روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثاني والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثاني والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثانية والخمسون

لَقد هَمَّ قيسٌ أنْ يَزجَّ بِنفْسِهِ
ويَرْمِى بها مِنْ ذُرْوَة الجَبَلِ الصَّعْبِ
فلا غرو أن الحب للمرء قا.تل
يقلِّبُهُ ما شاءَ جَنْبَاً إلى جَنْبِ
أنَاخَ هَوَى لَيْلَى بِهِ فَأذابَهُ
ومن ذا يطيق الصبر عن محمل الحب
فيسيقه كأس المو.ت قبل أوانه
ويُورِدُهُ قَبْلَ المَما.تِ إلى التُّرْبِ
_امرؤ القيس
__________________________
<“ما أشبه الليل بالبارحة، حيث تكرر الما.ضي مِن جديد”>
في بعض الأحيان يأتي البلا.ء ولا تدرك لِمَ أنتَ خصيصًا، هل كُنْتَ الشـ ـرير في رواية أحدهم ! هل كُنْتَ الر.جل الظا.لم والفا.سد وقد إبتلا.ك الله بسـ ـبب كثر.ة دعوات أهل المدينة في جو.ف الليل وضو.ء النهار ! إن كان هذا هو منظورك عن الإبتلا.ء الذي يبتـ ـليك بهِ رب العالمين فأنتَ مخـ ـطئ يا عزيزي، الإبتلا.ءات تأتي لنا حتى يرى الله عز وجل إلى أي مد.ى سيصمـ ـت العبـ ـد ويتحمـ ـل، فدومًا نسمع عن تلك المقولة التي تتر.دد في أذاننا دومًا “كثرة الإبتلا.ءات للعـ ـبد د.ليلًا على حُبّ الله لهُ”، ولذلك لا بأ.س أن تُبـ ـتلى مرةٍ أخرى وتنجح في ذاك الإختبار الذي وضعك بهِ رب العالمين.
أما الآن فهو يقف أمام كا.رثةٌ كبيـ ـرة فـ ـجة لا يعلم كيف سيقوم بحـ ـلّها وكيف سيعلم سـ ـببها.
_قولي لقيت حاجة؟ طـ ـمن قـ ـلبي يا “غـريب” أنا قـ ـلقت كدا وهتخليني أجيلك دلوقتي.
_لا أنتَ فعلًا لاز.م تيجي، “ليل” أنا لقيت عمـ ـل مد.فون قدام قبـ ـر السـ ـت والدتك.
آلمه قلبه كثيرًا وزاره الخو.ف الملا.زم إليه في الآونة الأ.خيرة، الآن تذكر وعَلِمَ لِمَ تزو.ره “صفية” في أحلا.مه في الآونة الأ.خيرة وهي تخبره أن يـ ـنتبه إلى أحفاده، شعر بالحـ ـيرةِ مِن أمره ولَكِنّ حينما ذكرت حفيده الأكـ ـبر ساوره الخو.ف الشـ ـديد عليه، فهذا الحفيد هو أولى فرحتهم وأقرب الأقربين لهُ وهو يراه ولده الصغير وليس بحفيدٍ وهو الجد إليه.
_أنا هاجي يا “غـريب”، ساعة بالكتير وهكون عندك أهم حاجة متعملش أي حاجة لحد ما أوصلك، مع السلامة.
أنهـ ـى المكالمة معه وشرد فيما سيحدث ولِمَ قبـ ـر والدته خصيصًا والأهم مِن هذا كله هو مَن هذا الشخص وكيف يعلم قبـ ـر “صفية”؟ في هذه اللحظة ولجت إليه “روز” وهي تحمل صينية متوسطة الحجـ ـم يعتـ ـليها عِدة صحون زجا.جية ملـ ـيئة بالأطعمة السا.خنة لتراه مازال كما هو لَم يتحرك البتة.
تعجبت مِن وقوفه شاردًا ولذلك أغـ ـلقت الباب خـ ـلفها وأقتربت مِنهُ حتى وقفت أمامه وقالت بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_”ليل”، أنتَ ليه واقف كدا ومغيرتش هدومك وخدت شاور ليه زي ما قولتلي؟ أنا فكرتك خلصت وتعمـ ـدت أأ.خر نفسي شوية عشان لو طولت ولا حاجة، “ليل” أنتَ كويس يا حبيبي؟
أنهـ ـت حديثها وهي تسأله بنبرةٍ مضطـ ـربة بعض الشيء وهي تراه يُمسك بهاتفه وقد بات عليه الخو.ف والقـ ـلق، وضعت هي الصينية على سطـ ـح الطاولة وأقتربت مِنهُ لتقف بالقرب مِنهُ وتضع كفها الدا.فئ على ذراعه قائلة:
_في إيه يا “ليل”، أنتَ كويس بجد حصل حاجة فـ الشغل؟
خر.ج هو مِن شروده ولذلك نظر إليها بنظراتٍ زا.ئغة لبرهةٍ مِن الوقت وقبل أن يتهو.ر ويخبرها بكل شيءٍ أدر.ك ما يحدث حوله سر.يعًا ولذلك قال:
_هو… هو يعني جالي ڤويس وقالولي في مشكـ ـلة كبيرة فـ الشركة لازم أروح ألحـ ـقها قبل إجتماع بكرا، لازم أروح أشوف في إيه لأن “ليل” زمانه روَّح فـ هروح أنا.
عقدت “روز” ما بين حاجبيها ونظرت إليه نظرةٍ ذات معنى ثم نظرت إلى ساعة الحا.ئط التي كانت تشير إلى الـ ١٢:٥٠ صباحًا لتعود وتنظر إليه نظرةٍ ذات معنى وقالت:
_”ليل”، الساعة داخلة على ١ بليل، أنتَ نا.سي إن آخر ميعاد للشركة بيكون ١١، لو بتحاول تخبـ ـي عليا حاجة ياريت تقولهالي، أنا مخد.تش عليك وأنتَ بتكد.ب عليا وأنتَ على طول بتصار.حني، بتخبـ ـي عليا ليه المرة دي يا “ليل”؟.
زفـ ـر هو بعـ ـمقٍ ومسـ ـح على خصلاته بكفه الحُـ ـر وهو يعلم تمام العلم أنه لا يستطيع الكذ.ب عليها مهما حد.ث فهي أكثرهم معرفةً بهِ وعلى در.اية بما يحد.ث معه، ولذلك كما نقول دومًا _الإعتر.اف سيد الأ.دلة_ ولذلك إتخـ ـذ الإعتر.اف منهـ ـجًا إليه وأخذ يتحدث ويخبرها عن تفا.صيل مكالمة “غـريب” إليه لتتفا.جئ هي ويقشـ ـعر جـ ـسدها بسـ ـبب ما تسمعه.
وضعت كفها على فمـ ـها في حركةٍ تلقائية ومعتادة وهي تنظر إليه بصد.مةٍ كبيـ ـرة لينظر هو لها بنظراتٍ حا.ئرة وقال بنبرةٍ مر.هقة:
_أنا معرفش لسه مين دا وهيستفاد إيه وعرف قبـ ـر أُمّي منين وليه، هروح أشوفه وأشوف إيه اللي حصل، أنا حا.سس بيها تعبا.نة وعمالة تجـ ـيلي وتقولي خلّي بالك مِن “ليل”، أنا قـ ـلقت على الو.اد أوي ومش عارف أعمل إيه.
إبتـ ـلعت هي غصتها بتروٍ وعادت تضع كفها على ذراعه وقالت بنبرةٍ ملـ ـيئة بالقـ ـلق والخو.ف:
_لازم تروح يا “ليل”، روح وشوف في إيه يمكن تلـ ـحق الحاجة قبل حدو.ثها، بس أسمعني كويس وخلّي بالك مِن نفسك ومتفـ ـتحش الكيس دا مهما حصل ولا تحاول تعرف إيه اللي موجود جو.اه، هاته ونخلّي “عبد الرحمن” يشوف جو.اه إيه ولو هيعرف يتصر.ف يتصر.ف، هو أد.رى مِننا وهيعرف يتعامل، أو.عى أرجوك الحاجات دي مش لازم نتها‘ون بيها ونتعامل معاها، ياما ناس إتهو.رت وراحت ر.ميتها بالبحـ ـر ومو.جه عِلِـ ـي فجأ.ة و.خده، هاته ونبطـ ـله إحنا ونكون أنقـ ـذنا الشخص اللي معمول عشانه، أتفقنا.
نظر إليها بعد أن أستمع إلى حديثها بالكامل وهو على درا.يةٍ كبيـ ـرة بما تقوله ولذلك حرك رأسه بر.فقٍ لها وقال بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليها:
_عارف وفاهم كويس كل كلمة قولتيها، أنا مش هعمل بيه أي حاجة ولا هتهو.ر، ولو أمكن نصحي “عبد الرحمن” يخلَّـ ـص الموضوع ويبطـ ـله هعمل كدا، أهم حاجة عندي يا “روز” حفيدي، أنا حافظت عليهم سنين وسنين وإتطمنت عليهم لمَ جوزت كل واحد فيهم، أنا هروح دلوقتي وإن شاء الله خير سو.اء حد عامله بنية الأذ.ى لواحد فينا أو لغيرنا نكون أنقـ ـذناه، هحاول متأ.خرش عليكِ وأدي اللـ ـقمة والمعـ ـلقة أهو عشان متكونيش سـ ـخنتيه على الفا.ضي.
أنهـ ـى حديثه وهو يتناول القـ ـليل مِن الطعام أسفـ ـل ناظريها ليستقيم في وقفته مِن جديد يُلثم جبينها بعد أن إبتـ ـلع طعامه ثم تركها وخرج متجهًا إلى “غـريب” تا.ركًا زوجته خـ ـلفه تقف مكانها تنظر إلى أثره تدعو لهُ بقـ ـلبٍ مر.تجف مِن الخو.ف.
في المقا.بر التابعة لعائلة “سالم الدمنهوري”
كان حا.رس المقا.بر المدعو “غـريب” يجلس في غرفته ينتظر وصول “ليل” منذ ما يقارب الساعة والرُبع حتى بدأ ييأ.س مِن قدومه إليه، نهض بهدوء وتوجه إلى الخا.رج وهو ينظر في كل مكان حتى رأى “ليل” يقترب مِنهُ مِن بوابة الدخول بخطى سر.يعة وخـ ـفيفة، إطمـ ـئن حينما رآه ليقـ ـطع “ليل” المسافة الفا.صلة بينهما حينما وقف أمامه.
_رَوَ.شت اللي جا.بوني يا “غـريب” بمكالمتك دي، إيه في إيه ولقيت إيه عند قبـ ـر الحجة؟.
أخذ “غـريب” نفـ ـسًا عمـ ـيقًا ثم زفـ ـره بتروٍ وأشار إليه قائلًا بنبرةٍ هادئة يردّ على سؤاله:
_تعالى معايا يا باشا.
تحرك “غـريب” فور أن أنهـ ـى حديثه لينظر إليه “ليل” متعجبًا ثم لَحِـ ـقَ بهِ بخطى هادئة وهو يشعر بالقـ ـلق يتسـ ـلل إلى قـ ـلبه رويدًا رويدًا كلما أقترب مِن قبـ ـر والدته الذي يبعُـ ـد عن بوابة الدخول بدقائق قـ ـليلة معدودة، وأخيرًا توقف أمام قبـ ـر والدته ونظر إلى إسمها ليشعر بقشـ ـعريرة تسا.ور جـ ـسده وقد عاد بذاكرته إلى عِدة سنواتٍ مضت وتحديدًا يوم وفا.تها ود.فنها بيديه داخل هذا القبـ ـر.
زفـ ـر بعمـ ـقٍ وهو يمسـ ـح بكفه المر.تعش على وجهه يهـ ـدأ قليلًا مِن تلك الذكريات المر.يرة ليرى “غـريب” جلس القر.فصاء أمامه وبدأ يحفـ ـر أمامه، إبتـ ـلع غصته وشعر بإنقبا.ضة قـ ـلبه كلما تعمـ ـق “غريب” في الحفـ ـر ليراه أخيرًا يُخر.ج حقيبة بلاستيكية سو.دا.ء اللو.ن معقـ ـودة بإ.حكامٍ، ر.فع رأسه ونظر إلى “ليل” الذي إنتفض مكانه وإهـ ـتز قلـ ـبه بقو.ةٍ وهو يرى الحقيبة المد.فونة أمام قبـ ـرها نُصـ ـب عينيه.
نهض “غـريب” ووقف أمامه ينظر إليه دون أن يتحدث، فيما كان “ليل” مازال مصد.ومًا لا يصدق ما يراه أمامه، مَن تجـ ـرأ وقام بوضعه أمام قبـ ـرها؟ هذا السؤال طرحه على نفسه وهو يُمسك بالحقيبة ينظر إليها.
_بلاش تفتـ ـحه، أيًا كان اللي جو.اه لازم شيخ يتعامل ويبـ ـطله بلاش أنتَ.
إبتـ ـلع “ليل” غصته بتروٍ وهو يشعر بالكهر.باء تسر.ي في أنحاء جـ ـسده فـ مَن تجـ ـرأ وفعل ذلك ليس لديه قلـ ـبٌ ولا ر.حمة أن يفعل شيئًا كهذا ويقوم بد.فنه في مقا.بر المو.تى وخصيصًا قـ ـبر والدته، هذا ما جعل الشـ ـك يثا.ور قـ ـلبه ويبدأ في التفكير فهو المقصـ ـود بذلك الفعل.
أعطاه إلى “غـريب” حينما توقفا سويًا أمام غرفته ليقول هو بنبرةٍ جا.دة:
_حاول تشـ ـيله فـ أي مكان لحد بكرا الصبح، هجيلك قبل ما أطلـ ـع على الشغل وهيكون معايا “عبد الرحمن” عشان يتصر.ف فيه، أنا مش هتعامل مع الحاجات دي تاني أنا إتلـ ـسعت مِنها كتير أوي.
_خلاص هستناك بكرا بإذن الله متتأ.خرش عليا أهم حاجة.
وقد ر.حل “ليل” بعدما أتفـ ـق معه على كل شيء وعقـ ـله يطر.ح عليه العديد والعديد مِن الأسئلة التي بالطبع لا يمـ ـلُك إجابةً لها.
__________________________
<“قرارٌ حاسـ ـمٌ وانتهـ ـى النقا.ش”>
في صبيحة اليوم الموالي.
كان “حـسام” يجلس على فراشه بعد أن بدل ملابسه البيتية بأخرى خاصة بعمله وهو يُفكر في تلك التي سَلَـ ـبت لُـ ـبه منذ أن رأها أمامه تتجول في المول، حاول العديد مِن المرات تجـ ـنب صورتها التي تأتي إليه فجأ.ةً دون سا.بق إنذ.ار تشـ ـتت تفكيره وتبعثـ ـره، ولجت إليه والدته في هذه اللحظة وهي تُمسك بكوب الحليب خاصته وصحنًا مـ ـليء بالبسكويت لتراه على نفس الوضعية التي تراه بها كل يوم.
تقدمت مِنهُ بخطى هادئة ثم جلست بجواره على طر.ف الفراش ونظرت إليه قائلة بنبرةٍ هادئة:
_إيه يا “حـسام” مالك يا حبيبي؟ بقالك كام يوم سر.حان وبتفكر كل ما أدخل عليك ألاقيك تا.يه إيه اللي حصل.
زفـ ـر هو بعمـ ـقٍ ومسـ ـح بكفه على وجهه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_مفيش يا حبيبتي، ضغـ ـط شغـ ـل بس مش أكتر.
أنهـ ـى حديثه وهو يمُـ ـدّ كفه يأخذ صحن البسكويت وكوب الحليب ليبدأ بتناول فطوره الذي يكون في أنظار البعض فطور الأطفال الصغار قبل رحـ ـيلهم إلى مدرستهم، ولَكِنّ هذا فطوره المفضل منذ أن كان طفلًا صغيرًا لا يكترث لأحاديث مَن حوله فلطالما ما يفعله يُر.يح نفسه ويُر.ضيها فتـ ـبًا لأحاديث مَن حوله، ولَكِنّ تأتي الر.ياح بما لا تشـ ـتهي السـ ـفن لتقوم بتعـ ـكير صفو.ه حينما قالت:
_”حـسام” كُنْت عايزه أتكلم معاك بخصوص بنـ ـت خالتك “صافيناز”…
بتـ ـرت حديثها وهي تراه يزفـ ـر بضـ ـيقٍ ويشيـ ـح بوجهه إلى الجهة الآخر لتتو.تر هي أكثر بعد أن رأت الغضـ ـب يبدأ في الظهور على تقا.سيم وجهه، إبتـ ـلعت غصتها بتروٍ وقالت بنبرةٍ مضـ ـطربة:
_أسمعني بس يا حبيبي للآخر…
بتـ ـر هو حديثها حينما عاد برأسه ينظر لها قائلًا بنبرةٍ حا.دة:
_مش عايز أسمع حاجة، أنا قولتلك أقفـ ـلي على أم الموضوع دا أنا تـ ـعبت هو أنا هتجوزها غصـ ـب عنّي مش معقو.ل بجد لسه مفهمتش إنها غير مر.غوب فيها، أنا مش بحبّها يا أُمّي صدقيني مش هي دي اللي عايزها.
وضعت كفها على كتفه وقالت بنبرةٍ متو.ترة والإبتسامة الصغيرة تزين ثغرها قائلة:
_يا حبيبي طب إديها فرصة، خالتك وا.كلة د.ماغي ومش سيبا.ني وهتمـ ـوت وتجوزهالك.
_ومفكرتيش بتز.ن عليكِ ليه؟ عشان عايزاني بعد كدا أخر.جلها أخوها الشـ ـمام قتا.ل القتـ ـلة اللي عليه قضـ ـيتين بر.قبة، تحبّي أقولهوملك تاني؟ قضـ ـية تصدير وإستيراد مخـ ـدرات وقضـ ـية شـ ـروع فـ قتـ ـل جدي اللي هو فـ الأصل أبوه، ماما بلاش تسلميلها عقـ ـلك عشان أنا مش ناقـ ـص يا إما وعهد الله لتصحي ما تلاقيني ولا هتعرفيلي طريق عشان أنا قر.فت بجد وتـ ـعبت، وبعدين متز.عليش مِني بقى أختك وبنـ ـتها حرا.بيق وبسكُت على فكرة وأفضل أجامـ ـل إنما الوضع دا فو.ق طا.قتي أنا وأنا مش هتحمـ ـل.
ألتمعت مُقلتيها بعبراتها وهي تنظر إليه ليشيـ ـح بوجهه بعيـ ـدًا بعد أن لـ ـمحها ليزفـ ـر بضيـ ـقٍ وهو يشعر بالغضـ ـب مِن نفسه كونه السـ ـبب فيما هي عليه الآن، ولَكِنّهُ إنسانٌ أيضًا ويريد أن يشعر أنه حُـ ـر نفسه لا يُجبـ ـر على شيء خصيصًا كونه ر.جلٌ نا.ضجٌ يعلم فيما يهوى القلـ ـب وما يريده العـ ـقل.
تر.ك الكوب والصحن جانبًا حينما شعر بها تبكي ليعود وينظر إليها ليراها تبكي بالفعل، فقد كان أسلوبه حا.دٌ معها ويعلم أنها هشـ ـة كالر.يشة لا تستطيع الصمو.د أمام هفو.ات الريا.ح طو.يلًا وتسـ ـقط أرضًا، ضمها إلى أحضانه بكلا ذرا.عيه وهو يمسّد على خصلاتها التي إكتسبها الشـ ـيب وفعل المثل على ذراعها وظهرها قائلًا:
_متز.عليش حـ ـقك عليا مش قصدي أتعصـ ـب بالشكل دا نسـ ـيت إنك بتز.علي مِن الأسلوب دا، حـ ـقك عليا بالله عليكِ ما بقدر أشوف دموعك صدفة ما بالك وأنا سـ ـببها بقى.
أنهـ ـى حديثه وشـ ـدد مِن عناقه لها ولثم رأسها بقْبّلة حنونة ليز.داد بكائها أكثر دا.خل أحضانه، زفـ ـر مِن جديد وتركها قليلًا حتى تهـ ـدأ قليلًا ويتحدث هو مثلما يريد، وبالفعل بعد دقائق هـ ـدأت هي ولَكِنّ كانت تشـ ـهق بين الفينة والأخرى ليكون هو خير عو.نٍ لها في هذه اللحظة ويبدأ في تهـ ـدأتها والتحدث معها بر.فقٍ:
_حـ ـقك على ر.اسي يا تاج ر.اسي وكل حاجة حلوة فـ حياتي كلها، واللهِ ما قصدي أز.علك مِني بس عايزك تشوفي الحقـ ـيقة مرة واحدة بس وتفكري فيها صح، هي عايزة الجوازة دي مـ ـصلحة ليها هي، وبعدين أول ما عرفت حوار مرتبي اللي هيزيد دا عنيها ز.اغت والطـ ـمع عمـ ـى قـ ـلبها، هي مبتعملش كدا غير عشان مـ ـصلحتها صدقيني، وأنتِ عرفاني صر.يح على طول حتى لو اللي قدامي هيز.عل مِني، أنا مبحبّش بنـ ـتها ولا قا.بلها أنا قـ ـلبي مع واحدة تانية وعقـ ـلي مش سا.يبني وعلى طول شغلا.ني وبحاول أعا.ند نفسي وأشجعها عشان تاخد القر.ار، صدقيني يا حبيبتي دي الحـ ـقيقة.
لحظاتٍ بعد أن أنهـ ـى حديثه ر.فعت رأسها التي كانت تضعها على صدره وهي تنظر إليه بعينان باكيتين لينظر هو إليها كذلك ويقوم بإ.زالة عبراتها عن صفحة وجهها بحنوٍ لتقول هي بنبرةٍ باكية:
_معرفتنيش يعني ولا خا.يف أقولك لا وتطـ ـلعني الأم القا.سية اللي مبتحبّش الخير والرا.حة لأبنها؟.
أبتسم هو لها ولثم جبينها بحنوٍ مِن جديد ونظر لها قائلًا:
_لا يا رو.حي مين يقول كدا بس، دا أنتِ أكتر واحدة بتفرحيلي وتتمنيلي الخير دا اللي أنا فيه دا مِن فضل ربنا عليا ورضاكِ، أنا بس إتاخدت على خو.انة وبصراحة قلـ ـبي ميا.ل ليها وعايزها هي وا.كلة د.ماغي ومش عارف أشغـ ـل نفسي عن التفكير فيها، ببقى عايز أسـ ـيب اللي معايا كله وأفضل مر.اقبها ومركز معاها، أول مرة أحـ ـس إني بحبّ أو مشغو.ل بحد أوي كدا، إنصـ ـحيني بقى وقوليلي أعمل إيه عشان جـ ـننت أبويا بجد.
أنهـ ـى حديثه الذي كان ممازحًا لها لتبتسم هي في الحال وتنظر إليه نظرةٍ ذات معنى لتقول:
_كبرت يا “حُس حُس” وبقيت بتحبّ يا وا.د، إسمعني طيب عشان أنتوا حر.كاتكم بتكون مفقو.سة وفضا.حة أوي والبنا.ت برضوا مش سهلة ولما.حة، بما إنك وا.قع الو.قعة السو.دة دي يا حبيبي وحالك يصـ ـعب على “مشمش” فأنتَ لازم تشوفها هي مشد.ودالك ولا لا.
نقـ ـل بصره إلى “مشمش” ذاك القط الشيرازي الر.مادي ذو مُقلتي مختلفتين اللو.ن، فواحد باللو.ن الأز.رق والأخرى باللو.ن البُنـ ـي يجلس أسفـ ـل قد.مه يتابعهما بهدوءٍ كعادته ليعود وينظر والدته التي قالت:
_المهم لو شوفتها صد.فة تاني ألفـ ـت إنتبا.هها بأي حاجة عدي مِن قد.امها أعمل أي حاجة بس متحسسـ ـهاش إن دا عن عمـ ـد وإتجا.هلها خالص هي لو حا.سة بحاجة مِن ناحيتك هتلاقيها بتبُصلك كل شوية أو مرة ومرة لحد ما حد فيكم يسيب المكان ويمشي وأنتَ يا قـ ـلب أ.مك حر.باية بتعرف تر.اقب الناس مِن غير ما يحـ ـسوا بحاجة.
ضحك عا.ليًا على تفو.هاتها فهي أكثرهم علمًا بهِ وبأفعا.له التي لا تتوقف بتا.تًا، حاول أن يهـ ـدأ لينظر إليها مِن جديد ويقول مبتسم الوجه:
_طب ما أطـ ـلبها مِن أبوها على طول أنا ز.هقت ومش هستنى لمَ ألفـ ـت إنتبا.هها وأرا.قب أفعا.لها كتير وهاخد وقت عايز كل حاجة فـ السـ ـريع كدا.
_مفيش حاجة على الجاهز يا ر.وح ا.مك كُنْت زماني طا.لعة عمرة سبع مرات على الأقل، يا.ض إتقـ ـل شويه.
صفـ ـعته على وجهه برفقٍ تما.زحه ليُجيبها هو قائلًا:
_مش فـ قا.موسي التُقـ ـل دا أنا بحبّ يا ناس والبـ ـت وا.كلة د.ماغ أبويا.
نهضت وأتجهت إلى الخا.رج وهي تهتف بحسـ ـرةٍ على ولدها قائلة:
_عيشـ ـت وشوفتك يا ابن بطـ ـني وا.قع على جد.ور رقـ ـبتك، عمومًا لو حلوة كدا أنا ضمـ ـنت أحفاد أجا.نب وأبقى جدة لعيال أشكا.ل وألو.ان، إتلحـ ـلح أنتَ بس يا قـ ـلب أ.مك وشوف هتعمل إيه ور.سيني.
نظر هو إلى طيـ ـفها بتعجبٍ وهو لا يعلم ما الذي أصا.بها، نقـ ـل بصره إلى “مشمش” القط الخاص بهِ الذي نظر إليه وقام _بالمواء_ لينحـ ـني بجسـ ـده نحوه يحمله بين كفيه ويعتدل في جلسته مِن جديد وهو ينظر لهُ قائلًا:
_أنتَ إيه قولك يا “مشمش”؟ أمشي و.را السـ ـت الحجة ولا هروح فـ دا.هية؟
قام القـ ـط بالنظر إلى رفيقه ثم قام _بالمواء_ مِن جديد ليتحدث هو إليه مِن جديد قائلًا:
_ما أنا خا.يف تكون مش شيفا.ني أصلًا، أنا بصراحة بحبّها وعايز أكلم باباها بس برضوا متو.تر وقلـ ـقان، فكرة إنه يرفـ ـض هتكون فيها جـ ـريمة قتـ ـل بصراحة، وأنا واحد ز.نان أساسًا ومش هسكُت غير لمَ أخدها بصراحة، أنتَ إيه قولك؟ أعمل اللي أنا شايفه صح وامشي ور.ا قـ ـلبي واللي يحصل يحصل، أصل أنا حاسس إن أمّي لسه عا.يشة فـ أيام السبعينات، منكـ ـرش إني ببقى أهبـ ـل قدامها بس برضوا.
تملـ ـص القط مِن بين يديه وكأن حديثه لا يرو.ق إليه ليتر.كه “حـسام” بالفعل ليراه يبتعـ ـد عنه وهو يتجه نحو الخا.رج، إغتا.ظ كثيرًا مِن تجا.هل القط الخاص بهِ إليه لينهض هو الآخر يلحـ ـق بهِ وهو يعلم أين سيذهب فهكذا هو دومًا.
كانت هي تقف في المطبخ تقوم بغسـ ـل الأواني وتنظـ ـيف المكان ليولج “مشمش” لها ويجلس بجوار قد.مها ومِن ثم ولج “حـسام” بعده وهو ينظر إليه ليغتا.ظ حينما عَلِمَ إجابته.
أقترب مِنها وهو يلتـ ـقط زجاجة المياه التي سيرتشف مِنها وقال بنبرةٍ مغتا.ظة:
_عاجبك كدا؟ الباشا طول عمره واخد صفك وعمره ما نصـ ـفني.
ضحكت هي على حديثه وغـ ـيظه البا.ئن على معالم وجهه ونبرته لتنظر إلى الأسـ ـفل حيث يجلس “مشمش” لتبتسم إليه بحنوٍ وتنحـ ـني بجذ.عها تلتـ ـقفه بين كفيها، أعتدلت في وقفتها وقالت بعد أن قامت بمدا.عبته كالمعتاد:
_”مشمش” طول عمره نا.صفني وواخد صفي، دا حبيبي.
أنهـ ـت حديثها وإنسجـ ـمت في ملا.عبة القط فيما كان “حـسام” يتابعها طوال الوقت دون أن يتحدث تا.ركًا عقـ ـله يُعيد صورتها أمام عينيه كيفما يشاء فقد رأى راحته في هذا الحال حتى يتخذ قراره الأخير تجاه علا.قتهما التي حتى الآن مجهو.لة بالنسبة إليه.
وقد جالت بخاطره تلك العبارات التي أخبر نفسه بها بداخله بعبـ ـثٍ.
“ياللي بعـ ـيد عن العين..
مسيرك تيجي وتبقى جو.ه العين”
_________________________
<“جاءه الربيع بعد ظُلـ ـمة الخريف وقسو.ة الشتاء”>
صاحب السمو والإطلالة الخاصة والمخـ ـتلفة مِن نوعها يجلس على مقعده المفضل في شرفته يضم صغيرته إلى د.فئ أحضانه وهو يتطـ ـلع إلى الزرع الأخضر والأشجار الخلابة بخضراو.تيه الصا.فيتين وهو يشعر بالرا.حة والهدوء التي كان محرو.مٌ مِنهُ قا.بعًا بين ذراعيه ويسـ ـكن قلبه.
ولجت صاحبة العينين السو.د.اء اللا.معة وهي تُمسـ ـك بكوب الشاي خاصتها ترتشفه بين الفينة والأخرى لتستقر بجواره تضـ ـع رأسها على كتفه الذي كان الرا.حة بعينها لرأ.سها التي كانت تتفـ ـكك كل يوم مِن كثرة التفكير بهِ وإشتيا.ق قـ ـلبها لهُ الذي بلـ ـغ الحد.ود لتعلم أنهُ الرفيق الرو.حي وحياتها بالكا.مل بين يديه يتحـ ـكم بها كيفما يشاء.
نظر لها ولاحت إبتسامة هادئة ثغره ليقوم بر.فع ذراعه الأ.يمن عا.ليًا وضمها إلى أحضانه بعد أن لثم جبينها بـ قْبّلة حنونة، فيما عادت هي ووضعت رأسها على كتفه وأبتسمت إبتسامة هادئة تملؤ.ها السـ ـكينة والرا.حة حينما تكون دومًا بجواره.
_مش متخيل إن دي بقت حياتي دلوقتي، أنا كُنْت شايف إني مش هكون نا.فع فـ حاجة، لا جواز ولا شغـ ـل ولا أي حاجة مفيدة، على طول كُنْت حاطط نفسي فـ دايرة الفشـ ـل والفسا.د، دي كانت نظرتي لنفسي بدون سـ ـبب، بس أول ما ظهـ ـرتي فـ حياتي بدأت أتغيَّـ ـر بدون ما أحـ ـس والفضـ ـل ليكِ، حـ ـقيقي أنا دلوقتي مبسوط أوي ومرتاح نفسـ ـيًا وذ.هنيًا، وفـ حضني “الشروق” و “الغروب” مع بعض، وأنا بقى النهار اللي ما بينكم، شكرًا يا “ناهد” بجد شكرًا على كل حاجة عملتيها معايا ولسه بتعمليها وهتعمليها.
أرتسمت الإبتسامة على ثغرها بإتسا.عٍ لتر.فع رأسها حتى تتثى لها فرصة الرؤية بشكلٍ جيدٍ لتقول:
_مينفعش تشكرني على حاجة بسيطة زي دي، شيـ ـلها للكبيرة أحسن، وبعدين كل واحد فينا لو بَص على حياته هيلاقيها كانت مكـ ـلكعة ومعـ ـقدة، متفـ ـكتش غير لمَ لقينا بعض، وبقينا سوى وقتها كل واحد فينا عا.لج التاني ولقى الحاجة اللي كان بيدور عليها في الناس، أنا حقـ ـيقي مبسوطة أوي رغم إننا شوفنا كتير مع بعض ومرينا بحاجات كتير أوي صـ ـعبة بس فخورة بإن دي بقت النتيجة، طب أعتر.فلك أعتر.اف؟.
أنهـ ـت حديثها متسائلة وهي تنظر إلى خضرا.وتيه الصا.فية التي تمر.كزت في الأخير على معالم وجهها الحا.دة بعض الشيء ليكون سؤاله صا.متًا، فيما أجابته هي وهي تنظر إليه نظرةٍ خـ ـبيثة قائلة:
_أنا حبيت “شـريف’ البجـ ـح اللي ميهمهو.ش حد، فا.جئتني أوي بشخـ ـصية عمري ما شوفتها فيك بس لايقة معاك أوي وكدا أنا أقدر أقول لأي حد إنك فعلًا قـ ـليل الأ.دب ومش بيهـ ـمك الناس، تعرف يا “شـريف” لو فكرت بس تز.علني هعمل فـ ـيك إيه وما هيكون ليك عليا حلفان.
تعا.لت ضحكاته حينما رأى تمر.دها عليه يظهر مِن جديد وفـ ـرض سطو.تها على قـ ـلبه العاشـ ـق لها وكأنه أقسم على حُبّها هي مِن بين جميع النسـ ـاء، لثم جبينها مِن جديد بقْبّلة حنونة وهادئة ثم نظر إلى عينيها وقال بنبرةٍ هادئة حنونة:
_والله فـ سماه ما شايف ولا عايز غيرك، أنتِ الكل فالكل واللي تؤ.مر بيه يا جميل عيو.نا هتكون ليك، شاور بس وأنا عيـ ـنيا ليك.
أبتسمت هي بسعادةٍ إليه ثم قامت بمعانقة شطـ ـر وجهه بكفها ولثمت وجنته بحنوٍ ثم عادت تضـ ـع رأسها على كتفه تحاوط عـ ـنقه بذراعها وهي تنعـ ـم بالراحة في قربه والهدوء في أحضانه التي كانت ملجـ ـأها الأول والأخير، فيما نظر هو إلى صغيرته التي كانت سا.كنة دا.خل أحضانه تسـ ـبح في بحو.ر نومها الهادئ دا.خل أكثر الأماكن أمـ ـنًّا وأ.مانًا لها.
في غرفة كلًا مِن “فيروز وفادي”
كان يقف أمام المرآة وأمامه تقف “فيروز” تهند.م لهُ ملابسه بمعرفتها هي مثلما تقول دومًا بعد أن لحـ ـت عليه العديد مِن المرات أن يتر.كها تفعل ما تشاء هي ليستسلـ ـم لها في نها.ية الأمر منتظرًا النها.ية، نظر إليها وشرد بها متذكرًا ما مر عليهما سويًا وهي بالأخص بعد أن تحـ ـملت معه رحلة علا.جه التي شارفت على الثلاثة أشهر تقريبًا.
تذكر عودته بعد كل جلـ ـسة كيما.وي يتلقاها منهـ ـزمًا ومـ ـتعبًا والإعيا.ء يظهر وضو.ح الشمس على وجهه وجسـ ـده، تذكر ذاك الشا.ب الذي تمتـ ـع بمعالم وجهٍ جميلة وحا.دة بعض الشيء كما يخبرونه أولا.د عمومته ويجلسون سويعاتٍ يمدحون بهِ وبمظهره كونه يرى مَن هو أجمل مِنهُ ولَكِنّ بعد إجماع الجميع كانت الأغلبية أنه أوسم شا.بٍ بينهم والذي يتمتـ ـع بمعالم وجهٍ أوروبية ليكون خليفةً “لعبد الرحمن”.
أنهـ ـت هي ما تفعله لتنظر إليه وتراه شاردًا بها يكاد لا يعـ ـي لِمَ يحدث حوله، تعجبت كثيرًا ولذلك حادثته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_مالك يا “فادي” سر.حان فيا كدا ليه؟.
لَم يتأ.ثر ولَم يرمش لهُ جفـ ـنٌ لتضم هي شطـ ـر وجهه بكفها قائلة بنبرةٍ عا.لية بعض الشيء تجذ.ب بها أنتباهه:
_”فادي” أنا بكلمك يا حبيبي مالك سر.حت فـ إيه كدا؟.
أستفـ ـاق هو مِن حالة الشرود التي إنتا.بته تلك لينظر إليها بتـ ـيهٍ وهو مازال لا يد.رك ما يحدث حوله، فيما شعرت هي بالقلـ ـق عليه ولذلك قامت بالتسمية وقالت بعدها:
_مالك يا حبيبي سر.حت فـ إيه ولا إيه اللي حصل؟ أنتَ كويس؟.
زفـ ـر هو بعمـ ـقٍ بعدما إستعاد و.عيه كاملًا ومسـ ـح بكفه على وجهه أسفـ ـل نظراتها التي كانت تتابعه والقـ ـلق مازال يستوطـ ـن قلبها، أبتـ ـلع غصته بتروٍ ثم ألتقط زجاجة المياه مِن على سطح الطاولة ثم جلس على إحدى ركبتيه وبدأ يرتشفها على د.فعاتٍ وبين الواحدة والأخرى يُبعـ ـد الزجاجة حتى يتنفـ ـس ثم يُعاود الشرب مِن جديد _ كما كان يفعل سيدنا محمد ﷺ_ فيما كانت هي تعلم أنه حينما يتو.تر يبدأ في إرتشاف المياه ولذلك كانت تتابعه دون أن تتحدث.
أنهـ ـى شرب المياه وأستقام في وقفته وهو يحمد ربه ووضع الزجاجة مثلما كانت ومِن ثم نظر إليها ليرى عينيها تطرح عليه العديد والعديد مِن الأسئلة دون أن يتحدث فمها ويقول شيئًا، ولذلك زفـ ـر هو بعمـ ـقٍ وبدأ يشـ ـرح لها ما شعر بهِ بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_مبدأيًا أنا كُنْت سر.حان، سر.حت غصـ ـب عني ولقيت إنك مش سيبا.ني وسند.اني مِن ساعة ما بدأت رحلة العلا.ج لحد دلوقتي آه فترة قصـ ـيرة بس هي أكيد مش كدا بالنسبة لينا إحنا الأتنين، سر.حت شوية كدا مع نفسي وسألتها، يا نفسي كان إيه هيكون حالي مِن غير الغالي، ردّت عليا وقالت “فواللهِ ما كان سيكون هذا حالك يا عزيزي”.
_أكتشفت إني لو كُنْت لوحدي كدا مِن غير “فيروز” مكُنْتش هبقى كويس خالص، هفضل تـ ـعبان ومستني الأهتمام والطبطبة مِن أي حد، يعني فـ منظوري أنا كـ “فادي” همشي أشـ ـحت الأهتمام والحنية مِن أي حد، بس ربنا سبحانه وتعالى لِيه حكمة آه واللهِ لمَ ياخد مِني حاجة بحبّها أو بمعنى تاني يبعـ ـدها عني أنا وقتها ببقى عبيـ ـط وبز.عل في حين إني المفروض أفرح عشان هو هيراضيني بالأحسن، بس لمَ ييجي الوقت المناسب اللي الإنسان بيفهم فيه كل حاجة بيقول أنا كُنْت عبيـ ـط أوي.
_أنا بشوف نفسي عبـ ـيط واللهِ صدقيني، عشان مبكونش وقتها واخد با.لي عارفة لمَ بقعد لوحدي كدا وأبدأ أفكر تاني وتالت بستعبـ ـط نفسي أوي وفـ ثانية أبُص للسما كدا وأقعد أكلم ربنا وأشكره، وقت ما أتجوزتك عملت كدا قعدت مع نفسي وكلمته وكُنْت مبسوط أوي وقعدت أشكره، أنا عارف إني فـ بلا.ء عظيم وعارف إني هعـ ـدي عشان عندي يقـ ـين كبير بربنا إنه قا.در على كل شيء وهخـ ـف، ولو حتى مكنش مكتوبلي الشـ ـفا ومكتوبلي إن حياتي تنتهـ ـي على كدا هكون راضي، في الحالتين را.حتي موجودة، بس أنا مفو.ض أمو.ري كلها لرب السماوات السبع الذي لا يغفـ ـل ولا ينام.
كانت متأ.ثرة كثيرًا بحديثه وتستمع إليه بقـ ـلبٍ متأ.لمٍ والعبرات تلتـ ـمع دا.خل حدقتيها، حديثه لا.مس قلبها وجعل القشعـ ـريرة تسر.ي في جسـ ـدها، وبدلًا أن تعانقه هي وتوا.سيه تو.لى هو هذا الأمر وضمها إلى أحضانه يمسح على ظهرها بحنوٍ وكأنه يطمئن طفلةٌ صغيرة شعرت بالأ.مان د.اخل أحضان رفيقها وقد إتخذت هذا المكان مأ.وى لها مِن قسو.ة العالم ووحـ ـشيته.
حاوطته بذر.اعيها تضمه إليها وهي تضع رأسها على صدره بعد أن سمحت لعبراتها بالسقو.ط على صفحة وجهها، لثم رأسها بحنوٍ وقال بنبرةٍ هادئة حنونة:
_وليه الدموع دي دلوقتي أنا قولت حاجة تخليكي تعيطي بالشكل دا؟.
أبتـ ـلعت غصتها بتروٍ وزفـ ـرت بعمـ ـقٍ وألتزمت الصمـ ـت إجابة على حديثه ليشـ ـدد هو مِن عناقه لها قائلًا:
_متز.عليش يا فنانة حـ ـقك عليا أنا اللي بقيت أنـ ـكد مع إن المفروض العكس بس خليها عليكِ المرة دي بقى وأستحـ ـمليني حبتين تلاتة لحد ما ربك يكرمنا ونر.جع نتشا.قى تاني ونعا.ند بعض.
_أنا بحبّك أوي يا “فادي” وكلامك على طول بيأ.ثر فيا وبيخليني عايزة أعيط، أنا واثقة ومتعـ ـشمة فـ ربنا خير واللهِ ومببـ ـطلش دُعا كل شوية لحد ما أتعودت، بكرا تخـ ـف وتر.جع تاني معا.فى يا حبيبي.
أنهـ ـت حديثها بنبرةٍ باكية حاولت السيطـ ـرة عليها ولَكِنّها تفشـ ـل كل مرة وتنهز.م أمامه وهو خيرُ مُعينٍ لها، شـ ـدد مِن عناقه إليها ونظر إلى صورتهما مِن إنعكا.س المرآة حيث رأى وجهها الباكِ وقد تقابلت المُقـ ـل وعُزِفت الألحان أجمل معزوفة، أبتسم لها وحادثها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_هو إحنا لو جبنا توأم يا “فيروز” هتكملي ولا هتـ ـعلني أعتز.الك بدري بدري؟.
لاحت أبتسامة هادئة على ثغرها حتى تحو.لت إلى ضحكات خـ ـفيفة متتا.لية ليبتسم هو أكثر وهو يرى شمسه عادت تضحك مِن جديد لينظر لها حينما ر.فعت رأسها حتى تتثـ ـنى لها رؤيته بوضوحٍ لتقول:
_العيلة دي ميمشيش معاها توأم، يمشي معاها فرداني عشان لحد دلوقتي فيه أربعة توأم عكـ ـس بعض بشكل مر.عب، أنا بقول نستكفى بواحد والبقا.ء للأقو.ى بقى.
ضحك هو على تفوهاتها ليقوم بإز.الة عبراتها عن صفحة وجهها بإبهامه وهو يجاوبها قائلًا:
_يا حبيبتي ما الفرداني خدنا مِنُه إيه، أنا بابا بسم الله ما شاء الله عليه خلاني مش عايز أخـ ـلف أصلًا.
تعا.لت ضحكاتها هي هذه المرة ليشاركها كذلك الضحك دون تو.قف وكأنهما وجدا ضا.لتهما بعد وصلة بحث دامت لأشهرٍ حتى يصلوا أخيرًا إلى أستراحة المحا.رب مِن بعد معر.كةٍ طا.حنة كادت أن تطـ ـيح بهِ بعـ ـيدًا لولا الصمو.د والعز.يمة لإستكمال حر.بٍ فُرِ.ضَت على محا.ربٍ بر.يءٍ مثله كان يريد أن يكون دومًا منعـ ـمًا بحياةٍ هادئة مثلما كان يريد دومًا، ولَكِنّ ليس كل ما نتمناه ننا.له.
__________________________
<“الفسا.د لا يستوطـ ـن على العد.الة والشـ ـر لا يتغـ ـلب على الخير والأ.سد ملك الغا.بة وصا.ئد الفرا.ئس”>
كان منذ الصغر شخصًا عاد.لًا يكر.ه الفسا.د ويشـ ـمئز مِن الظا.لم وينفـ ـر مِن المسميات الأخرى، كان يبكي لأجل مَن لَم تنصـ ـفه العد.الة يومًا وكان يكر.ه الظا.لمين والمتجـ ـبرين على الضعفا.ء، كان يريد تحـ ـقيق العد.الة وأن ينتصـ ـر الخير على الشـ ـر وأن الصمـ ـت عن الحـ ـق شيـ ـطان أخر.س كما نقول، وحينما أصبح ر.جلٌ كبيرٌ وإنفر.ضت شخصـ ـيته على الجميع وأصبح قا.ئد المعر.كة أصبح العد.و اللد.ود أمام الشـ ـر.
أصبح الفا.رس النبيل الذي جاء لتحر.ير القرية مِن فسا.دٍ نا.ل الجميع وقتـ ـل الأ.برياء وجر.د الآخرين، جاء صاحب الحـ ـق ليُعطي الحـ ـق لأصحابه وإن كان الحـ ـق يكـ ـمن في شخصٍ عزيزٍ عليه، ولج إلى الشرفة الكبيرة التي كانت تطـ ـل على مناظر بد.يعية وطبيعية مِن خـ ـلق رب العالمين تتأ.ملها والسـ ـكينة والراحة تغمـ ـر قلبها.
وقف خـ ـلفها ثم أنحنـ ـى بجذ.عه العلـ ـوي ولثم وجنتها بـ قْبّلة حنونة ومِن ثم قال بنبرةٍ هادئة:
_با.يعني أنتَ يا غا.لي ومنفـ ـضلي بقالك يومين وأنتَ عارف بقى الشو.ق غلا.ب والقـ ـلب ميا.ل والعيون وما تُحبّ، ما تحـ ـن يا جـ ـن بقى.
خبـ ـيثٌ وما.كرٌ منذ الصغر ويجيد التلا.عب بنقاط ضعـ ـفها وأستغلا.لها إليه ليصبح صاحب السُـ ـلطة والمتحـ ـكم في هذه المعر.كة التي تقو.دها ضـ ـده حينما يتجـ ـنبها لأيامٍ بسـ ـبب عمله الذي يفر.ض عليه دومًا ذلك، شعرت بالسعادة تغمـ ـر قلـ ـبها الذي تر.اقص داخل قفـ ـصها الصد.ري وقبل أن تنسى كل شيءٍ وتستسـ ـلم إليه أدر.كت سريعًا حيّله الما.كرة تلك وتمسـ ـكت بثبا.تها.
فيما كان هو ليس بأحمـ ـقًا ولا معتو.هًا هو يعلم جيدًا ما يحدث معها حينما يقوم بمراو.غتها كل مرة ولذلك ألتفت إلى الجهة الأخرى وقام بمحا.صرة مقعدها وهو ينظر لها نظرةٍ ذات معنى دون أن يحـ ـيد بهِ بعيـ ـدًا يد.رس ردود أفعا.لها وحركاتها.
فيما تو.ترت هي كثيرًا وهي ترى أستسـ ـلامها إليه يلوح إليها وينعـ ـتها بالحمـ ـقاء التي يستو.لى الضـ ـعف عليها حينما تأ.ثرها عيناه الزرقاء الفا.تحة التي تشبه لو.ن السماء في صفا.ءها، أنحـ ـنى برأسه جهة اليمـ ـين قليلًا وهو ينظر لها لتشعر هي أنها على مشا.رف الإستسلا.م ور.فع را.يات الإستسلا.م تُعـ ـلن إنهزا.مها أمامه رسميًا.
ولَكِنّ أبت أن تستسـ ـلم إليه هذه المرة وقد قـ ـرر عقـ ـلها تو.لي هذه المـ ـهمة تلك المرة لتقوم بد.فعه بكـ ـفين مر.تجفين بعيـ ـدًا عنها ومِن ثم نهضت ور.كضت إلى الداخل سر.يعًا نحو غرفتهما لتقوم بصفـ ـع الباب خـ ـلفها وقد أعـ ـطت ظهرها إليه وهي تتنـ ـفس بسر.عةٍ فا.ئقة وكأنها كانت في سبا.ق ر.كضٍ طو.يل.
فيما أبتسم هو أبتسامة عا.بثة وأعتدل في وقفته وهو يقول بنبرةٍ عا.لية إليها حتى يصلها صوته:
_براحتك يا غزال على الآخر مسيرك تقـ ـع وما تلاقي اللي يدا.فع، هتروح مِني فين بس.
تعا.لت بسمتها أ.على ثغرها وزفـ ـرت بعمـ ـقٍ وهي تُفكر كيف تنتـ ـقم مِنهُ حتى لا يهجـ ـرها مِن جديد ويتر.كها بالأيام و.حيدة لا تراه ولا تستمع إلى صوته ولو بالخطـ ـأ، فيما زفـ ـر هو بعمـ ـقٍ ومسـ ـح على خصلاته بكفه ليستمع إلى رنين هاتفه يعلـ ـو في المكان، وضع يده دا.خل جيبه وأخر.جه ليرى المتصل “مـينا”، أبتسم بعـ ـلوٍ وأجابه ممازحًا إياه:
_الو مين معايا؟.
_لا واللهِ ولمَ أقولك مين وتز.عل.
_تر.بيتك للأسف تر.بية متشر.فش يا “مـينا” على طول مشو.ه سُـ ـمعتي في كل مكان بقلـ ـة أد.بك ولسا.نك الطو.يل اللي عايز يتقـ ـص دا، جرى إيه يا “مـينا” ما تتـ ـلم بدل ما أ.لمك أنا كفاية أختك منفضا.لي على الآخر.
أتاه ضحكات الآخر الشا.متة عبر الهاتف أتبعها قوله المتشـ ـفي بهِ:
_تصدق أنا أختي دي بـ ـت جدعة، مِن ناحية معاملتك معايا مـ ـبنية على قـ ـلة الأد.ب واللسا.ن الطو.يل وبصراحة مستغرب في نفس الوقت إنك محا.مي كبير وليك سُـ ـلطتك ومكا.نتك الكبيرة بين المحا.ميين الكبا.ر، ومِن ناحية تانية يا حرا.م بتكون عايز تفصـ ـل مِن الشغل وجَـ ـو القضا.يا والجلـ ـسات، بس هي شايفة معاملتك الحـ ـقيرة لأخوها الغـ ـلبان إذًا أزاي هتلاقي المعاملة الحلوة والأبتسامة السا.حرة، “ديفيد” أنتَ تستا.هل معاملة أختي ولذلك أنا بعد ما أقفـ ـل معاك هكلمها أشكرها لحد بكرا عشان واخدة صفـ ـي.
_آه هي بقت كدا يعني، مش بعيـ ـد تكون متفقين عليا أنتوا الأتنين ما أنتوا من صغركم عقا.رب.
أنهـ ـى “ديفيد” حديثه مغتا.ظًا مِنهُ فيما أتته ضحكات “مـينا” مِن جديد حينما نجح فيما كان يريد ليقول بنبرةٍ ضاحكة:
_خلاص خلاص يخر.بيت قلـ ـبتك يا جدع، المهـ ـم أنا متصل بيك عشان عايز أعرف القضـ ـية وصلت لأيه “بيشوي” هيتجـ ـنن عشان أنتَ منفـ ـضله اليومين دول وهو لسه مغـ ـلول مِنهم ونا.ره قا.يدة.
زفـ ـر “ديفيد” بعـ ـمقٍ وجلس على المقعد بإر.هاقٍ وبدأ يتحدث معه بخصوص تلك القضـ ـية التي تو.لاها هو ضـ ـد خاله للأخذ بحـ ـق هذه المسـ ـكينة التي طُرِ.دَت مِن منزلها على مرئ الناس دون و.جه حـ ـق.
__________________________
<“إتخذ الحر.ب منهجًا في ردّ الحـ ـق مِن العد.و”>
وصل إلى المكان المنشو.د وصف سيارته أسفـ ـل إحدى البِنْايات وترجل مِنها بهدوءٍ وهو ينظر حوله، أغـ ـلق باب سيارته وهند.م ملابسه وسار نحو إحدى البِنْايات بخطى ثا.بتة والو.قار مرافقًا إليه في هذه اللحظة ليصعد إلى الدور العاشـ ـر حيث تقبع ضـ ـحيته.
خر.ج مِن المصعد وتوجه نحو إحدى الأبواب المتواجدة حيثُ الدور الواحد يحتوي على أربعة شقق، طرق على الباب بقو.ة والغضـ ـب يتأ.كله حـ ـيًا مِن الدا.خل منتظرًا ساعة الصفـ ـر بفرا.غ الصبر، عاد يطرق بقو.ةٍ أكبر عن ذي قبل ليُفـ ـتح الباب ويظهر ضـ ـحيته سكـ ـيرًا أمامه.
وقف الآخر أمامه بخطى وا.هنة وطا.لعه بنظراتٍ تا.ئهة للحظاتٍ ومِن ثم تعا.لت بسمته على ثغره، د.فعه “سـعيد” بقو.ةٍ إلى الدا.خل وولج معه مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه وهو ينظر إليه نظرةٍ قا.تلة تدل على الشـ ـر والو.عيد الكا.منين د.اخله، فيما تر.كه الآخر وولج بخطى مبعـ ـثرة إلى الدا.خل وهو يقول بنبرةٍ يظهر بها سكـ ـره:
_خير يا و.ش الخير جاي ليه، مش علا.قتنا سوى أتقطـ ـعت مِن زمان وأنتَ اللي بعـ ـدت إيه رجعك تاني، رجعت أول ما عرفت إني بشـ ـرب وخا.ربها وأنا لسه أعز.ب لحد دلوقتي، تلاقي يا حرا.م الغيـ ـرة كَلـ ـتك أ.كل وند.مـ ـت لمَ روحت أنتَ يا ابن الفقـ ـر أتجوزت بنـ ـت الأكابر اللي جدك مشتغل لحد دلوقتي مر.مطور عندهم.
أنهـ ـى حديثه وألتفت ينظر إليه حيث كان “سـعيد” يطا.لعه بنظراتٍ حا.قدة ونا.قمة في نفس الوقت ليبتسم هو عا.ليًا ويشير تجاهه مكملًا حديثه الذي حتى الآن لا يعلم أنه ير.مي بهِ نحو جُر.ف الها.وية:
_مش بعيـ ـد تكون لفـ ـيت عليها وضحكت عليها بكلمتين خا.يبانين لحد ما تنو.ل اللي عايزُه، طول عمرك يا “سـعيد” بتاخد الحلو كله لنفسك، حتى لمَ د.خلت الشـ ـلة وعرفتك على الكل خدت الحُبّ كله ليك وثقتهم بيك بقت عا.مية، صحيح اللي خلا.ك تبقى كدا فـ الشـ ـلة مش بعيـ ـد تكون و.قعتها ما أنتَ طول عُمرك مُرز.ق وقر.فتك حلوة، مغنا.طيس للبنا.ت اللي حواليك.
_بس خليك عارف حاجة مهـ ـمة أوي يا “سـعيدو”، مش كل حاجة بنعوزها بناخدها، أنتَ طول عمرك بتاخد مبتد.يش ودا خلاك فـ نظري طما.ع وجـ ـشع مبيحبّش إلا نفسه وبس، يا ترى بقى بنـ ـت الأكابر والأكابر نفسهم عارفين أنتَ كُنْت إيه زمان.
ألتمـ ـعت عينان “سـعيد” وإز.دادت وتيرة أنفا.سه ومعها إز.داد غضـ ـبه فو.ر أن فَهِمَ مقصد هذا الحقيـ ـر الما.ثل أمام عينيه يتجر.ع المشروبات المحـ ـرمة كعادته منذ سنواتٍ دون أن يُفكر ولو لدقيقةٍ واحدة في التو.بة وأن الحياة فا.نية وجميعنا أمو.ات، فيما أكمل هو وقال:
_يعني كانت عارفة الفترة الـ**** اللي عيشتها معانا وكدا ولا؟.
_إخـر.ص! أنا مسمحلكش تتما.دى معايا يا ***** ولا تجيب سيرتها ولو بكلمة واحدة، أنا آه دخلت شـ ـلة النحـ ـس والشو.م والغبـ ـرة دي ومعتر.ف إنكم ***** بس أنا عُمري ما عملت أي حاجة تغـ ـضب ربنا مهما حصل، ومتنساش يا رو.ح ا.مك إن اللي خر.جني مِن د.ايرة الفسا.د دي كان “عُـمير” و “ليل” اللي هما أساسًا ولاد عمها ووقتها برضوا عرفوا كل حاجة.
_بس عايزك تعرف حاجة واحدة بس يا “مـنير” إن دي حاجة تخـ ـصني أنا وأنا حُـ ـر أعرَّفهم أو لا دي بتاعتي أنا مش بتاعتك أنتَ وعشان كدا لو فاكر نفسك هتخو.فني وتهـ ـددني إنك هتقولهم على اللي فات فأ.على ما فـ خـ ـيلك أركبه ود.لدل ر.جليك كمان عشان جدي عارف عنّي كل حاجة ومراتي عارفة الفترة الـ*** اللي متشر.فش بيها ولا إني أذكرها على لسا.ني ولو بالغـ ـلط.
تعا.لت ضحكات “مـنير” عا.ليًا بطريقة شبه هيسـ ـتيرية فيما كان “سـعيد” ينظر إليه بنظراتٍ حا.قدة ومتو.عدة فهو يعلم تمام العلم نوا.يا ذاك الخبـ ـيث الما.ثل أمامه ولحسن حظه أنه يعلم ما يُفكر بهِ ولذلك أقترب مِنهُ بخطى هادئة حتى توقف أمامه ليشتم رائحة السـ ـكر والمعا.صي تفوح مِنهُ بطريقةٍ مـ ـثيرة للإحـ ـتقار والإشمـ ـئزاز.
وبعد دقائق معدودة هـ ـدأ “مـنير” ونظر إلى “سـعيد” الذي أبتسم إليه أبتسامة مر.يبة قائلًا:
_بترشـ ـي دكتورة البها.يم دي وتز.قها على مراتي عشان تقولها إنها مبتخـ ـلفش، للدرجة دي عقـ ـلك عقـ ـل عيال صغيرة؟ للدرجة دي أنا حا.رقك يا “مـنير”، بس يا أخي العبيـ ـط هيفضل عبيـ ـط طول عمره حتى لو لبس بدلة وبقى ابن ناس، أنتَ على رأي المثل اللي بيقول هبـ ـلة ومسكو.ها الطبلة، حـ ـقيقي ربنا يشـ ـفي أمثالك عشان مَلـ ـيتوا البلد.
أنهـ ـى حديثه ثم لكـ ـمه بعنـ ـفٍ في وجهه لتعـ ـلو صيـ ـحات “مـنير” عا.ليًا وهو يسـ ـقط على الأريكة، أقترب مِنهُ “سـعيد” ولكـ ـمه مِن جديد بلكـ ـمةٍ أكثر قو.ة عن ذي قبل لتعلـ ـو صيـ ـحات الآخر أكثر وأكثر، صدح رنين هاتف “سـعيد” عا.ليًا يعلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن زوجته ليجيبها وهو يلهـ ـث قائلًا:
_إيه يا رو.حي محتاجة حاجة ولا إيه؟.
_أنتَ اللي إيه يا “سـعيد” فينك مش قولت مش هتتأ.خر عليا؟.
أبتسم هو وقال بنبرةٍ أكثر هدوءًا وحنانًا عمَّ كان عليه منذ لحظاتٍ:
_معلش يا حبيبتي جالي مشوار كدا مهـ ـم هقـ ـضيه وأر.جعلك على طول مش هتأ.خر عليكِ.
زفـ ـرت هي بهدوءٍ وقالت مغـ ـلوبة على أمرها:
_طب ياريت متتأ.خرش عليا أنا ما صدقت خدتلك يومين أجازة وتبقى معايا.
نظر إليه “مـنير” في هذه اللحظة بعد أن أحتـ ـل الغـ ـل قـ ـلبه تجاه الآخر لينهض مِن موضعهِ وهو ينتوي على الغد.ر للآخر ولَكِنّ لمحه “سـعيد” مِن إنعكا.س صورته في المرآة الما.ثلة أمامه لينتظر ثوانِ معدودة حتى أقترب الآخر وحينما ر.فع السـ ـكين عا.ليًا كي يضـ ـربه بها مـ ـنعه هو حينما أستدار فجأ.ةً يرد.ع فعله ذاك بذراعه الحُـ ـر.
ر.مقه “مـنير” نظرةٍ حا.قدة ليحاول طعـ ـنه بها ولَكِنّ ضـ ـربه “سـعيد” برأسه لتعلـ ـو صيـ ـحات “مـنير” مِن جديد، أستمعت إليها “هـند” عبر الهاتف لتعقد ما بين حاجبيها وتسأله قائلة:
_في إيه؟ إيه الصوت دا يا “سـعيد”؟.
أبتسم “سـعيد” حينها وقال وهو ير.مق الآخر نظرة متشـ ـفية:
_مفيش يا رو.حي، واحد عبيـ ـط صباعه الصغير أتخـ ـبط فـ الباب، المهم أقـ ـفلي وأنا كمان ساعة ونص هكون عندك هقضـ ـي المشوار بس على السر.يع وأجيلك.
أنهـ ـى حديثه معها ثم أغـ ـلق المكالمة وألتفت ينظر إلى “مـنير” الذي كان يطا.لعه بنقـ ـمٍ ليبتسم هو إليه ويبدأ بالأقتراب مِنهُ مِن جديد وهو يقول بو.عيدٍ:
_جالك المو.ت يا تارك الصلاة، حافظ الشها.دة ولا أحفظهالك أنا يا “مـنير”!.
___________________________
<“إن أردت النَيـ ـلُ مِنا لا تها.جمنا متخـ ـفيًا”>
كان “عبد الرحمن” يقف بجوار “ليل” الجد وأمامه “غـريب” بعد أن جاءا إليه مثلما أتفق معه “ليل” ينظر إلى ما بدا.خل الحقيبة البلاستيكية السو.د.اء، وقد شعر أن جسـ ـده بدأ يتثا.قل ويؤ.لمه ولذلك أغـ ـلق الحقيبة مِن جديد بإحكا.مٍ وقال:
_دا سحـ ـر.
نظر إلى “ليل” الجد وقال بنبرةٍ جا.دة:
_اللي عمله عارفنا كويس وعارف تفا.صيل حياتنا كلها، اللي عاملُه قريب مِننا أوي ومش بعيـ ـد يكون مِن العيلة.
أستنكر “ليل” حديثه وطالعه قائلًا بإستنكارٍ:
_نعم؟! يعني إيه ومين هيأ.ذينا، أصلًا مين اللي عامل السحـ ـر دا وهيستفاد إيه ولمين وليه يتد.فن الساعة واحدة بليل ليه وقدام قبـ ـر أمي؟.
نظر إليه “عبد الرحمن” نظرةٍ ذات معنى وقال:
_أيوه عادي وفـ أي وقت كمان، أنا مش عارف أحدد لحد دلوقتي بس أنا مشـ ـتت بين أ.مرين في حاجة مشـ ـتتاني مش عارف أحـ ـكم صح، صوت بيقولي مقصو.دلنا والتاني بيقولي لا ميخـ ـصناش، مش عارف، ممكن أكلم “حُـذيفة” يساعدني يمكن يعرف بدل ما أقول حاجة غـ ـلط تخر.ب حاجات تانية كتير، بس أتأ.كد إذا كنت صح ولا غـ ـلط مش أكتر.
زفـ ـر “ليل” بعمـ ـقٍ ومسـ ـح بكفه على وجهه وهو ينظر حوله بعد أن أصا.به التشـ ـتت، فيما نظر إليه “عبد الرحمن” وقال:
_أنا هتعا.مل معاه مش عايزك تقـ ـلق.
حرك الآخر رأسه برفقٍ دون أن يتحدث وهو يُفكر فيما قاله “عبد الرحمن” منذ قليل وهو يشعر بالتشـ ـتت والحيرة مِن أمره وبدا.خله يدعوا الله أن يخـ ـيب ظنونه وأن تخمـ ـد نير.انه.
___________________________
<“اللعب بالنير.ان ليس بالهيـ ـن، فهي تحتاج محترفًا يجيد اللعب”>
كان “علي” جالسًا في الحديقة يرتشف قهوته ويعبـ ـث في هاتفه حتى وصلته عدة صور عبر التطبيق الشهير “واتساب” مِن رقمٍ مجهو.لٍ، عقد ما بين حاجبيه وولج إلى المحادثة ليرى العديد والعديد مِن الصور الغير لا.ئقة تخص “چويرية” قد أُرسلت إليه مِن هذا الرقم المجهو.ل تليها تلك الرسالة التي ضـ ـربته في مقتـ ـلٍ.
_تفتكر الناس هتقول إيه عليكم بعد ما صور بنـ ـت عمك الحلوة دي تتشير على السوشيال ميديا وتتشهر؟.
جحـ ـظت عينيه وقد شعر الد.ماء تتد.فق بسرعةٍ فا.ئقة إلى رأ.سه وإر.تفاع حرارة جـ ـسده وكأنه في حُلمٍ أشبه بالكابو.س، شعر أن فـ ـمه قد جـ ـف لينهض بعنـ ـفٍ مِن مجلسه ويتوجه إلى دا.خل القصر وهو بالكاد يستشـ ـيط غضـ ـبًا.
في غرفة “چويرية”.
كانت تقف “مِسك” أمامها وهي تر.شقها بنظراتٍ كالسها.م المشتـ ـعلة بالنير.ان وهي تقف أمامها رغم إهتـ ـزازها القو.ي مِن الدا.خل وخو.فها ممَّ هي قادمة عليه ولَكِنّ كانت تحتفظ بالقو.ة مِن الخا.رج أمام شقيقتها الكبرى التي صر.خت بوجهها وهي تد.فعها بقبـ ـضتها في كتفها قائلة:
_ردّي عليا يا بـ ـت ساكتة ليه؟ سكوتك دا بيأ.كدلي كلامه، ردّي قولي حاجة!.
ر.مقتها “چويرية” نظرةٍ حا.دة وقالت:
_أردّ أقولك إيه يا “مِسك”؟ عايزه تسمعي إيه؟.
_اللي بيقوله دا صح ولا غـ ـلط؟ وإيه الصور دي؟ جابها منين ولا عرف ياخدها أزاي أنطـ ـقي.
أنهـ ـت “مِسك” حديثها المنفعـ ـل بها وهي تكاد قد وصلت إلى ذ.روة غضـ ـبها الذي أ.عمى عينيها في هذه اللحظة، فيما ألتزمت الأخرى الصمـ ـت دون أن تتحدث وهي لا تعلم أنها بهذه الطريقة تؤ.كد إليها ما وصل لها، وقف “أحمد” على باب غرفتها وهو ينظر إليهما ليقول بنبرةٍ حاول أن يُخر.جها هادئة قد.ر المستطاع:
_الموضوع كبـ ـر، الصور وصلت على تليفونات شبا.ب العيلة كلها ولسه وصلالي دلوقتي، “علي” أول واحد أتبعتتله الصور وهيتجـ ـنن بره الو.ضع مش كويس نها.ئي.
تأ.كلت النير.ان صدرها أكثر وهي تكاد تجذ.بها مِن خصـ ـلاتها وتصر.خ بها حتى تجاوبها على أسئلتها، ولَكِنّ ما زا.د الأمر إشتعا.لًا هو برو.د “چويرية” البا.ئن نُصـ ـب أعينهما لتصر.خ بها “مِسك” مِن جديد وهي تقول بنبرةٍ منـ ـفعلة:
_ردّي وأتكلمي، ساكتة ليه متجـ ـننيش بسكوتك دا بدل ما أطلـ ـع عفا.ريتي عليكي دلوقتي، إيه اللي بينك وبين الو.اد دا وأزاي تسمـ ـحي لنفسك تكلمي شا.ب غريب لا تعرفيه ولا يعرفك، قبلتيها على نفسك أزاي يا بـ ـنت “الشيخ عبد الرحمن”.
إنفـ ـعلت الأخرى ووقفت أمامها النـ ـد بالنـ ـد لتكا.بر وتُنكـ ـر خطـ ـأها حينما قالت بإنفعا.لٍ مما.ثلٍ:
_في إيه هو كُنْت أول ولا آخر واحدة تتعرف على واحد مِن على النت يعني، وبعدين ما كله بيعمل كدا أشمعنى أنا هو حلو لغيري وو.حش ليا، ما “عادل” بيحبّ بنـ ـت معاه في الكلية و “عز” بيكلم بنـ ـت على النت أشمعنى أنا يعني!.
أثا.رت جنو.نها وأيقظت الو.حش الكاسـ ـر بها لتنفعـ ـل وتصر.خ وتغـ ـضب وتخر.ج ما بها في صر.اخها بها حينما قالت:
_وأنتِ مالك بغيرك، أنتِ ملكيش دعوة بغيرك هما شبا.ب أنتِ بـ ـنت اللي هيتأ.ذي ويتخا.ض فـ سُـ ـمعته هو أنتِ مش هو، مفيش حاجة أسمها اشمعنى دي عادات وتقاليد وفو.قهم الحُر.مانية، اللي عملتيه دا لا هو صح ولا منطقي مهما تقولي وتبـ ـرري، مخو.فتيش مِن ربنا؟ محـ ـطتيش فـ د.ماغك إنه ممكن يغد.ر بيكِ بعملة **** زي دي؟ منظـ ـرك إيه قدام عيلتك والشبا.ب دلوقتي، أديكِ ر.خصتي نفسك عشان *** زي دا.
_حياتي ولا حياتك يا “مِسك” أنتِ مالك، سيبوني بقى أعمل اللي عايزاه ملكوش حُكـ ـم عليا أنا حُـ ـرة، وانصحك متغـ ـلطيش بالكلام أنا مش سـ ـلعة.
مازالت تكا.بر وتعا.ند وما زا.د ذلك إلا جنو.نًا للأخرى التي لَم تَعُد تعـ ـي لنفسها لتصـ ـفعها صفـ ـعة قو.ية دوى صوتها المكان أسفـ ـل هبا.بة جنو.نها وتفا.جؤ الأخرى وصد.مة “أحمد” لِم وصل بهم الوضع الآن وهو يُدرك ويُيقن الآن أن الأمر لن يمر مرور الكرام على الجميع منذ بداية هذه اللحظة.
______________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *