روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار البارت الثاني والعشرون

رواية في قبضة الأقدار الجزء الثاني والعشرون

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة الثانية والعشرون

أشياء لا تعرفها عني… انا شخص مُتعب للغاية مُثقل بأحمال لا يتسع كتفي لحملها. عاندت قدري يومًا فأقسم على عقابى دهرًا و انهارت احلامي دفعة واحدة للحد الذي احتارت عيني أيهما تبكي اولًا. ولكني صنعت من حُطامها جدارًا بقدر صلابته يُخفي انهيارات عظيمة و خسارات هائلة لا ينقصها أبدًا وجودك. فمن بين أنقاض الوجع و غياهب الألم هناك شئ بأعماق قلبي تمنى لو تكون أنت أول انتصاراته..

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

” يابوي انت اكده بتظلمني و بتاجي علي و علي بناتي.”

هكذا تحدث محمود مع والده بصوت محشو بالغضب فنهره والده قائلا بصرامه
” عتخالف أوامرى يا محمود و لا اي؟ المال مالي و الكلمة كلمتي و انت خلفتك بنات. و مهينفعش أرضنا تروح للغريب واصل.”

محمود بحنق
” بس ربنا مجالش أكده. في شرع بنمشو عليه. ”
” و انا مجولتش حاچه عايز بناتك ياخدوا حجهم يبجي نخطب فرح لياسين وچنة لراضي. “

جن جنونه من إصرار والده فصرخ مقهورا
‘ يرضي مين دا بس يا عالم أخطب بنات لسه ميعرفوش السما من العمى.”

عمران بانفعال
” وإني مجولتش يتخطبوا دلوق . الكلام دا يبجي لما يتموا السن الجانوني..”
لم يجد بقلب والده مثقال ذرة من الرحمه و قد هاله الإصرار و التصميم الذي يغلف ملامحه فهب واقفا في مكانه و هو يقول بصرامه
” وانى مش موافج يابوي. و إن كان عالمال و الارض ميلزمونيش. بناتي اغلي من كنوز الدنيا كلاتها.”

فجأة دارت الأرض تحت أقدامه حين هوى والده بصفعه قويه تركت بصماتها على قلبه و كبرياءه و خاصة حين قال
” يظهر أن جعدتك في البندر نستك عاداتنا و تجاليدنا. بس اني هفكرك بيهم. و خليك فاكر انك لو خرچت عن طوعي يبجي ملكش حاجه عندينا لانتا ولا بناتك. و هحرمك من كل حاچه. “

كانت قساوة والده شئ ليس بالجديد ولكن تلك المرة نال من اغلى شئ عنده لذا قال بتصميم
” يبجي تعتبر انك مخلفتك غير وفيج. و خرچني من حساباتك. وأني الي مش عايز حاچه منيكوا..”

هنا تدخل وفيق الذي كان يرمق أخيه بنظرات ساخطه لعصيانه الدائم لهم
” ايه الحديت الماسخ دا يا محمود؟ هتعصي ابوك و لا اي؟”
محمود بخيبة أمل
” كفاية انت بتطيعه يا وفيج! اني ههملكوا البلد كلاتها و ارحل انا و مرتي و بناتى. مبجاش لينا حاچه اهنه.”

تقدم الي باب الغرفه و ما ان هم بفتحه حتي استوقفته كلمات والده الغاضب
” تلاته بالله العظيم يا محمود لو ما رچعت عن الي في دماغك ده ما هتردد ثانية انفذ الي جولته. و هتلاجي نفسك محلتكش حاچة. فكر زين يا ولدى و خد جرارك.”

لم يلتفت محمود ولكنه تفاجئ بيد صغيره لطفله جميلة لم تتجاوز الثلاثة عشر عاما تمسك بيده قائلة بجزع مما يحدث
” هو في ايه يا بابا جدو ماله بيزعق ليه ؟”
نظر إلي فرح بحزن تبدد في لحظه و تحول لغضب حارق حسن قال مشددا علي كلماته
” يالا يا فرح عشان نجهز قدامنا طريق سفر طويل. “

فرح ببراءة
” احنا مسافرين فين يا بابا ؟”
التفت محمود ينظر بتحدي يشوبه خيبة أمل كبيرة
” راجعين بيتنا. معدش لينا مكان و لا أهل هنا “

استفاقت فرح من شرودها في تلك الذكرى البعيدة فوجدت نفسها علي رأس مثلث النظرات المتبادلة بينها و بين كلا من ياسين و سالم الذي قال بصوته الفظ
” مواعيدك مظبوطه يا دكتور ياسين. اتفضل ”
ياسين بتحفظ
” أشكرك يا سالم بيه.”

القي ياسين عليها ابتسامه دافئه تذكرتها بعد كل تلك الأعوام الطويله بالرغم من تحول ملامحه تحول جذري فقد تغير من مراهق خجول الي رجل جذاب بكل ما تعني الكلمه و لكن تبقي ابتسامته مطمئنه مثلما كانت.

حياها بلطف قبل أن يتوجه مع سالم الي الداخل و الذي كان هو الآخر يقاتل بضراوة ألم قاتل بنكهة غاضبة ضرب أنحاء صدره بعنف و هو يرى تلك النظرات المُتبادلة بين الثنائي فمنذ أن عرفها لم يرى تلك النظرات بعينيها كانت تبدو ضائعه مُتأثرة لا يعلم بالضبط ولكنه غاضب حد الألم. و كعادته بدا صارمًا مُتجهِم الملامح ثابت الخطى. يتجاهل ألمه ببراعة مثلما تجاهلها فلم تظفر بلمحه من عينيه و هو يتوجه مع ياسين للداخل تاركا إمرأة مُحطمة لم يكن ينقصها سوي أصفاد الماضي النارية حتي تُجهِز علي ما تبقي منها..

في الداخل كانت تجلس بخجل كبير منعها حتي من الإلتفات اليه حتي و إن كان هناك شوق كبير يجبرها علي اختلاس النظرات منه منذ أن اجلسها سليم إلي جانب والدتهم التي لا تعلم عدد المرات التي شكرته بها علي إنقاذ حياة طفلتها
“اي حد مكاني كان هيعمل كدا. انا معملتش في واجبي . “

امينه بوقار
” انت راجل محترم و من اصل طيب يا ابني ربنا يوقفلك ولاد الحلال ”
تدخل سالم مقاطعا حمله الامتنان التي شنتها والدته منذ أن دخل منزلها قائلا بفظاظه
” انت اساسا من اسماعيله يعني عيلتك و اهلك من هنا ؟”

كان يشعر بنفور متبادل بينهم فتحدث بلهجه صلفة
” اهلى و عيلتي من المنيا. و أرضنا و كل حاجه هناك .”

لم تعجبه نبرته و لكنه تابع بفظاظته المعهودة
” و ايه اي جابكوا هنا؟”

تجاهل ياسين عجرفته وقال بعجرفه
” نصيبنا.”

تدخل سليم لتهدئه الاجواء التي تلبدت حولهم فجأة قائلا
” انت نورتنا النهاردة يا دكتور ياسين. و شرف لينا أننا اتعرفنا علي انسان محترم زيك .”

ياسين بود
” الشرف ليا يا سليم بيه. “

مرت الزيارة بهدوء بعد أن اعتمد سالم الصمت تاركًا المجال للجميع بالحديث الذي اقتصر علي تعارف و بعض مزحات مروان و لطف أمينه التي لم تفتها نظرات ابنتها التي تحمل طابعا خاص لذلك المعيد الذي انشرح له صدرها.
انتهت الزيارة سريعا بوعد من ياسين الذي وعد بأن يعوض إلي حلا ما فاتها من محاضرات فلم يعد يتبقي علي موعد الامتحانات الا القليل.

” قوليلي يا بت يا حلا ايه الي انا شيفاه دا؟”
كان هذا حديث سما التي لاحظت نظرات حلا و ذلك المعيد فاجتاح ملامحها خجل كبير واجابتها بمراوغة
” ايه .شايفه ايه ؟”
” شايفه نظرات و همسات من تحت لتحت. و واد قمر طول بعرض و يهبل .”
اجتاحها ضيق مفاجئ من تغزلها به فقالت بإنفعال طفيف
” ايه يا بت أنتِ ما تلمي لسانك . أنتِ هتعاكسيه قدامي؟”

ابتسامه خبيثه ظهرت علي ملامح سما التي قالت
” اه يا جزمه بقي في حوارات بتحصل من ورايا. طب انت زعلانه منك”
حلا بلهفه
” والله أبدا محصلش اي حاجه دا مجرد اعجاب. اقولك. هحكيلك و انتي قولي دا يبقي ايه”

سما بحماس
” قشطه ”
شرعت حلا بقص الأمر من بدايته علي سما التي كانت منتبه كليا و ما أن انتهت حتي قالت بحيرة
” معرفش بقي الي جوايا دي يبقي ايه؟”

سما بحماس
” يبقي طبيتي يا جميل.”
” هي مين دي الي طبت يا بنات؟”
كان هذا صوت امينه التي كانت تقف علي باب غرفة الجلوس تناظرهم باستفهام و بجانبها جنة الممسكه بيدها تساعدها فاعتدلت الفتيات و قامت حلا بالحديث بتلهف
” لا ابدا. دا احنا بنتكلم علي المسلسل بتاعنا.”

ما أن أنهت حلا جملتها حتي صاحت سما بلهفه
” اه صحيح يا حلا مش للعشق وجوه كثيرة عملوا منها جزء جديد.”
اننفضت حلا للحد الذي آلم ذراعها المضمد ووقالت بحماس
” بتتكلمي بجد؟ “

سما بصياح
” اه والله دا زمانه شغال دلوقتي.”
هبت سما من مقعدها تدير جهاز التلفاز فتبادل النظرات كلا من امينه وجنة فقالت امينه باستفهام
” والله مانا عارفه مين اهبل من التاني. تعالي يا بنتي اما نشوف المسلسل الي بيحكوا عنه دا”

امتعض وجه سما حين رأت جنة تتقدم مع امينه الي الغرفه فنادتها حلا قائلة
“تعالي يا سما جمبي نتفرج عالمسلسل”

شعرت جنة بالحرج فقالت
” طب هروح انا بقي ارتاح شويه.”
هنا صدح صوت خلفهم
” تروحي فين اترزعى الناس بترش الجنينة برا من الحشرات و الحاجات دي خافوا علي نفسكوا. “

كان هذا صوت مروان العابس على غير عادته فأرادت مشاكسته قليلا فقالت
” طب اختفي انت دلوقتي احسن يتلخبطوا فيك.”
تعالت ضحكات امينه علي مزاحهم و الفتيات فقال مروان بسخريه موجها أنظاره للفتيات
” بتضحكوا علي خيبتكوا أنتِ وهي . و انتي يالي بقيتي شبه امبوبة البوتجاز انتِ بتتريقي ماشي أما تولدي بس.”

صدح صوت حلا الغاضب
” ممكن تخف استظراف شويه المسلسل هيبتدي.”

صمت الجميع و بدأ تتر مسلسل ( للعشق وجوه كثيرة) ” قولوا يارب والنبي تبقي مسلسل 😊”
ملاحظه
دا اقتباس من للعشق وجوه كثيرة الجزء التاني👇

{ تجمعت العائله في يوم مشمس جميل كعادتهم كل اسبوع. فقد أصر رحيم عليه دائما حتي ينعم بجميع احباءه حوله و خاصة أحفاده علي رأسهم عزيزه رحيم الصغير الذي كان يشبه والده و جده بالكثير من الصفات و حتي الملامح يناقضه أخيه ريان الذي كان يشبه والدته في جمالها الخارجي و كان يتمتع بحس فكاهي يضفي بهجه كبيرة علي اجتماعاتهم الي تلك الزهرة الجميلة التي كانت تشبه اسمها قولا وفعلا و قد أصر هو علي تسميتها بهذا الاسم الذي أسعد كاميليا بصفه خاصة و الجميع بصفه عامة.
و أحباء قلبه عامر و محمود و مراد اولاد رائد الذي لم يفارق بين والده وقد انتوي أن يعوض جده و ذاته عن كل ذلك الحرمان الذي ذاقه لسنوات في البعد و الألم

و أيضا ثنائي الشر التؤم يوسف و سيف و اللذان يشبهان والدهما أدهم إلى حد كبير فقد ورثوا عنه كل شئ خفة ظله و ملامحه و عبثه حتى جنت المسكينه غرام من أفعالهم و قد كان الجميع يشفقون عليها. ولكن كان الجانب الأكبر من الشفقه يخص مازن الذي رزقه الله بتوأم تيا و تولين و عمار الذي لم يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقد كانت الفتاتين غاية في الجمال كانا نسخة من جميلته كارما و جعله هذا طوال الوقت غاضب فقد كان يغار بشدة علي فتياته الثلاث و طوال الوقت يتشاحن من ريان و التؤم المشاغب يوسف و سيف و يقسم بأنه لن يزوج ايا من فتياته بأحد من هؤلاء الاوغاد. و نأتي لذلك الثنائي الهادئ على و روفان و أطفالهم هاشم و مالك و هيا و قد كان الولدان كالقطبين المتنافرين احدهما يشبه على برزانته و الآخر ورث العبث و الجنون ربما من شقيقتيه و أزواجهم . أما صغيرته فقد كانت ناعمة رقيقه كوالدتها بملامح غربية جميله كوالدته.

” يالا هنقطعكوا النهاردة.”
هكذا تحدث أدهم و هو ينظر لغرامه بمشاكسه فقد اتفقوا علي إقامة مباراه لكرة الطائرة بين فريقين فريق الرجال المكون من ( يوسف أدهم و مازن و رائد و على) و فريق النساء المكون من كاميليا المُتحفزة و غرام المُتوعدة و كارما المشاكسه و هند الغاضبة و روفان اللامبالية و كان التصميم يرتسم علي ملامحهم مما جعل مازن يقترب من تجمع الرجال وهو ينهر أدهم قائلا
” لا بقولك ايه احنا لازم ننهزم بكرامتنا اومال نقطعهم في اللعبة ينفخونا هما في الحقيقة. “

وافقه رائد الذي قال بامتعاض
” اه والنبي مش طالبه نفخ انا أساسا متخانق امبارح و متنكد علي اهلي “

رمقه أدهم بتخابث قبل أن يقول
” نسيت تقول انك مطرود و مقضي ليلتك علي الكنبه في المكتب.”

علت صيحات الرجال الشامته من حوله فغلف الغضب ملامحه من انفضاح أمره فاردف بحدة
” روح يا شيخ الله يخربيتك . انت يا ابني محدش يستأمنك علي سر أبدا.”
على بمزاح
” عملت ايه في دنيتك عشان تقع تحت ايد أدهم و هند اللتنين مرة واحده . ”
مازن بشماته
” عمل كتير الصراحه. فاكر لما قعدت تقنع كارما انها تتخصص نفسي من وقتها و أنا بحسبن عليك.”
نهرهم يوسف بفظاظة
” ماتنجز انت و هو هنقضيها رغي مش فاضيلكوا .”

رمقه الجميع بتخابث فبادلهم النظرة بوعيد و قال بصوت جهوري
” يالا عشان نبدي”

و بالفعل ابتدت المباراة بين شد و جذب حماس وتوعد من كلا الجانبين و انتهت بضربه قويه من يد كاميليا للكرة فأصابت منتصف وجه أدهم الذي تراجع خطوتين للخلف من شدة الضربة فتراقصت أشجار الحديقه علي نغم ضحكاتهم فزمجر أدهم و هو يضيق عينيه التي حل محل ألمها نظرات متوعده و هو يهرول تجاه كاميليا قائلا بصياح
” و كمان ليكي عين تضحكي بعد بوظتي معالم وشي . طب وربنا لهوريكي.”

توقف علي بعد خطوتين منها حين شاهد كلا من رحيم البالغ من العمر تسع سنوات و ريان البالغ سبع سنوات يقفون بشجاعه لحمايه والدتهم فقال حانقا
” لا والله واقفين تدافعوا عن امكوا بعد ما فكت صواميل رقبتي مطمرش فيكوا اي حاجه بعملهالكوت ياد انت و هو دانا مطرمخ علي نص مصايبكوا ”
رحيم بفظاظة ورثها عن والده
” لا مطبطمرش. و يالا يا عمو من هنا عشان معملش معاك الصح.”
و صاح ريان مؤكدا علي حديث اخيه
” اه يا عمو اسمع كلام رحيم عشان منزعلكش و احنا بردو بنخبي كل عمايلك السودا عن انطي غرام ”
صاحت غرام بتوعد
” نعم يا سي أدهم مصايب ايه الي العيال دي ماسكينها عليك. مش كفايه عيالك والي عاملينه فيا”

اغتاظ أدهم فصاح معاندا
” عاجبكوا كدا يا ولاد يوسف الحسيني طب وربنا لهنفخكوا كلكوا”

لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ من حديث يوسف المتوعد و هو يمر بجوارهم
” لو لقيت خدش واحد في اي حد فيهم هغيرلك ديكورات وشك بجد .”

انهي حديثه غامزا محبوبته التي هرولت نحوه قبل أن ترسل لادهم ابتسامه شامته جعلته يصيح بحنق
” حسبي الله ونعم الوكيل في المفتري. ربنا عالظالم.”

تعالت القهقهات من حوله و اتخذ كلا منهم مكانه حول المائده ينتظرون طعام الغذاء و توجهت النساء الي الغرف لتغيير ملابسهم. و ما أن جلس رائد حتي زفر بقوة قائلا بامتعاض
” اوف. انا مش عارف اعمل ايه عشان اصالح الست هند هانم. دانا لو بعبر خط برليف مكنش الموضوع هيكون صعب كدا”

شاركه ادهم حديثه قائلا بحنق
” يا ابني النكد دا بيجري في دمهم يعني كرات دم حمرا و كرات دم بيضا و نكد. “

تدخل على بتعقل
” بص يا رائد النكد جزء من شخصياتهم دا شئ مفروغ منه. بس بيبقي درجات علي حسب غلط و لا مغلطتش. لو غلطان هيتنكد علي أسلافك. لو مش غلطان هيتنكد علي اسلاف اسلافك بردو عشان هما مبيغلطوش. فروح أعتذر من سكات احسنلك.”

رائد بحنق
” يا ابني والله ما عملت حاجه ليه و ليه عشان طلبت منها تأجل ميعاد الدكتور ساعتين الي هي اجلته خمستاشر مرة من غير اي اسباب مقنعه مرة مكسله، مرة راحت عليها نومه، مرة معاد مسلسلها المفضل. لكن ازاي اطلب منها تأجله عشان عندي شغل مهم. و المفروض ميعاد متابعتها يبقي كل شهر مش كل اسبوع. انا مش فاهم اومال لو مش معاها تلت بغال. دي كأنها اول مرة تحمل.”

رمقه مازن شامتا قبل أن يقول
” ياه شوف ياخي ربنا مبيسبش . فاكر لما قعدت تقنع كارما عشان تتخصص نفسي و تقويها عليا و قال ايه شغلي اوبشن الزن لو لسه معترض يبقي عليكي و علي النكد علي طول فضلت منكده عليا اسبوعين لحد ما اتنيلت وافقت. “

ادهم باستفهام
” طب وانت مكنتش موافق ليه. دا تخصص سهل و مريح احسن ما تبقي باطنه و لا نسا و توليد دول المرضي بيصحوهم من عز نومهم و في نص الليل عشان في حالات طارئة .”

مازن بانفعال
” كل دا اهون من أن حضرتها تقعد قدام المرضي و يرغوا بالساعات. افرض جالها مريض راجل تقعد تسمعله و يحكيلها و يا سلام لو طلع ابن تيت و عاكسها اتجلط انا بقي. “

على بتأييد
” انا عن نفسي موافقك جدا. و لو روفان مكانها كان زماني اتشليت .”

مازن بانفعال
” قوله. عشان البغل دا قعد يقوي في دماغها. بس لا انا بردو مسكتش. انا موصي البواب بتاع العيادة اي راجل ييجي يسأل عن دكتورة الامراض النفسيه الي هنا يفلسعه. و لو رخم و غلس و طلع العيادة الممرضة بردو متفق معاها تفلسعه “

تدخل رائد متهكمًا
” و افرض أصر و رخم مع الممرضه يا خفيف .”
اجابه مازن بوعيد
” وقتها بقي هاجي انا افلسعه من الدنيا بحالها.”

ما أن انهي صوته حتي صدر خلفهم صوتا نسائيا محملا بقدر كبير من الغضب
” ماااازن..”

انتهت من وضع اللمسات الأخيرة علي مظهرها فقد اخبرها يوسف بأنهم علي موعد عشاء عمل في فندقه الجديد والذي أسماه علي اسمها “فندق الكاميليا” مع إحدي عملاءه و بالرغم من ذلك الضيق الذي أمر به إلا أنها لم تريد أن تحزنه فوافقت و هاهي تجهزت بالفعل.

ما أن توجهت لارتداء حذائها حتي وجدته بطل عليها كالقمر في سماء حياتها المضطربه حاليا فانتشت العين برؤيته و الغوص في بحور عينيه الصافيه فتوجهت إليه بخطوات متمهله كانت تتدلل علي اوتار قلبه الذي احتوائها بضمه قويه كانت بحاجه ماسه إليها انتهت بقبله دافئه علي جبينها بصت قلبها دفء كانت في حاجه ماسه إليه فشددت من احتضانها له الذي أرسل له رساله خفيه عن مدي احتياجها إليه فاحتواها أكثر و أخذ ينثر عشقه فوق خصلاتها الذهبيه قائلا بغزل
” كل طله ليكِ قادرة تخطف قلبي خطف. هنبطل نحلو امتا بقي ”
كاميليا بحنو
” عيونك الي حلوين اوي عشان كدا شايفني دايما حلوة.”

أدارها بأحضانه دون أن يفلتها فغرق ببحور العسل الذائب بعينيها فخرج صوته متحشرجًا
” أنتِ مش بس حلوة . انتي الدنيا بتحلى بيكِ”

تنفست رائحته العطرة قبل أن تقول بخفوت
” احساسك بيا متغيرش بعد كل السنين دي؟”

أجابها بلهجة تحمل من العشق اطنانا
” السنين بتمر ثواني جمبك يا كاميليا. وجودك في حياتي نعمه بشكر ربنا عليها كل يوم”
صدح قلبها معلنا
” بحبك يا يوسف.”
اقترب منها بأنفاس تنتشي بقربها واضعا قبلة ناعمه علي جدار عنقها قبل أن يقول بجانب أذنها
” يوسف بيعشقك..”

تأبطت ذراعه بكل فخر و سارت بجانبه إلي أن وصلوا لاحدي القاعات الخاصه بالفندق و ما أن وصلوا لباب القاعه حتي تفاجئت به يضع شريط من الستان فوق عينيها و يده تلتف بنعومه حول خصرها بينما داعبتها انفاسهها الساخنه حين قال بخفوت
” تعالي معايا .”
أطاعته و كأنه كل شئ بها اقسم علي الانصياع لذلك الرجل لا يليق به سوي العشق فقد خلق لها بداخل صدره جنة لها وحدها و توجها ملكه من بين جميع النساء.

خطت عدة خطوات الي أن توقف بها ويده لم تفارق خصرها و باليد الأخرى فك الرباط.عن عينيها فتفاجئت حسن وجدت نفسها في قاعه كبيرة تخلو تماما من البشر يتوسطها مسرح كبير يقف عليه مطربها المفضل قيصر المشاعر و ملك العشق “كاظم الساهر” فشهقت واضعه يدها فوق ثغرها و التفتت تناظره بفرحه ممزوجه بصدمه من وقع المفاجأة سرعان ما تبددت و تحولت إلي سعادة غامرة حين صدحت كلمات تلك الأغنية الرائعه
” أشهد أن امرأة أتقنت اللعبة إلا أنتِ . و احتملت حماقتي عشرة أعوامًا كما احتملتِ. واصطبرت علي جنوني مثلما صبرتِ وقلمت أظافري ورتبت دفاتري. وأدخلتني روضة الأطفال. إلا أنتِ”

تناثر اللؤلؤ من عينيها على هيئه عبرات تابعه من قلب لم يعد يسع تلك الفرحة التي يشعر بها الآن فامتدت يده الحانية تزيل عبراتها بحنو نبع من عينيه العاشقه و تجلي في نبرته حين قال بصدق
” اول مرة احتار في حياتي زي ما انا محتار دلوقتي. مش عارف اعبر عن الي جوايا ليكِ بس عايز اقولك شكرا. بجد شكرا علي كل مرة اتحملتيني فيها. و كل مرة طبطبتي علي وجعي و هونتي عليا دنيتي. شكرا أنك كنتِ بتتحملي عصبيتي و زعيقي و في عز تعبك تحتويني . شكرا عشان كل المجهود الي بتبذليه مع ولادنا و أنا مش موجود او مش فاضي. شكرا علي كل لحظه صعبه عديت بيها قدرتي تحوليها للحظة حلوة بوجودك. شكرا علي وجودك في حياتنا الي انتي نورها. يا نصيبي الحلو من الدنيا .”

ازدادت عبراتها في النزول علي خديها الورديين و تعالت دقات قلبها التي صرخت تزامنا مع الحان الاغنيه خلفها
” انا بعشقك يا يوسف. انا الي مش لاقيه كلام يوصف قد ايه احساسِ بيك”
يوسف بعشق
” من غير ما تقولي انا شايف في عنيكِ . انا ماحبتش نفسي غير فيهم. و مش عايز من دنيتي غيرهم .”

تنهدت سما بهيام وهي تقول بوله
” يارب واحد زي يوسف الحسيني دا و مش عاوزه حاجه تاني من الدنيا والله ”
أيدتها سما بحالميه
” اه والله شفتي حلاوته و لا رقته و لا حبه ليها”

زجرها مروان مؤنبا
” ايه يا بت المُحن دا. ما تتعدلي.”
سما في محاولة لاستفزازه
” وانت مالك انت غيران منه و لا ايه؟”

نجحت في استفزازه ولكنه حاول ابتلاع غضبه قائلا باستنكار
” اغير من مين يا بت أنتِ دانا اغير من تحت باطي و لا اغيرش منه. دا كفايه انك بتحبيه دا لوحده سبب كافي اني أكرهه.”

سما باستفزاز
” عشان معقد.”
مروان بتهكم
” حوش مين بيتكلم . السيدة الأولي في النكد. دانتي من كتر مانتي مكشرة شويه و هيطبعوا صورتك علي علب السجاير و يقولوا الي هيشرب سجاير هنجبله سما.”
انفعلت سما من حديثه المهين في نظرها و قالت بغضب حارق
” شايفه يا مرات خالي بيقول عني ايه”
نظرت له امينه بتوبيخ
” بس يا واد يا ابو لسانين انت . و بعدين ما الواد حلو و يتحب هما جابوا حاجه من عندهم يعني.”

تدخلت حلا قائله بشماته
” ايوا و عشان كدا غيران منه. ماتحاولش ودانك مدخنه أهيه”
تدخلت ريتال التي كانت تشاهد ما يحدث من البدايه بصمت
” الصراحه يا عمو انت بتغير منه من الجزء الأول و بتحقد عليه عشان عنيه زرقا و انت عنيك حوله “

مروان بانفعال

” مين الي عنيه حوله يا بت ؟ دفعولك كام عشان تبيعيني وحياة امي لهربيكِ يا ريتال الكلب.”

قهقه الجميع علي حديث ريتال وتابعت حلا بسخريه
” الغيرة هتنط من عينه يا عيني.”

مروان بتهكم
” بس يا بت يالي مش لاقينلك قطع غيار انتِ . و بعدين انا مبغيرش انا بحقد بس. شايفين الفرسة الي معاه عامله ازاي؟ قال و عايزين واحد زيه دانتوا شبه وش رجلي.’

تدخلت امينه لفض ذلك النزاع الذي أصابها بالصداع
” خلاص بقي أنت و هي صدعتونا و بعدين هما مش معجبين بيه عشان هو حلو و امور معجبين بيه عشان بيحتوي حبيبته و بيخاف عليها. و دي اكتر حاجه تخلي الست تتعلق بالراجل أنه يبقي ليها ضهر و سند و كتف ترمي كل حمولها عليه. و لا ايه يا جنة ؟”

تفاجئت جنه من حديث امينه التي نهش بأعماق جراحها الغائرة والتي لا تستطيع الإفصاح عنها أبدا و غمرها الخجل من تلك الأزواج من العيون التي كانت تطالعها و خاصة تلك العيون المتقدة بنيران لا تعرف سببها ولكنها حاولت الفرار من بين براثنها حين قالت
” طبعا. لو الراجل مكنش امان و سند و احتواء يبقي مالوش لازمه. “

كان بحديثها شئ ناقص. و بملامحها تعابير مختلفه و كأنها تحكي عن شئ لم تختبره مسبقا أو لنقل جرح غائر كان منبعه غدرا ما. لا يعلم و لكنه شعر بأن هناك شئ ما تخفيه خلف قناع الجمود هذا..

بعد مرور شهر و نصف كانت الأوضاع خارجيا هادئه و داخليا هناك نزاعات و حروب و براكين تهدد بالانفجار في اي لحظه فقد أزالت حلا ضماد قدمها و خضعت لعدة جلسات طبيعيه لتمرين قدمها علي الحركه من جديد و قد كان الشغف يملي قلبها للعودة الي الجامعه مباشرة حتي تراه بعد كل هذا الغياب الذي ملئها بمشاعر قويه لا تعرف كنهها. هدأت الأجواء بين سليم الذي اختار الغياب عن المنزل لأيام طويلة ظنا منه أن البعد قادر علي قتل مشاعره نحوها و لم يدري بأنه هناك بركان خامل بجوفه ينتظر شرارة واحده للاشتعال بينما كانت هي تتلظي بنيران شوق محرم علي قلبها العاصى الذي يخالفها دوماختي أنها ودت للحظات لو يتوقف عن النبض حتي ترتاح ولكن حين تستشعر حركه صغيرها أسفل بطنها و الذي بلغ شهره السابع تنهر نفسها فهي قد وهبت حياتها له حتي تعوضه عن غياب والده .

كانت دائما امرأة قويه تختار أن تقف علي ارض صلبه حتي لو كانت رمالها اشواك تنغز بقلبها و لكن يكفيها أنها تعرف دائما وجهتها حتي لو خالفت هواها ولكنها الآن مطوقه بأصفاد ما حدث بالماضي و الذي يمنعها من التمسك بطوق نجاتهم الوحيد الذي لا تعلم لما ظهر الآن تحديدا فهناك شهور قوي بداخلها يخبرها بأن تخطو خطوة للأمام و آخر يدفعها للتراجع ولكن الي متي؟ الي متى ستهرب من هذا الوضع فبعد بحثها تأكدت كل التأكيد من أن ياسين ابن عمها وفيق و هو ذلك الرجل الذي ذهب للبحث عنهم في منزلهم كما أخبرتها جارتها.
لما ظهر في هذا الوقت تحديدا و لما بدأ بالبحث عنهم ؟ هل لاصفاد الماضي دور ام انه جاء لتصحيح أخطاء من سبقوه؟ لا تعلم ولا تعلم أيضا ماذا عليها أن تفعل؟

زفرت بتعب و تابعت النظر في أوراقها غافله عن ذلك الذي دخل الى الغرفة دون أن تلحظ فقد كانت غارقه في أفكارها للحد الذي لم يجعلها تنتبه له و قد تعاظم الغضب بداخله من هدوئها الجديد كليا عليه فقد اشتاقها بشدة اشتاق لنزال ينتهي بابتسامة عذبة من شفتيها أو ردا لازعا ناتج عن استفزازه لها و الاكثر من ذلك أنه يملك كبرياء لعين يمنعه من التعبير عن شوقه الضاري لها. و لا عن خوفه العظيم من هدوئها هذا فهناك هاجس ينتابه بأن سبب هذا الهدوء رغبتها في التخلي عنه. أو التنصل لأمر زواجهم. او أن يكون هناك شئ بينها و بين ذلك الرجل. كان هذا اقسي ما مر عليه بحياته فقد التقطت أذنيه سؤالا عابرا منها لشقيقته عن أن كانت تعرف موطنه الأصلي . كان اهتماما مخالف بشخصيتها اللامباليه. اهتماما القي به الي قعر الجحيم. من أن يكون هناك شئ ما تكنه لذلك الرجل.

كان هاجس استنكره قلبه بشدة و كأنه شبح يطارده فقام بالطرق بقوة علي المكتب أمامه فاصطدمت يده بالمرمدة التي كانت لها حافة مدببه جرحت يده فتناثرت الدماء منها فخرجت منه اهه غاضبه جذبت انتباه تلك التي فزعت حين رأت دماءه و هرولت إليه قائله بذعر
” سالم . انت كويس؟”

كانت هناك لهفه بصوتها جذبت أنظاره إليها متناسيا جرحه فلامس الذعر المرتسم بعينيها و احترق بلمسه يدها التي جلبت أحدي المحارم لتضعها علي جرحه حتي تُحجم من اندفاع الدماء قائلة بصوت مرتعب
” ايه كل الدم دا. الجرح شكله كبير انت لازم تروح لدكتور يخيطه”

تجاذبته دقاته الهادرة التي كان منها مُتأثرا بلهفتها و آخر مستنكر لذلك العذاب الذي كانت هي السبب به و لكنه فتجاهل كل شئ و جذب يده من بين يدها قائلا بفظاظة
” متشغليش بالك. دا جرح بسيط.”

جذب يديه من يدها و عينيه المتعلقة بعينيها فعاندته متمسكة بكفه المجروح بين كفيها
” لا مش بسيط . و لو مش عايز تروح لدكتور علي الاقل سبني اشوفه.”

جز علي أسنانه بغل تجلي في نبرته حين قال
” قولتلك متشغليش بالك .”

لا تعلم اي شجاعه تملكتها لتقف أمامه الند بالند مواصله عنادها
” لا هشغل بالي و هشوف الجرح.”

كان للتصميم المرتسم على ملامحها و العناد الذي يغلف ملامحها وقعا خاص علي قلبه الذي لامس اهتماما كان يتوق إليه و ايضا قربها منه لهذه الدرجة ملامستها لجراحه النازفة التي لا تساوي مثقال ذرة من جراح داخليه تعج بالألم كل تلك الأشياء اخضعته لها بشكل لم يعهده. و رغما عنه ارتسم بنظراته العتب و غلف نبرته حين قال
” مالك . ؟”

كانت كلمه مختصرة عنت لها الكثير. فقد كانت تحتاج إليه بصورة غريبة كليا عنها بعد كل هذا التجاهل الذي أمطرها به طوال تلك المدة و ايضا كل تلك الأحداث التي ضربت ثباتها في مقتل. فلانت نبرتها قليلا و اخفضت رأسها بقلة حيلة حين قالت
” مالي. مانا كويسة اهوة ”
شعر بشئ خاطئ في نبرتها و تبدل ملامحها فمد يده يرفع رأسها إليه قائلا بلهجه يشوبها الاهتمام
” فيكِ اي؟ حاجه مضيقاكِ؟”

لا تعلم ماذا تخبره فهي كمن كان يقف علي رمال متحركه لا تعلم لما عاد الماضي الذي بذل والدهم الغالي و النفيس حتي لا يجعلهم يتأذوا بسببه و الآن عاد ليظهر علي السطح من جديد وهي لا تعرف هل عليها مواجهته ام الهروب منه؟

” مفيش . انا بس بتوتر كل ما جنة تتعب أو يقرب ميعاد ولادتها..”

كانت إجابة واهيه تحمل من الكذب أكثر مما يتخيل فأكتفي بأن انتزع يده من بين كفوفها بعد أن نظفت الجرح و ضمدته فهب من مكانه و قال بفظاظة
” انا هفاتح الحاجه في موضوع الجواز النهاردة”
صاعقو أصابت ظهرها من حديثه فقالت باندفاع
” وليه تتسرع. مش قولنا مش هيبقي في حاجه غير بعد ولادة جنة “

نجحت و بجدارة في ان تُخرج شياطين الجحيم القابعه بداخله فقال بغضب
” انا مش فاهمك؟ أنتِ ايه حكايتك بالظبط. انا مابحبش اللوع و مش عايز اغير نظرتي فيكِ. “

تراحعت خطوتين من هجومه المباغت الذي كان كفيضان قوي ضرب سد هش فحطمه بلمح البصر . فانكسرت لهجتها لأول مرة أمامه حين قالت
” الي انت شايفه اعمله. “

ألقت جملتها و ولت من أمامه هاربه لا تعلم لما هربت و لما أصبحت ضعيفة الي هذا الحد ولكنها لم تعد تحتمل كل تلك الضغوطات التي تمر بها.

يوم أخر انقضى و كان طويلا عليها فهي في الصباح ستذهب الى جامعتها و ستراه أخيرا بعد كل تلك الفترة من الغياب لا تعلم كيف بدأ بالتسلل إلى داخلها ولكنها تشعر بأن هناك شئ قوي يجذبها إليه فهو يملك كل مقومات البطل الذي لطالما حلمت به. و تعلم بأنه هناك شئ ما داخله لها فقد سمعت بعضا من حديثه لها في المشفى حين كان يظنها نائمه و منذ لك اليوم تبدل كل شئ بعينيها و قد راق لها ذلك الشعور الذي أخذ يتسرب إلى داخلها من أن رأته ولكنها لم تكن تفهم كنهه. و لم تكن هي وحدها من تمكن منها اللهفه و الشوق فقد كان هو الاخر يشاطرها الشعور وربما اقوى فقد كان يتوق لليوم الذي سيراها به فقد مل من رؤية الصور الفوتوغرافية التي يعج بها حسابها الشخصي علي أحد مواقع التواصل الاجتماعي و أشتهي لقاء قريب يراها به أمامه و يقر عينه بجمالها و رائحتها العذبه .

دلف إلى مكتبه في الجامعه و قام بالجلوس علي مقعده و هو يعبث بأشياءه فلفت انتباهه رنين هاتفه الذي التقطه مُجيبا بلهفه
” بالله عليك يا شيخ قول حاجه تفرحني.”
عزت بارتباك
” هو في خبرين واحد هيفرحك و التاني..”
ياسين بقلق
” في ايه ياعزت طمني ”
” بصراحه يا ياسين انا عرفت مكان بنات عمك الجديد . عما عايشين عندك في اسماعيليه.”

وثب قائما حين سمع حديث عزت و قالت بصدمه
” انت بتقول ايه هنا في اسماعيليه؟ طب ازاي؟ يعني بيعملوا ايه هنا و عايشين فين ”
” عايشين في مزرعة عيله كبيرة اوي اسمها عيلة الوزان.”
ياسين بصدمه
” ايه؟ انت بتقول ايه يا عزت؟”

تعثرت الكلمات عند شفتيه ولكنه لم يستطيع أن يخفي هذا الأمر عليه فقال
” بصراحه يا ياسين جنة بنت عمك كانت متجوزة حازم ابنهم عرفي و حصلت حادثه حازم دا مات فيها. وهي بعدها راحت تعيش عندهم هي و فرح اختها. عشان للأسف عرفوا أنها حامل بعد ما مات بكام شهر ”
انهالت الصدمات فوق رأسه للحد الذي جعله يسقط علي الكرسي خلفه و يسقط معه الهاتف من هول ما سمعه ولكن لم تتيح له الفرصة حين رأي تلك التي كانت تقف أمام عتبه باب المكتب. فصاح مزهولا
” أنتِ!”

دلفت فرح بأقدام متراخيه الي داخل الغرفة وقالت بهدوء ظاهري
” ممكن اتكلم معاك؟”

لا يعلم هل غضب ام انزعاج ام مازال تحت تأثير صدمته ولكنه نصب عوده الفارع و لملم اشياؤه و هو يقول بجفاء
” هنتكلم. بس مش هنا. اتفضلي معايا .”

اطاعته بدون اي حديث فمن الواضح بأنه قد علم هويتها جيدا بل وصل إلي ابعد من هويتها فهو لابد و أنه علم تلك الكارثه التي حلت فوق رؤوسهم منذ سبع شهور لهذا لم أطيل و توجهت معه الي حيث يصف سيارته أمام باب الجامعه و صعدت إليها منتظرة منه أن يبدأ في الحديث فطال صمته للحد الذي جعلها تأخذ نفسا قويا قبل أن تقول
” انت عرفت…”
قاطعها حين قال بجفاء
” الي عرفته دا صح !!”

كان هذا المشهد يحدث أمام تلك التي شعرت بطلق ناري يستقر في منتصف قلبها حين شاهدته مع تلك المرأة. فانهالت عبراتها بقهر تجلي في نبرته حين قالت
” عشان كدا كنتِ بتسألي عنه. وحياة ربنا لهوديكي في ستين داهيه..”

************

شعر بالذنب الذي أخذ يأكله من الداخل حين سمع كلماتها و نبرتها المنكسرة و ايضا هروبها فمنذ أن حدث ذلك الصدام بينهم البارحه لم يرها و لم تأتي اليوم أيضا فشعر بالغضب من نفسه و منها فهي دائما ما تلقي به في حيرة لعينه لا يعرف كيف ينجو منها يريد أن يطمئنها و يحتوي وجعها وهي تكابر و تضعه بمواقف لم يتخيل نفسه بها أبدت ناهيك عن مشاعر تقاتله بضراوة و تفتك بثباته و هدوءه فتجعله كمن يتلظي بنيران لاتكفي انهار و محيطات العالم في اخمادها.
طرق علي الباب انتشله من تفكيره المظلم تلاه دخول والدته التي كانت تبتسم بهدوء فهي أكثر من يعلمه و يشعر بتخبطاته ولكن هذه المرة كان الأمر مختلف
” نعمه قالتلي انك عايزين يا سالم.”
تحمحم قبل أن يقول بخشونة
” فعلا كنت عايز اتكلم معاكِ في موضوع مهم “

امينه بانتباه
” خير. موضوع اي”
زفر الهواء الذي يملئ صدره دفعه واحده قبل أن يقول بإختصار
” انا قررت اتجوز.”
لونت الصدمه تقاسيم وجهها وقالت بلهجه مدهوشه
” تتجوز!”
سالم باختصار
” بالظبط.”
كان للتصميم يرتسم علي ملامحه مما زاد من فصولها
فقالت باستفهام
” باين عليك انك واخد قرارك و بتعرفني. ماشي بغض النظر عن أن الوقت مش مناسب بس عايزة اعرف مين الي خلتك تتنازل و تاخد القرار دا ؟”

كان يود لو يطلق العنان لضحكه قويه بنكهه مريرة تؤلم جوفه فهو بحياته لم يتخيل أن تجعله امرأة يسقط لها بتلك الطريقه النكراء بالنسبه لكبرياؤه ولكنها لم تكن اي امرأة بل كانت كتلة من النيران التي احرقته. فأسقطت مقاومته كان ظاهريا هو المنتصر بكل نزال بينهم ولكنها فعليا انتصرت و بقوة عليه و قلبه الذي يتمني أن تعطيه اي بادرة نور كي يفصح عن عشق اهوج ضاق به صدره
” فرح.”

شقه خافته خرجت من جوف أمينة حين سمعت اسمها فهي حتي و إن ظنت بوجود بوادر اعجاب خفي بين طيات نظراته ولكنها كانت تعلم ابنها جيدا و أنها ليست من نوعه المفضل ولكن حديثه هذا ضرب بكل توقعاتها عرض الحائط فقالت باستنكار
” فرح اخت جنة ؟ عايز تتجوز فرح اخت جنة يا سالم ؟؟”

سالم بثبات ينافي ضجيجه الداخلي
” بالظبط يا حاجه. عايز اتجوز فرح اخت جنة.”

كانت حلا تقف أمام باب الغرفة مصدومه مما سمعته فتلك المرأة تنوي أن تسرق منها كل شئ جميل تمتلكه. فقد كانت تريد شكواها لأخيها و هاهي تتفاجئ به يريد الزواج منها هي و شقيقتها افاعي سامه اقتحموا حياتها و دمروا كل احباءها و الآن يسرقون المتبقي منهم فلم تستطيع منه نفسها حين فتحت الباب علي مصرعيه وهي تقول بقهر

-“و ياترىٰ انت واثق فيها علشان تتجوزها؟ ”
غلت دماءُه من حديثها وكسىٰ الغضب ملامحه ونبرة صوته حين قال
-” تقصدى إيه بكلامك دا ؟!”
أجابت بقلبً محترق
-” روح دور عليها و شوفها خرجت من هنا تتسحب ليه و علشان تقابل مين أو اقولك خد شوف دى!! ”
فتقدم منها بأدام متراخيه يمسك بهاتفها بيد مرتعشة تشبه رعشة قلبه الذي أردته الصدمه صريعاً حين وقعت عينيه عليها جالسه مع ذلك الرجل!! ”
فجأة انهار عالمه و تأكدت شكوكه في نظراتها له التي كان ارتعب قلبه منها. ولكنه هناك رجاء خافت بداخله يخبره بأن يتحري قبل أن يصدر حكما بالاعدام في حق تلك ا لعلاقه التي ارهقته كليا قبل أن تبدأ حتي .

” انتِ جبتي الصورة دي منين؟”
حلا بانفعال
” انا الي صورتها قدام الجامعه عندنا. شوفتها وهي خارجه معاه وقعدوا يتكلموا شويه في العربيه و بعدين مشيوا سوي وياعالم راحوا فين؟”
نهرتها امينه بغضب
“حلا . خلي بالك من كلامك و بلاش نرمي الناس بالباطل.’
استقرت كلمتها في منتصف صدره الذي ضاق فجأة و حتي أوشك علي الاختناق و قام بإغماض عينيه بقوة يمنع حقيقة تنهش بداخله و لكنه تفاجئ بوالدته التي رق قلبها لهول ما رأته بملامحه وقالت بنصح
” اتحرى يا ابني قبل ما تصدر حكمك علي حد. الظلم وحش.”
صرخت حلا بقهر
” ظلم ايه بقولك شيفاهم بعيني ..”
قاطعتها امينه بصرامه
” اسكتِ يا حلا و اتفضلي علي اوضتك يالا.”

خرجت حلا التي كانت القهر يأكلها من الداخل و تبعتها امينه بعد أن أغلقت الباب خلفها لتتركه بين نيران جحيميه تحيط به من كل اتجاه فلأول مرة بحياته يظهر بهذا الشكل امام عائلته فقد أطاحت تلك المرأة بكل شئ يملكه قلبه ثباته كبرياءه حتي هيبته امام عائلته .
لحظه توقف بها الزمن و قام بتخدير كبرياءه منساقا خلف توسل لعين داخله أجبره علي التقاط هاتفه و قام بالاتصال بها و مع كل رنه لا تجيب بها يتشعب الغضب و يتوغل أكثر الي داخله الي أن أشفقت به و إجابته بصوت مهتز بعض الشئ فباغتها سؤاله الجاف
” أنتِ فين؟”
ارتبك صوتها قليلا و احتارت هل تشرح له و ما الذي يمكنها شرحه و ايضا نظرات ياسين الغاضبة المسلطه عليها أجبرتها أن تلجئ للكذب فأجابته بثبات واهي
” انا بره بشتري شويه حاجات و راجعه علي طول. في حاجه؟”

و كأن احد هوى بمطرقه قويه فوق قلبه الذي اجتاحه ألم هائل فخر صريعا بعد أن تأكد من كذبها عليه الذي جعل عالمه كله ينهار أمام عينيه كبيت هش صُنِع من الرمال وهو الذي ظنه صلب كالفولاذ..

*************

كانت تدور بغرفتها كمن أصابها مسًا شيطانيا لا تهدأ أبدا تشعر بحقد كبير و ألم عظيم بداخلها يجعلها اقرب الي الجنون فحاولت سما تهدئتها قائله
” اهدي يا حلا شويه. متعمليش في نفسك كدا. أنتِ متعرفيش في ايه ؟”
تدخلت همت بغضب من ابنتها وقالت موبخه
” تهدي ايه أنتِ كمان. بتقولك شافتها معاه في عربيته . ايه الي هيجمعهم يعني؟ دول بنات سفله و مش متربيين. و أنتِ اول الي اتقرصوا منهم. ”
سما بغضب من والدتها
” خلاص يا ماما بقي هي ناقصه كلامك دا مانتي شايفه هي متعصبه ازاي؟”

” لازم تعرف كل حاجه. خلي بالك يا حلا فرح خطفت المعيد الي أنتِ معجبه بيه و جنة ناويه تخطف سليم هي كمان. والي أنتِ متعرفيهوش ان ممتك موفقاها. و بتخطط و تدبر عشان تجمعهم.”
شهقت حلا من حديث همت الذي جعلها تقول مستنكرة
” أنتِ بتقولي ايه يا عمتو؟”
همت بغل
” بقول الي سمعتيه انك عايزة تجوز الي متتسماش دي لسليم عشان قال ايه الواد ميترباش بعيد عنها. و سليم بدأ يسمع لها و مش بعيد اول ما تولد يتجوزوا علي طول.البنات دول ملهمش امان انا بقولك اهوة.”
زاد جنونها للحد الذي جعلها لا ترى أمامها فهرولت الي خارج الغرفو فاصطدمت بأحد الخدم فسألتها بغضب
” أبيه سليم فين ؟”

الخادمة
” لسه داخل المكتب دلوقتي.”
“و أبيه سالم ؟”
” خرج من شويه ”
هنا تشجعت و قررت بأنها لن تحتمل أكثر من ذلك و توجهت الي المكتب وهي تحمل بداخلها حقد يفوق

انا أسفه اني اقتحمت مكتبك بالشكل دا يا أبيه . بس انا بصراحه معنتش هقدر اتحمل اكتر من كدا .”
لم تتغير ملامح سليم الذي كان يطالعها بهدوء يتنافي مع الفضول الذي تغلغل داخله حين رآي مظهرها الباكي و طريقه اقتحامها مكتبه بهذا الشكل . و لكنه تجاهل كل ذلك و قال بهدوء
” في ايه يا حلا ؟”

حاولت استجماع نفسها و التمسك بشجاعتها الواهيه فاخذت نفسا عميقا قبل أن تقول بنبرة مرتعشه
” هو انت فعلا هتتجوز جنه ؟’

جاء سؤالها المباغت كصاعقه كهربائيه أصابت قلبه الممزق بين احاسيس قويه تجتاحه كالإعصار تجاهها و بين مبادئه التي تجلده يوميا بسوطها عندما يتذكر ملامحها البريئه و ضحكاتها الطفوليه التي تجعل الابتسامه تعرف طريق شفتيه و التي سرعان ما تنمحي حين ينظر إلي بطنها المنتفخ و يتذكر انتماءها لاخاه الراحل فتصيبه لعنه الغيرة القاتله متبوعه بإحساس عظيم بالذنب فيتولد بداخله شعور قاتل يشبه الاحتراق في الجحيم ..
تابعت حلا حديثها بعدما طال صمته فخرج الكلام من بين شفتيها متبوعا بعبرات غزيرة
” ساكت ليه يا أبيه ؟ رد عليا . ماهو مش معقول انت مش واخد بالك من الي ماما بتحاول تعمله ؟ بس انت اكيد مش هتوافق عالجنان دا . مستحيل تقبل تتجوز مرات حازم . حازم يا أبيه. ابنك الي انت مربيه علي ايدك . هتقبل تتجوز مراته . ساكت ليه رد عليا !”

ها قد أصبح الآن يقف في تلك المواجهه التي جعلته يلجئ للهروب لأول مرة بحياته. و قد تفننت شقيقته في إضافه الوقود الي نيران الذنب التي تحرق احشاءه تجاه أخاه الراحل و جعله يشعر بمدي حقارة تلك المشاعر التي احتلت قلبه لتلك الجنه التي اذاقته الجحيم منذ أن وقعت عيناه عليها و لا يعلم سبيل للنجاه منها فإما أن يرفُضها و يظل يتلوي بنيرانها طوال حياته ام يترك العنان لسحرها أن يأثره و يمضي قدما في طريق نيل قلبها و ياله من طريق طويل شاق علي قلبه المُكبل بأصفاد غضبه و غيرته و ذنبه .

” الموضوع دا ميخصكيش يا حلا ! و متتكلميش فيه تاني ”
أخيرًا استطاع التغلب علي ما يدور بداخله من صراعات و انفعالات ليجيبها بنبرة حادة بعض الشيء و لكنها لم تُرهِب حلا التي جن جنونها و قالت بإنفعال
” يبقي الي انا شاكه فيه صح ! معقول تكون حبيتها !! بعد كل الي حصل دا و بعد كل عمايلها و بعد ما عرفت هيا اتجوزت حازم ازاي .. “

” اخرسي يا حلا ..”
قاطع حديثها صرخه خرجت من اعماق فؤاده الذي لم يتحمل ذلك الحديث الشائك الذي يُعاني الأمرين بسببه و هو كيف تزوجت أخاه !!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *