رواية أماريس الفصل التاسع 9 بقلم حنين عادل
رواية أماريس الفصل التاسع 9 بقلم حنين عادل
رواية أماريس البارت التاسع
رواية أماريس الجزء التاسع
رواية أماريس الحلقة التاسعة
فتابع يحيي: وإنتِ عمرك زي عمري خمسه وعشرين سنة مثلًا إمتي دخلتي هنا وعرفتي كل حاجة عن أماريس.
ابتسمت لانا: هل ستصدقني إن أخبرتك أني لا أتذكر متى جئت وكيف كل ما أعرفه هو أماريس فقط !
فرد يحيى وهو يفكر: سحر أماريس اشتغل عليكي يعني وخلاكي تنسي كل حاجة؟!
_ إنه أمر جائز.
نام على فراشه ووضع يده تحت رأسه وقال: مش نفسك تمشي من هنا؟!
فضحكت لانا وهي ترفع خصلاتها : أين سأذهب ولمن لقد رضيت بقدري وقدري في أماريس
ثم نهضت مبتسمة : الآن عليك بالراحة لقد عانيت كثيراً اليوم.
غادرت لانا وهو ينظر على أثرها نهض وجلس على مقعده أمام المكتب وفتح أحد أدراجه وأخرج صورة أبيه ونظر لها بحزن عارم.
شعر بألم في رأسه وقال بصوت مسموع : عاوز قهوة
فظهرت أمامه فأمسك الكوب و بدأ في احتسائها وكأنه لم يحتسي قهوة في حياته بهذا المذاق الرائع.
وضع الصورة في الدرج وأخذ يبث في نفسه الأمل أنه سيجد والدته وسيغادر ولن يخسر مجدداً .
انتهى من احتساء قهوته ونام على فراشه وهو عازم على إكمال البحث عنها غداً وايجادها مهما كلف الأمر !
في الصباح تسللت أشعة الشمس إلى غرفته .
_خلي بالك من نفسك يا يحيى!
استيقظ على هذه الجملة وأخذ يمرر يده في شعره وهو يتثاءب كل شيء غريب في هذه الأرض حتى أحلامه أصبحت غريبة فلم يعد شئ يثير دهشته ولكن ما أيقنه أنه يجب عليه الحذر الشديد وأن يسرع ويجد والدته حتى لا يؤثر فيه سحر أماريس أكثر من ذلك.
دلف إلى الحمام واغتسل ثم خرج وارتدى ملابسه الفضفاضة المعتادة وخفه المنقوش بألوانٍ زاهية
صفف شعره أمام المرآة وخرج من القصر وهبط السلم حتى وقف أمام منازل الچاما
تذكر أنه بحث في كل منزل فلم يجدها فعزم أن يبحث عنها في جستار سجن أماريس .
سار حتى وصل إليه وفتح بابه والحراس ينحنون له ثم أمرهم بإخراج كل من في السجن واصطفافهم أمامه .
فأخرجهم الحراس فكانوا كُثر ولكن الغبار والوسخ يغطي على ملامحهم وجسدهم الهزيل تغطيه الملابس المهترئه فكان المميز بين الرجل والمرأة الذقن لا غير !
نظر يحيى للحراس وأمرهم أن يجعلوهم يغتسلوا وجلس على كرسيه يشاهدهم.
اتسعت عيناه من الصدمة حينما وجد أن الحراس أحضروا خرطوم مياه كبير الحجم ثم قاموا بتوجيه الخرطوم تجاه المساجين ولشدة ضغط وقوة اندفاع المياه كانوا يتساقطون .
صاح بأعلى صوته حينما رآهم :بس كفايه!
أغلقوا المياه ونهض المساجين من على الأرض يرتعشون واصطفوا مجدداً ووقف أمامهم يحيى يتفحص وجوههم ويجوب ذهاباً وإيابا .
أشار الحراس بيأس أن يأخذوهم وجلس مجدداً واليأس يجتاحه هل كل تضحياته هذه ذهبت سُدي؟ أخذ يفكر من يستطيع مساعدته ؟!
فكر في لانا ولكنها غامضة بالنسبة له هل ستساعده وتخون أماريس ؟
نهض حزيناً ثم غادر چستار وذهب إلى قصره وجلس على المقعد الذهبي الكبير الذي يحيطه الأوراق الزرقاء والورود الزرقاء فوجده فجأة مرتديًا تاجه وعباءته التي ارتداها بالأمس .
نطق باسم لانا فكانت أمامه على بعد خطوات ابتسم عندما رآها تاتي في أبه حُلة ترتدي ثوباً أزرق اللون واسع الأكمام يبرز جمالها الأخاذ وقد أطلقت لشعرها العنان ووضعت فوقه تاجًا من الزهور .
اقتربت منه فقال غامزًا متناسيًا كل شيء وكأنه لا يتذكر سواها : حلاوة أماريس طعامة أماريس جمال أماريس.
احمرت وجنتيها من الخجل وقالت مبتسمة :كيف حالك أيها المختار ؟
ابتسم ونظر للچاما الذين يخرجون من منازلهم ثم قال : هو فين الأطفال ؟!
فردت لانا : لا يوجد هنا أطفال إن أردت أن تكون من الچاما وتكون خالداً منعمًا بخيرات اماريس يجب عليك الامتثال لأوامرها والتضحية ببعض الأمور الدنيوية.
فنظر لها في دهشة : يعني أفقد إنسانيتي، أتحول للچاما، أكون عقيم !
ابتسمت لانا وهي تشير على الچاما : أليسوا سعداء في سبيل سعادتهم الأبدية ضحوا ببعض الأمور الدنيوية .
صمت قليلًا ثم قال : هو انتوا بتعرفوا الخاينين إزاي ؟
فردت لانا: يلتف الضوء الأزرق حول عنقهم فكل شيء محسوب وبإرادة أماريس
أمسك برأسه وأرجع خصلاته للوراء ولمس التاج ثم تذكر حديث أبيه
( لأن أماريس ظالمة تريد أن تسلبني كل شيء تسلبني كوني إنسانًا وتحولني إلى مسخة لا تفقه شيئاً تعيش بدون هدف وهوية فهل تكون هذه حياة تريد سلب إنسانيتي وسلب أعظم نعمة قد توهب للإنسان أن يكون له أولاد إنها تعطيك النعيم الأبدي ولكنه وهم زائل)
نظر إلي لانا للحظات، ابتسمت لانا وهي تعدل ملابسها : ماذا تريد أن تقول أيها المختار؟
فضحك يحيى :مش المفروض عارفه اللي بيدور في عقلي !
_ أعلم ما تريد إخباري إياه فقط فلا سلطة لشخص على عقل !
تحشرج يحيى و قال: هو في مكان غير بحر الظلمات وچستار هنا ؟
جلست لانا على السلم ونظرت له : ماذا تريد أن تعرف بالتحديد أعلم أن مصيرنا واحد ثق فيّ !
صمت قليلاً للحظات وتنهض قائلاً : في حد هنا غير الچاما ، والمساجين ، في سجن تاني مثلاً ؟!
_هناك سجن آران .
فنظر لها بغرابة وهو يريد أن يعرف أكثر .
فتابعت : آران هو حامي أماريس وسجنه فيه أشد العقاب ما لا يتخيله عقل!
ابتلع ريقه بخوف وقال : طب إيه اللي عملوه عشان يتسجنوا في سجنه؟!
فأجابته : إنه حارس بوابة خروج أماريس يفتحها كل عشرين عاماً ، هناك من يظن نفسه قويٌ وأنه يستطيع التغلب عليه فيذهب إليه ويحاول أن يقاتله لينتهي به المطاف في سجنه الموحش.
تنهد يحيى: احكيلي عنه أكثر شكله، نقطةضعفه، مصدر قوته .
فضحكت لانا : لا يستطيع أحد الإقتراب منه ومن يفعل ذلك فنهايته محتومة!
أمسك رأسه بألم وزفر بضيق: لانا هو أنا لو مشيت من هنا ترضي تيجي معايا ؟
نظرت له بدهشة : إياك وخيانة أماريس !
نظر يحيي حوله ونظر للچاما : وأماريس قدمتلك إيه ؟
صمتت قليلًا ثم قالت : قدمت لي النعيم الأبدي والخلود .
فضحك يحيي ساخرًا : قدمت ليكي النعيم الأبدي والخلود وفي المقابل هتسلب إنسانيتك ، ذكرياتك ،هويتك ،شكلك ، ونعمة إنك يكون ليكِ ابن أو ابنة .
تنهدت بحزن : ماذا تريد أيها المختار؟
_ أريد الخلاص لي ولكي الآن أمامك فرصه للاختيار ربما غداً لا فكري جيداً ثم أخبريني بقرارك.
ثم تابع : لو اتحدنا مع بعض هانقدر على حامي أماريس إنتِ عندك معلومات لأنك قضيتي وقت طويل هنا إنتِ ذكية وقوية مش عارف دي هبة من أماريس ولا إيه!
نظرت له بغرابة فرد ضاحكاً :
إنتِ شيلتي السيف وكأنه ريشه انا شوفتك أكيد في حاجات اكتسبتيها من أماريس خالتك لحد دلوقتي عندك الاختيار.
نظرت له ولم تتحدث ثم أخذت بيده وجذبته خلفها فسار بدون أي كلمة سيثق بها إما الخلاص أو الفناء فلم يعد هناك حل أوسط
حتى وصلت لمنزل كمنازل الچاما دلفت إليه وهو خلفها جلست على الأريكة وجلس بجانبها يتفحص المكان بعينيه كان هناك تحف غريبة وأحجار ملونة وأكثرها الأزرق والكثير من الأوراق الزرقاء والورد الأزرق وما قد أثار انتباهه ودهشته هذه البلورة الزرقاء .
نظرت له بعينيها البنتين اللامعتين وقالت : نعم أنا أمتلك من القوة والذكاء ما يكفيني كي لا أتحول للچاما لقد ترعرعت هنا لا أذكر والدي أو والدتي أو كيف جئت لأرض الأحلام هذه ، اليوم ست ساعات الچاما الغريبون المتحولون ، الحراس السود أضخم رجل في أماريس الذي قتلته.
ثم أردفت :چاستار سجن أماريس بحر الظلمات چيراك الذي يحوي سحراً على شاطئيه.
والأعظم آران الذي لا يضاهيه أحدٌ قوة ولا ذكاء ولا مكر .
لقد كنت أسير وأنا صغيرة على شاطئ بحر الظلمات الذي أثار فضولي لمعرفه كل شيء حوله حتى وجدت هذه البلورة العجيبة وبجانبها هذه الأحجار .
ثم أشارت عليهم.
نظر لها يحيى بتركيز أكثر فتابعت : أخذتها وعدت فرحة إلى منزلي وأنا أعتقد أنني وجدت كنزًا عظيماً كُنت أريد هبة كبيرة من أماريس لم يُمنحها أحد قبلي ولا بعدي أريد التميز ولكن سعادتي لم تكتمل حينما وجدتها فلقد كانت لا تعمل أخذت أحاول أيامًا عدة ولكن بلا جدوي فذهبت الى الشاطئ مرة أخرى فلاحظت وجود الكثير من الورد الأزرق والأوراق الزرقاء حينما كانت اماريس مقبلة على فتح بابها فلم يكن قد تبقى سوى شهور معدودة .
وتابعت: شعرت بوجود رابط وكان الخوف قد تسلل إلى قلبي فكنت سأتحول قريباً إلى الچاما عدت لمنزلي سريعًا وأنا عندي أمل كبير في نجاح هذه المحاولة ثم وضعتهم بجانبها فنجحت المحاولة لأراك فيها لأول مرة فعلمت أنك المختار.
فتح فاه من الصدمة وقال: فكنتِ بتخليني أحلم بيكِ عشان أما آجي هنا أختارك
_لم يكن علي انتظار مجيئك لقد تحدد قدري حينما……….ثم صمتت
فضحك ساخرًا : حينما أحببتك صح!
توترت لانا وقالت : نعم.
تنهد يحيى بحزن ثم قال : والآن !
فتساءلت في غرابة : والآن ماذا ؟!
_هتتحدي معايا ألاقي أمي ، نحارب الوحش ونخرج من هنا ؟
فردت لانا : إن نجحت في الخروج ستنسى كل ما حدث هنا حتى أنا ستتذكر فقط لحظة ولوچك إليها ولحظة خروجك أما ما حدث بين دخولك وخروجك سيُمحى وكأنه لم يكن هذه قوانين ا
أماريس.
فضحك: مستحيل أنساكِ إنتِ ناسية إني كنت بحلم بيكِ قبل ما آجي هنا.
نهض وسار خطوتين ثم التفت لها قال : فكري من هنا لبكره معايا ولا لأ مش عايز أفضل هنا أكتر من كده أنا عارف إنك ذكية وهتعرفي تقرري.
ثم غادرت تاركاً إياها تنظر على إثره .
سار والحزن يعتصر قلبه لقد كان يفكر أنها تحبه مثلما يحبها ولكن هيهات قد أثر فيها سحر أماريس.
وصل إلي بحر الظلمات وتذكر ما حدث فاغروقت عينه بالدموع حتى أغلقها بندم ثم قال في قرارة نفسه
( لما أنت حزين لما فعلته لانا أليس هذا ما فعلته أيضاً لقد قدمت أبيك قربانًا بكل دم بارد وحتى إن لم يكن أبيك كان سيكون شخصاً آخر إن أماريس تؤثر فيك رويداً رويداً ).
ابتعد وهو يسير يستطيع أن ينطق أنه يريد العودة إلى قصره فأماريس تلبي له كل مطالبه ولكنه لم يفعل هو فقط يريد تناسي كل ما حدث من خذلان وندم وخيبات أمل.
وصل الى قصره ودلف إلى الممر ينظر الى صوره المعلقة ثم دخل إلى غرفته ورمى بثقل جسده على فراشه وأغلق عينيه وشهق محاولًا تنظيم أنفاسه .
(إن من يعدك بالنعيم الأبدي كاذب كل شيء حولك زائف لا تَسرْ خلف من سبقوك كالبعير!)….