روايات

رواية عشق مهدور الفصل الثاني عشر 12 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية عشق مهدور الفصل الثاني عشر 12 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية عشق مهدور البارت الثاني عشر

رواية عشق مهدور الجزء الثاني عشر

عشق مهدور
عشق مهدور

رواية عشق مهدور الحلقة الثانية عشر

شعرت بزيادة خفقان قلبها حين دلفت الى الغرفه، ورفعت يدها تضعها على ذر الإناره كى تشعل الضوء لكن شعرت ب شئ هين أسفل يدها، سرعان ما سحبت يدها وشهقت بخضه قبل أن يسطع ضوء الغرفه
وترا هويدا أمامها، تنهدت تضع يدها فوق صدرها تستنشق بعمق.
تهكمت هويدا تلوى شفاها بسخريه وإستهزاء قائله: مالك، وشك إتخطف كده ليه، شوفتي عفريت، ولا لسه عايشه تحت تأثير الفترة اللى قضيتها في السجن.
نظرت سهيله لها بغصه وقالت: لاء بس إتخضيت ومتوقعتش تكوني لسه صاحيه لدلوقتي.
تهكمت هويدا قائله: معليشي خيبت توقعك أصلي كنت نايمه وفجأة حسيت إن ريقي ناشف صحيت، وكنت رايحه أشرب من المطبخ، بس مالك بتنهجي كده زى ما تكوني كنت بتجري، ولا حد قاطرك.
إرتبكت سهيله وأجابتها بهدوء: قولتلك إنى بس إتخضيت كنت متوقعه تكوني نايمه، مش كنت رايحه المطبخ تشربي.
ألمانيا.
حرب قتلى مدنين أبرياء تتساقط منازل تهدم على قاطنيها بسبب غارات غاشمه من عدو لا يعرف الإنسانيه، مشفى ميداني ووالداتها به تحتضر بعد أن أصابتها إحدى قذائف بارود العدو الغاشم
إستيقظت من غفوتها، تشعر كآن هذا مازال يحدث الآن ليس من سنوات مرت، تمر الذكريات أمام عينيها، مازال نفس شعور الخوف يتملكها حتى بعيدا عن وطنها، ظلت شارده بماضى آليم.
للحظات حتى عادت للواقع، جففت ذلك العرق الذي كان يغزو وجهها، كذالك تلك الدموع كذالك إبتلعت مرارة تلك الغصات القويه…
نهضت تلك الشقراء من فوق فراشها تحاول نفض تلك الذكريات المريره تواسى نفسها من أجل أمل بمستقبل، كذالك من أجل والدها الشخص الذي بقي لها وظل معها بمشوار لم يكن سهلا بالغربه بعيدا عن موطنهم اللذان تركوه قسرا، لو ظلت تتذكر تلك الايام أكثر قد تصاب بالإحباط، تحاول التعايش مع حياة الغربه ترسم أماني ومستقبل تريد أن يكون أفضل قد يواسي جراح الماضي التي لم ولن تلتئم، لكن كمان يقولون
الحياة تستمر.
بعد دقائق وضعت آخر طبق قامت بطهيه على طاولة صغيرة بالمطبخ، رغم الألم الساكن بالروح لكن سرعان ما تبسمت كعادتها وهي تنظر خلفها لذالك الكهل الذي دلف الى المطبخ قائلا: صباح الخير رومس.
ردت بمودة: صباح الخير بابا.
نظر الى طاولة الطعام التي أصبحت ممتلئه للحظة تملك منه شعور بالغصه لكن تبسم قائلا: بقالنا أكتر من إتناشر سنه في ألمانيا كل يوم بفيق من النوم على الصبح باكير ع ريحة طعام الفطور الطيبه من إيدك، يا هناه اللى بتكون من نصيبه، مش بس راح يفيق على وجه چميل، لاء كمان راح يسيل لعابه من ريحة ومنظر الطعام الطيبه غير الطعم الشهي.
تبسمت وهي تقترب منه تحتضن يده بيديها قائله: كل يوم بتقولى هدول الكلمات بابا، وأنا بقولك إنى ما راح إتركك وفل، راح ضالني عقلبك هيك، ما بنسى بابا كيف حملتني وقت الحرب على كتافك، وقتها كان حدي إتناشر سنه وهلأ صاروا أربعة وعشرين.
تلألأت الدمعه بعينيه يشعر بغصه قائلا: إتناشر سنه مرؤوا بدون ياسمين، منزلتش لبنان حتى مرة واحدة مشان زور قبرها وإقرا لها الفاتحة عروحها.
شعرت هي الأخرى بغصه قويه ودمعت عينيها لكن حاولت التخفيف عنه قائله: إقرأ لها الفاتحه من هون بابا بتوصل لها من أى مكان، بابا أنا اليوم عندي مقابلة عمل، إدعيلى بابا إنى بقبل العمل في هيك الشركه، هدي تبقى فرصه كبيرة إلي، هيك الشركه كتير كبيرة وليها تعاملات مع مطارات ألمانيا كلها.
ضمها مبتسم يقول بتشجيع: متأكد راح يقبلوك بها الشركه، إنت عيندك إمتيازات كتير، أولها تقديرك الجامعي الجيد جدا، غير كمان تقدير رسالة الماستر اللى أخدتيها بإمتياز، وقبل من هيك كله هوايتك وحبك لقطع الغيارات الخاصه بالطيارات، فاكر وقت ما كنت في الجامعه كانوا عم ياخدكم للتدريب بالمطارات كنت عم تحصل على تقدير وإشادة كبيرة من المهندسين اللى عم يشرفوا عليكن, حتى إنت كنت تحكي لى إنهم عم يستغربوا إن بنت تحب هندسة الطيارات.
تبسمت رومس بأمل قائله: أنا كنت من صغرى بهوا هالطيارات، ناسى إن الماما كانت بتشتغل مضيفة داخليه بالمطار وكانت تاخدني معها كانت تبحث عنى في غرف صيانة الطيارات في المطار.
تبسم لها قائلا: إنت ورثت جمال الماما، وكنت راح تكونى أجمل مضيفه بالعالم، بس حبست حالك ورا هدول العوينات اللى حوالين عيونك، رغم هيك عمر العوينات ما أخفوا جمال عيونك، كمان جمالك اللى دايما بتخفيه بلبس الصبيان اللى عم تلبسيه، لكن إنت حابه تثبت عكس مقولة
ان المرأة الجميلة فارغة العقل.
بتجمعى بين الجمال الطاغى ومعاه كمان الذكاء الفني، بس ضعيفة في الذكاء الإجتماعي كتير، ورغم هيك متأكد إن الشركه راح تقبلك بترحيب.
آمنت على دعمه لها قائله بأمل: بس بقبل قى الشركه بابا راح كمل من بعدها رسالة الماجستير والدكتوراة، بتطبيق عملي.
بمطار القاهرة
قبل أن يدلف آيسر الى قمرة قيادة الطائرة توقف يمدح تلك المضيفه كعادته مع أى مضيفه تكون معه على الطائرة قائلا: أيه الإحتشام والرقه دي كلها.
تبسمت له تعلم طبعه المرح.
بينما إستنشق الهواء يشعر بصفاء من تلك الروائح الطيبة قائلا: أيه الروايح الجميله اللى في الطيارة دى؟
تبسمت له المضيفه قائله: دى ريحة الركاب مسك وعنبر
مش الطيارة رايحه السعوديه ومعانا الحجاج.
تبسم لها بإنشراح قلب قائلا: يعنى الإحتشام والرقه دى عشان كده بقى، أنا بقالي تلات سنين بشتغل طيار وبنقل ركاب بس دى أول سنه أنقل الحجاج، ربنا يتقبل منهم ومني، كمان خدي بالك الحجه مامتي هنا معانا عالطيارة عاوزك تتوصي بيها بزيادة عشان خاطري.
تبسمت المضيفه قائله: عنيا، خاطرك غالي بس إنت قولي هي فين وأنا هتوصى بها لحد ما نوصل للمدينه المنورة.
بعد لحظات عبر مكبر الصوت الخاص بالطائرة، تحدث آيسر بمرح: صباح الخيرات للسادة الركاب بتمنى لكم رحله لطيفه في الطيارة، عارف إنكم جميعا رايحين السعوديه لتأدية فريضة الحج، ربنا يتقبل منكم ويغسل ذنوبنا جميعا، بطلب منكم تفتكرونى بالدعاء معاكم، وبالمناسبه كمان ترحيب خاص مني ل ست الحبايب وست الكلاللى منورة الطيارة
الحجه شكران أمي.
صباح الانوار يا حجه شكران، كمان الست اللى شاركت في تربيتي وكانت بتوالس عليا كتير لما بغلط
صفوانه
ربنا يتقبل منكم جميعا متنسونيش في دعواتكم.
إدعولى ربنا يبعد عنى مطبات الهوا وكمان الإرهابين اللى كيفهم يخطفوا الطيارات، طب قولولى لما يخطفوا الطيارة هيستفادوا أيه، ولا حاجه، إحنا الطيارين غلابه والله هما مفكرين الطيار ده اساسا سوبر مان، طب أنا هشهدكم، احنا أهو في الهوا حسيتوا بأى حاجه، انا بقى سايق على سرعه هاديه محافظ على مطبات الهوا عشان راحتكم.
رغم حزن قلبها لكن تبسمت على حديث هذا الثرثار الذي يمزح من أجل أن يجعل قلبها يهدأ من الحزن قليلا، لكن الحزن ساكن الروح وصعب أن يهدأ.
بالجامعه ظهرا
قبل قليل أثناء خروج يارا الى فناء السرايا تقابلت مع أسعد الذي وقف ينظر بساعة يده ثم نظر لها بتبسم سألا: الساعه حداشر عندك محاضره في الجامعه.
ردت له الإبتسامه وهي تقترب من مكان وقوفه: أيوا عندى سيكشن عملي ولازم أحضره.
تبسم لها قائلا: طب بلاش تاخدى السواق وتعالى معايا في عربيتي أنا عندى مشوار قريب من الجامعه هوصلك في طريقى.
تبسمت له بترحيب قائله: طبعا شرف كبير ليا إن اللى يوصلني سيادة النائب في سكته.
تبسم وهو يضمها أسفل يده ثم تركها تصعد للسياره، كان بينهم حديث عائلى أثناء الطريق الى أن وصلت أمام الجامعه ترجلت من السيارة، لكن وقفت للحظات تتحدث مع أسعد الذي فتح شباك السياره وتحدث لها قليلا بأبوة.
بينما بنفس وقت وصول السياره أمام الجامعه كان طاهر بالصدفه يخرج من الجامعه لكن اوقفه زميل له يسأله عن بعض المواد الدراسية، وقف يرد عليه الى أن إنتبه الى تلك السيارة التي يعلم هوية صاحبها هو رأها أكثر من مره تسير في البلده وعلم أن صاحبها هو أسعد شعيب للحظه إستغرب نزول يارا من تلك السيارة، لكن تذكر سابقا أنها أخبرته أن والداها من كفر الشيخ، ظن في البدايه أنه ربما أسعد صديق قريب لوالدها لكن سمعها تقول: باي باي بابي أشوفك المسا في السرايا.
إذن يارا هي إبنة أسعد، وأخت سامر كيف لم ينتبه لذالك سابقا، سيارتها الفارهه التي سبق وترجلت منها أمامه، كذالك هواتفها ذات الماركات العالمية والغاليه، ربط كل هذا بعقله، شعر لأول مره أنه أخطأ وعليه التوقف وعدم الإستمرار بذالك الخطأ، خطأ شعورة بمشاعر خاصه حين يرا يارا أو يتحدث معها حتى برسائل هاتفيه.
لحسن الحظ لم تراه يارا أثناء دخولها الى الجامعه، ظن أنها ربما رأته وقصدت تجاهله عن عمد منها، لكن حسم أمره عليه أن يلجم تلك المشاعر، كذالك يقلل الحديث مع يارا، أو حتى يمنعه نهائيا، فهو لم ينسى إتهامات ولا تهديدات أسعد لأخته بالمحكمه، أو نظراته لها الدونيه، وهو لن يسمح بذالك مره أخرى، لتنتهى تلك المشاعر قبل أن ينجرف نحو هاوية الطبقات الإجتماعيه.
قبل العصر بقليل
ب جزيرة البرلس.
ذلك المكان الذي شهد على قصتهم من البدايه هنا كان أول حديث دار بينها وبين آصف، هنا أيضا إعترف لها أول مره بتلك المشاعر الذي يكنها لها، هنا كان مكانهم السري للقائهم بعيدا عن الأعين…
ترجلت من ذالك القارب وبدأت السير نحو ذالك المكان اللذان كان يتقابلان به، سارت
رغم حرارة الطقس اليوم دون عادتها في هذا الوقت من العام توقفت في ذلك المكان بالجزيرة ظلت لوقت قليل عينيها تراقب الطريق.
بإندهاش لأول مره يخبرها بميعاد ويتأخر، كان دائما يصل قبلها ينتظرها هو، للحظه شعرت بهاجس أن لا يآتى، سأم قلبها لكن سرعان ما عاد لها الأمل حين لمحته يقترب.
بينما هو بالفعل كالعادة وصل قبلها لكن توارى خلف إحد الكافيهات القريبه من المكان يراها بوضوح.
تهكم بإستهجان ساخرا تلك المدعيه لأول مره تآتى في الميعاد، إذن سابقا كانت تتعمد التأخير، حتى أنه أحيانا كثيره كان يضجر وهو ينتظرها، يبدوا أنه كان سابقا يدللها أكثر من ما تستحق.
أصبحت آشعة الشمس أكثر قسوه
كآن قسوة تلك الآشعة تسلطت على قلبه مباشرة
فكر للحظات قبل أن يتخذ القرار ويظهر نفسه أمامها يسير نحو مكانها بخطوات بطيئه
إنبسط قلبها وشعرت بعودة النبض حين رأته يآتى نحوها.
رسمت إبتسامه طفيفه بداخلها مشاعر تتسم بالأمل والعشق الذي مازال يسكن قلبها رغم ما حدث، رغم تجاهله لها تلك الفتره الماضيه، لكن عاد بداخلها ينبض الأمل.
بينما هو إنقبض قلبه وهو يقترب منها بخطوات بطيئه بكل خطوه يخضع قلبه لقسوة عقله
العشق وقمة الكره يتصارعان بوتين واحد والقرار المسيطر هو الإنتقام.
إن كانت الدلائل برأتها وأعطتها حريتها لن تفلت بلا عقاب، هنالك سجن آخر أقسى ينتظرها بين جدران قضبان قلبه التي لن ترأف بكذبها، لن يهتم حتى إن كانت تلك القضبان ستشهد هلاكهما الإثنين معا.
رغم وجود بضع خطوات بينهم قطعتها هي ترسم بسمة أمل مشرقه على وجهها تعكس ما تشعر به بداخلها، وقفت أمامه تنظر لوجهه الذي إختفت عيناه خلف تلك النظارة الشمسيه، ودت أن يخلعها وترى تآثير إنعكاس رؤيته لها تحدثت بعتاب: إتأخرت ليه أنا فكرتك م…
قاطع حديثها قائلا: فكرت أيه، إنى مش جاي، بس أنا اللى طلبت إننا نتقابل، يبقى إزاي مش جاي، كل الحكايه إنى جاي في اليخت وإتأخرت على ما عرفت أركنه في مكان قريب من الشط.
تبسمت له تشعر بحيره لا تعلم من اين تبدأ سرد حديثها، ظلت صامته لكن عينيها حادت عن وجهه ونظرت نحو المكان اللذان كان يجلسان به أسفل تلك الشجرات.
نظر الى ما تنظر اليه عينيها، تهكم بداخله ساخرا قبل أن يقول: خلينا نروح نقعد تحت الشجر.
أومأت له وسارت أمامه، لكن لسوء حظها كادت تتعثر برمال الشاطئ لكن قبل أن تسقط إلتقطها آصف من إحدي يدها حتى عاد توازن جسدها وإستقامت واقفه، لكن شعرت بآلم بسبب ثني إحد ساقيها، لم تخبره بآلم ساقها، وتركت يدها لوقت بيده دون إنتباه منها الى أن ذهبا الى مكان جلوسهم، رغم وجع ساقها لكن مازالت تتحمل ذالك وجلست أرضا، جلس آصف بالمقابل لها مستغرب من عدم سحبها يدها من يده كعادتها سابقا، لكن إنتبهت لذالك شعرت بحياء وسحبت يدها، ظلت صامته لوقت قبل أن تقول: رغم إننا في آخر الخريف والجو خلاص المفروض يسقع بس واضح إن الشتا هيجي متأخر السنه دي، الجو لسه دافى، حتى النهاردة درجة الحرارة عاليه على غير الطبيعي في الوقت ده.
مازالت عينيه مسلطه على وجهها من أسفل نظارته الشمسيه المعتمه، تهكم بداخله، حين تحدثت هو من كان يبدأ بفتح مجال للحديث بينهم، رسم بسمة خباثه على وجهه قائلا: بالعكس ده أفضل طقس في السنه الجو بيبقى لطيف لا هو حر صيف ولا برد شتا، بس أنا مش جاي النهاردة عشان نتكلم عن الطقس.
سأم وجه سهيله للحظات قبل أن ترد بتوتر: آصف في حقيقة لازم تسمعها مني، أنا مقتل…
قاطعها مره أخري قبل أن تسترسل بقية كلمتها قائلا بنبرة ظهرت أنها حقيقيه حين قال: سهيله أنا مش جاي أحقق معاك، أنا متأكد إنك بريئه.
بسمة فرح ظهرت على وجهها ومدت يديها بتلاقيه تمسك يديه قائله بتسرع ورجاء: والله أنا بريئه يا أصف كان قلبى حاسس إنك مش مصدق إنى ممكن أقتل سامر.
ترك آصف النظر لعينيها ونظر ليديها اللتان تمسك يديه، بداخله سخر من ذالك، لكن هنالك شعور آخر يتوغل لقلبه، حين قبض بيديه فوق يديها، لكن سرعان ما نفضه عقله وهو يتغلب على ضعف قلبه أمام برائتها الخادعه، وضغط بقوة على يديها وقال بهدوء: سهيله أنا خلاص قفلت الموضوع ده إنتهي وخلينا ننسى.
إستغربت سهيله رد آصف كذالك سحبت يديها من يديه، بعد ان تآلمت قليلا من ضغط يديه على يديها، وسألته: نتسى أيه، آصف أنا…
قاطعها بنبرة عصبيه ونهي: سهيله الموضوع ده إنتهى خلاص، في الأهم منه خلينا نفكر في مستقبلنا.
إندهشت سهيله من رد آصف، وقالت بإستفسار: قصدك أيه بإنتهى، وأيه اللى يخص مستقبلنا أهم من الموضوع ده؟
تمثل آصف بالبرود وأجابها وعينيه مسلطه على عينيها، يود معرفة رد فعلها حين فاجئها: مستقبلنا مع بعض، أقصد إننا لازم يكون بينا إرتباط رسمي.
لم يستوعب عقلها ما قاله، كآنها فقدت الإدراك للحظات قبل أن تبتسم بلا وعى وتقول ببلاهه: قصدك أيه بإرتباط رسمي بيا؟
البسمه التي ظهرت على ملامحها كانت كفيله بؤد قلبه، هي الآن تبتسم وتدعى البلاهه عليه كي يعيد طلبه منها برجاء أكثر كما في السابق، لا مانع من بعض المراوغه معها كما تريد، زفر نفسه قائلا: يعنى كفايه كده إحنا لازم نتجوز في أقرب وقت، أنا إنتدبت الدورة القضائية السنه دي في محكمه في الجيزة قريبه من الشقة اللى كنت عايش فيها من الفترة اللى فاتت، خلينا نتجوز قبل ما المحاكم ترجع تشتغل بقوتها من تانى.
للحظه صمتت سهيله، تستوعب، تفكر ماذا ترد عليه، أتتحجج كما في السابق، وتطلب منه التأجيل.
حاولت سهيله الرد بهدوء قائله: بصراحه إنت فاجئتني يا آصف، أنا كنت جايه وراسى فيها هدف تانى…
قاطعها ببرود: وأيه الهدف التانى اللى كان في راسك، موضوع سامر، قولت لك خلاص الموضوع بالنسبه لى إنتهي، أنا قاضى وأقدر أميز كويس وكنت متأكد من برائتك وده السبب اللى خلانى كنت واخد دور المحايد لحد ما المحكمه عطتك برائتك.
للحظه كادت تعتب عليه بهذا الشأن، لكن رده المقنع جعلها تتغاضي عن عتابه وتبسمت، بينما نظر لها بخباثه وتبسم هو الآخر سألا: أفهم أيه من البسمه دى. ، موافقه إننا نتجوز.
كادت تقول له أن ترجأ هذا لوقت، لكن عاود آصف الحديث بإلحاح ومكر وتلاعب: سهيله كفايه كده، خلينا نرتبط ونتجوز، مش هسمح لك بأي حجه، الا لو قولت إن معندكيش ليا أى مشاعر، وقتها هتمني لك السعاده حتى لو مع غيري.
تلاعب آصف جيدا بمشاعر سهيله شعرت بإستغراب من حديثه كيف يقول أن هنالك آخر غيره، رغم ما مرت به تلك الفترة السابقه وعدم سؤاله عنها لكن مازال قلبها ينبض ويخفق بقوه حين تراه أو حتى تسمع إسمه، تسرعت قائله: موافقة.
قالتها بإندفاع سرعان ما إنصهر وجهها خجلا وأخفضته بحياء منها.
بينما تهكم آصف بحنق من تلك المدعيه بإمتياز، لكن راقه ذالك قائلا: تمام أنا مستعد أرجع معاك دلوقتي من هنا على بيت والدك أطلب منه إيدك.
رفعت وجهها ونظرت له بتفاجؤ قائله بتعلثم: دلوقتي!
لاء طبعا، الموضوع محتاج تمهيد لازم أقول انا ل بابا الأول وبعدها هقولك إمتى تجي لينا البيت.
عادت لل الدلال السابق لابآس هكذا أخبره عقله، لكن قال بآمر: ياريت تقولى لهم بسرعه، والأفضل يكون النهاردة، لآنى المفروض أسافر لل الجيزة بعد يومين عندي أول قضيه هناك، وعاوز أبقى مطمن إن خلاص أمر إرتباطنا وجوازنا بقى واقع.
إرتبكت سهيله، وقالت له: تمام هحاول أتكلم مع بابا الليله.
رسم بسمة نصر على شفاه قائلا بنبرة يحرضها على التسرع: مش هنام قبل ما تتصل
عليا وتقولى لى رد باباك أيه؟
نظرت له تشعر بحيره ممزوجه بخوف، مازالت تود أن يخلع تلك النظارة عن عينيه.
بينما هو شعر بزهو وإنتصار، ظل بينهم أحاديث فرعيه، كانت تحاول أن تذكر إسم سامر حتى يسمع منها تلك الحقيقة، وأنها حذرته سابقا كثيرا، لكن كان يغير دفة الحوار بينهم لموضوع آخر، حتى غابت الشمس تقرييا، كان هذا أطول لقاء بينهم، لم تفعل مثل عاداتها السابقه، كانت تدعي الإنشغال بأي آمر آخر هام لديها وتنهض بعد وقت قليل.
تبسمت ببراءة وهي تنظر نحو قرص الشمس الذي بدأ يتواري خلف تلك أشجار الجزيره نهضت واقفه تمسد كتفيها قائله: أنا بردت
الطقس جاب نسمه بارده كمان
الكلام سحب مننا الوقت ومحسيناش، والدنيا خلاص هتضلم، خلينا نلحق آخر مركب.
نهض واقفا بداخله يستهزأ، الآن فقط لاحظت ذالك لكن قال لها بتوريه: متخافيش قولتلك قبل كده إني جاي باليخت.
تبسمت سهيله وقالت: تمام خلينا نرجع برضوا كفايه كده.
نهض آصف واقف يقول بتكرار وإيحاء: تمام كفايه كده، خلاص قرب إرتباطنا خلاص، وقتها مش هتبعدي عني ولا هيفرق معانا ضلمه أو نور.
تبسمت له بخجل، قائله: تمام فين اليخت ده، خلينا نروح لمكانه عشان نرجع
لل البر التاني.
أشار لها بيده أن تسير جواره الى أن وصلا الى مكان رسو القارب الخاص به، صعد هو أولا اليه، ثم مد يده لها، للغرابه لم تتغاضي عن يده الممدوده، رغم تحفظها لكن هنالك آلم بساقها، لم تستطيع أن تتحمل عليها وتصعد دون مساعدته، تمسكت بيده وصعدت الى القارب، بمجرد أن وضعت قدميها فوق القارب تركت يده ظل بينهم حديث عابر لأشياء كثيره، الى أن وصلا الى البر الآخر ترجل هو أولا، وفعل مثلما فعل أثناء صعودهم تمسكت بيده وهي تنزل من القارب…
تبسم لها قائلا: هنتظر ردك على طلب الليله، لو إتأخرتى في الرد هعرف إن…
قاطعته بسرعه: لاء أكيد هرد عليك الليله، سلام.
غادرت سهيله رغم عينيه التي تتبعها لكن لم يلاحظ تلك العرجه التي تسير بها، بداخله فقط يتهكم ويسخر من نفسه وهو يتذكر سابقا طريقة تحفظها معه حتى بلمس يديها، عاد لذاكرته أول حديث دار بينهم كان على هنا على متن هذا القارب قبل سنوات، [فلاش باك].
كان يوم خريفي قبل أيام من موعد بدأ الدراسه، سمع آصف سامر وهو يتصل على أصدقاؤة المقربون بالمدرسه سواء بنات أو فتيان ويقترح عليهم قضاء يوم ترفيهى على بحيرة البرلس.
سمع إلحاحه على سهيله للمجئ وإخبارها أنه مجرد فسحه لأصدقاء الدراسه قبل أن ينشغلوا كل منهم بطريق بعيد عن الآخر، واقفت بصعوبه بالغه بعد أن توسطت لها هويدا وقتها وقالت أنها رحله عاديه بين الزملاء كما أن البحيرة ليست بعيده، جاءت لكن لم تندمج كثيرا مع مرح أصدقائها، بتلقاىيه منها هبطت عبر ذالك الدرج الى أسفل القارب وأصبحت قريبه من مياة البحيرة، جذبت إحدي قطع العيش التي كانت موضوعه على أحد الرفوف بالمكان وبدأت بتفتيتها ثم مدت يدها الى الأمام كى تآتى تلك الطيور وتلتقط منها الفتافيت تقتاط بها، لكن سرعان، ما شعرت بخضه حين.
جذب آصف يدها قائلا بتحذير: حاسبى بلاش تمدي إيدك كده الطيور دى طيور جارحه ومنقارها حاد ممكن يجرح إيدك، أرمي لها فتافيت العيش على ماية البحيره وهما هيلتقطوها.
شعرت بخضه كذالك سار شعور آخر يسري بقلبها، لكن سرعان ما جذبت يدها من يده، تشعر بخجل من نظرة عينيه، تبسم على ذلك الخجل الذي دائما يراه على ملامحها.
بينما هي ألقت تلك القطع من العيش على مياة البحيرة، وكادت تترك المكان، لكن هو أراد الحديث معها، بتسرع منه جذبها من معصمها قائلا بفضول: عرفت إنك قبلت في كلية الطب.
لوهله شعرت بضيق من إمساكه
لمعصمها، لكن سحبت معصمها وردت بهدوء: أيوا هدرس طب أطفال، بصراحه كان مجموعي يدخلني طب جراحه أو أى تخصص تاني بس أنا كان نفسى أدرس طب نفسي، بس للآسف الطب ده مالوش مستقبل.
ضحك مازح: طب المجانين.
تبسمت على قوله وأكدته قائله: فعلا، نفس الجمله إتقالت لى، عشان كده إختارت طب الاطفال بديل.
ليه؟
هكذا سألها واكمل بمديح: فعلا، شخصيه رقيقه زيك مكنش ينفع تدرس طب جراحه، بس
اللى أعرفه معظم البنات بتميل لدراسة طب النسا.
شعرت بخجل لكن سألته بفضول: وإشمعنا طب النسا.
نظر الى ذالك الخجل الواضح على وجهها، كذالك عينيها اللتان تحايد النظر له وتنظر نحو مياة البحيره وأجابها: يعنى عشان بتبقى شغلها كله مع ستات.
مازالت تنظر ناحية تلك الطيور وأجابته ببساطة: دراسة الطب أو ممارسته مش مرتبط بالنوعيه ولا بالتفرقه العنصريه سواء راجل أو ست، مش بيقولوا لا حياء في العلم.
إبتسم قائلا بمفاجأة عن قصد منه: بصراحة لو مراتي دكتورة أفضل يكون شغلها مع ستات، عشان أغير إيديها تلمس أى راجل غيري، وطالما إنت معترفه إن لا حياء في العلم، ومفيش تفرقه بين راجل وست، ليه مش بتبصى لى وعينيك مركزه ناحية طيور البحيرة.
شعرت بخجل وأرادت التهرب من نظرات عيناه التي تربكها، وقالت: ممكن زمايلى يسالوا انا روحت فين لازم أرجع لهم.
قالت هذا ولم تنتظر رده وغادرت المكان تشعر بذبذبات قويه تضرب قلبها
كذالك آصف هام بذالك الخجل الواضح عليها، كاد يجذبها قبل ان تصعد ويقول لها إبقى معى لكن خشى أن ترفض وذالك.
[عودة].
عاد من تلك الذكرى يقارن عقله بين لقاء اليوم وذالك اللقاء القديم، سهيله كانت أذكي مدعيه، وهو سقط بفخ برائتها وتحفظها الذي كان مجرد واجهه مزيفه لها.
ليلا
بمنزل أيمن.
هى الأخرى ساهده تتضارب بداخلها المشاعر كذالك لأول مره تشعر بتردد في أخذ القرار الحاسم
تذكرت قول آصف لها أنه ينتظر الرد منها الليله، شعرت بغصه قويه لما لا تتجاهل ذالك، لكن تحكم قلبها، قد يفهم آصف ذالك في خطأ ويظن أنها لا تريد الإرتباط به.
حسم قلبها التردد ونهضت من فوق فراشها وخرجت من الغرفه
ذهبت نحو غرفة والدايها، للحظه عاد التردد لكن حسمه سمعها لصوت شئ سقط خلفها نظرت له ما كان سوا قطعة ديكور، قامت بالطرق على باب الغرفه وإنتظرت لحظات حتى سمعت صوت والداها يسمح بالدخول، فتحت باب الغرفه ونظرت نحو الفراش، تنحنحت بآسف: صحيتكم من النوم.
رد أيمن ببسمه: تعالي يا سهيله إحنا كنا لسه صاحين.
تبسمت له بخجل وقالت: بابا في موضوع خاص كنت عاوزه أقوله لحضرتك.
تبسم أيمن وهو يشير لها بالإقتراب من الفراش قائلا: تعالي إقعدي جنب عالسرير وقوليلى الموضوع اللى شغل عقلك ده.
تبسمت وهي تقترب حتى جلست جواره على الفراش وجوارها سحر التي مسدت على شعرها ببسمه تحثها على الحديث بما تود قوله: خير أيه الموضوع الخاص ده.
للحظه ترددت سهيله لكن إستجمعت شجاعتها وقالت بهدوء وإرتباك مصحوب بخجل: في شخص طلب إنى أحدد له ميعاد مع حضرتك عشان يجي للبيت ويتقدم ليا.
تبسم الإثتين بإنشراح، تسأل أيمن: ومين بقى الشخص ده حد احنا نعرفه.
كذالك سحر قالت بتخمين: دكتور زميلك.
توترت سهيله وهي ترد عليهما: لاء مش دكتور زميلى
الشخص ده هو آصف شعيب
سرعان ما خفتت بسمة الإثتين وإنسأمت ملامحهما.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عشق مهدور)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *