روايات

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن 8 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن 8 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية البارت الثامن

رواية نيران الغجرية الجزء الثامن

نيران الغجرية
نيران الغجرية

رواية نيران الغجرية الحلقة الثامنة

أوبال.
_______________________ “كانت تشبه حجر الأوبال الأنيق ، الفريد من نوعه ..
كانت حريصة كل الحرص على أن يكون قلبها ملجأ للسكينة ..
فجعلت همتها بضخامة و روعة أمانوس.” # مقتبس.
في هدأة تلك الليلة التي نامت فيها بعد تفكير طويل في حديث صديقتها حول ضرورة توضيح ماهية علاقتها بالمدعو زوجها و الوصول الى قرار نهائي يؤكد إستمراريتها من عدمها ، إخترقت عوامل من المحيط الخارجي أحلامها و انقشعت عنها غفوتها عندما شعرت بلمسات خفيفة تمرر على كتفها العاري ثم خصلاتها فجعلت نواقيس الخطر تدق أبواب الاوعي و تنبهها.
كعادتها فهي ذات نوم ثقيل ، لا تستيقظ بسبب تحرك شخص بجانبها أو صدور أصوات حولها لكن بمجرد ما ان تحط يد ما على أي جزء من جسدها تنتفض حواسها بإدراك و هذا ما فعلته مريم عندما تبينت وجود دخيل عليها في هذا الوقت من الليل ففتحت عينيها بإتساع و شهقت جالسة تطالع ذلك اللي يجلس مقابلا لها في غير إستيعاب.
إستغرب الآخر تصرفها الذي يظهر فزعها المبالغ فيه لكنه تغاضى عن ذلك هاتفا :
– ده أنا اهدي.
حدقت فيه لوهلة بحاجبين مقتضبين و اعتقدت أنها لا تزال نائمة و تراه في حلمها لكن عندما مرت عليها الثواني و إتضحت الرؤية من عينيها النعستين أدركت أنه أمامها حقا فرددت بذهول :
– عمار انت بتعمل ايه هنا ؟
تراءى لمريم أنه يبتسم بعبث و تسلية عند رؤية إرتباكها وهي تعدل رداءها ذو الألوان المزركشة الذي إرتفع ثم ترتب خصلات شعرها المموج الذي صففته على شكل ضفيرة طويلة و بعض خصلاتها موصولة بخيوط ملونة جميلة فتنحنحت مرددة بتلبك خافت :
– مقولتليش انك جاي …. و الا كنت استنيتك.
أجاب عمار وقد ندم للحظة على قدومه المتهور :
– الساعة لسه 10 المسا في حد بينام في الوقت ده ؟
– ها … ااا انا قاعدة لوحدي و مفيش حد اكلمه حتى الكتب اللي جبتهالي قريتهم كلهم و لقيت نفسي معنديش حاجة اعملها فقولت اتعشا و أنام أحسن.
ردت عليه مريم في توتر جلي من حضوره المفاجئ و ادرك هو ذلك فإستطرد :
– انا افتكرت حاجة كان لازم اعملها من زمان و لقيت ان ديه الفرصة المناسبة و محبتش اضيع الوقت بما ان معنديش شغل دلوقتي عشان كده جيت.
رفعت مريم رأسها تطالعه بنظرات متعجبة ومترقبة في آن واحد فأمسك عمار يدها و أخذها الى الصالة يجلسها على الأريكة الجلدية و يجلس أمامها بملامح جامدة أثارت التحفظ بداخلها فتمتمت :
– ايه اللي جيت تعمله انا مش فاهمة.
أطلق نفسا عميقا ثم أدخل يده في جيب سترته الداخلي و عيناها تتبعان حركته حتى رأته يخرج علبة قطيفة حمراء صغيرة و يقدمها نحوها ، ما هذا الذي يحمله بيده ، هل ما تفكره به صحيح ؟
أما عمار فتفرس بتدقيق في قسماتها المنفرجة ببلاهة و أعجبه كون أنه يثير هذا القدر من التلجلج بداخلها و القدرة على فرض سيطرته عليها ، رغبة ملحة جعلته يود المزيد من خوفها هذا لكنه تخلى عن أفكاره لفترة مؤقتة و حمحم بخشونة :
– لما خرجتي اخر مرة وانا شوفتك لاحظت ساعتها انك مش حاطة حاجة تبين انك متجوزة و ملك راجل ، عشان كده فكرت اجبلك ديه و بالمرة تكون هدية جديدة ليكي.
تمعنت مريم النظر في العلبة ورغم وضوح محتواها إلا أنها تساءلت بأنفاس مثقلة :
– ايه ده ؟
و دفن تساؤلاتها حينما فتح العلبة دون أن يحيد بعينيه عن عينيها ، فرفعت الأخيرة يدها تغطي شهقتها التي انبجرت عندما تراءى لها ذلك الخاتم ذو حجرة الأوبال المتلألئة و التي تعكس ألوان الطيف عند تعرضها لأشعة الشمس ، إرتجفت مريم و ركزت في الخاتم متمتمة بعدم تصديق :
– لا مش معقول … هو ده ليا أنا …. لا أكيد مش ليا.
إبتسم عمار و أجابها :
– لأ ليكي انا جبته علشانك … ديه دبلتك.
و على حين غرة إلتقف يدها اليسرى بين كفيه و أدخل الخاتم في إصبعها متابعا :
– اوعى تشيليها من إيدك مهما حصل.
هزت الأخيرة رأسها وقد إلتمعت عيناها بدموع التأثر و اعترتها قشعريرة ساخنة لفحت وجهها الذي تفتحت فيه الورود الذابلة فهمست بشغف :
– انا مكنتش متخيلة حتى فأحلامي انه يتحط في ايدي خاتم زي ده و انت اللي تجيبهولي … الصراحة انا مش مصدقة و حاسة إني لسه نايمة و بحلم.
تلمسته بأناملها متفقدة إياه ثم رفعت رأسها إلى زوجها هاتفة بإنبهار :
– انت بتعرف ان الحجرة اللي فوق ديه من الأحجار الكريمة و لونها بيتحول للأسود و الأزرق و الأحمر و الأخضر لما تتعرض للنور !!
هز رأسه بهدوء :
– طبعا بعرف و علشان كده اخترته بالذات لأنه بيليق على الإكسسوارات الغريبة اللي بتحطيها و استايل لبسك … احم و كمان كان في كتاب على طول بشوفك بتقريه إسمه أوبال بردو.
لو أن هناك جهاز لقياس السعادة لما إستطاع قياس الفرحة التي تعيشها مريم الآن ، حضور عمار و جلب خاتم مثل هذا لها و كلامه معها كل هذا كأنه حلم هي للآن غير مستوعبة انها أخيرا امتلكت خاتمه في إصبع يدها وقد أحضره لها دون طلب منها جاعلا منها كالفراشة الزاهية التي تحوم حول الأزهار الملونة في فصل الربيع …. وهو كان ربيعها !!
بينما عمار كان يراقب سعادتها و يبتسم وفي نفس الوقت متعجب من إنفعالها الزائد فهو قبل زواجه منها قدم مبلغا طائلا لعائلتها كمهر لها و أوصاهم بجلب كل ما تحتاجه فهو لن يفكر في الشبكة و ماشابه لكنه عندما رآها فارغة اليدين إعتقد أن مريم لا تود وضع خاتم للزواج أو صرفت المال على أشياء تافهة …. ترى أين ذهب كل المال الذي قدمه لها و ماذا فعلت به ؟
رمش عدة مرات و إنتبه إليها وهي تردد بإنبهار متأملة الألماس المرصع على أطراف الخاتم :
– يا الله قد ايه حلو انا خايفة أحسد نفسي …. بس أنا مش فاهمة انت جبتهولي ليه اقصد يعني إيه اللي جابه على بالك دلوقتي ما احنا متجوزين بقالنا سنتين و زيادة.
رد عليها بهدوء مراوغا إياها :
– افهم من كده أنك مكنتيش عايزة تلبسي دبلة الجواز ؟
إتسعت عينا مريم مجيبة على الفور :
– لأ لأ انا مش قصدي كده قولتلك إني مبسوطة اوي ب الدبلة وفعلا هي جميلة و بتسحر الواحد لما يشوف الجوهرة اللي من فوق ديه.
صمتت مريم فجأة ثم إستدركت :
– لا بس مكنش في داعي ليها ديه اكيد غالية اوي وانت اساسا مش منقص عليا حاجة ليه المصاريف ديه كلها.
رفع عمار حاجبيه بإستعلاء :
– لا غالية ولا حاجة شيلي الأفكار ديه من دماغك.
أدركت أنه يقصد أن إبن عائلة مرموقة كعائلته يرى مثل هذه المصاريف غير مكلفة و ماهي بنظره إلا شيء صغير لكنها مع ذلك إبتسمت ووضعت رأسها على صدره هامسة بدموع :
– انت مش عارف قد ايه انا فرحانة دلوقتي … شكرا ليك.
ابتسم الأخير و بادلها الأحضان ثم أبعدها برفق محذرا :
– خدي بالك و حافظي عليه كويس و اوعى اشوفك قلعتيه من ايدك !
هزت مريم رأسها ضاحكة :
– اقلع ايه هو خاتم زي ده بيتقلع ….. ديه دبلة جوازي و انا هحطها في عينيا.
مرر عمار أصابع يده على وجهها بخفة و استدرك مغيرا الموضوع :
– عملتي ايه النهارده.
صمتت قليلا لتجيب بعد ثوان :
– امم صحيت الصبح و فطرت بعدين روقت الشقة و قعدت اقرأ كتاب جابتهولي هالة معاها لما جت تزورني.
تذكر تلك الفتاة صديقة زوجته المقربة والتي رآها معها في المطعم و سمعها تحدثها على الهاتف في المكالمات القليلة التي تجسس عليها ، و الغريب أنه في كل مرة يسمع هالة وهي تحرض مريم على المشاجرة عندما تخبرها أنها ملت من الجلوس في المنزل و تريد الخروج لكنها تنتظر اتصال عمار لتأخذ الإذن منه ، لا يعلم ما مشكلة الفتاة معه لكن من حسن الحظ أن مريم من النوع الهادئ الذي لا يهوى المشاجرات وإلا كانت إفتعلت الكثير من المشاكل بينهما بسبب تلك الأفعى.
أفاق من شروده و قال بهدوء :
– بس كأن طولت المرادي في الزيارة …. البواب قولي أن صحبتك ديه نزلت بعد 5 ساعات.
توترت مريم و جال في ذاكرتها كلام هالة وهي تقول لها أن تتحدث مع عمار حول مصير علاقتهما و حقا كانت ستنطق لولا تراجعها في آخر لحظة :
– ها اصلها جت ساعدتني و عملنا الغدا سوا و طلبت منها تقعد معايا لأني بزهق لوحدي كتير و هالة الوحيدة اللي بكلمها اساسا.
أدرك عمار توترها وربما خافت أن يرفض زيارات صديقتها من اليوم فهتف :
– و جابتلك كتاب ايه بقى.
عاد حماسها إليها وهي تجيبه :
– جابتلي كتابين … الأول اسمه الغجرية من تأليف أديب إسباني و التاني قواعد العشق الأربعون و ديه بقى أنا قريتها إلكترونيا بس الصراحة القراية من الكتب ليها متعة خاصة و على فكرة انا بسجل اكتر اقتباسات بتلفت نظري عشان منساهاش تحب اوريهالك ؟
لم يرد كسر إنفعالها فأومأ بإيجاب ليجد مريم تقفز واقفة و تمسك يده ساحبه إياه إلى مكتبتها التي أعدها من أجلها فقط.
دخلا إلى الغرفة و ركضت مريم إلى المكتب الصغيره بعدما أجلست عمار على الأريكة الواسعة و المزينة بوسادات هوائية و أخرى من الريش.
حماسها و صوت خلخال قدمها الذي يرن في الأرجاء جعلا عمار يطاوع ما تفعله ليعدل جلسته و يتابعها بعينيه عملية بحثها.
وبعد دقيقة عادت مريم إليه و جلست أمامه تسرد له ما كتبته من عبارات من عدة كتب عربية و أجنبية قرأتها سابقا حتى إحمرت وجنتاها فجأة وهي تردد بنبرة خافتة :
– ( الحب هو إثنان يضحكان للأشياء نفسها ، يحزنان في اللحظة نفسها ، يشتعلان وينطفئان معا بعود كبريت واحد ، دون تنسيق أو إتفاق ).
كادت تنفلت من عمار ضحكة عابثة على خجلها لكنه كتمها و حثها على الإكمال و بدورها قرأت له جملا بلغات مختلفة فأردف عمار بإعجاب لم يحاول اخفاءه :
– بس انتي قريتي كتب أجنبية كتيرة …. أول ما اتجوزتك مكنتش متوقع انك بتتقني لغات مختلفة اوي كده اتفاجأت لما عرفت بعد كده.
بالطبع هو يكذب الآن ، فلقد جمع كل المعلومات التي تخصها منذ رآها أول مرة حتى الخاصة منها ، إن عمار يدرك كل تفصيلة صغيرة من مريم و لكنه لا يعلم لماذا يريد مدحها و إسعادها اليوم وله الحق في ذلك لأن مهارات مريم لا يستهان بها …. لقد تحسن مزاجه حقا بعدما وضع بيدها ما يؤكد ملكيتها له !
بينما لم تدرك مريم ما يجول بخاطره إلا أنها سعدت لإطرائه قائلة :
– طول عمري بعرف اتكلم بأكتر من لغة إنجلش و فرنش و ألماني و إيطالي و اسباني تركي و كان حلمي اشتغل مترجمة بعد تخرجي بس عمي منعني و رجعت ع البيت تاني وبعدها انت اتجوزتني … و انا فضلت قاعدة في الشقة هنا.
نطقت الجملة الأخيرة بحزن وقد تذكرت أحلامها في الماضي و التي لم تتحقق أي منها بسبب الظروف المعاكسة لها و أدرك عمار ذلك من قسمات وجهها ليتنحنح قائلا :
– لأ أنا مش مصدق أنك بتعرفي ده كله يعني انا بعرف انجلش و فرنش و شوية ألماني بس مش مقتنع باللي بتقوليه انتي عن لغاتك.
إندهشت مريم و سرعان ما ردت عليه بحمية :
– لأ صدق بابا من طفولتي كان بيكلمني بأكتر من لغة علشان اتعلمها و انا دماغي خفيفة اقدر وتعلم أي حاجة في وقت قصير و كنت دايما بجي الأولى في امتحانات اللغات الأجنبية و في الفترة اللي كنت بدرس في الجامعة خدت كورسات إيطالي و تركي و كان نفسي اتعلم أكتر كمان.
تفاجأ عمار من ضيقها بسبب مزحته بينما إستاءت مريم منه حقا فهو الآن يسخر من الشيء الوحيد الذي تفتخر به و شعرت أنه يقلل من شأنها بحجة أن إبنة قرية مثلها لا يمكنها إتقان ما عجز الأثرياء عن فعله.
لاحظ الأخير حزنها فحمحم يتمتم :
– و أنا عارف ده كويس و فخور بيكي.
داعب وجنتها مكملا بنبرة رخيمة :
– متزعليش كده و قوليلي حاجة بلغة انتي بتعرفيها … الإيطالي مثلا علشان اعرف استفدتي من الكورسات اللي كنت بتاخديهم ولا لأ.
إختفى عبوس مريم لدى سماع كلامه عن أنه يفتخر بها ولا تعلم لما توترت عندما طلب منها قول شيء بالإيطالية …. يا إلهي هي حقا تتقنها جيدا و تجيد التحدث بها ولكنها تخجل من فعل هذا أمامه.
رطبت شفتيها بحرج عندما كرر طلبه و أخيرا أخذت نفسا عميقا ثم همست بثقل بعدما رفعت رأسها تتأمل وجهه الوسيم :
– I tuoi occhi sono così belli che desidero contemplarli per il resto della mia vita, senza speranza per un momento.
رفع عمار حاجبيه بذهول معجب لشدة سلاسة كلماتها و إتقانها للهجة الإيطاليين و كأنها واحدة منهم ثم إبتسم بعبث :
– انتي كنتي بتعاكسيني صح.
جفلت مريم و شهقت بمفاجأة :
– عرفت ازاي انت بتفهم إيطالي ؟
رنت ضحكاته الرجولية في المكان لصدق حدسه بينما خجلت هي و إحمرت وجنتاها.
– لأ انتي بصيتي لوشي و بعدين عينيا ع وجه الخصوص فقدرت احزر …. كنتي بتقولي إيه بقى ؟
تجمدت مكانها عندما شعرت بيده توضع على ساقها العارية ضاغطة عليها بخفة فهتفت متلعثمة بحرج وقد نضب وجهها بشكل واضح :
– كنت بقول …. أن عينيك حلوين لدرجة لو قضيت حياتي بأمل فيهم مش هزهق خالص.
كان نصيب إحمرار الوجه هذه المرة من نصيبه ولكن ليس بسبب الخجل طبعا ، بل بسبب مشاعره التي تحركت من مكانها و أصبحت تترجم على شكل لمسات منه على جسدها الآن ، تحسس بأنامله طول عنقها هامسا بصوت يصرخ بالرغبة :
– يعني إنتي شايفة أن عينيا حلوين للدرجة ديه ؟
إرتجفت مريم و إحمر وجهها بقوة ولكنها أومأت بإيجاب على أي حال.
إبتسم الأخير و إستطرد :
– طب ازاي بيقولو بالتركي … أنا بدمن ريحة شعرك اللي بتجنني يا غجرية ؟
تأوهت بتأثر من لمساته و إرتفعت نبضات قلبها خاصة عندما أدركت أنه يقصدها بهذا الكلام ، هل هو حقا يعشق شعرها المجعد لدرجة إدمانه على رائحته ؟
أخذت نفسا عميقا و لفظته دفعة واحدة مرددة :
-Beni deli eden saçlarını koklamaya aşığım, çingene.
كتم عمار تأوها راغبا ثم إنتقلت يده لخصلاتها يعبث بضفيرتها المصففة بإتقان و لم تنتبه له مريم وهو يفكها ببطء حتى تحرر و أصبح منسدلا …. دفن أنفه به مرددا ما قالته منذ قليل على لسانه ، بصوت أجش داعب حواسها :
– Beni deli eden saçlarını koklamaya aşığım, çingene.
لامس بشرة وجهها بشفتيه في خفة و إعتقدت مريم أنه سيقبلها لكن عمار أبعد يده عنها فجأة آمرا إياها بلطف:
– انتي كنتي بتقريلي كتبتي ايه يلا وقفتي ليه انا عايز اسمع اللي سجلتيه كملي.
– حاضر.
تابعت مريم قراءة ما دونته باِضطراب سرعان ما تحول إلى شغف قارئة ،و عمار يتابع تعبيراتها و صوتها الرهيف وهي تقرأ حتى همست بتأثر مرددة إقتباسا من رواية ” أنت لي ” :
– إن شمسا تشرق وتغرب دون أن تريني إياها هي ليست شمسا ، و إن قمرا يسهر في كبد السماء دون أن يعكس صورتها هو ليس قمرا ، و إن يوما يمر دون أن اطمئن عليها …
توقفت مريم عندما شعرت به يقترب منها فرفعت رأسها لتصطدم بوجهه القريب منها ، حط عمار بشفتيه على وجنتها هامسا بوله :
– و إن يوما يمر دون أن اطمئن عليها ليس يوما محسوبا من أيام حياتي.
أنهى جملته بقبلة إمتلك فيها ثغرها جاذبا إياها من خصرها لتضع مريم الدفتر جانبا و تضمه بحب كاد يفجر قلبها من شدة قوته ….
بعد مدة.
تململت على تلك الأريكة الواسعة في كسل ثم فتحت عينيها تنظر بجانبها لتراه نائما بصدره العاري يضع على جسدهما غطاء خفيف و أنفاسه منتظمة ، تنهدت مريم و طالعت خاتمها مبتسمة ثم أزاحت الغطاء و قامت ببطء ترتدي الروب الخاص بقميص نومها.
غادرت الغرفة محاولة عدم إصدار صوت بخلخالها و إتجهت الى المطبخ بغية شرب الماء.
و بينما هي تحمل الكأس بين يديها استندت على رخامة المطبخ تتذكر كلام صديقتها و عن إمكانية زواج عمار مرة أخرى بإمرأة من طبقته و تبقى هي محبوسة بين أربع جدران تنتظر زيارته من شهر لشهر هذا إن لم يتجاهلها أو ينسى وجودها.
تنهدت بحيرة و حدثت نفسها :
– طيب اكلمه في الموضوع ولا لأ على الاقل اعرف مكانتي عنده ايه بالضبط …. انا عانيت من إهمال عمار سنتين بس هو دلوقتي اتغير شويا و بقى بيتصل يسأل و ميطولش الغياب زي ماكان بيعمل ممكن لو اتكلمت معاه يغير رأيه و يقرر يعلن جوازنا قدام الناس …. خلاص لما يفوق بكره تبقى احضرله الفطار و اتكلم معاه بالراحة.
اغمضت عينيها بأسى ثم فتحتهما و هنا إنتبهت لوجود هاتفها على الطاولة الصغيرة أمامها فتأففت بغيظ :
– أنا ازاي نسيته هنا كويس أن عمار جه مباشرة و متصلش بيا كان هيعملي مشكلة لو عمل كده و انا مردتش عليه.
أخذته و كادت تخرج لكن حين تطلعت إلى خاتم الأوبال تذكرت فجأة لحظاتها مع عمار منذ بضع ساعات ، لقد عاشت معه أوقاتا مجنونة في المكتبة جعلت قلبها يرفرف سعيدا و لوهلة إعتقدت أنه يحبها أيضا فرغم تعجبها من تحوله المفاجئ و كرمه الوفير في المشاعر إلا أنها تتمنى لو يظل معها هكذا كل مرة.
إرتعدت حواسها حينما سمعت صوته الرجولي يصدر من خلفها على غفلة :
– انتي بتعملي ايه عندك ؟
انتفضت مريم بهلع و إستدارت تجيب بتلعثم :
– انا … قمت عشان اشرب مياه.
أشارت لكوب الماء الموضوع بجانبها و لكن بصره بقي معلقا على الهاتف بيدها …. مالذي تفعله به في هذه الساعة ؟
– و بتعملي ايه بالموبايل ؟
– لا أنا لقيت نفسي ناسياه هنا و لسه شايفاه دلوقتي.
لم يزل وجومه بل تقدم منها بخطوات مركزا عليها حتى فاجأها بسحب الهاتف من أصابعها كي يرى إن كانت محقة فيما تقوله أو تكذب عليه ، تعجبت مريم من فعلته و إعتقدت أنه يشك بها أو عقله يرسم له خيالات لا أساس لها من الصحة ففتحت فمها توشك على الحديث إلا أنه قاطعها ببرود :
– كنت بشوف الساعة كام بس ، خدي.
همهمت مريم بتفهم :
– انت صحيت ليه عايز مني حاجة اعملهالك ؟
نفى عمار برأسه :
– لا بس انا همشي دلوقتي.
تحولت ملامحها الى الحزن و تمتمت :
– هتمشي ليه نام الليلة ديه هنا ع الاقل و ابقى روح بكره.
كاد يتكلم لكن سمع رنين هاتفه يصدر من الغرفة فذهب إليها وهي تتبعه ، نظر لإسم المتصل و أجاب :
– ايوة يا ندى.
سمع صوتها الرقيق يتحدث بدلال :
– عمااار انت فين مش اتفقنا ترجع بدري عشان نتفرج على الفيلم اللي اخترته انا قاعدة و مستنياك.
لاحظ الضيق البادي على وجه مريم و استغرب ذلك لكنه رد على الطرف الآخر :
– انا جاي اهو بس على الله الفيلم يكون حلو.
ضحكت ندى بخفة :
– Don’t worry ، الفيلم حلو المرادي انا اخدت ذوقك بعين الإعتبار و جهزت حاجات كده عشان السهرة انما ايه تحفة هنتبسط اوي.
شاركها عمار الضحك هاتفا :
– لا متأكد ان تجهيزاتك حلوة هقفل دلوقتي ساعة كده و اكون قدامك … سلام يا قطن.
اغلق الخط ثم التقط قميصه ليرتديه و نظرات مريم المندهشة تلاحقه ، هل يتركها الآن من أجل أن يذهب الى إبنة عمه و يسهرا سويا ؟ لماذا لا ترى هذا الوجه الضاحك عندما تكون معه لا تتذكر أنه وافق على كلامها بهذه السرعة يوما عندما كانت تدعوه لمشاهدة فيلم معها كان يرفض متحججا بإنشغاله ولكنه مع ندى تلك يفعل كل ما هو من حقها هي فقط !
دوى صوت هالة في رأسها وهي تحذرها من عمار لكنها حاولت نفض هذه الأفكار و اقتربت منه :
– هترجع امتى طيب.
رد عليها عمار بشيء من الامبالاة :
– هتصل بيكي قبل ما اجي.
كتمت مريم زفرة غاضبة بصعوبة لتقول :
– براحتك.
أنهى عمار إرتداء ملابسه و قبل ان يغادر توقف فجأة و التفت لها يسألها :
– صحيح انتي ازاي صحيتي من كام ساعة بسرعة لما لمستك رغم اني عملت صوت في الأوضة ووقعت الفازة و مصحيتيش بس اول ما حطيت ايدي على جسمك فتحتي عينيكي وكنتي مرعوبة وديه مش اول مرة تحصل.
بهتت و اصفرت ملامحها وفي نفس الوقت تفاجأت من ملاحظته لهذا الأمر ، عضت مريم على شفتها و تذكرت إبن عمها الذي كانت تجمع بينهما علاقة حب في السابق فهي كانت معجبة به و خيل لها أنه يكن لها مشاعر صافية و سيتقدم لها و يتزوجان لكن حينما بدأت يده تمتد الى جسدها و يتلمسها بقذارة ابتعدت عنه و حذرته من الاقتراب منها مجددا بعدما علمت بنواياه الخبيثة …
لكنه لم يتوقف بل أصبح يتحرش بها كلما سنحت له الفرصة حتى وصل به الأمر الى الدخول لغرفتها ليلا و محاولة أخذ ما ليس له حق فيه.
و منذ ذلك الوقت وهي تعاني من رهبة اللمس و استطاعت بصعوبة التأقلم على لمسات عمار لجسدها لكن ظلت تفزع عندما تحط عليها يد غريبة وهي نائمة ، حمحمت تفيق نفسها من شرودها عندما استمعت لصوته الساخر :
– سؤالي محتاج الوقت ده كله عشان تردي.
اغتصبت إبتسامة خافتة ظهرت على وجهها و أجابت :
– ااا انا عندي عادة مبحبش حد يلمسني وانا نايمة لأني بنسى مين اللي قاعد معايا فبترعب وو انت لما جيت المرادي كنت نايمة بردو و حاطة في دماغي اني قاعدة لوحدي ولما لمستني خوفت.
همهم عمار مطالعا إياها ثم إبتسم هاتفا :
– طيب انا ماشي دلوقتي خدي بالك من نفسك ولو احتجتي لحاجة عشان البيت ابعتيلي ميسيج وانا هعرف البواب عشان يجيلك و يشوفك عايزة ايه و يجيبهولك.
– حاضر.
داعب وجنتها برضا و تحرك ليذهب لكنها أوقفته :
– عمار …. شكرا لأنك افتكرتني و جبتلي الخاتم ده.
استغرب الأخير فرحتها المبالغة – حسب رأيه – و اعتقدها مجرد سعادة بهديته باهضة الثمن ف ابتسم بمجاملة و تابع خطواته لتوقفه ثانية بصوتها العذب :
– متتأخرش عليا.
– هحاول اجي في اقرب وقت … تصبحي على خير.
____________________________________
بعد مرور أسبوع.
صباح يوم جديد في قصر البحيري.
كانت سعاد جالسة مع فريال في الصالة تتجاذبان أطراف الحديث حول أمور عديدة حتى دلفت ندى و قالت بمرح :
– صباح الخير على أحلى مامي و أحلى مرات عم في الدنيا كلها.
– صباح الخير يا حبيبتي.
جلست معهما و غمزت مشاكسة :
– كنتو بتتكلمو في ايه بقى قبل مااجي.
فريال بإبتسامة :
– مفيش يا حبيبتي قاعدين مستنيين باباكي و عمك و باقي العيلة يجو عشان نفطر سوا.
– اها انا روحت اصحي نانا و قولت للممرضة الجديدة بتاعتها تنزلها بعد شويا بس عمار فين انا مش شايفاه.
أجابتها سعاد :
– في صالة الرياضة يا حبيبتي النهارده اجازة و انتي عارفة انه بيحب يتدرب في اليوم ده.
همهمت ندى و نهضت :
– طيب انا هروح اشوفه و اقوله يجي يفطر.
غادرت الصالة بخطوات راكضة بينما حولت فريال نظرها الى سعاد متمتمة بمكر :
– شايفة ندى و عمار متفقين قد ايه اللي يشوفهم بيقول في بينهم علاقة حب قوية.
أيدت الأخرى كلامها :
– صح انا عمري ما شوفت عمار بيضحك و بيهزر مع اي بنت إلا ندى ده بيعزها جدا و مبيرفضلهاش طلب.
– طيب ايه رايك نخلي العلاقة بينهم رسمية و نجوزهم لبعض بدل نظرات الحب السرية ديه العيلة كلها عارفة انهم منجذبين لبعض و احنا من واجبنا نقرب بينهم اكتر.
اقترحت فريال بهدوء وهي تترقب ردة فعلها لتتنهد الأخرى بأسى :
– انا قولت لعمار الكلام ده من فترة و اقترحت عليه يتجوز ندى بس هو رفض حتى اني قولتله لو في بنت معينة في دماغك قولي عليها وهو قالي مفيش يعني رافض فكرة الجواز من أصلها.
تضايقت فريال بشدة و تذكرت ما حدث منذ يومين عندما ذهبت الى الصائغ لتشتري إكسسوارات و تفاجأت بالبائع يبارك لها في حسن نية و عندما سألته عن السبب أخبرها ان عمار و ندى كانا عنده منذ فترة و إبنتها أعجبت بإحدى الخواتم باهضة الثمن و التي قد لفت نظرها هي نفسها سابقا ف إشتراه الآخر لها في السر و من المؤكد أنه سيهديها إياه ! لكن عمار لم يعطي أي شيء لندى ولم يجلب لها ذلك الخاتم إذا لمن يكون قد أهداه يا ترى هل لحبيبته تلك التي رأت صورها على هاتفه هل ينوي الزواج بها ؟ لو كان كذلك لفتح هذا الموضوع أمام العائلة لكنه ظل صامتا ولم يتكلم إذا هو إشترى الخاتم لإمرأة أخرى وربما تكون نفسها من رأت صورتها على هاتفه ، عمار بات يفتعل تصرفات ستؤدي بخططها الى الهلاك و يجب عليها التصرف حالا !!
****
دخلت ندى الى صالة الرياضة التي توجد في الطابق السفلي ووجدت عمار يقوم بتمارين الضغط ، كان يرتدي بنطال رياضي و فانلة سوداء ورغم برودة الجو الا ان العرق كان يتصبب منه جاعلا بشرته البرونزية لامعة ومع كل حركة يصدر تأوه خفيف ، استندت على الحائط تراقبه بشرود وبدون شعور بدأت كلمات أمها تتردد في أذنها حول زواجها بإبن عمها لتبتسم متخيلة أن ترتبط بإبن عمها هذا الرجل الصامت ذو الوجه الوسيم و نبرة الصوت القوية.
من الغريب أن يكون عمار الهادئ هو نفسه من كان يعنف حبيبته في المطعم و يصرخ عليها ، وتلك الفتاة لم تمانع تقبيله لها بعدما دفعها على الحائط و عاملها بهمجية.
كيف يمكن للمرأة أن تقبل مواعدة رجل عنيف و تطيق النظر لوجهه ؟ إبن عمها عمار لم يسئ التصرف معها يوما وهي تعلم أنه يعزها كثيرا لكن هل إذا شاءت الأقدار و إرتبطا يوما سيعاملها بنفس الطريقة أيضا ؟
_____________ أفاقت ندى من شرودها و أنبت نفسها لأنها فكرت في ابن عمها هكذا من المستحيل ان يجتمعا يوما فلا هي تحبه ولا هو يحبها هما صديقان مقربان فقط و على والدتها فهم هذا الأمر.
– انتي واقفة هناك بتعملي ايه ؟
وصلها صوته البارد بعدما جلس على الأرضية ووضع المنشفة حول عنقه فعادت لرشدها و إبتسمت مقتربة منه :
– Good morning my cousin.
جلست بجانبه متابعة :
– كنت واقفة بفكر ازاي بتجيب طاقة عشان تلعب رياضة قبل ما تاكل حاجة انت مبتتعبش ؟
ضحك عمار و إرتشف من قارورة الماء البلاستيكية مجيبا :
– تعب ايه هو انا لسه اتحركت ديه تحمية بسيطة و هنزل الجيم كمان كام ساعة مع وليد.
– اجي معاك ؟
– لا انا اشتركتلك في الجيم بتاع الستات تقدري تروحي ليه ملكيش مكان في الجيم المختلط.
تأففت ندى بإمتعاض وصمتت قليلا ثم استطردت :
– طب انا كنت عايزة منك خدمة بص هنزل انا وطنط النهارده نعمل شوبينج بس مامي مرضيتش تجي معانا عشان كده عاوزاك انت تجي و تبقى انزل الجيم يوم تاني بلييز.
طالعها بضيق و كاد يرفض لكنها أمسكت يده متكلمة بدلال :
– بليز متقولش لأ انا عايزة اجيب فستان عشان خطوبة صاحبتي و انت الوحيد بعد ماما اللي بتعرف ايه اللي بيليق عليا وكمان عايزة إكسسوارات و طنط سعاد مبتحبش تلف كتير ومش هيهون عليا اتعبها بليز يا عمار بليييز.
– طيب ماشي عارف اني مش هخلص من زنك يبقى هكلم وليد يجي معانا.
صفقت بفرحة و قفزت تركض خارج الصالة :
– هروح افطر عشان الحق اجهز نفسي تعالى انت كمان يس يس.
ضحك عمار عليها ثم نهض و صعد الى غرفته ، استحم و ارتدى بنطال جينز و بلوفر أبيض و حذاء رياضي اسود ثم صفف شعره و عدل ساعة يده.
نظر لزجاجات العطر على التسريحة الخاصة به و كاد يأخذ إحداها لكن وقع نظره على زجاجة منفردة عن البقية …
كانت ذات تصميم عريق و مزخرف تشبه زجاجات أميرات الزمن القديم تحمل بداخلها عطرا صنع خصيصا له و من صنعه هو – زوجته – مريم التي أهدته إياه بإبتسامة خجلة قبل سفره منذ أشهر متعللة أنه سيتذكرها كلما رش من العطر.
لاحت إبتسامة على وجه عمار و للحظة فكر كم ان مريم إمرأة مميزة عن غيرها حتى في العطور التي تضعها ، حمل الزجاجة و رش بضع قطرات منها ثم إتجه الى غرفة جدته ليجدها فارغة فعلم انها مع العائلة في الأسفل.
نزل على درجات السلم بهدوء و قبل ان يدخل الى حجرة الطعام قابل والده ، نظرا لبعضهما البعض بصمت حتى نطق عمار :
– صباح الخير رأفت بيه.
كتم رأفت زفرة غاضبة بسبب مناداته برسمية لكنه تغاضى عن ذلك و قال وهو يطالع هيأته :
– على فين كده مش النهارده إجازة.
– رايح مشوار مع سعاد هانم و ندى محتاج اجبلك حاجة معايا ؟
أجابه بإبتسامة باردة مستنكرا سؤاله هذا كأنه يستجوبه فإنفعل رأفت و هتف :
– لا بس كنت فاكرك رايح لحبيبة القلب اللي خلتك تجيبلها خاتم مرصع بالألماس و الأوبال.
لم يبدو على عمار الذهول او الارتباك بالعكس فهو كان يعلم جيدا ان والده يعلم من صاحب المحل بمشتريات إبنه وللصراحة أعجبه ذلك كونه سيجعل رأفت البحيري مشتتا حائرا لا يعلم ماهية الصدمة التالية و متى سيتلقاها.
اقترب رأفت منه و همس :
– مسيري أعرف مخبي ايه و بتروح على فين و بتصرف على مين ساعتها هيكون ليا كلام تاني معاك.
رفع عمار حاجبه مجيبا بهمس مماثل :
— هو كل ده لسه معرفتش انا مخبي ايه معقول الحراس بتوعك فاشلين للدرجة ديه.
قبض على يده بسخط :
– قولتلك انا بطلت الحقك من زمان انت مبتفهمش ليه !
اشاح عمار وجهه عنه بسخرية من كذبه الدائم فهو البارحة فقط رأى سيارة سوداء تتبعه لكن مهاراته في الإختفاء جعلتهم يفقدونه إذا كيف يقف والده الآن أمامه و يقول انه تخلى عن ملاحقته الدائمة له ، تحرك ببرود يدخل للحجرة تاركا رأفت يغلي من الغضب و القهر بسبب تجاهل إبنه المستمر و يفكر في تلك المرأة التي يواعدها و من تكون يا ترى و أين تقيم.
_______________________
– لا اتأخر ايه انا ماصدقت عمار يسمحلي اطلع المشوار ده مش هروحه عليا اكيد.
قالتها مريم على الهاتف محدثة صديقتها وهي تفتح الخزانة و تخرج منها ملابسها لتسمع هالة تردد :
– هو كل ده مش هتتأخري يابنتي الساعة بقت 10 وانتي لسه مخلصتيش شغل البيت بصي نص ساعة و اكون عندك مش هستناكي اكتر اهه.
أغلقت الخط لتشرع مريم في تجهيز نفسها إرتدت فستان شتوي باللون الرمادي يصل لأسفل ركبتيها يتوسطه حزام أسود و حذاء من الجلد ( هاف بوت ) بنفس لون الحزام ذو كعب عالٍ نسبيا ، أسدلت شعرها المموج و حددت عينيها بالكحل لترتدي قلادة طويلة إرتدت جاكيت من الجلد باللون الأسود ثم حملت حقيبة يدها و غادرت مع هالة بعدما أرسلت لعمار رسالة مفادها أنها ستخرج الآن.
بعد ساعات من التجول في المحلات الكبرى و شراء الكثير صعدتا الى المطعم الملحق بالمول في الطابق العلوي و بينما تتناولان الطعام سألتها هالة :
– صحيح انتي مقولتليش عمار رد عليكي قالك ب ايه لما كلمتيه بخصوص موضوعنا.
جفلت مريم و ضغطت على كوب الماء مجيبة بتردد :
– انا …. انا لسه مكلمتوش … يعني لما جالي من اسبوع و جابلي الدبلة مقعدش معايا كتير مشي بعد وقت قصير وانا ملقتش الفرصة المناسبة.
عضت الأخرى على شفتها بغيظ و كادت توبخها لكن ملامح صديقتها الحزينة جعلتها تهدأ قليلا ، مريم إمرأة هادئة و مسالمة تخجل من الدفاع عن نفسها و حقوقها لهذا لا يجب الضغط عليها كثيرا و إلا ستظن أنها تتدخل بحشرية في شؤون حياتها و تكف عن محادثتها بأريحية ، تنهدت و همهمت بهدوء :
– براحتك …. شوفي امتى الوقت المناسب و كلميه بس اوعى تنسي.
هزت رأسها ثم إبتسمت ورفعت يدها تريها الخاتم :
– بصي قد ايه حلو و لايق على ايدي !!
– انتي كل حاجة لايقة عليكي يا روما و الصراحة يعني الطاووس أثبت انه عنده زوق و مش بخيل.
مريم بتأكيد :
– طول عمره زوقه حلو و مبيبخلش عليا بحاجة و بيجيبلي كل اللي نفسي فيه …. طيب عارفة عمار قالي انه اختار حجر الأوبال ده لإنه بيتلون و ييليق على استايل اللبس بتاعي و الاكسسوارات اللي بحطها يعني هو مهتم بزوقي بردو.
رفعت هالة رأسا اليها و ابتسمت :
– انتي مبسوطة عشان الخاتم حلو و غالي ولا مبسوطة عشان حاجة تانية.
تأوهت مريم بوله :
– مبسوطة لأنه افتكرني و جابلي اللي نفسي فيه من زمان … انتي عارفة ان المهر اللي دفعه عمار لما اتقدملي اديته لعمي عشان يدفع ديونه و يعدل في الشقة اللي هيتجوز فيها ابنه ومش ندمانة اساسا لأنه رباني و تعب على مصاريف أكلي و شربي و لبسي و تعليمي ….. بس انا متوقعتش عمار يجيبلي الدبلة اهتمامه ده اداني أمل فأنه ممكن فيوم من الأيام يحبني او ممكن يكون بيحبني دلوقتي ومستني الوقت المناسب عشان يعلن جوازنا.
قالتها بحماس بائس فلم ترد كسر لهفتها لذلك إكتفت بالإبتسام و تابعت طعامها حتى نطقت مريم بحيرة :
– اللي شاغل بالي أن عمار اتغير معايا من يوم ماشافني قاعدة معاكي في المطعم بقى بيتصل بيا اكتر من مرة في الأسبوع و لما يجي بيقعد يكلمني و يهزر معايا لدرجة شكيت فأنه يكون نفس الشخص اللي اتجوزته أنا طبعا فرحانة بالتغير ده بس فنفس الوقت مستغربة لأنه حصل فجأة كده.
همهمت هالة بإنتباه :
– لما قولتيلي الكلام ده من قبل فكرت انها خطة منه عشان يوقعك خاصة لما شوفته بياخد دوا غريب بس اعتقد عدى وقت طويل ع الحادثة ديه و ممكن الطاووس قصدي عمار يكون ندم من إهماله ليكي و قرر يعوضك ….. متشغليش بالك بالأفكار ديه و افضلي مبسوطة على طول.
إبتسمت لها وبعد دقائق نزلتا للأسفل و قبل ان تغادرا المول توقفت مريم وهي ترى من بعيد عمار مع إبنة عمه و شاب آخر و سيدة كبيرة ، إتسعت عيناها بدهشة عندما رأته يحتضنها من كتفها وهي تتحرك بين الملابس المعلقة و تختار له ما يناسبه من القمصان و الآخر مستسلم لها تماما بل و يضغط على وجنتها كمشاكسة منه !!
التوت شفتها بسخرية مريرة و دمعت عيناها هامسة :
– شوفي عمار واقف بيعمل ايه …. كل مرة بتفاجأ بأن بنت عمه بتعمل الحاجات اللي لازم أنا أعملها ولا كأنها حبيبته.
ضغطت هالة على يدها و أرادت شتمه لكنها منعت نفسها بصعوبة و حمحمت مرددة :
– تعالي نطلع احسن يشوفك هنا و يدايق ونرجع لنفس الموال.
لا تدري كيف طاوعتها و غادرت المول و عندما كانتا ستستقلان سيارة أجرة شهقت هالة :
– الله انا نسيت تلفوني في الكافيتيريا فوق هروح اجيبه قبل محد ياخده استنيني انتي هنا مش هتأخر.
اومأت بعدم تركيز و جلست على إحدى المقاعد في الخارج تحاول كتمان دموعها و منعها من الهطول ، هذه المرة الألف التي ترى فيها عمار مع إبنة عمه يدللها و يضحك معها و يحتضنها كأنهما حبيبين رأت صورهما مسبقا على مواقع التواصل الإجتماعي و يوم أرسلت هالة صورته معها في الملاهي لكن أن تراه أمامها و يداعب فتاة غيرها غير منتبه لها فهذا مؤلم حد الجحيم !!
أليست هي زوجته ؟ أليست مرافقته أمام الملأ و احتضانه و إختيار الأطقم معه من حقها فقط ؟ إذا لماذا تركت زوجها مع غيرها و جلست بعيدا عنهما ؟ أي زواج يجعلها منبوذة و مجهولة الهوية هكذا !!
*** في الجانب الآخر.
تأفف بعدما سئم من مسايرتها كل هذا الوقت و قال :
– ما خلاص بقى يا ندى انتي اخترتيلي حاجات كتير وانا مش محتاجلهم بس كفاية تعبت خلينا نمشي !
مطت شفتها بتذمر :
– يووه انت فصيل كده ليه هو انا اعترضت لما حضرتك قعدت ساعتين تختارلي اللبس اللي يعجبك وانا مطاوعاك و دلوقتي لما جه دوري تعبت.
– ايوة لأن انا مليش حيل اقف في المحلات طول اليوم زيكم … وبعدين ملاحظين انتي و سعاد هانم انكم قاعدين فمكان كله رجالة !
ضحكت سعاد التي وقفت معهما بعدما أنهت مشترياتها :
– مانا قاعدة بسايرها معاك و مستنية تخلصو عشان نمشي … اقولك انا مروحة هتلاقوني في العربية مستنياكو.
اعترض عمار فورا :
– لا هنخرج كلنا سوا يلا يا ندى و انت يا وليد.
اعترضت ندى و صممت على البقاء لخمس دقائق فقط فوافق على مضض بينما غادرت سعاد المول و وليد انتبه الى الفتاة المحجبة التي مرت من جانبهم بعدما ألقت عليه نظرات ساخطة لم يدري سببها كاد يبتسم لها بإستفزاز لكنه لاحظ شابا يلحقها و على وجهه إبتسامة خبيثة.
تضايق وليد و لسبب ما شعر بالخوف عليها فإلتفت الى عمار بجدية :
– دقايق و راجع.
تحرك مسرعا و لحق بالفتاة و لقد كان شكه في محله فالشاب يذهب أينما ذهبت صعدت الى الكافيتيريا في الطابق العلوي و تحدثت مع صاحبها ثم أخذت هاتفها و إتجهت الى الحمام النسائي تدخل إليه أما الشاب فوقف امام الباب بسماجة ، زفر وليد بغيظ و همس :
– اه يا ندل.
فكر بالذهاب اليه و ضربه لكنه خاف على سمعة الفتاة فحمحم و وقف أمام الباب مقابلا له نظر اليه و قال :
– انت بتعمل ايه هنا ؟
ارتبك الشاب و أجاب :
– ااا انا مستني أختي بتسأل ليه ؟
إبتسم وليد ببرود :
– لا مفيش انا كمان مستني خطيبتي لسه داخلة.
في الداخل كانت هالة تستند على الحائط بخوف من الشاب الذي يلاحقها فلقد كان يبدو عليه مخدرا وليس بوعيه و رغما عنها خافت و إرتعبت لذلك إختبأت في الحمام لكن عندما سمعت صوتا رجل آخر يتحدث عن خطيبته إستغربت لأنها بمفردها هنا و تشجعت في نفس الوقت :
– انا هستغل فرصة انشغاله و اهرب ولو لحقني تاني هصوت وخلاص.
سحبت الهواء و لفظته على مهل ثم فتحت الباب لتتفاجأ بذلك الرجل الغريب يبتسم لها :
– خلصتي تضبيط الطرحة يا حبيبتي يلا نمشي.
فغرت فاهها بغباء فأردف وليد بنفس الإبتسامة :
– مالك متنحة كده ليه انتي تعبانة يا روحي ؟
إرتبك الشاب و خاف ان تفضحه أمام خطيبها فغادر مسرعا لتلتفت هالة الى الأخير هاتفة بغضب :
– حبيبتك مين يالا انت اتجننت !
تفاجأ وليد من هجومها و ضحك ساخرا :
– اعمل الخير و ارميه في البحر ، في ايه يا انسة انا كنت بساعدك لولا وجودي كنتي قعدتي مستخبية هنا طول عمرك.
بالفعل كانت هالة مدركة انه ساعدها بدون أن يثير جلبة لكن توترها و رؤيتها له سابقا مع زوج صديقتها جعلها تنفعل و تصيح :
– انا مش محتاجة لمساعدة منك على فكرة بعرف ادافع على نفسي.
– هه واضح.
قالها بإستنكار و أكمل :
– تعرفي كنت ناوي امشي و اسيبك بس بعد قلة زوقك ديه مش هروح قبل ما تشكريني و تعتذري.
إبتسمت له و في ثواني تحولت ملامحها للشراسة وهي ترفع يدها و تمرر أظافرها على صدره بعنف :
– خد شكرك و اعتذارك غالي و الطلب رخيص.
تأوه وليد بصوت عال و اندهش من هجومها ضغط على أسنانه بغضب وقبل ان يتكلم اطلقت الريح لساقيها و فرت هاربة ، تحسس الجرح الذي على صدره الظاهر من أزرار القميص المفتوحة و زفر بعصبية :
– ايه البنت المجنونة ديه حسبي الله ونعم الوكيل فيكي.
*** في نفس الوقت خارج المول.
تنهدت مريم بصبر نافذ مرددة :
– فين البنت ديه بقالها ساعة مختفية دلوقتي عمار يطلع و يشوفني اووف.
رفعت رأسها تطالع المشاة حتى لفت نظرها إمرأة تسير بسرعة و رجل خلفها يمسك أكياس التسوق حتى اصطدمت في حجرة و إلتوت قدمها ، نهضت مسرعة و ذهبت اليها تسندها :
– حضرتك كويسة يا طنط تعالي إرتاحي.
أجلستها على المقعد و انحنت عليها تسألها :
– حاسة بوجع كبير تحبي اساعدك عشان تمشي ؟
ابتسمت ببعض الألم :
– لا يا بنتي ابني شويا كده و هيجي مفيش داعي تتعبي نفسك …. لو سمحت نادي على البيه جوا.
وجهت كلامها الى الحارس الذي نفذ أمرها سريعا ثم طالعت مريم بحنان وقد رأت الخاتم باهض الثمن الذي ترتديه :
– ربنا يخليكي يا بنتي و يحفظك لجوزك …. انتي اسمك ايه ؟
– م … مريم يا طنط.
– اسمك حلو زيك.
إبتسمت مريم بخجل و فجأة اختفت إبتسامتها عندما سمعت صوته المميز ينادي :
– سعاد هانم !
التفتت اتجاهه و اتسعت عيناها بصدمة عندما رأت عمار الذي بتوه حدق بها في ذهول غير مستوعب لأن زوجة أبيه جالسة مع زوجته التي نسي كليا أنها ستخرج للتسوق اليوم ، لاحظت سعاد تلجلجهما و تعجبت :
– في ايه يا عمار انتو بتعرفو بعض ؟
بصعوبة إستطاع السيطرة على إنفعاله و إنحنى عليها بإحترام :
– لا بس اتوترت لما البودي جارد قالي ع اللي حصل حضرتك كويسة.
إبتسمت و ربتت على كتفه :
– متخفش انا بخير اتكعبلت بس مش حاجة خطيرة يعني و البنت ديه ساعدتني.
أشارت إلى مريم المتسمرة مكانها تمسك أكياس التسوق و تحدق في الأرض خشية من أن تفضحها عيناها ، أما عمار فطالعها ببرود مغمغما :
– شكرا …. يا مدام.
شعرت بالإرتباك يغزوها أكثر و تمتمت جاهدة لجعل صوتها ثابتا :
– اا… العفو يا أستاذ.
– مريم !
كان هذا صوت هالة التي ذهبت إليها و ذهلت عندما رأتها واقفة مع عمار و سيدة أخرى سمعتها تناديه ب إبني فلم تحتاج للكثير من الذكاء حتى تفهم ما يحدث ، رمقت عمار بمقت و غضب ليستنكر هو نظراتها و يقابلها بإستفزاز فنطقت مريم أخيرا :
– انا لازم امشي عن اذنكم و الحمد لله على سلامتك يا طنط.
– الله يسلمك.
راقبتها حتى اختفت مع صديقتها ثم سألت :
– ندى ووليد فين ؟
تنحنح مبعدا عينيه عن زوجته التي ابتعدت و أجاب بإختصار شديد :
– جايين.
أخرج هاتفه من جيب بنطاله و تفحصه ليجد رسالة من مريم تخبره فيها أنها ستذهب للتسوق مع رفيقتها كما إتفقا سابقا لم ينتبه لها لأنه عدله على الوضع الصامت ، تنهد عمار بضيق لم يتخيل من قبل ان يعامل مريم كالغريبة لكن مصادفته لها اليوم أمام زوجة أبيه أربكه لحسن حظه لم تكن ندى معهم و إلا كانت إكتشفت أن هناك ما يجمعهما فهي فتاة ذكية نبيهة تستطيع معرفة ما يعجز عنه الآخرين !!
****
زفرت بإرتياح وهي تركب سيارة الأجرة و هالة بجانبها ثم قالت :
– لو تعرفي ايه اللي حصلي لما شوفته قدامي فجأة كان هيغمى عليا ده انا فكرت نفسي بتخيل بس لما سمعت صوته وهو بيقولها يا سعاد هانم اتأكدت انه حقيقة.
إنتبهت إلى جملتها الأخيرة فإستفهمت :
– يعني هو بيقول لمرات أبوه هانم ليه كده ديه باين عليها طيبة و معتبراه زي إبنها.
همهمت بتأكيد :
– عمار حكالي عليها من قبل لما سألته عن عيلته و قالي انها كويسة بس هو حط حدود بينهم.
إلتوت شفتها بتهكم :
– واضح انه ناكر علاقاته مع كل الناس مش معاكي انتي بس …. إلا مع بنت عمه ديه غالية عليه جدا.
عبست مريم عند جلب سيرتها وكادت تستسلم لحزنها لولا أنها تذكرت شيئا و ابتسمت :
– انا لاحظت حاجة عمار كان حاطط من العطر اللي انا ركبته خصيصا ليه و ريحته كانت بتجنن تعرفي انا عمري ما شميتها عليه لدرجة افتكرت أنه معجبوش بس أثبتلي العكس … انا مبسوطة لأنه محتفظ بالهدايا بتاعتي.
أغمضت هالة عينيها تكتم شتيمة كانت ستنزلق من لسانها و حدثت نفسها …. حالة صديقتها العقلية ليست جيدة نهائيا فهاهي مستسلمة لقيود ذلك الطاووس المتعجرف تماما و خاضعة له لقد نست شكله وهو يحتضن إمرأة غيرها و نست إهماله و نكرانه لعلاقتهما أمام الناس فقط لأنه وضع من عطرها …. من الطبيعي أن يستغل عمار طبيعة مريم الخاضعة بأبشع الطرق إرضاء لتعقيداته المريضة و البلهاء التي تجلس بجانبها لا تدرك أن زوجها يلعب عليها و يستنزف طاقتها دون شفقة … ولن تدرك ذلك حتى تقع على وجهها !!!
بعد فترة توقفت السيارة أمام العمارة الراقية نزلت مريم و قبل أن تدخل لمحت سيارة سوداء تتوقف على جانب الطريق ، عقدت حاجبيها بريبة وهي تتذكر انها لاحظت وجودها عدة مرات من قبل و حتى عندما كانت ذاهبة إلى المول رأتها خلف التاكسي التي إستقلتها ، إرتبكت قليلا و صعدت الى الأعلى دلفت للشرفة تطل منها لكنها لم تجدها فقالت :
– اكيد انا بتخيل من كتير تعبي.
تنهدت وهي تستلقي على الفراش تستذكر أحداث اليوم بالتفصيل ، كم تمنت لو تسوقت مع زوجها وهي من تختار له بدلاته و تمسك يده و تمازحه دون خوف لكن هذا ليس من حقها وكيف سيكون وهو من تجاهلها أمام زوجة والده و عاملها كغريبة عنه !
رن هاتفها فجأة برقم غريب فعقدت حاجبيها و تجاهلته لكن تكرر الإتصال و هذه المرة كانت رقم زوجة عمها فردت على الفور :
– ألو.
– ساعة عشان تردي حضرتك.
ذهلت مريم و نظرت للرقم مجددا متسائلة بتوجس :
– مين معايا ؟
ضحك بسماجة مرددا :
– هي عيشتك في القاهرة نستك في حبيب القلب ولا ايه يا بنت عمي.
شهقت بصدمة و ارتجفت يدها الممسكة بالهاتف تسمع صوت ذلك المتحرش الذي تهابه حد الموت ولم تدري إلا وهي تهمس :
– ع… عثمان !!
_____________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نيران الغجرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *