روايات

رواية غفران هزمه العشق الفصل الخامس عشر 15 بقلم نور زيزو

رواية غفران هزمه العشق الفصل الخامس عشر 15 بقلم نور زيزو

رواية غفران هزمه العشق البارت الخامس عشر

رواية غفران هزمه العشق الجزء الخامس عشر

غفران هزمه العشق
غفران هزمه العشق

رواية غفران هزمه العشق الحلقة الخامسة عشر

___ بعنــــوان ” من رحم الخوف ” ___
كان “عُمر” يقود السيارة فى صمت تام حتى قاطع هذا الصمت صوت “غفران” الجالس فى الخلف بجوارها يقول بهدوء:-
_ هتعرفيني على باباكِ؟
أومأت إليه بنعم ثم قالت بنبرة دافئة:-
_ أكيد، ثم بابا عنده أسئلة كتير أزاى عمل العملية وأزاى جه باريس وحاجات كتير محتاجة كل الأسئلة أنه يتعرف عليك
هز رأسه بنعم ونظر إلى النافذة فى هدوء شديد وما زال كابوس الصباح يحتل تفكيره وبسبب عينيه المريضة لم يتمكن من رؤية وجه الفتاة التى حاولت طعنه وقتله فى المنام، شعر بضيق فى صدره يحد من أنفاسه أكثر وبدأ صوت أنفاسه تعلو شيئًا فى شيء حتى أنتبهت “قُسم” إلى صوته فألتفت إليه ورأته يضع يده على صدره ويفك رابطة عنقه بتعب فربتت على كتف “عُمر” بقلق وهى تقول:-
_ وقف يا عُمر العربية
أقتربت من “غفران” بقلق وهى تأخذ يده من فوق صدره فى أثناء توقف “عُمر” بالسيارة جانبًا ليقول:-
_ مسيو غفران
تحدثت “قُسم” مُمسكة بيده بين يديها بقلق:-
_ غفران أنت كويس؟
أغلق قبضته على يدها بقوة حتى كاد أن يعتصر عظام أناملها النحيلة بين يده فترجل “عُمر” من مقعده مُسرعٍ وفتح باب السيارة الخلفي وقدم إلى “غفران” بعض الحبوب الذي وصفها “ألبيرت” غليه وزجاجة مياه ليرتشف “غفران” دواءه و”قُسم” جواره لا تفهم شيء، ولما هذا الدواء؟ بدأت نوبة الصرع تهدأ فتحدث “عُمر” بهدوء:-
_ أحسن دلوقت؟!
اومأ إليه بنعم ليعود “عُمر” إلى مقعده وينطلق بالسيارة فتركت “قُسم” يده بضيق وأنفعال واضح، ليحدق “غفران” بها ولم يرى من ملامحها الغاضبة شيء لكن تصرفها فى ترك يديه وبُعدها عنه حتى ألتصقت بالباب الأخر تبتعد عنه قدر الإمكان كان كفيل بأن يخبره أنها غاضبة منه، ظل يفكر فى سبب غضبها ولم يصل لشيء؟ ، نظرت “قُسم” إلى النافذة بضيق وعينيها تتلألأ بهما الدموع من القلق عليه والضيق بسبب إخفاءه بعض الأمور عنها وهى كالكتاب المفتوح أمامه لم تخفي عنه شيء أبدًا، لكن غموضه الدائم معها يحرقها بنيرانه من الداخل حتى ألمتها هذه الغصة فى قلبها، توقفت السيارة أمام المستشفي لتترجل أولًا دون أن تنتظرهما وذهبت إلى الداخل فسأل “غفران” بقلق:-
_ زعلانة؟
فهم “عُمر” سؤاله وبدأ يصف له تعابير وجه “قُسم” بهدوء:-
_ متعصبة جدًا وعينيها فيها دموع محبوسة ووشها شاحب شوية، حزينة جدًا
تنهد “غفران” من هذا الوصف وهو لا يفهم سبب تحولها المفاجئ خصيصًا أنها كانت مُتحمسة جدًا لتقدمه إلى والدها، سار خلفها إلى حيث غرفة والدها دق الباب أولًا ودلف مع “عُمر” ليرمقه “جميل” بنظرات هادئة شاب فى مُقبل العمر وسيم جدًا كالبدر فى سمائه، أنيق ببدلته الرمادية وقميصه الأسود، رائحة عطره الجذابة ملأت الغرفة بدخوله، يبدو عليه ثراءه فنظر إلى أبنته بهدوء فقالت بضيق ونبرة حادة:-
_ أستاذ غفران، أتكفل بعمليتك
نظر “جميل” إليه بهدوء وعقله لا يستوعب أن هناك أحد مهما كانت درجة ثراءه سيتكفل بجراحة باهظة الثمن هكذا بلا مقابل ليقول:-
_ سيبينى معاه شوية يا قُسم
نظرت “قُسم” إلى “غفران” بحيرة بعد طلب والدها وخرجت من الغرفة مع “عُمر” بينما جلس “غفران” مع والدها ليسأله “جميل” بجدية:-
_ ليه؟
نظر “غفران” له بحيرة من سؤاله لكنه لم يكن غبيًا ليجهل معني السؤال، أخرج هاتفه من جيبه ليضيء شاشته وتظهر صورة “نالا” فأعطي الهاتف إلى “جميل” ليقول بهدوء:-
_ نالا، بنتي عمرها 10 سنوات بتعاني من رهاب شديد يخليها تخاف تتعامل مع الناس حتى أصحابها فى المدرسة، بتروح لدكتور نفسي نصح أننا منجبرهاش على أى تعامل مع الناس عشان متوصلش للتوحد، الطفلة دى محبتش ولا قبلت تتعامل مع حد غير المس بتاعتها مس قُسم، بالعكس حبتها جدًا وبدأت تتكلم وتتضحك وتلعب معها وأنا عرضت على مس قُسم أنها تتدرس لها الرياضيات وتساعد فى علاج بنتي حسب تعليمات الدكتور النفسي بتاعها هى رفضت جدًا فى الأول فمكنش عندي حل غير أني أطلب منها تساعد فى علاج بنتي فى مقابل أني أساعد فى عالج والدها ووقتها وافقت
سمع “جميل” حديثه وكان “غفران” رجل ذكي جدًا ليرتب كلماته جدًا ويتقن أختيارها حتى يكسب ثقة هذا الرجل ويمده بالأمان فقال “جميل” بهدوء:-
_ ودا سبب كافي يخليك تجي معاها هنا ؟
تنحنح “غفران” بهدوء شديد ثم قال بجدية صارمة:-
_ أنا أتعرضت لحادثة عربية قبل ما أجي هنا وجيت أطمن على صحتي ونفسي خصوصًا أنى من المساهمين الأساسين فى المكان هنا وصاحب نسبة أسهم فيها ودا اللى خلى تكاليف عملية حضرتك مش غالية بل يعتبر أنهم عملوها مجاني عشاني
رمقه “جميل” بشك من أمره وشعر أن “غفران” رجل الأعمكال يمارس ذكائه عليه حتى يغلبه فى الحديث ويخرج هو من هذه المحادثة مُنتصرًا ليقول:-
_ ودا كمان اللى خلى بنتي تقيم معاك فى نفس البيت؟
تنهد “غفران” بهدوء شديد ثم تحدث بمكر:-
_ هى كانت مُقيمة فى فندق لوحدها فى غرفة مُستقلة لحد ما جه حازم خطيبها وحاول يعتدي عليها ودا اللى خلاني أخدها فى البيت للأمان ولأنها كانت خايفة وكمان أنا مش مقيم فى البيت دا لوحدى فى خدم وحرس
_ حازم خطيبها وهيبقي جوزها، دى مشكلة أنا أقدر أحلها لما أرجع
قالها “جميل” بهدوء على عكس المتوقع، أتسعت عيني “غفران” على مصراعيها بصدمة ألجمته من رد فعل “جميل”، أخبره “غفران” بفعل “حازم” حتى يقطع علاقته نهائيًا مع “قُسم” لكن السحر الذي خطط له قُبل على ساحره والفخ الذي فعله سقط به قلبه وحده، لم يُصدق أن بعد ما فعله “حازم” سيزوجها “جميل” منه، شعر بالخوف من فقدها وأن يأخذها القدر منه بعد أن أحتلت قلبه ليدرك بهذه اللحظة أنه عاشق لهذه القُسم الجميلة ذات القلب الجميل ببراءتها وحدتها …
غادر الغرفة مصدومًا لتستوقفه “قُسم” بقلق من إطالة المحادثة بينهما وقالت بتوتر:-
_ بابا قالك حاجة؟
نظر إليها فتاته الجميلة الذي سيفقدها فور عودتهما إلى مصر ليقول:-
_ قال أنه هيجوزك حازم بعد رجوعك مصر
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها وأنتفض جسدها ذعرًا ليس من قرار الزواج كما توقع “غفران”، بل لأن قلبها بات عالقًا الآن مع هذا الرجل فكيف ستتزوج من غيره؟، غادر “غفران” المستشفي وتركها خلفه مع “جميل” لتذرف تلك الدموع المحبوسة فى عينيها الخضراء، دلفت فتاة إلى دورة المياه لتسمع صوت بكاءها من المرحاض وهى تشهق بقوة من ألم قلبها الحزين ……
_______________________
لم يكن “أنس” غبيًا أو غريبًا عن زوجته فأدرك أنها بدأت تشك به فأرسل رسالة إلى “ملك” يقول بها :-
_ انا مش هعرف أجيلك دلوقت؟ خليها على الإجازة الجاية
مسح الرسالة من هاتفه فور أرسلها وترك الهاتف على الطاولة أمامه وأخذ كوب القهوة الخاص بيه يرتشفها حتى جاءت الخادمة وقالت:-
_ محمود بيه فى الصالون منتظر حضرتك
وقف “أنس” من مكانه يقول:-
_ أنا جاي، روحي أعمليه حاجة يشربها
غادر من أمام “تيا” التى تراقب تصرفاته فى صمت وفور مُغادرته فتحت الهاتف تبحث فى محادثته عن أى شيء والصور والمكالمات لكنها لم تجد شيء فكان “أنس” حريصًا جدًا ولم يخطأ مرة واحدة أو يترك دليلًا واحدًا فى هاتفه، ألتف “أنس” قبل أن يدخل القصر ليراها تمسك هاتفه فتبسم بخبث وكأنه كان يعرف أن هذا اول شيء ستفعله، أخذ “محمود” صديقه وقال:-
_ تعال نقعد فى المكتب
دلفوا للمكتب بينما رمقه “محمود” صديقه مُنذ الصغر مهندس معماري من طبقة متوسطة وسبب معرفته بـ “ملك” من البداية 35 عامًا ليقول:-
_ مالك؟ غريبة أنك تبعتلي نقعد فى بيتك؟
_ تيا شافت الهدية اللى كنت جايبها لملك وبدأت تشك فيا
قالها بضيق شديد مما أفزع “محمود” ليقول بذعر:-
_ وبعدين؟ هتعمل أي ؟ ما أنا قولتلك الستات بتحس بالحاجات دى يا أنس وأن الموضوع مش هيعدي كدة عليها
جلس “أنس” على المقعد بضيق شديد ثم قال بسخرية من “تيا” :-
_ تحس بأي؟، بقولك لولا الهدية مكنتش هتعرف حاجة وألا كانت حست بحاجة طول السنين دى ، المهم أبعت مراتك تطمن ملك وتديها الرقم دا تكلمني عليه
أعطاه ورقة بها رقم تليفون جديد ليقول “محمود” بجدية:-
_ ماشي
_ فى حاجة كمان، فاكر الشقة اللى فى العمارة بتاعتك
عقد “محمود” حاجبيه بعدم تذكر بينما يقول:-
_ أنهى شقة؟ اااه قصدك اللى معروضة للبيع؟
أومأ إليه بنعم ثم تابع الحديث ليقول:-
_ اه، خلى مراتك تروح مع ملك تشوفه لو عجبتها هبعتلك فلوس تشتريها بأسم ملك وننقل فيها وقتها هعرف أشوف ملك براحتي وأقول لتيا أنى جاي أزورك عادي
تبسم “محمود” على ذكاء صديقه الخبيث وقال:-
_ دا أنت ثعلب مكار، ماشي حاجة تانية ؟
_ لا
قالها “أنس” وجلسوا معًا يلعبوا جولة مباراه على الشاشة معًا ودلفت الخادمة بالعصير والكيك ثم خرجت فأوقفتها “تيا” بضيق وقالت:-
_ بيتكلموا فى أي؟
أجابتها الخادمة بعدم فهم من السؤال:-
_ ولا حاجة بيلعبوا بلاي ستشن
غادرت الخادمة لتعقد “تيا” ذراعيها بحيرة من أمره وبداخلها الشك قد فتح أبواب قلبها حتى يتسلل داخلها فليس من الطبيعي أن يحضر لها زوجها حجابًا وكانت هذه غلطته الوحيدة التى أرتكبها ….
________________________
رفعت “قُسم” طاولة الطعام من أمام والدها بوجه شاحب وحزين ليقول “جميل” بجدية:-
_ مالك يا قُسم؟
_ مفيش
قالتها بلا مبالاة ونبرة واهنة وحزينة ليقول بجدية:-
_ أنتِ حبتيه؟
ألتفت “قُسم” إلى والدها بدهشة من سؤاله لتابع الحديث بحزم:-
_ حبتي غفران بيه الرجل الملياردير وأنتِ مخطوبة لواحد تاني
تنهدت “قُسم” بضيق ثم جمعت شجاعتها لتقول:-
_ مخطوبة لواحد تاني؟ أنهى واحد يا بابا اللى شكك فى شرفي وأتهمني أنى وحشة وبتاعت رجالة ولا اللى حاول يعتدي عليا ولا اللى أمه مشيه وبتتدخل فى كل حاجة فى حياتي وتخصني ولا اللى مخليني راجل معاه وشايلة كل المسئولية وحولني من بنت جميلة لراجل بيرجع وراء الصنايع وتشطيب الشقة وغيره ، هو دا الراجل اللى عايز تديله بنتك الوحيدة
_ هو دا الراجل اللى أنتِ أخترتيه وحبيته ووقفتي قصادي عشانه زمان ولا نسيتي
قالها بحدة صارمة لتنهار “قُسم” فى البكاء وهى تقول بتلعثم:-
_ غلطت، كنت عيلة وغلطت هتعاقبني وترمينى عشان أختيار غلط، هتخلينى أعيش عمرى كله فى مرار ووجع وذل عشان أخترت مرة غلط، هفضل عمري كله مذلولة ومكسورة بسبب مرة أخترت فيها
سألها بعيني ثاقبة ترمقها بضيق:-
_ وغفران بقي هو الأختيار الصح؟ الراجل اللى متجوز ومع بنت
أغلقت قبضتها بوجع تسيطر على ألمها وشعرت أنها مذنبة وستسرق رجل من زوجته وستدمر حياة عائلة كاملة بسبب طمعها فقالت بضيق:-
_ أنا مخترتش غفران، حتى لو حبيته أنا مستحيل أختاره أنا مش وحشة عشان أسرق راجل من مراته وبيته ولا هقبل أنى هكون بالقذارة دى، أنا بس مش عايزك ترميني لحازم وتدمرلي حياتي كلها اللى جاية
خرجت من الغرفة منهارة من البكاء ولا تعلم إلى أين تذهب فى هذا الوقت المتأخر من الليل، لم تقوى على الذهاب إلى “غفران” بعد حديث والدها ولا تملك منزلًا أخر تذهب له، ظلت تسير فى الشوارع جاهلة إلى أين تقودها قدميها، يؤلمها قلبها المجروح من قسوة “حازم” ويريد والدها تزويجها منه ويفتت لإشلاء بسبب حبه لـ “غفران” وهى لا تقوى على تدمير حياته وحياة زوجته وابنته الصغيرة، لا تعلم لما علقت حياتها بين الحياة والموت هكذا، جلست على أحد الأرصفة فى الطريق تضم قدميها إلى صدره وتتكئ برأسها على ركبتيها لتنهار فى البكاء ربما يقل وجعها قليلًا بعد نوبة البكاء………
________________________
لاحظ “عُمر” حزن “غفران” الشديد من بعد مقابلة والدها وعلم سببه حين أخبر “قُسم” فمرافقة “عُمر” له طيلة هذه السنوات تجعله يعرفه كالمرآة الخاصة به ويعلم أن “غفران” يكن الكثير من الحُب لها وما يؤلمه الآن هو خبر زواجها فقال بهدوء:-
_ ما لكَ يا مسيو غفران؟ حضرتك كويس؟
_ هتتجوز يا عُمر
تنحنح “عُمر” بهدوء مُدركًا أن هذا هو السبب فقال بجدية ومكر:-
_ لكن لو حضرتك أمرتها متتجوزش هى واجب عليها الطاعة
رفع “غفران” نظره إلى “عُمر” بجدية ليتنحنح “عُمر” بخوف من نظرته وقال موضحًا الأمر:-
_ مش قصدي حاجة لكن حسب العقد اللى عليه أمضت قُسم مينفعش تتجوز
وقف “غفران” من مكانه ليسير إلى الأمام ويضع يديه فى جيوب بنطلونه بضيق ويفكر فى هذا العقد وماذا سيكون رد فعل بريته الجميلة حين تعلم به؟ ستكن له الكره والغضب وستتحول براءتها إلى النار التى ستحرقه؟ مما يعرفه عن “قُسم” فلن تقبل نهائيًا بهذا الأمر المخادع لها، تحدث بقلق:-
_ تفتكر دا حل يا عُمر، الحل دا هخسرني قُسم للأبد
أقترب ” عُمر” خطوة من رئيسه وقال بخبث شديد وهو لا يبالي بشيء سوى ما يريده رئيسه فقط:-
_ لكن فى الاول والأخر هو حل لأنها تفضل معاك العمر كله، بكل الأحوال سوى قبلت أو رفضت قُسم ملكك قانونًا وميحقش لحد غيرك أنه يأخذها أو يأمرها حتى والدها ، ميحقلهوش أنه يقرر نيابة عنها لأن قُسم قانونًا ملك لغفران الحديدي وبس
نظر “غفران” له بحيرة من أمره وإذا أفضحت أمر هذا العقد ستكون ملكه حقًا أمام الجميع لكن فى المقابل سيخسر قلبها وروحها للأبد….
رن هاتفه يقاطع محادثتهما وكان رقم غريب ليُجيب عليه “عُمر” باللغة الفرنسية قائلًا:-
_ ألو
كان صوت “جميل” يُحدثه بقلق:-
_ غفران بيه معاك
نظر “عُمر” إلى “غفران” ووضع يده على الهاتف ليقول بهمس:-
_ دا جميل
أخذ “غفران” الهاتف منه بعد أن نظر فى ساعة يده وكانت قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل ليقول:-
_ أيوة
_ قُسم عندك؟
قالها بقلق بعد أن غابت ابنته ساعات طويلة فى الخارج، فزع “غفران” من سؤاله الذي كاد أن يوقف عقله وقلبه فى آنٍ واحدٍ ليقول بتلعثم:-
_ هي مش عندك؟
_ خرجت من ثلاث ساعات ومرجعتش وشنطتها وفلوسها معايا حتى جزمتها عندي
قالها بقلق ليقول “غفران” بفزع:-
_ أزاى خرجت لوحدها؟ هى متعرفش حاجة هنا
أغلق الهاتف دون أن ينهى الحديث من الفزع وخرج من المنزل بملابس بيته مجنونًا لا يعلم أين سيجدها فبدأ يتصل بها كالمجنون و”عُمر” يقود السيارة بسرعة دون توقف فى جميع الشوارع المجاورة للمستشفي، أتصل بها أكثر من 50 مرة لكنها لا تجيب عليه مما جعل قلبه يكاد يجن وعينيه تنظر من النافذة عليها لكن عجزه عن رؤية الوجوه جعلت البحث عنها وسط المارة بين مُستحيل لتذرف دمعة من عينيه بضيق من هذا الزوج من العيون، لم يراها حتى لو مرت من أمامه مما أدهش “عُمر” لأول مرة يرى دمعة عينيه تذرف من جفنه مما أرعبه من القادم، استقبلت اتصاله ليصرخ كالمجنون بها قائلًا:-
_ أنتِ فين؟ أنتِ مجنونة تطلعي لوحدك و……
قاطعته بصوت واهن يخرج من حنجرتها بصعوبة بالغة من شدة بكاءها ورجفتها تقول:-
_ غفران قلبي بيوجعني
تخلي عن صراخه وعصبيته بعد أن سمع نبرتها الباكية وكلماتها عن الوجع الذي أصاب قلبها الضعيف، تنفس بهدوء يهدأ من روعته أمام ضعفها ثم قال بلطف:-
_ أنتِ فين؟ وأنا هجيلك؟
_ معرفش
قالتها بضعف ليقول بجدية:-
_ أدي تليفونك لأى حد جنبك
أعطت الهاتف لفتاة تجلس قربها لم تفهم الفتاة شيء منها لكنها أخذت الهاتف بقلق لتسمع سؤال “غفران” بالفرنسية عن العنوان أو المكان فأخبرته به بلهجتها الفرنسية وأعطت الهاتف إلى “قُسم” فقال بجدية:-
_ أنا قريب منك متتحركش حركة واحدة يا قُسم أقل من خمس دقائق وهتلاقيني قدامك
أومأت إليه بنعم فأخبر “عُمر” عن العنوان دون أن يغلق الخط ثم قال بلطف:-
_ خليكي معايا على التليفون متقفليش
تحدثت وهى تعود للجلوس أرضًا بتعب:-
_ يا ريتك يا غفران تعرف تعملى أنا كمان عملية تخلصني من وجع قلبي
صمت ولم يُجيب عليها مُستمع لكلماتها الحزينة وهى تصف وجعها بأنه فاق قدرتها وتتمنى أستئصاله، أوقف “عُمر” السيارة وقال بهدوء:-
_ قاعدة هناك
نظر “غفران” نحو أصبع “عُمر” ليراها تجلس على حافة النهر بحالة فوضوية، ترجل من السيارة وهو يقول:-
_ روح هاتلها أى جاكيت أو حاجة تدفيها وجزمة
أومأ “عُمر” بنعم وأنطلق بالسيارة ليسير “غفران” نحوها وهو يقول:-
_ أوعى تقولي أنك بتفكري تنتحري
أنزلت الهاتف عن أذنيها تنظر حولها لتراه يقترب بملابس بيته فجهشت فى البكاء أكثر فقال بنبرة خافتة بهاتفه:-
_ كام مرة قُلتلكِ متخافيش ما دام أنا معاكِ
_ الدنيا دى مُرعبة يا غفران، مرعبة أوى
قالتها بعجز عن البقاء على قيد الحياة فتابعت الحديث بهدوء:-
_ بقالي أكثر من ساعة بفكر هيحصل أى لو رميت نفسي هنا ونهيت الحياة دى وأنتصرت أنا على معاناتها
أرتجف قلبه فزعًا حين سمع تفكيرها المُخيفة فى إنهاء حياتها حتى تتخلص من أوجاعها وقسوة حياتها ، فقال بلطف:-
_ تعالي ليا وأنا هنصرك عليها، قُلتلك كام مرة أنا هنا جنبك
أغمضت عينيها بقوة تسقط دموعها كاملة وهى تغلق الهاتف حتى وصل إليها فمد يده إليها وهو يقول:-
_ تعالى ليا يا قُسم
فتحت عينيها لتراه يقف جوارها ويمد راحة يده إليها فنظرت إليه مُطولًا ورفعت يدها نحوه لتتعانق يديهما معًا فسحبها بلطف إليه لتقف مع سحبه وتطلع بها فقال بخفوت:-
_ أنا معاكِ يا قُسم
_ بس حتى دا مستحيل
قالتها بوجع فهى لن تقبل به أبدًا ولن تقبل بتدمير حياة فتاة أخرى مثلها حين تسرق منها زوجها، مسح على رأسها يداعب خصلات شعرها على الجانبين بحنان ثم قال بلطف:-
_ مش هتتجوزيه يا قُسم، مش هتتجوزيه ما دام مش عايزة دا
وضعت يدها على قلبها بحزن شديد ثم قالت:-
_ هنا بيوجعني يا غفران، حاسة أنى مخنوقة ومش قادرة أتنفس وهموت من الوجع
جذبها إليه لترتطم بصدره القوي حتى يطوقها بذراعيه بقوة مُحكمًا إياها بين ضلوعه فقال بهدوء:-
_ أهدئي يا قُسم وكل حاجة وليها حل
حاولت دفعه بعيدًا عنها ومقاومة عناقه وهى تشد تي شيرته بقوة من خصره حتى تبعده لكن هذان الذراعان كان أقوى من فتاة هشة على أن تنتصر عليما وتتخلص من قيدهما وكلما قاومته شد عليها أكثر لتستلم لهذا السجن الذي يُحيطها لتجهش فى البكاء وهى تتشبث به بقوة ليرخي “غفران” ذراعيه عن عظامها التى كاد أن يعتصرها بهما وشعرت بيده تربت على ظهرها محاولًا تهدأتها حتى تكفي عن البكاء، فهمس إليها بنبرة دافئة:-
_ أهدئي يا قُسم ، أهدئي وهتتحل ، كل مشكلة وليها حل صدقيني
أومأت إليه بنعم ليخرجها من بين ضلوعه ونظر إلى وجهها الضبابي ورفع يده يمسح دموعها بلطف فقالت:-
_ أنا مش وحشة يا غفران؟ أنا مش وحشة ومش عايزة أدمرلك حياتك ولا أوجع مراتك
سألها بلطف ونبرة دافئة:-
_ دا اللى مخوفكِ، دا السبب اللى مخليكِ متجيش ليا
أومأ إليه بنعم فقال بهدوء شديد:-
_ أنتِ مش وحشة لأن مش أنتِ اللى قُلتي لكندا تخوني
نظرت إليه وهى تمسح أنفها بيدها فجلس على الأرض معها وحدق بها وبدأ يحكي لها عن “كندا” وأنها تخونه مع المخرج وأنه لم يعاشرها منذ زواجهما سوى مرتين فقط يوم زفافهما والمرة الأخرى حين حملت بـ “نالا”، لأول مرة يكن مرضه مُفيدة حتى لا صدمة “قُسم” وبكاءها مُشفقة على حياته التعيسة فقال بهدوء:-
_ عرفتي أنكِ مش وحشة؟
_ مش يمكن اللى وصلها للخيانة حياتكم البايظة؟
قالتها بهدوء فنظر “غفران” لها بهدوء ثم سألها:-
_ كانت تطلب الطلاق يا قُسم لكن تخوني دى جريمة وأنا لا يمكن أغفرها
أومأت إليه بنعم وحقًا كان الطلاق سيكون سهلًا جدًا على حالتهما، جاء “عُمر” إليه ليأخذ منه “غفران” السترة التى أشتراها الحذاء وجلس يمسح قدمها بيده ثم يضع الحذاء بها وعيني “قُسم” لم تفارقه نهائيًا حتى وصل بها إلى المنزل، صعدت للأعلي ليتصل بالمستشفي من أجل “جميل” فقال:-
_ اه لاقيتها فى الشارع والصبح هجبهالك المستشفي بعد….
قاطع حديثه حين سمع صوت أرتطم شيء قوي بالأعلى فأغلق الهاتف وصعد ركضًا للأعلي بخوف أن تكون أذت “قُسم” نفسها حقًا كالمجنونة ويناديها:-
_ قُسم
لم تُجيب عليه ليفتح باب الغرفة ودلف، لم يجدها بالغرفة فطرق باب المرحاض ولم يجد جواب فقال بهدوء:-
_ قُسم أنا هدخل
لم تجيب عليه ففتح الباب برفق لكنه صُدم حين رأها على الأرض فاقدة للوعي بروب الأستحمام ليفزع بهلع ويدخل لها فرفع رأسها عن الأرض ليقول:-
_ قُسم… قُسم
حملها على ذراعيه ليأخذها إلى الفراش ووضع الغطاء عليها بقلق وحاول إفاقتها بالعطر لتفتح عينيها بتعب ووضعت يدها على رأسها من الوجع، تنفس الصعداء بأريحية بعد يقظتها وظل يحدق بها بفزع لترى وجهه مفزوعًا وأنفاس يكاد يلتقطها من القلق فأعتدلت فى الجلوس بألم من قوة أرتطام رأسها بالأرض وقالت:-
_ غفران
لم يتحمل قلبه الخوف الذي بداخله هذه الليلة بسببها، كاد أن يتوقف عن النبض من هلعه كأن أحدهما يطرق بمطرقة ضخمة على صدره بهذه اللحظة وبعد أن لفظت أسمه وسط ألمه فقد ما تبقي من صموده أمامها فلم يشعر بشيء سوى وشفتيه تطبق على جبينها الباردة بقبلة دافئة لتُصدم “قُسم” من فعلته وشل جسدها عن الحركة وهى لا تستوعب فعلته …….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية غفران هزمه العشق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *