روايات

رواية ليل يا عين الفصل الخامس عشر 15 بقلم رضوى جاويش

رواية ليل يا عين الفصل الخامس عشر 15 بقلم رضوى جاويش

رواية ليل يا عين البارت الخامس عشر

رواية ليل يا عين الجزء الخامس عشر

ليل يا عين
ليل يا عين

رواية ليل يا عين الحلقة الخامسة عشر

١٥- ليل يا عين

انتفضت متطلعة لسقف غرفتها تلتقط أنفاسها في تتابع .. إن ذاك الحلم العجيب الذي تكرر عدة مرات لا يريد أن يفارقها ..
لقد اضناها شوقها إلى لقياه وهي تدرك أن ذاك أضحى دربا من مستحيل .. لقد رحل بلا رجعة ..
وربما ما تره بأحلامها ما هو إلا ترجمة لهذا الشوق الطاغي لمحياه ..
سال الدمع على جانبي وجهها وهي تهمس باسمه في لوعة.. كانت تعلم أن اجتماعهما لم يكن مقبولا فكيف لها أن تلق بقلبها بين كفي رجل كهذا .. أين ذهب تعقلها لتقع في هوى مجرم !؟.. وهل لو كان على قيد الحياة كانت ستقبل أن تقترن به ويكون أبا لأولادها ..!؟.. ذاك يعد ضربا من جنون، بل أنه الجنون بعينه .. لقد حُكم على اجتماعهما بالإعدام..
إذن فلما لا يتركها طيفه تهنأ في وحدتها أو تنل قسطا وافرا من النوم دون أن يزورها مؤرقا إياها!؟..
تنهدت في وجع وهي تنهض في تثاقل حتى تجهز نفسها لحضور المزاد الذي سيباع فيه المصنع اليوم .. واعتذرت لصورة أبيها من جديد ودمعها يسيل على ضياع أحلامها واحدا تلو الآخر ..
***************
لم يكن هينا عليها أو على نجوى حضور المزاد العلني الخاص ببيع المصنع .. لكنها ضغطت على نفسها عندما قررت الحضور ونجوى بصحبتها، حتى أن هشام أصر على التواجد حتى لا يكونا وحيدتين في ظرف كهذا ..
جلست عين في الصف الأول وبجوارها نجوى وخطيبها هشام في انتظار بدء المزاد عندما يكتمل باقي الحضور الذين بدأوا في الظهور فرادى ومجموعات ..
مر بعض الوقت حتى ضرب القائم بالمزاد على طاولة أمامه لينتبه الجميع لبدء المزاد ويلتزم كل مكانه ..
بدأ المسؤل بوضع سعر مبدأي للمصنع ليبدأ شخص من هنا وشخص من هناك في المزايدة ..
كانت ضربات قلب عين الحياة تصل لزروتها مع كل هتاف يصل عبر أنحاء القاعة فكل جنيه زيادة عن ديونهما المستحقة الدفع سيكون كل ما تبقى لهن من ثروة أبيهم ..
توقف الهتاف بالأرقام التي كانت تتقاذف من أفواه المتنافسين على الشراء ما دفع القائم بالمزاد على التساؤل :- مين يزود !؟.. لسه بدري يا جماعة .. ده إحنا لسه بنقول يا هادي ..
هتف أحدهم على مضض بمبلغ أعلى قليلا وصمت، ليعيد القائم ندائه من جديد :- هاااا .. مين يزود ..ألاأونه .. ألادوي .. ألا..
هتف صوت جهوري من الخلف بمبلغ فاق آخر رقم بمراحل ..
تطلع الجميع لذاك الذي دخل القاعة متأخرا يرتدي نظارته الشمسية التي تحجب معالم وجهه ويتكئ على عصا ابنوسية لعجز ما بإحدى قدميه ..
تهامس الجمع عن كينونة الرجل الذي تقدم في هوادة نظرا لإصابة قدمه، وما أن اقترب من موضع وجود ثلاثتهم بالصف الأول حتى انتفض هشام هامسا في نبرة متعجبة مخلوطة بسعادة :- سيادة الرائد غيث الجبالي !؟..
تنبهت عين لذاك الرجل الذي ما أن اقترب حتى تحرك شيء ما داخلها .. لكنها تجاهلته وكل ما كان يشغل فكرها ساعتها أن ذاك المبلغ الذي عرضه مقابلا للمصنع سيكون أكثر من كافِ لسداد الديون والعيش في بحبوحة دون قلق .. وتطلعت إلى هشام متسائلة في استغراب :- هو أنت تعرف ده مين يا هشام !؟..
تطلع إليها هشام مازحا :- طبعا أعرفه ..
وغمز بعينه في شقاوة :- وأنتِ كمان تعرفيه ..
استدار غيث لموضع ثلاثتهم والرجل المسؤل عن المزاد قد أكد هاتفا أن المصنع أصبح من حق المدعو غيث الجبالي ..
شهقت عين في صدمة كادت أن تفقدها وعيها .. لا يمكن أن يكون ما تره اللحظة حقيقيا .. إنه هو .. تغير بعض الشيء .. اختفت اللحية والعمامة الصعيدية .. واُستبدل الجلباب بملابس عصرية .. بنطال من الجينز وسترة جلدية .. وعلى الرغم من أن نظارته الشمسية أخفت عنها عينيه السمراوتين إلا أنها ايقنت أنه يتطلع إليها اللحظة من خلف زجاجها المعتم، فقد استشعرت حرارة جسدها تعلو في اضطراب كبلها حتى عن النهوض لملاقاته بعد أن خلت القاعة برحيل من كانوا يتأملون في شراء المصنع ..
اندفع هشام مهللا في فرحة تجاه غيث :- حمدا لله على سلامة حضرتك يا فندم .. شرفت ..
ابتسم غيث في مودة رابتا على كتف هشام هاتفا:- الله يسلمك يا هشام ..
واستطرد مازحا :- إيه رأيك !؟.. جيت ف الوقت المناسب زي ما بيحصل ف الأفلام .. صح !؟..
قهقه هشام مؤكدا :- دايما مواعيد سعادتك مظبوطة بالثانية ..
هتفت نجوى متعجبة :- هو فيه ايه !؟.. ما حد يفهمنا اللي بيحصل !؟..
قهقه هشام واتسعت ابتسامة غيث أمرا إياه :- بقولك إيه !؟.. خد خطيبتك وفهمها بالراحة عشان أنا ورايا مهمة تانية .. ياللاه انصراف ..
ارتفعت ضحكات هشام وأدى التحية العسكرية في عجالة جاذبا نجوى خلفه راحلين خارج القاعة ..
كانت عين لا تزل على ذهولها تتطلع لما كان يحدث ولا تستطيع التفاعل معه أو حتى استيعابه ..
نظراتها معلقة بذاك الرجل الذي يقترب منها اللحظة حتى جلس جوارها هامسا في مشاكسة وهو يخلع عنه نظارته الشمسية :- أديني خلعت النضارة يمكن تعرفينى ..
تطلعت لعمق عينيه السمراء التي دوما ما خلبت لبها وهمست بصوت متحشرج تأثرا لا تصدق أنه أمامها حيّا يرزق :- ليل !؟.. ليل الجارحي !؟..
ابتسم في محبة متطلعا إليها في عشق هامسا :- غيث الچبالي .. الرائد غيث الچبالي .. يا داكتورة..
وغمز بعينه هامسا :- اهاا كلمتك صعيدي يمكن كِده تصدجي إني ليل ..
وهمس بصوت أبح :- أيوه ليل يا عين ..
دمعت عيناها حينما بدأت تستوعب الأمر ليهمس متطلعا إليها في شوق :- أنا جيت مخصوص عشان أعرفك ايه هو الاختيار التالت على فكرة ..
وقهقه ساخرا :- بزمتك حد يختار حاجة هو مش عارفها !؟..
همست وقد استعادت بعض ثباتها :- مكنتش عايزة أموت ومكنتش هعرف أبلغ عنك .. يبقى أكيد الاختيار التالت أرحم حتى ولو معرفوش.
همس مشاكسا وهو يقترب منها :- من ناحية أرحم فمعتقدش إن فيه أي رحمة ..
تطلعت إليه مستفسرة في اضطراب، ليهمس في عبث :- لو جوازك مني رحمة .. يبقى أنتِ موهومة بجد ..
شهقت فاغرة فاها، ليقهقه مؤكدا :- ايوه .. هتجوزك يا عين الحياة .. وأنتِ اللي اختارتي..
همست بتلبك وهي تهم بالنهوض راحلة :- أنا لازم أمشي .. ومبروك عليك المصنع ..
أمسك بذراعها يدفعها للجلوس من جديد :- أنا مش هقدر أقوم أجري وراكِ .. راعي شيبتي ووجع رجلي واقعدي اسمعيني ..
جلست مرة أخرى على مقعدها جواره هامسة في تساؤل :- إيه اللي حصل لرجلك !؟..
أكد مبتسما :- حاجة بسيطة الحمد لله .. إصابة أثناء العملية الأخيرة .. عملية ليل الجارحي .. ده يا ستي مهرب آثار كان مدوخنا وراه .. لكن بفضل الله قدرنا نوقعه ونكتم ع الخبر .. ليل محدش كان يعرفه ولا شاف شكله شخصيا .. فكانت فرصة إن حد يتنكر مكانه عشان نوقع كل الشبكة اللى كان بيتعامل معاها .. ووقع الاختيار على العبد لله .. أولا لاني صعيدي الأصل متشرب اللهجة الصعيدية من الوالد اللي كان من أعيان مدينة دراو بأسوان، وكنت مخالط أهل النوبة طول عمري وأعرف لهجتهم لأن اللى ربتني بعد أمي الله يرحمها كانت الخالة زينة أم جابر ..
هتفت مقاطعة في تعجب :- جابر !؟.. هو كان معاك ف العملية كمان ..!؟..
أكد وقد اتسعت ابتسامته :- أكيد طبعا وساعدني كتير جداااا ..
واستطرد وهو يميل نحوها قليلا هامسا في محبة :- كل حاجة كانت ماشية عال لحد ما ظهرتي.. ضيعتي عليا تعب شهور ومش بس كده .. لا وإصابة كنت هروح فيها ..
نكست رأسها هامسة :- كنت بحاول انقذ أختي .. مكنتش أنت المقصود ولا كنت عايزة أعرفك من أساسه ..
ورفعت رأسها متطلعة اليه هامسة في وجد :- لكن ساعتها استغربت بجد .. ليه واحد زيك يقف ياخد رصاصة بدل واحدة ميعرفهاش!؟..
همس غيث مؤكدا :- عشان دي وظيفتي إني احمي أي حد ف خطر ..
واستطرد في رقة :- بس كانت أجمل رصاصة خدتها ف حياتي .. أول ما فتحت عيني عليكِ وأنتِ بتعالجيني حسّيت إحساس غريب وأنتِ قصادي عمري ما حسيته قبل كده .. كان ممكن أدبر مع جابر طريقة تبعدك عن مكانا .. لكن كنت بتحجج إنك ممكن توقعي ف ايد حداد فالأحسن إنك تفضلي تحت عيني .. عين .. أنا بحبك وعايز اتجوزك .. والمصنع ده مهرك .. من أول ما اعترفت لنفسي إني عاشقك وعرفت أد إيه المصنع ده يهمك قلت هايبقى مهرك باإذن الله .. هااا .. تقبلي ..
كانت ضربات قلبها قد تجاوزت سرعتها المفترضة حتى أنها شعرت أن خفقات فؤادها قد أصبحت تقف بحلقها تمنعها من الإجابة ..
فركت كفيها في حياء وهمست أخيرا :- وأنا هتجوز مين .. ليل الجارحي ولا غيث الجبالي !؟..
همس مشاغبا :- الاتنين واحد طلعي عينهم زي ما أنتِ عايزة .. المهم إنك تقبلي تكوني ف حياتي ..
قهقهت في سعادة، وأخيرا همست وهي تهز رأسها في إيجاب :- أقبل يا ليل .. أقصد يا غيث ..
لتتسع ابتسامته وقد ادرك أنه نال ما كان يرغب منذ وقعت عيناه عليها ..

***************

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ليل يا عين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *