روايات

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية البارت الثامن والثلاثون

رواية نيران الغجرية الجزء الثامن والثلاثون

نيران الغجرية
نيران الغجرية

رواية نيران الغجرية الحلقة الثامنة والثلاثون

المواجهة.
________________
– اعملي ما بدالك اكدبي و قولي خطفتك و ضربتك ولا هددتك ولا جبرتك على حاجات انتي مش عايزاها مش بيهمني اعلى ما فخيلك اركبيه.
بس اقسم بربي يا مريم مش هتعتبي خطوة واحدة برا الشقة ديه الا لما تحكي اللي في قلبك … و تقوليلي انتي ليه بتكرهيني كده !

مرت دقائق على إلقائه لهذه الجملة وقوله بأنها مجبرة بالإعتراف و إلا لن تغادر الشقة.
و يبدو أنه كان جادا في تهديده ، فهاهو قد ألقى مفتاح باب الشقة من النافذة و دلف للصالة الصغيرة تاركا إياها تحدق في الفراغ بذهول و عقلها لا يستوعب أنه جلبها لمكان بعيد و حبسها ، اللعنة عليه مالذي دهاه.

ضمت مريم قبضتها بخنق و نهبت الأرض بخطواتها السريعة وهي تتجه نحوه صارخة به :
– انت فاكر ايه باللي بتعمله ده مستوعب انك خطفتني وانا بقدر اشتكي عليك و المرة ديه هتبقى حقيقة !

رد عليها بعدم اكتراث :
– وانا قولت اعلى ما فخيلك اركبيه … مش هتطلعي من هنا غير لما تحكيلي ع اللي حصل خلاكي تكرهيني و تحبي تنتقمي مني.

هل هذا حقيقي ! هل حقا لا يعلم عمار مالذي ارتكبه بحقها من إهانة و خيانة و قتل لطفلها لماذا يتصرف بهذا الشكل وكأنه لا يعلم شيئا.
بينما هو قد فعل بها ما لم يفعله العدو بعدوه ، مالذي يسعى إليه الآن !

– انت ليه عامل نفسك مش عارف ولا فاهم حاجة ؟
تمتمت بعدم تصديق فرفع عمار رأسه إليها ، و همس بأكثر نبرة صدقا :
– انا مش عارف ومش فاهم … صدقيني انا كل يوم بعصر دماغي عشان افتكر اي حاجة بس مفيش …
مفيش غير اني يوم ما عرفت انك حامل غلطت معاكي في الكلام و بعترف اني غلطان بس ندمت بعدها و قررت اعلن جوازنا و …

– كفاية بطل كدب كفاية.
صاحت مريم بإنفعال و أولته ظهرها وهي تتنفس بوتيرة سريعة و قلبها يقرع الطبول حتى أحست به سيخرج من صدرها ، تبا له كم هو كاذب و لعوب.

انه يحاول التلاعب بها و تمثيل دور البريء كي تنصاع له و تواجهه بالحقيقة التي يعرفها هو سلفا ، وبعدما تخبره سوف يمثل الصدمة و ينفي ما تقوله.
سيستطيع إقناعها ببراءته وهي مثل الغبية سوف تنصاع له مجددا ليستطيع بذلك السيطرة عليها مثلما كان في السابق ، كلا لن يحدث هذا أبدا.

ازدردت ريقها لتبلل حنجرتها الجافة وقد بدأت أطرافها ترتجف عندما تذكرت المقطع الذي وصلها ثم إجهاضها وهي محبوسة داخل الأربع جدران.
إنها الآن تمر بنفس الوضع و هذه المرة هي موجودة في شقة أخرى لا تدري عنها شيئا ، و كونها مفروشة و مجهزة فمن المحتمل أن كان يجلب فيها باقي النساء اللواتي كن بحياته.
تأوهت مريم بألم و همست :
– انا عايزة امشي من هنا حالا.

حرك عمار رأسه بنفي مغمغما بقوة :
– اتكلمي وبعدها امشي براحتك.
– مش عايزة اتكلم ولا اقول اي حاجة.

– يبقى هتفضلي محبوسة هنا.
رد عليها بجمود أشعل نيران جنونها أكثر فإستدارت اليه و هدرت بقهر امتزج بغضبها :
– انت عايز ايه فهمني ناوي توصل ل ايه من كل اللي بتعمله ده افهم بقى انا مش عايزة اقعد معاك في مكان واحد حاسة نفسي مش عارفة اتنفس وانا قدامك خليني امشي.

ضيق عمار حاجباه عندما شعر بغصة مؤلمة تحتكم صدره لوهلة لكنه تجاهلها و نظر اليها كأنه يقول ” لن أسمح بتحريرك إلا عندما تنفذين شرطي ” ، ثم سحب قدماه ناحية المطبخ تاركا إياها تحطم كل ما يصل ليدها من أغراض و تنتقل إلى النوافذ المغلقة لتمسك قضبانها و تصرخ طالبة النجدة حتى بح صوتها فيئست عند إدراكها لفشلها و ارتخت قدماها لتخرع جالسة تضم رأسها الذي بدأ يؤلمها … محاولة السيطرة على الارتجاف الذي اصابها عند رؤيتها لكل شيء مغلق تماما مثل ذلك اليوم !

بعد دقائق طويلة خرج عمار من المطبخ و حدق في الحالة المزرية التي اصبحت عليها هذه الشقة بعد تدميرها من طرف تلك التي تجثم على الأرضية الباردة فتنهد و قال :
– لو خلصتي الدراما بتاعتك اتفضلي قومي عشان تاكلي و متقعديش ع الارض كده تاني هتاخدي دور برد.

لم تجب مريم عليه ليجز على أسنانه و يسحبها لكي تقف بالقوة هادرا :
– لما اقولك قومي يبقى تسمعي الكلام انتي مش شايفة نفسك بقيتي عاملة ازاي هتأذي نفسك بعنادك ده.

افلتت يدها منه هامسة بصوت متحشرج :
– مش عايزة اكل و ياريت متعملش نفسك قلقان عليا انا عارفة فين مصلحتي.

رشقته بنظرات قوية و استطردت :
– بعدين انا ايه اللي يثبتلي انك محطيتش حاجة في الاكل انا مبوثقش فيك.

نجحت في استفزازه فتقدم منها خطوة على حين غفلة لتتراجع مريم بتلقائية ، رمقها بغضب من فكرة انها تظن به سوءا لدرجة ان تضع إحتمالا بأنه سيؤذيها.
ولكنه أغمض عيناه و تنفس بعمق يطرد طاقته السلبية قبل أن يعود لصوابه و يهز كتفاه بدون مبالاة متشدقا :
– براحتك انا هروح اكل لو انتي مش عايزة مش هجبرك.

انسحب عمار من أمامها و عاد لمكانه على السفرة تاركا إياها تلف حول نفسها بعصبية ثم طالعته بطرف عينها وهو يتناول طعامه لتشعر بنفسها تضطرم جوعا خاصة عندما وصلت لأنفها تلك الرائحة الشهية.
عضت على شفتها متوسلة التحمل و همست بعناد :
– مش هموت يعني لو فضلت من غير اكل الليلة ديه … قولت مش هاكل يعني مش هاكل !

** بعد دقائق.
مضغت آخر لقمة بفمها و بلعتها بهدوء ظاهري و لكن من داخلها كانت تتلذذ و تتعجب من شدة الطعام الشهي الذي أعده حتى أن لسانها كان ينزلق و يمدحه غير أنها تنحنحت و هتفت :
– اهو اي حاجة احطها ف بوقي احسن من اني افضل جعانة حتى لو كانت حاجة بسيطة.

طالعها عمار بعبث وهو يرفع حاجبه متذكرا كيف جاءت و جلست بنفسها على الطاولة لتبدأ بالأكل و هي تكافح كي لا تظهر إعجابها بالطعام و لكن على أي حال هذا لا يهمه.
يكفيه أنهما جلسا على طاولة واحدة مجددا بدون شجار و شد و جذب حتى لو لم تدم هذه الهدنة سوى للحظات قليلة.
نظرت له الأخرى و أحست بالإرتباك من نظراته فإستقامت واقفة و قالت :
– مش انا عملت اللي انت عايزه ها هتسيبني امشي امتى.

ابتسم لها مجيبا :
– شوفتي بنفسك اني رميت المفتاح يعني حتى لو حبيت مش هنقدر نخرج.

انفعلت مريم و ضربت على المائدة بقوة صارخة :
– بطل كدب انا عارفة ان عندك مفتاح احتياطي لانك دايما بتشيل نسخة تانية من المفاتيح بتوعك !

فجأة رأت عيناه الزيتونيتان تتحولان للون الداكن وقد احمر وجهه و ضم قبضته حتى توقعت أنه سينهض و يصفعها ، لكنه بدلا من ذلك بقي يحدجها بقسوة ليهمس بتحذير جعلها ترتجف رغما عنها :
– الحركة اللي عملتيها ديه اوعى تكرريها … اوعى تخبطي الترابيزة تاني انتي فاهمة !

انتصب واقفا بدوره و ترك المطبخ المطبخ متجها نحو الشرفة ثم أخرج علبة سجائره و بدأ يدخن واحدة تلوَ الأخرى وهو يكاد ينفجر من العصبية و الانفعال ، اللعنة لماذا لا تقول شيئا و تريحه هل ما حدث خطير الى هذه الدرجة حتى تصمت ، لكن مادام هو من ارتكب جريمة في حقها اذا لماذا لا تواجهه و تضع النقاط على الحروف لكي تجعله يفهم … لعله يستطيع إصلاح الوضع و إعادة المياه لمجاريها !

بينما من الناحية الثانية كانت مريم تراقبه و تتعجب بداخلها من إصراره على البوح ، لماذا يبدو و كأنه فعلا لا يدرك ما فعله كيف يستطيع تمثيل البراءة بهذا الإبداع.
أم أنه حقا … كلا.
هزت رأسها تمنع نفسها من التأثر بالعواطف و تمتمت :
– انا لازم اطلع من هنا … مش قادرة وانا موجودة في مكان مقفول كده.

إن مريم تعاني من رهاب الأماكن المغلقة منذ يوم إجهاضها ، لأنها في ذلك اليوم وقعت على الأرض تنازع ألم خروج الروح وهي تصرخ لكن صوتها لم يصل الى الخارج بسبب أن الابواب كانت مغلقة فخسرت طفلها ولم تستطع إنقاذه …
ترقرقت الدموع في عينيها و شعرت بالهوان ولكنها تمسكت و بدأت تبحث عن طريقة للهروب إلا أنها لم تجد شيئا فزفرت بحنق و فجأة وقعت عيناها على مطرقة خشبية صغيرة لفتت انتباهها عند دخولها ولم تعرها اهتماما.

لكن الآن عندما لمحتها مجددا بدأت تفكر بجدية فيما ستفعله ، ووجدت نفسها تحملها و تتجه صوب عمار الذي لم بدى وكأنه شارد في أمر ما لدرجة أنه لم يستمع لصوت أنفاسها المرتفعة.
غير أنه عندما شم رائحة عطرها الممتزجة برائحة السجائر استفاق من غفلته و لم يكد يلتفت اليها حتى عاجلته بضربة أسفل رأسه !

أطلق عمار صيحة ألم و انحنى يغمض عيناه مفلتا السباب من فمه فشهقت مريم بصدمة و خوف ولكنها هتفت بمراوغة :
– قولتلك سيبني امشي وانت مرضيتش.

استغلت انشغاله مع ألمه و مدت يدها تسحب المفاتيح من سترته ثم ركضت ناحية الباب إلا أن عمار استطاع التحامل على نفسه و اللحاق بها.
و عندما فتحته رأت يده تمتد لتغلقه مجددا فصرخت بإنهيار :
– ارجوك كفاية انا مش عايزة افضل قاعدة هنا مش عايزة الباب يتقفل.

دفعها بقوة على الحائط و صاح بعصبية :
– للدرجة ديه اتغيرتي و بقيتي تأذي غيرك من غير تردد انتي مش شايفة نفسك بقيتي ازاي ايه سبب الجنان ده.

انكمشت مريم على نفسها و أغلقت أذنيها تهز رأسها بهستيرية فقبض هو على ذراعيها و أردف :
– انتي مين فهميني عايزة تقتليني هو ده اللي ناوية عليه صح و بتقولي أنك اتظلمتي مني ده انا اللي كنت مخدوع في براءتك و فاكرك … انتي … مريم …

خفت صراخه و تحولت نبرته الغاضبة لأخرى قلقة عندما رأى وجهها شاحبا كالموتى و جسدها يرتجف بصورة ليست طبيعية و أنفاسها متقطعة.
و لأنه أدرى بهذه الأمور نظرا لأنه عاشها كثيرا أدرك أن مريم تمر بنوبة هلع خاصة عندما لمحت خيط الدماء الرقيق الذي ينزل من رأسه و يهبط لمقدمة عنقه.
و في ثواني أصبح صوته أكثر حنية و لطفا في الوجود عندما ضم وجهها و همهم :
– مريم اهدي مفيش حاجة خلاص متخفيش.

و لكنها لم تكن تستمع إليه … جل فكرها كان يعايش حادثة تلك اليوم عندما صرخت و استنجدت و غرقت في دمائها لكن لم يأت أحد … لم يساعدها أحد … هاهو ذلك اليوم يعيد نفسه وهي لن تنجو … ستبقى محبوسة هنا …

غطت وجهها بخوف فأبعد عمار يداها و همهم محاولا تهدئتها :
– كل حاجة هتبقى كويسة مفيش داعي تخافي انا هنا معاكي.

ثم التصق بها و همس في أذنها بحرارة :
– انا جمبك مهما رفضتيني هفضل دايما معاكي يا حبيبتي …

– افتح الباب.
بالكاد استطاع عمار فهم مقصدها من حروفها المتقطعة فهز رأسه بإيجاب و نفذ ما تقوله فورا و قال :
– انا فتحته خلاص بصي.

رفعت الأخرى عيناها و تنهدت براحة بائسة عندما لفحتها نسمات الهواء الباردة ، ثم اعتراها الإحساس بالعار لأنها كشفت له رهابها و استطاع معرفة نقطة ضعفها.
لذلك تطايرت الشياطين من حولها و انقضت عليه فجأة تهاجمه و تضرب صدره مزمجرة :
– عامل نفسك خايف عليا وانت السبب في اللي بيحصل … فاكر هتقدر تخدعني تاني و بتقول عليا مؤذية مفيش حد غيرك هنا بيأذي انت اسوء انسان انا شوفته في حياتي !

اندهش من هجومها و كاد يمنعها لكنه توقف عندما تحشرج صوتها و غرقت في البكاء وهي تهمهم :
– انت دمرتني … سرقت مني كل حاجة حلوة في حياتي خليتني مسواش في نظر نفسي خنتني و خدت مني ابني و خليتني اعيش مقهورة و قرفانة مني.

هز رأسه ينفي اتهاماتها ثم ضمها من كتفيها لكنها أبعدته عنها بسرعة صائحة :
– ابعد عني اوعى تلمسني انا بكرهك بكـــرهـــك اوعى ايدك عني.

– مريم كفاية.
غمغم يعيدها لصوابها إلا أنها ظلت تدفعه عنها حتى فقدت توازنها فخرت ترمي نفسها على الأرض تبكي بهستيرية ارتعدت لها مفاصله و أحس بقلبه يقتلع من مكانه بقسوة شنيعة ، ومن دون أن يشعر وجد نفسه يضم وجهها بيديه رغم امتناعها و حدجها بنظرات ملتمعة وهو يهمس بكل عنفوان :
– اسمعيني كويس انا مش عارف انتي فاكرة ايه عني بس اقسم بالله عمري ما أذيتك بقصد و والله العظيم لما استوعبت انك حامل كنت هعلن جوازنا و اوديكي للقصر بتاعنا.

– انت بتكدب عليا.
همهمت بتشنج لكنه شد وجهها ناحيته و أردف بنبرة قوية :
– بصي في عينيا و قوليلي لو شايفة اني بكدب … حطي رايك عني ع جنب و كوني صادقة معايا مرة واحدة و قولي انتي شايفة ايه من لهفتي علشان اعرف اللي انتي مخبياه.

إنها ترى الصدق و الأمانة … هذه اللمعة التي في عينيه يستحيل ان تكون كاذبة غشاوة الدموع تلك لا يمكن ان تتشكل لو كان كاذبا ، و صوته المتحشرج من غير المعقول أن يكون تمثيلا منه.
لكنها رأت مقطع قبلاته مع ابنة عمه … و أخبرتها الممرضة أنها تسممت عن قصد ، وهي لم تأكل شيئا ذلك اليوم إلى قطع الشوكولاطة التي أرسلها إليها … ماذا تفعل ومن تصدق كيف السبيل للحقيقة يا الهي.

ظلت تحدق به و تركز في ملامحه حتى كفت عن بكائها و هدأت شهقاتها ، ولم تدري كيف وضعت رأسها على كتفه و أغمضت عيناها مستسلمة لإغراء النوم ، و خفُت الضجيج …

________________
مضت ساعات الليل الطويلة ، و انبثقت من رحمه خيوط الشمس التي بزغت تنثر ضوءها في السماء بعد ليلة قضاها وهو جالس على المقعد في الشرفة يدخن سجائره بغير حسبان حتى أنهى العلبة بكاملها.
فطفق يعيد مشهد الأمس للمرة الألف في عقله ، و يلوم نفسه لأنه كان سببا في إنهيارها.

كيف لم يلاحظ أن رهابها كان بسبب خوفها من ذكريات ذلك اليوم ، عندما دخل عليها ووجدها في مكان مغلق غارقة في دمائها اختض قلبه بين ضلوعه و ظل المشهد معلقا في ذاكرته الآن اذا كيف ستكون حالتها وهي من عايشتها لحظة بلحظة.
هذا ما يبرر تركها لجميع أبواب الغرف و النوافذ مفتوحة ، تأفف بألم عندما تحسس الجرح أسفل رأسه ومن حسن الحظ أنه كان لديه علبة الاسعافات الأولية و أدوية الصداع في درج السيارة …

لا يزال حتى الآن متفاجئا من جرأتها وكيف ضربته بدون ان تتردد لحظة واحدة ، و لسبب ما أعجبه كونها حاولت بكل جهدها أن تتحرر منه ربما لأنها اذا وقعت في ورطة ما مستقبلا ستكون قادرة على انقاذ نفسها.
ابتسم عمار و همهم بيأس :
– يعني اخرتي اتضرب و افرح كمان … هشوف ايه تاني اكتر من اللي شوفته.

دلك صدغيه بإرهاق و نهض ليذهب الى الغرفة التي تنام فيها ، دلف و جلس على جانب السرير يطالعها وهي نائمة و تتمسك بالغطاء كأن أحدا ما سيأخذه منها ، تماما مثلما كانت تفعل في السابق لطالما كانت تسحب أكبر قسم من الغطاء و تترك له القليل ليدبر أمره به.
مالت شفتاه في ابتسامة خافتة و داعب شعرها الذي تشعث و عاد لطبيعته كثيفا و مموجا ، كم اصبحت جميلة عندما عادت لشكلها الاصلي.

تململت مريم و رمشت فأبعد عمار يده و انتظرها لتستيقظ ، و بمجرد أن فتحت عيناها و رأته انتفضت جالسة تهمس بصوت مبحوح :
– انت بتعمل ايه هنا … ايه اللي حصل.
– انتي مش فاكرة ؟

نظرت له لثوان تتذكر انهيارها الليلة الماضية وكيف ضربته في غمرة جنونها و جعلته ينزف ، فحادت بعينيها تلقائيا نحو رأسه و أدرك هو ما تفكر به فغمغم :
– انا كويس الحمد لله الضربة مكنتش قوية … و بما انك بقيتي احسن دلوقتي جهزي نفسك هرجعك لشقتك.

انتصب واقفا ليخرج و حينما كاد يتجاوز عتبة الباب أوقفه همسها الخافت :
– انت بجد مش عارف عملت ايه.

شعر من نبرتها بأنها مستعدة لتواجهه فاستدار اليها فورا و رد عليها بحذر :
– ايوة مش عارف ومش فاهم ليه بتتهميني بالخيانة.

تنهدت مريم و تأملت قسماته التي لا تدل سوى على الصدق فإزدادت حيرتها و تذكرت يوم سألتها هالة إن كانت متأكدة من اتهاماتها لعمار و ماذا ستفعل لو اتضح أنها مخطئة.
المشكلة الآن هي أنها أصبحت غير متأكدة من أفكارها إتجاهه بعدما كانت متأكدة من أنه خائن و قاتل ، و لكن صبره على أفعالها و مواساته لها ليلة البارحة و تلك الدموع التي أبت النزول من عينيه جعلتها تغرق في بحر الحيرة فلم تعد تعرف ماذا تصدق.

لذلك تنحنحت تنظف حنجرتها ثم أخذت نفسا عميقا و قالت :
– انت قولت انك مخنتنيش ومعملتش حاجة تأذيني بقصد.

اومأ بالإيجاب سريعا و جلس مقابلا لها يهتف بكل ثقة :
– معملتش … و مخنتكيش انا خطبت ندى بعد ما يأست من اني الاقيكي.

– يعني انت مقربتش منها خالص واحنا متجوزين ؟

ترك يدها التي أمسكها و ازدرد ريقه متذكرا قبلة ندى له في ذلك اليوم عندما كان تحت تأثير الدواء ، و انقشعت ثقته و تصميمه فلوت مريم شفتها بتهكم مكملة :
– بتقدر تنكر انك بوستها في نفس اليوم اللي انا خسرت فيه البيبي.

فتح فمه بدهشة و اعترت الصدمة دواخله من حديثها فرشقها بدون استيعاب كونها تعلم ما حدث لتكمل الأخرى و تلقي ما بجعبتها أخيرا :
– انا شوفت و عرفت كل حاجة يا عمار لان في اليوم اللي حسيت فيه بوجع رهيب في بطني وكنت هتصل بيك عشان تلحقني وصلني فيديو ميسيج ليك انت و بنت عمك … كنتو قاعدين ع سرير واحد و بتبوسو بعض وانت حاضنها …
يعني انا شوفت خيانتك بعينيا !

________________
ستووب انتهى البارت
اخيرا انكشف اول سر
رايكم بمشهد محاولات مريم لانها تهرب
رايكم ب انهيارها و دعم عمار ليها ؟
عمار هيعمل ايه بعد ما حكتله ع الفيديو و هيقولها ايه ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نيران الغجرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *