روايات

رواية السماء تشهد أيها الماجن الفصل الثالث عشر 13 بقلم رضوى جاويش

رواية السماء تشهد أيها الماجن الفصل الثالث عشر 13 بقلم رضوى جاويش

رواية السماء تشهد أيها الماجن البارت الثالث عشر

رواية السماء تشهد أيها الماجن الجزء الثالث عشر

السماء تشهد أيها الماجنئ
السماء تشهد أيها الماجن

رواية السماء تشهد أيها الماجن الحلقة الثالثة عشر

١٣- الوصية
اندفعت حياة تهبط درج الفيلا الخارجي في سبيلها لسيارتها، وما أن فتحتها وأصبحت أمام مقودها حتى انتفضت عندما فتح آدم الباب الأمامي وجلس في المقعد المجاور لها.. تنهدت في محاولة لضبط النفس، هاتفة في هدوء مصطنع :- ماذا تفعل هنا !؟..
أكد في هدوء مماثل : أصحبك للشركة !؟.
تساءلت : لما !؟.. لا اعتقد أن لك شأنا بالشركة .. حتى أنه لا خبرة لديك في عالم التجارة والأعمال !؟..
هتف في رزانة : كل ذلك لا يهم .. فأنا اصطحب زوجتي لعملها، وأؤكد للجميع أن خلفها رجلا يحميها ويحفظ مالها .. أليس هذا غرض كافِ للذهاب معكِ !؟..
قهقهت في سخرية : حماية مالي .. أم أنك تود أن تعلم كم أملك حتى تساومني على الطلاق بشكل يحقق لك أكبر منفعة !؟.. على أي حال .. يمكنك المجئ فما عاد النقاش يجدي ..
ابتسم في سعادة هاتفا :- أحسنتِ .. الجدال مضيعة للوقت ومقلق للراحة .. هيا ..
انطلقت بالسيارة وساد الصمت بينهما حتى وصلا لبوابة الشركة .. دخلت ليتنبه الجميع لحضورها ملقين التحية في مودة والتي بادلتها بدبلوماسية شديدة وابتسامة هادئة واثقة وهو خلفها يتطلع لكل هذا في تعجب فلقد تبدلت شخصيتها تماما ما أن عبرت هذه البوابة كأنما أضحت امرأة آخرى تماما ..
ظل يتبعها كظلها حتى دخلت مكتبها وانتفضت مديرته تتبعها .. تشاغلت عنه بالأوراق والاجتماعات ليخرج متسللا مستغلا انشغالها مستطلعا المكان ومقيما وضعه المالي .. كانت شركة مهيبة يعمل بها العديد من الموظفين وتحتاج جهد هائل في إدارتها لتصبح بهذا النجاح الذي سمع به من كل قريب وبعيد ..
تطلعت حياة حولها ما أن شعرت بالصداع يحتل رأسها لتطلب كوب من القهوة لعله يعدل من مزاجها ويقلل من الشعور بضغط العمل الواقع على عاتقها لتكتشف فجأة أنها نسيته تماما في خضم أعمالها ..
انتفضت باحثة عنه لا تريد أن تتركه بمفرده فقد يحدث كارثة ما ..
خرجت من مكتبها مهرولة قدر استطاعتها حتى لا ينتبه الموظفون تبحث هنا وهناك مدعية أنها تقوم بجولة تفتيشية مفاجئة وأخيرا توقفت فجأة عند مكتب علت به الضحكات والقهقهات لتدرك تماما وبلا أدنى ذرة شك واحدة لديها أن وجوده هو السبب الأساسي والرئيسي في تلك الضحكات المجلجلة التي تصل لمسامعها منتشية وغارقة في البهجة ..
اندفعت للحجرة لينتفض الجميع وقوفا وقد خرست الضحكات، وقع ناظريها عليه ليبتسم في أريحية وكاد أن يهتف بأمر ما إلا أنه استأذن في تأدب خارجا من الغرفة بعد أن رمقته بنظرة تهديد ..
تبعته حياة في صمت في اتجاه مكتبها وما أن أغلقت بابه خلفهما حتى هتفت في غضب عارم :- لم اتِ بك إلى هنا لتحول الشركة لأحد معاقل مجونك .. هذه شركة محترمة وإن لم تكن على نفس القدر من الاحترام فلا مكان لك هنا ..
اقترب منها في هوادة لتتراجع حتى اصطدمت بالمكتب ومال جذعها مبتعدا وهو يميل عليها هامسا :- بالمناسبة أنتِ لم تأت بي بل جئت رغما عنكِ .. وأنا افعل ما يحلو لي .. أنا حر ..
وابتعد عنها في سبيله للرحيل لكن قبل أن يصل للباب توقف متطلعا إليها وهتف في سخرية :- سأموت كمدا من تلك الحياة القاتمة في فيلتكم .. بعض من المرح لن يضر أحدا يا عدوة الفرحة ..
خرج تاركا إياها تتطلع إلى حيث رحل، تردد داخلها ذاك اللقب الذي نعتها به .. عدوة الفرحة .. أهي بحق عدوة للفرحة !؟.. قاتمة كالحياة بالفيلا ..! ولما العجب .. أليس هذا رأي كل الرجال بها !؟..
*****************
كانت في طريقها لغرفة جدها والتي قررت أن تتخذها حجرة لها بعيدا عن هذا المستفز.. وصلت لآخر الرواق وما أن همت بوضع كفها فوق مقبض الباب، حتى هتف آدم مانعا إياها هاتفا : سبق وأن أخبرتك أن لك حجرة وزوج عليك ملازمتهما ..ألم أفعل !؟.
استدارت متطلعة إليه هاتفة في حنق :- سبق وأن أخبرتك أن سبب زواجنا قد انتفى ومات جدي وعلينا إنهاء تلك المزحة السخيفة .. ألم أفعل !؟..
اقترب منها ما دفعها لتتقهقر مبتعدة ليتطلع لعمق عينيها هامسا في هدوء مريب :- مزحة سخيفة !؟.. لقد وافقتِ بملء إرادتك على زواجنا ونحن بالجزيرة ..ولولا ظهور تلك الطائرة اللعينة لحظتها لكنتِ الآن..
قاطعته في غضب :- اصمت .. لا تكمل عبثك .. حمدا لله أن الطائرة جاءت في الوقت المناسب حتى لا أتورط مع وغد مثلك مثلما نعتك جدي مذ اللحظة الأولى التي طالعك فيها ..
همس وابتسامة ساخرة ترتسم على جانب فمه :- وغد..!؟.. حسنا فلنتعامل بطريقة الأوغاد .. على كم سأحصل مقابل إطلاق سراحك يا بطتي !؟..
جزت على أسنانها هاتفة بنبرة مشمئزة :- قرر كم يلزمك حتى أتخلص منك وصدقني سأكون أنا الفائزة ..
تطلع إليها في سعادة فقد عقد لتوه صفقة عمره في اعتقادها ..وهمس أخيرا في لامبالاة :- سأفكر كم يلزمني لفض تلك الزيجة المعطوبة وأبلغك ..
وابتعد في عدم اكتراث وهو يطلق صفيرا للحن أجنبي راقص بينما دخلت هي حجرة جدها وأغلقت الباب خلفها في عنف ..
*****************
وصل مهنى في الميعاد المتفق عليه وتقدم حاملا حقيبته الجلدية لداخل غرفة المكتب بفيلا السعيد ليتبعه كل من ادم وحياة ونهى.. جلس الجميع مترقبا وهو يخرج أوراقه بهدوء من داخل الحقيبة وبدأ في توجيه الكلام لهم قبل أن يفتح المظروف المغلق الحامل لوصية جدهما :- طبعا التركة كلها ستؤل لنهى وحياة لأن لا أقرباء للسيد السعيد غيرهما ..
هز آدم رأسه متفهما، وكذا نهى لكن حياة ظلت على جمودها لا تلق بالا ..
فتح مهنى الأوراق وعيونه تجرى على الأسطر تتجاهل بعض الصيغ القانونية التي لن تهم أحد من الجالسين ليصل لخلاصة الوصية والتي كان مفادها ما قرأه بصوت واضح :- أوصي انا السعيد كامل السعيد بكل تركتي لحفيدتي الغالية .. نهى سعيد سراج ..
انتفضت نهى صارخة :- هذا غير معقول.. وأين حياة من كل هذا !؟..هذه الوصية غير صحيحة ..
تطلع آدم الذي كان يجلس في هدوء إلى حياة التي كانت تذوب موضعها وأخيرا همست في صوت متحشرج :- لا يا نهى .. إنها صحيحة تماما ..
تنحنحت في محاولة لإجلاء صوتها مؤكدة :- هناك أمور لا تعرفيها ..
جلست نهى تتطلع إلى حياة في تعجب هامسة :- أي أمور يا حياة !؟..
هتفت حياة لتتخلص من ذاك العبء الذي يجثم على صدرها :- عندما قررت الزواج من شهاب على غير رغبة جدي .. حاول بكل الطرق اثناءي عن تلك الزيجة لكن أنا.. أنا لم ارتدع .. فجاء بي يوما قبل أن أغادر الفيلا وأكد عليّ أنه إذا ما كنت لا أزال على موقفي من ذاك الزواج فهو سيعمل على حرماني من إرثي منه بعد عمر طويل وكذا .. جعلني أتنازل عن كل مليم ورثته من أبي وأمي وأصبح ملكا لى بعد ما تخطيت الواحد وعشرون عاما .. قال يومها أنه لن يسمح بأن تذهب أموال السعيد لمجموعة من الرعاع .. ساعتها تنازلت عن كل مليم أملكه .. وذهبت ولم أودعه حتى..
و..
لم تكمل حياة الاستطراد في ذكرياتها بل انحبس صوتها وبدأت تسيل الدموع على خديها ..
انتفض آدم في غضب :- رغم كل ذلك هذه وصية باطلة .. حياة لها مثل ما لنهى .. ولا اعتقد أن جدها يظلمها بهذا الشكل !؟..فذاك القرار كان من أجل زيجة فاشلة خاف أن تضيع فيها أموالها واعتقد أنه بعد رجوعها لكنفه قد عدل عن قراره ..
واتجه نحو مهني جاذبا ورق الوصية ينظر إليه في محاولة لإيجاد ثغرة ما إلا أن الورق كان سليما لا غبار عليه ..
هتف مهني مؤكدا بلهجة رسمية :- الوصية سليمة مائة بالمائة .. والسعيد لم يغير بها حرفا منذ أن أستوصاني عليها ..
هتفت نهى في تعاطف :- سأتنازل عن نصف التركة لحياة .. هذا حقها .. و
قاطعها مهني بنبرة حاول أن يجعلها دبلوماسية على قدر ما استطاع :- لا اعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لأي قرارات متسرعة ..
تناول الأوراق من بين يديّ آدم وأعادها لحقيبته مغلقا إياها هاتفا :- عليّ المغادرة الآن وسأقوم بالازم لإعلام الوراثة .. تصبحون على خير ..
رافقته نهى حتى باب الفيلا ليصبح آدم وحيدا مع حياة التي رفعت ناظريها إليه هامسة في نبرة ساخرة تقطر وجعا :- ها قد عرفت ..حياة التي يسع الجميع خلفها من أجل مالها أصبحت مفلسة لا تملك إلا راتبها من الشركة كأي موظف فيها ..أعيش عالة على فيلا ومال ابنة عمتي .. حتى أنني لا أملك المال الذي اقايضك به على حريتي..
أرأيت !؟.. كم هي رائعة حياة حياة ..
كان آدم متسمرا موضعه يتطلع إليها مشفقا لتنهض هي في تثاقل لتعود لحجرتها أو بالأحرى حجرة جدها وما أن همت بالخروج من المكتب إلا وتوقفت تستدير إليه بوجهها هاتفة :- لا تقلق .. سأقترض بعض المال من نهى في نظير حصولي على الطلاق ..لابد وأن تكون الصفقة رابحة بالنسبة لك.. أليس كذلك !؟..
غادرت الغرفة تاركة إياه مصلوبا على كرسيه لا يبرح موضعه ..
***************
دخلت نهى الشركة لتقابلها عاصفة من التهاني من كل موظف قابلها بطريقها للمصعد تنهدت في ضيق فيبدو أن العم مهنى لم يدخر وسعا في إبلاغ الجميع بأمر الوصية دخلت المصعد لتتوقف بالدور الثالث شعرت بالضيق لأنها تريد أن تصل لمكتبها سريعا لتختبئ فيه معظم النهار بعيدا عن تلك التهاني الزائفة التي تمقت .. انفرجت أساريرها فجأة مع انفراج باب المصعد ليطالعها محيا سامي الذي ما أن هم بالدخول حتى تراجع بسبب وجودها هاتفا في احراج :- آسف .. يمكنك المواصلة و..
هتفت به نهى مؤكدة وهى تضع كفها توقف إغلاق الباب أتوماتيكيا : لا مشكلة .. تفضل ..
تردد قليلا ثم دخل في سرعة حتى لا يتركها تعلق الباب لفترة أطول ..
تنحنح في اضطراب ولم ينبس بحرف .. ليستطرد المصعد صعوده إلا أن حدثت رجة قوية مفاجئة وتوقف المصعد عن العمل ..
تطلع كل منهما للآخر في عدم تصديق لتهتف نهى في صدمة :- هل تعطل المصعد..!؟..
نظر باضطراب للوحة الإعداد يضغط عليها في توتر هامسا :- يبدو ذلك ..
ورفع سماعة هاتف الطوارئ مبلغا عن العطل ليؤكد عليه المسؤل اتخاذ اللازم ..
عاد متطلعا لنهى لينتفض ما أن وجدها تتعرق وجسدها يتهاوى في تثاقل ليلحق بها هاتفا في ذعر:- ماذا يحدث !؟.. هل أنتِ مريضة !؟..
جلست القرفصاء على أرضية المصعد تشعر بالاختناق هامسة :- أنا أعاني من رهاب الأماكن المغلقة ..
جلس جوارها وهتف محاولا تهدئتها في نبرة متلجلجة الأحرف :- رهاب !؟.. نعم .. حسنا .. ستكونين بخير ..
تذكر أنه قرأ يوما أن للتعامل مع مريض رهاب الأماكن المغلقة عليه إلهائه عن ما يسبب له الذعر بكل طريقة ممكنة فهتف في محاولة لإلهائها :- ماذا عليّ أن أفعل لأجلكِ..!؟..
نظرت إليه ساخرة هامسة بصوت متحشرج :- أن تخرجني من هنا..
هتف وقد شعر بحمق سؤاله :- أقصد ماذا تحبين أن ..
هتفت تقاطعه :- أحب الغناء ..
هتف مذعورا :- الغناء .. أنا لا ..
اكدت شاعرة بالاعياء :- أرجوك .. غني لي.. أنا بالفعل اشعر بالذعر .. أنا ..
قاطعها متطلعا إليها ليشعر بذعر مماثل بسبب حالتها التي شعر بتدهورها :- حسنا.. سأغني ..
تنحنح مجليا صوته وبدأ في الغناء صادحا بصوت حاول ألا يجعله نشازا :- ماذا أهديكِ يا أمي في الأعياد .. ماذا ..
هتفت نهى تقاطعه في صدمة :- أمك !؟.. ألم تجد غير أغاني عيد الام لتغنيها لي في موقف كهذا !؟.. أولا .. هذا سوء تقدير فأنا يتيمة الأم .. ثانيا .. أين ذهبت الأغاني الرومانسية بحق السماء..!؟..
شعر بالحرج وهتف معتذرا :- عفوا .. فأنا لا استمع إلا لتلك الأغنيات ..
تطلعت إليه نهى في شك هاتفة في سخرية:- حسنا .. فهمت.. عقدة العودة للطفولة .!؟..
قهقه سامى لتتطلع إليه وقد زاد وجيب قلبها بشكل عجيب وهتف مؤكدا :- لا .. بل لدي الطفولة نفسها .. أبناء اختي يستعمرون البيت ويستولون على التلفاز طوال الوقت وممنوع منعا باتا أن ألمس ناقل القنوات وأن اترك القناة المفضلة لديهم والتي تذيع طوال الوقت أغانيهم المفضلة حتى حفظتها عن ظهر قلب .. بل إني أصبحت أرددها كالأبلة في بعض الأحيان ..
انفجرت نهى مقهقهة هاتفة :- أطفال مستبدون ..
هتف سامي مؤكدا في أريحية :- لكني أعشقهم .. أعشق الأطفال بشكل عام ..
تطلعت إليه نهى في سعادة هاتفة :- وأنا أيضا أعشق الأطفال .. ستكون أبا رائعا لأبنائك ..
ابتسم سامي ولم يعقب بل نهض يرفع سماعة هاتف الطوارئ مرة أخرى هاتفا :- هل أحضرتم مهندسا يصلح العطل !؟..
هتف المسؤل على الطرف الاخر :- نعم .. إنه في الطريق سيدي ..دقائق وسيكون هنا .. اطمئن ..
عاد سامي موضعه جوار نهى وما أن جلس حتى بدأت رجة جديدة جعلت نهى تصرخ في ذعر متشبثة بذراعه ترتجف هلعا مما قد يحدث تهمس لنفسها باضطراب متناسية وجوده جوارها :- أنا لا أريد أن أموت الآن يا آلهي .. لا .. فأنا لازلت صغيرة .. لم استمتع بحياتي بعد.. أريد أن أحب وأن يعشقني أحدهم.. أنا أتزوج وانجب أطفالا .. ان أجوب أقطار العالم مع من أحب .. وأن اموت عجوز بصحبته ألفظ آخر أنفاسي بين ذراعيه ..
كان سامي يستمع إليها وعلى وجهه ابتسامة يحاول مداراتها واحنى وجهه هامسا بالقرب من مسامعها وهى تخبئ وجهها بين ذراعيها اللذان تتشبثنان بذراعه :- أمنيات رقيقة .. أتمنى لك تحقيقها ..
رفعت رأسها هاتفة فجأة :- حقا .!؟..
فإذا برأسها تصطدم بذقنه ليتأوه متألما وهو يضع كفه على فكه ..
لتهتف هي في ذعر:- أنا آسفة .. لم أقصد صدقني ..
أومأ برأسه متفهما لتستطرد في حزن :- أنا أعرف نفسي .. جالبة كوارث تسير على قدمين .. من يصاحبني عليه أن ..
هتف سامي مقاطعا إياها وابتسامة بشوش على شفتيه :- عليه أن يشعر بالامتنان لأنه بصحبتكِ .. فأنتِ جالبة للفرحة والسعادة ..
هتفت نهى في تيه مخدرة لتأثير كلماته :- حقا !؟.. أنت أول شخص يخبرني بذلك .. فجالبة الكوارث كان لقبي بالمدرسة والذي صاحبني طوال سنوات الدراسة ..
قهقه سامي مؤكدا :- كم أنتِ محظوظة !؟.. نلت لقبا واحدا فقط .. أنا بلا فخر كان لقبي الفتي عديم الأسنان في المرحلة الابتدائية فلقد تأخر ظهور أسناني الأمامية لفترة طويلة وكانت معاناة .. وفي المرحلة الإعدادية حصلت على لقب جديد كان على ما أتذكر
الفتي ذو العيون الأربعة .. لأني كنت ارتدي منظارا طبيا ولا زلت .. أما في المرحلة الثانوية فكان لقبي الفتي ذو الندبة لأن لدي ندبة ها هنا بالقرب من حاجبي كانت اثرا لشجار مع أحد الفتية الذي تطاول يومها على أختي ..
قهقهت نهى بدورها هاتفة :- أشعر بتحسن الآن بعد كل هذه الألقاب فعلى الأقل لم أنل إلا لقب واحد .. وكم هي محظوظة أختك بأخ مثلك !؟.. فأنا لم يكن بحياتي بعد وفاة والديا إلا جدي وحياة ..
رن جرس هاتف الطوارئ يخبرهما أنه تم اصلاح العطل ليتحرك المصعد في التو يصعد حيث طابق مكتبها لتخرج معه تتطلع إلى جمع الموظفين الذين كانوا بانتظارها للاطمئنان عليها وكأنه جمع آخر .. جمع رأته بعين خيالها ينتظرهما مصفقا وهى تتأبط ذراعه تدخل إلى قاعة الأفراح بصحبته تطل بالأبيض في فرحة غامرة ..
*************
كانت علاقتها به من بعد يوم فتح الوصية رسمية بحتة حتى أنها لم تكن تراه على مواعيد الوجبات كالمعتاد بل أصبح يغيب كثيرا على غير عادته خارج المنزل..
أصبحت كثيرة الشرود تفكر في كل ما يحدث لها وكذا تقيم علاقتهما العجيبة تلك والتي هي دوما على حد سيف ..
تنبهت نهى لما يحدث لابنة خالها فاقتربت منها في مودة هامسة :- حياة .. هل أنتِ على خلاف مع آدم !؟..
تطلعت إليها حياة ولم تجب لتستطرد نهى في لهجة آسفة :- انا لا اقصد التطفل صدقيني .. لكن الأمور بينكما لم تعد على ما يرام ..
همست حياة بلهجة تحمل هموم العالم متجسدة :- هناك الكثير الذي لا تعرفيه نهى.. فالأمور جميعها لها أكثر من وجه ..
اقتربت نهى من حياة هامسة :- لما لا تطلعيني إذن على ذاك الوجه الغائب عني لعلني أكون الناصح الذي تحتاجين ..!؟..
تنهدت حياة مستسلمة فقد ثقلت الأوجاع بالفعل وعليها إلقاء بعضها على أكتاف غيرها متخففة منها فهتفت :- حسنا .. سأخبرك كل شيء .. منذ اللحظة التي ودعتني فيها على رصيف الميناء حتى هذه اللحظة ..
اخذت حياة تسرد كل حكايتها مع آدم منذ الدقيقة التي طالعته فيها لأول مرة حتى آخر حوار بينهما يوم اطلاعهم على الوصية لتتنهد نهى في صدمة هاتفة :- يا لها من قصة !؟..
وابتسمت مستطردة :- ويا له من رجل !..
نظرت حياة إليها في تحذير لتقهقه قبل أن تصمت لبرهة هاتفة في نبرة صادقة :- صدقيني حياة آدم هذا يحبك بصدق .. لا يوجد رجلا بهذه الأخلاق .. لقد حافظ عليك من نفسه وأنتما وحيدان على جزيرة .. ويوم أن رغب فيكِ طلب الزواج منكِ .. ورغم كل تلك الشكوك التي تثيرها حفيظتك نحوه والتي ربما لتجربتك الأليمة السابقة دورا كبيرا في الكثير منها .. لكني اعتقد أنه رجلا جيد بشكل عام .. والأهم أني استشعر محبته لكِ ..
تطلعت حياة إلى نهى وقد لاق تحليلها هوى في نفسها وهمست متسائلة في حيرة :- برأيك ..ماذا على أن أفعل !؟..يبدو أنه يريد حريته فهو دوما ما يساومني الطلاق ..
هتفت نهى :- اعتقد من خلال حديثك أنك من تستثير هذه النقطة .. لم يطلب أبدا مالا لأجل طلاقكما .. ألم اخبرك أن تجربتك مع شهاب أثرت فيكِ كثيرا ..ثم إنك الآن وبعد وصية جدي لا تملكين مالا واعتقد أن هذا سيظهر لك حقيقة رغبته في البقاء لأجلك أم كان باقيا من أجل ما تملكين ..
هتفت حياة في حيرة :- أتعتقدين هذا !؟..
هتفت نهى في حماس :- طبعا .. لابد من إعطائه فرصة .. وأنا اعتقد أنه سيستغلها أروع استغلال ..
قهقهت نهى لنظرات حياة العاتبة إلا أنها شاركتها القهقهات هاتفة :- أنتِ على حق تماما .. لكن ماذا علىّ أن أفعل !؟..
هتفت نهى تحسها على النهوض في عجالة:- ماذا تفعلين !؟.. ألا زلت تسألين ..!؟.. ستفعلين الكثير .. إنه زوجك يا فتااااة .. هيا.. فلابد لكما من بداية جديدة ..
قهقهت حياة لجنون ابنة عمتها التي جذبتها من يدها دافعة إياها لحجرة نومها لتختار لها ثوبا رائعا فالليلة لابد وأن تكون ليلة الحسم في علاقتهما الشائكة تلك .. لابد وأن تكون..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية السماء تشهد أيها الماجن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *