روايات

رواية أسد الصعيد الفصل السادس والعشرون 26 بقلم إيمي عبده

رواية أسد الصعيد الفصل السادس والعشرون 26 بقلم إيمي عبده

رواية أسد الصعيد البارت السادس والعشرون

رواية أسد الصعيد الجزء السادس والعشرون

أسد الصعيد
أسد الصعيد

رواية أسد الصعيد الحلقة السادسة والعشرون

كانت نور بحاله سيئه تماما وكل ما تفكر به كيف ستكون
حياتها لو فقدت والدتها ولم تسمع أى مما قاله فهد عن عدم سوء حالة والدتها كذلك لم تشعر به حين غاب وعاد يحمل علبتي عصير رفضت أن تتذوق إحداهما فجلس بجوارها صامتا وإزداد نحيبها حتى
آلمتها رأسها وغفيت وهي لا تدرى هل تبكى والدتها أم حالها البائس أم تفجر كل ما عانته؟ وظلت عنه صامته تأبى إظهار ضعفها
صرعت رأسه أصوات النساء التي لم تكففن عن الثرثره رغم تحذير إحدى الممرضات لهن من إزعاجهن للمرضى
– يوه ياختى وإحنا عملنا إيه أدينا بندردش شويه نسلى روحنا على ما نطمن عالوليه أما عجايب
سيبك منها إحنا كنا بنقول إيه آه حد كان يصدق اللى حصل
– يا عيني يا أم نور حد كان يقول دى أخرتها
– ياختى هيا اللى جبته لروحها دى نور يا حبة عينى كان ناقص تبوس جزمتها لجل ماتتجوزش تانى ودى تقول ابدا لازم تورى جوزها الأولانى انها مبسوطه ومش سائله فيه
– يا قلبى زى ما يكون قلبها حاسس انه واطى
– مكنتش مرتاحه من الاول راخره طفشت وقعدت عند ابوها
– آه ياختي ما ان مرات ابوها كانت حيزبونه بس أهون من الزباله ده
– أنا مش فاهمه ليه مطلقتش لغاية دلوقت؟!
أشارت لها أخرى بإخفاض صوتها المجلجل : إسكتى دى هتموت وتخلص منه بس مهواش راضي
– ياختى إسم الله من غرامه فيها أوي
نظرت الأخرى يمينا ويسارا وأشارت لهن بالإقتراب وتمتمت بما تظنه هي أنه همس : وإنتى الصادقه من غرامه ف نور دا هيتجنن عليها إسكتى دا أنا بسمع من عندهم حزن ياما دى البت عايشه ف هم ياختى
– دا راجل شمال وفيه العبر ولاوى إيد البت بأمها
فضربت إحداهن صدرها بفزع : يا لهوى لهی نور وقعت
إنتصب جسد فهد وأرهف السمع بعدأن حبس أنفاسه منتظر تفسيرا لما يقال فأجابت الأخرى بعتاب : عيب عليكى دى نور… وبعدين يعنى بمخك ده لو هيا وقعت كان لسه لابدلهم
– الله أومال قصدك ايه؟!
– يا وليه على مهيتها اللى لاهفها وامها اللى مش عايز يطلقها ولا عاوز البت تتجوز عشان ميبقلهاش راجل
يحميها ويقفله وهيا مش غادره تطفش عشان امها مهددها بيها
تنهد فهد بإرتياح بينما علقت أخرى : الله يدعقه البعيد مش عامل حساب لحد
لم يخرج فهد من شروده سوى حين حمحمت نور بإرتباك وهي تشير له نحو كوبه : القهوه بردت
نظر إلى كوب القهوه وكأنه تفاجئ بوجودها : مش مهم أنا اصلا مكنتش عاوز قهوه
– بس دا انت اللى طلبتها؟!
أومأ بصمت فأشاحت بوجهها عنه تنظر بعيدا تعود بذكراها لساعات طويله مضت فهى لم تسمع ما ثرثرت بهن جاراتها عن حياتها ولا ما علمه فهد عما
تخفيه عنه لكنها منذ إستيقظت ووجدته يجلس بجوارها وهو صامت بطريقه مريبه وقبل أن تستفسر عما به وجدته يخبرها أنه حان الوقت لتنهض ليدخلا ويطمئنا على والدتها وقد كان هادئا أثناء تعارفهما ولم يبدى أى تأثر بأى شيء والجمود الذى حل عليه من أين لا تعلم ولا تفهم سببه جعلها تشعر بالتوتر لكن
هذا لا شيء فما حدث بعد أقل من ساعتين كان الأسوأ فقد أتى زوج والدتها بكل وقاحه يسأل عن والدتها وحين رأى فهد تأمله بتفحص ثم نظر لها بإبتسامة نصر
– ومين بقى الأستاذ؟
حينها خرج فهد من جموده ونظر إليه بتحدى : إنت اللى مين وعايز إيه؟
إقترب خطوه من نور فتراجعت غريزيا للخلف ودون تردد وقف فهد أمامها يحميها وعيناه تطلق تهديدات صريحه لهذا الاهوج الذى يقف أمامه الذي عاد للخلف وسألها
– إيه ده جايبالى بلطجى يحميكي؟
– مفيش بلطجى هنا غيرك
لم تنتظر حماية فهد بل اجابته بتحدى بعد ان ثار غضبها ألديه ادنى درجه من الكرامه حتى ليظل على وقاحته بعد ان كاد يقتل والدتها لكنه علق بقهقه
ساخره : والله وطلعلك ضوافر يا قطه
حينها وجدت فهد يشحذ مخالبه وعيناه تبرق بتحذير : طلعلها وهطلق امها ورجلك فوق قفاك
– وانت مين بقى عشان تنحشر بيني وبين المودام
لم يعبأ بوقاحته أو ما قد يفعله بل هتف بسخط : اتحرق انت ومدامتك بس لما نور تبقى ف النص يبقى المودام بتاعتك تنساها يا تطلقها يا هتخلعك واحسنلك تروق كده وتجى دوغرى بدل ما وحياة
اللى جابتك من غير مناسبه لأخليها تترحم عليك
هلل بصوت جهورى : انت بتهددنى عينى عينك كده اشهدوا يا خلايق عايز يخرب بيتى ويموتنى
لكن فهد لم يتأثر بما يفعله : الشويتين دول تعملهم مش عليا يا حدق مراتك عملت محضر باللى جرى ونسوان حتتكم كلهم شهدوا عليك يعنى كده بقى منك للحكومه
شحب وجهه فجأه وتمتم بقلق : انت كداب هى متغدرش تعمل كده
– لا تقدر لما تبقى حياتها تبقى التمن وكده كده ميته يبقى يا تاخدك معاها يا تخلص منك
إبتلع ريقه بخوف ونظر إلى نور عله يجد ما يريحه لكنها كانت تنظر له بإحتقار كعادتها ولم يرى أى أمارات التوتر عليها لتُكذب ما سمعه فنظر حوله
بإرتباك حينها لاحظه أن بعض الممرضات وأهالى المرضى ينظرون نحوه بإرتياب جعله يشعر بالخطر ويغادر مسرعا ليعيد ترتيب خطته فقد اصبح هناك تطورات لیست بصالحه الآن
لم تسأل نور عن كذبة فهد بخصوص المحضر ولم تحاول التعليق على ما حدث لكن الصوت وصل لوالدتها حينها نادتها بصوت واهن فأسرعت نحوها تطمئنها أنه تم حل المسأله بهدوء وان شيطان
حياتهما رحل مؤقتا وأن فهد تصدى له بضراوه فسكن خوفها وأومأت ببسمه راضيه وطلبت أن ترى فهد الذي أتى ينظر إليها بهدوء
– تسلم يا إبنى ويبارك ف عمرك
– انا معملتش حاجه واعتقد ان اى حد مكانى كان هيعمل كده واكتر
– بيتهيألك يا ابنى احنا ف زمن كله بيقول يلا نفسى
بدى جامدا يجيبها برسميه مزعجه جعلتها لا تثرثر معه كثيرا لكن بعد أكثر من ساعه طلبت رؤيته مجددا ثم نظرت إلى زور : انا ريقى ناشف هاتيلي أشرب
اسرعت لتصب كوب الماء لها لكنها رفضت : لأ يا حبيبتى انا عاوزه عصي
ر
حينها فطن فهد لما تريده فنظر الى نور : روحى هاتيلنا عصير من الكافتيريا ومتستعجليش ف الرجوع
لم يكن هناك ادنى شك لما فهمته فوالدتها تريد ان تحادثه وحدهما وهو يوافق على هذا لكنها لا تريد هذا ولم تستطع ألا تغادر ولم تعلم من أى منهما
ما قالاه لبعضهما لكن فهد كان أكثر شرودا منذ حينها وحتى الآن بينما بدت والدتها اكثر راحه عما بدت سابقا وهى تظن أن حضور زوجها هنا سبب توتر
بينها وبين فهد
❈-❈-❈
حين عاد صخر إلى المنزل كأنه لم يغب مطلقا ففيروز إستقبلته وكأنها كانت صجرت من رؤيته بينما كانت حسناء منشغله مع فيروز بعمل ما والأسوأ أن بعد عودته بأقل من نصف ساعه أتت والدة ورد تسأل عن إبنتها وكأنها تائه أو مخطوفه وحين راته كأنها وجدت من تفجر غضبها به
– واد اخوك خد بتى وراحوا فين؟
– ابن أخويا اللى هو جوزها مش إكده؟
– ملياش صالح بتى ترچع مكفهوش اللى چرى لدارى وارضي
أكدت على ياء الملكيه فمنذ الحريق واعتبرت ان إستيلائها على الارض والدار امر مفروغ منه وظنت ان اسد لم يعد ذلك لتهربه منها لظنها أن والدته حذرته منها لكن صخر لم يبالى بحماقتها وتابع سخريته
– يا وليه يا ام مخ مصدى بتك ويا جوزها ف داره ف البلد عاوزاها الجطر موچود نطى فيه واتكلى وياريت يفرمك جبل ما ترچعى خلينا نخلص الظاهر حماة بتك معرفتش تديكى على دماغك وصدجتى ان ليكى عازه ورچلك خدت على إهنه
– دار بتي!
– لا يا أختى دى فيلا عيلة چوزها اللى هيا فرد فيها وانتى تيچى ضيفه وتمشى بالأدب
– كنك هتكرشني؟!
– كنك فهمتى بجولك إيه انى راچع مصدع وخلصان مش فايجلك ثم منتش من كولا لمبور وخابره عوايد البلد زين من ميته الواحده بتجعد بدار چوز بتها چوزك وچبتى خبره وبتك تعستيها طول عشيتها
وياكي اجعدى ف دارك استغفرى ربك يمكن يخفف عنك عذاب چهنم يا بومه
إتسعت عيناها بصدمه من مواجهته الصريحه ونظرت حولها بإرتباك عل فيروز تنقذها لكنها وجدت أنها وحدها فغادرت تجر أذيال الخيبه خلفها فقد كان
قاسيا معها غير عابئ بشيء فما بال الأمر مع أسد وإرتعدت أوصالها مما قد ينالها منه وفكرت بألا تحاول إثارة غضبه وتكتفى بما لديها فقد جعل مسكنها المستأجر ملكا لها ولديها راتبا لم تكن
تأخذه بإيجار عام كامل للأرض كما انه يرسل لها ما تريده ومن يخدمها وكبحت رغبتها الملحه في المزيد من الرخاء وتمنت لو فقط تظل الامور على ما هي
عليه وألا تسئ إبنتها التصرف فيتركها وتخسر كل ما تناله منه وخفت قدمها عن الذهاب إلى هناك لكى لا تثير سخطهم لكنها حين ذهبت اثارت موضوع الإنجاب الذي أيدتها به فيروز بلهفه فإطمئنت أن
إبنتها محبوبه بينهم لذا لابد ان تنجب لتوطد قدمها بين افراد هذه العائله
❈-❈-❈
أصبحت الحياه بين اسد وورد اكثر من رائعه فهو يذهب مع الرجال للعمل بالحقل وهى تقوم على اعمال المنزل بنفسها وترفض تماما أن يعاونها أحد مما يزيده سعاده فرؤيتها وهى تعمل تجعله يحيا الحياه التي لطالما ارادها معها يريد حياه بسيطه لطيفه وقد عادا يتحدثان بلغتهما الأم كما انها بذلك
تعيد له ذكريات سعيده من أيام طفولته
جلست تعجن بإناء العجين الفخارى الضخم فجلس يتابعها بإستمتاع فقضبت جبينها : وہ مالك جاعد تطلعلى إكده ليه؟!
أجابها ببسمه راضيه : عاچبنى المنظر
شهقت بخجل وأزاحت بكوعيها طرف جلبابها للأسفل لتخفى ساقيها العاريتين فإبتسم بجانب فمه وتابع
بسخريه
– مخك زغير جوى أنى عتحدت عن العچين نفسه كملى عچن
نظرت اليه متعجبه: وإيه اللى يعچب ف إكده؟!
تنهد بحنين: ستى زينه كانت لحد آخر أيامها هيا اللى بتعچن ف الدار وخبيزها مكانش ليه زي وكنت أجعد أطلعلها وهيا تعچن سبحان الله العافيه كانت بترد ف چتتها فجأه وهيا بتعچن وأما سألتها مره عن ديه جالتلي انها اتعلمت تعچن لچل خاطر چدى ما ياكل من يدها وكل مره تعچن وتخبز تحس كنه وياها وكنت استنى العيش السخن وهو طالع من الفرن وريحته تهفهف عالجلب وتعبى الدار
– بس چدك مين فيهم عوض ولا صجر؟
– له عوض ملحجتش تتعلم حاچه كان بيرفض لچل ما چدتي چميله ما تمرمطهاش اصلها مكنتش عتشتغل ف الدار ولو كانت هيا خدمت ف الدار كانت
عملتها چاريتها ومعتعتجهاش والمشاكل عتكتر وياما كان محبب على جلبها الهم يراعى الكل متدريش
تحسيها كانت مفطومه عالأذيه
– الله يرحمها سمعت عنها انها كانت صعيبه جوى بس مهيا كانت ضرتها اما كانت بتعچن!
– له جدى عوض كان طيب وساعتها كانت سلفتها ومرتضاش يحصول مشاكل بيناته وبينات أخوه من تحت راس حريمهم بس لما بجوا ضراير بجى
حكمهم تحت كلمة راچل واحد ومن غير حاچه كانت ستى زينه وعيت لحاچات كاتير ومبجتش تهاب من ضرتها ولا تعملها حساب فلو جالتلها اعملى حاچه
عتجلب الحاچه دى على راسها
– بس اني غلبانه على كدى معچيش حاچه ف شطارة ستك زينه دى البلد كلياتها كانت عتتحدت عنيها الله
يرحمها
إبتسم بفخر : اوماااال مش مرت صجر الچبل
وإبتسمت بخجل : وه ما إنت أسد الچبل
إعتدل ينظر لها بإشتياق وهمس بعشق لم يعد يخفيه : وإنتى الغزاله اللى أسرت جلبي
❈-❈-❈
إستيقظ فهد اليوم لا يرغب بأداء أدنى مجهود لذا ظل بفراشه أكثر من العاده حتى أتاه الخادم العجوز الوفى الذى يقوم على خدمته منذ توفت والدته فقد كان خادمها فيما مضى يستفسر منه عن سر تأخره عن العمل فحتى لو كان مريضا يرفض المكوث بالفراش وحتى حين كان يعود سكيرا بالساعات الاخيره من الليل فقد كان ينام قليلا ثم يأخذ حماما سريعا يعيد نشاطه وتركيزه إليه لكنه اليوم على خلاف عادته كما بدى منذ يومين شاردا كحاله حين كانت والدته على فراش الموت ورغم سعادته أنه أخيرا كف عن معاقرة الشراب بطريقه غامضه لكنه الآن يتمنى لو يشرب على ألا يعود إلى تلك الحاله التى كانت تجعله فاقدا للحياه لقد لجأ إلى الشراب للهرب مما يؤلمه سابقا وقد كف عنه رغم أنه كان يبدو أحيانا مختلاً يحادث نفسه لكن العجوز ظن أن ذلك من أثر محاولته ترك الشراب وقد أراحه حديث فهد عن فتاه إستفسر من أمجد عنها وهى تبدو حقا مختلفه عن كل من عرفهن فهد فيكفى أنه يتحدث عنها على أنها إمرأه تستحق التفكير بها كزوجه وشريكه لحياته وليست كما كان يصف النساء وكأنهن خلقن للهو لقد كان يكره أباه ويكره أن يكون أبا لكنه دون أن يدرى بمحاولته الهرب من واقعه الأليم تحول تدريجيا لأسوأ من أباه حتى ظهرت تلك الفتاه التى أصبح متحمسا بشده ليعرفه فهد عليها وليتم زواجهما بأسرع وقت ممكن لكن ماذا حدث فجأه جعله هكذا لا يدرى
– مالك يا إبنى فى حاجه تعباك ؟
أشار بوهن إلى موضع قلبه فهتف العجوز بجزع :اطلب لك دكتور؟
إبتسم بتعب :لا يا راجل يا طيب وجع قلبى مش مرض دا أصله حب ولا طالشي
أشفق على حاله : ليه بس يا إبنى مش كنت بتقول إنها مياله ليك بس فيه مشاكل عندها عشان كده هتأجلوا الخطوبه
إبتسم بسخريه : إتضح إن المشكله فيا أنا أصل عندها جوز أم خمورجى وزباله ولجل البخت أول معرفتى بيها كنت سكران طينه ودلوقتى تقدر تقولى هترضى بيا إزاى وانا بالنسبه ليها نسخه من أكتر حد بتكرهه ف الدنيا
أنهى سخريته على حاله بنبره متألمه فحاول مساعدته : طب ما تتكلم معاها وتفهمها إنك غيره وتعرفها إنك بطلت شرب
تنهد بيأس : وتفكر هيجى بفائده بعد ماشافتنى كده؟
فتنهد العجوز كذلك :أنا مش فاهم حاجه طب فهمنى يا إبنى بالراحه عشان انا كده توهت
– حاضر اقعد وإسمعنى وقولى رأيك

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أسد الصعيد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *