روايات

رواية يناديها عائش الفصل الرابع والسبعون 74 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل الرابع والسبعون 74 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش البارت الرابع والسبعون

رواية يناديها عائش الجزء الرابع والسبعون

يناديها عائش

رواية يناديها عائش الحلقة الرابعة والسبعون

يارب انصر مجاهدي فلسطين واجعل لهم النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة في قلوب أعدائهم.. اللهم احفظهم من أعدائهم وثقل عتادهم وأكثر أعدادهم وقوي عزيمتهم ووحد كلمتهم.. يارب كن ناصرًا للمرابطين في فلسطين وسدد رميهم واجعل القوة في يدهم وصب الضعف في قلوب اليهود فلا تكون لهم قوة.
________________________
‏الرغبة بأن تكون محبوبًا هي الوهم الأخير، تخلَّ عنها وستكون حُرًا.
~~~~~~~~~~~~~~~
هبطت الطائرة الخاصة بالكتيبة F e 17 على الأراضي التابعة لأمريكا الجنوبية، تحديدًا ” لاباز”
وهي العاصمة الفعلية لدولة بوليفيا، و التي يوجد بها ” طريق الموت” شمال يونجاس، و هو الطريق المقصود لاتمام المهمة، و التي سيجتمع بها كبار الماسونية و زعماء المافيا و الأعمال الغير شرعية، في أحد الجبال على جانب الطريق، و الذي يحوي كهف منغلق على نفسه يتم فيه ممارسة طقوس الدجل و الشعوذة و تمجيد الشيطان في يوم مخصص من كل عام.
كان في استقبال الكتيبة، مجموعة من رجال البدلات السوداء الأنيقة والذي كان بحوزة كل منهم مسدس من نوع “SFx RIVAL-S” وهو من أقوى و أفخم أنواع المسدسات العائدة للصناعة التركية، بدا على هيئة الرجال الصرامة و القوة و الطاعة في نفس الوقت، فعندما رأوا الكتيبة المصرية تهبط من الطائرة، تقدموا سريعًا بابتسامة مُرحبة وهم يفتحون لهم السيارات المصفحة، و التي تكونت من ثلاث سيارات فخمة من هيئتها..
تحدث أحد الرجال بابتسامة ودودة و يبدو أنه يرأس البقية..
” حمد الله على سلامة الكتيبة كريم باشا ”
بادله كريم الابتسامة متسائلًا
” كله تمام ؟ ”
أومأ الرجل وهو يشير للسيارة المفتوح بابها من قبل أحد الرجال الآخرين
” تم تأمين الفندق يا باشا و أنا و الرجالة في خدمتكم لحد ما المهمة تنجح و ترجعوا مصر بسلام ”
اتجه كريم يركب السيارة و البقية من خلفه، ليقول قُصي مُحدثًا إبراهيم وهو يتأمل الرجال بنظرة بلهاء
“الحق ياض يا ابراهيم.. إحنا دخلنا هوليود باين و بنمثل فيلم عن المافيا السوداء ! ”
رد إبراهيم باندهاش هو الآخر
” شوفت ياض المسدس اللي معاه.. أنا قولت بس.. إحنا اتقفشنا و هيرحلونا على مصر أشلاء”
” لأ.. بس الرجالة دول حد جايبهم من على وش القفص طازة.. دول مفيهمش غلطة.. حتى الچل اللي مسرحين بيه شعرهم مختارينه بعناية ”
قالها قُصي وهو ينظر لهم كالأحمق و يلوح بيديه لأحدهم هاتفًا بصوت عالي و بنبرة مرحة
” أنا عندي بدلة أخت بتاعتك دي بس اللواء عزمي طمع فيها شقطها ”
كتم إبراهيم فمه سريعًا قبل أن يفشي بأي شيء يخص المهمة، ليهمس وهو يدفعه للسيارة
“ما تعرفهم أحسن بالخطة وخلاص.. أنت نسيت عقلك في مصر و لا إيه.. قال و مخليك رئيس الكتيبة”
رد قُصي وهو يركب السيارة ضاحكًا
” اقطع دراعي إما كان اللواء عزمي ده وراه حاجة إحنا منعرفهاش ”
” حاجة زي إيه يعني ؟ ”
“ما أنا بقولك يا غبي إحنا منعرفهاش”
لحظات و جاء رئيس الرجال يقول لقُصي و إبراهيم و إياد و ضابط آخر معهم، اللذين كانوا يركبون في السيارة الثانية..
” بعد إذن حضراتكم التليفونات ”
” آه.. قولوا بقى إن أنتم عاملين الشويتين دول عشان تثبتونا.. يا ولاد المؤذية ”
قالها إبراهيم وهو يتأكد من أن هاتفه بأمان في جيبه، بينما قُصي هتف يستدعي كريم
” يا كريــــــم.. خلوا بالكم.. إحنا بنتثبت ”
” عفوًا يا فندم ! ”
قالها الرجل باستغراب، ليترجل كريم من السيارة الأمامية قادمًا نحوهم، ليقول بجدية
” اهدي يابني أنت وهو.. بدلوا التليفونات بالأجهزة اللاسلكية.. هيكون التواصل بيننا بعد كده عن طريق السماعات الصغيرة دي.. التليفونات سهل اختراقها فعشان نمنع أي خطر يخلي مهمتنا تفشل لازم نكون واخدين احتياطتنا كويس.. ”
تبادل قُصي و إبراهيم النظرات باحراج من غبائهما، ليقول إياد مازحًا
“شو في قُصي ! بدلت عقلك بشي حجرة و أنت جاي ؟!”
هتف قُصي ببراءة مزيفة
” هو إبراهيم اللي طفح عليا.. منه لله ”
” أنا برضو يا سي لوسي ”
” ما تفكرنيش.. أنا كل إما أفتكر ممكن يحصل فيا إيه ببقى هعيط والله”
” بطلوا هري.. ركزوا يا جماعة بالله عليكم.. مش عاوزين استخفاف ولا غلط ”
قالها كريم بحزم، ثم انطلق راكبًا السيارة التي يشاركها معه كل من الضابط رحيم و الضابط المساعد لهما.. انطلقت الثلاث سيارات إلى الفندق اللذين سيمكثون فيه لحين الانتهاء من مهمتهم..
في السيارة الثالثة التي ضمت الطبيبة ” شمس” و خبيرة الذكاء الاصطناعي ” مِنة” و الضابطة
” نيرة “.. تتحدث مِنة متسائلة بفتور
” قدامنا كتير على ما نوصل ! أنا مبحبش العربيات ”
ابتسمت لها نيرة و التي تكبر منة بعشر سنوات، لتقول
” ال gps بتقول إنه بينا و بين الفندق حوالي ساعة ”
زفرت منة بضجر وهي تنظر من خلف زجاج السيارة للطريق بملل، قائلة
” أنا قرأت عن الفندق ده و إحنا في الطيارة.. مبني قدام غابة.. هبقى أدخل أمشي فيها شوية و أنتم اطلعوا.. ”
رمقتها شمس باعتراض لتقول
” مش هتروحي في مكان لوحدك.. منة إحنا هنا مش في بلدنا و مينفعش نخترق قوانين الخطة.. و بعدين غابة ايه اللي عاوزه تدخليها ! افرضي لقدر الله حصل حاجة.. أنا استفدت ايه ؟
لأ يا منة مش هتروحي في مكان لوحدك ”
” خلاص تعالي معايا ”
قالتها بلا مبالاة، فردت شمس بهدوء
” يا حبيبتي مينفعش.. إحنا منعرفش الغابة دي فيها ايه ! منة عشان خاطري خلينا نخلص اللي جينا عشانه على خير عشان نروح لأهلنا كويسين ”
نظرت لها منة بسخرية من آخر جملة قالتها، ثم التفتت تشاهد بملل الطريق من خلف الزجاج..
قالت نيرة بهمس
” واضح إن أختك عنيدة جدًا يا دكتورة ”
تنهدت شمس بابتسامة بسيطة لتقول بهمس مماثل
” منة مش بتحب التقييد و في نفس الوقت مبتحبش التجمعات ولا البشر عمومًا.. عشان كده مش حابة تبقى معانا في الفندق.. عاوزه تفضل لوحدها ”
” فهميها إننا مش طالعين رحلة.. دي مهمة من أجل بلدنا و يا عالم هنرجع ولا لأ ”
تأملتها شمس قليلًا بخوف لتقول
” متقوليش كده.. إن شاء الله ننجح و نرجع كلنا كويسين ”
مرت الساعة و توقفت السيارات الثلاثة أمام ذلك الفندق المهيب و الضخم و الذي أسر قلب كل من رآه لجماله و روعة تصميمه، بخلاف تلك الغابة المظلمة التي يطل عليها، و التي لا تصل لها الشمس بسبب تكاثف الأشجار العالية و التحامها مع بعضها، لابد أن صاحب الفندق اختار هذا المكان خصيصًا لبنائه، ليكون النزلاء في انعزال تام عن صخب الحياة و ضجيجها..
___________________
وَاللهُ إنَّ الشوقَ فاقَ تَحمُلي
يَا شوق رِفقًا بالفؤادِ ألا تعيّ ؟
حَاوَلتُ أن أُخفي هَوَاكَ وَكُلمَا
أَخفيتَهُ فِي القَلبِ فاضَت أدمُعيّ. «لقائــلهـا»
~~~~~~~~~~~~~
وقع ما قالته عائشة على مسامع ” سيف” وقوع الغيث على أرض قاحلة فقد أُناسها الأمل في زرعها، فاتسعت ابتسامته تلقائية و بدأ قلبه المكبل يقرع طبول الحُرية، حتى بدأت عينان الزمرد خاصته تمتلئ بأدمع الشوق، فقد كان يجزم أنه لن يراها ثانية بعد أن طالت مدة لم يسمع عنها أو يراها فيها..
” هل ما قالته عائشة صحيح ؟! ”
صدرت منه ضحكة خفيفة قمرية وهو يهمس لذاته بسعادة
” روان هنا بجد ! ”
اقترب منه ” بدر” يتأمل وجهه الضاحك، فتساءل بعدم فهم
” هو في إيـه ؟ ”
توتر سيف للحظات وحول بصره بعيدًا؛ حتى لا يُفضح أمره.. ليقول بخجل بدا عليه
” ما.. ما.. ما..
قاطعه بدر باستغراب مازحًا
” هتتحول لمعزة ولا إيه ! ما تنطق في إيه ؟! ”
” اسأل مراتك ”
قالها سيف في محاولة منه للهروب بكرسيه بعيدًا، فقال بدر في تعجب
” أسأل مراتي ! ”
في الأسفل أمام المنزل، لحقت عائشة بروان قبل أن تهرب الأخرى، لتهتف بترحاب مبالغ
“و أنا أقول الحارة منورة ليه.. أتاري القمر زارها”
تمتم فم روان بارتباك و هي ترمق عائشة بتحذير
” اسكتي أبوس ايدك ”
تساءلت عائشة في مرح
” مين دي.. مامتك ؟ ”
ابتسمت روان بتوتر، ثم قالت وهي تقدم زوجة والدها لعائشة
” دي طنط إيناس مرات بابا و تعتبر والدتي.. و دي عائشة يا ماما.. صاحبتي ”
ابتسمت إيناس بود و قالت
” صحبتك عسولة يا روان.. أهلًا يا حبيبتي ”
” تعالوا تفضلوا.. ”
قالتها عائشة وهي تبتسم ملء فمها، فهتفت روان سريعًا بارتباك
” لا.. وقت تاني.. أصل.. أصل ماما إيناس رايحة للخياطة اللي عندكم هنا و أنا ورايا مشوار كمان ساعة.. عشان منتأخرش.. يلا يا ماما.. سلام يا شوشو ”
سحبت يد زوجة والدها في محاولة للهروب، فأوقفتها عائشة باصرار وهي لا تتفهم لماذا روان تفعل ذلك..
“اهدي بس يا بنتي.. الدنيا شمس و أنتم جايين لها بدري أوي.. هي مش بتفتح غير بعد المغرب”
تساءلت إيناس باستغراب
” بس أنا أعرف إن الخياطين بيفضلوا فاتحين طول النهار ! ”
” لأ إحنا الخياطة اللي عندنا رايقة شوية.. بس والله شاطرة جدًا.. هي قريبة من هنا.. تعالوا اقعدوا شوية عندنا وأنا هنزل أوصلكم ”
تبادلت روان و إيناس النظرات لتقاطعهما عائشة
” إيـه ! أنتم لسه هتفكروا.. يلا الجو حر ”
قالت إيناس بموافقة
” خلاص يا روان نستنى عند صحبتك بدل ما نروح و نيجي تاني.. أنا بصراحة تعبانة و لو روحنا هكسل أجي تاني ”
تنفست روان الصعداء بهدوء تحاول تهدئة نفسها، فهمست في أذن عائشة بتوتر
” سيف هنا ؟ ”
غمزت لها عائشة ضاحكة
” ده مستنيكِ فوق ”
اتسعت عين روان و زاد ارتباكها لتقول بتوسل
“لا يا عائشة بالله عليكِ.. إحنا هنروح أحسن”
” متقلقيش.. هتقعدوا في بيتي أنا.. سيف في البيت ده ”
أشارت لبيت بدر، ثم اتجهت بهما ناحية بيت والدها، لتفتح لهما الباب قائلة
“اتفضلوا..”
ثم تابعت بخفوت لروان
” عقبال ما تبقي معانا علطول.. و نبقى سلايف يابت.. ده إحنا هنخربها ”
” ده أنا اللي هيتخرب بيتي لو مرات أبويا عرفت حاجة ”
همست بها روان في خوف، فقالت عائشة وهي تربت على كتفها
” متقلقيش.. سرك في بير”
” أنا عارفة.. البير هيتقلب نافورة راقصة دلوقت”
جلست إيناس تأخذ أنفاسها من صعود الدرج، و بجانبها روان تمارس قضم الأظافر بمهارة من كثرة التوتر، بينما عائشة قالت لهما أنها ذاهبة لاحضار شيء ثم ستأتي سريعًا..
اتجهت عائشة نحو بيت زوجها، ليمسك بها ” بدر”
متسائلًا في حيرة
” هو في إيه بالضبط ؟! ”
لم تستطيع عائشة الصمود أكثر عن كتم السر، فوضعت يدها على رقبة بدر تجعله ينحني لها رغمًا عنه، لتهمس في أذنيه بنبرة سارّة
” البنت اللي سيف بيحبها موجودة في بيت بابا دلوقت ”
نظر لها بدر و علامات الاستفهام تملأ وجهه، تساءل
” هو سيف بيحب ! ”
“أنت نسيت ولا إيه ؟ فاكر سبب الحادثة بتاعته دي إيه ؟ ”
شهق بدر متذكرًا ما حدث، فقال في تعجب
” بجد ! … طيب إيه اللي جابها هنا ؟! ”
“جاية مع مرات أبوها للخياطة اللي جنبنا.. أنت عارف يا بدر.. البنت دي ممكن تخلي سيف يوافق يعمل العملية.. هو بيحبها زي ما أنت بتحبني كده و هيسمع كلامها”
” طيب أنتِ سيبتيهم لوحدهم و جاية ليه ؟ ”
” هاخد مانجه أعملها عصير و أخد ماما معايا تتعرف على مرات ابنها ”
هتف بدر بنفي
” بلاش.. أنتِ كده هتسببي للبنت احراج و مرات أبوها معاها ”
” اسكت أنت و متدخلش في شغل الحريم ”
قالتها ثم اتجهت للمطبخ تعد عصير المانجو، و استدعت حماتها مفيدة تخبرها بكل شيء..
اتجه بدر لغرفة شقيقه يسأله عن الأمر، فتصنع سيف أنه نائم، أيقظه بدر هاتفًا بجانبه
” اصحى يا سيف.. البنت اللي بتحبها واقفة برا ”
فتح سيف عينيه في الحال وهو يقول
” فين.. فين.. خبيني بسرعة ”
ضحك بدر بشدة وهو يجلس بجانبه قائلًا
” أنت عامل عاملة ولا إيه !
صمت لوهلة ثم تساءل بجدية
” هو أنت لسه بتحبها فعلًا يا سيف ؟ ”
صمت سيف للحظات و شعور الخجل ما زال يتملك منه، ليتحدث بصدق نابع من قلبه
” الله سبحانه و تعالى أراد أن يؤدبني ثم يتوب عليّ فأرسل لي روان.. روان خلتني أفوق لنفسي و أرجع عن الطريق اللي كنت ماشي فيه.. لولا اللي حصل لي في اليوم ده.. مكنتش توبت و رجعت لله.. اللي أنا فيه ده نعمة من ربنا و ابتلاء بحمده كل يوم عليه.. و أنا متأكد إنه هيجي يوم و يشفيني.. زي ما أنا متأكد إنه هيجعل روان من نصيبي.. لأني مش هعرف أحب غيرها ”
تأمله بدر للحظات مبتسمًا ثم قال
” يعني لو طلبت منك تعمل العملية هتوافق ؟ ”
تنهد سيف قبل أن يقول
” بلاش السيرة دي بقى يا بدر.. مش قولت لكم مش عاوز أعملها.. ”
” بس أنت كده بتحرم شبابك إنه يعيش مرحلته.. لو روان لسه بتحبك فلازم أنت تتقدم خطوة لقدام عشانها.. غيرك محتاج فلوس عشان يعمل عمليته و يمشي و يشق طريقه من تاني، لكن أنت متوفر لك كل حاجة.. عمك مجاهد قالك فلوس العملية على حسابه و عمك مصطفى السفر و الإقامة على حسابه و أنا و عيال عمك هنبقى جنبك مش هنسيبك.. يبقى ليه الرفض ؟! ”
” لو روان بتحبني و عاوزه سيف في حياتها.. وعد مني أعملها يا بدر ”
” أنا متأكد إنها لسه بتحبك… الحب الحقيقي بنلاقيه مرة واحدة في حياتنا.. و أنت لقيته.. أوعى تخسره يا سيف ”
قالها بدر ثم تركه يفكر في الحديث الذي دار بينهما، و خرج يبحث عن عائشة، فوجدها تحمل صينية العصير و ترافقها والدته تتجهان نحو بيت عمه محمود..
هتف بدر مازحًا بقلة حيلة
” هي ماما انضمت ليكِ !.. ربنا يكون في عون البنت ”
ردت عائشة وهي تغلق الباب ورائها
” اتكل على الله أنت دلوقت عشان ورانا مهمة لازم ننجزها ”
فتحت عائشة الباب و وضعت صينية العصير وهي تبتسم لروان ابتسامات لا تفهمها هي، تفاجئت من وجود إمرأة غريبة معها.. تساءلت روان بعينيها، فقالت عائشة باسمة
” دي ماما مفيدة.. والدة زوجي.. ”
ثم نظرت لروان متابعة
” يعني والدة سيف ”
ابتلعت روان ريقها بصعوبة وهي تهمس
” منك لله.. كنت عارفة إنك مجنونة و تعمليها ”
مدت مفيدة يدها للمصافحة، فسلمت عليها إيناس، و نهضت روان تسلم عليها، فسحبتها مفيدة في حركة حنونة تعانقها وهي تقول
” يا غالية يا حبيبة الغالي ”
ابتسمت عائشة بخجل وهمست لحماتها
” مش ده اللي اتفقنا عليه يا ماما ”
بادلتها مفيدة الهمس وهي تأكل روان بنظراتها
” بصراحة البنت حلوة و شكلها طيبة بنت حلال”
كانت إيناس توزع عليهما النظرات بعدم فهم لما يحدث، فتناولت القليل من العصير و رن هاتفها برقم زوجها، خرجت لتحدثه تاركة روان معهما..
تساءلت مفيدة بهدوء يسبقه ابتسامة الود
” لسه بتحبي سيف يا روان ؟ ”
أصاب روان السعال فجأة و شعرت بغصة في حلقها، بينما عائشة رمقت حماتها بدهشة هاتفة
” مفيش بربع جنيه تمهيد ! البت هتموت مننا ”
” أنتِ يا عائشة يا بنتي توهتيني… مش عارفة أقول إيه و لا أعمل إيه.. سيبني أتكلم و أقول اللي في قلبي بقى ”
قالتها مفيدة وهي تشعر بتأنيب الضمير من احراج روان بتلك الطريقة..
قالت عائشة في محاولة منها لتلطيف الجو
” بصي يا روان.. بصراحة أنا عرفت ماما كل حاجة.. و أنتِ دخلتي قلبها.. و عاوزاكِ لسيف.. طبعًا لو أنتِ لسه بتحبيه.. وفلوس العملية جاهزة أنتِ بس قولي موافقة وهو هيسافر علطول يعملها إن شاء الله و يجي يتقدم لك رسمي.. قولتِ إيه ؟ ”
ظلت روان تنظر لهما بصمت، ثم خفضت رأسها بخجل من نظراتهما، تود أن تخبرهما أنها بالفعل
ما زالت تُحب سيف، و لكن كيف ستتفوه بذلك، هي الآن تشعر و كأن وجنتيها من كثرة الخجل تكاد تشتعلان بجمر من نار..
لم تصدق نفسها أنها عندما ستوضع في موقف مثل هذا، سيتملك منها الخجل و التوتر و يلجم لسانها عاجزًا عن نطق حرفٍ واحد، لطالما كانت لبقة في الحديث مع أي أحد ولا تشعر بالخجل من خوض مناقشات من أي نوع كانت، و لكن الآن عندما يخص الأمر قلبها، تصبح كالأبكم يتحدث قلبه ولا ينطلق لسانه..
تحلت بالشجاعة بعد دقائق معدودة من الصمت، لتتحدث بنبرة صادقة أخيرًا و بهدوء
” أنا بحب سيف.. و مش هعرف أحب غيره.. سواء كان لينا نصيب في بعض أو لأ.. ”
” إن شاء الله أنتِ و سيف ابني مكتوبين لبعض”
قالتها مفيدة بنبرة فرحة توصف تعابير وجهها البشوش، لتقول عائشة مشيرة لنفسها بفخر
” ادعيلي بقى يا ست روان.. أنا السبب ”
” أنتِ منك لله ”
همست بها روان وهي تتوعدها سرًا، بينما زوجة والدتها قد أنهت المكالمة و دخلت توزع ابتسامتها الهادئة عليهن، فباشرت مفيدة بالقول متجاهلة نظرات التوسل من روان لها
” بصي يا حبيبتي أنا عارفة إن روان في مقام بنتك و أنتِ شكلك ست كويسة و أصيلة.. ”
” ربنا يخليكِ ”
ردت بها إيناس عن طيب خاطر، فتابعت مفيدة باسمة
” أنا عاوزه روان للدكتور سيف ابني ”
اتسعت ابتسامة إيناس، لتنظر لروان التي أكل الخجل وجهها، قالت في نبرة سعيدة
” هي روان مش زي بنتي.. روان بنتي فعلًا.. و اللي يفرحها يفرحني.. بس الرأي رأيها في النهاية.. و لازم والدها يكون عنده علم بالموضوع ”
هتفت مفيدة سريعًا بلهفة
” أكيد الحج هيعرف.. بس أنا قولت إحنا ستات زي بعض وفاهمين دماغ الرجالة.. أنا يعني.. هو في الحقيقة.. أصل ابني
عجزت مفيدة عن شرح وضع سيف، فتدخلت عائشة لتنقذ الوضع
” بصي يا طنط أنا هحكيلك الحكاية كلها.. ”
بدأت عائشة تسرد على إيناس سبب الحادثة التي أصابت سيف بالشلل النصفي، و الأخيرة تتحول تعابير وجهها ما بين الحزن للدهشة للتفهم، لتقول مفيدة أخيرًا
“و العيال بيحبوا بعضهم.. يبقى دورنا إحنا الكبار نجمعهم سوا.. قولتِ إيـه ؟”
نظرت إيناس بصمت لروان ثم تساءلت بعد أن وجدتها لا تنطق بشيء
” إيه رأيك يا روان ؟ عاوزه سيف ! ”
هزت روان رأسها لتقول دامعة
” لو أنا السبب الوحيد اللي هيخليه يوافق يعمل العملية، فأنا بقولها أهو قدامكم.. أنا عاوزه سيف و عاوزه أكمل حياتي معاه.. ياريت يا طنط تبلغيه إنه يعمل العملية.. سيف هيبقى دكتور كويس جدًا و قدامه مستقبل عظيم مستنيه.. بلاش يضيع حلم طفولته بسبب تهوره.. سيف كان دايمًا يقولي لما يفتح عيادة خاصة بيه هيعالج الفقراء بالمجان.. بلغوه إني عاوزه أكمل معاه و بالنسبة ليا أنا مش فارق معايا بكرسي أو من غير.. أنا كل اللي فارق معايا مستقبله و حلمه اللي لازم يحققه.. و عشان يحققه لابد من السعي و الاجتهاد.. بلغيه يا طنط إن روان مستنياك بعد ما تعمل عمليتك و ترجع من السفر.. إن شاء الله هتكلم مع بابا في الموضوع.. ”
اتسعت ابتسامة مفيدة تشاركها عائشة و كذلك إيناس زوجة والدها، لتقول الأخيرة
” يارب يا روان أفرح بيكم قريب.. أنتِ هتبقي في وسط ناس طيبين بيحبوكِ هيبقوا عائلتك التانية.. ”
وجهت بصرها لمفيدة و عائشة قائلة
” أنا بجد اتشرفت بمعرفتكم.. و ربنا يجمعنا دايمًا على الخير ”
” آمين.. ”
قالها ثلاثتهم، لتنهض إيناس و معها روان تتجهان للخياطة، رافقتهما عائشة كما وعدتهما تصلهما لمكانها..
كان سيف في تلك اللحظة يجلس في الشرفة المطلة على الشارع و بجانبه يقف بدر يتحدثان، لمحت عين سيف سمرائه وهي تخرج من بيت عائشة، فتنهد بحُب قائلًا
” دي روان.. أجمل ما رأت عيني ”
برغم أن بدر وجدها فتاة عادية الملامح، و لكن في نظر أخيه يراها أجمل فتاة.. قال بدر ضاحكًا
” يا ترى أمي و عائشة عملوا إيه معاها ”
رفعت روان عينيها بتلقائية للأعلى، فوقعت على سيف، الذي كان حينها يتأملها باشتياق ليمتد التواصل البصري بينهما حوالي الدقيقة، انتهى بخفض روان لعينيها و قلبها يخفق بشدة، أما سيف تراجع بكرسيه للوراء وهو يغمض عينيه و يضع يده على قلبه هامسًا
” يارب يكون حقيقي مش حلم.. و لو حلم يارب مش عاوز اصحى.. ”
في تلك اللحظة على الجانب الآخر، يوجد بيت مصطفى الذي يقع قبالة بيت أشقائه محمد و محمود..
في الدور الثاني الخاص بشقة زياد و هاجر، يخرج الاثنان للشرفة و زياد يحمل طبق من الملابس التي تم غسلها ليقوم بنشرها على الحبال و هاجر تناول له المشابك..
لمحت عيناها عائشة تمشي بصحبة فتاة تبدو في مثل سنها و إمرأة..
تساءلت في خفوت وصل لمسامع زياد، فنظر تجاه ما تنظر إليه
” مين اللي مع عائشة دول ؟ ”
ثم هتفت وهي تلقي عليها مشبك، مما دهش زياد من فعلتها
” بت يا شوشو.. صحبتك دي ! ”
نظرت لها عائشة و كذلك روان، بينما إيناس كانت مشغولة بالحديث مع مفيدة..
هتفت عائشة هي الأخرى ضاحكة و كأن الحارة ملك لهما
” فاتك نص عمرك.. هوصلهم لرابحة الخياطة و أجيلك.. ”
تبادل بدر و زياد النظرات من شرفات المنازل، و كل واحد يبتسم للآخر بحسرة بدت مضحكة، ليقول زياد بدموع مصطنعة
” المفروض لما كنت جيت اتزوج أختك.. كنت خدت معاها شهادة ضمان ”
أما في الأسفل قالت روان وهي تدفع عائشة بخفة
“أنتِ.. أنتِ منك لله ”
” بكره تدعي لي يا ست حلويات ”
تساءلت روان بفضول
” مين بقى البنوتة دي ؟ ”
” دي هاجر.. أخت زوجك ”
قالتها عائشة ضاحكة، ثم ازدادت ضحكتها وهي تنظر بدهشة لسيارة “أُبَيِّ” التي تقبع فيها نورا في الخلف، و التي دخلت الحارة منذ لحظات تسير بجانبها ببطء..
اقتربت عائشة من زجاج السيارة و هتفت في مُزاح
” كُنتِ فين يا نورا !.. قايلة لأبوكِ يا بت ؟ ”
فتح أُبَيِّ زجاج النافذة ليقول ضاحكًا
” ازيك يا عائشة ”
” الحمدلله.. حمد الله على السلامة يا أُبَيِّ.. البت نورا قالت لأبوها إنها جاية لك ؟! ”
فتحت نورا زجاج نافذتها، لتخرج رأسها تقول بهمس لعائشة
” وطي صوتك يا باردة.. أنا.. أنا كنت جاية من الشغل و أُبَيِّ شافني في الطريق جابني معاه.. حتى اسألي عمو مجاهد… صح يا عمو ؟”
نظر لهما مُجاهد في صمت لا يدرِ ما يقوله، فضحكت عائشة وهي تجذب نورا من خدها
” عليا أنا الكلام ده.. اش حال لو مكنتش أنا اللي قفشاكِ و أنتِ طالعة من البيت زي الحرامية الصبح ”
ضحكت روان من جانبها هامسة
” ده أنتِ مصيبة أقسم بالله يا عائشة ”
أما نورا ابتلعت ريقها وهي تخرج باكو شوكولاتة تعطيه لعائشة قائلة بتوسل
” خدي يا عائشة و انسدي.. ”
” أنا مشفتش حاجة أصلًا يا بنتي.. ده أنا بهزر معاكِ ”
قالتها عائشة مصطنعة البراءة و هي تأخذ باكو الشوكولاتة، فتحته ثم أعطت لروان قطعة قائلة
” دي بقى تبقى أم طويلة.. نورا أخت زياد زوج هاجر أخت بدر زوجي أخو سيف اللي هيبقى زوجك إن شاء الله.. و اللي سايق العربية اللي عينيه شبه القطط الشرازي ده يبقى أُبَيِّ ابن عمو مجاهد اللي كان راكب جنبه أخو عمو مصطفى أبو زياد اللي يبقى..
أكملت عنها روان بنفاذ صبر
” زوج هاجر أخت سيف اللي هيبقى زوجي إن شاء الله.. ”
” إيه ده ! أنتِ عرفتي منين ؟! ”
صاحت بها روان و كأنها على وشك البكاء
” أبوس ايدك ودينا للخياطة.. عاوزه أروح ”
عقدت عائشة حاجبها بعدم فهم قائلة
” خياطة ! إحنا معندناش خياطة هنا.. ”
_____________________
أمام فندق ” سكاي داون ” يهبط الجميع من السيارات المصفحة، ليستعدوا للصعود للفندق و تفحص غرفهم، ليعرفوا إذا كان أحدهم في حاجة شيء آخر أم لا..
دخل الجميع غرفهم المرتبة و الراقية، ليلقي معظمهم بجسده على الفراش من تعب و ارهاق السفر، منهم من استغرق في النوم و منهم من ظل يتفحص الغرفة و يرتب الأشياء حسب إرادته، أما ” منة ” عندما وجدت ” شمس” قد غطت في الثبات، تسللت للطرقة الخارجية ثم استعملت المصعد للهبوط سريعًا للأسفل قاصدة الغابة..
كان قُصي في غرفته يبحث عما يخص الماسونية على الحاسوب، يحاول الإتيان بأي معلومة قد تفيدهم في مهمتهم، و بعد عدة ساعات من البحث على أكثر من موقع و قراءة بعض صفحات الكُتب التي تخص ذلك الأمر، استطاع جمع الخيوط التي ستصلهم للمرغوب..
هتف بتوعد و دهشة وهو يغلق الحاسوب
” كنت حاسس إنك وراك حاجة يا عزمي باشا..
و دلوقت أتأكد.. ”
استدعى الجميع عن طريق السماعة اللاسلكية، قائلًا بملامح غاضبة
” هنتجمع كلنا كمان نص ساعة في المطعم اللي قصاد الغابة ”
” عُلم.. حول ”
قالها الجميع في استعداد و تأهب، فرد قُصي بسخرية
” إحنا طلعنا مغفلين كلنا.. حول ”
بعد نصف ساعة تجمع الجميع في طاولة كبيرة بمطعم الفندق و الذي تم استئجاره بالكامل خصيصًا للكتيبة..
تفاجأ قُصي من عدم تواجد منة معهم، فسأل شمس في تعصب
” الهانم أختك فين يا دكتورة ؟ ”
بحثت شمس بعينيها في المكان فلم تجد لها أثر، قالت الضابطة نيرة بتلقائية
” ممكن تكون دخلت الغابة ”
هتف رحيم بسخرية
” تدخل الغابة في وقت زي ده ! ليه مجنونة؟ ”
قال كريم بهدوء
” هدوء يا جماعة من فضلكم.. أنا رايح بنفسي أشوفها.. ”
نهض قُصي معه وهو يقول
” استنى يا كريم أنا جاي معاك ”
كادت أن تذهب شمس معهما، و لكن كريم استوقفها بنبرة حادة، فوقفت مكانها تشعر بالخوف على أختها، بينما ذهبا الاثنين يبحثان عنها..
تحدث قُصي في الجهاز بحزم
” منة لو سمعة ردي.. حول ”
لم يأتيهم رد، فوجئ كريم بعد دقائق من السير نحو الغابة بخطوات أقدام قادمة نحوهما، انتشل مسدسه من جيبه الخلفي وهمس لقُصي بتحذير
” خلي مسدسك في ايدك.. ”
لحظات و اتسعت عين الاثنان من رؤيتهما لها تقف أمامهما ببرود قائلة
” حد قال لكم إني عيلة صغيرة يعني هتوه ! ”
تملك كريم زمام أعصابه حتى لا ينفجر بها، بينما قُصي اتجه نحوها و صاح في وجهها بغضب
“هو أنتِ فاكرة إننا طالعين فسحة يا زفته أنتِ!”
نظرت له نظرات تنم عن البلادة ثم قالت
” هدي أعصابك بدل ما يطق لك عرق ”
ثم تركتهما و ذهبت ناحية الفندق، وجدت الجميع في تجمع حول منضدة في المطعم، و شمس تُقبل عليها في قلق هاتفة
” منة.. أنتِ كويسة يا حبيبتي ؟ ”
” متقلقيش.. قولي للزفت اللي اسمه قُصي ده يخليه في حاله عشان ميزعلش من ردة فعلي ”
قالتها وهي تجلس أمامهم بلا مبالاة، فرد إبراهيم بهدوء
” منة.. قُصي هو قائد الكتيبة.. و لازم كلنا نسمع أوامره ”
ضحكت بسخرية لتقول
” هو اللواء فاكر إننا طالعين مهمة في كي جي تو
.. مخلي قائد الكتيبة عيل ! ”
” أنتِ عندك كام سنة يا بت أنتِ على كده ؟ ”
قالها قُصي وهو يأتِ من خلفها و يرمقها بغيظ، فردت ببرود
” عمرها ما كانت بالسن.. بس أنت أخرك تبقى السواق بتاعنا.. ”
كاد أن يرد قُصي بغضب هو الآخر عليها، فتدخل كريم بنفاذ صبر
” هو أنا ما صدقت رحيم و قُصي يبقوا كويسين مع بعض.. تطلعي أنتِ كمان يا منة !
في إيه يا جدعان.. إحنا كده مش هنحقق إنجاز واحد !! ”
تحلى الجميع بالصمت و الهدوء للحظات، ليقطع هذا الصمت سؤال إياد
” احكي قُصي.. ليش اتجمعنا.. شو في ؟ ”
تنهد قُصي وهو يظهر لهم خريطة صغيرة تخص المملكة المتحدة و دولها.. تحدث بنبرة بدت حزينة وهو يزم شفتيه حانقًا..
” اللواء عزمي الله أعلم عمل معانا كده ليه.. هو فيه مهمة و كل حاجة و في رهائن فعلًا هتتقدم قربان للشيطان ولازم ننقذهم و نقتل الريس الكبير عشان جرائم العالم تقف.. بس إحنا خدنا التفاصيل الغلط..
تساءل رحيم بدهشة
” يعني إيه ؟ يعني اتلعب بينا ؟! ”
هز قُصي رأسه بنفي متابعًا
” مش بالمعنى الحرفي.. أنا بصراحة كنت شاكك في الضباط الاتنين اللي اللواء بعتهم معانا و كنت شاكك في نيرة برضو.. إنهم يبقوا متفقين معاه علينا.. بس لما دورت وراهم اكتشفت إن إحنا كلنا في كفة واحدة..
ثم نظر للضابطين و لنيرة قائلًا بنصف ابتسامة
” أنا آسف يا جماعة بس كان لازم أعمل كده.. المهم..
تابع وهو يشير لمدينة لندن العاصمة، هنا بيكون تجمع كبار الماسونية مش في جبل طريق الموت، جبل طريق الموت هيكون موجود فيه الرهائن الأربعة و زعماء المافيا و بعض من رجال الماسونية، لكن الطقوس اللي بتقام كل سنة هتبقى في لندن..
“المحفل الكبير” في لندن هو أقدم المحافل الماسونية الرسمية العالمية وأكثرها سُلطة.. الناس دول مش ساهلين أبدًا.. يعني لازم نعرف إحنا بنتعامل مع مين..
طبعًا اللواء عزمي كان مانع عننا أجهزة التواصل بالعالم الخارجي و إحنا في الممر بحجة مفيش حاجة تشغلنا عن الشغل.. حتى مانع عننا التواصل مع أهلنا.. لكن السبب الأساسي و اللي أنا لسه عارفه دلوقت و متأكد منه.. إنه عاوز يضلل جزء من الحقيقة..
تساءل كريم بعدم استيعاب
” معناه إيه الكلام ده ؟! ”
تابع قُصي مُتنفسًا الصعداء
” معناه إنه عاوزنا ننقذ الرهائن وبس و نعرف معلومات عن الريس الكبير وبعد ما الرهائن توصل بلدها بسلام و يعرف مننا كل اللي عاوزه.. أماكنهم و تحركاتهم.. يقول لنا مع السلامة.. أنا أخدت اللي عاوزه صرفوا أنتم أموركم بقى.. ”
قاطعته نيرة بدهشة
” مستحيل.. اللواء عزمي مستحيل يعمل معانا كده ”
رمقها قُصي ساخرًا و قال
” لما هو مستحيل يعمل كده.. ليه خدنا المعلومات ناقصة ؟! ”
صمت الجميع يفكرون فيما بينهم و علامات الدهشة تملأ محياهم.. استطرد قُصي حديثه
” الماسونية تعرف نفسها بأنها “حركة أخوية عالمية أهدافها المساعدة المتبادلة والصداقة وخير الناس.. ده اللي بيتصدر للناس، لكن الناس عارفة الحقيقة..
الماسونية تعمل على نشر الليبرالية والعلمانية، مرورا بالتعاليم الشيطانية، بل وحتى التمهيد لظهور المسيح الدجال والقضاء على الأديان، بطرق سرية وخبيثة تعتمد التضليل والخداع بهدف السيطرة المزعومة على العالم..
و في المحفل الكبير بتاعهم اللي هتقام طقوسه بعد أربع أيام من انهارده هيتم تعيين زعيم جديد ليهم وهيكون هدفه القضاء على المسجد الأقصى.. ”
اتسعت أعين الجميع في صدمة، مما تابع قُصي بنبرة حادة كالشفرات
” نجمة داود اللي ترمز عندهم للحياة وما يسمونه “هيكل سليمان” تشير إلى صلتها باليهودية، مما يدل على أنها أداة من أدواتها السرية للسيطرة على العالم وتحقيق مصالحها فيه..
ويفتخر الماسونيون بمن يُسموْن “فرسان الهيكل” الذين يعتبرونهم من العناصر المؤسسة للماسونية.. و”فرسان الهيكل” تشكيل عسكري على أساس ديني شارك مع الصليبيين في محاربة المسلمين لانتزاع المسجد الأقصى منهم، يعتقدون أنه بُني تماما فوق ما يسمى “هيكل سليمان”..
و المفاجأة الكبيرة اللي أنا شخصيًا اتصدمت منها.. إن اللواء عزمي على كتفه الأيسر من الخلف نجمة داوود.. !”
فتح الجميع فمه بدهشة و عدم استيعاب، ليقول كريم غير مُصدقًا
” أنت عارف معنى كلامك ده إيه ! ”
ابتسم قُصي ساخرًا وهو يخرج هاتف خاص بالعمل غير الذي تم أخذه منهم.. ليفتح على صورة تابعة للواء عزمي وهو يستحم، تم التقاط الجزء العلوي من جسده تحديدًا أكتافه..
نظروا جميعهم بصدمة لبعضهم غير قادرين على استيعاب الأمر، ليقول قُصي مُتغطرسًا
” صدقتم ؟ ”
تابع وهو ينقر بأصابعه على المنضدة لينتبهوا له جميعًا
” في اليوم اللي صورت اللواء فيه، كنت معدي بالصدفة و كان الباب مفتوح، لأني كنت في الجناح الخاص بيه من غير ما اقوله.. كنت حابب اتكلم معاه شوية و روحت ليه فجأة.. و لما شفت النجمة الغريبة دي على ضهره، لقيت نفسي بصورها.. كنت شاكك إن في حاجة مش مظبوطة بتحصل.. و دلوقت أنا كلي يقين إن اللواء أصله يهودي و عاش معظم حياته في مصر بهوية مصري مسلم.. ”
تساءل رحيم وهو يكاد يجن من التفكير
” طيب ليه هيبعتنا ننقذ الرهائن دي من الماسونية ؟ ”
” عشان هو بيشتغل لصالح مصر يا رحيم.. اللواء مش ضدنا.. اللواء معانا.. بس بيحاول يخبي حد مهم عنده.. عشان كده مذكرش حاجة تخص محفل لندن.. لأن كبار المحافل اللي هناك يخصوا اللواء.. أما اللي في طريق الموت مفيش مانع نخلص منهم.. بس هو بيحمي مين و ليه بيعمل كده.. ده اللي هموت و أعرفه.. ”
” يعني إحنا كده كلنا في كفة واحدة.. أنا مبقتش فاهم حاجة.. يعني إحنا دلوقت محدش بيحمينا؟! ”
قالها إبراهيم في خوف بدا عليه، فرد قُصي بابتسامة استخفاف
” الحامي ربنا يا إبراهيم ”
” طيب و العمل دلوقت.. هنعمل إيه ؟ ”
تساءل بها أحد الضباط، فأجاب قُصي بتفكير
” كده لازم الخطة كلها تتغير.. “

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية يناديها عائش)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *