بكِلتا كفيه قائلاً بقلق :
– حبيبتي أنتِ كويسة ..؟ عملك حاجة ؟
هزت رأسها نفياً لتردف و هي تطمئنه :
– متخافش ياحبيبي أختك بـ 100 راجل ..
أبتسم “قُصي” لأخته بحب .. ولكن سرعان ما تلاشت أبتسامته عندما ظهر “رعد” وراء “توليب” .. وبلحظة كان “رعد” يجذب “توليب” مُخرجها من أحضان أخيها و هو يرميه بنظراتٍ مشتعلة ..
تأففت “توليب” من فعلته التي لا مبرر لها .. بينما نظر له “قُصي” بتفحص .. شعره الأشعث وصدره العاري ..
صور له شيطانه أن “قُصي” كان من الممكن أن يأخذ “حلا” ليخبئها عنده .. و هُنا كان ينقض عليه لاكماً إياه و هو يطرحه أرضاً ، صرخت “توليب” بصدمة من فعلته المفاجئة ، و هي تشعر أن الذي أمامه فقد صوابه تماماً ..
مسح “قُصي” الدماء التي تكونت جانب فمه .. و عيناه أظهرت وحشاً مفترساً سيظهر الأن .. نهض و هو ينظر إلى “رعد” وسرعان ما سدد له لكمة توازي قوة لكمة “رعد” ، بكت “توليب” لتقف بينهما و هي تنظر لـ “رعد” الذي بدى لا يرى أمامه ، نظر لها ليزمجر بها مع بروز أوردته :
– أبعدي يا ملكيش دعوة ..
– أنت أيه أتجننت هتفضل متهور وغبي كدة لحد أمتى !!!
صاحت بإحتجاج بوجهه و قد علت نبرتها .. علت لدرجة أن ما سبقها .. هدوءٍ تام ..!!
رمته بنظرة غضب أخيرة لتلتفت لـ “قُصي” و هي تنظر له برجاءٍ :
– قُصي عشان خاطري متتخانقوش دلوقتي ..
– أبعدي أنتِ ياتوليب .. في بينا حساب لسة مخلصش ..
أنسابت عبراتها و هي تشعر أنها حتماً ستجن منهم ، أبتعدت ببطئٍ عنهما لتقول بهدوءٍ :
– تمام ، أتفضلوا صفوا حسابكوا ..
نظر لها “قُصي” بهدوء لينقض عليه “رعد” ممسكاً بتلابيبه صائحاً به :
– فـيـن حـلا ؟!!
قطب “قُصي” حاجبيه بتساؤل و هو يعقب بإنقباض قلب :
– حلا ؟ فين أزاي يعني هي مش هنا ؟
ضحك “رعد” ساخراً ليشدد قبضتيه على تلابيبه ، وبحركةٍ سريعة رفع ركبته ليضرب بها أسفل معدته و هو يسبه .. أنحنى “قُصي” بألم لتنتفض “توليب” التي لم تشعر بنفسها سوى و هي ترفع كفها عالياً لتسقط على وجنتة “رعد” ، تليه صياحها بوجهه بعنفٍ :
– بطل البلطجة بتاعتك دي بقا ، و هو هيعرف منين حلا فين ها ؟
للحظات جمد الجو حولها ، نظرت لكف “رعد” لتره يقبض عليهما بشدة غارزاً أظافره في لحم كفيه حتى أبيضت .. و كأنه يمسك نفسه بشدة حتى لا يلكمها .. نهض “قُصي” ليبعد أخته قبل أن يتهور “رعد” ويضربها ، أبعدها بهدوءٍ و هو يرى وجه “رعد” المشدود .. بينما “توليب” حدقتيها أنتشر بها اللون الأحمر ، أرتجفت شفتيها مما فعلته للتو .. ليس خوفاً منه .. بل خوفاً عليه ، هي لم تتحمل و هي تراه يضرب أخيها بتلك الطريقة .. ولكن خطأت بما فعلت .. هو أساساً يتألم من داخله على غياب “حلا” و رُغم علمها أن صفعتها له لم تؤلمه مقدار ذرة .. إلا أنها بالطبع ستكون لها أثر على روحه ..
عندما جذبها “قُصي” سارت مع بإستسلام ، و هي قاب قوسين أو أدنى من الأنفجار بالبكاء الأن ، ماذا لو أرتمت بأحضانه الأن و أعتذرت مئات المرات ؟ مثل كل مرة سيمسح على ظهرها أم سينزعها عن أحضانه ؟ ..
– ممكن أفهم فين حلا ؟
قال “قُصي” مقاطعاً ذلك الهدوء الذي طغى على الحو المذبذب ذاك
أستطرد “توليب” بنبرة واهنة :
– بقالها يومين مختفية ..
توعست مقلتي “قُصي” ليصيح بها بصدمة :
– يـومـيـن !! أزاي يومين و أنتوا مش واخدين بالكوا ؟!! وطبعاً موبايلها أتقفل ..
أومأت و هي على وشك البكاء .. بينما تطايرت جمراتٍ من الناء من حدقتي “قُصي” ليقبض على مرفقيها و هو يهزها بعنفٍ :
– أنتِ عارفة ممكن يحصلها أيه في اليومين دول ؟!! أنتوا أزاي مهملين كدة ؟!!
خانتها قدميها لتتهاوى أرضاً من شدة الضغط عليها .. رفت كِلتا كفيها لتغطى وجهها مجهشة ببكاءٍ مرير .. و “رعد” لم يتحرك خطوة ، و لم ينظر لها حتى .. بينما “قُصي” يعتصر ذهنه .. هو كان قد بدأ يشعر بمشاعر لطيفة تجاه تلك الفتاة .. مضى “قُصي” نحو “رعد” ليستطرد بهدوءٍ :
– لوقت صغير هننسى كل اللي حصل.. وهنروح دلوقتي ندور على بنت عمك ..
• • • •
كانت السيارة تدور بالشوارع بأكملها .. يبحثون عنها بكل منطقة وجوار .. بينما هاتف “رعد” حراسه أن يبحثوا في جميع المشافي وأقسام الشرطة .. تركوا “توليب” في القصر عندما صرخ “رعد” بوجهها رافضاً رفضاً قاطعاً أن تذهب معهم :
– أنتِ تقعدي هنا متتحركيش فـاهمة !!
أعلن هات “رعد” عن وصول رسالة ، أوقف “رعد” السيارة حتى أصدرت صريرٍ عالياً ، فتح هاتفه ليجد محتواها أن رقم “حلا” مُتاح الأن .. جأر بحدة و هو يتوعد لها بسره بينما “قُصي” جالس بجانبه بعقلٍ سيفتكه التوتر ، ضغط”رعد” على شاشة الهاتف ليتصل بها و هو يضع الهاتف على أذنه .. ثانية .. ثانيتان .. كان الخط يُفتح والصمت يسود المكان ، صرخ “رعد” بقوة و هو يضغط الهاتف بقسوة :
– أنـتِ فين يا حـلا ؟!!!
ساد الصمت دقيقة وسط أنفاس “رعد” الغاضبة و أظافره التي حُفرت بخصلاته ، بينما رد الطرف الأخر بهدوءه المعتاد :
– أنا جوزها ..
للحظة تهدجت أنفاس “رعد” بقوة و “قُصي” بجانبه لا يسمع شئ ، و بحدة فتح “رعد” باب السيارة ليترجل منها تبعه “قُصي” ..
– أنت مين يا حيوان !!!
صرخ “رعد” بالهاتف ليقهقه الطرف الأخر قائلاً بسُخرية :
– أهدى على نفسك شوية يا رعد ..
نُفذ صبره بالكامل ليزمجر به :
– فين حـلا ..؟!!!
– تؤتؤتؤ .. أسمها المدام حلا ..
– هي فين ؟!!
– هبتعلك العنوان فـ رسالة .. هو أنا أفديك الساعة لما ابن عم مراتي ييجي يزورنا ؟ .
• • • •
دس المفتاح الخاص بالشقة ، ولج و هو يتفحصها .. حسناً هي عاندته .. الصالة كانت رأساً على عقب ، الوسادات بالأرض و بعض المقاعد مقلوبة أيضاً .. وكأن ثورٍ تهجم على الشقة .. أبتسم متوعداً ليجد السفرة مُبعثرة ، عض على شفتيه و حاجبيه أرتفعا بإعجابٍ على تلك التي بالداخل ، خطى ببطئٍ نحو غرفته ليفتح الباب .. وجدها تجلس على الأرضية مرتدية بيجامة كان قد تركها لها بالخزانة ، ممسكة بمقصٍ وثيابة الثمينة ملقية أمامها .. كانت تمسك بقميصه الأسود المفضل و هي تمزقه بالمقص ليصبح قطع قماشٍ متناثرة .. أتكئ على أطار الباب ليكتف ذراعيه المفتولين أمام صدره و هو يضع قدمٍ وراء الأخرى مبتسماً بسماجة و هو يشاهد خصلاتها الطويلة المبعثرة و وجهها الأحمر المكفهر و هي تمزق ملابسه .. لم تلاحظ وجودة سوى عندما أرتفع كفيه ليصفق قائلاً بإعجاب :
– براڤو ..حقيقي براڤو ، خلصتي ؟!
نظرت نحوه لتضط على أسنانها بغضب ، أمسكت بقميصة الأوسود لتلقيه بوجهه ، و قبل أن يصل لوجهه كان “زين” يمسك به بكفٍ واحداً ، فرده أمامه ليجدها ممزق من عند المنكبين ، ألتوى ثغره بإبتسامة مخيفة .. قال ببرودٍ :
– تمام .. فشيتي غلك ؟ قومي بقا عشان نتكلم شوية ..
كادت أن تصرخ بوجهه من هالة البرود المُحيطة به .. كانت تعتقد أنه سيغضب مما فعلته ولكنه كان أكثر بروداً من الجليد .. نهضت و هي تركل ملابسه الملقية على الأرضية بحقدٍ ..
دنت منها و هي تقول مطالعة إياه بـ غلٍ :
– أنت عايز أيه ها ؟
– كدة بقا وصلنا للجد ..
قال و هو يمسك بخصلاته عابثاً بهما ، نفضت “حلا” يده بغبضب ، أكمل مبتسماً :
– ابن عمك جاي دلوقتي .. يا مراتي ..
أنفرجت شفتيها بصدمة لتصرخ به :
– أبن عمي ؟!! رعـد ! أنت عرفته أزاي ؟ وبعدين أنا مش مراتك فاهم ؟!!
ابتعد عنها ليفتح الخزانة مخرجاً ورقة و هو يضعها أمام وجهها المصدوم :
– دي .. دي ورقة جواز .. مزورة !!!
تهاوت على الأرضية بعينان مجحظة و هي تنظر للفراغ ، بينما هو جلس بنصف جلس ليبقى موازياً وضعها و هو يبتسم بتشفٍ على حالتها .. أردف و هو يطالع ملامحها المصدومة :
– ابن عمك جاي دلوقتي .. هتقوليلوا أنك أسعد زوجة يا حلا ..صدقيني لو قولتيلوا حاجة تانيه غير كدة .. هخليكي تلعني اليوم اللي شوفتيني فيه .. وبعد مـ يمشي هجيب المأذون .. أجهزي بقا يا هه .. يا عروسة ..
لم تحيد بنظرها أمامها ، غمغمت بنبرة جامدة وقد تحجرت الدموع مقلتيها :
– أنت .. حـيـوان !!
أرتسمت أبتسامة مخيفة على ثغره لتتغلغل يداه داخل خصلاتها ممسكاً بجانب عنقها كالعروس البلاستيكية ليهمس بجانب أذنها بهمسٍ بدى كفحيح الأفعى :
– متخلينيش أمد أيدي عليكي ، أنا عُمري مـ ضرب ست !!
أغمضت عيناها من همسه المخيف بأذنها ، أنسابت دمعاتها لتشهق دون بكاءٍ كالغريقة .. أبتعد “زين” ليطالعها بشماتة ، سمع طريقاتٍ عنيفة على الباب كادت أن تهشمه ، أبتسم ملء فمه ليمد أنامله ماسحاً دمعاتها و هو يقول بنظرة شيطانية :
– أمسحي دموعك بقا يا عروسة ..
صفعت يده بوجهٍ متقلص لتحدجه بقرف .. قست عيناه قليلاً ليتركها ذاهباً نحو باب الشقة ..
فتح الباب ليفرد ذراعيه في الهواء جانباً و هو يقول مرحباً :
– يا هلا يا هلا .. رعد البناوي نفسه جاي بيتي المتواضع ؟!! مش معقول !
و بالطبع “رعد” ليس لديه سوى ذراعه ، وبثواني كان يكور فكه ليلكم “زين” بوجهه ، قهقه “زين” بإستفزازٍ ليمسح الدماء التي تكونت عند أنفه و هو ينظر إلى “رعد” مبتسماً وكأن رؤيته و هو يشتعل يجعله مستمتعاً ..
كانت مقلتي “رعد” متوقدة بجمراتٍ مشتعلة ، هذا “زين القناوي” إذاً .. يمتلك أكبر شركة للعقارات في الشرق الأوسط ..
ظهرت “حلا” وراءه .. ملامحها ذابلة وعيناها فقدت حيوتها وبريقها .. مشهداً ذكره بـ “توليب” طالعها بتفحص ليصرخ بها :
– أنتِ بتعملي أيه هنا يا حلا ؟!!
منعت “حلا” تهدل دموعها بصعوبةٍ لتنظف حاقها قائلة بنبرةٍ ضعيفة :
– قاعدة في بيت جوزي ..
أبتسم “زين” بأنتصار ، بينما صُدم “قُصي” مما قالته ليردد بصدمة :
– ج .. جوزك !!!
رفعت “حلا” أنظارها لتطالعه بقلة حيلة ، بينما أقترب “رعد” و عيناه تقدح شرارات محترقة ، أمسك بذراعيها و هو يهزها بعنفٍ :
– أنتِ كدابة .. حلا أنتِ أكيد مروحتيش تتحوزي من ورانا صح ياحبيبتي ؟ قوليلي لو مهددك بحاجة أو خاطفك مش هرحموا .. هو أجبرك تقولي كدة صح ؟!
كادت أن تضعف وتجهش بالبكاء و تقص عليه كل ماحدث و أنه أغتصبها .. ولكن نظرة “زين” المُحذرة و التي زرعت الرعب في قلبها جعلها تتراجع لتنفي برأسها بيأسٍ نافية كل ما يقوله “رعد” ..
أشتعل صدر “رعد” ليرفع كفه الغليظ حتى كاد أن يهوى به على صدغها لولا يدٍ قوية أمسكت بكفه ، وقف “زين” أمامه كالحصن المنيع و “حلا” وراءه تبكي بحدةٍ ..
– إياك تمد أيدك على مراتي .. بحذرك ..
زمجر به “زين” بصرامةٍ ، نظر له “رعد” بإستحقار ليدفع كفه ، قال “رعد” بصرامة :
– هاتلي ورقة جوازكوا ..
أومأ “زين” بخبث ليخرج ورقة جوازهما المزورة و هو يضعها في كف “رعد” الذي تفحص الورة بملامحٍ مصدومة ، بينما نظر لها “قُصي” بإشمئزاز ..نظرات أخترقت قلب “حلا” الدامي ..
كور “رعد” العقد عندما تأكد من صحته ، ألقاه على الأرض بغضبٍ ليحدج “حلا” بنظراتٍ تماثل نظرات “قُصي” الأحتقارية
رفع “رعد” سبابته في وجه “حلا” الواقفة خلف “زين” و هو يعقب بشراسة :
– مش عايز أشوف وشك سـامعة !!
ثم خرج مع “قُصي” صافعاً الباب خلفه بشراسة ، فور خروجهما سقطت “حلا” على الأرضية بإنكسارٍ ، أخفت وجهها بكفيها و هي تبكي .. و “زين” وضع كفيه بجيبه و هو يطالعها بقسوة .. لا يوجد ذرة شفقة داخل عيناه .. أستطرد بشبه أبتسامة متشفية :
– و لـسـة ..!!!

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية انت ادماني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *