رواية يناديها عائش الفصل السادس والسبعون 76 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش الفصل السادس والسبعون 76 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش البارت السادس والسبعون
رواية يناديها عائش الجزء السادس والسبعون

رواية يناديها عائش الحلقة السادسة والسبعون
إن لم يكن لك أعداء من أحد براثن الفشل ومتقوقعي مستنقعات النتن والتخلف والتحطيم، وعديمي المرؤة والأخلاق، فتأكد بأنك لست إنسان ناجح.. ” لقائلـها ”
~~~~~~~~~~~~~~
تفاجأ ” بدر” من الدخان الكثيف الصاعد من السيارة التي أتم العمل بها منذ ساعات، و التي من المفترض أن يحضر صاحبها اليوم لاستلامها، فهي تعد أعز ممتلكاته كما ذكرنا..
هرع بدر تجاه السيارة وهو لا يستوعب ما يحدث أمامه، فذلك يعني أنه سيتحمل المسؤولية وحده نتاج ما حدث لها..
أخذ يتفحص السيارة بجنون وهو يسعل بصعوبة بسبب كثافة الدخان الصاعد منها، ليبدأ تلاشي الدخان بعد دقائق و يستطيع بدر الوصول للسبب الذي أدى لذلك، ليجد أن السلك الأساسي الذي يتصل بالمحرك و يجعل السيارة تعمل، قد ذاب و احترق بالكامل..
أيقن أن ما حدث هو بالتأكيد بفعل فاعل؛ لأنه متأكد تمامًا من اصلاح السيارة بدقة، حتى أنه قام بتجريبها ليجد أنها أصبحت سليمة تستطيع السفر لمسافات بعيدة، إذًا من فعل بها ذلك؟
أو ما مصلحة الشخص الذي قام بإفساد عمله ؟!
تلك التساؤلات حامت حول عقل بدر، لينتبه بعد لحظات لإقبال العم عبده عليه يتساءل بدهشة
” إيـه اللي حصل ! ”
رد بدر بنبرة حزينة يسودها الغضب
” حد عمل فيا ملعوب.. العربية اللي المفروض تتسلم كمان شوية و كانت في عهدتي اتحرقت.. عاوزه تتصلح من أول وجديد و هتاخد وقت طويل لأن السلك الأساسي ساح و اتحرق، و صاحبها المفروض يستلمها كمان نص ساعة.. مش هلحق أعمل حاجة.. لو أعرف بس مين اللي عمل الحركة بنت اللذين دي ”
” مهندس سامح.. مفيش غيره ”
قالها العم عبده بيقين، فرد بدر بعجز
” الله أعلم.. معنديش دليل ضده.. يمكن حد تاني مش عاوزني اشتغل في القسم ده.. مش عاوز أظن في حد و لو إني عارف إن المهندس سامح حاططني في دماغه وعاوز يمشيني بأي طريقة”
” طيب يلا يا بني ابدأ اشتغل فيها و أنا ايدي على ايدك أهو نحاول ننجز فيها.. أهو حتى لو الراجل جه.. يلاقينا شغالين فيها.. ”
أخذ بدر بنصيحة العم عبده رغم أن بداخله غضب يحاول كتمه؛ لئلا يشمت به أحد خاصةً المهندس سامح.. بدأ الاثنان بالعمل في السيارة و سامح يراقبهما عن بُعد من أعلى الدرج بأعين مليئة بالشر و الغيظ من بدر..
قام بالاتصال على سُهى ليقول بتعصب
” هو الطور اللي خد فلوس عشان يعمل كده مخلهاش تتحرق كلها ليه و كنا خلصنا.. أهم بيصلحوا فيها تاني أهو.. ”
ردت بخوف
” هو فعلًا حرق المحرك الأساسي فيها، يعني حتى لو حاولوا يصلحوها مش هيعرفوا ”
” أنتم شوية أغبية.. اقفلي ”
قالها، ثم هبط لداخل القسم مُتجهًا ناحية بدر و العم عبده ليهتف مُنزعجًا
” إيه اللي بيحصل هنا يا بهوات !.. هي مش العربية دي كانت خلصت ! بتعملوا إيه تاني ؟ الراجل كلمني وهو على وصول عشان يستلمها ”
رد العم عبده بأدب
” إن شاء الله يا باشمهندس يجي يلاقيها خلصت”
وجه حديثه لبدر الذي كان يدير له ظهره، غير مُباليًا بوجوده و يعمل في تركيز، قال بغرور
” و أنت ! كنت بتعمل إيه كل ده ؟! ”
رد بدر وهو ما زال يعمل
“أنت عارف”
” أنت !! كده بسهولة لغيت باشمهندس ! أنت شكلك عاوز تتعلم الأدب من جديد ”
قالها سامح باستياء، فالتفت إليه بدر يقول بسخط منه
” المعاملة بالمثل معاك أنت بذات، عشان لو أنت شايف إني عاوز أتعلم الأدب من جديد فهتعلمه من حد محترم، مش من واحد زيك ”
” زيي !! أنت تطول تبقى زيي يا بتاع الواسطة ”
ارتسمت ضحكة ساخرة على وجه بدر، فقال وهو يعود للعمل بلا مبالاة
” كل حاجة ممكن تحصل بالواسطة إلا أنك تبقى راجل ”
تبادل جميع من بالقسم نظرات الدهشة مما قاله بدر لسامح، ليعم الضحك و السخرية بعد ذلك من جميع العاملون، مما اشتعل سامح بالغضب و الغيظ وهَمَّ بضرب بدر، فشده من ياقة قميصه، مما استدار له بدر في الحال و لثم وجهه بلكمة قوية خرجت من شدة تعصبه و استيائه من سامح هذا، فوقع الأخير على الأرض مُتألمًا أمام أعين الجميع، ليحاول النهوض وهو ينظر للدماء التي خرجت من فمه إثر اللكمة و التصقت بيده، فنظر في يده بخوف على نفسه هاتفًا بنبرة تهديد
” و الله ما هسيبك.. والله ما هسيبك.. يا ابن الـ***.. ”
عندما سمعه بدر يسبه بوالده، جن جنونه و بدأت زمام الأمور تفلت منه، فهاج و ماج عليه يود قتله، مما تدخل العم عبده سريعًا و حاول بكل قوته ابعاد هذا الثائر المجنون الذي أخذ يهتف و يقول
بغضب أعمى بصيرته
” إلا أبويا.. إلا أبويا.. هموتك.. هموتك يا سامح”
استطاع العم عبده ابعاده بصعوبة بمساعدة اثنان آخران، أما سامح نهض بتعب يحاول المام ما بقي من كرامته ليقول وهو يرفع سبابته في وجه بدر يقول بتهديد و وعيد
” ليك يوم.. مش هسيبك ”
جاء المهندس مرتضى سريعًا على صوت الشجار وهو يتساءل
” في إيـه ! .. إيه اللي بيحصل هنا بالضبط ؟! ”
نظر له سامح وهو يريه الدماء هاتفًا
” اسأل الطور اللي مشغله ”
” و لما أجي أقطع لك لسانك.. هتبقى مبسوط ! ”
هتف بها بدر هو الآخر، فقال المهندس مرتضى بهدوء
” احكي يا عم عبده.. حصل إيه لكل ده ؟ ”
قال له العم عبده ما حدث بالضبط، و أيضًا شهد معه من كان موجودًا في القسم، فالتفت مرتضى لسامح قائلًا بصرامة
” من بكره تكون موجود في فرع القاهرة ”
خرج سامح من القسم مُغاضبًا وهو يقول
” ايوه.. ما أنت اللي ركبته علينا.. و الله الشركة دي هتروح في ستين داهية بسببه.. ده واحد مبيفهمش ”
” اخرس يا سـامح و اطلع بـرا ”
هتف بها مرتضى وهو يرمقه بضيق، فرد الآخر باستهزاء
” طالع.. ما أنتم خلاص بقيتوا شركاء ”
التفت مرتضى لبدر قائلًا بأسى
” أنا بعتذر لك يا باشمهندس بدر بالنيابة عن اللي حصل ”
رد بدر بهدوء حاول جاهدًا اصطناعه
” أنت على راسي يا باشمهندس.. حصل خير ”
رن هاتف المهندس مرتضى برقم الرجل صاحب السيارة، فرد عليه و بعد لحظات وضع الهاتف في جيبه و هو يقول لبدر مُبتسمًا
” ربنا بيحبك يا باشمهندس.. صاحب العربية هيعدي ياخدها بكره عشان انهارده مش فاضي ”
ابتسم بدر بارتياح و كذلك العم عبده وهو يربت على كتفه قائلًا في مرح
” ابسط يا عم.. فُرجت.. ”
” الحمدلله.. أنا كُنت ناعي همها والله ”
_________________
” أفعال الحُب الصَغيرة في وقتها الصحيح ،
تُعادل جِبال من المَحبة .”
~~~~~~~~~~~~~~~~
وقفت ” هاجر” بداخل أحد المولات توزع بصرها على تلك السرائر الصغيرة و الجميلة التي صُنعت للأطفال الرضع و تعمل بوضعية الاهتزاز، وقع اختيارها على واحد منهم قد نال اعجابها جدًا، بينما ” زياد” يقوم بشراء بعض الألعاب من دُمى و سيارات صغيرة و ما شابه، و الابتسامة السعيدة تملأ فمه وهو يقوم بدفع المال، مُتخيلًا صغيره عندما يأت للحياة و يلعب معه بتلك الألعاب المُسلية.. جاءت هاجر وهي تقول بحُب
” هناخد السرير ده.. عاجبني أوي.. ”
” و هناخد الألعاب دي كمان ”
قالها زياد وهو يشير للألعاب التي اختارها، فقالت هاجر ضاحكة
” بس لسه بدري على اللعب.. يعني إن شاء الله لما يتولد و يعدي كام شهر و يبدأ يمسك اللعب و يلعب بيها هيكون فات كتير.. نجيبها بعدين أحسن ”
رد زياد باصرار
” معنديش مانع اشتري تاني.. بس أنا عاوز أملى أوضتها لعب.. ”
رفعت هاجر حاجبها متسائلة بتعجب
” أوضتها ! ليه مش أوضته ؟! ”
” عشان إن شاء الله هيجي بنوتة.. أنا عاوز بنت أنتِ مالك.. و بعدين أنتِ نسيتي الدعوة اللي كل واحد فينا دعاها و إحنا بنعمل العُمرة ”
تذكرت ضاحكة..
” امم.. بس أنا حاسة إن ولد.. أهو كلها اسبوعين و نعرف إن شاء الله ولد ولا بنت ”
“هتبقى بنوتة بإذن الله.. عشان لو كُنتِ حامل في ولد مناخيرك هتبقى كبيرة.. و أنتِ مناخيرك لسه صغيرة.. إذًا أنتِ حامل في بنت”
قالها بثقة وهو ينظر لها بتحدي، فهتفت بدهشة
” يا سلام ! ده مين الخارق اللي قالك المعلومة دي ؟ ”
“مش مصدقاني اسألي عماتك و أمك.. كلهم أول خلفة ليهم ولد.. تلاقي مناخيرهم كانت قد القرطاس”
” أنت بتقول إيه ! ”
قالتها بتعجب منه، ثم أخذت تضحك عليه و يشاركها في الضحك اثنان من النساء كانتا واقفتان بجانبهما، فقالت هاجر في خفوت
” امشي هتفضحنا.. الناس بتضحك علينا ”
” صدقيني أنتِ حامل في بنت ”
قالها وهما يتجهان للخارج بعد أن قاما بالتسوق في المول، فردت عليه بقلة حيلة من سخافته
“قال اللي حامل في ولد مناخيرها بتكبر.. ليه.. بينوكيو !! ”
التفت إليها يقول غامزًا
” ما تيجي نرجع أيام الخطوبة و نشرب اتنين قصب ؟ ”
” ده على أساس إننا كنا بنخرج أيام الخطوبة ! ”
” خديني على قد عقلي.. أنا مبسوط أوي بحاجات البيبي دي ”
” سلامة عقلك.. ماشي موافقة ”
” أنا هجيب عصير قصب.. أجيب لك زيي ؟ ”
أومأت بموافقة، فهي تحبه كثيرًا
” طبعًا.. ده العصير المفضل عندي ”
” اتجه الاثنان لمحل عصائر خاص بعصير القصب و بعض العصائر الأخرى، ليقول زياد بثقة
” اتنين برتقال لو سمحت ”
رمقته هاجر بدهشة هاتفة وهي تمد يدها لجبهته تتصنع تحسس حرارته
” أنت اتعديت من قُصي و لا إيه ! ”
رد ضاحكًا
” والله وحشتني غلاسته.. طول الغيبة علينا.. تلاقي خارب شرم الشيخ دلوقت.. يلا ربنا يجيبه بالسلامة ”
_____________
خير الأصحاب، إذا ضحكت لك الدُنيا لم يحسدك، و إذا عبست لك الدنيا لم يتركك .
~~~~~~~~~~~~
جاءت ” روان ” بطبق الفشار، و وضعته أمام
” رُميساء ” التي أطفأ الحزن ملامحها الجميلة تمامًا..
قالت روان وهي تقوم بتوصيل فلاشة لشاشة التلفاز؛ لتشغيل أحد أفلام الرعب عليها..
” أنتِ هتفضلي مكشرة كده ! فكيها شوية ”
تنهدت رُميساء قائلة بحزن
” ازاي و أنا حاسة إن بتعاقب على حاجة معملتهاش ”
جلست روان بجانبها، و ضمتها إليها في حنان هامسة
” و ليه متقوليش إن ربنا بيختبر مدى صبرك.. ده ابتلاء و الابتلاء محبة أو مغفرة للذنوب.. في كلتا الحالتين الابتلاء نعمة جميلة من ربنا و لازم نصبر و نكون على يقين إن آخرة المعاناة دي فرج و جبر عظيم.. رُميساء أنا جنبك.. ارمي همومك عليا و تأكدي إني هتقبلها بسعة صدر.. اتكلمي قولي كل اللي جواكِ.. حتى لو هتكون الفضفضة بالتكسير و الصوت العالي و ماله أنا موجودة هنا عشانك.. عشان أحتوي حُزنك و تعبك.. أنتِ مش مجرد صاحبة ليا.. أنتِ أكتر من أختي.. أنتِ من أهم مكاسبي في الحياة يا رُميساء ”
ضمت رُميساء نفسها إلى روان أكثر و أخذت تبكي بشدة دون أن تتفوه بشيء، فتركتها روان تُنفس عن حُزنها و غضبها و ظلت تمسح على شعرها و ظهرها مسحة الحنان، دون أن تتفوه بكلمة هي الأخرى، فإن كان البُكاء هو الطريقة الوحيدة التي سيريح قلب صديقتها، فلها ذلك.
كانت روان قد أخذت الإذن من والدها للمبيت عند رُميساء؛ لأن الأخيرة لا تستطيع الخروج من المنزل بسبب هؤلاء الحراس اللذين عينهم
” كريم” للحفاظ على فراشته و عائلتها، فراشته التي أكل الحزن وجهها فصارا ذابلًا، يبدو عليه آثار الهم و كثرة التفكير..
أزاحت روان وجه رُميساء عن كتفيها ببطء، لتقول بنبرة مرحة وهي تمسح لها دموعها
” مش أنا يا بت هدخل عش الزوجية معاكِ قريب إن شاء الله.. هو مش قريب أوي.. يعني ممكن نفضل كام سنة كده مخطوبين على ما يكون نفسه.. تكوني أنتِ بقى جبتي لك كام عيل كده يجننوا بلد.. و أبقى خالتو السُكرة ”
زفرت رُميساء مبتسمة بتعب قائلة
” المهم تكوني أخترتِ صح عشان متتعبيش طول حياتك.. باباكِ اللي جايبه لكِ ؟ ”
اتسعت ابتسامة روان، و اعتدلت في جلستها استعدادًا أن تحكي لها كل شيء..
” أنتِ فاتك نُص عمرك ”
بدأت روان في الثرثرة قاصدة من ذلك؛ التخفيف عن وِحدة رُميساء قليلًا و شعورها الدائم بالحزن و الهم الذي تحمله في قلبها، مرت دقائق و روان مستمرة في السرد و المط و اختراع الدعابات على نفسها و على عائشة من حين لآخر، بينما رُميساء قد بدأت بالفعل في الاندماج معها، و بدأت ردات فعلها و تعابير وجهها مضحكة هي الأخرى عندما تقول روان شيء مضحك و هزلي، لتهتف الأخيرة وهي تأخذ نفسًا عميق
” بس يا ستي.. و مستنياه يعمل العملية إن شاء الله و يرجع بالسلامة عشان يقابل بابا.. ”
ضحكت رُميساء بسعادة للفرحة الناطقة في أعين روان، لتقول
” ياه.. سبحان الله.. مفيش حاجة اسمها صدفة.. كله مقدر و مكتوب.. كنت حاسة إن سيف هيبقى من نصيبك إن شاء الله.. أنا فرحت لك أوي يا روان.. أنتم أصلًا لايقين على بعض.. و أنتِ مكنتيش هتعرفي تعيشي مع غيره لأن قلبك معاه.. يارب يتمم لكم على خير و تعيشي في سعادة معاه ”
هتفت روان وهي تعانق رُميساء بقوة
” يارب يا رُميساء.. أنا بحبه أوي ”
” اهدي يا مدلوقة هتموتيني ”
ابتعدت روان عنها ضاحكة لتقول غامزة
” و أنتِ ربنا رزقك بواحد بيعشقك و بيخاف عليكِ من الهوا الطاير لدرجة جايب لك حراس مسلحين و راشقهم قدام البيت.. يا بت بطلي تفكير و حزن بقى.. كريم مستعد يعمل أي حاجة عشانك ”
قالت في حزن
” أنا عارفة إن كريم بيحبني و معنديش شك في كده.. بس عندي إحساس إن الحُب ده مش هيدوم.. كريم تصرفاته غريبة.. و عنده حُب تملك مش عادي.. ساعات بخاف من حبه و ساعات بحب الطريقة اللي بيحبني بيها.. أنا مبقتش فاهمة نفسي ولا عارفة أنا عاوزة إيه.. حاسة إني في دوامة كبيرة ملهاش مخرج.. حاسة إن تايهة في طريقة مفيهوش نور.. اللي زاد و غطى حمايا اللي مستعد يفرق بينا بأي طريقة.. أنا بحب كريم بس خايفة علاقتنا تفشل.. هتعب أوي يا روان.. ده أول حُب في حياتي و كريم أول راجل أحبه.. خايفة يكون الحُب ده سبب عذابي.. مش قادرة أتخيل حياتي من غيره.. و في نفس الوقت خايفة منه.. حتى القلادة مبقتش تشتغل.. من ساعة آخر مرة شفته فيها و أنا مش عارفه أوصل له أو أتواصل بيه حتى.. خايفة عليه و خايفة منه و خايفة من نفسي و خايفة من الأيام.. و حاسة إن أنفاسي بقت معدودة بسبب خوفي ده.. ”
تشارك قلب روان الرقيق مع حُزن صديقتها و دموعها التي لا تستطيع التحكم في ايقافها، فبكت هي الأخرى ولكن سيطرت على نفسها و مسحت دموعها قائلة بنبرة متفائلة
” رُميساء.. أنتِ مش ضعيفة عشان تخافي.. ربنا بيحب المؤمن القوي.. اللي بيرمي همومه على ربه و يقول فوضت أمري إليك و توكلت عليك يا رب.. بلاش تشاؤم.. ربنا عند حُسن ظن العبد بيه.. أنا عارفة إنك فاهمة الكلام ده كويس بس لازم أقوله لك في الوقت ده بالذات عشان تقدري تسيطري على خوفك و ضعفك و تقوي عزيمتك و أملك بالله.. لازم تصلبي طولك و تواجهي.. واجهي يا رُميساء.. واجهي خوفك بالأمل.. واجهي حُزنك بالتفاؤل.. واجهي ضعفك بقوة الإيمان.. أنتِ مش لوحدك في الدنيا.. أنا جنبك ضهرك و سندك و معاكِ لحد ما ترجعي رُميساء القوية اللي أملها في ربها كبير.. ”
” عاوزه أشوف كريم.. كريم واحشني يا روان ”
قالتها رُميساء وهي ترتمي بين ذراعي روان و تبكي بحرارة، فقالت روان في تفكير
” هتشوفيه يا رُميساء.. هتشوفيه ”
_________________
من لديه والد حنون، يعرف جيدًا معنى الحُب و يُعلمه أيضًا.
~~~~~~~~~~~~
بعد أن خرج مُجاهد و أُبَيِّ من الممر السري، بدا على وجه مجاهد الندم و الحزن ليقول بصوت مفعم بالأسف الشديد
” أُبَيِّ.. أنا هسافر بكره.. هتصل أحجز أول طيارة طالعة للندن ”
تأمله أُبَيِّ بتعجب مُتسائلًا
” لندن ! اشمعنا لندن.. يا.. يا بابا ؟ ”
” عشان هناك أعرف ناس يقدروا يساعدوني أوصل لقُصي ”
” هو..هو قُصي فين..فين بالضبط ؟ ”
تساءل أُبَيِّ وهو ينظر لوالده في شك، فقال الآخر بنظرات تهرب
” يمكن عزمي بعته لمهمة صعبة شوية ”
” طيب.. ليه.. ليه بيقول مكانه.. مش.. مش في مصر ؟! ”
زفر مجاهد بضيق من أسئلة أُبَيِّ، و حاول التهرب منها لكن نظرات ابنه تلاحقه باستمرار، وهو لا يود أن يعلم أُبَيِّ بخفايا الأمور؛ حتى لا يكون عرضة للحاق به هو الآخر.. قال مُجاهد بادعاء
” عشان قُصي ذكي و دماغه عاجبه البلد.. يقصد أنه بقى ملك الدولة و مهماته أكترها هتكون برا مصر.. ”
” طيب.. طالما.. حـ.. حضرتك.. عا.. عارف.. إنه في.. في مهمة زي.. زي كل مرة.. ليه خـ.. خايف المرة دي ؟! ”
أخذ مُجاهد نفسًا عميق ليهتف باستياء
” دي تعتبر أخطر مهمة.. عشان كده أنا خايف عليه يحصل له حاجة.. و كفاية أسئلة بقى لو سمحت يا أُبَيِّ.. أنا فيا اللي مكفيني ”
ربت أُبَيِّ على يد والده قائلًا باحتواء
” أنا.. أنا آسف يا.. يا بابا.. بس.. بس أنا كمان.. خـ.. خايف.. على.. على أخويا ”
” متخافش.. أنا هسافر إن شاء الله و أجيبه صاج سليم ”
_____________
بعد انتهاء دوام العمل في شركة مُرتضى، ذهب بدر ليحدثه في أمر ما يخص العائلة..
طرق باب المكتب في هدوء، فسمع صوت مرتضى من الداخل يسمح له بالدخول.. دلف بدر باسمًا فبادله مرتضى الابتسامة متسائلًا
” اتفضل يا باشمهندس ”
قال بدر في استعجال، فهو يود اللحاق بزوجته و والدته في السوق، فقد اتصلت عليه عائشة منذ قليل و أخبرته أنها ذاهبة لشراء بعض الأغراض مع والدته، فأراد أن يقابلهما ليعودوا للبيت سويًا..
” العربية بقت تمام الحمدلله و جاهزة للتسليم في أي وقت.. ”
” تسلم ايدك يا هندسة ”
” ربنا يعزك يا باشمهندس.. كنت عاوز أطلب من حضرتك طلب تقيل شوية ”
اعتدل مرتضى مكانه ليستمع لبدر باهتمام، فقال الأخير في احراج
” كنت عاوز أسبوع اجازة عشان مسافر مع أخويا يعمل عملية في أمريكا ”
هتف مرتضى في دهشة
” خير.. سيف ماله ؟! ”
” كله خير الحمدلله.. سيف كانت حصلت له حادثة أدت لإصابته بشلل نصفي، و لما توفرت فلوس العملية جهزت له الورق عشان ميعاد السفر بكره بإذن الله.. ”
” لا حول و لا قوة إلا بالله ”
قالها الرجل بتأثر حقيقي، ثم تساءل
” دي بسبب إيه الحادثة دي ؟ ”
رفت عين بدر و قال بادعاء
” حادثة عربية جامدة شوية..”
” سيف اللي كان سايق ؟ ”
” للأسف.. أصل سيف متهور في السواقة.. يلا قدر الله و ما شاء فعل ”
” لا حول ولاقوة إلا بالله.. طيب أنا عاوز أطلب منك طلب يا بدر بما أنك بتعتبرني زي والدك ”
قالها مرتضى بتفكير، فرد بدر باسمًا وهو يختلس النظرات لساعته
” أكيد.. اتفضل يا باشمهندس ”
” أنا عاوز اتكفل بكل مصاريف العملية ”
رفع بدر حاجبه في دهشة هاتفًا
” ده ازاي يعني !! ”
” أنا أفهمك.. أنا بفضل الله من قبل ما ربنا يوسعها عليا و أنا بحب اتصدق و بالذات على القريب قبل الغريب.. و لما ربنا أكرمني و وسع رزقي.. بقيت أطلع ناس مش مقتدرة عُمرة على حسابي أو أعمل لحد عملية أو أستر بنات يتيمة.. و أنت و أخوك زي عيالي.. و اوعى تفتكر إن بعمل كده عشان أرد الجميل.. لا يابني أنا بعمل كده عشاني أنا.. عشان ربنا يبارك في مالي و يزود حسناتي و يغفر لي ذنوبي.. الرسول عليه الصلاة والسلام قال أنا و كافل اليتيم في الجنة.. أنت آه كنت أب صالح لأخوك بس أنا عاوز أكسب الثواب.. لو أبوك الله يرحمه غالي عليك بصحيح توافق أنا اللي اتكفل بمصاريف العملية و السفر.. متحرمنيش من الثواب العظيم ده يابني.. ”
تنهد بدر ليقول بعد تفكير
” أنت على راسي و الله يا باشمهندس بس عمامي هما اللي هيتكفلوا بالعملية ”
” اعتبرني عمك بلاش أبوك.. و خليني أنا اللي أخد الثواب ده.. بالله عليك يا بدر ”
مع توسل و الحاح مُرتضى الشديد على بدر، وافق أخيرًا بشرط أن يكون الأمر سرًا بينهما، و سيكون هو المتكفل بكل شيء بدلًا من أعمامه..
خرج بدر من مكتب مرتضى، و في طريقه يمر على مكتب سامح، عندما وطأ قدمه أمام باب سامح، سمعه يتحدث بعصبية بالغة
” يعني إيه حامل ! هو أنا مش قلت لك تاخدي احتياطاتك ؟؟ اللي في بطنك ده لازم ينزل ”
تجاهل بدر ما سمعه؛ ظنًا أنه يتحدث مع زوجته ولا يريد أطفال الآن..
خرج من الشركة يفكر فيما قاله المهندس مُرتضى، فبالرغم من أن أعمامه سيوفرون المال اللازم للعملية؛ إلا أنه في أشد الحرج من أخذ مليم واحد منهم، فهو طيلة حياته لما يأخذ منهما جُنيهًا واحدًا، و اعتمد على ورشة والده في سد احتياجات أخوته و بيتهم، و إذا تكفلوا بالعملية سيظل مدين لهم طوال عمره، و لكن المهندس مرتضى جاء في الوقت الصحيح لينقذه من كل هذا، فعلى الأقل هو متبرع و فاعل خير و أحيانًا تكون مساعدة الغريب أفضل من القريب بمراحل.
_____________
لا تقاس العقول بالأعمار، فكّم من صغير عقله بارع، و كم من كبير عقله فارغ.
~~~~~~~~~~~~~~
جاء اليوم الموعود، و قام كل شخص في الكتيبة بتجهيز نفسه و ما يخصه من معدات، ارتدوا جميعًا البدلات الواقية من الرصاص و قاموا بتأمين أسلحتهم، ثم استعدوا جميعًا لصلاة الفجر قبل الخروج من الفندق و الاتجاه لجبل طريق الموت..
كان ” إياد” هو إمامهم في الصلاة، و على الجانب الآخر ارتدت الفتيات الثلاثة الحجاب و ملابس فضفاضة للصلاة، فهن لسن محجبات و لكن شمس من أنقذت الوضع، فهي عند السفر تجلب ملابس الصلاة و مصحف و سجادة معها..
انتهت الكتيبة F e 17 من تأدية فريضة الفجر داعين الله أن ينصرهم و يردهم سالمين أو يتقبلهم شهداء..
قال كريم في حزم
” كل واحد يتأكد من جهاز التواصل اللاسلكي بتاعه ”
كان قُصي يفكر بشدة في المجهول الذي أرسل له تلك الرسالة الغريبة و التي تحتوي على ثلاثة أرقام مكونة من العدد ستة بالانجليزي، فبرغم بحثه الوفير عن ذلك الرقم و ما يخصه، إلا أن السؤال يبقى هنا، من الذي أرسل له تلك الرسالة و ما القصد من ارسال ذلك الرقم ؟
لم يكن قد أخبر أحد من أفراد الكتيبة بعد بتلك الرسالة، فقال عندما تجمعوا جميعًا منتظرين الطائرة الخاصة التي ستنقلهم بواسطة الرجال ذو البدلات السوداء اللذين كانوا في انتظارهم عند وصولهم..
” أنا جات لي رسالة امبارح و إحنا بنتغدا.. من مجهول.. مكتوب فيها رقم ستة بالانجليزي و متكرر ثلاث مرات ”
تساءل رحيم في استغراب
” رقم ستة ! اشمعنا ؟ ”
” أكيد ده ملعوب من حد عرف مكاننا ”
قالتها شمس، فرد قُصي ساخرًا
” الموضوع طلع أكبر مننا كلنا.. ”
تساءلت نيرة في حيرة
” يعني إيه ؟ ”
سحب قُصي نفسًا عميق ثم قال
” الرقم ده بيشير لاعتقاد عندهم إنه بيرمز للشر اللي المسيح الدجال هينشره لما يظهر.. أنا دماغي تاهت مني و مبقتش فاهم حاجة يا جماعة.. أنا بقول نطلع ننقذ الرهائن و نشوف بعد كده هنعمل إيه.. ”
جاءت الطائرة المخصصة لنقل الكتيبة لجبل طريق الموت، و بعد نصف ساعة هبطت الطائرة بجانب أحد الجبال القريبة من الجبل الذي يحوي كهف يعود لممارسة الطقوس الخاص بهم..
توزعوا في أماكنهم بتريث و انتباه.. عند حافة الجبل يتواجد كريم و الضابطة نيرة و عند المدخل من الجانب، يتخفى في الصخور رحيم و ضابطان آخران، أما إبراهيم و إياد تمركز مكانهما عند فتحة سرية تؤدي لداخل الكهف من اتجاه آخر، بينما شمس ظلت في الطائرة مع بعض رجال البدلات السوداء، أما قُصي و منة كانا على أهبة الاستعداد للدخول للكهف و الاندماج معهم..
اقترب قُصي هامسًا لمنة بأسف
” متزعليش مني على اللي قولته امبارح ”
نظرت له بلا مبالاة قائلة
” كلامك مفرقش معايا أصلًا ”
” صدقي أنا غلطان ”
قالها وهو يرمقها بغيظ، فضحكت ساخرة و قالت
” اخبط دماغك في الحيطة.. خلينا في اللي إحنا فيه دلوقت.. ”
” البسي ده ”
قالها ببرود، وهو يعطي لها معطف أحمر طويل، تساءلت وهي ترتديه
” إيه ده ؟ ”
” البسي و أنتِ ساكتة ”
تمتم فمها بتعصب
” لبسك عفريت يا شيخ ”
” العفريت مُسلي عنك ”
أتاهم صوت كريم عبر الجهاز اللاسلكي يقول
” ما تخلصوا يا جدعان.. أنتم هتفضلوا ناقر و نقير كده ! ”
” رامي ودنك معانا ليه يا كرملة ”
قالها قُصي ضاحكًا وهو يرتدي المعطف الأحمر الذي يصل للأرض، ثم غطى شعر به، فلم تظهر له ملامح و كذلك منة..
دخلا الكهف، ليخرج قُصي عند بوابة الكهف شيء يشبع الكارت به باركود خاص بالحضور فقط، كان قد استطاع تزويره بواسطة خبراء التكنولوجيا معهم.. أظهر الباركود الخاص به و بمنة، فسمحوا له بالدخول على الفور
همس قُصي ساخرًا من خلف المعطف
” سهل الواحد يخدعكم برضوا ”
بعد لحظات تشكل جميع من بالكهف مِن المعاطف الحمراء في دائرة كبيرة حول دائرة متوسطة الحجم وبها نجمة و بعض الرسومات الأخرى الغير مفهومة، و أخذوا يرددون بعض الأشياء الغريبة، و قُصي و منة في اندماج معهم.. منة تحاول تقليد ما يقولونه و قُصي يهمس في خفوت
” يهدكم ربنا يا بُعدا ”
ثم بعد ذلك قاموا بإضاءة مئات الشموع الملتفة حولهم، و جلسوا في دائرة على الأرض واضعين أيديهم في أيد بعض، مسك قُصي يد منة الصغيرة ليقول باستخفاف
” ده إيد عيل لسه مولود ”
” اتكتم بقى ولا عاوزهم يمسكونا ”
” و ربنا لو شتمتي تاني ما يهمني حد و ها خليهم يعملوا الطقوس عليكِ أنتِ ”
قالها بوعيد وهو يشد على كفها، فقامت بالجز على أسنانها هامسة
” صبرك عليا لما نطلع بس ”
توقفت الطقوس و نهضوا جميعًا، ليخرج واحد منهم ويبدوا أنه زعيمهم يقول بلكنته
” الليلة سينفذ الوعيد و نفعل ما يُريد ليعم السلام من جديد ”
” السلام ده الموقف اللي أمك بتركب منه ”
قالها قُصي في همس، فضحكت منة في خفوت، مما اقترب منها قُصي قائلًا
” أول مرة أسمع ضحكتك.. علفكرة ضحكتك حلوة ”
” خليك في حالك ”
” هتتحولي لتلاجة من كتر برود دمك ”
عاد الرجل يقول من جديد
” فلنستعد جميعًا للاحتفال ”
خلعوا جميعهم المعاطف، و بدأت أصوات الموسيقى تعلو، و الفاحشة تُفعل على مرأى و مسمع..
تساءلت منة بفضول
” هي إيه اللغة اللي الراجل اتكلم بيها دي ؟ ”
” لغة أهل البلد بوليفيا.. من حسن حظنا إن بعرف أتكلمها و إلا كنا زماننا قاعدين زي الأطرش في الزفة ”
” ماشي يا أطرش.. هنعمل إيه دلوقت ؟ ”
” ما تحترمي نفسك يا بت أنتِ ”
” أنا فعلًا مش محترمة إن قبلت أدخل معاك والله ”
قالتها وعينيها تقع على رجلان يمارسان الشذوذ أمام الجميع، و نساء عاريات يتمايلن بجرأة و وقاحة و آخرون يكثرون على شرب مختلف المخدرات و الخمور..
أخفت منة عيناها بيدها هاتفة
” استغفر الله العظيم يارب ”
” أنتِ بتعملي إيه.. هيشكوا فينا يا غبية ”
قالها قُصي وهو ينزل يدها، ثم سحبها ليراقصها بطريقة مضحكة رغمًا عنها..
قالت في دهشة
” أنت بتعمل إيه ! ”
” مينفعش نفضل واقفين كده.. مش عاوزين نلفت انتباه حد.. ولو كل سيبتك لوحدك ميه في الميه لازم يطلع منك فجور زي الناس دي و إلا هيشكوا فيكِ.. ”
” أنت إيه الوشم اللي راسمه على رقبتك و دراعك ده ؟! ”
” ده مش وشم دي حاجات مزيفة بس بتشبه وشومهم.. أنا مش عاوز واحد بس يشك فينا.. فاهمة ! ”
مرت عليهما دقائق ثقيلة وهما يحاولان الاندماج بأي حركات جنونية معهم، ليقول قُصي بانتباه
” فتحي عينك كويس عليهم.. بعد ما الفُجر اللي بيعملوه ده يخلص المفروض فيه جزء تاني من الطقوس وهي الطقوس الأخيرة للاحتفال و بيقدموا فيه القرابين الأربعة.. لازم نبدأ نتسحب خطوة خطوة لحد ما ننفصل عنهم ونبدأ ندور على الرهائن في مداخل الكهف.. ”
أشارت له بعينيها على شخص قادم من خلفه يتأمل جسد قُصي و عضلاته بشهوة
” الحق اللي جاي من وراك ”
نظر وراءه بعفوية، ليجد رجل في الخمسون من عمره تقريبًا يتحسس عضلات جسده بشغف قائلًا
” لم أرى أروع من ذلك في حياتي ”
ابتلع قُصي ريقه بصعوبة، بينما منة كتمت ضحكتها.. تساءل الرجل وهو يلامس شعر قُصي
” ما اسمك يا فتى ؟ ”
تحدث قُصي بنفس لكنته قائلًا بصعوبة من الموقف الذي وُضع فيه
” محسوبك سي لوسي “
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية يناديها عائش)
رائع
جميله جدا
افضل روايه
حبيت
ممتتازه
روعه
جميله
عظيمه
حلوه
تحفه
طرش
تحفه
روعههه
طرشش
حلوة
جميلة