روايات

رواية نيران الغجرية الفصل الثالث عشر 13 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الفصل الثالث عشر 13 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية البارت الثالث عشر

رواية نيران الغجرية الجزء الثالث عشر

نيران الغجرية
نيران الغجرية

رواية نيران الغجرية الحلقة الثالثة عشر

خيار واحد فقط.
_______________________
بعد دقائق كان يقف أمام باب غرفته يقطع الرواق ذهابا و إيابا حتى خرج الطبيب و طمأنهم بأن حالته مستقرة لكن يجب عليهم إبعاده عن التوتر و منعه من المأكولات التي تحتوي على ملح كثير و الإلتزام بالأدوية ، دخل عمار اليه و حمحم محاول التحكم في إنفعالاته :
– حضرتك كويس.
أماء رأفت بتعب :
– بخير الحمد لله بقيت أحسن.
– طيب … ابقى خد الدوا بتاعك عشان متتعبش كده تاني.
تعلقت به الأنظار فتنحنح و إستأذن مغادرا إلى غرفته و غادر الجميع أيضا و بقيت سعاد معه بمفردها.
جلست أمامه تسأله بخوف و بعض من العتاب :
– متأكد انك كويس دلوقتي انت ليه خليت البنت تجيبلك حاجات مالحة تاكلها مش عارف أن ده بيضرك لا و كمان مخدتش الدوا …. انت بتضحك على ايه ؟
قالتها بذهول فضحك رأفت رغم تعبه :
– أصلي افتكرت شكل عمار وهو قاعد معايا في الأول سألني مباخدش الدوا ليه و أنا طنشته و بعدين وقع الطبق ع الأرض عن قصد و عمل نفسه مش واخد باله …. إنتي شوفتيه وهو خايف عليا صح ؟
شهقت سعاد بصدمة :
– متقولش انك عملت ده قصدا عشان تتعب و تشوفه اذا خاف عليك ولا لأ ؟ ليه كده يا رأفت حرام عليك !!
– حقك عليا بس انا كنت مستعد اعمل أي حاجة علشان أشوف خوف إبني عليا صحيح مقاليش يا بابا بس اتأكدت أنه لسه بيحبني حتى ولو 1% .
عند عمار وقف في الشرفة يهز قدمه بعصبية و يلوم نفسه لأنه جعل والده يغضب و هذا زاد حالته سوءا لم يكن يجب أن يضغط عليه إلى هذه الدرجة ، تأفف بخنق و فتح الباب ليجد سعاد تنزل إلى الأسفل فتمشى بخطوات هادئة نحو غرفة أبيه و أطل عليه فوجده نائما ، تنهد عمار و إبتسم بحزن على حالة الإبن الذي يخاف من رؤية أحد له وهو يطمئن على والده ثم عاد أدراجه ….
وقف في الشرفة مجددا يفكر في ما قالته سعاد لحسن الحظ أن والده لم يستطع الحصول على صورة وجه مريم كاملة فالسيدة سعاد رأت زوجته في المول سابقا و وقع نظرها على خاتم زواجها و لو كانت رأتها معه الآن بالتأكيد ستعرف أنهما متزوجان !
وهو مخطئ أيضا فلقد أكثر من زياراته لمريم في الأشهر الأخيرة و طبعا هذا سَهَّل تعقبه عليه أن يتخذ حذره و يعود إلى ماكان عليه في السابق عندما كان يزورها مرة في الشهر لا داعي لرؤيتها كل أسبوع فهذا لن يجلب له إلا المتاعب !!
___________________
في مساء اليوم التالي.
وقف أمام المرآة يعدل هيأته و يضع ساعة يده ثم طفق يجري التعديلات النهائية على تسريحة شعره و يلتقط زجاجة عطر من النوع الفاخر ليرش بضع قطرات.
تأمل نفسه وهو يرتدي بدلة سوداء مع قميص أبيض و حذاء أسود ….صعودا إلى لحيته المهندمة بعناية و شعره المرفوع بأناقة.
تنهد برضا عن شكله ثم خرج من الغرفة ليتقاطع مع ندى في الطريق و كانت مرتدية فستان أسود طويل مفتوح من جهة الصدر و ضيق ثم يتسع إلى الأسفل قليلا مع حذاء ذو كعب و جاكيت فرو باللون الأبيض وقد صنعت لشعرها تسريحة جميلة تناسب نعومتها …
لم تقاوم ندى إلقاء نظرة طويلة و مختلفة عليه ثم تنحنحت هاتفة بإعجاب :
– you look so handsome.
رد عليها عمار مبتسما :
– و انتي كمان طالعة حلوة اوي .. Like princess ( مثل الأميرات ).
إرتفع نسق أنفاسها و أحست بوجهها يلتهب من الحرارة بينما يكمل :
– كويس انك غيرتي الفستان ده أحلى بكتير.
– بجد ؟ انا قولت كده بردو و كنت مستنية رأيك ميرسي يا حبيبي و متشكرة كمان لأنك رضيت تجي معايا لفرح صاحبتي.
تمتمت ندى برقة و هي تقترب منه لكن لم يبدو عليه التأثر بل تنحى خطوة و مد لها ذراعه بنبل فضحكت الأخيرة وهي تتمسك به و غادرا القصر …
وصلا إلى مكان الحفل و بمجرد دخولها لفتا الأنظار و إنهالت نظرات الإعجاب و الغيرة و الفضول معا فحمحم عمار بضيق من الأجواء المكتضة و همس لندى :
– احنا اتفقنا مش هنطول.
رسمت إبتسامة خفيفة على شفتيها هامسة :
– ايوة يدوب نباركلها و نديلها الهدية و نمشي.
و لكن كلامها لم ينفذ ، بمجرد إنغماس ندى في الحديث و الرقص حتى نسيت وعدها لعمار الذي تأفف بملل خاصة عندما وجدها تجذبه إليها لأخذ عدة صور معا فحاوطها مدعيا الإبتسام ثم إستغل إنشغالها و خرج إلى الحديقة يستنشق بعض الهواء لاعنا نفسه لأنه انجر خلف كلامها و تبعها إلى هنا.
أخرج علبة السجائر من جيب سترته الداخلي و وضع إحداها في فمه يدخنها بضيق و رأسه يكاد ينفجر من الصداع الذي داهمه فجأة ، و حينما أنهاها إستدار مندفعا لكنه لم يحسب حساب وجود شخص خلفه.
فحينما إلتفت فجأة و تحرك ليدخل وجد نفسه يصطدم بفتاة ما لتشهق و ترتد إلى الخلف إلا أن عمار إلتقفها سريعا قبل أن تقع و برطم متمتما :
– حاسبي … انتي كويسة ؟
سألها بإهتمام عندما لاحظ إرهاقها فهمست متأوهة بكلمات مفادها أنها تشعر بدوار بسيط و إصطدامه بها زادها سوءا.
فحاوط خصرها بذراعه برفق و سحبها إلى إحدى المقاعد لكي تجلس ثم سكب لها كوب ماء هاتفا :
– معلش مخدتش بالي منك و خبطت فيكي من غير ما اقصد.
– ولا يهمك انا كمان مكنتش منتبهة.
و في الحقيقة هذه الفتاة لم تكن تفعل شيئا غير التمثيل فقط ، فلقد رأته وهو يقف بمفرده و كانت ستذهب إليه و تتعرف على إبن عم صديقتها الذي يعجبها إلا أنه حينما إصطدم بها إستغلت الفرصة و إدعت الإرهاق لكي تلفت نظره و تتقرب منه.
لقد سمعت سابقا أن عمار البحيري ليس شابا وسيما و ثريا فقط بل هو لبق و نبيل يجيد التعامل مع النساء ، و كم أرادت التعرف عليه و جذب أطراف الحديث معه و هاهو القدر يساعدها.
إستفاقت من شرودها على صوته الرخيم وهو يسألها بجدية :
– بقيتي أحسن يا انسة ؟
– انا اسمي …
كادت تخبره عن اسمها ليناديها به بدلا من الرسميات و لكن قاطعتها ندى التي جاءت مع صديقاتها و إقتربن منهما بفضول ….
اعتدل عمار و وقف منتصبا حينما قابلته ندى متسائلة بإستغراب :
– انت كنت فين انا بقالي كتير بدور عليك.
رد عليها وهو يشير إلى الفتاة الجالسة :
– انا خبطت في الانسة و كنت بطمن عليها.
حولت عينيها إليها و لا تعلم لماذا شعرت بالضيق خاصة عند ملاحظة نظراتها المصوبة نحو إبن عمها ، نظرات إعجاب ممزوجة بالتلاعب فكتمت ندى إنفعالها و تبسمت بإصطناع :
– ايوة ديه صاحبتي … انتي كويسة يا سلمى ؟
لم تلقِ الأخيرة بالا لنظراتها الهجومية بل تأوهت بخفوت :
– لسه دايخة شويا.
رن هاتف عمار فإستأذن و ابتعد عنهن ليجيب على الإتصال أما الفتيات فنظرن إلى المدعوة سلمى و قالت إحداهن بإنبهار :
– يخربيتك انتي عرفتي تخليه يكلمك بجد ده انا اتريقت عليكي لما قولتي انك عايزة تتعرفي عليه قوليلنا ايه اللي حصل.
ضحكت و تحدثت بغنج :
– ولا حاجة هو لما لقاني تعبانة قعدني و سألني اذا كنت كويسة و لسه كنا هنتعرف انتو جيتو بس لما يرجع هكمل.
– طيب هو عامل ازاي.
تنهدت بحالمية مجيبة :
– وسيم و چنتل اوي و ريحته بتجنن ولا صوته و لمسة ايده وهو بيحطها على خصري يااه …. انتي بجد محظوظة بيه يا ندى لأنك عايشة معاه.
ضغطت الأخيرة على يدها بعصبية تكبح رغبة غريبة في صفعها ، إلا أنها حينما كادت تخبرها أن عمار لديه حبيبة أساسا تكلمت فتاة أخرى :
– هو بجد راجل چنتل و كاريزما بس كلنا عارفين انه مش شايف غير ندى و صورهم مع بعض بتشهد.
حينها لم تعلم ندى لماذا لم تنكر كالعادة بل و أرادت بشدة أن يظن الجميع أنه غير متاح لأي إمرأة غيرها ، فتبسمت بتمثيل و هتفت :
– الوقت اتأخر و انا تعبت لازم أروح تعالو اسلم عليكم.
إحتضنت صديقاتها و عندما وصلت إلى سلمى عانقتها و همست في أذنها :
– انا هعديها المرة ديه بس اوعى تعملي التصرفات الرخيصة ديه تاني و تحاولي تقربي من ابن عمي و إلا مش هخلي حد يبصلك ولا يعبرك … و اساسا عمار لا يمكن يبص لواحدة لابسة دريس fake brand ( ماركة مزيفة ) زيك ف الأحسن تعرفي قيمتك قبل ما تبصي على ناس أعلى منك.
تجمدت سلمى و شحب وجهها لتلتزم الصمت فإبتعدت عنها ندى و تعلقت عيناها بعمار الذي عاد مغمغما :
– انسة سلمى انتي لسه تعبانة ممكن اوديكي لدكتور لو حاسة نفسك مش كويسة.
هزت رأسها بنفي :
– لا انا بقيت أحسن متشكرة حضرتك.
هز رأسه بتفهم و إستدار إلى ندى هامسا :
– انا لازم امشي دلوقتي هتجي معاها ولا اسيب معاكي الشوفير و يبقى هو يوصلك للبيت.
إغترت ملامحها بظفر وهي ترى إستغراب الفتيات من حالة سلمى و كيف أنها تراجعت بسرعة عن تلاعبها فضحكت بلطف و تعلقت بذراعه :
– لا هجي معاك انا تعبت و عايزة انام.
ثم غادرت معه وهي تتمسك به بشدة و داخلها مستغرب و سعيد في نفس الوقت لأنها لقنت عديمة المستوى تلك درسا لن تنساه …
_________________________
بعد مرور أسبوعين.
فتح باب الشقة لتستقبله رائحة البخور القوية فيبتسم و يخطو خطواته قاصدا طريقه إليها وقع نظره على كتاب موضوع فوق المنضدة ففتحه و قلب صفحاته بعشوائية ليجد أول جملة تقابله و قد كانت مريم لونتها بقلم ذو لون وردي …
” – إيكادولي – ، أحبك تعني ان يضئني قربك ولا يطفئ شعلة روحي … و هنا في قلبي حيث تسكن تتشابك خيوط النور فأبصر في عينيك كل الوجود جميلا … “.
ازدرد عمار ريقه و ركز على تلك العبارة بتوهان قبل ان يعيد الكتاب إلى مكانه و يتابع سيره حتى دخل الغرفة لتتوقف قدماه عن التحرك و يتسمر مكانه بوله مما يرى ….
إندلعت الحرائق بقلبه و هبت الرياح ، رياح رغبة إستيقظت ما إن وقعت عيناه على قميص نومها القصير بلونه الأحمر القاتم الشبيه بلون شفاهها ، و الكحل الثقيل الذي حددت عينيها به ببراعة مذهلة و شعرها الأسود الكثيف و المموج ، كانت تتحرك أمامه بساقيها المكشوفتين و المتراقصتين على وقع رنين خلخالها الفضي أمامه فتتبعها زيتونيتاه أينما إتجهت حتى وقفت أمامه الغجرية صاحبة المظهر البري المثير ، ترسل إليه نظرات مغرية و بذلك القدر غريبة ، غريبة لأنه و لأول مرة يشعر بالإضطراب معها ، و بداخله إحساس ينذره بخطر ما سيحدث !!
وصله همسها الرقيق :
– وحشتني.
تأوه بإحتقان ثم قرب وجهه منها يتلمسها بشفتيها هامسا بثقل :
– That gypsy ( أيتها الغجرية ) ، كل مرة بغيب فيها أرجع الاقيكي بقيتي أجمل.
– عجبتك ؟
– فوق ما تتخيلي.
لم تعلق عليه و اكتفت بالإستمتاع بلمساته حتى إبتعد عنها و تمتم :
– مالك ؟ في لمعة غريبة بعنيكي انا حاسك مش على بعضك كأنك عايزة تقوليلي حاجة.
و بالفعل كانت هناك لمعة حزينة عليها و ما تود قوله له ، هذه الليلة ستواجهه و تضع طريقا لعلاقتهما لقد أجلت الموضوع كثيرا و اثرت الصمت و التحمل لكنها لم تعد تستطيع التحمل خاصة بعدما رأت على مواقع التواصل الإجتماعي منذ أيام صورا له مع إبنة عمه في مناسبة ما وهي تحتضنه كأنه حبيبها و تعليقات تخبرها بأنها ” تشكل ثنائيا رائعا مع عمار البحيري ”
و أخرى وهي تتمسك بذراعه و صورا أخرى مع إحدى الفتيات وهو يضع يده على خصرها.
هي لم تعد تتحمل هذا الوضع ، لم تعد تتحمل تصرفاته و كأنه غير متزوج لقد سئمت مريم من رؤية صور و فيديوهات وهو مع النساء أما هي زوجته في القانون تختبئ بين أربع جدران و تخاف الظهور خشية من معرفتها…
هذه المرة ستتجرأ و تسأله إن كان يود وضع هوية لزواجهما أم لا إذا وافق سيعلنها زوجة و إن لم يوافق ….. إن لم يوافق ….
أفاقت من شرودها علي عمار وهو يسألها مجددا فرسمت إبتسامة خفيفة و أجابته :
– أنا كويسة اللمعة ديه سببها إشتياقي ليك.
إبتعدت عن يده و تلعثمت قائلة :
– أنا جهزتلك أكل هتاكل صوابعك وراه تعال.
جلست مقابلا إياها على تلك الطاولة الصغيرة المستديرة يتناول الطعام و عيناه تتلصصان عليها ، مريم تبدو غريبة جدا هذه الليلة زينت نفسها بطريقة ساحرة و جهزت طاولة عشاء فخمة ووضعت عليها شموعا معطرة بالفعل قد أعدت سهرة رائعة و لكن مع ذلك تقسيمات وجهها تعكس إنذارا لم يفهم معناه ، تعبث بملعقتها و تأخذ رشفة من عصير الرمان الذي “تدمن عليه” و ترمي على عمار جرعات مهولة من إبتسامتها لكنه غير مرتاح لهذا أبدا ….
أخذ عمار نفسا عميقا و غمغم :
– كأنك غريبة النهارده ؟ عكس اللي كنتي عليه قبل كده.
رفعت مريم رأسها إليه تسأله :
– غريبة ازاي ؟ لو على هدوئي فأنا عارفة انك مبتحبش تتكلم وانت بتاكل و وهو جهزتلك سهرة حلوة معقول مش عاجبك ؟
وضع الملعقة جانبا و طالع عينيها مباشرة مجيبا :
– أنا كل مرة بشوف شكلك الخارجي حلو و جريء و بري بس نظراتك بتبقى رقيقة …. بس النهارده شايف كل حاجة فيكي جريئة و رقيقة فنفس الوقت حتى صوتك هادي بس نظراتك مختلفة …. كأنك ….
ضحكت مريم بخفوت تكبح رغبتها بالصراخ في وجهه ثم هتفت :
– الغجريات بطبيعتهم بيخدعو العيون بأشكالهم و محدش بيقدر يعرف ايه اللي بيفكرو فيه أنت منبهر بشكلي و أنا ….
تابعت بهمس أثار حواس رجولته :
– و انا منبهرة بعيونك الزيتوني اللي بتجنني.
انتصب عمار واقفا و أوقفها معه كاد ينحني يقبلها لكنها وضعت يدها أمام شفتيه ثم شغلت موسيقى هادئة و جعلته يلف ذراعاه حول خصرها ، و رفعت هي يديها تتلمس عنقه متعمدة إغراءه ، حتى فقد سيطرته على نفسه حينها أرادت الإبتعاد لكنه جذبها من يدها نحوه بقوة وقد ظهرت أمارات الغضب على وجهه.
إبتسمت مريم كابحة دموعها بتجلد فمن الممكن أن تكون هذه آخر ليلة بينهما بعدما تخيره في إعلان زواجهما من عدمه ….. هذه الليلة هي الخاتمة و إنها تقطع وعدا على نفسها لن تدعه يلمسها مجددا إن رفض …. أبدا.
– إهدى أنا مش ههرب منك …. أنا كلي ملكك ….
بعد ساعات إستيقظ عمار على كابوسه المعتاد ينهج بقوة و يسحب الهواء قدر إستطاعته حتى إنتظمت أنفاسه ، زفر بعنف و مرر يده على وجهه هامسا :
– ايه الحلم ده.
لم يرى أمه فقط هذه الليلة ، بل حلت مريم على كابوسه ضيفة ظهرت فيه تضحك و ترسل إليه نظراتها المتهكمة ، نفس النظرات التي كانت تلقيها ” فيروز البحيري ” على ” رأفت البحيري ” عندما يسألها بغضب أين كانت فتقلب الطاولة عليه و تجعل نفسها المظلومة ليعتذر منها في النهاية ، و يصرخ على إبنه بعدما تقنعه أنه كان السبب في تأخرها !!
دلك عمار عنقه و إرتدى ملابسه مستعدا للمغادرة حتى رأى مريم تدخل إلى الغرفة تطالعه بهدوء :
– انت هتمشي مش كنت نايم من شويا ؟
رمقها بحدة أسفرت عن غضبه :
– كنتي فين ؟
ردت عليه وهي تريه كوب الماء بيدها :
– أنا كنت في المطبخ بجيب مايه أهو.
تأفف بخنق و إرتدى سترته الجلدية فتقدمت منه و تحدثت بلهجة لم يسمعها منها قبلا :
– لسه الوقت بدري انا عايزة أكلمك أقعد عشان نتكلم.
رفع عمار حاجبه و إلتفت إليها مندهشا من نبرتها الآمرة التي تخرجه عن نطاق بروده و أردف :
– أقعد عشان نتكلم ؟ انتي مش شايفة إني لبست و طالع دلوقتي هنبقى نتكلم مع بعض تاني مرة.
تحرك و تجاوزها و قبل أن يخطو خطوة واحدة خارج الغرفة أوقفته بقوة :
– مفيش مرة تانية …. ومش هتهرب المرادي احنا هنحط النقط على الحروف و دلوقتي.
جز على أسنانه و قد بدأ جسده يطالبه بأخذ جرعته من الدواء قبل إنهياره لكنه إستدار إليه و رفع إصبعه في وجهها محذرا :
– مريم ، إنتي بتتجاوزي حدودك !
و على عكس توقعه و ما تعود عليها من ضعف و خوف فقد إقتربت منه مرددة :
– انا مين بالنسبالك ؟
– افندم.
– انا مين بالنسبالك يا عمار ؟
صمت عمار يحدق فيها بذهول و إنفعال ولم يجبها فلوت شفتها بسخرية من عجزه عن نطق كلمة ” زوجتي” و إستطردت :
– احنا بقالنا سنتين و شويا متجوزين استحملت فيهم العيشة بين أربع حيطان بعد ما كنت مبقعدش في مكان واحد أكتر من ساعتين خبيت نفسي و خبيت هويتي و حقيقة إني مراتك و بشوفك مرة كل شهر ولو حنيت عليا هتجيلي كل أسبوعين انا كنت صابرة بس لحد هنا و كفاية ….. أنا تعبت.
زادت آلام رأسه و شرعت أعضاؤه في الإرتجاف بهستيرية قبل أن يغمغم بصوت قاتم :
– قصدك ايه ؟
أخذت مريم نفسا تنظم به إنفعالاتها ثم ردت عليه بنبرة بجدية ، و داخلها يرجو أن لا تُكسر روحها مع نهاية هذه الليلة :
– انا شايفة ان علاقتنا لازم تتوضح و من حقي تبقى حياتي أحسن من كده …. إعلن جوازنا يا عمار !!
______________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نيران الغجرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *