رواية كواسر أخضعها العشق الفصل الثاني عشر 12 بقلم نورهان آل عشري
رواية كواسر أخضعها العشق الفصل الثاني عشر 12 بقلم نورهان آل عشري
رواية كواسر أخضعها العشق البارت الثاني عشر
رواية كواسر أخضعها العشق الجزء الثاني عشر
رواية كواسر أخضعها العشق الحلقة الثانية عشر
لا أُريد خسارتك..
” تلك الجملة التي صفعني بها قلبي بعد أن أصبحت قاب قوسين أو أدني من تحقيق انتصارًا عظيم بتجاوزك . ليعيدني مرة أخرى إلى أسوأ مرحلة بحياتي وهي انتظارك ..”
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
ترجلت من سيارة الأجرة عائدة من عملها الذي كان الشئ الوحيد الذي يخفف من وطأة ذلك الألم الرهيب الذي يغزو قلبها بضراوة ولا يفلح معه أي مسكن . فكيف لقلب أن يسكُن بغياب وتينه ؟
صفعتها حقيقة أن غيابه لا يُحتمل وهي التي ظنت أن جرحه لها سببًا كافياً لجعلها تكرهه ولكن اتضح أنها مخطئة و أن قلبها بالرغم من كل شئ لازال يعشقه و يشتاقه حد الجنون و خاصةً حين علمت أنه طلق تلك المرأة. لا تنسي انتفاضة قلبها الذي كان يرقص فرحًا بداخلها بينما هي خارجيًا جامدة لا تتأثر أمام أعين زينات التي فاجأتها منذ عدة أيام بزيارة غير متوقعة
~~عودة لوقت سابق~~
فتحت باب الشقة لترى من الطارق فتسمرت وهي تري زينات أمامها فتوقفت لثوان محتارة ماذا تفعل و كان الصدمة شوشت تفكيرها فجاءها صوت زينات المنكسر
” هل ستدعيني ادخل أم ستطرديني ؟! ”
شعرت بالحرج من كلماتها فأجابتها بلهفه
” ما هذا الحديث . تفضلي ..”
دلفت زينات برفقتها الي غرفة الصالون و ما أن جلست حتي سألتها هدى:
“سأحضر لكِ قهوتك..”
قاطعتها زينات بلهفة :
“لا . لا اريد شيء . فقط اجلسي اريد الحديث معك ”
جلست هدي بهدوء وهي تحاول إخفاء دهشتها من نظرات زينات المنكسرة و توترها الملحوظ فقد كانت تلك المرة الأولي التي تراها بتلك الهيئة !
” اعلم انكِ مندهشة من زيارتي و تتساءلين عن سببها ..”
تعثرت الكلمات على شفتيها من فرط الحرج ولكنها بالنهاية قالت بجمود :
“في الحقيقة ، أجل ..”
“إذن سأدخل في الموضوع مباشرة . لقد كنت اغار منكِ يا هدى . لا تندهشي. هذه هي الحقيقة فقد كنتِ مرآة لعيوبي أمام شاهين . كنتِ النقيض لي في كل شيء و قد جعله هذا يتعلق بكِ كثيرًا حين رأيت تعلقه بدأت أن استوعب أنني فقدت طفلي و بدلًا من أن احاول استرجاعه حاولت أن أفسد العلاقة بينكم ..”
يحدث أن يكرهك أحدهم ليس لانك شخص سئ بل لكونك جيد بالقدر الذي يجعله يري مدي بشاعته …
نورهان العشري ✍️
كان إقرارها بذنبها أمرًا مثيرًا للدهشة التي تعاظمت ما أن رأت بعض العبرات تنساب من مقلتيها وهي تتابع بندم:
” كنت أعرف أني مهما حاولت الحديث لن يسمعني لذا
نفذت مرادي عن طريقك . و جعلتك نسخة من تلك المرأة التي يكرهها وهي أنا ..”
رغمًا عنها تأثر قلبها بحديث زينات و ندمها المُتجلي بوضوح في نظراتها و ملامحها فحاولت أن تُخفف من وطأة الأمر قائلة :
“لم يكن الذنب ذنبك أنتِ فقط . فأنا أيضًا أخطأت بحق نفسي و حق شاهين . ”
هتفت زينات بلهفه :
“شاهين يحبك كثيرًا . يحبك أكثر من أي شيء في هذا العالم . لقد طلق تلك المرأة .”
هبت هدى من مقعدها تحاول ألا تتأثر بما سمعته وهي تقول بجفاء:
“هذا الأمر لا يعنيني ..
زينات بتوسل :
“هدى . لا تفعلي ذلك رجاءً. اعلم انك تحبينه . و هو أيضًا يحبك .. كما أنني أقسم لك بألا ازعجك مجددًا . سأفعل المستحيل حتى تسامحيني .”
قاطعتها هدى بألم :
” سيدة زينات أرجوكِ ..”
زينات بلهفة :
“أعلم أنني لا أجيد الاعتذار ولكنني آسفة . آسفة على كل شيء .. ”
~~عودة للوقت الحالي~~
زفرت هدى بتعب وهي تتوجه الى البناية فإذا بها تسمع صوت ليث طفلها يناديها فالتفتت بلهفة لتجده يمسك وردة صغيرة حمراء يمدها إليها فالتقطتها بأعين مندهشة فإذا به يجذبها من يدها وهو يقول :
“تعالي معي ..”
أطاعته بصمت ليلتف بها إلى الحديقة الخلفية للبناية فإذا بها تتسمر بمكانها حين رأت هذا المظهر الخلاب فقد زينت الحديقة بأكملها بالورود الحمراء بداية من ممر طويل جذبها ليث للسير به لتتوقف بمنتصف الحديقة تنظر حولها بصدمة سرعان ما أذابها دفئ حضوره الذي شعرت به يكتنف ظهرها و يديه التي تسللت حول خصرها تعانقه فيما احترق سائر جسدها تأثرًا بتلك القبلة التي وشم بها عنقها من الخلف قبل أن يقترب من أذنها قائلًا بهمس محترقٍ :
“نسيت أخبارك ذلك اليوم بأنك روحي ولا يمكن لأحد أن يودع روحه بملء إرادته .. لذا أن أردتي الوداع الحقيقي فأنا أرحب بالموت علي يديكِ ..”
قشعريرة قوية ضربت سائر جسدها تأثرًا بكلماته و همسه المحترق الذي أضرم نيرانًا هوجاء بصدرها الخافق بعنف مما جعل حلقها يجف فلم تستطيع إخراج الكلمات من بين شفتيها و انصاعت لأنامله الخشنة التي وضعها أسفل ذقنها ليدير رأسها إليه ليجهز على الباقي من ثباتها بنظراته التي غلفها العشق الذي انساب من بين حروفه حين قال بخشونة:
“هام القلب عشقًا لكِ و اكتفت بكِ الروح عن العالمين ..”
شعرت بأقدامها على وشك التلاشي من فرط المشاعر الجياشة التي كان يغدقها بها في تلك اللحظة و كأن كل شئ بها كان يتآمر مع ذلك الرجل ضدها حتى أن أوجاعها حاوطها ضماد كلماته فتخدرت ، ولكن كان للعقل رأيًا اخر فلم يسكره نبيذ العشق ولا خمرته فإذا به يوقظها من لجة الهوى التي كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تسحبها الى أحضانه لتدير وجهها إلى الجهة الأخرى بأنفاس مقطوعة و نبضات جنونية جعلت لهجتها مبحوحة حين قالت
” تعلم أن الأمر لن يفلح هكذا ..”
لم تخطئ أذانها خيبة الأمل في نبرته التي حاول جعلها هادئة حين قال:
” اعلم ذلك . و لكن اعلمي أيضًا بأن فراقنا شئ غير قابل للنقاش من الأساس . ”
سعادة غامرة اجتاحت قلبها من كلماته قوبلت بغضب و استنكار من جانب عقلها الذي اهتاج من هيمنته بتلك الطريقة
“هل هو إجبار ؟ ”
أجابها شاهين ببساطة
“نعم . ”
تضاعف الحنق بداخلها فهتفت بجفاء :
“أتساءل كيف احتملت بغيض مثلك لعشر سنوات انا حقًا أكرهك ”
شاهين بلهجة خطرة تحمل الوعيد في طياتها
لا تكررين تلك الكلمة مرة أخرى فبإمكاني إثبات العكس في هذه اللحظة ولكني أخشي أن يصاب والدك بجلطة دماغية ما أن يشاهد ما أنوي فعله”
انتفضت كالممسوسة وهي تنظر خلفها لتتفاجئ بوالدها الذي كان ينظر إليهم من نافذة غرفته المطلة على تلك الحديقة فشعرت بتيبس أطرافها من فرط الخجل الذي تضاعف حين رأت نظرات المارة إليهم فهمست بحرج
“يا إلهي أبي يرانا و الناس أيضًا تتفرج علينا بسببك”
“لم يظهر الاكتراث على معالمه بل قال بلهجة كسولة
“باستطاعتي أن أعطيهم مشهد أفضل لكي يستمتعوا بالمشاهدة أكثر .”
هدى بعدم فهم:
“ماذا يعني هذا ”
أجابها بوقاحة :
“باستطاعتي تقبيلك مثلًا !”
شهقت من وقاحته و هتفت مستنكرة :
“هل أنت مجنون ؟ تريد تقبيلي أمام كل هؤلاء الناس ؟”
كان يضع يديه في جيب بنطاله و عينيه تبحران في المكان حولهم بعد اكتراث تجلي في نبرته حين قال:
” لا يهمني الناس ، و أجل ؛ يمكنني تقبيلك أمامهم جميعًا ولن اهتم لأحد . ولكني انظر إلى ما بعد التقبيل فالنتيجة الحتمية لتلك القبلة لا أحبذ أن تحدث أمام هؤلاء الناس أبداً والا ستصبح سمعتي كمحامي لامع علكة في افواه الجميع و أنتِ كسيده محترمه ستصبحين المرأة الأولى في دولتنا .. لذا هيا إلى البيت..”
كادت أن تصرخ في وجهه من فرط حنقها من وقاحته ولكنها اكتفت قائلة بحدة
” اتعلم سأقوم بإزهاق روحك فور أن نعود إلى المنزل ..”
من شدة غيظها لم تلاحظ ماقالته و الذي جعله يبتسم قبل أن يضيف بتخابث
” إذن أنت تفكرين فيما افكر به؟”
غزت الحيرة ملامحها فلم يتيح لها الفرصة للتساؤل إذ قال بمكر
” يا للصدف الجميلة فزوجتي المصون ذو تفكير منحرف !”
تعاظمت حيرتها وقد الن بنفاذ صبر:
“لا افهم شيء مما تقوله الآن ؟ ماذا تقصد ؟”
حاول قمع ضحكاته بشدة وهو يتابع خطته قائلًا بوقاحة: “اقصد أنني أيضا افكر في إزهاق روحك ما أن نعود إلى منزلنا و تحديدًا عندما نصعد إلى غرفتنا ”
شهقت من وقاحته و أرادت في تلك اللحظة أن تلكمه في فمه حتى تمحي تلك الابتسامة المستفزة من على ملامحه ولكن رنين هاتفه حال دون ذلك و خاصة حين وجدته يتحدث باهتمام :
” ماذا حدث ؟ إذن هل هي بخير ؟ نعم هدى معي سأجلبها و آتي في الحال ..”
أنتابها القلق وهي تستمع إلى كلماته وما أن أنهى مكالمته حتى هتفت باهتمام:
” ما الذي حدث ؟”
شاهين بحزن
” نور . أنها تعاني من انهيار عصبي و تهدم البيت فوق رأس فراس و تريد رؤيتك في الحال ….”
************
أخبرتها ذات يوم : أنا رجل سئ فلا تتورطي بي !
فأجابتني بكل هدوء : ماذا لو تورطت أنت ؟”
أجبتها بغرور : مثلي لا يليق به الوقوع في الحب !
فابتسمت بثقة و أرسلت بعينيها الفاتنة سِهام التحدي قبل أن تقول بتمهل : ” و مثلي لا يُمكِن أن تكون عابرة . فتذكر هذا جيدًا.”
و الحقيقة أنني لم أنس أبدًا فمُنذ ذلك اليوم و أنا عالِق عِند تِلك العينين التي إستقرت سِهامها في مُنتصف قلبي الذي أعلنها و بكُل طواعية أنه لا يليق به سوي الوقوع بعشقها…
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت تقف أمام الشرفة تنظر إلى البعيد و تفكر في كل ما حدث معها ، حياتها التي تبدلت و عالمها الذي انقلب رأسًا على عقب للحد الذي جعلها عاجزة حتى عن التفكير . تشعر بأنها ناقمة على ماضيها و متخوفه من مستقبلها و غاضبة من واقعها الذي يتمثل به ! هي منذ ذلك اليوم لا تحادثه و لا تجلس بغرفتهم و تتجاهله بطريقة تعلم أنها تغضبه وقد تركها حتى تستوعب ما حدث ولكنها اطالت الأمر قليلًا للحد الذي جعله لم يعُد يحتمل هذا الوضع أو ربما أنه الشوق الذي جعله ينهب الخطوات التي تبعده عن تلك الغرفة اللعينة التي تمكث بها والتي أقسم أن وجدها تغلقها بالمفتاح هذه المرة أيضًا فسوف يهدم هذا الباب و حتى سوف يهدم هذا القصر بأكمله لم يعُد يُبالي لشيء .
وصل إلى باب الغرفة و قام بإدارة المقبض الذي انفتح بسهولة فقام بالدخول ليجدها تقف أمام الشرفة بينما تتطاير خصلات شعرها خلفها جراء تلك النسمات الباردة التي كانت تأتي من الخارج فكان مظهرها الفاتن في مواجهة شوقه الضاري و الذي تضاعف أكثر حين التفتت تناظره فوقعت عينيه على وجهها الصبوح و ثوبها الذي كان يضم جسدها بقوة جعلته يلتصق بها كجلدها تمامًا فحاول أن يخفي تأثره من فتنتها حين قال بفظاظة
“هل أنا مُعاقب أم ماذا ؟”
نور بسخرية :
“هل تتساءل حقًا ؟! ”
فراس بانفعال:
“نعم ؟ هل لكِ أن تخبرِني بماذا اخطأت لتعاقبِني هكذا ؟”
نور بحنق غلفته بلهجتها الساخرة:
“الأمر مُحيرًا من أين سأبدأ يا ترى ؟ هل ابدأ بتلك اللعينة التي خنتني معهـا ؟ أو ابدأ بشكك بي و وضعي تحت هذا الضغط الذي كاد أن يقتلني ؟ أم بمعرفتك من البداية بأن فريال ليست والدتي ولم تخبرني ؟”
تجاهل غضبه الضاري وقال بخشونة:
“أولاً لم اخنك . فقد سايرتها حتى أستطيع أن أصل لمبتغاي ولا داعي للدخول في تفاصيل غير مهمة ولكنها الحقيقة لم أخونك أبدًا . ”
نور بتهكم:
“و من المفترض أن أصدقك !”
فراس بجفاء:
“ستفعلين ..”
أوشكت علي الحديث فأوقفتها يداه وهو يتابع بفظاظة
نأتي لشكي بكِ كما تزعمين لم يحدث ذلك أبدًا . ولكن كان لابد لي من فعل ذلك و لكي تتأكدي فأنا وضعت المستندات الصحيحة في الخزانة لتجلبيها أنتِ .. وتركت المزيفة في مكتبي حتى تحصل عليها تلك اللعينة امل لتخبر فريال بأمرها..”
نور بعدم فهم :
“لحظة. لحظة . أليست أمل هي سكرتيرتك ؟ ”
فراس بجفاء :
“نعم و قد كانت تعمل لصالح فريال . و لمعلوماتك حين ألقي القبض علينا كان البلاغ كاذباً لأن شحنة الأسلحة قد تسلمناها في ذلك اليوم الذي أتيت به إلى الشركة ..”
نور باندهاش:
“إذن أنت كنت تضلل فريال و تخطط لتوقعها .. و جعلتني بيدقًا في لعبتك .”
طافت عينيه عليها بطريقة اربكتها قبل أن يقول بخشونة:
“أن أردتي أن تعتبريه هكذا فالأمر عائدًا إليكِ..”
أظلمت عينيه قبل أن يضيف بغزل خفي أصابها بالانتشاء للحظات:
” علي الرغم بأني لم أرٍ بحياتي كلها بيدقًا بهذه الفتنة .. و إلا لما كانت الحروب توقفت أبدًا ..”
حاولت تجاهل تلك الرعشة القوية التي إثارتها كلماته داخلها مواصلة هجومها السافر حين صاحت بلهجة مهتزة:
” نأتي لأمر السيدة فريال. لماذا لم تخبرني فراس ؟”
قالت جملتها الأخيرة بعتبٍ كبير لامس زوايا قلبه فقال بنبرة متحشرجة:
” كانت وصية والدك ألا تعلمين كي لا تلومينه على موت والدتك .وقد كان الأمر يؤرقني كثيرًا و لكن كنت مكبلًا بأصفاد ذلك الوعد الذي وعدته إياه ..”
اومأت بصمت قبل أن تهمس باستفهام تعلم كم مؤلمه إجابته:
” هل كان أبي يعمل مع المافيا حقًا ؟! ”
زفر بحنق قبل أن يجيبها بوضوح:
” نعم . وهو من جلب هذا البلاء علي رؤوسنـا . ولكني وصلت إلى اتفاق جيد معهم منذ زمن. ”
” أي اتفاق ؟”
هكذا همست بتوسل لكي يجيبها بأي شيء يمكن أن يريحها ولو قليلًا :
” اتفقنا بأن أمرر لهم تجارة الألماس في الشرق الأوسط من خلالنا و أيضًا أعمل كوسيط بينهم و بين الحكومة لتمرير الأسلحة للجيش ..”
نور بلهفه:
” إذن أنت لا دخل لك بتلك الأعمال المشبوهة كالمخدرات و تجارة الأعضاء و..”
قاطعها نافياً :
” لا فقط الأسلحة و الألماس.. ”
ارتاحت نسبيًا ولكن لم يزل قلقها ولا رفضها لتلك الأشياء فزفرت بتعب انتشلته منها لهجته الخشنة حين قال:
“والآن هل انتهينا من ذلك الخصام اللعين أم لا ؟”
همست بخفـة :
” لا ..”
التقمت عينيه وميض المكر الذي التمع بعينيها فقال بلهجة آمرة :
“اقتربي ..”
تلاحقت ضربات قلبها بجنون من تلك النظرات المفعمة بالشغف الذي أطل من عينيه فتمنعت قائلة :
” ماذا تريد ..”
لم يخجل من إعلانه الصريح حين قال بخشونة
” أريدك ..”
“هذا تصريح خطير . هل تعلم ذلك ؟
تدللت على أوتار قلبه الذي تأججت به نيران الرغبة الجامحة التي يغذيها عشق جارف جعله يقول بلهجة متحشرجة :
” اعلم . ولكن هل تعلمين انت ما مقدار خطورته ؟ ”
كان يتحدث وهو يتوجه ناحيتها بخطوات وئيده تزيد من توترها للحد الذي جعل صوتها مبحوحًا حين قالت
” لا .. أن كنت تعلم أخبرني ؟”
نعم هو يعلم ما ترمي إليه و لكنه للآن لم يعترف به حتي لنفسه لذا قال بنفاذ صبر :
“ما الذي تريدين سماعه بالضبط ؟”
كان يقف على بُعد إنشات منها مما جعلها تنزع ثوب الخجل جانبًا وهي تضع يديها فوق قلبه الثائرة نبضاته قائلة بتحدٍ:
” أريد أن أعلم ماذا يوجد هنا ؟”
تعمد مراوغتها وهو يجيب بسخرية :
“دماء ”
تراجعت للخلف قاصدة وضع مسافة بينهم وهي تومئ برأسها بحزن أطل من عينيها فآلمه قلبه وهو يهمس بخفوت
“لما الحزن ؟”
أسدل الحزن ستاره على باقي ملامحها و اصطبغت به نبرتها حين قالت :
” لا شيء ..”
أطلق الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة قبل أن يقول بنفاذ صبر :
” تريدين مني ما لا أملكه ”
لم تستطع منع نفسها من القول بغضبٍ :
” لا أوافقك. أنت تملكه ولكنك تتبرأ منه . ولكني لا اهتم كثيرًا فلندع الأمر على ماهو عليه ولا يطالب أي منا الآخر بما لا يستطيع .. ”
جذبتها يديه من خصرها بغتة لتجد نفسها أسيرة لذراعيه وأنفاسه التي كانت قريبة من وجهها للحد الذي جعلته يكتوي بسخونتها فأدارت وجهها عنه ليصطدم همسه بوجنتها حين قال :
” اعترض . فأنا أطالب بكل شئ يخصك. فأنتِ و الهواء المحيط بك ملك لي . عليك أن تفهمي ذلك . ”
التفتت تناظره بندية وهي تقول باعتراض:
” حسنا و في المقابل ماذا أملك أنا ؟ ”
همس بخشونة ذوبت جليد تمردها :
” لو أردتي نجوم السماء لجلبتها لكِ في الحال ..”
تماسكي يا نور. فأنت قاب قوسين أو أدني من تحقيق غايتك … هكذا كانت تحادث نفسها لئلا تقع ضحية لإغواء رجل تنحني أمامه جميع حواسها و يخشع له كل شيء بها من مجرد لمسة واحدة .
” لا… تركت لك النجوم فهي جماد لا روح فيها ولا حياة بل أريد شيئًا حيًا .. ينبض باسمي ويكون هذا كافيًا بالنسبة إلي ..”
كانت تتحدث بجرأة غير مسبوقة لها ناهيك عن ملامحها التي تضج بتحدٍ فاتن هُزِم أمامه ذلك الذي لم يتذوق طعم الهزيمة بحياته سوى أمامها لذا همس أمام شفاهها بصوتً أجش
” لكِ ما أردتي . ”
أوشك على نيل مآربه و اقتناص شفتيها فأدارت رأسها للجهة الأخرى وهي تقول بجفاء:
“لا تخبرني بذلك فما أريده بعيد كل البعد عن يداك ولا تستطيع إعطاءه لي ؟ ”
لن تكتفي بهزيمته أمامها فقط و إنما أرادت اعترافًا صريحًا لذا أخذ نفسًا قويًا معبئًا بأريج رائحتها قبل أن يهمس بخشونة:
” أُحِبُك…”
هتفت قائلة بحنق:
” لا تحاول فأنا أعلم جيدًا لا قلب لك من الأساس و كيف لهاديس أن يحب اصلًا ..”
أعاد كلمته بلهجة خافته :
“أُحِبُك نور ..”
ارتفع هتافها وهي تحاول التملص من بين يديه قائلة بجفاء:
” لالا لا رجاءً لا تكذب لإرضائي فقط فأنا هُزِمت و أيقنت أنني كنت مخطئة وانت لن تتغير بيوم من الأيام وسأظل عالقة في ظلامك إلى الأبد …”
قاطعها حين جذبها بقوة لتتعانق أضلعهم من شدة التصاقها به بينما كانت يديه تمسكها من كتفها وهو يزأر بقوة أرعدتها :
“أعشقك يا نور. سمعتي أعشقك ..”
تفاجئ من يديها التي امتدت تُحيط عنقه قائلة بدلال
“اعلم ..”
استفهم بغرابة :
“ماذا ؟ ”
تراقصت دقاتها علة أنغام الشغف الذي يجيش بصدرها حين أعلن أنه يحبها و همست بغنج :
“أعلم أنك تعشقني ولكن أردت سماعك تصرخ بها ..”
ابتسم بخفة وهو يعض على شفتيه السفلية بتوعد شاب لهجته حين قال :
“كنتِ تخدعينني إذن! ”
اومأت بدلال فهمس بخشونة
” تستحقين عقاب .. لقد اشتهيت عقابك الآن ما رأيك ؟”
لونت ابتسامه رائعة ملامحها و ذمت ثغرها الوردي وهي تقول بدلع:
” لم لا ؟ فأنا أيضًا . اشتقت لمرضاتك لي بعد ذلك العقاب المزعوم ولكن احذر رُبما أطيل الزعل هذه المرة من يعلم ؟”
همس فراس مزمجرًا :
“افعلي ما تشائين فكل ما يأتي منك علي قلبي مثل العسل ..”
احتوت كفوفها وجهه وهي تهمس بخفوت أثاره كثيرًا
” يا أسدي الجسور أحبك …”
أظلمت عينيه برغبة قاتلة فقد أثارت كلماتها زوبعة من المشاعر العاتية التي كان السيطرة عليها دربًا من دروب المستحيل فزمجر بخشونة
” اللعنة …”
لحظة خاطفه جعلتها أسيرة لسطوة عشقه الضاري الذي كان ينثره بشغف فوق شفاهها منبع ظمأه و ارتوائه فأخذ ينهل من نبيذها بتلذذ فقد كانت نورًا اضاء عتمة قلبه الذي تئن دقاته هامسه باسمها فيما تصرخ كل ذرة من كيانه مطالبة بها تلك الصغيرة التي أوقدت بجوفه نيرانًا مستعرة لا تهدأ أبدًا حتى أنه كان يخشى عليها من فرط جنونه فهمس من بين أنفاسه الحارقة
” أكاد أجن بكِ يا نور. ما الذي تفعلينه بي ؟”
تهدجت أنفاسها من فرط التأثر فهمست بخفوت:
“ابادلك ذلك الجنون فراس ..”
أخذت شفاهه تنثر ورودها فوق ملامحها وهو يهمس بنبرة متحشرجة:
“أخشي عليك من أن لا تحتملين ذلك الجنون..”
همست بخفوت :
” هل أملك خيارًا آخر يمكنه ري حبي المتعطش لك ؟”
زمجر بخشونة
“قطعًا لا ..”
همست بصوتًا عذب
” إذن أنا استسلم لقدري بين يدي أمير الظلام خاصتي ..”
اغمض عينيه يستمتع بمذاق كلماتها العذبة بينما امتدت يديها تتلمس بشرته الخشنة وهي تضيف بخفوت
_ لن تستطيع التخلص مني أبدًا ..
تستمر القصة أدناه
انفرج ثغره بابتسامة رائعة قبل أن يقول بنبرة متحشرجة
” وهل لا أعلم ..”
ترك قبله بسيطة فوق أرنبة أنفها قبل أن يضيف بخشونة:
“أنتِ كاللعنة التي سرت بأوردتي فلا استطيع التنفس بدونك أبدًا .”
” أحبك فراس ..”
لم يعد هناك مجالًا للحديث ، فلم تخلق من الكلمات ما يمكن أن تصف ما يحدث بينهما لقد توحد نبضهما في عزف نغمة واحدة كما توحد جسديهما في روح واحدة لا تبغي الافتراق أبدًا فما أن تجد الأرواح انصافها حتى يندثر كل شئ أمام ائتلافهم الذي أثمر عن عشق أهوج أطاح بكل شيء يحيط بهم فتلك المنضدة الملقاة أرضًا و تلك الزهرية المحطمة. هذه الشراشف المبعثرة و تلك الآنات التي تضج بها جدران الغرفة ما كانوا إلا لوحة حية لذلك العشق ..
***********
” أين نور لا أراها بحثت عنها بكل مكان ”
هكذا استفهمت هدى وهي تبحث حولها تحت أنظار شاهين الماكرة و الذي قال بمزاح
“هل يكون فراس ابتلعها ياترى ؟”
استنكرت هدى مزاحه قائلة :
” هل هذا وقت المزاح يا ترى ؟”
استمرت بالنداء وسط أنظاره العابثة حين أجابها
” تخمين جيد ألا تعتقدين ذلك ”
إجابته بسخافة
“لا اعتقد ..”
شاهين بوقاحة :
“بلى أنا أعتقد تخيلي أن يقوم بتقبيلها فيبتلعها.. ”
صاحت غاضبة:
“اصمت..”
أطلق ضحكة مجلجلة وهو يقترب منها قائلًا
“ألا ترين فمه أنه بحجم الضفدع..”
توقفت بمنتصف البهو وهي تقول بترقب بعد أن بدأت تفطن لم يحدث :
” لمَ أراك مرتاحًا هكذا ؟ ايعقل أنك ..”
” ألازلتِ تتسائلين ؟ ”
قاطعها صوت فراس القادم من الأعلي و بجانبه نور التي كانت تندهش من رؤيتها بالأسفل فصاحت بفرح
” هل اجتمع شملكم ؟”
كانت ترتجف من فرط الغضب لذلك الفخ الذي وقعت به و جاءت كلماته لتزيد الطين بلة ..
” علميًا نحن عدنا . عمليًا ما زلنا نتشاجر ..”
تجمدت من فرط الصدمة حين سمعت كلماته و سرعان ما تحولت صدمتها إلى غضب عارم و حين التفتت لتصب هذا الغضب فوق رأسه تفاجئت بنفسها تطير في الهواء وجائها صوته المشاكس ليزيد من اشتعالها
” هيا لننهي ذلك الشجار اللعين بعيد عن أعين المتطفلين ”
صاح فراس بتقريع :
” أي متطفلين يا وغد؟ ألم تخدع الفتاة و تأتي بها إلى هنا؟”
أخذت هدى تركل بأقدامها هنا وهناك وهي تصيح
” نعم . لقد فعل ذلك . لقد خدعني …”
صاح شاهين بحنق من فراس:
” أصمت أيها اللعين هل تجدها بحاجة لأن تُذكرها؟”
صاحت هدى بانفعال:
” أنزلني ..”
تجاهل شاهين صراخها و التفت قاصدًا قصرهم وهو يقول باستفهام:
“هل ازداد وزنك قليلًا ؟ ”
تعاظم حنقها و صاحت مغلولة و لا زالت تحاول الفرار من بين براثنه :
“ما هذا الغباء الذي تتفوه به ”
استطرد قائلًا :
“لديكِ حق أنه بالفعل سؤال أحمق . ولكن لا تقلقي فقد صبت تلك الزيادة في أماكنها الصحيحة”
كان كل حرف يتفوه به يثير غضبها أكثر لذلك صاحت بانفعال
“اصمت . اقسم لك سأقتلك .”
أجابها شاهين بوقاحة :
“أعدك سنقتل بعضنا البعض ولكن ليس أمام الجميع هكذا ”
انهى كلماته و التفت إلى الجميع خلفه فقد أخرجهم صراخ هدى من غرفهم و وقفوا يطالعون ما يحدث بصدمة:
“فلتصلوا جميعكم و تدعون لي أن استطيع ترويض تلك النمرة الشرسة و إلا ستقتلني بالفعل ”
تدخل فراس بمزاح:
“خذي راحتك يا هدى ”
هتف شاهين قبل أن يتوارى عن الأنظار :
“لعيــن ”
قهقه الجميع على ما يحدث بينما امتدت يديه تعانق خصر نور الضاحكة ليقربها منه وهو يقول بخبث
” اقترح أن نكمل ما كنا نفعله قبل أن يأتي ذلك الوغد ..”
همست نور بخجل
” فراس…”
” أمي .. أبي ..”
هكذا جاءهم صوت إياد الذي هرول تجاههم لينحني فراس وهو يحمله بين يديه وبالآخرى يضم خصر نور التي قالت بحنان
“حبيبي ..”
صاح إياد بتوسل :
“أمي أريد أخًا صغيرًا مثل صديقي أنس لقد جلبت له أمه أخًا جميلًا للغاية..”
خجلت نور من حديث إياد وخاصةً حين جاءهم صوت ساجد من الأسفل :
” و أنا أؤيد إياد بشدة . نحتاج لطفلة جميلة تشبه نور لتضئ عتمة هذا المنزل ..”
التفت فراس يناظرها بعشق فيما ازداد ضغط يديه حول خصرها وهو يقول بهمس خشن
“لا أحد يشبه نور ابداً ولكنها فكرة جيدة ما رأيك بأن نبدأ بتنفيذها الآن ..”
روت دماء الخجل وجنتيها فأنبتت زهرًا وهي تهمس
بخفوت:
” رجاءً اصمت ..”
هتف اياد بحماسٍ :
” اقبلي يا أمي أرجوكِ و سأذهب معكم و أنتما تجلبان اخي الصغير ..”
حينها لم يستطيع فراس قمع ضحكاته التي شاطرته إياها نور و كذلك الجميع .
*********
” اتركني ايها الأحمق ..”
هكذا صاحت هدى بنفاذ صبر فلم يعيرها شاهين أي إنتباه بل تابع صعوده إلى الأعلي وتحديدًا غرفتهم ثم قام بإنزالها وهو يغلق الباب خلفه ليتعاظم الحنق بداخلها وهي تصيح :
” هل هكذا تظن أنني سأسامحك ..”
أجابها بهدوء استفزها
” لقد سامحتني منذ زمن يا هدى ..”
حاولت المناص منه بأن تدير رأسها إاىالجهة الأخرى فاوقفها وهو يحاوط كتفيها بيديه قبل أن يقول بنبرة متزنة:
” دعينا نتحدث بصراحة يا هدى . كلانا يعلم أخطاءه و كلانا يعشق الآخر . لما لا نجد ارضًا صلبة نقف عليها في علاقتنا ؟”
تهدلت أكتافها بتعب تجلي بوضوح في عينيها فقالت بنفاذ صبر :
” حسناً تريد الصراحة .. نعم لقد سامحتك . ولكني لا أستطيع أن أنسى . بالرغم من انني اعلم مقدار خطأي ولكن لا أستطيع أن أمحو من ذاكرتي انك كنت مع امرأة أخرى …”
قاطعها صوته الصارم حين قال :
” انك عنيدة لدرجة تجبرين نفسك على تحمل أشياء لا تكفي طاقتك لها..”
هدى بحنق :
” ما هذا الآن ؟”
شاهين بهمس اخترق جميع أسوارها:
” لا تجهدي نفسك أكثر . يكفي أن تسامحيني هذا ما عليكِ فعله . أما النسيان سأتكفل به ..”
همست بلوعة
” شاهين..”
قاطعها بعشق :
” أعدك أن امحي تلك الذكريات السيئة من عقلك . فقط أعطيني فرصتي إكرامًا لهذا الحب الكبير الذي بيننا”
تململت بين يديه تحاول الحفاظ على المتبقي من ثباتها فهتفت بيأس :
” الأمر لا يقتصر على الحب فقط ! لا يستطيع الإنسان أن يحي مع شخص لا يفهمه .. ”
عارضها قائلًا :
“و من قال لكِ أنني لا افهمك ”
هتفت بالم:
“دائمًا ما تفسرني بصورة خاطئة .. صمتي يبدو لك كأبة و حزني يبدو لك بؤس . و تفهم ابتساماتي المحبطة على أنها رضا ! ”
شدد من احتضان كتفيها وهو يقول بإصرار
” أعدك أن ابذل قُصاري جهدي حيال ذلك.”
” و أن فشلت ؟”
استفهمت بوهن فأجابها بقوة:
” سأحاول مراراً و تكراراً حتى لو تطلب مني الأمر أن اهدهدك كطفل صغير حتى تخبريني ما بك ..”
لامس بوادر استسلامها من على بعد فاقترب منها هامسًا
” الفراق ليس خيارًا مطروحًا بيننا فلن أفرط بكِ أبدًا يا هدى ..”
كانت محاولتها الأخيرة قبل أن تسقط جميع دفاعاتها أمامه فهمست بغضب مُزيف
” ما تتفوه به يُعد حماقة كبيرة ..”
هدأ قلبه بعدما رآى عينيها التي بدأت تصفو أمامه فهمس بنبرة تحمل من العشق بقدر ما تحمل من الشغف :
” اعتقد ان الوقوع بعشقك كانت أعظم حماقة ارتكبتها في حياتي …”
غافلتها شفتاها و أفصحت عن بسمة رضا لونت ملامحها الجميلة فأطلق زفرة حارة من جوفه وهو يقول بارتياح :
“يا إلهي ..
أخيرًا كدت أن أموت خوفًا من أن أفقدك ..
أحبك هدى .”
هكذا خضعت الكواسر وانتصر العشق رغم ضراوة خصمه و أشرقت هي بنورها علي دجى الظلام الذي كان ملكًا علي عرشه . و ذلك الضال الذي تمرد علي عشقها فجاب أنحاء السماء باحثًا بكل النساء عن شبيهتها .. فعصب القلب عينيها عن سواها ليهتدي أخيرًا بها و يرفع بَيرق العشق أمام تمرده .
تمت…
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كواسر أخضعها العشق)