روايات

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الفصل العشرون 20 بقلم آية محمد رفعت

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الفصل العشرون 20 بقلم آية محمد رفعت

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) البارت العشرون

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الجزء العشرون

الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء)
الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء)

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الحلقة العشرون

صدمتها بمن يقف أمامها كان تفسيرها غريباً، فلأول مرة منذ زمناً يلحقهما لمصر، وبالرغم من انقباض قلبها الا أنها ابتسمت مرددةٍ:
_بابي!
التفت “بدر” تجاه الباب، فنهض عن مقعده مسرعاً ليقابله بترحابٍ:
_حمدلله على السلامة يا خالي، مش كنت تعرفنا كنا نستقبلك في المطار..
صمته المطول كان مخيف لبناته وخاصة “تالين” التي تراقب نظرات أبيها الغاضبة متسلطة على شقيقتها الصغرى، بدت الامور غير مفهومة لها وخاصة بوجوده، فقبل أن تسافر لمصر أرادته أن يصطحبهما بشدةٍ، ولكنه أعتذر منها وأخبرها بأنه لديه الكثير من العمل الذي لم ينجز بعد، إذاً ماذا حدث؟
خرجت “نادين” من المطبخ، حاملة أكواب الشاي الساخنة فتهللت تعابيرها حينما وجدت ابن عمها يقف أمامها بعد غياب دام عشر سنوات بأمريكا، فوضعت الصينية عن يدها ثم اقتربت منه قائلة بفرحةٍ:
_”خالد”، ايه المفاجأة الحلوة دي، اوعى تقول أن ريماس معاك!
تعجب الجميع من صمته وتجاهله لترحاب الجميع به، وفجأة تحركت يديه لتهوى على وجه “رؤى” بصفعةٍ قوية أطاحت بها أرضاً من شدتها، تاركة الجميع في حيرةٍ مما يحدث، وخاصة حينما انحنى ليلوي خصلات شعرها بين يديه وهو يصيح بانفعالٍ شديد:
_أخر حاجة كنت اتوقعها ان انتي اللي تجيبي رأسي الأرض، أنا اللي عمري ما حد جرأ بس انه يرفع عينه في عيني..
أسرع أحمد تجاه ليردد بصدمةٍ:
_طب ممكن حضرتك تهدأ بس عشان نعرف في ايه..
أما بدر لم ينتظر ذاك الهدوء الذي سيفتك بمن أحبها، لذا أسرع بالتدخل ليحيل بينه وبينها، ومن ثم فصل خصلات شعرها عن يديه، قائلاً بتعصبٍ:
_سبها يا خالي، هي عملت ايه لكل اللي انت بتعمله ده..
انقطع الحديث بينهما حينما خرج “سليم” من الشقة المقابلة لهم وهو يردد بذهولٍ:
_في أيه، صوتكم عالي كدليه؟
فتقوس حاجبيه بدهشةٍ:
_”خالد”، انت ادليت مصر متى!
وتحولت نظراته لابنه الذي يحاول تخليص رؤى عن ابيها، فردد باستغرابٍ:
_في أيه؟
جلس خالد على اقرب مقعد ويديه تحتضن رأسه بانكسارٍ:
_بنتي فضحتني فضيحة ملهاش اول من أخر يا سليم..
صعق لما استمع اليه ولكنه تساءل بثبات:
_فضيحة ايه اللي بتتحدت عنها دي!
ارتعشت أصابعها المتشبثة بملابسه، وهي تردد بصوتٍ يكاد يكون مسموع:
_أنا معملتش حاجه!
رفع عينيه تجاهها بنظرةٍ قاسية ومن ثم اخرج هاتفه، ليعبث بازراره قليلاً ثم سلطه بوجهها قائلاً:
_اتفرجي وشوفي، وعايزك تتخيلي الفيديو ده على كام موقع اباحي، وفكري برضه لما مامتك تشوف الفيديو ده هيجرالها ايه؟
الجميع في حالة من الصمت يدمجها صدمة قاتلة لما تفوه به، أما هي فبمحرد رؤياها لذاك الفيديو الذي تخطت مشاهداته النصف مليون مشاهدة، انقبض قلبها قبضة الموت، وانحبست رئتيها خلف حاجز قوي منعها من التتفس، فوزعت نظراتها بين الفيديو وبدر الذي تتشبث بقميص الرومادي، فهو الوحيد من استطاع رؤية الفيديو لقربه منها، تطلعت له بانكسارٍ استطاع ان يلمسه بنظراتٍ القهر التي غلبتها، اخر ما توقعته ان ما حدث بينها وبين ذاك اللعين صوره على مقطع فيديو كان بمثابةٍ خنجر طعنه بمنتصف قلبها الجريح، ربما تمكن هو من رؤية حالتها التي تصدق على قولها حينما اخبرته انها لم تكن في حالتها الطبيعية بل مغيبة عن الوعي، ولكن ما الحاجة لأن يصدقها ويشاهدها بذاك الوقت ملايين من المجردة قلوبهما من الرحمة، شعرت وكأن العيون تفتت لحمها المخبأ خلف فستانها الطويل، فاستغلت انشغالهما بالحديث وتوجهت للمطبخ القريب منها، جذب “سليم” الهاتف من ابنه ثم القى نظرة واحدة تمكن بها اختصار ما حدث، ليغلقه سريعاً ثم وجه حديثه لخالد:
_بتك واضح زي الشمس انها مش في واعيها، الكلب ده اللي لازمن يتحاسب..
لمعت عينيه بالدموع وهو يردد بسخريةٍ:
_ده كان رده على نفس الكلام اللي قولتهوله قبل كده، ومصدقتوش لما قالي هردلك اللي عملته ده بس اخر حاجه توقعتها انه يردهالي في بنتي يا سليم.
جلس جواره ثم قال:
_لا فهمني اكده انت تقصد أيه، ومتقلقش هنجيبه وهنربيه حتى لو كان في بطن امه..
أجابه بحزنٍ:
_الانسان الزبالة اللي انت شوفته في الفيديو ده، وصلنا في السفارة اكتر من شكوة عنه، وكلها أوسخ من اللي قبلها، روحتله واديته اكتر من انذار بس معملش بيه فمكنش قدامي غير اني اخد اجراء قانوني ضده، وبعدها قالي بالحرف زي ما قولتلك كده، ودلوقتي بس عرفت هو كان يقصد ايه..
ثارت حدقتيه حقداً تجاه هذا اللعين، فردد بدر بصوتٍ خشن:
_الحيوان ده لازم يدفع تمن اللي عمله، عشان يعرف ان الله حق..
أيد أحمد ما قال:
_ومش بس كده لازم يتصور في وضع مهين عشان ميجرأش ينزل الفيديو اللي معاه ده تاني..
كاد سليم ان يقترح ما لديه، ولكن سرعان ما تبدد ما برأسه حينما استمع لصرخات حور:
_يا بابـــــــــــا، يا بــــــــدر.. الحقوني..
ركضوا جميعاً تجاه مصدر الصوت القادم من المطبخ، فوجدوا “رؤى” تقرب السكين من قلبها وعلى وشك أن تغرسه بصدرها، صاحت تالين ببكاءٍ حارق:
_أوعي تعملي كده يا رؤى، انتي مالكيش ذنب في اللي حصل..
لم تسمح لأي صوت يؤثر بقرارها النهائي، فكادت بأن تغرس السكين متجاهلة ما استمعت اليه، بتلك اللحظة لم يبالي “بدر” بأن يكشف ما خبئه بقلبه لأعوامٍ، كل ما أهمه انقاذها من موتٍ سيستهدف قلبه هو قبل أن يصل لها، لذا اندفع بجسده تجاهها ثم مد يديه في تجاه السكين ليهمس بأنفاسٍ متقطعة:
_”رؤى” أنا عارف ان اللي حصل ده انتي ملكيش ذنب فيه، أنا عندي ثقة كبيرة فيكي، عشان خاطري ارمي السكينة..
صوته اتنشلها من هلاك أعصابها المدمر، فرفعت عينيها الباكية تجاهه ثم قالت ببكاءٍ:
_أنا لو ندمت في حياتي كلها فندمت اني بعدت عنك يا بدر، دمرت حياتي بايدي وتسامحك معايا بيقتلني أكتر..
لمعت دمعة حنت لها بعينيه، وهو يجيبها:
_سامحتك لانك ندمتي على اللي عملتيه ومكنش بمزاجك، بلاش تظلمي نفسك لتاني مرة وارمي السكينة… عشان خاطري..
كانت مفاجأة صادمة لأغلب من يقف بالخلف وخاصة “سليم” و “خالد”، فكانت تلك المرة الاولى التي ينكشف سر حبهما علناً، استغل”بدر” شرود عينيها به، وقيد يديها معاً بقوة يديه المفتولة ومن ثم أشار لأحمد بحزمٍ:
_شيل منها السكينة يا أحمد..
على الفور تحرك أحمد ليحاول جذب السكين المحتبس بين لائحة يديها التي يشدد بدر من انغلاقها حتى لا تؤذي نفسها، حاول أحمد جذب السكين عن يدها وبالفعل نجح بعدما جرح يديه هو في محاولاتٍ صد حركات جسدها المندفعة ولكنه نجح بالاخير، استسلمت رؤى لذاك الظلام القاتل الذي يبلعها فمنحته نظرة مطولة ومن ثم ارتخى جسدها بين يديه، فحملها وخرج بها للاريكة بالخارج، فما ان وضعها حتى هم ابيه بالاقتراب منه وهو يتساءل بصرامةٍ:
_ايه اللي سمعناه ده!
انتصب بدر بوقفته وهو يجيبه دون خوف:
_الحقيقة، أنا ورؤى بنحب بعض ومتفقين على الجواز…
امتلأت أعين الجميع باسئلة لا حصر لها، فقطع شكوكهما حينما استطرد:
_واللي حصلها ده انا عارفه هي حكتلي كل حاجة..
وبعزمٍ قاتل اضاف:
_وأنا اللي هرجعلها حقها لحد عندها، والكلب ده محدش هيقطع رقبته غيري..
بدت نادين غير راضية على قرار ابنها، ولكن كما تعلمت الصمت هو السائد للنساء بحضرة حديث الرجال الصارم، لم يعارض سليم قرار ابنه حينما رأى حبها بارز بعينيه، ربما لانه يعلم بأن ابنه عنيداً للغاية لذا دع القرار له وحده، أما أحمد فانسحب لشقة الشباب ليجد ما يضمد به جرح يديه الغائر، فما أن ولج للداخل حتى وجد طرقات خافتة على باب الشقة المفتوح، فترك ما يفعله وخرج ليجد حور تقف مقابله باكية، فدنا منها وهو يتساءل باسترابةٍ:
_حصل حاجة تانية ولا ايه؟
أشارت له بالنفي ثم أخرجت حقيبة الاسعافات الاولية من خلفها وهي تردد بلهفةٍ:
_أنت نزفت جامد، لازم نطهر الجرح..
ضيق عينيه تجاهها بذهولٍ، فتصارع الاحداث التي مروا بها منذ قليل جعلت الجميع في حالة من التشوش فلم يلاحظ أحداً ما تعرض له من اصابة الا هي، تجاهلت حور شروده واقتربت بخطوات غير منتظمة منه لتجذب يديه المجروحه ثم ضمدت جرحه بحرصٍ من الا تلامسه فتزيد من وجعه، أما هو فكان شارد للغاية بتصرفها الذي ابدى اهتماماً به، وقدومها اليه رغم تضرر قدميها من شدة الحريق، ذاك ما جعله حائراً فيما يحدث معهما!
**********”
لم تنتظر هبوط المصعد من الطابق الاخير إليها، دفعها شوقها لرؤياه لصعود الدرج بسرعةٍ ادهشتها هي شخصياً، فما أن وصلت للشقة حتى دقت جرس الباب مرات عديدة، فتح “أيان” باب شقته ليجدها تلهث بأنفاسٍ مسموعة للغاية، فسألها ساخراً:
_الاسانسير عطل!
ابتسمت وهي تجيبه بصوتٍ متقطع:
_لا بس باله رخم..
ضحك وهو يشير لها:
_هتقدري تدخلي ولا آآ..
رفعت جفنيها بدهشةٍ:
_ولا أيه!
أجابها على سؤالها حينما حملها بين ذراعبه، ليدفع الباب بقدميه، رفعت روجينا يديها حول عنقه تلقائياً، فتقابلت عينيها برومادية عينيه التي الهبت مشاعر حبها الخفي تجاهه، تراجعت براسها القريب منه للخلف وهي تهمس بحرجٍ:
_بتعمل أيه!
رسم بسمة جانبية ماكرة:
_بساعدك!
تسارعت نبضات قلبها فباتت مسموعة بشكلٍ واضح، صعد بها أيان الدرج للاعلى، فتسائلت بترددٍ:
_أنت رايح على فين؟
أجابها وعينيه متعلقة بالنظر لشفتيها:
_أوضتي…. في حاجة حابب انك تشوفيها..
على الرغم من توترها الا أن الفضول زارها لرؤية ما يتحدث عنه، وصل بها أمام غرفته المغلقة، فتركها لتقف على قدميها، ثم استند بجسده على الحائط القريب منه، ليربع يديه أمام صدره بسكونٍ، وزعت روجينا نظراتها بينه وبين الباب الملغق بعدم فهم فغمز بعينيه تجاه مقبض الباب، ادراته روجينا ببطءٍ ومن ثم ولجت للداخل لتقف محلها بانبهارٍ، حينما وجدت صفوف مزينة من كؤؤس الشمع الملونة تزين الغرفة، ويغطيها بعض من ورقات الزهرات الحمراء، وعلى الفراش قلب من بتلات الزهور البيضاء بها علبة قطيفية حمراء اللون ولجوارها فستان أبيض قصير، متطرز بشفون يزين فتحة الصدر، اقتربت من الفراش لتجذبه وهي تتأمله باعجابٍ شديد، ثم رفعت عينيها تجاه من يقف خارج الغرفة يستند على الحائط ويتأملها بنظراتٍ غامضة ختمت بكلماته المقتصرة:
_البسيه..
وجذب باب الغرفة ليغلقه، فمنحها مساحة خاصة بها، احتضنت روجينا الفستان ثم جلست على الفراش وهي تردد باحراجٍ شديد:
_هلبس ده ازاي، ده قصير اوي!!
خبأت رأسها بالفستان وهي تهمس لذاتها:
_أكيد بيستناني بره!
زفرت على مهلٍ وهي تخبر ذاتها:
_اهدي يا روجين، ده جوزك!
ثم حملت الفستان وولجت لحمام الغرفة لتبدل ثيابها لذاك الفستان الانيق، ثم تركت العنان لشعرها الطويل يتدلى من خلفها بانسيابيةٍ، تسلل لمسمعها صوت ابموسيقى الهادئة النابع من الغرفةٍ، فافرغت ما داخلها من هواءٍ عالق يعيق تنفسها، فتحت باب الحمام ثم خرجت لتقف مقابله، نظراته الرجولية المتعمقة بمفاتنها جعلتها تحني رأسها للأسفل خجلاً، يدها تفرك بعضها البعض بتوترٍ ملحوظ، صوت خطواته المقتربة منها جعلت رأسها يتراقص ربكة من اقترابه، وقف مقابلها ليسد عليها الخلاء فلم يعد. هناك مفر من المواجهة بينهما، استرقت النظر اليها وسرعان ما تعود نظراتها لوجهتها، فاستمعت لصوته الرخيم يطربها:
_الجمال ده ناقصه حاجة.
تطلعت له باهتمامٍ وهي تبحث عن مغزى حديثه، فوجدته يدنو من الفراش ثم عاد حاملاً العلبة ومن ثم فتحها ليخرج منها العقد الالماسي، ليضعه حول رقبتها، ارتجف جسدها حينما تلامست أصابع يديه رقبتها الناعمة، فأطبق اغلاق قفل العقد باحكامٍ ثم عاد ليقف مقابلها، ومنحها نظرة متفحصة ختمها بكلماته الفتاكة:
_مفتكرش إن في عيون بالجمال ده.
وزعت نظراتها بينه وبين الفراغ بشرودٍ، فمد يديه لها، لم تجد مفر للهروب فسلمته يدها ليقودها بخطاه المنتظمة، ومن ثم حركها على أنغام الموسيقى الهادئة، استكانت بين يديه واستندت برأسها على كتفيه تاركة زمام امورها له، شعرت بدواره بها بأنها بعالم منعزل عن الأرض، عالم لم تختبره من قبل، لا تعلم ايعمه الضوء ام الظلام ولكنها بالتأكيد سعيدة بوجوده لجوارها، اتنشلها من عالمها الساكن، المترقب لغرامه المتوق، لعالمه هو الذي باتت الافعال تنطق هي بكلمات الحب، عشقها وعشقته بتلك اللحظات التي سلمته فيها ختم عذريتها، لتبقى له زوجة قولاً وفعلاً، وبداخلها حقيقة واحدة ساطعة كضوء الشمس أنها اختارت من احببته واختاره قلبها بمشاعرها ودون ارضاخ منها… ولكن ترى هل يستحق ما فعلته لاجله؟
**********.
رأت ذاتها ترتدي فستاناً أزرق طويل، وحجاباً أبيض اللون انار وجهها الرقيق، ومن ثم تختبئ خلف مقعد مطعم باللون الذهبي وتنتظر عودة احداهما، فما ان ولج المنتظر للغرفة حتى أخرجت ما تحمله بيدها لتغرقه بالصابون الملون وصوت ضحكاتها يغمر المكان باكمله ليتبعها صوتها المرح:
_عيد ميلاد سعيد بالصابون يا يحيى..
احتدت نظراته فركض خلفها بتوعدٍ، هرولت ماسة وضحكاتها تعلو كصوت الطائر الحر السعيد، لف يديه حول خصرها ليرفعها عن الارض ومن ثم القى بها على الفراش وهو يعاتبها بغضبٍ:
_كده تعملي فيا أنا كده!
تعالت ضحكاتها وهي تجيبه:
_مش عيد ميلادك الله، وبعدين انا عملت كده عشان افاجئك مش انت اتفاجئت!
جز على اسنانه وهو يهم بالاقتراب منها بمكرٍ:
_لا اتفاجئت وهفاجئك معايا برضه..
لم تفهم كلماته الا حينما جذب غسول الحلاقة الخاص به ليغرق وجهها بالكامل، صرخت به وهي تردد:
_لا يا يحيى، هتبوظلي فستاني حرام…
عادت للركض مجدداً والاخير من خلفها والضحك يتشارك على وجه كلاً منهما..
خرج “يحيى” من حمام غرفته يجفف شعره المبتل، فانعقدت معالمه حينما وجد ماسة غافلة بنومها العميق والابتسامة مرسومة على وجهها بشكلٍ ملحوظ، تعجب لما يحدث معها، فاقترب منها وهو يهزها برفقٍ:
_”ماسة”، حبيبتي..
فتحت عينيها بتكاسلٍ، ومن ثم انقلبت نظراتها للضيق فور رؤياه، فتساءل بقلقٍ:
_في ايه؟
قالت بطفولية:
_ماسة زعلانه منك..
ابتسم على طريقتها المحببة لقلبه، ومن ثم القى المنشفة لجواره ليسألها باهتمام:
_والبرنسس ماسة زعلانه مني ليه..
قالت بضيق:
_عشان انت غرقت فستانها الارزق كله وخليته مش نضيف، كل ده عشان بتقولك كل سنة وانت طيب..
تلاشت ضحكة يحيى تديجياً، فشرد لدقائق عبثت بهما ماسة بدميتها، لتشعر بذراعيه يهزها بقوةٍ وهو يردد بلهفةٍ:
_انتي فاكرة اليوم ده صح يا ماسة!
فاكرة يوم عيد ميلادي لما لبستي الفستان الازرق واتخانقنا مع بعض..
ارتعبت من طريقته الغريبة بالحديث، فبدى ساكناً قليلاً، وهو يحاول التمسك بثباته، ولكن امله ازداد بتلك اللحظة، رؤيتها لاحداثٍ سابقة من حياتهما معاً منحته بصيص من الامل لعودتها…. عودة ماسته الغالية!
**********
ولجت لغرفته المعتمة ومن ثم حررت ستائرها وهي تصيح به بصوتٍ عالي:
_آســر، كل ده نوووم قوم ورانا حاجات كتير النهاردة..
فتح نصف عين ليجد والدته من امامه، فقال بنومٍ:
_يا حاجه نفسيتي مرهقة ومحتاجة نوم عميق، انا بحس لما بنزل من القاهرة اني نازل في عنبر تبع الجيش والعريف بيصحيني ٦بالدقيقة… ارحميني انا زي ابنك برضه..
جذبت الغطاء أرضاً وهي تشير له بتحذيرٍ:
_عارف لو مقومتش يا آسر هجبلك الحكومة اللي بجد.. انت شكلك كده قعدتك في القاهرة نسيتك قوانين مامتك..
نهض عن الفراش بملامح منزعجة، وراح يردد في سئمٍ:
_حفظهم زي اسمي، الابيض ميتوسخش عشان تنضيفه صعب، اصحى من اول ندهة عشان زورك ميتبحش، معليش صوتي عشان بتخافي من فرق الطول بينا وبالتالي الهيبة ممكن تضيع، كل اللي بتطبخيه شيء عظيم ومينفعش اطلع فيه عيب بوجود الوالد اللي مهيصدق وهيعوم على عومي… مرضية كده يا ست الكل..
ابتسمت في فخر:
_لا انا كده تمام… بس برضه هتقوم وهتلبس عشان هننزل نجيب هدايا وشوية حاجات لزوم بليل..
رفع حاجبيه بعدم فهم:
_ليه ايه هيحصل بليل..
اجابته وهي ترتب الفراش:
_حريم البيت هيروحوا معاك عند تسنيم وكل واحده هتجبلها هدية واولهم انا يا حبيبي، دي هتبقى مرات الغالي ابني الحيلة…
اقترب منها وهو يخبرها ساخراً:
_ربنا يستر بعد البوقين دول انا خايف بس من نظرياتك المختلفة دي لتجيبني ورا، ومش بعيد العروسة تفكرني شخصية سوسو اللي ماشية ورا امها..
انكمشت تعابيرها غضبا، فاشار لها بمرح:
_اسمعي مني الناس دول ميعجبهمش غير الراجل الشديد اللي واخدها عافية..
ابتسمت وهي تجيبه بجدية نلك المرة:
_وهي هتلاقي زيك فين، ابني سيد الرجالة كلهم ولو لفت الدنيا كلها متجبش دفرك…
ابتسم هو الاخر ثم قبل جبنيها ليردد بجدية هو الاخر:
_ربنا يخليكي لينا يا ست الكل وميحرمناش منك..
عادت لصراخها المرح:
_سيبك بقا من العواطف دي وبسرعه على الحمام ورانا مشواير كتييير..
هرول تجاه حمامه الخاص وهو يخبرها:
_عشر دقايق واكون جاهز…
رفعت صوتها وهي تشير له:
_وانا هنزل احضرلك لقمة خفيفة كده عما نرجع يكونوا جهزوا الغدا.
لم يعلق على ما قالت وولج ليستعد للقاء بها مجدداً وقلبه يسبقه بكل خطوة كأنه يود ترميم شوقه المنجرف للقاء عينيها ولكن ترى ما الذي سيفعله خالها البغيض ليفسد تلك الخطبة؟!.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *