رواية ديجور الهوى الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية ديجور الهوى الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية ديجور الهوى البارت الحادي والخمسون
رواية ديجور الهوى الجزء الحادي والخمسون
رواية ديجور الهوى الحلقة الحادية والخمسون
”مِن حَقِّ أي إنسانٍ أن يُغيِّر موقفه، فنحن نقضي حياتنا الفكرية في عملية نضوجٍ مستمرة ”
#مقتبسة
تذكر بأن :
- هناك معارك لن تنتصر بها
- هناك أشياء تستحقها لن تصلها
- هناك مواقف لن تتجاوزها
- هناك ما يشعرك بالضعف
- هناك قناعات لن تنطق بها
- هناك ما سوف يدفعك للتنازل
- هناك من لا يشعر بك أصلاً
الحياة ليست مثالية و أن هناك جوانب كثيرة منها لا نملك إلا تحديد موقفنا منها
#مقتبسة
أمامه تقف شمس تنظر له بملامح مرتخية بعض الشيء بعدما وجدته أمامها فهي شعرت بالقلق الشديد ولم يكن بوسعها الانتظار أكثر من ذلك في السيارة..
أما خلفه ودون أن يستدير كان يعلم بأنها موجودة وكأنه يشعر برصاصات تنطلق في ظهره عبر عيناها وكأنها تخترقه دون أن يستدير يكاد يشعر بها، وحينما تسمر مكانه قالت فردوس مكررة ندائها غير مصدقة أنها تراه..
-شــريـف…
لم يكن التخمين صعبًا عليها من رؤيته من الخلف، شريف في هيئته وجسده حتى طوله يشبه كمال بشكل كبير، منذ سنوات واثناء خطبتها، من بعيد إذا رأته تظنه هو…
كمال عينه تشبه عين والده إلى حد كبير أما شريف يتخذ عين والدته، يختلفا بشكل بسيط في الملامح…
الجسد واحد وكذلك الطول…
خروجه من العناية في هذا الوقت وهو يرتدي تلك القبعة من الخلف لم يكن الأمر صعب عليها أن تخمن هاويته أبدًا، تلك الفتاة التي جاءت ووقفت أمامه منادية باسمه أكدت لها…
يا للعجب أنها للمرة الأولى تقريبًا أن تناديه شمس باسمه الحقيقي (شريف) وقوفه دون أن يستكمل سيره أكد لها هاويته…
هو شريف..
لا يمكن أن يكون غيره..
أستدار شريف ليواجهها بعيناه للمرة الأولى بعد سنوات…
رُبما اختلفت ذقنه وملامحه بصفة عامة أصبحت أكثر صلابة مما كانت عليه……
لكنه هو..
لم تتخيل هذا اللقاء..
لم تتخيله في أشد رغبة لها للانتقام منه…
لم تتخيل رؤيته بالمستشفى!!
حتى أنها في بعض الليالي كانت تظن بأن اللقاء بينهما مستحيل في بعض الأحيان وأن شريف اختفى للأبد..
تنظر إليه نظرات هي نفسها لا تفهمها لكنها بكل شك تعبر عن صدمة قوية وكأنها تيبست مكانهل، ومن كثرة نظراتها له تحدثت شمس بحماقة شديدة:
-هي مالها الست دي بتنده عليك ليه؟! ومش شايلة عينها من عليك ليه؟! أنتَ ليك معجبين هنا كمان ولا ايه؟! لا احنا متفقناش على كده..
تحدث شريف وهو يكز على أسنانه قائلا بنبرة مكتومة:
-أنتِ تخرسي خالص ومسمعش صوتك يا شمس، واقفلي بوقك افضل بدل ما صدقيني ما هتروحي لأمك…
ثم نظر ناحية فردوس متمتمًا بصوت ساخر:
-ده لو خرجنا أنا وأنتِ من هنا..
صمتت شمس وعقدت ساعديها ناظرة إلى فردوس بغيرة قاتلة….
المواجهة كانت غريبة نوعًا ما..
فردوس كانت لا تعلم كيف عليها أن تتصرف فهي كانت تقسم منذ سنوات بأنها سوف تقتل شريف ما أن رأته..
أما شريف بمجرد رؤيتها أمامه لم يشعر بالكرة الذي كان يكنه لها، لمدة سنوات ضمها إلى قائمته السوداء مع شقيقها دون أي اهتمام بأنها لم ترتكب شيء فعلًا…
الأمر كله فراغ، هو يشعر بالخواء تجاهها وكأنها ليست سوى تلك الفتاة التي اختارها شقيقه وذهب يوم قراءة الفاتحة مع العائلة إلى منزلها..
هو لم يتذكر إلا تلك الذكرى عند رؤيتها!!!
ما الذي من الممكن قوله في لحظة كهذه؟!!.
منها أو منه…
بعد تواصل بصري طويل ومميت بينهما، وجد فردوس تستدير وتذهب!!!!!!!!!
كــيــف؟!!!!
هي ذهبت من الجهة الأخرى التي أتت منها بالفعل وكأنها لم تراه بمجرد أن تخطت صدمتها..
لا يصدق شريف بأنها فعلت هذا..
هو مازال يراوده الشك حتى لو علمت الحقيقة..
هل حقًا لن تفعل أي شيء؟!..
تحدثت شمس بثورة:
-ممكن افهم مين الست اللي كانت مبحلقة فيك دي ومشيت، أنا مبحبش أكون زي الأطرش في الزفة…
أستدار شريف إليها ناظرًا إليها بجدية:
-أنتِ تسكتي خالص ومتسأليش وتنزلي معايا ونخرج من هنا بأسرع وقت ده لو عايزة تروحي لأمك سليمة ومرتكبش فيكي جناية بجد….
__________
….أمام المستشفى….
كان كمال يقف بسيارته، وجدها تأتي ناحيته بوجه غريب يستطيع الشعور به فتحت باب السيارة ثم صعدت لتجلس بجانبه وأغلقت الباب ةقالت بنبرة لم يفهمها:
-يلا نمشي…
غمغم كمال بعدم فهم:
-هما دخلوكي بعد ما الزيارة خلصت؟!!.
نظرت له باستفهام تحاول تحليل ملامحه..
رُبما الشخص المميز في كمال طوال معرفتها به ولم يتغير ابدًا أنه لا يكذب ولو فعل يمتلك من الشفافية تجعلك تشعر بأنه هناك شيء خاطئ!!.
لكن حتى لو فعل تلك المرة…
لو كان يعلم بأن شريف في المستشفى لا تظن بأنه كان سيجعلها تصعد لإعطاء الأدوية التي قام بشرائها من الخارج بعد بحث طويل وكان قد طلبها الطبيب منهم والفواكة لوالدته التي تتذمر حتى من تناول الفاكهة الخاصة بالمستشفى ناهيك عن الطعام، بالتأكيد لو كان يعلم لم يكن سيجعلها تصعد بكل عفوية ويتركها ثم يذهب إلى محطة البنزين ثم يعود…
قالت فردوس بنبرة مُبهمة:
-لا مدخلتش مرضيوش يدخلوني بس اديت الحاجة للممرضة تدخلهم ليها..
سألها كمال بهدوء:
-طب ومالك في ايه؟! اتخانقتي معاهم يعني ولا ايه؟!..
غمغمت فردوس بنبرة حاولت جعلها عادية:
-يعني شديت في الكلام مع واحدة فيهم عادي، احنا برضو بندخل قبل ميعاد الزيارة وبنقعد لوقت بعدها يعني هما عندهم حق شوية، روحني بقا انا مصدعة اوي..
لم يقتنع كليًا بحديثها..
لكنه وضع يده على المقود مستعدًا للذهاب إلى المنزل…
_____________
”و شعرتُ من شدّة زهوّك في قَلبي ، انّ
بداخلي فراشة تتنزّه .”
#مقتبسة
” منزل عـائـلـة داغـر ”
تجلس في الغرفة على الفراش باكية بجانبها الكثير من المناديل الورقية المستعملة في مسح دموعها..
جاء داغر وهو يحمل مشروب النعناع الساخن الذي يناسب الأجواء الشتوية؛ ولعله يهدأ من أعصابها.
أغلق داغر الباب خلفه ثم سار بضعة خطوات ووضع الكوب على الكوميدنو المتواجد بجانب الفراش ليتحدث مستنكرًا وساخرًا منها:
-أنا مشوفتش أم معاقبة ابنها هي اللي قاعدة بتعيط، ده فهد نفسه مش بيعيط وقاعد يتفرج على التلفزيون برا..
هتفت أفنان بـتبرير وهي تحاول أن تتوقف عن البكاء:
-دي أول مرة ازعق فيه كده، لأني كنت خايفة على شريف، وهو اكيد زعل مني بس مش عايز يبين..
التقط داغر كفها الأيمن وضعها بين كفيه متمتمًا بهدوء:
-عادي أي حد بيجي عليه ساعات بيتصرف مع ولاده بشكل هو مش متعود عليه من الضغوط اللي حواليه وأنتِ هتقومي شوية وتكلميه عادي وتفهميه براحة..
أبتلع ريقه ثم حاول أن يفسر لها بهدوء:
-فهد مر بأيام وحشة جدا على اللي حكتيه، طفولته مش زي اي طفل، حصلت تغييرات صعبة في حياته مرة واحدة لقى أبوه في وشه، مرة واحدة مشي وقعد وسط ناس ميعرفش عنها حاجة يعتبر وفي بيت غريب، وبضوابط معينة أنه مينفعش يتكلم عن فُلان ومينفعش يقرب من فُلان كل دي تحكمات كانت صعبة عليه..
كانت أفنان تنظر له بذهول حقيقي لا تصدق بأنه هو الذي يتحدث بتلك الطريقة بل يدافع عن فهد؟!..
ختم حديثه برفقٍ وكأنه يتحدث مع طفلة صغيرة:
-هو أكيد مكنش يقصد يتصل بيه، يمكن خاف، يمكن حس أنه لازم يعرف، يمكن حس أنك تعبانة ووجوده معاكي كويس ليكي، يمكن شريف نفسه موصيه يقوله اي حاجة بتحصل لأنه مقتنع أننا بنخبي عليه، في ألف احتمال واحتمال والاكيد أنه ميقصدش..
هو غريب جدًا..
تارة لين بطريقة تجعلها تظن بأنه شخص اخر، تارة شخص غاضب على أتفة الأسباب بل لا يعجبه أي شيء مما يحدث…
لكن الجزء الحنون واللين منه هو أكثر شيء يعجبها والتي لامسته بطريقة مازالت تتذكرها بين أحضانه وبين يديه، لم تكن تتخيل فرط الحنان التي رأته منه، لا تصدق حرصه الشديد عليها، دون التفكير بنفسه وبرغباته…
تمتمت أفنان بخفوت وضيقٍ:
-أنا فاهمة كل ده وعارفة أنه اتحمل فوق طاقته، وأنه كل التقلبات دي والتعليمات على طفل مش حاجة سهلة، بس برضو أنا خوفت على شريف ومكنتش مرتاحة ومش عارفة اصلا هو جه ولا لسه، موبايله مقفول ومتوترة جدًا..
غمغم داغر محاولًا تهدئتها:
-شريف رغم أنه متهور إلا أنه يسلك في الحديد وبيعرف يتصرف ولو كان في أي حاجة حصلت كان أكيد هنعرف؛ أنتِ بس أهدي ومتخوفيش نفسك على الفاضي، أنا مش حابب أشوفك كده..
قالت أفنان بـرقة:
-حاضر.
اقترب منها وترك قُبلة على جبهتها ثم غمغم بنبرة هادئة:
-يلا اشربي النعناع وقومي أغسلي وشك واخرجي اتكلمي معاه عادي جدًا وبراحة وفهميه انه مكنش قصدك تزعقي، الموضوع بسيط..
قالت أفنان بنبرة خافتة:
-معاك حق.
تمتم داغر مداعبًا أياها:
-على فكرة بس بعيدًا عن الزعل أحنا مكلناش لغايت دلوقتي أحسن تكوني بتهربي من الموضوع يعني بالحجة دي لو كده هنطلب أكل…
قاطعته أفنان بدفاع عن نفسه:
-لا طبعًا أنا ههرب ليه، أنا هقوم اعمل أكل أنا حتى مطلعة لحمة مفرومة..
سألها داغر باهتمام:
-اه شوفتها فعلا، ناوية تعمليها ايه؟!.
كان أسهل شيء خطر في عقلها..
-هعمل حواوشي حاجة سهلة وسريعة…
عقب داغر بتوضيح بسيط:
-هو فعلا أسهل حاجة بس رخم في تسويته ومتقلقيش انا بعرف أسويه..
سألته أفنان بانزعاج جلي وهي تعقد ساعديها:
-ته بقا وعلى كده جاتلك الخبرة دي منين ان شاء الله؟!..
أجابها داغر ببراءة:
-من العيشة لوحدي أكيد..
نظرت له بشذر وانفعال بأعين وأنف حمراء من كثرة البكاء، ليضحك داغر رغمًا عنه ساحبًا أياها إلى أحضانه….
____________
‘ القــاهـــرة ‘
مر وقت طويل وتلك الفتاة لم تعد..
ولا تجب على اتصالات والدتها…
تبًا لها..
هي تعاقبها بالفعل..
لم تخبرها صراحة ولكن كل تصرفاتها تؤكد ذلك منذ أيام بعد رحيل منير..
هي ليست أم صالحة بل هي السبب وحدها ولا تلوم منير، رُبما انتقام أعمى، جشع، خضوعها إلى كلمات عبدة السامة، لا تعلم كيف فعلت هذا…
لتكن صادقة منير لم يكن شخص سيء معها أبدًا، بل أكرمها كثيرًا، لكنها لم تتحمل فكرة أن يتخلى عنها، لم تتحملها مُطلقًا حتى ولو سيترك لها الشقة ويرسل لها أموال حسب ما أخبرها قبل الطلاق، لكنها لم يعجبها تخليه عنها من أجل عائلته؛ من أجل زوجته وكأنها لا شيء..
لم تسرقه من أجل رغبة في النقود، او طمع فما سرقته من منير لا يعادل أبدًا ما اخبرها بأنه سيتركه لها، بل سرقته لأنها تعلم بأن هذا يؤلمه لأن عائلته ووالده لم يكن ليساعده مرة أخرى في المطعم لأن والده لم يكن يحب هذا النوع من العمل أو الشغف…
بالفعل أغلقه بعدها لمدة سنوات ليعود بقوة بعد وفاة والده، كانت ترغب في أن تؤلمه، أن تصيبه بصدع ووجع..
لكنها أدركت أنها لم تخطأ ولم تؤلم إلا شمس!!
حاولت كثيرًا أن تجهض الجنين وقتها كل المحاولات باءت بالفشل، رُبما كان الحل الأمثل ألا تطاوع عبدة ولا تستسلم لرغباتها التي لم تجني منها أي شيء، كان يجب عليها وقتها أن تخبر منير بأنها تحمل جنينًا في أحشائها، لعله كان فعل شيء، أو حاول إيجاد حل..
على الأقل لو رفض الأمر من عنده لم تكن تحمل ذنب شمس الآن بمفردها…
بعد الكثير من الأفكار المتلاحقة ما بين الماضي والحاضر صدع صوت جرس الباب، تنفست الصعداء بالتأكيد هذه شمس، وقد تكون نست ميدالية المفاتيح الخاصة بها كما تفعل في العادة..
توجهت صوب الباب، وفتحته بارتياح لم يدم طويلًا وهي تجد منير أمامها بملامح صارمة، وبجانبه تقف أمرأة لا تعرفها، لكنها تبدو وقورة وصلبة رغم أنها يبدو أنها تخطت السبعين عامًا بمراحل لكنها تظل واقفة بصلابة وقوة…
تحدث منير بجملة واحدة:
-احنا جايين نعمل التحليل…
_________
في الوقت ذاته في الطريق ما بين الشرقية والقاهرة، كان شريف يضع هاتفه في الشاحن الخاص بالسيارة بعدما رأى أنه قد نفذت بطاريته..
كادت شمس تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها بعدما عرفت هاوية المرأة، هي زوجة شقيقه ليس هذا فقط بل هي شقيقة الشخص الذي قام بقتله!!
وذهبت وكأنها لم ترى شيئًا..
كان هذا عجيبًا في نظرها نوعًا ما حتى ولو علمت سبب القتل، تراها أمرأة مثيرة للاهتمام، ترغب في معرفتها، هذا الثبات الانفعالي الرهيب التي تتمتع به فردوس من وجهه نظرها هو شيء غريب وصعب جدًا، أو رُبما لأنها أعتادت على اظهار مشاعرها بشكل مبالغ فيه بل الاعتراف بها في أي وقت وحين، وأن تظهر حالتها المزاجية فتظن أن جميع النساء مثلها…
تحدثت شمس بنبرة شاعرية وحالمة أكثر من المفترض أن تتحدث بها في الوقت هذا:
-تقريبًا هي بتحب اخوك علشان كده عملت كده علشانه وسكتت، بجد علاقتهم حلوة اوي..
خرجت منه ضحكة ساخرة سوف تصيبه بأزمة قلبية يومًا ما أو ستجعله يقدم على قتل نفسه…
قال شريف بانفعال:
-بجد ده كل اللي لافت نظرك؟!!
ردت شمس عليه بعفوية لم تكن في محلها:
-اه.
تحدث شريف بنبرة صارخة:
-أنا قايلك يا بني ادمة متنزليش من مكانك متتحركيش لو ايه اللي حصل متنزليش، ألاقيكي في وشي بعدها؟!! وكأني بكلم حيطة، ده يا شيخة لو كلمت حيطة كأنت حست بيا وفهمت أنا بقول ايه..
تمتمت شمس بنبرة جادة ولا مبالاة بهذا الصراخ:
-أنا خوفت عليك وقلقت وبس مكنش ينفع افضل قاعدة مستنية الفرج وأنا قلقانة..
قال شريف محتجًا:
-متقلقيش عليا وملكيش دعوة بيا، أساسا الحق مش عليكي الحق على اللي جابك معاه…
سمع صوت هاتفه يصدع عاليًا ليأخذه أثناء قيادته ويجد أن المتصل هي سوسن، تحدث شريف بنبرة مكتومة:
-امك بتتصل بيا ليه؟!
عقبت شمس بنبرة منزعجة:
-هتلاقيها عايزة تعرف انا فين ومبردش عليها ليه، متردش عليها..
لم يكن أحمق ليسألها لما لا تجيب على والدتها، علاقتها بوالدتها عمومًا هي الأغرب على الإطلاق، تارة هي تهتم بها بشكل غريب وتارة أخرى نافرة منها، من يراها الآن لا يظن بأن تلك المرأة طعنت رجل من أجل والدتها..
بالرغم من ضيقه وافكاره المتلاحقة إلا أنه لن يرغب في أن تظل سوسن قلقة، ألتقط هاتفه وأجاب عليها بهدوء تحت أنظار شمس المغتاظة:
-الو.
“ايوة يا ثائر، هي شمس لسه معاك صح؟!”.
تحدث شريف بملل:
-ايوة متقلقيش عليها..
أتاه صوت سوسن الغاضب وبشدة ولكنه خافت فهي تقف في الغرفة تاركة أياهم بالخارج:
“ومبتردش عليا ليه؟! لو حصلت مصيبة مش هتحس بسبب عِندها معايا، ابوها هنا وعايز نروح معاه نعمل التحليل وأنا قولتله انها بتجيب حاجة من تحت وطالعة”
نظر إلى الطريق وهو يلعن حماقته هو..
أنه وافق على إتيانها..
تحدث شريف بنبرة فاترة تحت نظرات شمس التي لا تعلم ما الذي قالته والدتها في الهاتف له:
-احنا مش قدامنا أقل من ساعة أو ساعة ونص علشان نكون عندك..
أتاه صوت سوسن برعب:
“ليه أنتم فين؟!!! ساعة أو ساعة ونص ايه؟! بقولك ابوها هنا هو وامه ومستعجلين جدًا”.
غمغم شريف بانزعاج:
-اعملي اي حاجة وخلاص المهم تلهيهم، خدي منهم ميعاد تكون موجودة فيه ومكان المعمل عرفيهم أنك مش تحت أمرهم وقت ما يجوا وأنهم لازم يبلغوكي من قبلها..
تحدثت شمس هنا بعدم فهم وغباء:
-أنتَ بتتكلم عن مين؟!! في ايه؟!..
لم يجب على استفسارتها بل كان ينتظر رد سوسن بقلق وحذر:
“يعني هبجح فيهم؟! مش كفايا أنهم جم ولين دماغه أخيرًا”
تمتم شريف بضيقٍ:
-ياستي ده علشان تلهيهم ومدام جه مهما عملتي هيعمل التحليل سلام دلوقتي وان شاء الله نيجي بسرعة..
ثم أغلق الهاتف تحت نظرات شمس التي بدأت في ترجمة الحديث ليتحدث شريف بغضب:
-اهو بسبب جنانك معايا دلوقتي بدل ما تشوفي مصالحك اديكي متنيلة جنبي، وامك مش عارفة تتصرف وياريت بعد كده تخلي عندك دم ولما امك تتصل بيكي ردي عليها..
صمت لثواني ثم عاد يكرر جملته السابقة:
-بس الحق مش عليكي الحق على اللي خدك معاه..
صاحت شمس باستنكار شديد:
-مش ملاحظ أنك قولتها أكثر من مئة مرة لغايت دلوقتي، خلاص اللي حصل حصل، وأنا عموما لا تحت أمرك ولا تحت أمرها ولا تحت أمره أنا حرة فاهم يعني أيه حرة..
قال وهو يزيد من سرعة قيادته:
-مش فاهم حاجة غير اني مش عايز اسمع صوتك لغايت ما انزلك قدام البيت، طول الطريق سمعيني سُكاتك وبس…
كانت ترغب في سؤاله كيف تقوم بتسميعه (سُكاتها) ولكنها صمتت لا ينقصها نوبات غضبه..
_____
‘ القــاهـــرة مرة أخرى ‘
خرجت سوسن وهي تحمل أكواب الشاي بأيدي مرتعشة لتسمع صوت منير الحانق:
-عايزين نخلص أحنا مش جايين نضايف، احنا جايين نعمل التحليل علشان اثبت كدبك…
تحدثت سوسن بنبرة باردة حاولت الحديث بها رغم أنها كانت تشعر بالخزي والخوف الرهيب:
-شمس دلوقتي في مشوار، لو كنت بلغتني قبلها مكنتش نزلت، ممكن بليل عرفني عنوان المعمل ونيجي أنا وهي أو أي يوم تاني…
نهض منير من مكانه محتجًا وغاضبًا:
-لا كده كتير اوي أنا اللي غلطان اني مصدق الكلام ده وجبت امي وجيت وفي الاخر علشان تعرفي أنها لعبة بتوهي الموضوع والبنت مش موجودة أساسا كانت مجرد تمثلية واضح أنك كنتي فاضية…
قالت زينب بنبرة صارمة وجادة وهي مازالت جالسة في مكانها:
-خلاص يا منير عرفهم مكان المعمل ونتقابل الساعة سبعة بعد المغرب..
________________
” الـشـرقـيـة ”
تجلس داليا على الأريكة في المنزل في أحضانها ابن شقيقها الصغير أسر، لا شك أن اهتمامها به، ومكوثه معها أغلب الوقت هو ما يهون عليها ولو قليلًا الفقد الذي تشعر به في يومها التي كانت والدتها تشغله؛ وللحق يقال بأن جهاد لا تعترض أبدًا حتى حينما ترغب في أن يمكث معها لا تعترض رغم انها لم تكن تحب مفارقة أطفالها تحت أي مسمى ولكنها تدرك ما تمر به داليا لذلك لا تعاندها حتى عصبيتها الجديدة عليها كليًا باتت تتحملها…..
خرجت جهاد من المطبخ وأثناء سيرها في الرواق رأت غرفة داليا مفتوحة على أخرها ولفت نظرها كم من الكتب الرهيبة والأوراق التي أحتلت الغرفة مرة واحدة..
توجهت صوب الخارج حيث تجلس داليا وطفلها الصغير بينما أطفالها الكبار مع والدهم لشراء بعض الاشياء…
تمتمت جهاد باندهاش:
-ايه الورق والكتب دي كلها يا بنتي اللي في اوضتك؟!.
رفعت داليا بصرها إليها وهي تداعب خصلات الصغير متمتمة:
-ابدا كنت بطلع الكتب وحاجة الجامعة.
رفعت جهاد حاحبيها متحدثة بنبرة مرحة:
-أنتِ مكنتش بترميهم زي حالاتي؟! احنا يا كنا بنرميهم يا بنقلي عليهم بطاطس او نعمل ليهم أي إعادة تدوير، كنتي بتروقي اوضتك يعني وقررتي ترميهم؟!.
ابتسمت داليا متمتمة بتصحيح:
-يعني أنا شيلتهم السنين دي كلها علشان ارميهم دلوقتي؟! لا طبعا..
سألتها جهاد بفضول:
-اومال ايه؟!.
تمتمت داليا بنبرة هادئة بعدما تركت الصغير على الأريكة ليهبط ويجلس أرضًا يلعب بالألعاب الموضوعة أرضًا :
-ناوية اعمل دبلومة أنا كنت ناوية اعملها من سنين طويلة بس يعني النصيب فحابة استرجع شوية حاجات وكده الأول، وهاخد رأي بابا الأول طبعا وعندي مقابلة شغل مش عارفة..
قاطعتها جهاد قائلة بحماس:
-متقوليش قبلتي عرض اللي اسمه خالد وهترجعي تشتغلي مع نورا..
هزت داليا رأسها نافية لتحطم آمال جهاد متمتمة بهدوء:
-لا طبعًا ده معمل تاني..
تمتمت جهاد بيأس:
-ليه بس حابة تبدأي من الأول في مكان جديد ما ترجعي وسط الناس اللي تعرفيهم أحسن..
تنهدت داليا ثم غمغمت بنبرة خافتة وشاردة:
-كده افضل يا جهاد رجوعي الشغل معاهم مش حاجة صح ولا مقتنعة بيها أبدًا تحديدًا في الوقت الحالي…
_______________
“الثامنة مساءًا في معمل التحاليل”
تم أخذ العينات المطلوبة من شمس ومنير..
كانت الصمت يحالفه ويحالفها لكن تبادل النظرات بينهما كان في أوج حالاته…
هص تحاول الشعور بأي شيء..
تشعر بأن هذا الرجل والدها حقًا..
بينهما هو كان قلق جدًا..
لا يصدق بأن هناك احتمال حتى ولو واحد في المئة يخبره بأن تلك الفتاة ابنته، هذا شيء مخيف، فتاة تقترب من الثلاثين من عمرها لا يعرف عنها أي شيء..
كيف تكن ابنته؟!!!
وما هو التفسير المنطقي لو كانت سوسن على الحق الذي سيخبر به عائلته..
تلك المرأة لعينًا يا ليته لم يقع يومًا في حبها…
تحدثت شمس باقتضاب وهي تقف بجانب والدتها الصامتة تمامًا:
-امته هتظهر النتيجة؟!.
أردف منير باقتضاب:
-ميهمكوش في حاجة، أنا اللي عايز اعمله ولما النتيجة تظهر هبقى أعرفك كدبك يا سوسن والله ما حد هيرحمك مني ساعتها…
رجل مستفز.
هو ينكرها تمامًا!!
ينبذها، تحدثت شمس بجمود وجراءة ليست غريبة عليها أبدًا:
-أنا اللي هكون مستنية أشوفك وأنتَ عارف اني بنتك؛ وأنها حقيقة مش هتقدر لا تنكرها ولا تغيرها للأسف هكون متشوقة اشوفك ساعتها..
رأت زينب الواقفة وتستند على عكازها نظرات ابنها الغاضبة ولم يكن ينقصها تهورها؛ تهوره الذي جعلهما يقفا هنا الآن من الأساس..
-أكيد لما النتيجة تظهر هيكلمك…
قالت سوسن بارتباك:
-يلا نمشي يا بنتي..
سارت شمس دون قول كلمة واحدة مع والدتها وغادرت معمل التحاليل بينما منير قرر الذهاب إلى ابن صديق عزيز له الذي يكن صاحب معمل التحاليل، يخبره بضرورة الدقة وسرعة ظهور النتيجة وأن الأمر خاص جدًا ولولا أنه يثق به لم يكن ليأتي هنا…..
______________
لأنني أحب النوادر ، اخترتك..
#مقتبسة
إني أُحبكِ كي أبقى على صِلةٍ بالحياة،
بالأرض، بالتاريخ، بالزمنِ، بالماء،
بالزرع، بالأطفال إن ضحكوا، بالبحرِ،
بالأصداف، بالسُفنِ، بنجمة الليلِ،
تهديني أساورُها، بالشعر أسكنهُا،
والجرح يسكنني أنتِ البلاد التي
تعطي هويتها، من لا يُحبك يبقى
دونما وطن.
#مقتبسة
لم يكن معمل التحاليل في منطقة بعيدة عن المنقطة التي تقطن بها الآن، بعد نصف ساعة كانت تجلس على فراشها بعدما قامت بتغيير ملابسها..
كالعادة تجنبت الحديث مع والدتها ولم تحاول سوسن الحديث معها اليوم، يكفي الحرج الذي يصيبها مواجهة أفعالها ليس شيء هين أبدًا..
ألتقطت شمس هاتفها، أتت برقمه وقامت بالاتصال به، ليجيب عليها على الفور وكأنه كان ينتظرها:
“ألو”
دون أي مقدمات كانت شمس تخبره بنبرة مكتومة ومختنقة:
-أنا لسه راجعة عملت التحليل بس مش عارفة النتيجة هتظهر امته..
عقب شريف على حديثها بنبرة عادية:
“مش عارف بس حسب ما كنت بسمع اسبوعين او أسبوع مش عارف اوي بصراحة بس يعني اكيد هو هيكون مستعجل وهيطلعها في أقرب فرصة متقلقيش يعني، مجرد ما النتيجة تظهر خلاص هتكوني أمر واقع وغصب عنه هيعترف بيكي مدام من الأول اتهز”.
قالت شمس بنبرة فاترة:
-معاك حق، علشان نخلص من الموضوع ده.
سألها شريف باهتمام:
“مالك؟! في حاجة؟! قالك حاجة ضايقتك؟!”.
تمتمت شمس بتهكم طفيف غير مقصود لكنها دومًا مندفعة:
-يعني لو ضايقني هتعمل ايه؟!.
“جربي بس”.
صمتت لثواني تحاول استيعاب رده…
لتعقب بنبرة حاولت اتقان الكذب بها:
-محصلش كلام ما بينا يعتبر، أنا اللي مخنوقة لوحدي وزهقانة، وحاسة بالملل….
سمعت صوته الساخر:
“ليه حتى اليوم مليان مغامرات من أوله لأخره، روحتي معايا ورجعتي”.
تحدثت شمس بعفوية وتلقائية ومشاعر فياضة:
-كان أحسن يوم شوفتك فيه..
سألها شريف بعدم فهم:
“يعني ايه مش فاهم؟!”.
تحدثت شمس بنبرة صادقة:
-شوفتك بجد، شوفت شريف اللي شوية وكان هيعيط وهو سايق، شريف اللي عنده مشاعر حتى لو علشان والدتك، شوفتك لأول مرة من جواك، بعيدا عن تريقتك ومحاولاتك كـ ثائر أنك تخفي مشاعرك، ثائر بارد وسخيف عكس شريف، واضح أن من كتر ما عيشت حياة جديدة بس في الأخر طبعك غلاب..
كيف يمكن لشخص أن يقوم بتحليلك بكل بساطة؟!
كيف يمكن لشخص ما أن يقرأ ما يتواجد في عقلك؟!..
أن يفهمك بهذا الشكل كأنه دخل وعبث في جسدك وعقلك حتى قلبك لم يرحمه…
الشفافية، الحب، المشاعر الصادقة تجعل شخصان شيئًا واحد؛ كلاهما يشعر بوجدان الأخر بشكل لا يقدر عليه هو نفسه أحيانًا…
هو يعيش حياة ومشاعر مختلفة تمامًا مع شمس، لكنها رائعة، رائعة بشكل يجعله ينسى في بضعة لحظات وقتها الخاطئ…
قالت شمس بنبرة هادئة وهي ترغب في أن تختم اليوم بينهما بأنه شريف وفي الغد ليعود ثائر كما يريد…
هي لا تنتظر منه رد، هي فقط تود إخباره بأنها رأت ملامح وتصرفات شخص رائع وهي ليست المرة الأولى بالمناسبة، لكنها رُبما الأولى لها بالتعرف على جذوره وأعماقه..
-تصبح على خير يا شريف.
أنهت المكالمة دون أن تسمع رد…
لا ترغب في رد…..
هي أساسًا قامت بالاتصال به من أجل أن يسمعها هو لا تسمعه هي…
______________
في اليوم التالي…
”أحبك بكل الهمجية الكامنة في النفس البشرية، لا أستطيع وصف الأمر بطريقةٍ أصدق”.
#مقتبسة
برغم من يوم أمس العجيب الذي جمعها مع شريف في لحظة غير متوقعة وكأن الزمن توقف وقتها…
وظلت طوال اليوم شاردة…
لا تعلم السبب الحقيقي الذي جعلها تعود ولا تتفوه بحرف…
هل شعورها أن شريف كان على حق؟!
أم حفاظًا على علاقتها بـكمال..
رُبما لشعورها بالحرج والخزي من فعلة شقيقها..
أم لأنه لم يعد للحديث قيمة أبدًا بعد تلك السنوات…
تعددت الأسباب وكان الفعل وحدها واحد..
وعلى ما يبدو أن لا أحد يعلم بإتيان شريف لو كانوا يعلمون لم يكن الهدوء يعم على المنزل بهذا الشكل..
طوال أمس وبعد عودة كمال من الشركة أخذ يتحدث معها يسألها عما يتواجد بها لكنها تخبره بأنه لا شيء هي فقط مصابة بالصداع، لم تخبرها السبب الحقيقي بأن رؤية شريف هي من جعلتها في تلك الحالة التي لا تفهمها، الشيء الوحيد الذي جعلها تشعر بالسكينة هي أحضانه، أصبح نومها إلى حد ما منتظم مقارنة بنومها منذ عدة أشهر…
استيقظت في الصباح الباكر لتشعر بأحضانه الدافئة وسط الطقس البارد، لكنه كان مستيقظًا…
تململت فردوس بين أحضانه بعدما فتحت عيناها وعلمت باستيقاظه قائلة بصوت ناعس:
-هي الساعة كام؟!..
أجاب كمال عليها بصوت هادئ:
-داخلة على تسعة.
فتحت عيناها على أخرها تنظر له باستغراب:
-غريبة يعني أنك لسه قاعد لغايت دلوقتي مروحتش الشغل؟!.
تمتم كمال بتوضيح بسيط:
-أبدًا مديت الاجازة يومين كمان، على الأقل لغايت ما ماما ترجع البيت..
هتفت فردوس بشرود:
-يارب الدكتور يكتبلها على خروج النهاردة، علشان هي خلاص متعصبة ومش عاجبها القعدة.
هتف كمال بنبرة جادة ورزينة:
-أكيد أنا عايزها ترجع البيت بس لما كل حاجة تتظبط على الأقل، هناك هي بتاخد الأدوية في مواعيدها ومتابعينها طول الوقت مجرد ما ترجع البيت هتقعد يومين تاخد الأدوية بعدين هترجع يوم اه وعشرة لا، فأنا مش مستعجل على خروجها من المستشفى رغم أن البيت وحش من غيرها.
عقبت فردوس بصوت به بقية نوم:
-ربنا يشفيها وأعتقد برضو قعدة المستشفى هتعلمها لما ترجع ان شاء الله تلتزم في العلاج شوية لأنها شافت العواقب..
قال كمال بجدية:
-أتمنى..
ثم أسترسل حديثه بتلقائية:
-أنا ساعة كده وهنزل..
سألته فردوس باهتمام:
-رايح فين بدري كدع مدام أنتَ اجازة من الشغل؟!..
عقب كمال ببساطة:
-ورايا شوية حاجات بخصوص الشركة هخلصها عقبال ما الساعة تيجي اتنين هاجي اخدك واخد جدو و نروح المستشفى علشان الزيارة..
صمتت ليهبط برأسه ويترك قُبلة على رأسها بحنان ابتسمت له بعد فعلته تلك وغمغمت:
-أنا عندي ميعاد عند الدكتورة الضهر تقريبًا..
يبدو أنه ميعاد الجلسة الخاصة بها..
قال كمال برفقٍ:
-لو هتتأخري عادي خليكي براحتك مش لازم نروحي النهاردة احنا هنكون هناك كلنا..
أردفت فردوس برفض:
-لا مش هتأخر وهاجي معاك طبعًا هخلص بدري وأنا اللب خليتها تخلي الميعاد بدري علشان اجي، ممكن نتقابل برا..
تمتم كمال بنبرة عادية:
-خلاص هبقى أكلمك ونظبط الدنيا مع بعض..
عقبت على حديثه بصوت هادئ وهي تحاوط عنقه محتضنه أياه بحب ليحاوطها هو باحتواء رغم ما يمر به، هو لا يفهم سوى أنه يحتاجها، يحتاج أن يحتضنها وكأنها هي من تحتويه دون أن تتحدث في تلك الأيام:
-طيب.
بعد مرور ساعة ونص تقريبًا..
كان كمال قد غادر، وفردوس تخرج من المرحاض مرتديه روب الاستحمام الخاص بها، خرجت تبحث عن المجفف الخاص بالشعر، ترغب في أن تنتهي حتى لا تتأخر عن ميعادها فهي من رغبت في موعد في الصباح، لأن في منتصف اليوم تكون في المستشفى وبعدها مع كمال…
أثناء بحثها عن المجفف وجدت صوت هاتفها يصدع وبقوة، ذهبت إليه ظنت بأن كمال قد نسى شيئًا أو يريد أن يخبرها شيئًا، لا أحد معتاد على أن يحدثها في هذا الوقت عمومً
وجدت رقم غريب ومع ذلك أجابت..
-ألو.
جاءها صوت إيمان من الناحية الآخرى:
-لازم اتصل من رقم غريب علشان تردي عليا، ما طبعًا أنتِ حظرتي كل أرقامي.
قالت فردوس بصلابة:
-كويس أنك عارفة اني عملالك حظر ومش عايزة اكلمك وأنتِ مصممة بكل بجاحة تكلميني..
-احنا لازم نتكلم ولازم تسمعيني مينفعش كل اللي ما بينا ينتهي في ثانية كده، أحنا كنا أكتر من الأخوات..
كانت إيمان تتحدث ولأنها تظن بأنها تعرف فردوس جيدًا ظنت بأن ردها سيكون أما أن تغلق المكالمة في وجهها أو سيكون الرد عليها هو الرفض ثم غلق المكالمة ولكنها خالفت توقعاتها وهي تغمغم بثبات:
-فاضية الساعة واحدة؟!..
تمتمت إيمان بلهفة:
-فاضية طبعا هنتقابل فين؟!..
أجابت فردوس عليها بنبرة صارمة جعلت إيمان غير مصدقة:
-في التُرب في مدفن العيلة بتاعتنا، اكيد تعرفيه……..
_____________
” القــاهــرة”
” مكتب عادل ”
كان هلال يجلس على المكتب وأمامه العديد من الأوراق والملفات والحاسوب مفتوح أمامه، بينما كانت مريم تجلس قبالته على المقعد…
تمتم هلال بنبرة هادئة وعملية من الدرجة الأولى:
-أنا الشهر الجاي مش همسك أي قواضي بنفسي ولا هكون فاضي لأي حاجة أنتِ اللي هتكوني مسؤولة عن كل حاجة لأن في قضية أنا همسكها ومش عايز أي حاجة تكون شاغلة دماغي غيرها..
قالت مريم باستغراب:
-غريبة يعني يا هلال عمرك ما وقفت شغل علشان قضية واحدة مهما كانت أهميتها أو صعوبتها..
تحدث هلال بنبرة صادقة:
-علشان دي حاجة تخص حد عزيز عليا وعايز كل تركيزي يكون فيها، ويمكن برغم كل اللي فات دي هتكون أهم قضية همسكها علشان أهمية الشخص بالنسبالي مش صعوبة القضية..
نظرت له مريم بحيرة وعدم فهم ليقول هلال بتوضيح بسيط:
-هتعرفي كل حاجة في وقتها دلوقتي اهم حاجة تعرفي مسوؤليتك الفترة الجاية.
غمغمت مريم بهدوء:
-تمام..
أنتهى الحديث بينهما لتنهض مريم وتتوجه صوب مكتبها بينما ظل هلال بمفرده يحاول أن ينهي ما يقع على عاتقه، اقترب الشهر على الانتهاء…..
صدع صوت هاتفه يعلن عن اتصال منها لم يصدق عينه في البداية، ترك الورقة التي كانت تتواجد بين يديه ووضع الهاتف على أذنيه متحدثًا بصوت مُشرق يناقض الإرهاق البادي عليه..
-ألو..
جاءه صوتها الهادئ:
“السلام عليكم”
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
غمغمت بشرى بنبرة خافتة:
“عامل ايه؟!”.
تمتم هلال بنبرة هادئة وبسيطة:
-أنا الحمدلله بخير، أنتِ أيه اخبارك؟!.
رددت كلماته باستنكار:
“الحمدلله كويس!!!”
“ومدام كويس مختفي ليه؟!”.
كان يتوقع أن تخبره بأنها بخير، ما هذا الرد العجيب جدًا؟! والغير متوقع في المرة الأولى التي تتصل به هي بنفسها…
تحدث هلال ببساطة:
-مختفي ازاي مش فاهم؟! ده أنتِ أول مرة تتصلي ورديت عليكي في ساعتها، مختفي فين أنا كده؟!..
شعرت بالحرج كيف تخبره بأنها تقوم بمراقبته على مواقع التواصل الاجتماعي بل تراقب التعليقات المكتوبة على صوره وكل شيء، وهو لم يشارك شيئًا منذ ثلاثة أو أربع أيام تقريبًا..
هي تعلم بأنها قد أصبحت خطيبته ولكنها تشعر الخجل من أن تخبره بأنها تفتقده أو أنها تقوم بمراقبته…
حاولت الإجابة عليه بطريقة منطقية ورزينة:
“يعني مختفي بقالك كذا يوم مبعتش حاجة بخصوص الشغل ومتصلتش”..
هو شعر بما تخفيه خلف كلماتها ليتحدث بنبرة هادئة:
-كنت مضغوط شوية في الشغل وبخلص الحاجات اللي المفروض تخلص قبل الخطوبة وكده لأني هتفرغ لقضية مهمة بس، ومجرد ما اتصلتي رديت عليكي، زي ما بكلمك، تكلميني عادي مش لازم أنا بس اللي أبان مهتم..
يعلم أنها ستواجه صعوبة في الرد عليه من صمتها بعد كلماته ليتحدث بنبرة عادية:
-ايه لسه باباكِ موافقش ترجعي الشغل؟!..
جاءه صوتها الخجول:
“يعني هو لسه مجاش من السفر وأعتقد هو قال بعد الخطوبة ولما يجيبلي العربية هرجع”.
تمتم هلال بنبرة هادئة:
-مش المفروض يعلمك السواقة الأول ولا أنتِ بتعرفي تسوقي؟!.
أجابت عليه بتوضيح:
” بيقولي هيعلمني على العربية بتاعتي أفضل “.
-أنا ممكن أساعد..
غمغمت بشرى بنبرة عادية:
“ملهوش لزوم يعني شكرًا”
-جبتي الفستان؟!.
هو مهتم بشكل لا تصدقه..
أو رُبما لأنه لم يكن بينهما شيء ومازالت لم تعتاد على الرجل الذي تقدم لخطبتها وتحاول اقناع نفسها بأنه ليس رب المكان التي تقوم بالتدريب فيه..
“لسه محتارة بين كذا حاجة واحتمال اروح اتيلية في ****** يفصلوه ليا بيقولوا بيفصلوه خلال أسبوع أو اسبوعين بالكتير”
وفجأة قالت بحذر:
“لو معطلاك عن الشغل أنا ممكن أقفل”
تمتم هلال ببساطة:
-أنا مقولتش أنك معطلاني ولا نطقت..
قالت بشرى باستنكار:
“ما انا أول ما كلمتك قولت أنك مشغول ومضغوط”.
أجاب عليها بدهاء:
-عادي الضغط هيروح وأنا بكلمك…
“أيه؟!”.
ضحك هلال وهو يعقب على استنكارها الواضح من كلماته:
-محسساني أني بكلمك بلغة تانية ومن كوكب تاني، كلامي واضح اتصالك كان أحسن حاجة حصلت من الصبح عمومًا…
____________
سنوات مرت لم تكن لديها المقدرة للذهاب إلى قبر شقيقها أو مدافن العائلة بشكل عام..
لأنها كانت تشعر بالخزي من المواجهة وكونها في منزل كمال كانت ترى نفسها مذنبة، لم تكن تستطيع الإبتعاد عن منزل قتل أحد أفراده شقيقها لأنها تحب كمال..
فـكانت ترى نفسها خائنة له…
اليوم بعد جلستها مع الطبيبة النفسية التي أخبرتها بأنها لا ترغب في الإطالة لأن يومها مشغول جدًا، أتت وانتظرت إيمان، انتظرها وهي تعلم بأنها ستأتي، لن تشعر بالحرج، أي حرج ستشعر به؟!!
بعد سنوات كانت تقف أمامها فيها بكل هدوء وراحة بال تتحدث معها ليلًا ونهارًا وهي كاذبة…
بل تقوم بتحريضها…
كان الأمر مُهيبًا ومُربك جدًا..
أخذت تقف بجانب قبره تتحدث معه تلومه، تخبره لما فعل هذا بها؟! لما فعل هذا بأفنان المراهقة؟!!.
بينما هو كان في كامل نضوجه وشبابه…
لما أقترب إلى تلك الدرجة من الفجور؟!!
مازالت تتذكر ما رأته على الحاسوب، لا تصدق أبدًا بأن شقيقها كان يمتلك وجهان متناقضان إلى تلك الدرجة..
كانت تتحدث بغضب جامح كادت أن تصرخ وتخبره ما الذي ينقصه لـيصل إلى هذا المستوى من الانحراف وأن يصبح رجل ماجن؟!!
ما المشكلة؟!
ما الذي حدث ليجعله يرتكب تلك الكبائر؟!!
هل كانت تسيطر عايه شهوته مثلا؟!!
لما لم يتزوج منذ زمن…
لا تصدق بأنها تفكر بتلك الطريقة، هي مازالت لا تستوعب أبدًا، ولا تستطيع النسيان هي فقط تحاول التخطي…
بعد مرور ربع ساعة عن الميعاد المتفق عليه كانت فردوس تجلس على المقعد الخشبي وهي ترتدي نظارتها الشمسية خارج المدفن، كانت ستنهض وترحل لكنها وجدتها تأتي من بعيد بخطوات مضطربة بعض الشيء، هي مازالت لا تعلم رغبة فردوس الحقيقية بأن تراها هنا، فردوس التي أخبرتها أكثر من مئة مرة أنها ترغب في زيارة حسن في المقابر ولكنها لا تستطع كيف تغلبت على هذا؟!!!!
ومتى عادت؟!..
الصور التي كانت تقوم بتحميلها على حسابها الشخصي برفقة كمال كانت تظهر بأنها مازالت في دبي.
أقتربت إيمان من مقعدها الخشبي لتقف أمامها قائلة بنبرة هادئة:
-ازيك يا فردوس عاملة ايه وحشتيني اوي.
عقبت فردوس ببساطة شديدة:
-في أحسن فترة في حياتي بعد سنين طويلة، كنتي عايزة تتكلمي معايا ياترى ايه اللي لسه عندك وعايزة تقوليه؟!..
تمتمت إيمان بود حاولت أن تضعه في نبرتها وطريقة حديثها:
-أكيد هتكلم يا فردوس أنا بس متوترة ومستغربة أنتِ ليه طلبتي نتقابل هنا من قلة الأماكن يعني؟!.
تحدثت فردوس بجفاء:
-بسمع نصيحتك اني اجي واتغلب على اللي جوايا وفي نفس الوقت علشان تعرفي أن كلامك هيدفن هنا لأن مفيش كلام هيتقال ما بينا تاني أنتِ طلبتي فرصة أخيرة، بس الفرصة دي أنا هسيبك تقولي فيها اللي أنتِ عايزاه بس ده مش هيفرق معايا أنا خرجتك من حياتي يا إيمان…
حاولت إيمان الحديث بهدوء قدر الإمكان لا يظهر اشتعالها وغضبها:
-مش هتقوليلي حتى عاملة ايه وصحتك عاملة ايه بعد العملية للدرجاتي أنا مش هماكي يا فردوس ولا في أي حساب للعشرة..
نهضت فردوس من مقعدها وخلعت نظارتها الشمسية لتواجهها بنظراتها الصلبة وهي تقف أمامها عاقدة ساعديها:
-أعتقد بلاش نتكلم عن العِشرة أحسن، وبعدين من غير ما أسال باين انك كويسة مدام كنتي شاغلة بالك تعملي اكونتات فيك وتجيبي رقم غريب وتتصلي بيا ومصممة أننا نتكلم مدام شاغلة بالك للدرجة دي يبقى أنتِ بخير، الشخص اللي مش كويس ده بينشغل بنفسه..
قاطعتها إيمان قائلة بنبرة قاتمة:
-ده ميخلكيش تحسي قد ايه أنتِ غالية عندي وفراقك مضايقني أنتِ كنتي أكتر من أخت ليا..
رفعت فردوس سبابتها محذرة لتتوقف ايمان عن الحديث، قالت فردوس بسخرية:
-بلاش جو الشعارات الزايدة دي يا إيمان، قولي أنتِ عايزة ايه، علشان أنا مش فاضية ليكي ولا عندي وقت ليكي…
هنا تحدثت إيمان بنبرة مرتفعة قليلًا ولم تتمالك أعصابها:
-أيه الفرق بيني وبين كمال؟!! ايه الفرق بيني لدرجة أنك تسافري معاه وتنسي كل حاجة ومش عايزة تسامحيني مع اني أكتر واحدة اتأذيت في الحوار ده وحياتي وقفت، أنتِ خسرتي ايه؟! كمال معاكي يتمنى ليكي الرضا ترضي استناكي بدل السنة سبعة، حتى أفنان لقت اللي يعوضها وعاشت حياتها أنا اللي حياتي وقفت ومش عايزة تسامحيني كمان..
كانت تتحدث بحقد وغل ظاهر من عيناها تكاد تفسم فردوس بأن ما ينقصها حقًا هو أن تتحول إلى أعين سوداء ومع ذلك تحدثت فردوس بقوة:
-أنتِ اللي حياتك وقفت؟! بتتكلمي بجد؟!…
هزت إيمان رأسها ببطئ لتسترسل فردوس حديثها بغضب:
-أنتِ اللي حبيتي توقفي حياتك رغم أنك كل حاجة واضحة قدام عينك وحبيتي تعيشي دور الضحية، كنتي عارفة كل حاجة ومخبية وحبيتي تغمضي عينك دي مشكلتك مش مشكلة أي حد تاني…
قاطعتها إيمان بغضب مكتوم:
-أيه الفرق بيني وبين كمال؟! اشمعنا كمال اللي سامحتيه يعني مهوا كان عارف ومخبي زي ما أنا خبيت بل على العكس سابك في غفلتك وراح اتجوز اللي تخلف ليه وتسعده وسابك تولعي في نفسك…
كانت تظن بأنها ستقوم باستفزازها بتلك الطريقة ولكنها كانت حمقاء..
هل نست فردوس أمر زواج كمال بأخرى؟!
الإجابة لا..
هل كان لديه الأسباب التي تجعله يفعل هذا؟!
الإجابة نعم ولكنها كأي أنثى لم تغفر، كما هو لم يغفر أفعالها السابقة به أبدًا ، هي فعلت الكثير من خلفه وهو تخطي….
تحدثت فردوس بلا مبالاة:
-الفرق انه هو كمال وده فرق كبير جدًا، واتجوز عليا أو متجوزش ده مش شيء يخصك تتكلمي فيه من أساسه، كفايا أنه مكدبش عليا، محاولش لو في أي لحظة يحسسني ان اخوه مش غلطان، محاولش يألف عليا قصة، مكنش بيبص في عيني وبيقولي خدي حقك، اعملي واعملي، وأي راجل في مكانه طبيعي ميتكلمش..
خرجت ضحكة ساخرة من إيمان لتغمغم بعدها:
-هو اقنعك بكده؟! للأسف أنتِ ساذجة جدًا يا فردوس..
أردفت فردوس بجمود:
-بلاش تتكلمي عن السذاجة والغباء علشان أنتِ تاخدي فيهم أوسكار أنا مجيش فيكي حاجة يا حبيبتي، لو خلصتي كلامك أنا همشي لأن واضح أن معندكيش جديد تقوليه..
قالت إيمان بانفعال وتهور:
-يعني أنتِ فاكرة اني هسكت؟!.
ردت فردوس عليها بعدم اهتمام:
-لا طبعًا بالعكس أنا متشوقة اشوف أخرك…
غمغمت إيمان وهي تنظر لها بأعين حقودة تكاد أن تخرج من مكانها:
-أنا هفضح أفنان في البلد كلها من أولها لأخرها، وهنزل صور شريف على كل الصفحات وكل المواقع ومش هسيبهم.
صمتت فردوس ولم تعطِ رد الفعل التي كانت تنتظره إيمان منها هي حتى لم تشعر بالذعر بأنه ظهر على ملامحها..
هل كانت تتوقعها؟!.
تتوقع منها هذا الحديث…
لم تفهم إيمان سر هذا الصمت…
كان رد فعل فردوس غير متوقع بأنها رفعت يدها صافعة أياها بقوة جعلت إيمان تترنح وهي تسمع فردوس تتحدث ببرود:
-دي مش علشان أفكارك اللي قولتيها دلوقتي؛ دي حاجة كان نفسي اعملها فيكي وأنتِ في المستشفى بس ساعتها صعبتي عليا اعمل كده فيكي وأنتِ داخلة العمليات، كان المفروض تاخدي عظة بس واضح أنها مأثرتش فيكي…
أنهت حديثها وأقتربت منها خطوة وهي تقول:
-اسمعيني بقا كده علشان واضح أنك لسه معرفتنيش كويس، لو فكرك جايبك أن لما تعملي كده كمال هيطلقني، أو بلاش كمال يطلقني، أفنان داغر هيسيبها وتقعد في البيت تغني ظلموه تبقى غلطانة وتبقى أغبى حاجة فكرتي فيها، علشان تخربي حياة غيرك زي ما خربتي حياتك بإيدك..
ابتلعت فردوس ريقها وأسترسلت حديثها بنبرة صارخة تحت عدم استيعاب إيمان التي تضع يدها على أحدى وجنتيها:
-في حاجة نستيها يا إيمان، اخويا غلط بس أنا مش هسمح أن سيرته تتفضح قدام الناس، ولا هسمح أن حد يجيب سيرة أفنان، ولو نسيتي كلامك عن حسن أفكرك أنا..
صمتت لثواني ثم أسترسلت حديثها بنبرة واضحة ومهددة:
-ميزته انه بيحتفظ بكل حاجة؛ دي طبقها عليكي أنتِ كمان كل صورك وخروجاتكم مع بعض وصوركم والشات اللي ما بينكم موجود اللي أكيد اهلك ميعرفوش عنهم حاجة لأكتر من سبع سنين معاه، ولما بقول أهلك أنا بقصد ابوكي واخوكي مش أمك، وهتوقفي سوقك ومفيش حد هيفكر يبص في خلقتك بجد فأنا مش هسيبك لو عملتي كده، اتقي شري أحسن ليكي..
ختمت حديثها بصوت بارد وفاتر:
-واتعالجي علشان أنتِ هتكون اخرتك مصيبة لنفسك مش غيرك…
ثم وضعت نظارتها الشمسية وهي تغادر تحت صدمة ايمان الكلية من حديث فردوس الواضح وتهديدها كيف نست هذا الأمر…….
توقفت فردوس ثم أستدارت وقالت بنبرة متهكمة قبل أن تغادر تمامًا:
-ولا أقولك متخافيش مني، خافي من شريف بس، اللي قتل مرة علشان اخته، ممكن يعملها مرة واتنين وتلاتة وعشرة..
____________
..بعد عدة أيام تقريبًا..
في الإسكندرية.
كان منير يضع الهانف على أذنيه يتحدث مع ابن صديقه الذي قام بإجراء التحليل في معمله ليخبره النتيجة..
-التحليل طلع النهاردة وأول ما شوفت النتيجة اتصلت بيك..
أبتلع منير ريقه بصعوبة وتعرق رغم برودة الطقس الشديدة:
-وأيه النتيجة..
قال الشاب بنبرة جادة:
-هي بنتك فعلًا.
شحب وجه منير وشعر بالتوتر الرهيب وهو يسأله:
-مش يمكن النتيجة غلط؟!.
جاءه صوت الشاب موضحًا:
-التحليل ده دقيق جدًا وزي ما حضرتك عوزت أنا بعته لمعملين تانين علشان ميحصلش أي لعب في النتيجة هنا لأنهم عارفين المكان، والنتيجة واحدة في الاتنين..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ديجور الهوى)