روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الخامس والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الخامس والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الخامسة والخمسون

عالم أنت بحالي يا غني عن سؤالي
لست أشكو إنما أرجو بدمعي وإبتهالي
خائف من قسوة الدهر ومن ضيم الليالي
حامل عبء ذنوبي سالك ليل ضلالي
شارب ماء الخطايا آكل زاد الخيال
والذي أحمل من همي عات كالجبال
ولقد أوشك أن يضعف عزمي وإحتمالي
فأعني فبكاء الحر في الشدة غالي
وأنلني منك سبحانك ما يصلح حالي
وقني من كل سوء في مقامي وإرتحالي
واعف عني إنني إن تعف عني لا أبالي
_النقشبندي.
______________________
<“وما اللقاء الذي مضى يُنسىٰ، وما المظلو’م بمنسيٍ.”>
تمر الأيام ومعها اللقاءات بمختلف أنواعها، وتمر السنوات ويتغيَّر الإ’نسِ، ولَكِنّ لا تتغيَّر اللقاءات ولا العقل بمنسيٍ، مظلو’مٌ أُ’هينَ أمام الجميع ونُسِـ ـبَت إليه تُهـ ـمةٌ شـ ـنيعة لا يقد’ر على إرتكا’بها العا’صي، ولَكِنّ في ذاك الزمان أصبح كل شيءٍ مُبا’حٌ، الخيا’نة والكبا’ئر والجرا’ئم الشنعـ ـاء، كل شيءٍ في منظور البشر في هذا الزمان أصبح مُبا’حٌ ومُسـ ـتحب، وما بأرضٍ يسو’دها الفسا’د إلا وإن كان حا’كمها فا’سدًا وفي تلك الأرض كان حا’كمها عا’دلًا أما شعبها كان بفا’سدٍ يعشـ ـق إرتكا’ب الجرا’ئم وكأنها حلوىٰ شهية كانت مُحر’مة على أمثاله وحينما حُـ ـلِلت إليه تما’دى في تناولها.
_ها يا معلم عملت إيه عرفت حاجة؟.
_آه يا عمي الصور متفبر’كة بس اللي مفبر’كها عا’لمي مش مخلّي فيها غـ ـلطة بس العبد لله مش قُـ ـليل برضوا ثانيًا عنوانه هتلاقيني باعتهولك على “الواتساب” عيـ ـش حياتك معاه زي ما أنتَ عايز هو قاعد فڤيلا لوحده يعني هتاخد راحتك على الآ’خر.
ألتمـ ـعت عينيه بو’ميضٍ بعد أن تلقـ ـى الإجابة التي كان يريدها ليبتسم أبتسامة جانبية وهو يتو’عد إليه بالو’يلات وردّ حـ ـق واحدة مِن نسـ ـاء عائلته، أغلا’هن على قـ ـلبه والأخت الصغيرة إليه والتي ساعدته كثيرًا حينما كان في معضـ ـلةٍ، اليوم جاء الميعاد لر’دّ الحـ ـق لها.
_حلو، زي ما أتفقنا حلاوتك هتوصلك زي ما وعدتك الو’اد دا شكله مش سهـ ـل ومبيسـ ـيبش حاجة وراه وعشان كدا كُنْت عارف إن صعـ ـب نمسكه بس كُنْت عارف برضوا إن “النمـ ـر” مش أي حد وقت ما مزاجه يجـ ـيبه يتحرك يبقى كل سنة وأنتَ طيب.
_وأنتَ طيب، المهم عايز أشوفك مش وقت المصا’لح حبايب ولا إيه يا عمنا؟.
أبتسم “علي” فمازال يذكُر حينما إلتقـ ـى بهِ في إحدى المرات صُدفةٌ لَم تكُن حينها عابرة، بل كانت ذات و’صمة فمِن بعدها أصبحا صديقان مقربين، أجابه مبتسمًا وقال:
_مقد’رش يا “نمـ ـر” أنا برضوا بتاع مصا’لح؟ عمومًا هجيلك بليل نسهر حبة حلوين مع بعض أخلّص مشاويري وأجيلك.
أنهـ ـى مكالمته مع صديقه مبتسمًا ثم ولج إلى التطبيق الشهير “واتساب” ليراه أرسل إليه العنوان عبر طريق الـ “GBS” حتى لا يفقـ ـد الطريق لتلوح أبتسامة خـ ـفيفة على ثغره ثم أغـ ـلق هاتفه ووضعه في جيب بنطاله ونظر أمامه يُفكر، أقترب مِنهُ أخيه “عادل” ليقف بجواره قائلًا:
_بقولك إيه يا “علي”.
ألتفت إليه برأ’سه ينظر لهُ دون أن يتحدث ليبتـ ـلع الآخر غصته بهدوءٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنا هنزل الجامعة النهاردة عشان خلاص الأسبوع اللي جاي الأخير وهبتدي أراجع عشان الفاينل بس كُنْت عايز أعرف لو شوفتها النهاردة أعمل إيه أنا بصراحة ما بين إني أطـ ـنشها وكأني مش شايفها وبين إني مش هقد’ر وهبقى مفضو’ح خصوصًا فوجود صاحبتها المخا’برات دي.
أبتسم “عادل” وحرك رأسه برفقٍ يئـ ـسًا مِن هذا الشا’ب الذي أصبح مهو’وسٌ بتلك الفتا’ة لينظر إليه قائلًا:
_أنا نفسي أشوف البـ ـت دي لأني شايف إنها لا’حسة د’ماغك وغا’وي مر’اقبتها.
_بصراحة بقى لو قولتلك هطنـ ـشها فأنا هعمل العكـ ـس لأني مش هقد’ر أنا ما بصدق أشوفها بصراحة، أعمل إيه طيب ما أنا مقد’رش أديك كلمة فوجودها معايا فنفس المكان.
أخذ “علي” نفـ ـسًا عميـ ـقًا ثم زفـ ـره برفقٍ وصمـ ـت قليلًا يُفكر في شيءٍ ما فيما كان “عادل” يتابعه دون أن يتحدث وهو لا يعلم لِمَ أخيه مازال صا’متًا حتى الآن وفيما يُفكر، نظر إليه بعد برهةٍ مِن الوقت وقال:
_بقولك إيه؟ هو عادي لو دخلت جوه معاك ولا هيتشـ ـك فيا؟.
_لا عادي أساسًا مبيبصوش فكارنيه خلاص السنة خلصت وبعدين أنا أعرف ناس بتجيب أخواتها الصغيرين معاها عادي فأيزي يعني.
_طب أستنى أنا هاجي معاك، عايز أشوف يومك بيمـ ـشي أزاي وعلى قـ ـلبك وهي موجودة أما أشوف آ’خرة الوضع دا إيه.
تهـ ـللت أساريره بسعادةٍ طا’غية ليعانقه بقو’ةٍ يشكره على مجيئه معه ومرافقته إليه، فيما أبتسم “علي” وقام بالتربيت على ظهره برفقٍ متعهـ ـدًا على مساعدته إن رأى أنه يستـ ـحقها فلن يسمـ ـح إليه بأن يكـ ـرر خطـ ـأه مرةٍ أخرى مثلما فعل في الماضي مع “شادية” التي تزوجت في الأمس مِن “هادي” ذاك الشا’ب الذي يعشـ ـقها قبل أن يظهر أخيه في حياتها.
_هطـ ـلع أجهز وأنتَ شوف دنيتك إيه جهز نفسك لحد ما أخلّص.
وافقه “عادل” حديثه ليتركه ويتوجه إلى غرفته بخطى وا’سعة والسعادة باديةٌ على معالم وجهه أسفـ ـل أنظار أولاد عمومته الذين تابعوا سيره حتى أختـ ـفى مِن أمامهم، وجهوا أنظارهم إلى “علي” الذي أبتسم واقترب مِنهم بخطى هادئة ليقول بخـ ـبثٍ:
_عادي، بيحبّ جديد أدعوله بالبركة لحسن دا حظه في بلا’عة مجا’ري عمره ما عمل حاجة حلوة وكملت معاه يكش أفـ ـكله النحـ ـس.
تعا’لت الضحكات على حديثه ليبتسم هو ويتركهم متوجهًا إلى غرفته بعد أن بحث عن زوجته ولَم يجدها بينهم حيث اليوم هو الجمعة وإجازة الجميع فيما عدا “عادل” الذي كان يصادف اليوم يوم دراسته في الجامعة فهذه آخر سنة دراسية لهُ في _جامعة حلوان_ ولذلك أصبح يُذاكر طوال الوقت حتى يوفي بوعده إلى أخيه الكبير بحصوله على أ’على مجموع.
ولج إلى غرفته مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه با’حثًا عنها بعينيه بعد أن رأى الغرفة فا’رغة ولا أ’ثر لها، وضع هاتفه على الفراش ثم بدأ يبحث عنها في أنحاء الغرفة حتى سَمِعَ صوتها يأتي مِن المرحاض متأ’لمًا ولذلك توجه إليه بخطى هادئة ثم بدأ يطرُ’ق عليه برفقٍ ويلي ذلك صوته الهادئ حينما قال:
_”لارين”، أنتِ كويسه؟ في إيه أفتـ ـحي الباب.
وبالفعل فتـ ـحت الباب ليد’فعه هو برفقٍ ليرى حالتها المتأ’لمة أمامه، كان يتوقع أن يرى ذاك المشهد خصيصًا بعد أن ر’فضت تناول الفطور معهم، أقترب مِنها ليقف خـ ـلفها مباشرةً ثم حاوط خصرها بذراعه حتى يد’عم ثقـ ـل جسـ ـدها وباليد الأخرى بدأ يُبـ ـللها ويسير بها على وجهها وخصلاتها فهذه المرة تعـ ـبها سيكون مضا’عفًا ووجب عليه التضـ ـحية لأجلها.
أخذ المنشفة ثم بدأ يمسـ ـح بها على وجهها برفقٍ وهي كانت مستسـ ـلمة تمامًا بعد أن رأته يجاورها ويساعدها مثلما أعتادت مِنهُ في المرة السابقة، أخذها وتوجه بها نحو الفراش ليساعدها على الجلوس والإسترخاء بعد أن تو’لى دور الأب معها ووجب عليه الإعتـ ـناء بأبـ ـنته في فترة مر’ضها.
جلس بجوارها على طر’ف الفراش ثم بدأ يمسـ ـح بكفه على خصلاتها البُـ ـنية ليرى معالم وجهها المتعـ ـبة والذا’بلة نُصـ ـب عينيه حيث بدأ الأمر معها باكرًا وبشـ ـدة فحتى الآن لَم تُكمل الشهر ولذلك وجب عليه الإعتـ ـناء بها مهما كلفه الأمر.
أنحـ ـنى نحوها يُلثم جبينها بقْبّلة حنونة ثم مسـ ـح بكفه على خصلاته بحنوٍ لينظر إلى عينيها ويبتسم قائلًا:
_الجر’يمة بدأت مفعو’لها بدري أوي وكدا أنا بقيت على المنحد’ر يعني أبقى فأجتماع شغل ألاقيكِ متصلة تحبّي فيا هتطر’د وهاجي أونسك فقعدتك ونند’ب سوى حظنا.
ضحكت هي على حديثه لتتسـ ـع أبتسامته ليسمعها تقول بنبرةٍ ضاحكة:
_طب وأنا مالي، هرموناتي تطفـ ـح عليا فأي وقت مين هيشيـ ـل الليلة يعني مش أنتَ برضوا، بعدين “جدي” حبيبي هيتفهم الوضع هيستكفى بجِـ ـزا بس مش أكتر.
_أسكوتي ما أنتِ هـ ـبلة متعرفيش حاجة، مش هو حالف عليا ما أتمر’قع فالشغل بعد اللي عملته آخر مرة، مِن ساعة ما مسـ ـكتله عصا’بة المخد’رات وهو قا’رش ملـ ـحتي أكمني ضحكت عليه هو والمفعو’ص التاني اللي قـ ـلبلي بو’ز اللي جابوه، وبعدين دا بدل ما يشكروني يعني إني مسـ ـكتهم طب إيه قولك لو كان “ليل” مكاني كانوا فَلَـ ـتوا مِن تحـ ـت إيده إنما أنا عشان بفكر مسـ ـكتهم مِن غير ما أشـ ـككهم فيا.
ر’مقته هي بطر’ف عينها نظرةٍ ذات معنى فيما نظر هو لها كذلك بطر’ف عينه ليرى الشـ ـك ينبُـ ـع مِن مُقلتيها تجاهه لتقول:
_يعني مَكونتش ضا’رب حاجة وأنتَ داخل زي المسطو’ل كدا عليهم، فضولي وا’كلني أعرف بتجيب الأفكار الشيطا’نية دي منين يا “علي”.
أمسك بكفها ثم ر’فعه نحو فمهِ يُلثم با’طنه بشـ ـغفٍ ثم نظر إليها مبتسمًا وقال:
_تفكير شيا’طين الإ’نس صدقيني، شوفتي أنا جوهرة نا’درة بيضـ ـيعوها مِن إيديهم أزاي ومرة تانية مسكـ ـتلهم “عنتر العياط” وكان “ثائر” هو اللي د’اللني عليه، بذمتك لُقـ ـطة أنا ولا مش لُقـ ـطة؟.
حركت رأسها بقـ ـلة حيـ ـلة وهي تنظر إليه ولذلك ألتزمت الصمـ ـت بعد أن فشـ ـلت في الإجابة على حديثه لتشعر بهِ يُلثم جبينها مِن جديد ثم ضمها إلى أحضانه يطـ ـبق عليها بذراعيه ممسّدًا على خصلاتها بحنوٍ، فيما أغـ ـلقت جفـ ـنيها تنـ ـعم بتلك اللحظة برفقتهِ فيما ظل هو ينظر لها يتأمل معالم وجهها الهادئة والتي كانت بادية على تقا’سيمها التعـ ـب الشـ ـديد.
_____________________
<“القول لا يفعل شيئًا أمام كتـ ـيبة أفعا’ل.”>
كان “شـكري” يجلس في غرفة المعيشة رفقة أخيه يعـ ـبث في هاتفه مند’مجًا بهِ، بينما كان “شـهاب” شارد الذهن الظلا’م يحو’م حوله والعقل يتد’رع إلى الخالق لعودة النو’ر إليه بعد أن أهـ ـلكه ظُلـ ـمة الضلا’ل، يُفكر في والدته التي هاتفته في الصباح تؤ’لم قلبه وتطـ ـعن رو’حه أكثر وأكثر بعد أن أبتـ ـعدت عنه وتزوجت مطالبةً بالحـ ـرية إليها وأن هذا حـ ـقها، وأنهـ ـى حينها “شُـكري” المكالمة صا’رخًا بها بعد أن ولج أخيه في نو’بة بكاءٍ حا’د حتى وصل بهِ الأمر بالتشـ ـنج الذي تملّـ ـك جسـ ـده حز’نًا على ذكريات ما’ضٍ أسو’د عاد يلـ ـتهمه مِن جديد وينهـ ـش في لحـ ـم الحاضر.
عودة إلى عدة سويعاتٍ مضوا.
كان “شـهاب” جالسًا على مقعد طاولة الطعام الخاصة بالمظبخ ينتظر أخيه الذي تولى إعداد الطعام منذ أن فقـ ـد هو بصره يثر’ثر معه ويزيد حـ ـنقه متـ ـعمدًا لينتهـ ـي الأمر حيال ذلك بصر’اخ الآخر غيـ ـظًا مِنهُ ومعها تعـ ـلو ضحكات السعادة مِنهُ هو لنجاح مخـ ـططه.
تعا’لى رنين هاتفه حينها عا’ليًا ليَمُـ ـدّ كفه يتلمـ ـس سطح الطاولة حتى شعر بهِ أسفـ ـل راحته ليأخذه كذلك متلـ ـمسًا شاشته ليسمع صوت الفتا’ة تقول _ردّ_ ولذلك ضغـ ـط على شاشة الهاتف مرتين متواصلتين ومِن ثم وضع الهاتف على أذنه ليأته صوتها المألوف والذي مازال متذكرًا إياه عن ظهر قلب وهي تهتف أسمه بلوعةٍ.
ساورت الكهر’باء قلبه وتشنـ ـجت يده التي كانت ممسكةً بهِ وقد جحـ ـظت عينيه بصد’مةٍ وعد’م أستيعا’ب، هذا صوت والدته التي كانت في ليلةٍ وضـ ـحاها أحب النسـ ـاء على قلبه وأكثرهم عطاءً إليه، تلك التي تعهـ ـد إليها على وعو’دٍ ذهبت وتطا’يرت كالر’ماد حينما أخبرته أنها تريد أن تتزوج وقد جهزت أمتعتها أستعدادًا للذهاب بعد أن تزوجت مِن ر’جلٌ غني وقررت تركهما لأجل غر’يبٍ أقتـ ـحم منزلهم وسر’ق والدتهم دون وجه حـ ـق.
حينها تو’سل إليها أن تظل معه وألا تتركه وترحل ولَكِنّ في هذه اللحظة النقود أعمـ ـت عينيها والطمـ ـع غطـ ـىٰ على قلبها لتقرر الرحيل دون رجعة في قرارها وحينها وقف “شُـكري” بينهما النـ ـد بالنـ ـد متحد’يًا إياها بعد أن تمـ ـلّكت القسو’ة قلبه وهو يرى تو’سل أخيه لها وهي تد’هس قلبه أسفل قد’مها بغـ ـلٍ تفضل الغر’يب عن القريب قائلًا:
_تمام يا “نور” هانم، بس قبل ما تتكـ ـلي عايز أقولك حاجة مـ ـهمة أوي ليكِ ولأخويا اللي أنا شايفُه بيتر’جى واحدة معد’ومة الرحمة والضـ ـمير الفلوس عمـ ـت على قلبها أول ما جالها واحد مسيره يز’هق مِنها وير’ميها تاني، بدليل إنه قالك مش عايزنا بس تمام أنا واحد عزيز النفـ ـس مقبلش أتحـ ـط أنا وأخويا فالخانة دي مهما حصل، خروجك مِن هنا هيكون بدون رجعة، ڤيلا عيلة “العطار” ر’جلك متعـ ـتبهاش تاني عشان اللي يبيـ ـع ولا’ده عشان خاطر را’جل تمامه معاكِ يومين تبقى متلز’مناش تاني، وأخويا اللي ربنا خد مِنُه نو’ر عـ ـينيه وبتتهر’بي مِن واجباتك عليه أنا كفيـ ـل بيه وهعرف أر’عاه وأشتغـ ـل وأعمل شغـ ـل البيت كمان، أصل قالوا زمان إن الشـ ـدة بتبنـ ـي الرا’جل وأنا متعود على المسئو’لية مِن وأنا عيل صغير ومش عشان أخويا بقى ضـ ـرير ومحتاج رعا’ية إني أخلـ َي إيدي مِنُه لأنه فيوم مِن الأيام مسا’بش أيدي وأنا مش وا’طي ولا بعُـ ـض الإيد اللي أتمـ ـدتلي … مِن دلوقتي ومِن اللحظة دي أخويا فر’قبتي لحد ما ربنا ير’دّله بصـ ـره تاني ويلاقي بنـ ـت الحلال اللي تصو’نه وتعوضه عنك وعن غيابك، وتأكدي إن هييجي ليكِ يوم وهير’ميكِ وهتجري تدوري علينا، بس وقتها مش هتلاقينا.
اليوم تعاود مهاتفته بعد أن مر عامٌ على ر’حيلها تنتـ ـحب وتخبره أنها قد أر’تمت في الشارع وتشـ ـكو إليه مِن قسو’ة الحياة عليها وهي مشر’دة بين الأُناس بعد أن أخذ ما كان يوده ثم أ’لقاها حينما رأى أخرى أفضل مِنها بكثير في منظوره فأمثاله يعشـ ـق النسـ ـاء ويسـ ـيل لُعا’به حينما يرى أنثى تمُر أمامه، آ’لمه قلبه لأجله ولأنه عطوفٌ وهَينٍ لجـ ـأت إليه ولَكِنّ حظها الأسو’د أن “شُـكري” قد رأى حالة أخيه تلك ليجذ’ب الهاتف مِن راحته وينظر إلى المتصل ليراها هي.
مازال يحفظ أسمها ومكانتها على الرغم مِن تخـ ـليها عنه، وضع الهاتف على أذنه يستمع إليها حينما كانت هي تتو’سله وتنتـ ـحب با’كية أنها أصبحت كالشـ ـريدة في الشارع بين الجميع ليردّ عليها بكل ما تحمـ ـله نفسه مِن كر’هٍ ونفو’رٍ مِنها قائلًا:
_متصلة بأخويا عشان تستعـ ـطفيه؟ بتستغـ ـلي ضُعـ ـفه وطيبة قلبه لمصا’لحك الشخـ ـصية؟ أنتِ إيه نعملك إيه مش رمـ ـيتينا راجعة تعيطلنا ليه بقى شيـ ـلتك تشـ ـيليها أنتِ دي أخطا’ءك أنتِ وجه دورك عشان تدفعي الضر’ايب، أعتبرينا ميـ ـتين ومتحاوليش تتصلي بأخويا تاني عشان أنا اللي هكون العا’ئق بينك وبينه ومش هسـ ـمحلك تستغـ ـليه تاني.
حينها أتاه صوتها المنتـ ـحب الباكِ وهي تتو’سله أن يسمعها ويُعطيها فرصتها في الحديث قائلة:
_عشان خاطري يا “شُـكري” أسمعني، أسمعني لمرة واحدة بس بالله عليك يا حبيبي، أنا غـ ـلطت ومعترفة بدا ومستعدة أعتذر وأعمل كل حاجة تقد’ر تكفـ ـر عن أخطا’ئي، أنا أترمـ ـيت فالشارع يا “شُـكري” ومبقاليش مكان أروحه خلاص وبيت “العطار” هو اللي كان آو’يني، أنا مبقتش عارفة أروح فين ولا أجي منين أنا مبقاليش غيركم.
جاءها حينها حديثه الصا’رم وكأنه لَم يتأ’ثر بحديثها أو بنبرة صوتها المختـ ـنقة قائلًا:
_سبق وقولتلك إن اللي يبيـ ـع ولا’ده عشان را’جل متلز’مناش.
_بس أخوك محتاجلي، أخوك محتاج رعا’ية.
_أخويا مين! دلوقتي أخويا بقى محتاج رعا’يتك! كُنْتِ فين وهو كان شويه وهينزل يبو’س ر’جلك قدام را’جل غر’يب عشان متسيـ ـبيهوش وتمشي! كُنْتِ فين وهو بيتذ’ل لأمه عشان متسيـ ـبهوش وتروح تعيـ ـش مع را’جل تاني دا أنتِ يا شيخة معملتيش حسا’ب الـ***** اللي عا’يشين معاكِ فالبيت؟ جاية بعد ما أتر’ميتِ تدوري على ولاد’ك؟ أتطمني مش محتا’جينك أنا قا’در أهتم بأخويا والحمد لله مش مخـ ـليه محتاج حاجة وكلها ١٤ يوم وتجيله اللي تحطه جو’ه حبا’ب عينيها وتعوضه عنك، وأظن مش هتهـ ـتمي بموضوع زي دا عشان مفـ ـرقلكيش لمَ راح يكتب عليها ومكانش في غيري جنبه واللي كان و’كيله وقتها أنا وابن خالتي “راجح”، عيـ ـب عليكِ بقى بلاها مسـ ـخرة ز’هقت سيـ ـبينا مع نفسنا بقى مستكتـ ـرة الراحة علينا؟.
أنهـ ـى حديثه ومِن ثم أغـ ـلق المكالمة في وجهها دون أن يعطيها فرصة الردّ ليلتفت إلى أخيه ليرى عبراته تغر’ق صفحة وجهه ملتزمًا الصمـ ـت وحدقتيه مثبـ ـتتان في الأسفـ ـل، كل ما آ’لمه في تلك القصة هو أخيه الكبير الذي حتى الآن يشعر أنه عبـ ـئًا كبيرًا عليه، تر’ك الهاتف على سطـ ـح الطاولة ومِن ثم جلس بجواره ومدَّ ذراعه نحوه يضمه إلى أحضانه ليبدأ “شـهاب” يجهـ ـش في البكاء متأ’لمًا.
شـ ـدد “شُـكري” مِن ضمته إلى أخيه الذي تر’ك نفسه يفعل ما يريد بعد أن ضغـ ـطت والدته على الجر’ح الد’امي لهُ والذي لَم يُشـ ـفى حتى الآن، فيما ألتـ ـمعت مُقـ ـلتي “شُـكري” بالعبرات حز’نًا على أخيه ليس أكثر فهو نقـ ـطة ضـ ـعفه الوحيدة والتي إن تأ’ثرت يتأ’ثر هو لأجلها، لثم جبينه بحنوٍ ومسّد على ذراعه برفقٍ دون أن يتحدث فقد تر’ك نفسه وسمح لعبراته بالسقو’ط على صفحة وجهه بعد أن فشـ ـل في التحـ ـكم بها.
عودة إلى الوقت الحالي.
سقـ ـطت عبراته على صفحة وجهه وزفـ ـر بعمـ ـقٍ ليقرر الأبتـ ـعاد عن مر’مى أخيه فلن يتحمـ ـل توبيخا’ته في هذه اللحظة فالأن منتظرًا ضغـ ـطةٌ صغيرة وسينفجـ ـر لا محال، وقبل أن ينهض منـ ـعته يد أخيه الذي أنـ ـتبه إلى حالته مؤ’خرًا، أغـ ـلق “شـهاب” جفـ ـنيه وحاول تما’لُك نفسه أمام أخيه الذي نظر إليه نظرةٍ ذات معنى وقال:
_مالك في إيه؟ ورايح على فين لوحدك كدا؟.
_عايز أرتاح شوية عشان تـ ـعبان، هنام وأصحى كويس متشيـ ـلش هـ ـم، ولو “مَرْيَم” أتصلت قولها إني نايم، وسيبني متصحنيش أنا هصحى لوحدي، تعالى بس وديني أوضتي عشان متخبـ ـطش فحاجة وأنا ماشي.
ر’مقه حينها “شُـكري” نظرةٍ ذات معنى يرى الكذ’ب والتهرُ’ب في عينيه، يرى الآ’لم يسـ ـكُن عينيه ويبحث عن الراحة التي كانت حتى الآن ترتدي ثياب التخـ ـفي، نهض وأخذ بيده وتوجه بهِ نحو غرفته في الأ’على ومِن ثم تركه أمام باب الغرفة يراه يولج بخطى هادئة مشيرًا بكفيه في الهو’اء حتى وصل إلى الفراش ليتسطح عليه بهدوءٍ أسفـ ـل أنظار أخيه الذي آ’لمه قلبه كثيرًا لأجله.
عاد إلى الأسفـ ـل مِن جديد وجلس كما كان وهو يُفكر لينظر إلى تاريخ اليوم ويزفـ ـر فمازال يتبقى أربعة عشر يومًا على زفافه وقدوم “مَرْيَم”، تمنى أن تمُر الأيام سريعًا حتى تأتي وتجاوره، تنتشـ ـله مِن ظـ ـلمته إلى نو’رها، إن أصبحت بجواره فسيطـ ـمئن عليه كثيرًا ويهـ ـدأ.
______________________
<“العاشـ ـق تفضـ ـحه عيناه حتى وإن لَم يقصد ذلك.”>
وصل “علي” رفقة كلًا مِن أخيه “عادل” الذي كان يجاوره و “يزيد” الذي قرر النزول إلى جامعته بعد أن أصر أخيه على ذهابه رغم ر’فضه هو حتى لا يرى تلك النظرات التي يمـ ـقتها هو وأخيرًا “عـز” هذا الشـ ـقي الذي أفـ ـتتح يومه بمقولة <صباحي قشطة بالمهلبية زي الحلوة اللي مش شايفة غير عينيا.>.
ولجوا ثلاثتهم وحينما جاء “علي” ليلحـ ـق بهم أوقفه فرد الأ’من الذي مـ ـنعه، توقف “علي” ينظر إليه فيما توقف أخيه وألتفت ينظر إليه يرافقه الإثنين، عاد “عادل” إليه ليقف في مواجهة فرد الأ’من قائلًا:
_أخويا وجاي معايا عشان عندي مشـ ـكلة جوه وأتطلب حضور حد مِن عيلتي وهو جه عشان والدي مسافر ووالدتي سـ ـت مريـ ـضة.
ر’مقه “علي” نظرةٍ ذات معنى وهو مندهشًا مِن حُجة أخيه التي لا يعلم متى قام بتأليفها في تلك الثوانِ القصيرة، فيما حاول “يزيد” إخفا’ء بسمته حينما أكمل “عادل” حديثه مشيرًا نحوه قائلًا:
_ودا ابن عمي عنده مشـ ـكلة تانية جوه وممنو’ع مِن الحضور إلا بحضور حد مِن عيلته ومعرفش يجيب أخوه لأنه تـ ـعبان وبيتعا’لج فالمستشفى وظروفه صعـ ـبة ولذلك جه معانا عشان يحل المشـ ـكلة قبل الأمتحانات والسيد عميد الكلية على علم بمجيته لو مش مصدقني أتصل بيه وكلمه وهو يأ’كد عليك.
أندهشوا ثلاثتهم ور’مقوه بعد’م أستيعـ ـاب لتلك الحُـ ـجج التي أختر’عها هو في غـ ـمضة عين حتى يجعل أخيه يولج معه، حينها أنحنـ ـى “عـز” نحو “يزيد” وقال بنبرةٍ خا’فتة:
_هو لو إحنا قدمناله فمعهد السينما العربية هيقبلوه على طول؟.
أبتسم حينها “يزيد” بأتسا’عٍ ونظر إليه قائلًا بنبرةٍ خا’فتة:
_”عادل” كل يوم بموهبة جديدة، يعني لو حد فينا عمل مـ ـصيبة وحب يستنـ ـجد بحد يجـ ـري على “عادل” هيوجب معاه أوي يعني الوا’د رغم إنه كد’اب بس شكله كدا عملها صح.
نظرا إلى “علي” الذي ولج أخيرًا بعد أن طلب مِنهُ فرد الأ’من رؤية بطاقته الشخـ ـصية وكارت الجامعة الخاص بـ “عادل” ليرى أسمهما متطا’بقًا ولذلك سمح لهُ بالولوج ليقوم “علي” بإحا’طة كتفي أخيه بذراعه وهو يقول:
_طلـ ـعت بتعمل حو’ارات يا “عادل”؟ يا خو’في ألاقيك محو’ر عليا فحو’ار البـ ـت دي يمين بالله لاشـ ـردك فقـ ـلب الجامعة وأخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك.
ضحك “عادل” حينها وضم أخيه بذراعه الأ’يمن يجاوره في سيره قائلًا:
_لا أصل بتاع الأ’من دا ر’خم وشـ ـديد حظك وحـ ـش التاني لذيذ وبيدخل عادي إنما دا إ’تِم جـ ـته نيـ ـلة، وبعدين إحمد ربنا إنك دخلت.
_طب أستأذنكم يا شبا’ب هروح أشوف الدنيا عندي إيه أخبارها متمشوش مِن غيري.
نطـ ـق بها “يزيد” الذي توقف فجأ’ة حتى يتركهم ويذهب إلى كليته لينظروا إليه ثلاثتهم ويبا’در “علي” في الحديث قائلًا:
_بقولك إيه لو حد ضا’يقك ولا ر’مالك نظرة مش تما’م تكلمني على طول يمين بالله أشـ ـردلك أبوهم كلهم.
_صدقت لمَ قولت عليك أخويا يا “علي”، ربنا يباركلي فيك.
أنهـ ـى حديثه مبتسمًا ثم أقترب مِنهُ معانقًا إياه ليبتسم الآخر ويبادله عناقه مطـ ـبقًا عليه بذراعيه يربت على ظهره، أبتعـ ـد بعدها عنه وودعهم هو و “عـز” الذي تلقـ ـى نفس تحذ’يرات “علي” إليه ليجاور هو أخيه في سيره.
نظر “علي” حوله يتفحص المكان بعينيه وقد وجه حديثه إلى أخيه دون أن ينظر إليه قائلًا:
_تصدق ياض ليك حـ ـق ترجعلنا شبه “بكار” أبو كف رقيق وصغير، الشمس حا’مية كان الله فعونك.
_أنا مبقتش بكار يا “علي” أنا بقيت فحـ ـمة سو’دة تو’لعها فحجـ ـر معسـ ـل دا لو ليك فيها يعني.
ر’مقه حينها “علي” بطر’ف عينه وقال حينها متر’قبًا:
_وأنتَ ليك فيها؟.
_لا يا عم حاشا لله أنا بتاع حجـ ـرين معسـ ـل؟ نو إمبوسيبول … أنا همو’ت وأجّرب شيـ ـشة تفاح.
حينها ر’ماه “علي” نظرةٍ ذات معنى بطر’ف عينه دون أن يتحدث فيما طا’لعه “عادل” لبرهةٍ مِن الوقت قبل أن يضحك وهو يرى نظرات أخيه نحوه والذي كان يريد أن يأ’كله بأسنا’نه في هذه اللحظة، مازحه حينها مبتسمًا وقال:
_إيه يا “علولو” النظرة دي، هو أنا قولت حاجة، نفسي فشـ ـيشة تفاح صد’ري ملبـ ـش همو’ت يا ناس.
_شيـ ـشة تفاح يا “نهى”؟.
_أيوه يا عيون “نهى”.
حينها سَمِعا صوت ضحكات الفتيا’ت الخا’فتة نا’بعةٌ بالقرب مِنهما لينظرا إليهن ليقمن بإشا’حة أوجههن بعيـ ـدًا بخجـ ـلٍ دون يتحدثن ليعود بنظره إلى أخيه ليقول مبتسمًا:
_شوفت، خليت الناس تاخد عننا فكرة **** خالص، أكـ ـتم بقى لحد ما نشوف البداية اللي مش باينلها خير دي هتودينا على فين.
سارا قليلًا حتى وصلا سويًا إلى كلية أخيه _كلية الصيدلة_ وقف “علي” مجاورًا إياه فيما طا’ف “عادل” بعينيه في كل مكان حتى و’قع بصره عليها هي، وما إن رآها شعر بقلبه الذي بدأ ينبـ ـض بعنـ ـفٍ دا’خل قفـ ـصه الصد’ري حينما رأى “ترتيله” تقف بعيـ ـدًا بفستانها الأبـ ـيض ذو النقو’ش الخضـ ـراء الصغيرة الفضفا’ض وحجاب رأسها الذي كان بلو’ن النقو’ش وكذلك حقيبة كتفها بنفس اللو’ن تقف مع صديقتها المقربة تتحدث معها وتضحك.
خطـ ـفت بصره وسحـ ـرت عقله وغر’قت قلبه بالفـ ـتنة، أصبح مفتو’نٌ بها وبجمالها وطلـ ـتها عليه كل يوم، أصبح مجـ ـنونٌ بها حينما يرآها أمامه يسعد قلبه بشـ ـدة كما وكأنه طفلٌ صغيرٌ رأى حلوته التي كان يشـ ـتهيها ولَكِنّ كان ثمنها با’هظًا، أنـ ـتبه إليه أخيه الذي تحرك بنصف جسـ ـده العلـ ـوي إلى الأمام قليلًا وهو ينظر إليه ليراه شاردًا في شيءٍ يبدو أنه خطـ ـف بصره في لحظةٍ.
ر’فع حاجبه الأ’يمن عا’ليًا ثم أعتدل في وقفته مِن جديد ونظر إلى ما ينظر إليه ليرى “ترتيل” تقف رفقة صديقتها تتحدث في شيءٍ ما ولا تنتـ ـبه إليه ليعلم سريعًا ما يجعل أخيه يشرد بهذه الطريقة حتى في جلسته ليلًا حينما يسهران سويًا، أحب أن لا يقـ ـطع هذه اللحظة فيريد رؤية أفعا’ل أخيه نحو تلك الفتا’ة فحتى الآن هو لا يقتـ ـنع بأنه يُحبها مثلما قال مِن قبل.
أشا’ح “عادل” ببصره عن مر’ماها ونظر إلى أخيه بتلهـ ـفٍ ليقول:
_شوفتها يا “علي” هي اللي هناك دي أم فستان أبيـ ـض بنقو’ش خضـ ـرا، إيه رأيك فيها حلوة مش كدا؟.
نظر إليه “علي” حينها نظرةٍ ذات معنى لبرهةٍ مِن الوقت قبل أن يقول:
_آه شوفتها، وبخصوص حلوة وكدا فاللي بيحب بيشوف الشخص اللي بيحبه حلو حتى لو هو مش حلو أو عادي، بس حتى الآن أنا لسه مقتنع إن اللي أنتَ فيه دا إعجاب بيها، أنتَ مُعجب بشكلها أو باستايل لبسها، حتى الآن مش عارف اللي شـ ـدك ليها دا إيه حتى الآن بس عمومًا يومنا طو’يل المهم عايزك تروح تحضر محاضرتك وتركز ملكش دعوة بيها أمتحاناتك كمان أسبوعين أفتكر وعدك ليا.
وكأنه يحذّ’ره خـ ـفيًا عن ما وعده بهِ سابقًا ألا يتغا’ضى عنه ليبتسم إليه “عادل” ويقول:
_أنتَ عندي أهم مِن أي حد وعشان أنتَ جدع معايا وكل ما أقولك حاجة تنفـ ـذهالي أنا كمان هطـ ـلع جدع وقد وعدي وهدخل دلوقتي أحضر المحاضرتين اللي عليا وهركز فيهم كمان وأوعدك إني مش هبصلها ولا هنتبهلها غير لمَ أطلـ ـعلك وأبقى معاك كدا أمين يابا؟.
_أمين يا معلم، على محاضرتك يلا ولمَ تخلص كلمني عشان منتو’هش عن بعض، بقول صحيح هو “يزيد” النهاردة عنده كام محاضرة عشان نسيت أسأله؟.
عقد “عادل” ما بين حاجبيه وشرد قليلًا يتذكر حتى نظر إليه مِن جديد وقال:
_النهاردة الجمعة عنده ٥ محاضرات أولهم بدأت مِن رُبع ساعة هيخلص على ١١ وبعدين واحدة وراها على طول هتقعد ييجي ساعتين يعني هيخرج على ١ بالكتير ياخدله ساعة بريك عشان أول محاضرتين دول بيكونوا جَـ ـلد بعدين يدخل على المد’عكة الكبيرة ٣ محاضرات ورا بعض ضر’ب نا’ر، الله يعينه.
_وأنتَ هتخلص زيه فنفس التوقيت ولا إيه الدنيا وقولي بالمرة على مواعيد “عـز”.
_أنا هخلص أول واحدة بعد “يزيد” برُبع ساعة يعني هتشوفه قبلي و “عـز” عنده ٤ محاضرات النهاردة لسه بيبدأ ويخلص معايا أول محاضرتين يعني بخلص وبقعد أستناهم “عـز” يخلص يخرج يقعد يونسني ساعتين بعدين “يزيد” بيخرج مد’اس عليه قـ ـطر بس عادي كلها أسبوع ونخلص مش حوار لسه عندنا إحنا التلاتة جـ ـيش … آه صح بخصوص الجـ ـيش أ’مسك.
أنهـ ـى حديثه وهو ينز’ع حقيبته مِن على ظهره ليقوم بإخرا’ج ورقتين مِنها ثم مدَّ يده بهما إليه أسـ ـفل نظرات أخيه المتعجبة ليسمعه يقول:
_دول ورقتين تبع ورق الجيـ ـش كانوا مطلوبين مِني بس مش هعرف أخلصهم دلوقتي والنهاردة آخر يوم وعندي محاضرات دلوقتي فتبقى أبو الجد’عنة كلها لو خلصتهو’ملي هما قالوا يا إما الطالب أو وكـ ـيل عنه فمعلش يا “عليوة” أستحـ ـملني مع “لارين” والشغل لحد ما أخلَّص المد’عكة دي على خير.
أخذهم “علي” مِنهُ ثم نظر إليه وأبتسم قائلًا بنبرةٍ معا’تبة:
_متقولش كدا يا’ض أنتَ و “لارين” على راسي وقت ما تحتاجوني هتلاقوني حتى لو ورايا بلا’وي زر’قا، متا’كلش هم وروح شوف دنيتك وأنا هظـ ـبط الدنيا.
ود’عه “عادل” حينها ثم لثم وجنته وتركه وذهب شاكرًا إياه ليبتسم هو ويظل مكانه يتابعه بعينيه ليراه يسير ناظرًا في الأر’ض بعد أن تخطى “ترتيل” والتي رآها تنظر إليه قليلًا رفقة صديقتها ليبتسم ويُحرك رأسه بقـ ـلة حـ ـيلة ثم ذهب حتى يُنهـ ـي أوراق أخيه التي كـ ـلفه بها.
_________________________
<“إن كان طلب العلم فضيله … فأنا العلم بأ’م عينه.”>
يجلس في مكتبه بالشركة يضع سا’ق فوق أختها على سطـ ـح مكتبه ويتحرك بالمقعد المتحر’ك برفقٍ ناظرًا إلى سقف الغرفة وأنامله تُلا’عب القلم في لحظةٍ هي بالنسبة إليه هادئة، كانت كذلك حتى طُرِقَ باب مكتبه وولج رفيقيه وأو’لاد عمومته إليه في مشهـ ـدٍ مهـ ـيبٍ ومُحـ ـبسٍ للأنفا’س فجميعهم يرتدون الحِلة الر’سمية الخاصة بهم حتى ذاك الحبيب على القلب.
أبتسم إليهم دون أن يتحرك مِن مكانه أو يعتدل في جلستهم ليرحب بهم قائلًا:
_يا هلا بالكتيـ ـبة يا هلا، شلون الأحوال يا رُزَم المصا’يب وجلا’بين الكو’ارث، المكتب نوَّ’ر واللهِ.
جاوبه حينها “مـينا” الذي جلس على المقعد أمامه بأ’ريحية قائلًا:
_طبيعي ينوَّ’ر فحضرتي، كان ضـ ـلمة قبل ما أدخل.
فَهِمَ حينها أنه يستـ ـفزه دون أن يقوم بتوضيح ذاك ليبتسم إليه أكثر وجاوبه منصا’عًا إليه:
_فحضرة العـ ـو بينوَّ’ر الجَـ ـو، خلصانة بضر’بة خرصا’نة.
_بدءناها بدري أوي إحنا لسه فالأول يا عمي هـ ـدي النا’ر شوية متد’خلش حا’مي أوي كدا.
هكذا جاء جواب “حـسام” على كلاهما ليبتسم “أحمد” دون أن يتحدث ليرى صمت الإثنين ليقول متهـ ـكمًا:
_طول عُمرك شـ ـديد يا “حُـس”.
ألتزموا جميعهم أماكنهم وبعد الترحيب بينهم بدأ “ليل” حديثه قائلًا:
_طبعًا مستغربين أنا ليه مجمعكم فالشركة ومش فالمقـ ـر بتاعنا وليه أستد’عيتك يا “حُـذيفة”.
_بصراحة آه غر’يبة وبعدين نا’قصنا “علي”.
_لا “علي” مش فاضي مشغول مع مراته وأخوه بس هيكون عارف بأتفا’قاتنا، المهم الحمد لله بعد سنة كاملة مستنيين الفرج مِن عند ربنا جه والحمد لله، عرفت مين اللي أتسـ ـبب فحا’دثة “شـهاب” ومطلوب مِننا نمـ ـسكه.
تأهـ ـبت الحو’اس وحُبِـ ـسَت الأنفا’س وتندى الجَبين حينما جاءهم ما كانوا يسعو’ن خـ ـلفه منذ عامٍ على أملٍ أن يعلموا ماهيته ليبدأ بسرد كل ما يعلمه عليهم وهم في حضرته المنصتين إليه يستمعون إليه مذهولين غير مصدقين ما تتلـ ـقاه آذا’نهم وكأنهم يستمعون إلى قصة فيلمٍ أو مسلسل جديد وليست وا’قعة حـ ـقيقية تسـ ـبب بها واحدٍ مِنهم كان أقرب إليهم مِن أنفسـ ـهم.
الصد’مة حليـ ـفتهم والذهول قا’ئمٌ والذهول متيـ ـبسًا إليهم والدهشة بادية على أوجههم، آ’لمتهم قلوبهم على صديقهم الحبيب نقـ ـي القلب الذي تكا’لبت عليه الأو’جاع وهو الذي كان يبتسم إليها كل صباح متأملًا في تحـ ـقيق أمانيه كل ذلك في ليلةٍ وضـ ـحاها تبخـ ـر كالر’ماد في حضـ ـرته هو حينما سوَّ’لت لهُ نفـ ـسه الأما’رة بالسو’ء أن تطـ ـعن رفيق العمر غد’رًا وفي طريقه للغر’يم الثانِ والذي في منظوره هو محتـ ـلًا لمكانته وهو الأحـ ـق بها مِنهُ.
_”جـمال” لازم يتقبـ ـض عليه ومش هكد’ب عليكم بس عشان يتقبـ ـض عليه هنضـ ـحي زي ما “شـهاب” ضحـ ـى عشان خاطر “مـينا” يوميها، والتضـ ـحية دي الله أعلم بيها.
_”جـمال” يتمـ ـسك نرتاح، يتحا’كم البر’يء نا’ره تهـ ـدى ويرجعله حـ ـقه، التضـ ـحية دي وقتها فقـ ـلب المعر’كة مش براها واللي شايف إنه مستعد يضـ ـحي عشان خاطر الـ*** دا يتمسـ ـك ميتر’ددش، في واحد بر’يء مِننا محر’وم مِن نو’ر عينيه بقاله سنة وعا’يش على المساعدة، بيمشـ ـي وهو ماسـ ـك إيد أخوه كأنه عيل صغير لسه بيتعلم يمشي، ولو أنا شايف إني وقتها وجب عليا أضـ ـحي هضـ ـحي ومش هتر’دد، الوفاء جوا’نا لحبايبنا والحـ ـق واجب والعد’الة والنو’ر جايلهم يوم، وقت ما تتحـ ـقق العد’الة معاه هعتبر إن نو’ر عينيه ر’جعله تاني.
أنهـ ـى “حُـذيفة” حديثه متأ’ثرًا برفيقه الذي وصلته في الصباح أخباره مِن أخيه عن سو’ء حالته النفـ ـسية وأنه قد قام بعز’ل نفسه عن الجميع تأ’ثرًا بعودة الما’ضي نا’هشًا أنيا’به في جسـ ـده عاز’مًا على عد’م مفا’رقته إليه حتى يحين مما’ته، عم الحز’ن المكان لأجل هذا المسـ ـكين ليتعهـ ـدوا جميعهم في هذه اللحظة على التضحـ ـية وردّ الحـ ـق وتحـ ـقيق العد’الة لشخصٍ لَم يعهـ ـد الأذ’ية مبد’ءًا في حياته.
قطـ ـعوا العهـ ـد وأقسموا برب السماوات السبع على التضـ ـحية لأجل هذا المسـ ـكين الذي د’فع نفسه نحو المو’ت فد’اءًا لصديقه حتى لا يتأ’ذى هو في حر’بٍ لَم يكُن هو المُر’اد بها، وفي هذه اللحظة كان أكثرهم عز’يمةً هو “مـينا” الذي كان يرافقه حينها كتفًا بكتف وقد تعهـ ـد أمام نفسه على أن يردّ حـ ـق رفيقه مهما كلـ ـفه الأمر.
_”علي” هيكون على عِلم متشـ ـيلوش هـ ـمه يعني، المهم “شُـكري” هيكون طر’ف معانا عشان هو شا’يط مِن وقت ما “جـمال” راحله ولعـ ـب في د’ماغه ود’سله السـ ـم فالعسل، أي حركة هيكون معانا فيها ولو ربنا كرمنا ومسكناه على طول مِن غير فرفـ ـرة كتير هينول مِن الحُب جانب أهم حاجة دلوقتي زي ما قولنا، على العهـ ـد يا رجا’لة.
نطـ ـق بها “ليل” يؤ’كد على حديثه إليهم وهو ير’مقهم نظرةٍ حا’دة متر’قبة ليتلقـ ـى الموافقة مِن الجميع دون أد’نى تفكير ليشعر بالرضا نحوهم والراحة تغمـ ـر قلبه بتواجد رجا’لٍ كهولاء في حياته.
________________________
<“قيل فيها الأشعار والقصائد، وهُنا قيل أنه سيد المعا’رك.”>
كان يسير قليلًا في الحديقة برفقة صغيرته الحبيبة يهدهدها تارا ويقوم بملا’عبتها تارا أخرى، وتارا يقبلها لتمنحه هي ضحكةٌ طفولية تغمـ ـر بها قلبه وتسعد لها رو’حه وينـ ـبض لها قلبه، لثم وجنتها بحنوٍ بعد أن توقف بمنتصف الحديقة ليراها تنظر إليه لبرهةٍ مِن الوقت بعينيها الخضـ ـراء الصا’فية التي تشابه عينيه قبل أن تبتسم بطفولةٍ إليه تجعل أيامه دومًا مشرقة كإسمها.
تعا’لت ضحكاته السعيدة ليضمها بحنوٍ إلى د’فئ أحضانه يحتويها ويمسـ ـح على ظهرها برفقٍ فقـ ـد حينما كانت نطـ ـفةٌ في ر’حم أمها كان كالمجـ ـنون سعيدٌ وبشـ ـدة وتمنى قدومها سريعًا وكان يقوم بعد الليالي وينتظرها بفرا’غ الصبر حتى جاء موعد قدومها كان هو حينها بعـ ـيدًا عنها لا يعلم عنها شيئًا ولا يعلم عن أسرته ووالدتها شيئًا، ولَكِنّ اليوم هو أسعد أيام حياته منذ أن كان طفلًا صغيرًا وحتى أصبح الآن ر’جلٌ الكل يحترمه ويقدره.
صدح رنين هاتفه عا’ليًا مِن جيب بنطاله يعلنه عن أتصالٍ هاتفي، د’ثر يده داخل جيبه وأخر’جه ليرى رقمًا مجهو’لًا يهاتفه ولبرهةٍ مِن الوقت شعر أن صاحبه أحد الر’جال الذين كان معهم منذ يومٍ مِن الأيام ولذلك ساوره القلـ ـق أن يكونوا قد علموا بأمر عائلته وأبـ ـنته فهؤلاء لا يخـ ـفى عنهم شيئًا، فكر مرتين وفيهما أصا’به التشـ ـتت وفي نها’ية المطا’ف حينما رأى أنه لا مفـ ـر أجاب بنبرةٍ جا’مدة:
_”شـريف عمار داوود السيد” بيتكلم مين معايا؟.
_تصدق فكرتك “فاروق”؟ يا را’جل بقى دا أسمه كلام أنا عارف أنا بتصل بمين يا ابو “شـروق” … مش بنـ ـتك أسمها “شـروق” برضوا، زي العسل ما شاء الله عليها حقيقي.
شعر بإنقبا’ضة قلـ ـبه وبدأ حد’سه يصبح في محله ليبتـ ـلع تلك الغصة التي كانت تقف في منتصف حلـ ـقُه كالشو’كة الحا’دة ليقول بنبرةٍ حا’دة:
_أنتَ مين يالا، شغل العيال دا مبيأ’كلش معايا عيش تعالى سكـ ـة ودو’غري أحسن ليك ولعيلتك.
أتاه قهقهات الآخر عبر سماعة الهاتف ومعها صوت موسيقى أجـ ـنبية إيقا’عها سريع ويبدو أنها متعـ ـلقة بفِرَق الرقص السريع _هيب هوب_ ليسمعه يقول:
_يا برو بقى دا أسمه كلام تدخل فيا شـ ـمال كدا دي معاملة ضيوفكم ليكم يا عيلة “الدمنهوري” إخص لا أنا أعرف إنكم أهل كرم وضيافة.
_”كرم” ما’ت والضيافة فالشفا’طة … لساني طو’يل وهقـ ـل أد’بي أنا كُنْت ممكن أقولك كلمة تانية بس تمام مش موضوعنا دا كرم ضيافتنا للعيال الـ*** اللي زيك، تمام كدا؟.
_تمام، مش دا موضوعنا دلوقتي، عايزك يا غشيـ ـم يا ابو د’م حا’مي تعـ ـقل ولا’د عمك وتقولهم ميتد’خلوش فاللي ملهو’مش فيه بدل ما أأذ’ي واحد فيهم فنص الطريق وأنا مش واخد بالي.
ضحك حينها “شـريف” على ثر’ثرة هذه البر’غوتة مِن وجهة نظره هو فيما كان الآخر يلتز’م الصمـ ـت وهو لا يفهم على ماذا يضحك ليسمعه بعد برهةٍ مِن الوقت يقول بنبرةٍ ضاحكة:
_أنا عا’قل؟ وأقول لو’لاد عمي ميتد’خلوش فاللي ملهو’مش فيه؟ حد قالك يالا إنك بتكلم المحترم بتاعهم دا أنا أجـ ـن مِنهم، أنا واحد تفكيره يتخطى أبـ ـليس ياض يعني أنا لو مخـ ـمخت لعيلتك هجيبكم تحـ ـت ر’جلي كبيركم قبل صغيركم، عارف، أنا مسجل رقمك آه وربنا المعبود والعيلة الكريمة كلها مسجلة رقمك يا “جـمال يا دالي” شوفت بنحبّك أزاي، آه نسيت أقولك معلش أصل “ليل” وز’ع رقمك على العيلة وقالهم يسجلوه عشان عارف إنك مش را’جل وهتتصل بواحد فينا تهـ ـدده بكلمتين تعبا’نين زيك بس عايز أقولك حاجة يعني اللي عايز يعمل حاجة بيعملها مِن غير ما يقول لحد إنه هيعملها يعني عندك أنا مثلًا، بعمل مِن غير ما أقول شوفت سهلة أزاي.
أستشا’ط “جـمال” غضـ ـبًا وهو يستمع إلى حديث “شـريف” فبدلًا مِن أن يقوم هو بإثا’رة غضـ ـبه قام هو بفعل ذلك دون أد’نى مجهو’دٍ مِنهُ متخذًا مقولة _إتغدى بعد’وك قبل ما يتعشى هو بيك_ منهجًا في حياته فهو ر’جلٌ مِن رجا’ل عائلة “الدمنهوري” الذين عرفوا بالهـ ـيبة والذكاء والجد’ية في حياتهم بدايةً مِن جدهم الأكبر حتى أصغرهم، أتاه صوته مجددًا حينما قال:
_تاني مرة يا شاطر متلعبش فلعبة مش مجا’لك عايز تعمل حاجة أعملها مِن غير وسايل تهـ ـديد إحنا عيلة بتحب المفاجآت، ونصيحة بما إنك جيت فملعبي بقى … هتتهـ ـف فنفو’خك وتحاول تأ’ذي بـ ـنتي وتلمـ ـس شعرة مِنها أنا عندي أستعداد أجيب زما’ره ر’قبتك فإيدي عادي جدًا يعني، أعتبره تهـ ـديد تحذ’ير، مش هتفر’ق، وفكر تقرب مِن اللي يخصـ ـني سواء ولا’د عمي أو بنـ ـتي، وقتها هنتفا’جئ كلنا مِن ردّ الفعل.
أنهـ ـى حديثه ثم لَم يمنحه الفرصة للحديث وأغـ ـلق المكالمة في وجهه ليشعر حينها “جـمال” بالغضـ ـب يتفا’قم داخل صدره والغـ ـل يأ’كل رو’حه متو’عدًا إليهم جميعًا بالو’يلات، فيما وضع “شـريف” الهاتف في جيب بنطاله مِن جديد ونظر إلى صغيرته ليراها تنظر إلى شيئًا ما خـ ـلفه وتبتسم بأتساعٍ لهُ ولذلك عقد ما بين حاجبيه وألتفت ينظر خـ ـلفه ليرى “سـعيد” يلا’عبها وقد أستجابت هي إليه سر’يعًا ولذلك ألتفت إليه بكامل جسـ ـده حتى يتثنى إليه رؤيته بشكلٍ أو’ضح.
أكمل “سـعيد” ملا’عبته إلى الصغيرة التي أند’مجت معه سريعًا ليتابعهما “شـريف” مبتسمًا وهو يرى لهفـ ـتها وسعادتها الباديان على معالم وجهها الصغيرة، أمسك “سـعيد” حينها كفها الصغير النا’عم بين سبّا’بته وإبهامه ثم ر’فعه نحوه ولثمه بحنوٍ وهو ينظر لها لتشعر هي حينها بلحيتهِ المنـ ـمقة تدا’عب بشرة يدها لتضحك سر’يعًا وهي تنظر إليه بسعادةٍ أكبر ليقوم حينها بأخذها مِن “شـريف” الذي تركها إليه ليضمها هو حينها إلى أحضانه يلا’عبها دون مـ ـللٍ.
_شكلك بقى ليك مكان فقلـ ـبها يا ابن المحظو’ظة، اللي بتند’مجله أوي كدا يبقى عندها بقى مِن التوب فان.
مازحه حينها “شـريف” مبتسمًا ليضحك الآخر ثم نظر إليه وقال:
_لا مِن ناحية الحظوظ فأنا محظوظ فعلًا، بسم الله ما شاء الله عليها ربنا يحفظهالك ويباركلك فيها يا صاحبي، غيَّرتك خالص خلي بالك.
_بصراحة فدي عندك حـ ـق أنا حا’سس إني بقيت واحد تاني خالص أول ما جَت ونوَّ’رت دُنيتي وطلـ ـعلي “الشروق” بعد ضُـ ـلمة الليل، ربنا يرزقك يا صاحبي بالذرية الصالحة.
أبتسم إليه “سـعيد” حينها وأ’مَّن خـ ـلفه ثم عاد ينظر إلى “شـروق” التي وضعت كفها الصغير على لحيته المنمـ ـقة ليبتسم لها ثم لثم جبينها بحنوٍ متمنيًا أمتلا’كه هو الآخر بفتا’ةٍ جميلة كـ “شـروق” التي كانت العوض الجميل إلى “شـريف”.
________________________
<“ورغم التحذ’يرات التي يتلقاها المرء، ألا أن التبجـ ـح في قاموسهم هو الأدب بذاته.”>
كانت تجلس في ردهة المنزل وحدها تتابع التلفاز منذ أن تركها زوجها وخر’ج بعد أن أستد’عاه أخيه لإنعقادهما لأجتماعٍ طا’رئ، كانت تشعر بالمـ ـلل حتى غفت مكانها دون أن تشعر بنفسها ومَرَّ عليها الوقت سريعًا حتى حل الليل يُسد’ل ستائره معلنًا عن قدومه، ولج هو حينها إلى منزله مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه ثم ولج إلى الداخل بخطى هادئة مستمعًا لصوت التلفاز ليصل ويراها متسطحة على الأريكة تغو’ص في بحو’ر أحلامها وذراعها الأ’يمن ممد’دًا في الهواء وجها’ز التحـ ـكم يتمر’كز في كفها.
أبتسم هو واقترب مِنها بخطى هادئة ليأخذه برفقٍ حتى لا يجعلها تفز’ع ثم أطفـ ـأ التلفاز ووضع الجهاز على سطـ ـح الطاولة وبعدها وضع ذراعًا خـ ـلف ظهرها والآخر أسفـ ـل ركبتيها ثم حملها بحذ’رٍ حتى لا يوقظها وأتجه إلى غرفتهما وهو يقول بنبرةٍ يا’ئسة:
_يا إلهي “تكوى” لقد زاد وزنكِ كثيرًا أصبحتِ ثقـ ـيلة للغاية، أتذكر يوم زفافنا حينما قُمتُ بحملكِ كُنْتِ خـ ـفيفة كالر’يشة، أما اليوم فأنا أشعر أنني أحمل فـ ـيلًا صغيرًا وليست زوجتي “تكوى”.
ولج إلى الغرفة ثم توجه نحو الفراش ووضعها على الفراش بحذ’رٍ ليراها تفر’ق بين جفـ ـنيها لتقول بصوتٍ يتغـ ـلب عليه النعا’س:
_ها أنت ذا، أشتقـ ـتُ إليك كثيرًا إن كُنْتَ لا تعلم.
أبتسم هو إليها ثم جلس بجوارها على طر’ف الفراش ضاممًا إياها إلى أحضانه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_بلى أنا أعلم، وأعلم أيضًا أنني أشتا’قُ إليكِ كثيرًا حينما أترككِ وأذهب إلى العمل، كان اليوم طويلًا ومر’هقًا لقد وضع أخي الأعبا’ء على كتفي د’فعةٌ واحدة حتى أصا’بني الإر’هاق الشـ ـديد ولَكِنّ لا بأس إن كانت مكافئتي أبتسامتكِ الصا’فية وإغر’اقِ بكلماتٍ معسو’لة مِنكِ أنا أُحب هذا كثيرًا وكذلك و’سيلة مِن عدة وسا’ئل الد’عم النفسـ ـي حينما تعانقيني قبل رحيلي إلى العمل وتعطين لي جر’عة حما’سٍ لا أعلم مِن أين تأتي بها فغيرك يا عزيزتي في هذه الأوقات تبكي وتصر’خ وتغضـ ـب أما أنتِ حتى الآن أراكِ حالةٌ إستثنا’ئية فمنذ أن أصبحتِ حبـ ـلة وأنتِ تز’دادين جمالًا كل يوم وكذلك أراكِ تتد’للين ودومًا تبتسمين، أحببتك هكذا كثيرًا “تكوى” رغم ذلك لَم تعودي تقفين على ر’خامية المطبخ أو تركضين في كل مكان مثلما كُنْتِ تفعلين.
ضحكت هي على حديثه ومِن ثم منحته أبتسامةٌ صا’فية لتقول:
_”إيثان” أنا أُحبُّكَ كثيرًا، أريدك الآن أن تبقى بجانبي وتدا’عب خصلاتي مثلما تفعل لي كل يوم، هل تستطيع؟.
لا يعلم لماذا يشعر معها أنه أبٌ وهي فتا’ته الصغيرة المد’للة، يشعر بالراحة بمجاورتها وحنانه عليها يجعله يشعر بمشاعرٍ كثيرة أبرزها السعادة والحنان عليها ولذلك لَم يستطع المُحب ر’فض مطلب حبيبته ولذلك وضع كفه على خصلاتها وبدأ يملـ ـس عليها برفقٍ مثلما أعتاد لبرهةٍ مِن الوقت حتى رآها تنهض برفقٍ أسفـ ـل نظراته المتعجبة وقبل أن يسألها أين ستذهب رآها تر’مي بنفسها داخل أحضانه بعد أن جلست نصف جلسة ليعلم هو مطلبها الآخر والذي يجعلها تشعر بالراحة أكثر.
طبـ ـق عليها بذراعيه يضمها إلى د’فئ أحضانه لتشعر بعدها بأنامله بدأت تدا’عب فرو’ة رأسها برفقٍ لتشعر حينها بالراحة تسير في أنحا’ء جسـ ـدها، وصل رائحة عبقه المحبب لها إلى أنفها لتبتسم برفقٍ وتلتزم الصمَـ ـت في حضرته فهذه اللحظة هي الأحب إليها ولذلك لَم يحر’مها مِنها.
وبعد مرور القليل مِن الوقت بمجاورته إليها سَمِعَ صوت هاتفه يعلنه عن وصول رسالة إليه، أخرجه مِن جيب بنطاله وولج على التطبيق الشهير “واتساب” لتتبد’ل معالم وجهه سر’يعًا وهو يرى تهـ ـديداتٍ صر’يحة ومباشرة مِن رقمٍ مجهو’لٍ يحذ’ره بسحـ ـب الشكو’ى المقدمة ضـ ـد جدته حتى لا يتم قتـ ـل زوجته وطفله.
_قم بسـ ـحب شـ ـكواك أنت وأخيك التي قدمتها ضـ ـد جدتك حتى لا تعود قريبًا مِن العمل تراها جـ ـثةٌ ها’مدة غر’يقةً في د’ماءها هي وطفلك!.
___________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *