روايات

رواية انت ادماني الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني البارت الحادي والثلاثون

رواية انت ادماني الجزء الحادي والثلاثون

انت ادماني
انت ادماني

رواية انت ادماني الحلقة الحادية والثلاثون

وقفت أمامه مطأطأة رأسها محدقة بالأرض ، كانت دموعها تسقط بهدوء و هي تسمع توبيخه و صوته العالي الذي يجعلها ترتجف من الداخل ..
– بسلامتك أول من عزم عليكي بالدخول كنت هتدخلي عادي ..
رفعت رأسها لكي تفسر له و لكنه وضع كفه على فمها مانعها من التحدث و هو يصرخ بها بقوة حتى برزت عروقه عنقه :
– أخـــرســـي !!!!!!!!
لم تستطيع منع شهقاتها و كفه يضغط بقوة على ثغرها ، باتت شهقاتها واضحة و هي تدفن وجهها بكفيها بقوة ، رغم تألم قلبه من صوت بكائها إلا أنه أبى أظهار ذلك على وجهه ، بقت عيناه جامدتان كـ جمود أجواء أمريكا القطبية ، تمنى لو بأستطاعته دفنها بأعماقه داخل قفصه الصدري ، هو يغار بشدة و يعترف ، يكاد يكن أن ذلك القذر بشكلٍ أو بأخر كان سيؤذيها و هو يتنفس على ذلك الكوكب ، كيف سمحت لحالها بالتفكير بالولوج له !!!! قدحت مقلتيه نيراناً عندما جاءت تلك الفكرة برأسه ، ضرب الحائط وراءها بكفيه عدة مرات بقوة و “حلا” تشهق غير قادرة على رفع وجهها خوفاً منه و جسدها بدأ بالأنتفاض بقوة ، كان كفه ينزف بشده و لكنه لم يأبى ليخرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه بقسوة ، أرتمت “حلا” على الأرض و هي لازالت تبكي .. هي أخطأت تعلم خاصةً عندما أخبرها “زين” بخطورة ذلك الشخص لينتهي بها المطاف نادمة عما حدث ..
• • • •
كان ينظر لتعابير وجهها الحانقة ، و كأنها تحمل هموم الدنى على كاهليها ، حاوط كتفيها قائلاً :
– متبستطوش ؟!
نفت بوجهها بقوة لتسند رأسها على صدره لقُصر قامتها ، تشبثت بقميصن الأسود ، و نوعاً ما تسلل الأطمئان لقلبها عندما أشتمت رائحة عطرة القوية كمن يضعها ، أغمضت عيناها بإسترخاء عندما تغلغلت أنامله لتنزع حجابها ، أنسابت خصلاتها على ظهرها لتتغلغل أنامله و هو يحركها بفروة رأسها قائلاً بصوتٍ أجش :
– أيه اللي حصل ؟!
لن تقول ، إذا علِم لن يترك “زين” إلى جثة هامدة ، رفعت رأسها لتقول بنبرة واهنة :
– رعد عايزاك تكلم حلا لو سمحت و متزعلش منها ..
أعاد رأسها لصدره مجدداً و لم يتحدث ، صمتت هي أيضاً دقيقتين و لكنها عادت لتقول :
– رعد لو سمحت ..
– ملكيش دعوة أنتِ بالموضوع دة ، متدخليش ..
أحتقن وجهها من كلماته التي أتعبرتها إهانه لها ، أنتزعت نفسها من أحضانه لتنظر له قائلة بوجوم :
– يعني أيه متدخلش ؟!! لما ألاقيك بتعمل حاجة غلط لازم أقولك ..
لم تتغير أنظاره ، ظل هادئاً و هو يحاوط وجهها بائلة بنبرة رغماً عنها دبت الرعب في روحها :
– أنا مش صغير و عارف بعمل أيه ياتوليب ، حاسبي على كلامك !!
فُتِرت نظراتها لتزيح كفه قائلة بنبرة شبه راجية :
– رعد لو سمحت هي مالهاش غيرك ..
حدجها بنظراتٍ ساخرة و هو يقول :
– و فين جوزها اللي سابت الدنيا كلها و أتجوزته و هي لسة حتى مكملتش العشرين سنة !!
– أديك قولت مكملتش عشرين سنة يعني مش عارفة هي بتعمل أيه ، هي ندمانة يا رعد و الله عشان خاطري بقا أتصل أطمن عليها ..
• • • •
جلس على الكرسي ، و هو يُنفث عبق سيجارته ، عيناه حمراوتان بقوة ، لازال يسنع شهقاتها التي لم تتوقف ، قست نظراته لينهض رامياً لُفافة التبغ و هيئته تثير الخوف ، دفع الباب بقدمه بقوة ليجدها جالسة على الفراش ، لم تكُن تبكي و لكن تصدر منها رغماً عنها شهقات أثر البكاء ، و مع كل شهقة كان ينتفض جسدها ، رفعت أنظاره لتحدق به و بهيئته المزرية ، رأته يقترب و هو يفُك أزرار قميصه الأسود ، جحظت بقوة عندما نزع قميصه عنه ، لوهلة تجسد أمامها أبيه ، هو أيضاً كان ينزع قميصه بتلك الطريقة محدجاً بها بشهوة عارمة خلاف “زين” الذي كان يحدق بها بجمود أرعبها ، تذبذبت نبراتها و هي تردف :
– زين لاء !!
أكمل سيره نحوها لتنهض هي من على الفراش ، حاولت الفرار منه لولا ذراعيه القويتان التي قبضت على خصرها ليلقى بها على الفراش بنفس الجمود ، أعتلاها مثبتاً ذراعيها أعلى رأسه ليُقرب وجهه من وجهها قائلاً بجمودٍ :
– عارفة كان هيعمل أيه !!!
أنفجرت بالبكاء لتتلوى بين يداه و هي تترجاه :
– زين أبوس إيدك ..
قبض على ذراعيها بكفٍ واحد و الأخر سقط على جسدها و هو يتلمس مفاتنها قائلاً بقسوة :
– عارفة كان هيعمل فيكي أيه ؟! أوسخ من اللي بعمله دلوقتي .. ع الأقل أن في الأول في الأخر جوزك !!
كانت يداه تحرق جسدها بلا مبالغة ، توقفت عن البكاء و هي تتخيل إن كان ما يُفعل بها الأن على يد شخصٍ أخر غير “زين” ..!!!
أرتعد وجهها لتنظر لعيناه المغمضتان و هي تصرخ به :
– زيــن خلاص !!!
فتح عيناه الحمراوتين محدقاً بها بقسوة ، لم تتوقف يداه عن أستباحة جسدها بل إزدادت شراسة ، و معه أزدادت “حلا” بكائاً و هي تصرخ به أن يكف عما يفعل ، توقف بالفعل ليبتعد عنها و هو يرتدي قميصه مجدداً رامياً بها بكلماتٍ قاسية على روحها :
– دة كان درس ليكي ، عشان تعرفي كان ممكن يعمل أيه بس مكنش هيكتفي بـ كدة يا حلا هانم ، كان هيدمرك !!!
هم بالخروج و لكن لاحظ إرتعاد جسدها القوي ، تحول لون وجهها إلى الزرقة القاتمة و كأن أحدٍ ممسكاً بعنقها ، تذكر عندما ناوبتها تلك الحالة بأول زواجهم ، مضى نحوها و هو يرى حالتها المزرية و زُرقة شفتيها ، مسح على.خصلاتها قائلاً بخفوتٍ قلق :
– خلاص أهدي ، محصلش حاجة محدش هييجي جنبك و أنا موجود ..
فتحت فمها محاولة أستنشاق الهواء و هي تشهق كأنها تغرق ، وضع “زين” ذراعيها تحت ظهرها لينهضها حتى تستطيع التنفس و قد تبدل وجهه للقلق الحقيقي و هو يضرب على ظهرها قائلاً :
– حلا خلاص .. فوقي ..
نظرت له و كأنها تستنجد به ، سُرعان ما نهض ليركض نحو المطبخ جالباً كوب من الماء ، عاد مجدداً للغرفة ليجد حالتها تزداد سوءاً ، وضع الكوب على ثغرها لترتشف هي منه ، لم يساعدها كوب الماء ليحاوط “زين” وجهها و هو يفتح فمها زافراً به كـ تنفس أصطناعي رأى هدوء صدرها الذي كان يتهدج ، عاد وجهها للونه الطبيعي ليمح على خصلاتها سانداً ذقنه على رأسها و قد بدأ يشعر بالندم حيال ما فعله ، يعلم أنه ألمها و لكن كان يجب أن تعلم كان من الممكن أن يفعله ذلك القذر ، ثقل رأسها على صدره ليُعدلها على الفراش ، دثرها جيداً ثم أغلق الانوار و قد أتخذ قراره ..
• • • •
رأى هاتفها مُضيء بإسم “رعد” ألتقطه بجمود ليضغط على زر الإجابة واضعاً إياه على أذنه و هو يقول :
– خيـر !
جاءه صوت ذلك ال “رعد” الذي رد ببرود لا يقل عن بروده :
– فين صاحبة الموبايل !!
– نايمة .
– لما تصحى خليها تكلمني ..
• • • •
كانت “لينا” تسير بسيارتها متأففة من إزدحام الجو علاوةٍ على ذلك هاتفها الذي قطع شحن ، ظلت تضغط على بوق السيارة للسيارة التي أمامها و التي كانت السبب الرئيسي في إزدحام الطريق ، لم تتحرك السيارة و كأن ما بداخلها فارق الحياة ، شاهدت رجلٌ قوي البنية ذاهباً نحو السيارة لتقول بشماته :
– أحسن خليه يهريه ضرب المتخلف دة !!!
و لكن دُهشت ملامحها عندما صرخ الرجل :
– ألحقوا با جدعان الراجل بيودّع !!
جحظت “لينا” لتُركن سيارتها لتترجل و هي تركض نحو السيارة السوداء ، وقفت أمامها لتجد شخصٍ بالفعل جالس على مقعد السائق وراء المقود يتصبب عرقاً و شفتيه تهمس بأشياء لم تسمعها ، أسنتجت بديهياً أنه مصاب بحمى و من الظاهر أنها شديدة ، صرخت بالرجل الذي يقف بجانبها :
– دة عنده حُمى جامدة جداً و ممكن يموت لا قدر الله لازم نوديه المستشفى ..
تجهمت ملامح الرجل و ظهر عليه التردد ليقول :
– يا بنتي هو أنا فاضي .. أحنا ورانا أشغال الدنيا .. انا اللي عليا هعمله ..
ثم ألتفت نحو السيارة ليفتح باب السائق ثم يُزيح الشاب ليستقل هو مكانه ، أشغل السيارة ليركنها أمام سيارتها حتى يُفسح الطريق ، ثم خرج مستقلاً سيارته ليذهب إلى طريقه ، وقفت “لينا” مصدومة ، هذا فقط ؟!!! هل ستفعل مثله وتذهب تاركة ذلك للشخص يصارع الموت وحده ، نفت بقوة لتذهب نحو سيارتها ، أخذت المفاتيح و هاتفها و حقيبتها لتغلق السيارة بالزر الإلكتروني ثم ذهبت نحو سيارته ، و بدون تردد دلفت لسيارته لتأخذ محله أمام المقود ، نظرت له ، كان مغمضاً العينان و خصلاته مشعثة ، دست مفتاح السيارة لتهرول بها بسرعةٍ فائقة إلى أقرب مشفى ..
عندما وصلت للمشفى ترجلت من السيارة سريعاً لتنادي على الأطباء صارخة :
– تعالوا بسرعة حالة طارئة ..
جاء طاقم من الأطباء و الممرضات ليحملوا “قُصي” من السيارة ثم وضعوه على التروللي ، دلفوا به لغرفةٍ فارغة مع طبيب متخصص ، دلفت معهم “لينا” لتراه يُقيس حرارته ، كانت الحرارة 41° مما جعل الطبيب يتصرف سريعاً تحت أنظار “لينا” القلقة ..
بعد ساعة و “لينا” الواثبة خارج الغرفة ، لا تعلم أتذهب لتدفع الحساب ثم تتركه ، أم تنتظر لتطمئن عليه و تهاتف أقاربه ، أستحسنت الخيار الثاني فـ هي إذا غادرت الأن لن تنام الليل و لن يُغمض لها جفن و بالتأكيد سيؤنبها ضميرها ، رأت خروج الطبيب ذو الشعر الأبيض و الوجه الشبه متجعد من آثار الزمن ليُعطيها مقتنيات “قُصي” و هو يقول :
– أتفضلي يا هانم حاجات زوج حضرتك ، و بالمناسبة تقدري تدخليله هو بقى كويس و حرارته نزلت كتير عن الأول .. بعد إذنك ..
أرتفع الأدرينالين بوجهها الذي تلون بحُمرة خجلة ، زوجته ماذا ؟ ما اللعنة التي رماها بوجهها الأن ؟!! زمت شفتيها لتخرج هاتفه ، زفرت بحنق عندما وجدته مغلق بكلمة مرور ، إذاً هي مضطرة للولوج له ، خطت ببطئ نحو الغرفة لتطالعه من الزجاج الشفاف ، كان نصف جالساً على طرف الفراش واضعاً كفه على ذهنه ، تأهبت لتطرق الباب ثم دلفت و تركت الباب مفتوحاً ، رفع “قُصي” أنظاره بعيناه العسليتان ، قطب حاجبيه قليلاً من تلك الفتاة لينهض و هو يقول :
– أنتِ اللي جيبتيني هنا ؟!
أومأت برأسها مخفضة أنظارها لتمد يداها بأغراضه و هي تقول ولازالت محافظة على النظر بالأرض :
– أتفضل حاجاتك أنا لازم أمشي ..
أخذ منها أشياءه ليطالع “لينا” بغرابة ولكنه قال :
– متشكر .. هو أنتِ هتفضلي باصة في الأرض ؟!!
تنحنحت بحرج لتفر ذاهبة أمامه ، نادى عليها و لكنها كانت بلمح البصر تختفي كأختفاء كل شئ جميل بحياته ..
أمسك بهاتفه ليرى مكالمات عديدة من والدته ، أجل محادثتها ليحادث “توليب” ، هو حقاً أشتاق لها و لصوتها ، وضع الهاتف على أذنه منتظراً ردها ..
– قُصي ..
هتفت بسعادة و نبرتها بها بحة شوق .. أبتسم تلقائياً ليقول بحنو :
– عاملة أيه يا حبيبتي ؟!
– أنا تمام الحمدلله .. أنت عامل أيه يا قُصي و ماما عاملة أيه وحشتني أوي ..
“قُصي” بتوبيخ :
– يعني وحشتك متفكريش تسألي عليا لا انا و لا حتى أمك اللي هتموت عليكي دي ؟!
– و الله ف أقرب وقت هجيلكوا ..
كان صوتها حزين ..
قلِق “قُصي” ليردف :
– عاملة أيه أنتِ و رعد ؟
– تمام الحمدلله ..
• • • •
نظرت بحزن للفراغ و هي توعده بالمجئ قريباً ، أشتاقت لأحضان والدتها و لحنو أخيها ، أغلقت معه على موعدٍ قريب .
– توليب ..
ألتفتت إلى “رعد” الذي يقف داساً كفيه بجيبه ، مضت نحوه ببطئ لتحتضنه محاوطة ظهره واضعة رأسها على موضع دقات قلبه بالضبط ، أغمضت عيناها و دقاته تجعلها متطمئنه بشكلٍ أو بأخر ، بينما هو تفاجئ من أحتضانها المفاجئ له و لكنه شعر بالسعادة تغمره أنها تعبر عن حبها له بطريقته ، حاوط كتفيها بذراعه المفتول والاخر حاوط خصرها ، تمنى لو بإستطاعته دفنها داخل اعماق اعماق قلبه و و لا يخرجها أبداً ، أسند ذقنه على راسها و هو يقول :
– كنتِ بتكلمي مين ..؟!
– قُصي ..
أنقبض فكه لتتوقد عيناه ولكنه أخفى غضبه و هو يقول بنبرة لم يظهر فيها ذرة من الغيرة :
– خـيـر ؟!
أبعدت رأسها عن صدره – و هي لازالت تحاوط جزعه – لتستطرد ؛
– رعد ممكن طلب ؟!
غرس أظافره براحة يده و هو يعلم ما ستقوله و لكنه ألتزم الهدوء ليهمهم :
– همم ؟
نظفت حلقها لتنظر له بتوجس قائلة :
-عايزة أشوف ماما و قُصي لو سمحت ..
حالما انتهت من جملته حتى قبض على خصرها بـ حركةٍ تلقائية ، تأوهت “توليب” بألم ليرتكها سريعاً ، أشار بيداه بأسفٍ :
– أسف مكنتش أقصد ..
أومأت “توليب” رُغم خصره الذي مازال يؤلمها إلا أنها قالت بنبرة راجية :
– رعد لو سمحت أنا بقالي كتير مشوفتش ماما ..
أغمض عيناه ليشيح بوجهه عنها ، رغم عدم تقبله الفكرة إلا أنه أردف بنبرةٍ فاترة :
– أمتى ؟!
أتسعت أبتسامتها لتقول :
– بكرة لو ينفع ..
أومأ بصمتٍ ليستلقى على الفراش واضعاً إحدى ذراعيه على عيناه المغمضتان والأخر على معدته ، زمت “توليب” شفتيها لتقترب منه ، أستلقت هي الأخرى لتفرد ذراعه على الوسادة ثم وضعت رأسها على صدره و هي تعقب :
– أنت زعلان ..
لا إجابة
رفعت أنظارها لتقول ببراءة :
– طب أبقى تعالَ معايا ..
أيضاً لا إجابة ..
قطبت حاجبيها بوجوم لتعتدل شبه جالسة ، زرعت قبلة على شفتيه جعلته يبتسم نصف أبتسامة ، أزاحت ذراعه من على عيناه ليحدق بها بعمقٍ ، سندت ذراعيها على صدره لتقول :
– رعد لو سمحت تعالى معايا عايزة أجرب أكل مامتي انا هكلمها تجهزلنا غدا هتفرح أوي والله ..
ظل ينظر لها بلا حديث و كأنه فقد النطق ، لم يستطيع إزاحة أنظاره من على مقلتيها السمراوتين ، أصبح يعشق أدق تفاصيلها ، هو متيَّم بتلك الشامة أعلى شفتيها ، قرَّب ثغره من الشمة ليضع قبلة بشفتيه عليها ، أبتسمت “توليب” لتفرد الغطاء على كليهما حتى لا يبرد بنصفه العالي هذا ، حاوطت جزعه بعضلات معدته السداسية لتضع رأسها على صدره ، و بدوره مسح على خصلاتها ، أغمضا عيناهما ليذهبا بنومٍ عميق ..
• • • •
عاتب نفسه بشدة عما فعله بها ، لم يقصد أن يؤلمها بتلك الطريقة ولكنه فقط أراد إيصال لها مدى حقارة هذا الرجل ولتكف عن سذاجتها قليلاً ، نظر بجانبه ليجدها مقطبة حاجبيها و كأنها تعاني كابوساً ، أعتدل في جلسته متأهباً لإخراجها من ذلك الكابوس ، ضرب على وجنتيها برفق و هو يقول :
– حلا .. متخافيش يا حبيبتي دة كابوس ..
يبدو أنها لم تسمعه ، أزداد تهدج صدرها ليهرع محاوطاً وجهها و هو يصرخ بها حتى تفيق :
– حــلا ..
فتحت عيناها بقوة لتشهق جالسة ، وضعت يداها على قلبها و هي تشهق ، حاوط “زين” كتفيها ليدير وجهها إليه ، نظرت له “حلا” بضياع لتشهق ببكاءٍ حاد ، أغمض “زين” عيناه ليُسند رأسها على كتفه ، مسح على خصلاتها و هو يهمس بأذنها بندمٍ :
– أنا أسف يا حلا ، بس صدقيني أنا كان ممكن يحصلي حاجة لو ابن ال**** دة كان عملك حاجة ، أنتِ متعرفيش أنا حسيت بإيه لما كنت داخلة عنده ، كأن حد ضربني بسكينة ، أنا عارف أني غلطت فـ اللي عملته معاكي بس أنا بحبك ، أقسم بالله بحبك ..
أنتفضت “حلا” من أحضانه لتبتعد و هي تقول بصدمة :
– أنت قولت أيه ؟!!!!
شدد على محاوطة وجهها و عيناه تشع صدقاً :
– قولت أني بحبك جداً ..
ضربته في صدره بقوة لتبتعد عنه ، نهضت لتنفجر به :
– أنت كـداب !!! كفاية حرام عليك ليه بتعمل فيا كدة ؟!! لو سمحت متشفقش عليا يا أستاذ زين اللي عمله أبوك فيا أنتهى مع أني لسة منستهوش بس مسمحش لحد يأذيني في مشاعري و يضحك عليا فاهم مش عايزة شفقة من حد ..
ثم سارت نحو الخزانة لتخرج حقيبتها ، دفعت بملابسها بداخلها بعنف ، بينما هو تجمد مكانه ، لم يستطيع النطق بحرفٍ ، أهي ترى أنه يشفق عليها و أن ذلك الأعتراف فقط لأنه نادم ؟! ، أسند مرفقيه على ركبته و هو ينظر الفراغ ، ماتت الحياة بمقلتيه و هو يسمع شهقاتها الخالية من البكاء ..
أنزلت “حلا” الحقيبة لتمسك بها ، توجهت صوب باب الغرفة و لكنها ألتفتت له ، و بدون أدنى رأفةٍ بحاله زمجرت بها بأسنانٍ مطبقة :
– مش عايزة أشوفك تاني !!!!
لم ينظر لها ، ظل محدقاً بالفراغ ، حتى سمِع باب الشقة يُصفع بعنف ، تحجرت مقلتيه و بردت أطرافه من مجرد التخيل أنه لن يراها مجدداً ..
• • • •
كان الوقت يتعدى منتصف الليل ، و هي حتى لم تبدل ملابسها بل خرجت بمنامتها الشتوية ، شاهدها البواب ليردف بفزع :
– ست هانم أيه اللي منزلك في أنصاص الليالي كدة ؟!!
ألتفتت لوجهه البشوش قائلة بإنكسارٍ :
– همشي يا عم أحمد ..
قطب الرجل حاجبيه لينظر لهيتئتها قائلاً بتساؤل :
– تمشي فين بس يا بنتي في أنصاص الليالي ..
لم تكمل حديثها معه لتمشي من أمامه ، لحُسن حظها كان قصر “رعد” لا يبتعد عن هنا ..
• • • •
سمِعت “توليب” صوت جرس باب القصر ، قطبت حاجبيها بغرابة لتنهض جالسة ، وكزت “رعد” بكتفه برفق و هي تنادي عليه ، أستجاب “رعد” لندائها ليقول بنعاس :
– في أيه يا توليب ..
– يا رعد قوم الباب بيخبط ..
نهض بتأفف لتنهض معه “توليب” ، ركض “رعد” على الدرج وراءه “توليب” ، أدار المقبض لتشهق “توليب” واضعة يدها على فمها ، كان رؤية “حلا” بتلك الحالة بمثابة صدمة لهما ، جذبها “رعد” لأحضانه و هو يربت على ظهرها ، سُرعان ما انفجرت “حلا” ببكاءٍ مصحوب بشهقةٍ عالية ، لم يعتاد “رعد” على رؤيتها تبكي ، دائماً ما كانت صاحبة أعبث ضحكة ، و لكنه صُدم من مظهرها و كأنها أنطفئت ، حاوطته “حلا” بقوة و هي تبكي بحرقة ، ربتت “توليب” على ظهرها بشفقة ، أبعدها “رعد” عن أحضانه و هو يقول بصرامة :
– عملك أيـه الحيوان دة ؟ أقسم بالله أقتله .
لم يبدو أنها تريد التحدث فقد بدت واهنة ، أخذتها “توليب” محاوطة إياها من كفيها و هي تقول لـ “رعد” :
– أهدى يا رعد متضغطش عليها مش شايف عاملة أزاي !!
ربتت على كتف الأخيرة و هي تقول لها بحنو :
– تعالي يا حبيبتي أوديكي أوضتك ..
سارت بها “توليب” ليصعدا السلم بينما هو تكاد رأسه أن تنفجر ، أخرج لُفافة تبغ من بنطاله مع قداحته ليشعلها مضيقاً عيناه ..
• • • •
دثرتها جيداً لتجلس بجانبها و هي تقول بعطف :
– نامي دلوقتي يا حبيبتي و بكرة نتكلم ..
نظرت لها “حلا” بعينان حزينتين لتتمسك بكفها و هي تقول برجاءٍ باكي :
– توليب متسبنيش نامي هنا لو سمحت أنا مش عارف أنام من الكوابيس ..
ربتت على كفها بحزن لتستلقى بجانبها ، أخذتها في أحضانها لتمسح على خصلاتها الناعمة ..
ظلوا هكذا حتى هدأت “حلا”و نامت ، فتح “رعد” الباب لتشير له “توليب”التي وضعت أصبعها على فمها حتى يصمت ، خرج “رعد” بهدوء كما دلف لتغفو “توليب” ..

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية انت ادماني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *