رواية نيران الغجرية الفصل الثاني 2 بقلم فاطمة أحمد
رواية نيران الغجرية الفصل الثاني 2 بقلم فاطمة أحمد
رواية نيران الغجرية البارت الثاني
رواية نيران الغجرية الجزء الثاني
رواية نيران الغجرية الحلقة الثانية
نهض من الفراش يرتدي بنطاله مطالعا مريم النائمة بعمق عدل وضع الغطاء عليها و خرج الى الشرفة يطل منها على الحديقة سامحا للهواء البارد بضرب صدره العاري فيفشل رغم ذلك في إطفاء نيرانه التي اندلعت منذ سنين.
أسند عمار ذراعيه على سور الشرفة و تلك الذكريات تهاجم عقله دفعة واحدة كأنها شريط فيديو مسرَّع يعرض حياته أمامه ، بداية من وفاة أمه و انهيار والده و كرهه العجيب له ثم زواجه ، انعزاله عن بقية العائلة إلا عن زوجة أبيه سعاد المرأة الحنونة و عن جدته ، مرور السنوات وهو يتمنى أن يلمح نظرة واحدة فقط من أبيه و جهوده ليجعله يحبه ومع ذلك رأفت بقي يتجاهله لسبب يجهله و أخيرا إرساله إلى مدرسة داخلية بعيدة مئات الكيلومترات عن مكان سكنهم و بقائه وحيدا وسط الغرباء ….
راح بجمود يشعل سيجارة وراء أخرى ينفث دخانها ببطئ في الفراغ و عيناه لا تقلان احتراقا عنها ، و بكاؤه وهو صغير يمر عليه بتفصيل وكأنه يعايش تلك اللحظات مجددا …. ” بابا متسيبنيش هنا انا بخاف ومش عايز اقعد لوحدي …. طنط سعاد علشان خاطري خليني ارجع معاكو …. بابا مجاش يزورني ليه ….. متبعدونيش عنكو انا خايف …. ”
و فجأة جال بذاكرته كابوسه الدائم …. المشهد الذي رآه في صغره منذ ما يقارب ال 20 سنة ولم يستطع نسيانه أبدا … تلك المرأة ذات العيون الزيتونية وهي تحضن رجلا مجهولا و تخبره أنها تحبه هو فقط و أجبرت على الزواج من غيره ، ثم تقبله و تغلق باب الغرفة تاركة طفلا في العاشرة من عمره يراقب ما يحدث بصمت معتقدة أنه لا يفهم شيئا ….
شهق عمار يسحب الأكسجين لرئتيه ثم التفت خلفه و رآها ، نائمة بسلام و شعرها الغجري الكثيف يفترش الوسادة ، كتفيها الظاهران من الغطاء عاريين و فستانها و قميصه ملقيان بإهمال على طرف السرير ، مظهرها هذا أغراه و أشعل رغبته بها من جديد و بدون شعور تذكر أول مرة رآها فيها ….
منذ سنتين ونصف تقريبا تمت دعوته لحضور حفلة تخرج إحدى الجامعات الخاصة و لبى هو الدعوة و ألقى خطابا على الطلاب برسمية حتى رآها ، كانت جالسة في الصف الثاني تطالع شهادة التخرج و على وجهها ابتسامة حالمة جذبته بسكونها الغريب و شعرها المنسدل الذي تعتليه القبعة السوداء و سمرتها الناعمة لقد كان الطلاب جميعهم منتبهين لخطابه ما عداها ، لم ترفع وجهها قط و عندما فعلت اصطدمت بنظراته الثاقبة و ارتبكت ثم نهضت مغادرة القاعة مخلفة وراءها صوت رنات أدرك فيما بعد أنها ناتجة عن خلخال ترتديه.
سأل عنها ، و عرف أنها فتاة من طبقة متوسطة والدها كان من أشهر الصحفيين مولع بالكتب و يعشق السفر و كتابة المقالات المختلفة و أثناء تجواله يوما ما في إحدى القرى تعرّف على إمرأة تنتمي لقبيلة “النَّور” من غجر مصر ، أحبها و تزوجها رغم الرفض الذي طاله من عائلتيهما و إستقرا في قريته الريفية مع أهله حتى وافتهما المنية ، و عاشت إبنتهما مع عمها الذي تكفل بها لسنين طويلة قبل ان يرسلوها الى هذه الكلية بمنحة جامعية نظرا لتقديراتها العالية.
” مريم عبد الرحمن ” هكذا كان إسم الفتاة التي لفتت إنتباهه و شعر بإنجذاب غريب نحوها ، حاول بعد ذلك اليوم الانشغال و نسيانها الا انها في كل مرة كانت تغزو أفكاره و أحلامه أيضا ! مازال يتذكر هوسه برؤية وجهها مجددا فبحث و عرف عنوانها كانت مريم قد غادرت القاهرة فأهلها لم يسمحوا لها بالعمل بعد تخرجها فذهب الى القرية و رآها ذلك اليوم تمشي حافية على الأرض بقدمها المزينة بخلخال و تحمل إناء ماء فوق رأسها ، ترفع فستانها للأعلى قليلا وهي تركز ببعينيها السوداوتين على الطريق.
” غجرية فاتنة ” ، وجد عمار نفسه يردد هذه الكلمات وهو يتابع خطواتها مبهورا بها فقرر بتلك اللحظة أن تكون له لكن وجد صعوبة في ذلك فهو بالطبع لن يتزوجها و يحضرها عروسا الى القصر تنفيذا لرغبة إشتعلت فجأة عنده ولن يستطيع جعلها خليلته فقبلا هي فتاة يبدو عليها التحفظ و ثانيا هو لن يقبل ان يجعل لنفسه عشيقة يعيش معها علاقة غير شرعية.
اتخذ قراره و ذهب في اليوم الموالي الى منزلها يطلب يدها من عمها شرط ان يكون الزواج “سري” أي أنه لن يقيم حفل زفاف و يجلب عائلته ، وقتها سمع صوتها لأول مرة وهي ترفض بحزم لكن تجاهلها بأنانية و غادر ليتصل بعمها و يخبره بأنه سيدفع 3 أضعاف المبلغ المتفق عليه اذا استطاع إقناع إبنة أخيه بهذا الزواج ….
و كان له ما يريد ، عندما زارهم في المرة الموالية وجدها مطيعة و مستسلمة بشكل جعله يسخر منها فهاهي وافقت بعدما اغدقها بأموال طائلة لن تراها إلا في أحلامها.
– كله بحسابه.
قالها عمار بتهكم وهو يعود للواقع متذكرا طبيعة علاقتهما فهو يحتاجها عند تكاثر الهموم عليه و يلجأ لها لينسى ما يشغله بين ذراعيها مقابل أن يوفر لها حياة كريمة بعيدة عن نمط عيشها القديم ، فرغم أن عائلتها من الطبقة المتوسطة و ليست فقيرة بالمعنى الحرفي لكن ما يقدمه هو لها أفضل مليون مرة مما قدمه عمها !!
مرت ساعة أخرى وهو يدخن حتى شعر بجسد يحتضنه من الخلف و يدين ناعمتين تلتفان حول صدره ، بالطبع لم تكن سوى مريم فمن غيرها معه.
استدار عمار ناظرا لها بهدوء :
– ايه اللي صحاكي ؟
ردت عليه بخفوت وقد توردت وجنتاها :
– قلقت و ملقتكش جمبي فقومت ادور عليك و لقيتك واقف هنا … انت لسه منمتش ليه في حاجة مدايقاك ؟
سألته بإهتمام فأشاح وجهه عنها ببرود :
– مش جايلي نوم يلا ادخلي احسن تتعبي عشان الجو برد و متجيش البلكونة تاني باللبس ده.
كانت ترتدي قميصه الأسود و شعرها متناثر بفوضوية فهتفت مبررة :
– فيها ايه مفيش حد شايفني غيرك.
رمقها بحدة و صرامة :
– اسمعي الكلام يا مريم و ادخلي !
أجفلت من صوته الخارج عن نمطه الهادئ و شعرت بالضيق يعتريها فتمتمت بتزمت :
– حاضر.
دخلت بخطواتها الرشيقة و عمار يتأملها بقوة مستغربا كيف لم يسمع صوت خطواتها عندما استيقظت هل كان شاردا لدرجة لم يسمع فيها صوت خلخالها ؟ تحرك خلفها مسرعا و قبل ان تستلقي جذبها من يدها فشهقت مريم بهلع :
– في ايه !
قاطعها وهو ينزل لمستواها يقبلها بشغف تعجب له فتمسكت هي به و لفت يديها عليه مستسلمة له تماما ….
بعد فترة.
تململت في الفراش و كادت تنهض فأوقفها عمار هامسا بصوت متهدج :
– رايحة فين ؟
– قايمة اجهزلك هدوم الخروج.
تمتمت ببساطة ليفتح عيناه و ينظر لها :
– مفيش داعي انا هقضي الليلة ديه هنا.
مريم بدهشة :
– انت بتتكلم بجد !
رفع عمار حاجبيه بسخرية :
– وانا من امتى بهزر في ايه انتي مش عايزاني اقعد معاكي ؟
ردت عليه بلهفة :
– لالا مش قصدي بس انت مش متعود تقضي معايا وقت طويل عشان كده يعني بس انا مبسوطة.
وضعت رأسها على صدره معانقة اياه وهي تبتسم لتغمض عيناها بعد قليل ، بينما ظل الآخر يطالع السقف بشرود حتى نام ليفيق بعد ساعات على رنين هاتفه بإسم عمه عادل …. عقد حاجبيه و همس :
– هو بيتصل بيا ليه في الوقت ده.
فصل الخط دون مبالاة فرن مجددا بإسم ” سعاد هانم ” ولم يجب ايضا حتى اتصلت به إبنة عمه ندى ، اندهش عمار و أزاح مريم عنه ليجيب :
– في ايه بتتصلو بيا كده ليه القصر اتهد ؟
وصله صوت بكائها :
– انا وقعت من على السلم يا عمار.
انتفض جالسا بهلع و ردد بصوت عال جعل مريم تستيقظ بسبب حركته المفاجئة :
– وقعتي ازاي يا ندى و امتى ده حصل طب انتي عاملة ايه دلوقتي ؟
نزلت دموعها بألم و أجابت :
– صحيت من النوم و نزلت المطبخ جري اشرب ماية ومن غير ما اخد بالي رجلي زلقت ووقعت …. بابي جابلي دكتور و قال انه التواء بسيط بس انا موجوعة بجد مردتش على الاتصالات ليه ؟
زفر عمار بإرتياح مردفا :
– قلت الاتصالات مش مهمة بس لما شوفت رقمك اتخضيت وبعدين تعالي هنا يا بسكوتة لما هو التواء بسيط بتعيطي و تخضيني عليكي كده ليه.
– لا انا اتوجعت بجد قولي انت فين كنت عايزاك معايا لما الدكتور لف الشاش على رجلي تعال لو سمحت.
زم شفته بتبرم :
– اجي فين الساعة 7 الصبح بلاش دلع ….. طيب خلاص متعيطيش جايلك اهو …. ماشي سلام.
كل هذا الحديث دار تحت مسامع مريم التي تكاد تنفجر غيظا كيف تلك المدعوة بإبنة عمه تجعله يقوم من سريره و يذهب اليها فقط لأنها أصيبت بإلتواء و لماذا عمار تجاهل كل الاتصالات و رد عليها هي بالذات ، زفرت بحنق و حدثت نفسها :
– بيكلم البنت الدلوعة ولا كأن مراته نايمة جمبه و سامعاه.
نهض عمار يرتدي ملابسه فقالت مدعية عدم المعرفة :
– مين اللي كنت بتكلمها ؟
– ندى بنت عمي … وقعت من على السلم وحصلها التواء وانا رايح اشوفها.
ضغطت مريم بقبضتها على الغطاء الذي يلف جسدها و علقت :
– و بنت عمك بتتصل بيك الساعة ديه ليه هو مفيش حد غيرك يقعد معاها ؟
نظر لها بجمود و تجاهل الرد عليها مكملا قفل أزرار قميصه فنهضت الأخيرة ترتدي أول ما أمسكته يدها و التفت اليه بحزن :
– هترجع تجي امتى طيب ؟
همهم بإقتضاب :
– بكره هبعتلك مجموعة فساتين لسه نازلة جديد اختاري منها اللي يعجبك و ابقي اكتبي ورقة للبواب عشان يجيبلك طلبات البيت بنفسه يعني مش عايزك تخرجي برا كل اللي تعوزيه هيوصلك وانتي قاعدة في البيت.
أعادت مريم سؤالها بشدة :
– انا بسألك انت يا عمار هترجع تحي امتى بعد يومين ولا اسبوع ولا شهر ؟ قولي عشان مقعدش استناك ع الفاضي.
تأفف عمار بحدة لكنه لم يرد الصراخ عليها فهو لم يفعلها سابقا لكي يفعلها الآن فردد بحزم هادئ :
– هبقى ابعتلك ماسيدج قبل ما اجيلك … سلام.
و في بضع ثوان وجدت مريم نفسها بمفردها في الغرفة ، بعد غيابه الطويل قضى معها بضع ساعات و غادر ملقيا عليها قنبلة بروده و جفائه الذي قالت ليلة البارحة انها ستتحمله لكن كيف تقدر وقد رأته ينهض مسرعا ليذهب الى ابنة عمه كيف تتحمل وجع قلبها وهي ترى إهتمامه بغيرها !!
________________________
بعد مرور يومين.
كان في غرفته يراجع بعض الملفات حتى سمع طرق الباب أذن بالدخول لتدلف زوجة أبيه مبتسمة :
– صباح الخير حبيبي.
اومأ لها بإحترام :
– صباح النور سعاد هانم ، واقفة ليه تعالي اقعدي.
– لا انا ناديتلك عشان تنزل تفطر معانا قبل ما تروح الشركة يلا معايا.
وضع الملف بجانبه ووقف أمام المرآة يهندم بدلته ليقول بعد صمت :
– انا عارف ان في كلام ع لسانك اتفضلي حضرتك عايزة تقوليلي ايه ؟
ضحكت سعاد بخفة و قالت :
– لا انا ببصلك بس ، ابني كبر وبقى راجل وفي مليون ست بتتمناه ربنا يحميك من الحسد يا روحي.
توقف عمار عن العبث بشعره و إستدار اليها :
– عارفها الدخلة ديه … مين ست الحسن اللي حاطة عينيكي عليها.
تقدمت منه بلهفة و سعادة لأنه لم يبدي إعتراضا و هتفت :
– ندى بنت عمك … انا شايفة انها الوحيدة المناسبة عشان تبقى مراتك ايه رأيك ؟
اتسعت عيناه بدهشة :
– اتجوز ندى ؟ لا طبعا مستحيل.
استغربت سعاد رفضه و تساءلت :
– مستحيل ليه ديه بنت جميلة و مؤدبة ومن العيلة وبعدين انتو صحاب اوي يعني هي الوحيدة اللي بتفهم عليك من غير ما تتكلم مش شايفها مناسبة ليك ليه …. في واحدة معينة في دماغك شاورلي عليها وانا اجوزهالك ع الطول.
تنهد عمار بملل من تكرار نفس المواضيع و كم أراد إخبارها أنه متزوج ليرى ردة فعلها لكنه تمالك نفسه و أجابها بتريث :
– ندى لسه طفلة انا بعتبرها اختي الصغيرة و كمان مش حاطط موضوع الجواز في دماغي حاليا ولو حبيت اتجوز هجي اقولك انتي اول واحدة متقلقيش.
صمت قليلا ثم أكمل :
– مش عايز نتكلم في الموضوع ده تاني يا سعاد هانم لو سمحتي.
اومأت ببطء وهي تتمنى أن تسمع منه كلمة ” أمي ” ولو لمرة واحدة ورغم ذلك إبتسمت بتفهم :
– زي ما انت عايز يابني يلا ننزل سوا نفطر و اه نسيت صاحبك وليد جه من شويا عشان يشوفك و هو قاعد تحت مع أبوك و عمك عادل.
هز رأسه و نزل الى صالة الاستقبال ليرى صديقه المقرب جالس مع العائلة يمازحهم و يضحكون سويا إبتسم عليه و اقترب منه مرددا :
– هو انت كل يوم عندنا ايه مبتزهقش.
قهقه وليد و نهض يحتضنه بشوق :
– البيت بيتي يابني اجي في الوقت اللي بحبه ملكش فيه … وحشتني يالا انا مش شايفك من 4 شهور.
تدخل عادل يتساءل بإستغراب :
– هو مش كان معاك من يومين و على اساس سهرتو سوا ؟
رمق عمار رفيقه بنظرة حادة مغتاظة ليحمحم الآخر بإستدراك :
– ايوة بس كان معانا ناس تانية فمعرفتش اخد راحتي معاه.
ضحكت ندى بشقاوة :
– تاخد معاه راحتك ليه عمار خطيبتك ؟
وكزتها والدتها بتحذير ليضحك وليد على تعليقها وقد أدرك أن عمار قضى اول ليلة بعد عودته في مكان آخر ، جاءت الخادمة تخبرهم أن الفطور جاهز فذهب الجميع ما عداهما.
غمزه وليد بمكر :
– دخلت اسمي في كدبتك و روحت تقضي ليلتك مع ست الحسن و الجمال و مقدرتش تستنى ليوم تاني اظاهر وحشتك اوي …. ياما نفسي اشوف مراتك اللي مسبتناش نشوف وشها انا و يوسف رغم اننا كنا شهود على عقد جوازك.
جز عمار على اسنانه بضيق :
– لم لسانك احسنلك.
قهقه على شكله و تابع :
– بس عارف اللي يشوفك وانت هادي كده ميقولش عليك عامل العمايل و متجوز واحدة في السر.
أغمض عيناه يزفر بعمق ثم رمقه بعصبية :
– وليد اقفل السيرة قبل ما حد يجي و يسمعك وياريت منتكلمش في الموضوع ده تاني … خلينا نفطر و نروح ع الشركة عشان نقابل العملا الجدد امشي قدامي.
**** بعد أسبوع آخر.
في الشقة الأخرى.
جلست على الأريكة بعدما فرغت من إعداد الغداء و تناوله بمفردها ، نظرت الى هاتفها أملا في رؤية رسالة منه يخبرها انه سيأتي لكنها لم تجد ، عمار لم يحادثها او يقابلها منذ اسبوع آخر مرة رأته فيها عندما كانت نائمة بحضنه و اتصلت به إبنة عمه تلك ليذهب ركضا دون حتى النظر إليها !!
تأففت مريم في سخط و أخذت تتطلع الى الصالة التي تجلس بها ، ذلك الشباك الزجاجي الضخم وإطاره باللون البني ، شاشة كبيرة الحجم تتوسط الحائط تقابل أريكتان من اللون الأسود بينهما طاولة زجاجية ، أما السقف فكان مُزخرفا ببراعة وأنوار بيضاوية الشكل محفورة في السقف باللون الأزرق كالمجرة تعطيه مظهراً ساحرا ، وقفت متجهة الى غرفتها و دخلت تتأملها بسكون ، الغرفة كانت واسعة جدرانها مصبوغة باللون الأبيض و النبيذي يتوسطها فراش وثير تعلوه أغطية رمادية ناعمة بينما مسنده من اللون السُكري ، مُلحق بها حمام لا يقل رُقيا عن بقية الشقة ، و شرفة واسعة بها أرجوحة مزينة و شباك كبير …
ولجت إلى الشرفة مزيحة الستائر ثم أسندت كفيها على مسندها و هي تطالع المنظر أمامها ، الشقة كبيرة و جميلة تليق بهذا الحي الراقي الذي تقيم فيه ، واسعة و أحلى ما فيها تلك المكتبة التي خصصها لها عمار عند معرفته بحبها للكتب ، تذكرت أول مرة جلبها عمار بعد زواجهما ، انبهرت بالمكان ورغم إستيائها من طريقة الزواج إلا أنها كانت متأملة في حياة سعيدة حتى صدمها بكلامه عندما أخبرها بأنهما تزوجا حقا لكن لا يجب توقع أي شيء منه ، منذ اليوم الأول وضع شروطه الصارمة و أجبرها على الإلتزام بها كي لا تستاء منه لاحقا إن غضب عليها…
سافرت بذاكرتها الى ما قبل سنتين وبضعة أشهر ، عندما رأته في حفلة تخرجها ولاحظت مراقبته لها فإرتبكت و غادرت القاعة لكن ملامحه لم تغب عن بالها ، عيناه الزتونيتين أسرتاها و لحيته و رشاقة جسده جذبت أنظارها إليه ، حتى بدلته الرسمية و إعتداله في وقفته و ثقته الزائدة بنفسه ، صوته الرخيم ذاك بقي معلقا في أذنيها و لوهلة حلمت به و تمنت لو تراه ثانية فلقد كان من الواضح أنه مهتم بها فعمار لم يزح عينيه عنها ذلك اليوم رغم إصطناعها بأنها لا تنتبه له …. نعم لقد رأته منذ أول دخوله للقاعة و ظلت تراقبه بطرف عينيها تتابع نظراته المصوبة نحوها حتى رفعت رأسها و غادرت بعد عجزها عن السيطرة على نبضات قلبها المتسارعة.
لكن عند حضور عمها و إخبارها بضرورة العودة الى القرية تحطمت آمالها و انكسرت احلامها بالعمل في القاهرة و غادرت معه بروح فارغة تتحمل مضايقات إبن عمها و تحرشاته إلى أن رأته يوما وهو يدخل من باب بيتها يطلب يدها …. رجل الأعمال الثري الراقي يريد الزواج بفتاة ريفية شرط أن يكون سريا !!
ورغم تعلقها بذكراه إلا أنها رفضت لكن في ذات الليلة جاءها ابن عمها و حاول التقرب منها وهو يردد بثقة أنها رفضت الزواج لأنها واقعة في حبه ، حينها قررت مريم مغادرة المنزل ولا يهم ان كانت ستعيش مع عمار علاقة سرية لا يهمها ذلك المبلغ الضخم الذي دفعه ليستطيع عمها إقناعها و فجأة وجدت نفسها توقع على عقد الزواج ….. من صاحب العيون الزيتونية !
عمار البحيري ، الرجل الصامت الذي دخل حياتها دون سابق إنذار و جعلها تقع في عشقه ، لا تعلم لحد الآن كيف أحبته ، إنه غريب الأطوار و غامض يأتي ليأخذ منها حقوقه كزوج ثم يجلس في الشرفة يدخن و بعدها يغادر بهدوء … مثل حضوره !
لم تراه يتخلى عن بروده إلا في لحظاتهما الخاصة ، حين يشعرها وهي بين ذراعيه بأنها تحلق في السماء من شدة السعادة و المتعة و للحظات تعتقد أنه يحبها لكن حين إنتهائه منها يضع رأسها على صدره و يغمض عيناه بجفاء يجعلها تعود لأرض الواقع.
و في بعض الأحيان عندما يكون مزاجه عاليا يجلس معها داخل غرفة مكتبتها الصغيرة و يطلب منها القراءة بصوت عال و يظل يستمع إليها ، أو يجلس معها في الشرفة يراقبها وهي تشكل تحفة من الطين ثم يشعل سيجارة متبغ وهو نصت لأغانيها الغجرية.
لكن رغم هذا فهي تحبه ، إنه يحترم حضورها على الأقل ، يشعرها بجمالها رغم عدم النطق به ، لم يتطاول على شخصها يوما أو يرفع يده عليها بالعكس يعاملها بتريث الا في غرفة النوم حين تشعر أنها مع رجل آخر ، رجل شغوف عنيف بإمكانه اللعب بأوتار المرأة بين ذراعيه و قلب أحاسيسها رأسا على عقب !!
أخرجها من شرودها رنين الهاتف فإنتفضت تركض الى الصالة بلهفة لكن خابت آمالها عند رؤية إسم صديقتها يلمع على الشاشة بدلا منه ، تنهدت ببأس و أجابت :
– ألو.
وصلها صوت هالة الساخر :
– مالك يا روما انتي مكتئبة كده ليه كنتي مستنية اتصال حد تاني ؟
– عايزة ايه ؟
قالتها بإرهاق نفسي و الدموع تتحجر في عينيها لتجيبها الأخرى بتأفف :
– اطلعي قولي للبواب يسمحلي ادخل انا هنا تحت شقتك بس مش راضي يدخلني بسبب اوامر السي سيد …. انتي هتفضلي متنحة كده كتير يلا بسرعة اتصرفي !
حركت مريم رأسها بغباء ثم شهقت و قد أدركت ما تسمعه :
– انتي هنا استني انا جاية.
اغلقت الخط و خرجت من شقتها ركبت المصعد و نزلت للأسفل لتجد هالة واقفة مع البواب ترمقه بغيظ ، تنهدت مبتسمة بيأس من تصرفاتها العدائية و اتجهت اليها :
– عم محمد ديه هالة صاحبتي و بتقدر تدخل.
اخفض رأسه بإحترام :
– يا هانم عمار بيه منبه عليا مخليش حد يدخل او يخرج من شقة حضرتك بدون إذنه وهو متصلش بيا ولا قالي ان صاحبتك جاية مقدرش انا اتصرف من نفسي.
تأففت هالة وهي تكتف يديها بغضب بينما كادت مريم تطلب رقمه لكنها تراجعت عند تذكر تحذيراته بشأن اتصالها به ، تنحنحت بحرج و قالت :
– ااا طيب ممكن تتصل عليه و تعرفه انا تلفوني فاصل شحن.
تردد قليلا قبل ان يحسم أمره و يتصل به ، دق قلب مريم بعنف عند سماع صوته الجدي من سماعة هاتف البواب و تمنت لو تكلمه الآن و نفذت أمنيتها عندما قدم لها الأخير هاتفه بجدية :
– عمار بيه عايزك.
إرتجفت يدها و أخذته ثم استدارت بعيدا عنهما قليلا ، و تمتمت بخفوت :
– ألو.
وصلتها نبرته الحادة :
– مين البنت اللي عايزة تدخليها ديه ؟
عضت على شفتها بإرتباك و ردت
– هالة صاحبتي ااا انت بتعرفها يا عمار شوفتها مرة لما سمحتلي اخرج و وديتني ليها ع المطعم …. لو سمحت انا بقالي فترة طويلة مبكلمش حد على الاقل خلينا تدخل مليش غيرها اقعد اتكلم معاه.
شعر عمار بالسخط من نفسه لأنه يعزلها عن العالم هكذا لكن ماذا يفعل هو يتجنب أي شيء من الممكن ان يكشف قصة زواجهما إضافة الى اسباب أخرى تجعله يقيدها هكذا لكن مع ذلك تنهد مردفا :
– ماشي دخليها بس ديه آخر مرة لما تحبي تشوفي صاحبتك لازم تاخدي إذني قبلها بوقت.
هزت مريم رأسها بسعادة كأنه يراها ثم سألته بتردد وهي تجفف يدها المتعرقة بطرف فستانها :
– عمار انت هتجي امتى ؟ وحشتني … وحشتني اوي.
نطقتها بحزن وقد ساورتها رغبة في البكاء بينما هو أغمض عيناه بتأثر من همسها المستمر بإسمه ، كم يرغب الآن في الذهاب إليها و رؤية وجهها الجميل و إطفاء نيران شوقه لها لكنه يعلم جيدا ان الوقت غير مناسب فهو لا يستطيع أن يكون معها كما تريد ، أكثر ما يقدر عمار على فعله هو منحها ليلة جامحة و توفير ما تحتاجه من ملبس و مأكل و مسكن ثم تركها و الذهاب ، لا يستطيع قضاء وقت ممتع معها اإحتضانها و الجلوس أمام التلفاز و مشاهدة فيلم سويا لذلك هو لا يريد زيارتها لساعات و الذهاب مجددا لا يريد إعطاءها شعور أنها وسيلة لإشباع رغباته مهما كان السبب الذي جعلها توافق على هذا الزواج وحتى لو كان قد أغراها بالأموال إلا أن مريم إمرأة لا تستحق الكسر بهذه الطريقة.
نادته ثانية بحسرة إلا أنها سمعت أحدا ما يقاطع ما كاد عمار يقوله و يطلب منه التوقيع على إحدى الملفات فحمحم بجدية :
– انا مضطر اقفل دلوقتي هكلمك بعدين.
وصدت مريم جفنيها بسرعة مخافة نزول دموعها ثم التفت لصديقتها مبتسمة بإصطناع :
– قدرت اقنعه بالعافية يلا ندخل…. شكرا يا عم محمد اتفضل تلفونك.
هز رأسه بمجاملة و صعدت هالة معها و حين دخولهما للشقة رفعت يديها تصفق بعصبية :
– برافو عليكي يا مريم خليكي خدامة تحت رجليه و نفذي كل اوامره و متتنفسيش الا لما تاخدي اذنه ولا كأنه شاريكي.
نزلت عبراتها ببؤس :
– ماهو فعلا شاريني.
تأففت صديقتها و أكملت بعصبية :
– مش فاهمة ايه اللي جابرك ع الوضع ده انا بقالي 7 سنين بعرفك من لما دخلنا الجامعة عمري ما اتخيلت ان مريم الطموحة اللي كانت أذكى طالبة و عندها مستقبل باهر تبقى بالوضع ده مش متخيلة انك وافقتي تتجوزي بالسر و كمان ينفيكي عن العالم و يحبسك في شقته بالشهور و يمنعك تقابلي صحابك ايه القرف ده.
صمتت مريم بخزي و جلست على الأريكة تتذكر مواقفه معها فإنحنت هالة عليها تسأل بتقرير :
– رفض يجي صح ؟ سمعتك وانتي بتقوليله وحشتني وهتجي امتى عمار اتجاهلك صحيح ردي عليا.
وضعت كفيها على وجهها و أجهشت بالبكاء بقهر فجأة بشكل جعل الأخرى تندهش عادت للخلف يزداد نحيبها الذي تكتمه منذ شهور و بدأت تتكلم بعشوائية :
– هو بيتجاهلني علطول … بيتجاهل حبي واللي بعمله عشان يفضل مرتاح معايا بيقعد يغيب بالأسابيع و الشهور و مبيجيش غير لما يعوزني جسديا وبعد ما يخلص مني بيمشي عطول و يسيبني لوحدي …. بقاله 4 شهور غايب ولما بعتلي ميسيج مصدقتش نفسي من الفرحة قعدت طول اليوم اجهز نفسي و استنيته لحد الساعة 12 بليل و في الاخر لبس هدومه و طلع جري لما بنت عمه اتصلت بيه … انا بحبه يا هالة والله اتعلقت بيه من اول مرة شوفته فيها و فضلت صورته معلقة في دماغي و حبيته اكتر بعد جوازنا عمار عمره ما أذاني بكلمة بس طول ماهو معايا بيعاملني ببرود فضيع … بيسألني ع اللي ناقصني و بيقولي اللي بتحتاجيه هجبهولك فورا بس ازاي يا هالة اقوله اني محتاجاه هو … اقوله ازاي اني مقدرتش استحمل شروطه اللي حطها في بداية الجواز و اضطريت اوافق عشان اهرب من تحرش ابن عمي … انا تعبانة اوي و حاسة بالنقص مش عارفة هو بيبعد ليه طيب تمام فهمت ان عمار مبيحبنيش بس هو بيغيب عني كتير كده ليه معقول زهق مني او ….
قاطعتها هالة بضيق :
– مين ده اللي زهق منك انتي مش شايفة نفسك في المراية يا روما جسم و جمال و رقة ده انت بتستاهلي اللي احسن منه مليون مرة هو بس غشيم ومش مقدر قيمتك …. ما تطلقي منه !!
انتفضت من كلمتها الأخيرة و انتصبت واقفة تردد بهلع :
– اتطلق منه ؟ عمار مش هيوافق ده دافع مبلغ مبتجرأش انطقه اكيد مش هيقبل يسيبني غير لما هو بنفسه يعوز و يا ستي نتفرض وافق انا هروح فين لما اطلق ارجع بيت عمي و ابنه ؟
صمتت هالة بعجز عن الإجابة وقد أدركت حقا صعوبة موقف صديقتها ، للحظة ودت لو ترى عمار ذاك لتقتله فالوغد يحبسها في شقته الفاخرة و يمنعها عن لقاء الناس بينما هو يسرح و يمرح و يسافر و يستمتع بوقته ، الشيء الجيد الوحيد الذي فعله هو عندما جلب مريم من القرية الى القاهرة فلولاه لكانت الآن تعاني من إبن عمها او متزوجة من الرجل الطاعن في السن الذي كانوا يريدون تزويجها له.
زفرت بعمق و ملست على شعرها بحنان :
– اهدي يا حبيبتي ان شاء الله نلاقي حل متعيطيش علشان خاطري.
حاولت ترطيب الجو فأردفت بمزاح :
– طيب تصدقي والله في كل مرة ازورك فيها بنبهر بالشقة ديه يا بختك بيها اينعم جوزك طاووس بس زوقه حلو الصراحة.
إبتسمت مريم موافقة اياها وهي تكفكف دموعها :
– يوة صح عمار عنده زوق بيجنن في أول سنة كان الديكور غير كده و بعدين غيره و أحلى حاجة أنه حاب مرجوحة و حطها في البلكونة لما طلبت منه.
صفقت هالة بحماس :
– الله مرجوحة في البلكونه و مرجوحة تانية في المكتبة بتاعتك انا نقطة ضعفي المراجيح بصي خلينا نتغدا الأول عشان جعانة ولما نخلص هنروح نتمرجح ماشي ؟
_______________________
في شركة البحيري للصناعة.
ظل يحدق في الهاتف بعد مكالمته معها و شعر بالذنب لسماعه صوتها المختنق المهدد بالبكاء ، لقد مر وقت طويل منذ أن رآها آخر مرة ولا تزال ذكرى قسمات وجهها المتألمة عندما تركها ذلك الصباح بتلك الطريقة معلقة بذهنه لا يصدق عمار للآن ما يفعله بتلك المرأة أحيانا يتخيل لو كان متزوجا بمريم زواجا رسميا و تعيش معه في القصر ترى ماذا كان سيحدث هل كانت ستتأقلم تلك الغجرية مع عائلته وهل كان سيستمر في معاملتها بجفاف مثلما يفعل الآن.
إبتسم ساخرا و همس :
– كأن ماضيك هيخليك تعيش حياة طبيعية يعني …. ده أبوك بنفسه مكنش طايق يعيش معاك تحت سقف واحد ازاي مريم هتستحمل اساسا لو مدفعتلهاش ملايين مكنتش هتقبل العيشة ديه معايا و اهي كل حاجة ليها مقابل و اكيد لو كنت بعاملها كويس و مديها حريتها كانت هتخوني مع راجل تاني ….. زي ما التانية كانت بتخون جوزها.
طرق باب مكتبه و دخل والده فتأهب عمار في جلسته متسائلا :
– خير رأفت بيه ؟
جلس قبالته و حدجه بنظرات غامضة ليقول بعد صمت دام دقيقة :
– يوم اللي رجعت فيه من السفر قضيت ليلتك مع مين ؟ انا عرفت انك مكنتش مع وليد وطبعا مش مع يوسف لأنه مسافر فقولي انت كنت فين يا عمار.
– انا مش ولد صغير عشان احكيلك عملت ايه و روحت فين يا رأفت بيه !
قالها عمار بأرحية و ملامحه جامدة فهتف أباه برعونة :
– أنا أبوك ومن حقي اسأل على ابني و احذره من الغلط و على فكرة مكنتش هسألك لو معرفتش بالصدفة ان عندك علاقة مشبوهة مع بنت و عماله تصرف عليها و لسه من أسبوعين مخلص عليها أزياء الأتيليه اللي فتح جديد فأنا دلوقتي بسألك يا ترى مين الست ديه واحدة من حبيباتك ؟
إرغم تصاعد غضبه و إحتياجه لتكسير شيء ما إلا أنه ابتسم عليه ببرود :
– نفترض انك بجد عرفت بالصدفة ومش مراقب تحركاتي … بس حضرتك يا ابويا العزيز مالك انا بعمل ايه و بصرف على مين يا سيدي ديه املاكي الخاصة ان شاء الله ارميهم في البحر انت مااالك ومين علشان تحاسبني ؟
ضرب رأفت بقبضته على سطح المكتب و نهض واقفا يصرخ :
– انت ايه فهمني كتلة جليد مبتحسش هتفضل عايش ببرودك ده لحد امتى لازم تحترمني و تحبني زي مانا بحبك انا أبوك وانت إبني افهم !
وقف عمار مقابله يصيح بخشونة :
– انت فقدت حق الأبوة لما طلعتني من حضنك و رميتني وانا لسه صغير و خليت المربيات ياخدو بالهم مني مبقتش أبويا من بعد لما بعتني لمدرسة داخلية و حرمتني اشوفك لسنين طويلة حرمتني من حنانك و انت عايش حب ايه اللي بتتكلم عنه ده انا عمري ما حسيت بيك كأب طول عمري بسأل نفسي انت بتكرهني ليه حاولت كتير اقرب منك بس انت بتبعدني حتى مراتك سعاد كانت أحن عليا منك ولولاها مكنتش هقبل اعيش في القصر اسمع يا رأفت بيه انا مش ابنك و كتلة الجليد اللي واقفة قدامك حضرتك اللي صنعتها بإيدك وانت خسرتني من لما ….. من لما ضربتني بالقلم قدام المدرسين من سنين وانا بتحايل عليك ترجعني معاك وانت رفضت و مشيت !!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نيران الغجرية)