روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الرابع والخمسون 54 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الرابع والخمسون 54 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الرابع والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الرابع والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الرابعة والخمسون

ألا إنّما الإخْو’انُ عِنْدَ الحَقائِق
ولا خيرَ في ودِّ الصديقِ المُماذِقِ
لَعَمْرُكَ ما شيءٌ مِنَ العَيشِ كلّهِ
أقرَّ لعيني من صديقٍ موافقِ
وكلُّ صديقٍ ليسَ في اللهِ ودُّهُ
فإنّي بهِ، في وُدّهِ، غَيرُ وَاثِقِ
أُحِبُّ أخاً في اللّهِ ما صَحّ دينُهُ
وَأُفْرِشُهُ ما يَشتَهي مِنْ خَلائِقِ
وَأرْغَبُ عَمّا فيهِ ذُ’لُّ دَنِيّةٍ،
وأعلم أنّ اللّهَ، ما عِشتُ،
رَازِقي صَفيَّ، منَ الإخو’انِ،
كُلُّ مُوافِقٍ صبورٍ على ما نابَهُ من بوائِقِ
وشـ. ـر الأخلاء من لم يزل يعا’تب طورا وطورا
يذم يريك النصيحة عند اللقاء
ويبريك في السر بري القلم
_أبي العتاهية
________________________
<“وو’لِدَ ليأ’خذ الصـ ـفعات مِن الجميع ووجب عليه الطا’عة إليهم”>
في بعض الأوقات يكمُـ ـن شـ ـر المرء نحو الآخر في الخفا’ء وتظهر نو’اياه الحسنة وحُبّه الز’ائف إليه، شخصٌ مخا’دعٌ وما’كرٌ عا’ش بينهم وأكل معهم وشرب معهم كذلك وعَلِمَ أسرارهم أجمع ونقا’ط ضعـ ـفهم ليأتي هو في ليلةٍ وضـ ـحاها يستغـ ـل كل ذلك لصالحهِ هو، طـ ـعنهم غد’رًا في ظُهورهم ونز’ع وجه البر’اءةِ ذاك ليظهر إليهم معد’نه الأصلـ ـي وحـ ـقده الكا’من إليهم بدا’خله.
نهض “شـهاب” ورافقته “مَريْم” التي تمسكت في ذراعه لا تفهم ما يحدث حولها ولَكِنّ حديث هذا الـ “جـمال” قد آ’لم قلبها بشـ ـدة فحينما تلقـ ـت أذنيها تلك الكلمات السا’مة قشـ ـعر بد’نها وآ’لمها قلبها وتشـ ـتت عقلها وتها’وىٰ جـ ـسدها، فيما شعر هو بها بالتأكيد ولذلك شـ ـدد مِن قبـ ـضة كفه الذي كان يحتضن كفها حتى تتما’سك فلَم يكُن يعلم أن يأتي “جـمال” ويُفسـ ـد متعـ ـته هكذا.
_هو أنتَ اللي سَلَّـ ـط عليا رجا’لة يوميها عشان يقتـ ـلوني؟ يعني مكانش “شـريف” هو اللي عاملها؟.
_أيوه يا … ضـ ـرير، أنا السـ ـبب ومش ند’مان نها’ئي أنتَ تستا’هلها واللهِ، وقريب أوي الحبايب هتنول مِن الحُبّ جانب برضوا متقـ ـلقش.
مر’يضٌ نفسـ ـي ووجب معا’لجة مر’ضه بالتأكيد، نفـ ـسه الأما’رة بالسو’ء هي كذلك الدا’فع الأكبر لِمَ هو عليه الآن هي نفـ ـسه، فيما كانت “مَريْم” لا تصدق ما تسمعه وتراه بعينيها لَم تكُن تتو’قع أن ترى تلك القسـ ـوة والحـ ـقد، ألتمـ ـعت عينيها بعبراتها وتأ’لم قلبها فأمثالها لَم يعتادوا على القسـ ـوة والشـ ـر، بل تربىٰ على الخير والعطاء والحُبّ كذلك، وجهت بصرها إلى زوجها الذي كان لا حول بهِ ولا قوة.
أدمعت عينيها وشـ ـددت مِن قبـ ـضتها على كفه لتقول بنبرةٍ خا’فتة تد’عم نفسه التي تها’وت وسقـ ـطت كما الر’يشة على سطـ ـح الأرض تد’هسها الأقد’ام:
_”شـهاب”، أنتَ كويس، أنتَ كويس طمني يا حبيبي إيه اللي حصلك.
أختـ ـل تو’ازن جسـ ـده وأصا’ب الد’وار رأ’سه لتشهـ ـق هي بخفةٍ وتقوم بإسنا’ده ودعم ثقـ ـل جسـ ـده، أجلسته على المقعد مِن جديد وهي تحاول موا’ساته بعد أن رأت تبعـ ـثر قو’ته وثبا’ته فو’ر أن عَلِمَ بالفا’عل الحـ ـقيقي وأقرب الأشخاص إليه، أقترب مِنهُ “جـمال” حتى وقف أمامه مباشرةً ومِن ثم أبتسم وقال بنبرةٍ با’ردة:
_إيه يا “شـهاب” أتصـ ـدمت مش كدا؟ حـ ـقك أنا مقدَّ’ر صد’متك فيا بصراحة عمرك ما توقعتها صح، بس الضر’بة مِن القريب بتو’جع ما بالك بالغريب بقى.
كان متجمـ ـدًا في جلسته، تا’ئهًا في بحو’ر ما’ضيه، شا’ردًا في هياهـ ـب الحاضر، كان كالطفل الصغير الذي حينما شعر بالخطـ ـر يمدّ يديه نحوه للنَيـ ـلِ مِنهُ ركض إلى أحضان والدته حتى تحـ ـميه وتطو’ق بذراعيه الأ’منين حوله حتى لا تطو’له الأيادي القا’تلة تُنهـ ـي حياته.
جلست بجواره تحاول موا’ساته قد’ر المستطا’ع وهي ترى محاولاتها تبو’ء بالفشـ ـل لأول مرة لتُقين مدى تأ’ثير هذا الر’جُل على حياة زوجها التي أثنت في ليلةٍ وضـ ـحاها كالجحيـ ـم عليه، عاش وحـ ـيدًا في الظلا’م الد’امس لعامٍ دون أن يتقدم خطوة واحدة للأمام، حُرِ’مَ مِن ضـ ـي عيـ ـنيه ومما’رسة عمله الحبيب وأصبح كالطفل الصغير الذي يحتاج إلى المعو’نة خلال يومه حتى يتثنى فقط السـ ـير بأ’منٍ.
في هذه اللحظة ر’فعت رأسها تتطـ ـلع إلى هذا الحقـ ـير عد’يم الر’حمة والإنسا’نية تطا’لعه بعينيها الدا’معتين بإحتقا’رٍ بائن على معالم وجهها حيث بات النفو’ر مرتسمًا على تقا’سيم وجهها ونظرتها وحينما شعرت بقو’ة ضغـ ـطة كف زوجها المر’تجف على كفها نا’طحته بحديثها الغا’ضب قائلة:
_كتر ألف خيرك يا سيدي شكرًا، مش عارفة بصراحة المفروض أقولك إيه حـ ـققت المستحـ ـيلات واللهِ، بس كلمة واحدة بس هقولهالك ومسيرك تشوفها قدام عينيك قريب لمَ ربنا ياخـ ـد حـ ـق العبا’د مِنك ويد’وقك وجـ ـعهم وقتها هتعرف إن ربنا كبير ومبينساش حـ ـق عبا’ده ومسير حـ ـقه ير’جع وتتعا’قب أنتَ واللي زيك على عما’يلكم، اللي أنتَ فيه دا بعـ ـيدًا عن إنه مر’ض نفـ ـسي بس ربنا حا’طك تحـ ـت إختبا’ر لحد دلوقتي فاشـ ـل فيه وبكرا ير’فع عنك سـ ـتره وتتفـ ـضح وسط الناس بس هتعرف وقتها الر’حمة، ربنا ينتـ ـقم مِنك مش مسا’محينك سو’اء دنيا أو آخرة.
حديثها يحرك الأحجا’ر الصـ ـلبة مِن أماكنها، وير’ج القلوب دا’خل الصد’ور، ويفـ ـر الدمع مِن المُـ ـقل، أما عنه هو فلَم يهتـ ـز ولَم يتأ’ثر بل إز’داد جحـ ـوده أكثر وأكثر ولذلك لَم يكترث إلى حديثها بل أبتسم أبتسامة سا’خرة وطا’لعها بإستعـ ـلاء ثم تر’كهما ور’حل، ر’حل بعد أن إستطاع إصا’بة هدفه بشكلٍ صحيح يشـ ـفي غـ ـليله متعهـ ـدًا على تنفيـ ـذ حديثه إليه في أقرب وقتٍ ممكن.
أما عنهما وحينما ر’حل هو نظرت إليه “مَريْم” ثم وضعت كفها على كتفه تشـ ـدد مِن أذ’ره ثم وضعت كفها الآخر على موضع قـ ـلبه تمـ ـسح عليه ثقـ ـله وهمو’مه لتقول بنبرةٍ هادئة حنونة توا’سيه:
_ولا تز’عل نفسك يا حبيبي، اللي زي دا مر’يض واللهِ، مر’ضى نفـ ـسيين مكانهم المصـ ـحة حتى لو غير’ان مِنك بس متوصلش إني أأ’ذي بني آدم لدرجة إني أضـ ـيَّعه وأخسـ ـره نو’ر عينيه، بصراحة كدا أنا شايفة إنك تاخد مو’قف قا’نوني ضـ ـده خلاص الفا’عل ظهر وأعتر’ف بنفسه وأنا أهو شاهـ ـد معاك.
تهتـ ـكت صوت أنفا’سه وبدأت عبراته بالسقو’ط على صفحة وجهه بعد أن فـ ـقد السيـ ـطرة على نفسه في التما’سك أكثر مِن ذلك، يكفيه لقد تحـ ـمل فو’ق طا’قته وهذا خا’رجٌ عن إراد’ته لن يستطيع التحمـ ـل كثيرًا، أجهـ ـش في البكاء بطريقةٍ مؤ’لمة وكأنه قرر إخر’اج كبـ ـحه على مدار هذه السنوات في هذه اللحظة، آ’لمها قـ ـلبها كثيرًا ولذلك ضمته إلى أحضانها تمـ ـسح بكفها على خصلاته البُنـ ـية الد’اكنة.
ضمته إلى أحضانها التي كانت أ’منًا وأما’نًا إليه، ضمته حيث هُنا تسكنه الرا’حة والطمأ’نينة، هُنا حيث لا مكان للغد’ر ولا للأ’لم، فيما وضع هو رأسه على موضع قـ ـلبها بعد أن خا’رت قو’اه وأصا’ب الد’وار رأسه وتبـ ـعثر ثبا’ته وطُـ ـعِنَت رو’حه البريئة، تعاملت معه وكأنه صغيرها وليس زوجها حاولت مد’اواة رو’حه وقلـ ـبه.
مسـ ـحت مِن جديد على خصلاته وتر’كته يبكي ويُخر’ج ما يكـ ـمُن دا’خله مِن آلا’مٍ دامت لسنواتٍ ترافقه كالمر’ض الملعو’ن الذي يصـ ـيب الجسـ ـد مدى الحياة إما تنتـ ـصر أنت وتربح أو يكون النصـ ـر حليفه هو، صدح رنين هاتفها عا’ليًا مِن حقيبتها لتقوم بإخرا’جها بيدها اليُمنـ ـى ترى المتصل الذي كان “شُـكري”، بالطبع حا’دث أخيه لعِدة مراتٍ ولَم يجيبه بالتأكيد ساور القلـ ـق قلبه ولذلك لجـ ـأ إليها.
أجابته بنبرةٍ هادئة بعد أن وضعت الهاتف على أذنها ليأتيها قوله المتـ ـلهف على أخيه قائلًا:
_معلش آسف لو أز’عجتك بس أنا بكلم “شـهاب” مبيردّش عليا وأنا قلـ ـقت عليه أوي أنا عارف إنكم هتتقابلوا بس قلـ ـقت عليه لمَ مردش عليا أنا متصل بيه فو’ق التسع مرات لحد ما هتجـ ـنن … أو’عي تكوني سـ ـبتيه لوحده يا “مَريْم”.
نظرت هي حينها إلى زوجها الذي كان يتمركز داخل أحضانها باكيًا كالطفل الصغير لتلتـ ـمع العبرات دا’خل مُقلتيها مِن جديد قائلة:
_”شـهاب” كويس متخا’فش عليه هو معايا.
لا يعلم لِمَ شعر أن أخيه ليس بخيرٍ، هكذا كان منذ أن كانا صغيرين يشعر بهِ وبأ’لمه ولذلك حينما شعر بالتر’دد في حديثها معه قال هو بنبرةٍ جا’دة بعض الشيء فلن يتغا’ضى عن أي مكـ ـروهٍ يصيـ ـب أخيه:
_”مَريْم” بعد إذنك أخويا بجد كويس، أنا مش هغـ ـفل عن أخويا وقت ما يبقى فيه حاجة أنا بحـ ـس بيه فلو هو بجد فيه حاجة أرجوكِ متخـ ـبيش عليا أنتِ أختي وبثـ ـق فيكِ مش عايزك تخـ ـبي عنّي حاجة عشان خاطري.
و’قعت بين شتا’تين مِن أمرها فمِن جهة لا تريد أن تجعله يقـ ـلق على أخيه ومِن جهة أخرى ترى أنه يجب عليه أن يعلم حتى يـ ـنتبه عليه أكثر ويظل بجواره طوال الوقت فهذا الر’جُل بـ ـث الر’عب في أوصا’لها بنظراته إلى زوجها المسـ ـكين الذي حتى بعد أن فقـ ـد بصـ ـره لَم يسـ ـلَم مِنهُ ومِن شـ ـره، ولذلك أخبرته بما حد’ث بالتفصـ ـيل دون أن تكذ’ب عليه في حرفٍ وكذلك على ما هو عليه أخيه الآن ولذلك أخبرها أنه سيأتي إليهما في الحال وأنهـ ـى المكالمة.
فيما وضعت هاتفها في حقيبتها مِن جديد وعادت تحاول تهـ ـدأة زوجها الذي كان في هذه اللحظة يريد المو’اساة والطمأ’نينة التي أفتقـ ـرها منذ أن فقـ ـد بصره وتر’كته والدته، عادت تمـ ـسح على خصلاته بحنوٍ وبدأت تتلو آيات الذِكر الحكيم حتى تهـ ـدأ رو’حه ويطمـ ـئن قلبه ويكف ضـ ـجيج رأسه.
وبعد مرور رُبع ساعة تقريبًا.
وصل “شُـكري” وتوجه نحوهما وحينما وصل وبدون أن ينطـ ـق حرفٌ واحدٌ جلس القر’فصاء أمامه مباشرةً وبدأ يحادثه بنبرةٍ متلهـ ـفة عليه قائلًا:
_في إيه مبتردّش عليا ليه مالك قـ ـلقتني عليك مع إني عارف إنك مع “مَريْم” بس برضوا خو’فت ليكون تـ ـعبت ولا حاجة، مالك يا “شـهاب”؟.
ر’فع “شـهاب” رأسه وكل ما يقابله الظلا’م الد’امس حوله، يستطيع سماع الجميع ولَكِنّ في نفس الوقت لا يستطيع رؤ’يتهم كذلك وهذا ما جعله ينخر’ط في البكاء مِن جديد مر’تميًا في أحضان أخيه الذي كان خيرُ رفيقٍ لهُ منذ أن كانا صغيرين وحتى أن أصبحا شا’بين في مقتبل أعما’رهم ليكونا كالزهرةِ المتـ ـفتحة في يوم ربيعها الأول، تأ’كد شعوره حينما عَلِمَ أنه ليس بخيرٍ شعوره لَم يخد’عه ولو لمرةٍ تجاه أخيه ولذلك طبـ ـق عليه بذراعيه ومسـ ـح بكفه على ظهره يو’اسيه وهو مازال يجـ ـهل سـ ـبب ما هو عليه حتى الآن.
_إيه اللي حصـ ـلك يا حبيبي، إيه اللي حصل مالك إيه البهد’لة اللي أنتَ فيها دي ما أنتَ مع مراتك وقولتلي هتخر’ج أنتَ وهي شويه عشان مبتحبّش تقعد لوحدك، إيه اللي بَدل حالك كدا.
_أنا مو’جوع أوي يا “شُـكري”.
ردّ عليه بنبرةٍ مكـ ـسورة جعلت “شُـكري” يطا’لع زوجة أخيه التي يبدو عليها أنها حز’ينة وبشـ ـدة على ما وصل إليه زوجها الآن ليشـ ـدد مِن ضمته إليه قائلًا:
_إيه اللي و’جعك يا حبيبي، قولي أنا معاك أهو أحكيلي.
أستطاع إحتو’ائه بأبسط الطر’ق كما إعتاد دومًا ليبدأ الآخر يقـ ـص عليه ما حد’ث كطفلٍ صغيرٍ يشـ ـكو إلى والده عمَّ يؤ’لمه فيما كان الآخر يستمع إليه بصد’رٍ رحب دون أن يقا’طعه، وحينما أنهـ ـى حديثه بكى مِن جديد ليقوم “شُـكري” بمؤا’زرته مشـ ـددًا مِن ضمته إليه قائلًا:
_يمـ. ـين بالله هتحاسـ ـب عليه قدام رب كريم ما هيهـ ـدالي بال غير وأنا جايبلك حـ ـقك مِن الـ*** دا، أنتَ مش أتعذ’بت سنة كاملة مِن كل حاجة أنا بقى هعذ’به سنين مش سنة ومبقاش “شُـكري العطار” لو ما جبت حـ ـقك يا ابن أُمّي وأبويا … إحنا ظـ ـلمنا “شـريف” وأتهـ ـمناه إنه عملها وطـ ـلع ملهو’ش يد فأي حاجة حصلت أساسًا، سيبلي حوار الز’فت دا أنا هظبطه وهتاخد حـ ـقك وهتر’جع تشو’ف بإذن واحد أحد تاني، أنا فضـ ـهرك يا حبيبي مش عايز أشوف د’معة واحدة نا’زلة تاني بسـ ـبب الـ*** دا أنا هتصر’ف.
أبتعـ ـد “شـهاب” عن أحضان أخيه الذي نظر إليه ليسمعه يقول بنبرةٍ با’كية:
_لا يا “شُـكري” أنا مش عايزك تدخل نفسك فالحوار دا، هخا’ف عليك يا خويا لا بالله عليك أنا مبقا’ليش غيرك.
_أنا حلفت يميـ. ـن مش هر’جع فيه خلاص يا “شـهاب”، أنا مش عايزك تخا’ف عليا أنا هعرف أتصرف بمعرفتي المهم عندي تستنى وتكون عارف إن طالما أخوك إداك كلمة يبقى هيعمل بيها، عايزك متشغـ ـلش بالك بحاجة وركز فحياتك ومراتك وبس كلها ١٥ يوم وتكون فبيتك فهي دلوقتي أولىٰ مِن أي حاجة تانية، ولا إيه يا مرات اخويا.
أنهـ ـى حديثه ممازحًا إياها لتبتسم هي أبتسامة هادئة ثم نظرت إلى زوجها نظرةٍ ذات معنى وقالت ممازحةٍ إياه:
_عين العقـ ـل يا “شُـكري” كلامك كله صح، أسمع كلام أخوك بقى بدل ما تلاقي معاملة تانية خالص يا بيه.
_أوبا ! دي شكلها مبتهزرش يا “شـهاب” خلّي بالك يا خويا، شكل زعـ ـلها وحـ ـش أوي أوعىٰ.
أبتسم “شـهاب” أخيرًا بعد أن شعر أنهما يحاولان موا’ساته ومؤاز’رته ليَمُدّ كفه نحوها ليستشعر كفها الدا’فئ الذي أحتضنه بين أحضانه ليشعر بها تضم كفه بين كفيها وكأنها تد’عمه وتخبره أنها لن تتخـ ـلى عنه ولن تتر’كه مهما حد’ث وهذا أرا’ح قلبه المتعـ ـب كثيرًا، شعر بأخيه الذي جلس بجواره على الجهة الأخرى وضمه مِن كتفه وبدأ يحا’دثه حتى أند’مج معه وتلا’شى حز’نه.
_______________________
<“حز’ب مرأة وهيـ ـمنة رجُل.”>
ولج إلى شقته رفقة ابن عمه “حُـذيفة” الذي كان يسـ ـتند على عكا’زيه مُـ ـلقيًا تحية السلام على سا’كني البيت ليلتفت إليه “علي” قائلًا:
_كفا’رة يا معلم، نوَّرت بيتي واللهِ دا إحنا زارتنا البركة.
أبتسم “حُـذيفة” ونظر إليه ليقول بنبرةٍ هادئة:
_منوَّر بأهله يا “علي”.
أخذه “علي” وتوجه بهِ نحو غرفة المعيشة ليجلسا سويًا بجوار بعضهما البعض يتبادلان أطر’اف الحديث كما كانا يعتادا مِن قبل ولذلك با’در “علي” السؤال وقال:
_”يزيد” قالي إن الحمد لله الجلـ ـسات فُل والدنيا ماشية معاك، صحيح الكلام دا؟.
أبتسم “حُـذيفة” إليه وقال بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليه:
_آه الحمد لله أحسن بكتير إحنا كُنا فين وبقينا فين، مكانش هيجيلي قـ ـلب بصراحة أسـ ـيب أخويا يضـ ـيع وأنا واقف أتفرج عليه حتى لو على حسا’ب نفسي وصحـ ـتي واللهِ مستعد أضحـ ـي هو برضوا لسه شا’ب صغير هيشوف حياته إنما أنا مش فا’رقة.
ر’مقه “علي” بطر’ف عينه نظرةٍ ذات معنى ثم قال بنبرةٍ هادئة:
_يعني أنتَ شايف كدا.
حرك الآخر رأسه برفقٍ إليه ليجاوبه هو بنبرةٍ با’ردة قائلًا:
_طب أكـ ـشف نظر يا عـ ـين أ’مك، أكـ ـشف نظر.
ضحك “حُـذيفة” عِدة ضحكات خـ ـفيفة ثم أشار إليه على عينيه ليبتسم إليه “علي” ثم حاوط كتفيه بذراعه يضمه إلى أحضانه ليبدأ بممازحته كما أعتاد دومًا ليبادله “حُـذيفة” ممازحته الصبيا’نية.
في الداخل بنفس المكان.
كانت “لارين” تجلس على المقعد الخاص بطاولة المطبخ يجاورها “أيسل” وكلتاهما تطعمهما والدتها وتهتـ ـم بها، وضعت “تيسير” الطعام داخـ ـل فم أبـ ـنتها التي كانت في أولى شهور حمـ ـلها بعد أن قررت أن تهتـ ـم بها وترعاها وقد وافقتها كذلك “مـيرنا” التي كانت تطعم أبـ ـنتها التي كانت تشـ ـتهي إلى الطعام في الآونة الأخيرة.
سَمِعَت “تيسير” ضحكات الشا’بين في الخارج لتنظر إلى رفيقتها وقالت:
_البشوات شكلهم نوروا صو’تهم قد كدا بره.
نظرت “لارين” إلى “أيسل” التي كانت تتناول الطعام بشـ ـراهة لتقول:
_أنا بقول تقومي تلحـ ـقي جوزك بدل ما جوزي يكسـ ـرهولك خلاص مبقاش فيه قـ ـطع غيار تاني خلصت.
أشارت إليها “أيسل” التي لَم تعُد تهتـ ـم لِمَ يحدث كل ما تهتـ ـم إليها الآن هو تناول الطعام فحسب، فيما نظرت “لارين” إلى والدتها وقالت بنبرةٍ ضاحكة:
_ماما كفاية ونرجع نكمل شوية أنا حاسة إنك بتز’غطي بط مش بتأكلي بني أدمة.
نظرت إليها “تيسير” نظرةٍ ذات معنى وقالت:
_وماله أنا بغذيكِ أنا عملت حاجة يعني.
وقبل أن تتحدث ولج “علي” لهن وخلفه “حُـذيفة” الذي نظر إليهن وقال:
_اللهم صلّ على النبي، إيه حملة التظـ ـغيط دي.
نظرت إليه “أيسل” وأشارت إليه قائلة:
_تعالى شاركني وأفـ ـتح نفسي بقى طالما جيت.
لبى إليها مطلبها واقترب مِنها مستـ ـندًا على عكا’زيه ليجاورها في جلستها فيما نظر “علي” إلى حماته وقال مبتسم الوجه:
_بُصي بقى يا عسلية أنا عايزك تتو’صي بيها آخر توصية عشان هي دبل إنما “أيسل” فرداني فـ “لارين” محتاجة تغذية جا’مد مِن الآخر.
نظرت إليه “تيسير” وقالت بنبرةٍ هادئة:
_ومين سمعك بدأت تتما’يص مِن أولها ومش عايزة تكمل أكلها قال إيه بتقولي أنتِ بتظـ ـغطي بط.
نظر “علي” إلى زوجته التي تصنعت اللامبالاة ليبتسم هو ويتقدم بدوره يرافقها في جلستها ثم سـ ـحب الصحن نحوه ونظر إلى حماته وقال مبتسم الوجه:
_روحي أرتاحي أنتِ لحد ما حمايا الجميل يشر’فنا ومتقـ ـلقيشيشر”صى بيها ولو مجاتش بالحُبّ تيجي بقـ ـلة الأد’ب عادي أنا مبيفر’قش معايا بس خلّي بالك مِن “ثائر”.
أبتسمت إليه “تيسير” ثم تحركت ترافقها “مـيرنا” التي أطمئنت على أبـ ـنتها بجوار زوجها، نظر “علي” إلى أ’ثرها ثم عندما أختـ ـفت نظر إلى زوجته وهمس لها بنبرةٍ خا’فتة قائلًا:
_أظن أنتِ عارفة اللي فيها أنا قـ ـليل الأد’ب ومبيفر’قش معايا فتعالي بالحُبّ معايا مِن أولها كفاية الجر’يمة دي.
أنهـ ـى حديثه وهو يشير نحو بطـ ـنها لتر’مقه نظرةٍ ذات معنى حا’دة لتقول بضـ ـيقٍ:
_لا واللهِ هو أنا اللي عملتها لوحدي يعني، بقولك إيه يا “علي” قسمًا بالله لو ما مشيـ ـت الدنيا معايا بالحُبّ أنتَ حُـ ـر أنا خُـ ـلقي فمنا’خيري بقالي يومين ومش طا’يقة نفسي.
أقترب مِنها ثم لثم وجنتها بحنوٍ وعاد ينظر إليها قائلًا بنبرةٍ خافتة وكأنه لَم يفعل شيئًا منذ لحظاتٍ:
_مالك بس يا سيدي مين زعـ ـلك بس دا أنتِ حتى بقالك يومين محلوة كدا على غير العادة … تكونيش بتحبّي جديد مِن ور’ايا يا بـ ـت أنتِ.
أنهـ ـى حديثه بنبرةٍ تحذ’يرية وهو ينظر إليها نظرةٍ ذات معنى متر’قبًا ردّها ليراها تبتسم بد’لالٍ إليه لتقول:
_بصراحة بقى آه.
تبدلت معالم وجهه مئة وثمانون درجة فو’ر أن رأى حالة الحُبّ التي أنتا’بتها وكأنها فتا’ةٌ مر’اهقة سعيدةٌ بحُبّها الأول في حياتها ليجذ’بها مِن ذراعها نحوه بحركةٍ خا’طفة ثم نظر إليها وقال بنبرةٍ حا’دة متو’عدًا إليها دا’خله:
_آه! جـ ـتك أوه يا بعيـ ـدة، بتحبّي مين غيري يا “لارين” أعترفي بدل ما اعملها معاكِ دلوقتي واتهـ ـف فنفو’خي.
أبتسمت إليه بد’لالٍ مِن جديد وبدأت أناملها تد’اعب مقدمة قميصه الذي كان يحـ ـرر أول زران بهِ ثم نظرت إليه وقالت:
_بحبّك أنتَ مِن أول وجديد يا حبيبي.
فا’جئته بإجابتها فكان يتوقع أن تخبره أنها تُحبّ بطلًا في مسلسلٍ أجـ ـنبي ما أو بطلًا في روايةٍ ما كما يفعلن الفتيـ ـات، أما هي في هذه اللحظة قد فا’جئته ليقترب مِنها مِن جديد وهو يبتسم إليها بتخا’بثٍ وقال:
_إجابة نموذجية بصراحة تاخد ١٠/١٠ ونجمة وبو’سة كمان.
أبتسمت مِن جديد بد’لالٍ ليشهد أن هذه المرة هي الألطف على الإطلا’ق ففي المرةِ السابقة لَم تكُن كذلك بل كانت تصر’خ وتبكي وتغـ ـضب، إن قارن بينهما فهذه تفوز بكل تأكيد وعن جد’ارة أيضًا، وقبل أن يفعل شيئًا منـ ـعه صوت “حُـذيفة” الذي قال ساخـ ـرًا:
_قال للعبـ ـيط أختـ ـشي قاله وأنا مالي، أعمل حسا’ب إني قاعد طيب متبقاش قـ ـليل الأد’ب أوي كدا.
شعرت “لارين” بالإحرا’ج أمام ابن عمها فقد تناست وجوده معهما ولَكِنّ كعادة “علي” نظر إليه وأبتسم قائلًا بوقا’حة:
_طب ما أنتَ قاعد تحب فمراتك وأنا متكلمتش، حب لأخيك ما تُحب لنفسك يا شيخنا.
ر’مقه “حُـذيفة” نظرةٍ ذات معنى ليشير على نفسه بسـ ـبّابته قائلًا بإستنكارٍ:
_أنا يا “علي”، شوفتني بحبّ أمتى ما أنا قاعد بإحترامي أهو أنتَ اللي ما شاء الله عليك أتعديت مِن “شـريف” وبقيت زيه، طب راعي إنها بنـ ـت عمي طيب، مفيش أي د’م خالص.
أبتسم “علي” وأجابه بنبرةٍ با’ردة كما أعتاد وقال:
_يا عم وأنا جوزها الله، بقولك إيه متخلنيش أقـ ـل أد’بي بقى وأعانـ ـد معاك.
_تصدق بالله، أنا مصد’وم فيك آه وربنا المعبود.
أرسل إليه “علي” قْبّلة هوائية ثم غمز إليه وقال مبتسم الوجه:
_طب ما تر’بيني يا شيخي.
_الوالدة قـ ـصَّرت معاك فحاجة لسمح الله.
جلس “علي” بأريحية على المقعد وطالعه بنظرةٍ ذات معنى قبل أن يقول:
_والله ما قـ ـصَّرت بشي، أنا اللي إنحر’فت آه وربنا المعبود … ما تيجي تنحـ ـرف معايا وتونسني بالمرة.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر إليه لير’فض “حُـذيفة” سريعًا وقال ضاحكًا:
_لا لا لا مع نفسك، أنا أبقى بالحالة دي وأروح للحالة دي لا يا حبيبي مع نفسك أنا حاببني متر’بي.
ومِن جديد عادا يشا’كسان بعضهما البعض يتبادلان الأحاديث ويتشاركان مع زوجاتهما في لحظةٍ تمنى “حــذيفة” دوامها عليهم مقدّرًا لهذه النعمة التي أنعمه الله بها، فالعائلة هي نعمةٌ كبيرة إن لَم تقدّرها فبالتأكيد ستضـ ـيع مِن بين يديك في غـ ـمضة عين.
_______________________
<“لقياكَ أمسٌ كانت وكأنه مئةُ عام واليوم بكل الأعوام.”>
عاد يجلس في مرسمه مِن جديد، عاد لشغـ ـفه وحُبّه وهو’سه الأول بعد إنقـ ـطاعٍ دام لقرابة الشهر تقريبًا وبالنسبة إليه كان كمئةُ عام، مثلما يشتا’ق العاشـ ـق لمعشو’قته، يجلس أمام لوحةٍ جديدة أفتـ ـتح بها بداية سيره على الطريق بها، هي وما عينيها بفلسـ ـطين الحبيبة تسحـ ـر العقول وتسر’ق القلوب وتجذ’ب الأنظار، فا’تنة ونظرتها سا’حرة وفي حالته تلك قد أحبّ السحـ ـر وهيمـ ـن بهِ إن كان يتمركز في عينيها.
تلك العينين الرما’ديتين اللتان أ’ثرته وأو’قعته في شبا’كها مازالت مستمرة في إيقا’عه حتى بعد أن أصبحت محـ ـللة إليه، هيمـ ـن بها ووصل هو’سه بها لحد الجـ ـنون حتى بدأ يرسمها بد’قةٍ مبا’لغة فهي الوحيدة التي يكون مسموحٌ لها بفعل كل ما يحـ ـلوا إليها فهي مميزةٌ بالنسبة إليه عن الجميع ولذلك إن أستطاع وضعها في متحفٍ فني كي يحتفظ بها مدى الحياة سيفعل ذلك دون أد’نى مجهـ ـود.
صوت الموسيقى الهادئة الرومانسية ينبع مِن هاتفه الموضوع بجواره على الطاولة يستمع إليها بنغمٍ وكأنه تناول وجبة د’سمة جعلته يشعر بالراحة والهدوء والسعادة، ولجت صاحبة السحـ ـر تطـ ـرأ عليه بسحـ ـرها تقترب مِنهُ بخطى هادئة حتى أصبحت تقف بجواره تبتسم إليه حينما رأت حبيبها قد عاد كما كان في السابق.
نقل بصره نحوها ليرى تلك العينين التي تزينهما الكـ.ـحل الأخضر تتطلعان إليه هو، هو مَن قامت بإستثناءه عن الجميع لرؤيته ولذلك لَم يشعر بنفسه حينما ذكر ربه أولًا يرى إبداع الخالق في عينيها الجميلتين ثم بدأ يمدح فيهما بشكلٍ متكررٍ وما على الجميلة سوى التبسم والخجـ ـل.
مسـ ـح بكفه الذي كان ملـ ـطخًا بالألو’ان على وجهه لينتقل اللو’ن إلى وجهه دون أن ينتبه، فيما نظرت هي إليه لترى ذاك المشهد الذي جعلها تضحك مِن صـ ـميم قلبها حينما أصبح وجهه ملـ ـطخًا بالألو’ان الما’ئية التي كان يستعين بها لرسم هاتين العينين الجميلتين.
_إيه الضحك دا كله طب ضحكيني معاكِ؟.
كان متعجبًا مِن ضحكاتها ليراها تشير بهاتفها في وجهه ليرى وجهه ملـ ـطخًا بالألو’ان الما’ئية، لانت معالم وجهه ونظر لها مِن جديد ليبدأ بمشاركتها الضحك لوقتٍ ليس بكثير حتى هـ ـدأ كلاهما تمامًا وبدأت تشاركه هوايته وما يُحب ليرحب هو بها بصد’رٍ رحب دون تفكيرٍ، فهي ما يهواه هو كيف لهُ أن ير’فضه.
بدأت تشاهد رسمه لعينيها وبين الفينة والأخرى يسر’ق نظرةٍ خا’طفة على عينيها التي كانت مهـ ـلكة لقلبه المسـ ـكين فمازالت تصـ ـمم على إبهاره في كل مرةٍ يراها بها وهو ما عليه سوى التفا’جؤ والمديح بها وكأنها أميرة مِن أميرات ديزني.
صدح صوت الموسيقى بكلماتها الرومانسية ليبدأ هو في الغناء معها بصوتٍ هادئٍ لتكون هي المنصتة إليه في هذه اللحظة، تراه يعود لصورته القديمة التي حُفِـ ـرَت في ثنا’يا قلبها وعقلها.
أنا لحبيبي وحبيبي إلي
يا عصفورة بيـ.ـضا، لا بقى تسألي
لا يعتب حدا ولا يزعل حدا
أنا لحبيبي وحبيبي إلي
حبيبي ندهني قالي الشتا راح
رجعت اليمامة، زهر التفاح، حبيبي
حبيبي ندهني قالي الشتا راح (حبيبي)
رجعت اليمامة، زهر التفاح
وأنا على بابي الندي والصباح
بعيونك ربيعي نور وحلي
أنا لحبيبي وحبيبي إلي
لا يعتب حدا ولا يزعل حدا
أنا لحبيبي وحبيبي إلي.
تبتسم إليه بين الفينة والأخرى ترى حُبّه الشـ ـديد إليها وسعادته لمجاورته في أصعـ ـب الأوقات بالنسبة إليه، أختارها القلب وجُـ ـن بها العقل، كان يراها أمسًا وكأنه كان مئةُ عام واليوم هو يراها بكل الأعوام، فتا’ةٌ رقيقة تـ ـربت وكَبُرَت أسفـ ـل عينيه حتى أصبحت صـ ـبية نُـ ـصب عينيه تسـ ـحر القلوب وتخـ ـطف الأعين ويجـ ـن لها العقل.
محظوظٌ أنت يا ابن آدم فليس كل بني آدم يخـ ـطف حورية جميلة ورقيقة كـ “روان” إن وصل الر’جُل للهو’س فلن يترك هو’سه يحـ ـلق بعـ ـيدًا عن مر’مى عينيه وسيسـ ـعى للحفاظ عليه وعد’م التفر’قةِ بهِ مهما حدث وكأنها قطعة ألماظٍ باهظة الثمن يخـ ـشى عليها أن تنكـ ـسر دون أن يشعر أو ينتبه لها، وهكذا قضى يومه بجوارها يحادثها تارا ويقوم بإضحاكها تارا أخرى.
_______________________
<“المعشو’ق بعيون حواء مفتو’نٌ بصاحبتها”>
منذ زمنٍ لَم يرى فيروزتيه أمامها يزينها الكحـ ـل مثلما أعتاد، دومًا أعتاد على رؤياها أمامه مزينة بالكحـ ـل الأسو’د تبر’ز تفا’صيل عينيها التي كانت كنـ ـصل السـ ـيف الحا’د، ولج إلى غرفته ليلًا بعد أن أطمـ ـئن على صغيريه مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه ليبحث عنها بعينيه قبل أي شيءٍ فقد أشتا’ق إليها كثيرًا والآن يقف في منتصف الغرفة يبحث عنها كما الطفل الصغير الذي كان يرى حلوى شهية محـ ـرمة عليه.
ولج إلى غرفة الملابس بهدوءٍ ليراها تقوم بترتيب ملابسه في الخزانة بكل هدوءٍ كما أعتاد على رؤيتها، أبتسم أبتسامة هادئة ثم أقترب مِنها بخطى هادئة حتى وقف خـ ـلفها وحاوط خصرها بذراعيه ثم لثم وجنتها بقْبّلة حنونة وقال بنبرةٍ هادئة:
_مش بقولك الشغل سا’رقني مِنكم مصدقتنيش، وحشتيني أقسم بالله.
لاحت أبتسامة هادئة على ثغرها لتكمل ما تفعله قائلة:
_وماله، الشغل ياخدك مننا والو’لاد ياخدوني مِنك وفي الآخر مترجعش تلو’مني وتقولي مبقتيش تهتـ ـمي بيا ليه وقتها هجاوبك بكل برو’د ولا’دي أهم في غيا’بك عننا ولو هتقد’ر تجاوب وقتها وتنـ ـفد مِني أبقى وريني، أساسًا أنا بقيت أنحا’ز ليهم وبصراحة أبني حبيبي مش مخـ ـليني حاسة بغيا’بك وكأنه يا رو’حي ما صدق أستغـ ـل الفرصة وأبوه يعتبر مش معبـ ـرنا فقال مبد’هاش بقى أنا الرا’جل مِن بعده.
_لا واللهِ؟ “رائد” قال كل دا برضوا، طب أنا هروح أصحيه مخصوص عشان أسأله إذا كان عمل كل دا ولا لا وعلى حسب إجابته بقى أنا هتعامل معاكِ
إستنكر حديثها الذي كان في منظوره مجرد لُعبة لا أكثر حتى تؤ’ثر عليه وتجعله يغا’ر مِن إحتـ ـلال صغيره لمكا’نته في قلبها، أدا’رها نحوه ليراها ترسم الجـ ـدية على معالم وجهها وأول ما و’قعت عينيه عليه كانت عينيها الكـ ـحيلة التي جعلته يجـ ـن جـ ـنونه بها، أصبح مفتو’نٌ بها بشكلٍ خطـ ـير وهذا بالنسبة إليها يسـ ـعد قلبها كثيرًا ولذلك إتخـ ـذته سلا’حًا فتا’كًا إليها ضـ ـده.
رأت نظره المصو’ب نحو عينيها لتد’رك أنها أصابت هدفها هذه المرة التي لا تعلمها وجعلته مسحو’رًا بها، حاو’طها بذراعيه وهو مازال ينظر إلى فيرو’زتيها الكحـ ـيلة وكعادته تغز’ل بها وأثـ ـنى على جمالها ليرى ليـ ـن معالم وجهها وتبسمها لتتبد’ل الأد’وار ويصبح هو المتحـ ـكم في ذ’مام الأمو’ر.
_”نزار قباني” قال وعيناكِ دا’ري ودار السلام وأنتِ البداية في كل شيء ومِسكُ الخِتَا’م … صدق كلامه يا عيون الغزال أنتَ.
أبتسمت بد’لالٍ إليه ثم طو’قت عنـ ـقه بذراعيها ونظرت إليه مبتسمة الوجه قائلة:
_شوف مهما تقول أشعار وقصايد مش قا’درة أصدق لسه إن الكلام دا طا’لع مِن لو’ح التـ ـلج اللي حبّيته، أول طبـ ـع خدته عنك مش قا’درة أغـ ـيَّره واللهِ يا حبيبي.
تلا’شت بسمته تد’ريجيًا ليحتـ ـل العبو’س معالم وجهه وهو ينظر لها ليقول بنبرةٍ يملؤ’ها الضـ ـيق:
_هي بقت كدا يعني؟ تصدقي أنا را’جل قـ ـليل الأد’ب متر’بتش متجيش تقوليلي بقى بعد كدا أنتَ مبتد’لعنيش ليه يا “ليل” ولا الكلام دا عشان هتلاقيني د’بش معاكِ.
تعا’لت ضحكاتها حينما رأت عبو’سه وضـ ـيقه البائن على معالم وجهه كما تو’قعت هي، لثمت وجنته بحنوٍ حتى تستعطفه مِن جديد ثم قالت بنبرةٍ حنونة:
_إيه يا “ليلو” أنتَ قفـ ـشت ولا إيه دا أنا بهزر معاك يا را’جل متكونش قفو’ش كدا، وبعدين مين يعني هيد’لعني وفالآخر يقـ ـلبلي لو’ح تلج سا’قع.
ر’مقها نظرةٍ ذات معنى بعد أن أغـ ـلق جـ ـفنيه نصف غـ ـلقة ليراها تبتسم ببر’اءةٍ وكأنها لَم تفعل شيئًا، ألتزم الصمـ ـت القاتـ ـل كعادته معها والذي ليس مبشـ ـرًا البتة إليها، صد’ح رنين هاتفه عا’ليًا يعلنه عن أتصالٍ هاتفي، زفـ ـر بضـ ـيقٍ ونظر إليها قائلًا:
_أهو جه مفـ ـسد اللحظات السعيدة عشان يعكـ ـرلي اليوم كله.
أبتـ ـعد عنها وهو يتمتم بحنـ ـقٍ على هذا المزعج الذي يحا’دثه ليلًا بعد إنتها’ء يومه، كان المتصل “شُـكري” الذي لَم ينتظر كثيرًا نحو أخيه المسـ ـكين وقـ ـرر الإستعا’نة بأقرب الأقرباء إليه، زفـ ـر “ليل” حينما رآه هو المتصل ليجيبه قائلًا:
_طول عمرك قطا’ع أرزاق عمرك ما نصفـ ـتني مرة مِن يوم ما عرفتك يا منـ ـيل أنتَ ولا عشان أعز’ب هتقر’ف اللي جا’بونا لا لو كدا أجوزك بكرا.
أتاه قهقهات الآخر عبر الهاتف ولذلك أجابه حينها بنبرةٍ ضاحكة:
_أنا جا’مد مِن يومي عُمري ما كلمتك فوقت زي دا إلا وكُنْت قا’طع رزقك بس معلش بقى خيرها فغيرها، المهم أنا عايزك فموضوع كدا بصراحة مش هيقدر أسكوت عليه كتير ومحتاجك معايا مِن غير ما “شـهاب” يعرف عشان محر’ض عليا مد’خلش فالموضوع ولا أتكلم فيه.
تعجب الآخر مِن حديثه ولذلك أخبره أن يتحدث ولَم يبخـ ـل عنه “شُـكري” الذي بدأ يتحدث ويخبره عمَّ حد’ث لأخيه مِن هذا المدعو “جـمال” ومدى تأ’ثر “شـهاب” بهذا الحديث الذي سقـ ـط على رأسه كالعصـ ـا الحد’يدية، فيما كان “ليل” يستمع إليه طوال الوقت وهو بالحـ ـق مصد’ومًا ممَّ يسمعه وبعد مرور عامٍ كامل على هذا المسـ ـكين في الظلا’م ظهر الجا’ني يعتر’ف على نفسه ويخبره أنه الفا’عل الحـ ـقيقي.
زفـ ـر “ليل” حينما سَمِعَ تحذ’يرات “شُـكري” المتكررة إليه:
_”ليل” عشان خاطري أنا لجـ ـأتلك أنتَ عشان عارف إنك وقت الجـ ـد جـ ـد عايزك تساعدني أجيب حـ ـق أخويا مِن الو’اد دا أنا أقسم بالله لو كُنْت موجود فاللحظة دي كُنْت مسـ ـكته خلّيته عِـ ـبرة بس هو ابن **** أستغـ ـل ضـ ـعف أخويا، هتساعدني ولا يا ابـ ـن الناس؟.
أنهـ ـى حديثه على أملٍ أن يتلقـ ـى الإجابة المر’ادة وألا يخـ ـيب “ليل” آماله بهِ، فيما كان الآخر غا’ضبًا لرفيقه وشعر بضـ ـعفه ومعا’ناته خصيصًا في حا’لة “شـهاب” الذي كان دومًا عزيز النفـ ـس يكر’ه الضـ ـعف ونظرات الشـ ـفقة مِن مَن حوله ولذلك شعر بمدى الضعـ ـف الذي تملّـ ـكه حينما ظهر هذا الحـ ـقير أمامه يقـ ـضي عليه أكثر وأكثر.
_متقـ ـلقش وعد “شـهاب” مش هيعرف أي حاجة لحد ما حـ ـقه ير’جعله ويحضر جـ ـلسة الـ*** وحـ ـقه ير’جعله قدام الناس كلها، ولو على الـ*** اللي أسمه “جـمال” دا مش عايزك تقـ ـلق مِن ناحيته أنا كمان ليا حـ ـق عنده عايز أخـ ـده المهم دلوقتي سـ ـيبني يومين كدا أمـ ـخمخ لأ’مه حلو وهقولك اللي هيحصل أنا بس اللي شا’غلني خو’في على ولا’د عمي لأنه نا’وي يو’جه ضر’بته على واحد مِنهم فهكون مشغو’ل شوية بس مع بعض على نفس الخـ ـط وهبلـ ـغك بكل حاجة وتأ’كد إننا مش هنهـ ـدى غير و “شـهاب” واخـ ـد حـ ـقه وير’جعله نظـ ـره وشغله دا عهـ ـد إحنا قا’طعينه على نفسنا لحد ما ييجي وقته ونعمل بيه.
تعهـ ـد ولن يقـ ـطع العهـ ـد حتى وإن كان على حسا’ب نفسه، لن يخذ’ل صديقًا وضع بهِ كامل آماله وأحلامه فحيا’ته أصبحت تتمركز بين كفيه وهو في مر’ماه الكرة الآن، أن ينصـ ـفه أمام الجميع أو يخذ’له، ولَكِنّ لن يخذ’لك صديقًا كان خيرٌ لكَ مِن أقرباءك وهذا ما سيفعله “الليـ ـل” الذي سيأتي يومه قريبًا ويُصبح إسمًا وصفةً لعد’وه عمَّ قريب.
_________________________
<“أصا’به العشـ ـق باكرًا وما هو بزا’هِدٍ.”>
كان هذا العاشـ ـق يجلس في غرفته على فراشه الو’ثير وفي غرفته التي كانت طابعها صبيا’ني يستمع إلى موسيقى رومانسية وهو يعبـ ـث في هاتفه ويدندن معها حتى بعد مرور دقائق معدودة تعا’لت الطرقات على باب غرفته ليعـ ـلو صوته سا’محًا للطارق بالولوج والذي لَم يكُن سوى أخيه الو’حيد الذي أبتسم مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه ثم تقدم مِنهُ بخطى هادئة وهو يقول بمكـ ـرٍ:
_يا عيني يا عيني عليك يا سلطان الليالي، بتحب يا “دوله” جديد ولا إيه، دي شكلها لعبت معاك يا ابن “طارق” ونويتها.
نظر إليه “عادل” وابتسم إليه ليتحرك قليلًا بجسـ ـده حتى يرافقه أخيه في جلسته مجيبًا على حديثه بقوله الهادئ:
_شكل الصنا’رة غمزت يا ابن ابويا وامي، شكلي واللهِ أعلم كدا بحب جديد.
تصنـ ـع البراءة أمام أخيه الذي ر’مقه نظرةٍ ما’كرة بطر’ف عينه ثم مازحه بعد أن ضر’ب على صفحة وجهه برفقٍ يليها قوله المتخا’بث:
_يا وا’د يا لئيـ ـم مش على “عليوة” الكلام دا أنا مش “فرح” هتضحك عليها بكلمتين حلوين وهتسكوت، قولي مين الجا’مدة اللي مخلّية “عادل” اخويا بجلا’لة قدره يسمع رومانسي ويبقى بالحالة دي؟ أحكيلي عايز أسمع.
ر’مقه “عادل” بطر’ف عينه قليلًا قبل أن يعتدل في جلستهِ تاركًا هاتفه بجواره، نظر إلى أخيه الكبير وأبتسم قائلًا بحما’سٍ طغـ ـىٰ على نبرة صوته:
_حتت بـ ـت يا “علي” مطيـ ـرة عقـ ـلي بقالي ٧ شهور ما عارف أتـ ـلم على بعضي كل ما أشوفها قدامي، عارف أول ما بشوفها بحسني بقيت أهـ ـبل ومش عارف أعمل حاجة بتشـ ـدلها بغبا’ء وعيني بتفضل را’يحة جا’ية عليها حتى لو حد مِن صحابي معايا وبيهزر مبنتبـ ـهلهوش أكتر ما بكون منتـ ـبهلها هي، بُص أنا هوصفلك هي إيه مبدئيًا هي لا حلوة ولا و’حشة هي عادية بس أنا شايفها حلوة وحلوة أوي كمان، كل لبسها دريسات وا’سعة عُمري ما شوفتها زي باقي البنا’ت اللي بشوفها هناك، المشـ ـكلة إني بحب فساتينها دي كلهم أحلى مِن بعض والطرحة بتحليها أكتر.
_لا بتبيـ ـن شعـ ـرها ولا بتتعامل مع شبا’ب ومع صاحبة ليها على طول معاها فكل مكان تكاد تكون البيست فريند بتاعتها، عارف بقى ها’دية جدًا يعني أنا تقريبًا محتاج لو أتعاملت معاها وحصل بينا نصيب أمسـ ـكها ميكروفون عشان أسمعها.
ضحك “علي” عا’ليًا على حديث أخيه الذي يراه لأول مرة متحمـ ـسًا بهذه الطريقة ويقـ ـص عليه كل شيءٍ كيف لا وهو بئـ ـر أسراره الذي يستمع إليه دومًا، فيما أكمل “عادل” حديثه قائلًا:
_طب تصدق أنا بجد أتعـ ـلقت بيها فالـ ٧ شهور دول آه واللهِ أول ما بشوفها وأنا دا’خل مِن باب الجامعة بفرح أوي بحس إن كدا يومي هيبقى حلو أوي ولوز اللوز كمان، “علي” هو أنا كدا بحبّها ولا إيه أنا مش عارف أحدد مشاعري معاها لحد دلوقتي وبصراحة عايز أعمل أي حاجة قبل ما نتخر’ج ومعرفش أشوفها تاني، عايز أحـ ـط النقـ ـط على الحروف.
ر’مقه “علي” نظرةٍ ذات معنى لبرهةٍ مِن الوقت يرا’قب أفعا’له ونظراته حتى وتيـ ـرة أنفا’سه التي أضطـ ـربت بعد أن أنهـ ـى حديثه، أبتسم إليه بحنوٍ ثم قال:
_بُص يا “عادل” مبدئيًا أنا مقدَّ’ر فرحتك دي ولهـ ـفتك، بس دا إعجاب بيها وبشخصـ ـيتها يا “عادل”، مفيش حُبّ بييجي مِن ٧ شهور يا حبيبي اللي أنتَ فيه دا إنجـ ـذاب ليها مش أكتر، عارف عامل زي العيل الصغير اللي كان محر’وم مِن حاجه وأول ما لقاها بتقربله بيبقى ملهو’ف عليها، سـ ـيبها بظر’وفها يا “عادل” مفيش حاجة أسمها عايز ألحـ ـقها قبل ما أتخر’ج لو كلنا عملنا كدا هنظلـ ـم نفسنا لأننا بمسافة ما بناخد الحاجة اللي كان نفسنا فيها بعدها بفترة هنمِـ ـل وهنز’هق مِنها وليه لمَ ممكن أستناها لحد ما تجيلي هي بر’ضاها ولو هي نصيبك هتجيلك حتى لو أنتَ فالشـ ـرق وهي فالغـ ـرب، بس برضوا مش هقـ ـفلها فو’شك وهقولك أدعي وصلي قيام الليل وأطلبها مِن ربنا بس مش أول ما تاخدها تنسى فضل ربنا عليك لا تكمل وتواظب على الصلاة عشان ربنا يكون راضي عنك ويباركلك معاها، أتفقنا يا “رومـيو”؟.
أنهـ ـى حديثه ممازحًا إياه ليضحك أخيه بقـ ـلة حيـ ـلة ثم أر’تمى في أحضانه ليستقبله “علي” بسعادةٍ وهو يطبـ ـق عليه بذراعيه يضمه إلى د’فئ أحضانه يحتو’يه كعادته ليتمر’كز الصغير دا’خل أحضان أخيه الكبير الذي كان دومًا يحتو’يه ويرشـ ـده نحو الصواب.
_ليك عليا واللهِ اللي عُمري ما حلفت بيه كد’ب لأكون مجهزك ليلة فرحك وعاملك ليلة ولا ألف ليلة وليلة، حتت د’خلة يا’ض يا “عادل” موتو’سيكلات وشما’ريخ وليلة يابا هو أنا مؤسسها بعون الله، أنا عندي كام “عادل” غيرك يعني يهمـ ـني سعادتك واللي يفرحك أعملهولك.
تأ’ثر “عادل” بحديث أخيه كثيرًا ورأى كم هو يُحبّه ويهتـ ـم لأجله، ولذلك شـ ـدد مِن عناقه إليه وألتـ ـمعت العبرات في مُقلتيه ليقول بنبرةٍ مضطـ ـربة:
_أنا بحبّك أوي يا “علي”، ربنا يباركلي فيك ويقدرني وأنفـ ـذلك وعدي بمجموعي اللي وعدتك بيه، أنا محظوظ بيك يا “علي” ومبحبّـ ـش حد يز’علك ولا يضا’يقك حتى لو بكلمة.
أبتسم “علي” ومسّد على ذراعه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_عارف يا حبيبي وشوفت بعـ ـيني كمان، مش محتاج تقولي وخلّي بالك طالما وعدت يبقى هو’في ربنا يكرمك بس تتخر’ج الأول وبعدها تروح الجيـ ـش رغم إن دي بالذات تقيـ ـلة على قلبي ومش عارف هتبعـ ـد عنّي أزاي بس لمَ ييجي وقتها يعني، المهم بقولك إيه أنا جعان ما تيجي نشوف حاجة ناكلها.
_يلا بينا أنا فعلًا جعان وعشان تلحـ ـق تتغذى عشان دا’خلة الموتو’سيكلات محتاجة صحـ ـة.
تعا’لت ضحكات “علي” على ممازحات أخيه الصغير الذي كان دومًا يشا’كسه ليتوجها سويًا نحو المطبخ حتى يتناولا الطعام بعد أن تجاوزت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل ليبدأ حديثهما الطو’يل يد’ور بينهما.
______________________
<“سقـ ـطت الفريسة في عرين الأسود.”>
بعد مرور يومين وفي صبيحة يوم جديد.
كان “عُـمير” يجاور زوجته التي أصبحت في آخر أيامها وتستعد الآن لو’ضع صغيرتها في أي وقتٍ يجاورها ويطعمها بعنا’ية فيما كانت هي سعيدة وبشـ ـدة لعنا’يته الشـ ـديدة لها كالطيـ ـر الحُـ ـر الذي يحـ ـملق في سماءه الصا’فية، لثم وجنتها بحنوٍ ولَم يعـ ـبء لأحد فقط كل ما يشغـ ـل تفكيره زوجته التي كانت كقطعة البسكويت الهـ ـش تحتاج إلى الحنان والرِقة في التعا‘مل معها كانت وستظل كذلك.
رافقه في جلسته “عـز” الذي مازحه مبتسم الوجه قائلًا:
_يا سيدي يا سيدي على الرومانسية والحنية كلها، الكابلز الحنين الرومانسي اللي فالبيت كله منورنا على السفرة.
أبتسم “عُـمير” دون أن ينظر إليه وأكمل إطعام زوجته قائلًا:
_بكرا لمَ تتجوز يا “زوز” هتعمل مع مراتك كدا وأكتر مِن كدا بكتير كمان، هتقلبلها الصبح “تامـر حُسني” وبليل “عبد الحليم” وفنص النهار كوكتيل بين “السـ ـت” و “مـيادة الحناوي”.
ضحك “عـز” الذي بدأ يستعد لتناول الطعام ليقول بنبرةٍ ضاحكة:
_يابا لو طو’لت أقلـ ـبلها شعـ ـبي هعملها أنا عيـ ـل سر’سجي بس فالخبا’ثة يعني بيني وبينك ها.
ضحك “عُـمير” الذي ألتفت بر’أسه ينظر إليه ليقول:
_ماشي يا سر’سجي بس لازم تكون كوكتيل مِن كله أفر’ض طر’قعت معاها رومانسية هتعمل إيه؟.
_ولا أي حاجة شعـ ـبي برضوا معلش دا سيستم ماشي عليه مش هغيَّـ ـره عشانها يعني.
ضحك “عُـمير” الذي عاد يُطعم زوجته ليحادثها بنبرةٍ هادئة:
_إحنا ملناش دعوة بالمر’اهق دا خالص خلّينا فالرِقة والرومانسية بتاعتنا دا بتاع شعبـ ـي ومهرجا’نات إنما أنا واحد بتاع حبيبي يا أنا يا أغـ ـلى مِن عينيا.
ضحكت هي بخـ ـفةٍ ثم عادت تتناول الطعام مِن يده، تجمعوا على طاولة الطعام لتناول فطورهم كلٌ مِنهم يرافق زوجته، كانوا يلتزمون الصمت حتى قطـ ـع هذا “يزيد” الذي قال:
_جماعة إحنا مالنا ملتزمين الصمـ ـت كدا ليه ولا كأن ميـ ـتلنا ميـ ـت.
جاوبه “طه” الذي ارتشف العصير خاصته قائلًا:
_سمعت إنه حر’ام فتقريبًا كدا كله ساكت.
_مين قالك إنه حر’ام، بالعكـ ـس دي سُنة.
هكذا جاوبه “حُـذيفة” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليه ليبتسم “عـز” قائلًا:
_طب يلا اللي عنده كبـ ـت يطـ ـلعه واللي عنده حز’ن يخر’جه فرصة مبتتعو’ضش أهي نكـ ـدو على أبو’نا يلا متضـ ـيعوش وقت.
تعا’لت الضحكات على حديث هذا الشا’ب المشاكـ ـس الذي كان دومًا لهُ و’صمته الخاصة فيما جاوبه “سـامح” الذي قال:
_عايز أر’قع حد عـ ـلقة محترمة مين هيضـ ـحي بنفسه ويسـ ـلمني رو’حه بقى لاحسن أنا بصراحة كدا مش قا’در وعايز أر’جع الشـ ـقاوة تاني.
_عندك “طه” و “هلال” لسه صغيرين أعمل ما بدالك، وخُد “عادل” معاهم أهو يونسهم شوية.
هكذا كان جواب “أشـرف” ليأتيه الردّ ساخـ ـرًا مِن أخيه “ليل” الذي قال:
_وأشمعنى يلَّـ ـطش فحفيدي ما عنده أحفاده إيه التعـ ـدي دا؟.
شعر الشا’بين بالخطو’رة ولذلك نهضا سويًا مستغـ ـلان فرصة إندما’جهم ليأخذ كلًا مِنهما صحنه ويركض بهِ هـ ـربًا مِنهم ليأتيهم صيحا’ت “سـعيد” الذي قال ممازحًا إياهم:
_أقـ ـفش حر’امي!.
تعا’لت ضحكات الأحفاد الكبا’ر على حديثه لينهض “علي” مبتـ ـعدًا عنهم مجيبًا على هاتفه قائلًا:
_ها يا معلم عملت إيه عرفت حاجة؟.
_آه يا عمي الصور متفبـ ـركة بس اللي مفبـ ـركها عا’لمي مش مخلّي فيها غـ ـلطة بس العبد لله مش قُـ ـليل برضوا ثانيًا عنوانه هتلاقيني باعتهولك على “الواتساب” عيـ ـش حياتك معاه زي ما أنتَ عايز هو قاعد فڤيلا لوحده يعني هتاخد راحتك على الآخر.
ألتمـ ـعت عينيه بو’ميضٍ بعد أن تلـ ـقى الإجابة التي كان يريدها ليبتسم أبتسامة جانبية وهو يتو’عد إليه بالو’يلات وردّ حـ ـق واحدة مِن نسـ ـاء عائلته، أغلا’هن على قـ ـلبه والأخت الصغيرة إليه والتي ساعدته كثيرًا حينما كان في معضـ ـلةٍ، اليوم جاء الميعاد لردّ الحـ ـق لها.
______________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *