روايات

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثالث 3 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثالث 3 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الثالث

رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الثالث

وسولت لي نفسي 2
وسولت لي نفسي 2

رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الثالثة

“بُليت بأربع
إبليس والدُنيا ونفسي والهوى”.
لَكِنَني تَائهٌ يَا صَديقِي..
لَا أنَا بالذِي يَراهُ النَاس قويًا؛
ولا أنَا بالذِي بَيني وبَين نَفسي ضَعيف!
أنا فِي حُفرةٍ لا يَصلُ لَها أيُّ ضَوء..
_________________________
” كل واحدة فيكم تحرص على دكر البط اللي معاها”
قالتها «عايدة» بأريحية وتسلية ومازالوا يجهلون الأمر بعد ومن هم تلك الضيوف لينظر لها «زين» بطرف عينيه غاضباً من أسلوبها المستفز يحثها على التحدث بما جاءت خصيصاً لأجله لتقرر أخيرا أن تخبرهم وهي تجلس على المقعد قائلة:
“عمك رأفت رجع من السفر وجاي علشان يباركلك وشايل على خاطره إنك أتجوزت ومعزمتوش”
“جاى لوحده؟”
كان هذا أول سؤال يخرج من«روان» بعد حديثها مباشراً رغم تيقنها بالإجابة إلا أنها تمنت أن يخيب ظنها وقد فهموا جميعاً سبب سؤالها عدا «عمر» الذي يجهل الأمر
ليعلموا مقصد «عايدة» بحديثها لتجيبهم الأخري بخبث:
“ودي تيجي برضو؟ جاي ومعاه الحربيق بتوعه”
“متشتمهمش ياعايدة علشان حرام”
ردت عليها «ياسمين» بجدية فمهما كان الامر فهم بالأخير أبناء عمها ويجب إحترامهما لتهز لها «عايدة» رأسها وتقول وهي تمطي شفتيها:
“ايوة معاكي حق فعلا حرام انا كدا بظلم الحرباية”
لم تجب عليها وهي تعلم بأن لا فائدة منها ليتحدث «زين» بعدما ظل شارد لثواني قائلاً:
“هم هيقعدوا فين؟ الشقة بتاعتهم لسة محتاجة تتوضب”
قهقهت «عايدة» بصخب وهي تضرب كف بكف مجيبة عليه:
“مهو دا الخبر التاني اللي كنت لسه هقولهولكم بس انت استعجلت على رزقك يلا مش مشكلة.. عموما يا سيدي هم هيشرفونا هنا لحد ما يظبطوا شقتهم لإن الواضح انهم ناويين يستقروا هنا ومش هيرجعوا تاني”
نظرت «روان» إلى «ياسمين» برعب فهي إن كانت تكره أحد بحياتها فهم أبناء عمها بلا شك لتقترب من «زين» ممسكلة بذراعه وكأنها تخشى أن يتركها والذي بدوره تحدث:
“لأ طبعا دا مستحيل يحصل ازاي يقعدوا هنا واخوهم شاب كبير والبيت فيه بنات وكمان ازاي هم هيقعدوا وياخدوا راحتهم وانا موجود؟”
لتجيبه «عايدة» بعدما رمشت عدت مرات ثم أضافت ساخرة:
“دا على أساس إن دول بيختشوا ولا بيهمهم حد”
“دي تاني مرة تغتابيهم يا عايدة”
تحدثت «ياسمين» مجدداً بينما الأخرى لم تهتم ثم وقفت بعدما أخبرتهم ما جاءت إليه قبل أن ترحل قائلة:
“خدتكم بالعوافي.. همشي انا بقى يا شباب علشان ورايا مصلحة”
ثم رحلت بهدوء تاركة خلفها قلوب تشتعل منهم من يشعر بالغضب ومنهم مش يشعر بالغيرة ولم تكن سوى «روان» التي تعلم مشاعر إبنة عمها التي تكنها إلى زوجها إضافة إلى «ياسمين» التي تشعر بالغيرة على خطيبها من عيون أبناء عمها التي تعلمهما جيداً.
خرج «زين» غاضباً إلى حيث والديه لتلحق بيه «ياسمين» قبل أن يفعل شيء فهي تعلم غضبه بينما لم يتبقى في الغرفة سوى «روان» و«عمر» التي ظل يطالعها بنظرات مخيفة متوعدة وهو يقترب منها ببطء بث الرعب داخلها وما إن لاحظت نظراته حتى شعرت بالتوتر وهي تراه يقترب منها أكثر ونظراته لا تبشر بالخير بتاتاً لتقول وهي تحاول الا تبين خوفها قائلة:
“ولا أبعد عني بدل ما أناديلك جوزي”
بينما هو لم يهتم لحديثها ثم أخذ يقترب منها وهو يشمر ساعديه مردفاً بوعيد:
“وأخيرا وقعتي تحت أيدي هه فاكرة إني مكنتش هطولك يعني وانتِ فرحانة فيا وعمالة تغيظيني!”
وقبل أن تهرب أنقض عليها واضعاً يديه على رقبتها في محاولة لخنقها بينما هي حاولت إزالة يديه بصعوبة ولم تستطيع لتمسكه من شعرة بقوة إلى الخلف حتى ترك رقبتها وما إن حاول إزالة يديها حتى قامت بعضه بقوة على يديه الاخري مما جعله يصرخ بألم قائلاً:
” اااه يابنت العضاضة.. إن ما وريتك يا روان ال***”
أنهى حديثه وهو يبادلها بنفس العضة مما جعلها تصرخ أيضا وهي تحاول إبعاد أسنانه الحادة عنها ثم أمسكت خصلات شعره بقوة جعلته يترك يديها ليحاول نزع شعره منها وهو يلقيها بعيداً على المقعد في نفس الوقت الذي دخل فيه «زين» وهى تسقط.
وما إن رآه «عمر» حتى أقترب منها مسرعاً بتوتر وهو يرتب ثيابها قائلاً بلهفة مزيفة:
“انا مش قولتلك ياحبيبتي تخلي بالك اديكي وقعتي”
أخذ يهندم ثيابها بلطف وكأنه لم يفعل شيئاً وقبل أن تتحدث أشار إليها بعلامة الذبح ليقترب «زين» منهم وهو يأخذها ثم وجه حديثه إلى «عمر» قائلاً:
“حسابك معايا لما أفضالك بس”
أبتلع «عمر» ريقه ليس خوفاً منه بل خشية أن يفسد له زواجه والذي لا يبدو أنه سوف يتم على خير.
أما عنها فنظرت له بإنتصار ثم أخذت تضحك عليه بشدة وكأنها تخبره أريت بينما هو تمالك أعصابه مجدداً كي لا يخسر خطيبته وهو يقسم بداخله أن يتزوج «ياسمينته» أولاً ثم يريهم جميعاً
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
كانت «سهير» جالسة وهي ممسكة بهاتفها وتسمع تلك السلسلة التي ذودتها بها «حور» وكلما استفادت حرفاً تدعو الله لها.
ولم تتخيل أبداً أنها من الممكن أن تجلس كل تلك المدة تسمع هذة الفديوهات دون أن تكل أو تمل فقد كان الفديو مدته ساعة وخمسة عشر دقيقة.
كانت السلسلة عبارة عن تعلم التجويد بطريقة ميسرة (لعلاء حامد) ورغم أنها كانت تقرأ القرآن في بعض الأحيان إلا أنها شعرت بأنها لم تقرأ يوماً لأن قرآءتها لم تكن صحيحة.
لقد حصلت على حيز كبير من تعلم التجويد جعلها تستطيع القراءة بشكل صحيح إلى حد ما وجعلها تحب قراءة القرآن أيضا وتتذوق معانيه وهي ترتل مع الشيخ في قراءته رغم أن صوتها ليس بالعذب.
أخذت تدون كل ما يقوله كي تستطيع العودة له
ثم أضافت بعد الملاحظة التي قالها.
*الحروف المفخمة دائما والتي من صفاتها الاستعلاء وهم مجمعون في تلك الكلمات (خص _ضغط_قظ)
*وباقي الحروف من الحروف المرققة ويستثني من ذلك حرفان قد يأتيا مرققين وقد يأتيا مفخمين حسب موضعهما في الجملة وهما (اللام والراء)
فحرف اللام يفخم: اذا كانت اللام لفظ الجلالة وقبلها مفتوح أو مضمون.
وترقق: اذا كانت لفظ الجلالة وقبلها مكسور وترقق أيضا في باقي المواطن الآخرى.
أما عن الراء فإن حالتها تتعدد: فإذا كانت مفتوحة أو مضمونة تكون مفخمة واذا كانت مكسورة تكون مرققة.
اما اذا كانت ساكنة: فإن كان ما قبلها مفتوحاً او مضمونا تكن مفخمة واذا كان مكسوراً يكن مرققا.
وقبل أن تكمل باقي الملاحظات دلفت إليها والدتها وما إن رأتها «سهير» حتى أسرعت بتوقف الفديو وكأنها تفعل شيء محرم وهذا لانها غير مستعدة للدخول في عراك معها بينما تحدثت وهي تلوى شفتيها بضيق وحسرة قائلة:
“أهو محدش جابك لورا إلا دول مش كفاية عليا لبسك اللي دفنتي نفسك فيه بالحيا رايحة تسمعي للمتطرفين دول كمان”
زفرت «سهير» بحنق وهي تمسح على شعرها بقوة في محاولة لأن تتمالك أعصابها ثم أخذت نفساً عميقاً وهي تستغفر بسرها وما إن شعرت بالإرتياح حتى تحدثت بإحترام:
“بس دول مش متطرفين زي ما حضرتك شايفة انا بتعلم ديني مش أكتر اللي فرض علينا كلنا”
لتجيبها بنبرة غاضبة مرتفعة قائلة:
“أقعدي بقى شغليلي الإسطوانة بتاعتك دي وبعدين تعاليلي هنا لما انتِ مطيعة اوي كدا وبتتعلمي دينك هو مش الدين برضو قالك إنك لازم تطيعيني!؟”
أخذت«سهير» تضغط على يديها بقوة آلمتها في محاولة أخرى للسيطرة على إنفعالها فهي من الناس التي تغضب سريعاً ولا تستطيع التحكم بأعصابها ولكنها تذكر نفسها بأن هذه والدتها ولا يجب أن ترفع صوتها عليها حتى
لتجيبها مرة أخرى بهدوء مردفة:
“أطيعك في كل حاجة إلا لو كانت معصية لإن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.. زعلانة مني علشان أنتقبت ولبست حجاب أمهات المؤمنين وعايزاني أرجع للبناطيل تاني موافقة بس أدخلي معايا قبري أتحاسبي مكاني.. مش هينفع صح؟ يبقى انا حرة لإن محدش هيدخل معايا القبر ولا حد هيتحاسب مكاني ولا دا مبرر اقوله لربنا لما يحاسبني على لبسي دا”
ضربت والدتها كفاً بكف وهي تقول بسخرية لاذعة:
” بقيتي متطرفة وواحدة معقدة زي اللي بتمشي معاهم”
لم تجب عليها وظلت محافظة على صمتها مما ذاد من غضب الأخرى والتي رأت أن هذا النقاش لا يجدي معها جدوى لتفكر بطريقة أخري قائلة وهي تقترب منها بحنان حاولة إخضاعها:
“سهير ياحبيبتي ليه بتعملي فينا كدا وانا وشي بقى في الارض انا وابوكي وسط اصحابنا بسبب لبسك وطريقتك اللي اتغيرت… فاكرة زمان كنتي ازاي حلوة وجميلة ولبسك شيك والناس كلها هتموت عليكي وكنا فخورين بيكي إنك بنتنا، لكن شوفي دلوقتي دفنتي نفسك بالحيا وبقيتي واحدة تانية متلقش بينا وبمكانتا لدرجة إني أتكسف امشي معاكي بالمنظر دا”
أغمضت عيناها وهي تتذكر ماضيها والتي تود لو أنها تستطيع إزالته من عقلها وقلبها فوالدتها تجهل حجم المعاناة والألم بسبب تلك المدة التي تذكرها بها والتي تذكرها بنسختها القديمة السيئة.. لا لن تعود ابدا إلى شخصيتها القديمة ولو كان بموتها.
“بس انا كدا مرتاحة يا مامي ومش عايزة أرجع لحياتي القديمة وبعد أذنك سيبني على راحتي”
لتصرخ بها وقد علمت أن لا مفر من عودة إبنتها مجدداً لتقول بغضب وهي تضغط على أسنانها:
“بس احنا مش مرتاحين.. وأسمعي بقى أما اقولك جايلك عريس والمرادي هتقعدي معاه يعني هتقعدي معاه وانسي بقى حرية الرفاهية اللي كنا مدنهالك دي وكمان عربيتك هتتسحب منك خلي نقابك وأخلاقك ينفعوكي بقى”
(البعض ممكن يشوف المشهد درامي لكن أحب أقولكم إن دا واقع بيحصل فعلا واهالي كتير بينقلبوا على عيالهم بالشكل دا وأكتر لمجرد انهم عايزين يلتزموا واعرف منهم بيمنعوهم من الخروج كمان😅
احمدوا ربنا على نعمة الاهالي اللي بيشجعونا على الالتزام ، الله يرحمنا برحمته يارب)
أرتمت«سهير» على فراشها للحظات دون أن تبدي أي ردة فعل ودون أن ترمش بأهدابها حتى فقط صوت أنفاسها هو من يعيطك إشارة بأنها حية.
لقد كرهها والديها لمجرد أنها تغيرت بفضل الله تعالى بدلا من أن يشجعاها كما كانت تسمع من بعض الفتيات
عند أخذ خطوة جديدة تقربهم من الله.
لطالما كان الجميع يحسدها على الثراء الفاحش التي تنعم به إلا أنها ليست بالسعيدة لدرجة أنها تشعر أن جدران هذا المنزل تخنقها ولا تستطيع التنفس بشكل جيد.
لقد كانت تتمنى حياة بسيطة حتى وإن كانت فقيرة على الاقل الناس لا يحسدون الفقير ، فليس هناك شعور أسوا من أن يحسدك من حولك على شيء انت غير سعيد به من الأساس.
وقبل أن تستسلم لشيطانها بأن يلعب بعقلها كما يفعل دائما قامت من مكانها ثم توجهت للمرحاض كي تتوضئ
وتصلي داعية الله بأن يختار لها الخير دون أن يخيرها
ولا تريد شيء بعد ذلك وهي تثق بإختيارات الله لها.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
“انتِ لسه مخلصتيش لبس!!”
تحدث «ليث» إلى «حور» الواقفة أمامه ومازالت لم تنته بعد لتقول وهي تقف أمام المرآة وتضع خمارها على رأسها:
“طب مش لما تقولي رايحين فين؟ بتخليني البس من غير ما اعرف خارجين فين”
أقترب منها حتى وقف جوارها ثم قال وهو يغمز بطرف عينيه:
“عازمك على عربية كبدة”
تهللت أساور وجهها بسعادة لتجيبه وهي تلتفت إليه مازحة:
“كبدة كلابي ولا حميري؟”
“على حسب لو هوهوتي تبقى كبدة كلابي.. لو نهقتي تبقى حميري”
قهقهت بخفة وهي تتذكر عندما خرجا أول مرة سوياً وسألها عن نوع الكبدة لتجيبه بهذه الإجابة التي تحفظها عن ظهر قلب.
“افضل بس انت أسرق في كلامي وقلشاتي ومجهودي الشخصي”
ليغازلها «ليث» قائلاً:
“ما انتِ سرقتي قلبي ومحدش اتكلم”
توترت بشدة ثم أخذت ترمش بأهدابها فهي مازالت تخجل عندما يغازلها لتقول ببسمة:
“الله يسترك دنيا وآخرة يابني”
نظر لها الأخير بتشنج وأمتعضت ملامحه ليقول وهو ينزع يده منها بإشمئزاز مزيف:
” لأ خلاص رجعيه تاني غيرت رأيي”
تعالت ضحكاتها علي ملامحة مالبثت حتى تحدثت بشيء من الجدية والصدق وهي تخرج معه قائلة:
“بعيداً عن الهزار بس دي أحلى دعوة ممكن حد يدعيهالك يا ليث مفيش أجمل من ستر ربنا علينا لان احنا عايشين بستره ومفيش أسوأ من أن واحد رصيده من الستر يخلص، علشان كدا بندعي ربنا يسترنا دنيا وآخرة فاللهم أسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك”
أخذ يفكر في حديثها حتى خرجا من المنزل وركبا السيارة ثم قادها إلى الجهة المنشودة والتي لم تنتبه لها «حور» بسبب إنشغالها في قراءة سورة البقرة كما تعودت دائما أن تقرأها في الطريق حتى توقف «ليث» عن السواقة وركن سيارته بجانب مكان ما.
رفعت رأسها إلى المكان حتى عقدت حاجبيها بتعجب وهي تنظر حولها فقد توقف «ليث» أمام منزلها القديم.
“بباكي موحشكيش وعايزة تشوفيه؟”
تغيرت ملامح وجهها حزناً فهي قد أشتاقت له بشدة ولكنها لم تنس محادثتهم الأخيرة وما فعله معها والتي آلمها بشدة.
“بس.. بس انا لسه زعلانة منه”
نظر لها «ليث» قليلاً دون أن يتحدث وقد ظن بأنها ستسعد ولكن من ضمن بعض العيوب التي قد لاحظها بشخصيتها أنها لا تتعتذر لأحد بسهولة اى أن كان ودائما هو الذي يبدأ بالصلح معها.
“بس انتِ أصلا اللي كنتي غلطانة ياحور”
طالعته بضيق قائلة:
“غلطانة؟ ليث هو طردني من البيت وحتى بعد ما روحت مرنش أطمن عليا ولا قالي حاجة للدرجة دي انا هونت عليه؟”
زفر «ليث» بحنق من تفكيرها بالهذا الشكل ليجيبها هو يحاول تبرير موقف أبيها:
“انا وانتِ عارفين كويس هو عمل كدا ليه هو ضحى بسعادته علشانك، فكرك هو مرتاح يعني إنه قاعد لوحده ومن غيرك وانتِ عارفة كويس هو بيحبك اد ايه!”
أنهمرت دموعها بألم فهو محق بكل كلمة ورغم ذلك تخشي المواجهة لا تعلم هل هذا بسبب ضيقها منه وتخليه عنها كما تزعم أم أنها تخشى أن تراه ويكون بحالة سيئة! فاقت من شرودها على صوته يقول:
“يلا أنزلي روحيله وانا هخلص شغل وأعدي عليكي”
همت لتعترض ولكن قاطعها صوته بنبرة حازمة قائلاً:
“حووور… قولت أنزلي مش هعيد كلامي”
زفرت بشدة وهي تنزل من سيارته ثم أغلقت الباب بقوة سرعان ما إنتبهت لفعلتها الغير لائقة بتاتا لتعود مسرعة بملامح مقتضبة يخفيها النقاب وهي تفتح الباب وتغلقه مجدداً برفق قليلا مما جعل «ليث» يضحك بعدما كان سيغضب عليها ثم رحل إلى حيث جهته المنشودة تاركها تتقدم خطوة وتتراجع خطوتان حتى وصلت أخيراً أمام المنزل ثم أخذت تطرق عدة طرقات حتي سمعت صوت أبيها الحبيب وما إن سمعته حتى تسارعت دقات قلبها بشدة لكم أشتاق قلبها له ورؤيته.
سمعت صوته يجيب على الطارق بأنه آتِ وقد أستغرق الأمر منه عدة دقائق علمت فيهم بأن غير قادر على السير وأنه يسير بصعوبة، فأخذ يتقدم ببطء حتى وصل إلى مقدمة الباب ثم فتحه بتمهل ليرى من الطارق حتى وجدها إبنته «حور» أبتسم لها بحنين فشل في إخفائه وقد ترقرقت الدموع بعينه بينما تحدثت هي بصعوبة بعدما إبتلعت ريقها قائلة:
“وحشتني يابابا”
ظل ثواني ينظر لها دون أن يتحدث ثم فتح ذراعيه كدعوة منه لضمها ولم تمانع حتى أقتربت منه وضمته بشدة وهي تشم رائحته التي تحفظها عن ظهر قلب والتي أشتاقت لها وأخذت تبكي دون أن تتوقف لتقول من بين شهقاتها:
“انا زعلانة منك ازاي هونت عليك يا بابا”
ليقول بعدما أبتعد عنها قليلاً مردفاً:
“المفروض إن انا اللي زعلان منك علشان تقعدي المدة دي كلها متجيش تشوفيني لولا ليث اللي جابك”
رفعت رأسها بتعجب مما علم ليقول بعدما لاحظ نظراتها:
“جوزك من يوم ما مشيتي زعلانة وهو كل يوم بيجيلي يطمن عليا وكمان بيبعتلي حد ينضف الشقة وبيهتم بيا”
صمت قليلاً يرى تعابير وجهها المنصدمة فزوجها لم يخبرها عن اي شيء مما يتحدث به والدها ليكمل حديثه مرة أخرى قائلاً بمغزى:
“لما جوزتك لليث مش علشان احميكي من حامد لأ الحامي هو الله انا جوزتك ليه علشان كنت واثق إنه هيصونك ويقدرك وانا نظرتي متخيبش هو بس كان محتاج بعض التغييرات وكنت واثق إنك قدها
وقتها انتِ كنتي شايفة اي؟ كنتي شايفة إني عايز أجوزك ليه بأي شكل من الأشكال وخلاص لمجرد اني عاجز عن حمايتك ومهتمتش للمواصفات والمعايير اللي انتِ كنتي حاطاها في الشخص اللي هتختاريه”
توقف عن الحديث يأخذ نفسه بصعوبة ثم أخذ يسعل بشدة حتى أعطته كوب الماء المجاور له، أخذه منها ثم أرتشف منه بتمهل ثم أعادته مكانه ليكمل حديثه مردفاً:
“انا عارف إنك لسه شايلة مني إني جوزتك اى شخص وخلاص بالنسبالك وإن ربنا كرمك وليث طلع كويس ودي من الحالات النادرة لان الراجل صعب يتغير ورغم كدا حبتيه ولسه شايلة مني إني خليتك ترجعي لجوزك علشان مخربش عليكي وانا ممكن في اى لحظة اموت وافضل شايل همك بعد ما أموت؟… أظاهر إني دلعتك كتير يا حور”
أطرقت رأسها أرضاً دون أن تتفوه بحرف وهي تعلم بأنه محق في كل كلمة تحدث بها، لا تعلم اهي أنانية أم تدللت أكثر من اللازم؟ كل ما تعلمه أنها تشعر بأنها سيئة الآن حتى الإعتذار غير قادرة عليه! كم هي فتاة عاقة.
وما إن رآها هكذا حتى أبتسم بحنين وشوق قائلاً:
“متعيطيش انا عارف انتِ حاسة بإيه، سبق وقولتلك إنك نسخة مصغرة من أمك الله يرحمها.. هي كمان مكنتش بتعرف تعتذر لحد ودي صفة كانت معروفة بيها والكل عارف إنها مستحيل تعتذر.. إلا ليا”
قال عبارته الأخيرة وقد لمعت عيناه بالدموع وهو يتذكرها، رفعت «حور» رأسها إليه وهي تبتسم على حبه الصادق والتي لا يقل في قلبه بل يتضعاف يوماً بعد يوم حتى بعد وفاتها.
“انا لما أتجوزت أمك مشوفتهاش غير يوم فرحنا لإن عادتنا مكناش نشوف البنت واللي عايز يشوفها كان يروح يستخبى ويشوفها من ورا أبوها لكن أنا مكنش فارق معايا أشوف شكلها.. كنت مجرد واحد عايز يتجوز علشان يكمل نص دينه ويجيب عيال يشيله اسمه من بعد لكن أمك من أول يوم شوفتها فيه وهي أجبرتني إني أحبها منكرش إن كان فيها عيوب كتير لكن كانت بتغير من نفسها عشاني كانت تقولي كدا بالحرف أكتبلي ورقة بالشيء اللي يزعلك مني وسيبهالي لما أصحي اشوفها وأوعدك مش هكرره تاني، كانت ست أصيلة بحق
عرفت تكون زوجة صالحة وأم صالحة في وقت واحد لدرجة إنها خلتني محبوس في قفص مش قادر أخرج منه من يوم ما توفت”
كانت تبكي وهي تبتسم وتتذكر والدتها الحبيبة بينما أكمل الآخر حديثه ليوصل لها مايريد قوله من تلك القصة:
“عندي إقتناع تام إن مفيش إنسان كامل مهما كان إلا إني مؤمن إن فيه واحد بيحاول يغير من نفسه ومن صفاته الغير كمالية…انا مش زعلان منك لانك بنتي وانا اللي طلبت من ليث يجيبك هنا وانا يستي اللي هصالحك لكن عايز اقولك حاجة مهمة أوي يابنتي
الشخص القليل الاخطاء صعب إنه يعتذر لإنه مش متعود على الغلط لكن دا ميمنعش إنه هيقع في الغلط لانه مش معصوم وفي الحالة دي لازم يعتذر وجوزك مهما كان بيحبك مش هيفضل هو كل مرة اللي يصالحك لازم مرة عليكي ومرة عليه علشان الحياة تمشي”
أخذت تنصت لحديثه وهي تحفظه لانه من وصايا والدها الحبيب وما إن أنتهى حتى أقتربت منه وهي تجلس على ركبتيها أمامه ثم قبلت يديه قائلة بدموع:
“انا بحبك يابابا أكتر من اي حد في الدنيا حتى أكتر من ليث”
تعالت ضحكاته بخفة ثم تحدث مردفاً:
“ييجي ليث يسمع ويبقى دا جزاته يعنى”
ضمها إليه بحنان وهو يستنشق عبيرها لأكبر قدر ممكن
ظلت معه فترة يسترجعون ذكرياتهم سويا حتى سمعا طرقاً على الباب فظنت بأنه زوجها لتقوم من مكانها متوجه ناحية الباب ولكن الطارق لم يكن زوجها بل شحص لم تتوقعه من الاساس.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
خرج «زين» حيث والديه وهو يشعر بالضيق يعتريه وبيده «روان» والحقوا بهم «ياسمين» و«عمر» وما إن وقف حتى أقترب منه والده قائلاً ببسمة:
“كويس إنك هنا عرفت إن عمك وعياله جايين في الطريق؟”
أومأ له وهو يهز رأسه دلالة على معرفته ثم أضاف قائلاً:
“ايوة بس اللي معرفوش هيقعدوا فين وشقتهم لسه مجهزتش!”
“هيقعدوا معانا لحد ما تجهز كدا كدا البيت ماشاء الله كبير اهو”
“مش هينفع يابابا يقعدوا هنا ازاي واخوهم شاب كبير والبيت فيه بنات مش هياخدوا راحتهم”
حك أبيه لحيته بحيرة وهو يعلم أن ابنه معه حق ولكن هل سيقفل بيته في وجه أخيه؟ بالطبع لا ليقول في محاول بائسة:
“امال يبني هيقعدوا فين لحد ما شقتهم تجهز، الأصول بتقول إنهم يقعدوا معانا”
لم يقتنع «زين» بحديثه مطلقا ثم تحدث بإصرار:
” ومن الدين إنهم مينفعش يقعدوا معانا هنا ”
تحدث الآخر بقلة حيلة وهو يجد الأمر معقداّ مردفاً:
“يعني هقولهم متجوش تقعدوا في بيتي يا زين! عايزني أطرد أخويا وعياله!”
زفر وهو يمسح على شعره ولحيته بإرهاق وأخذ يفكر في حل لهذه المعضلة ولم يجد حلاً سوى هذا الذي خطر بعقله ليقول:
“خلاص هاخد روان وياسمين ونقعد في مكان تاني لحد ما يمشوا لكن أختي ومراتي مش هيقعدوا في مكان واحد مع حد غريب”
وافقه «عمر» الرأي وهو يومئ برأسه ثم أضاف قائلاً:
“فلو هم عندهم دم هيفهموا وياخدوا بعض ويشوفوا مكان تاني لحد ما شقتهم تجهز..”
لتضيف عليه «روان» وهي تتفق معهم أيضاً قائلة:
“علشان اللي ميشوفش من الغربال يبقى أعمى”
لم يوافق والده أبداً ورفض الأمر بشدة، لتتحدث «ياسمين» وقد خطرت على بالها فكرة لتردف مسرعة:
“طب ما نخلي البنات يقعدوا معانا وعمي وابنه هم الاتنين نشوفلهم مكان تاني او اوضة فاضية في العمارة وزين يفهمهم علشان نكون على راحتنا!”
بدت هذه الفكرة لأئقة إلى حداً ما للجميع عدا «روان» الذي انكمشت ملامح وجهها وشعرت بالضيق والغضب في آنِ واحد فكيف ستقيم تلك الفتاة معهم في منزل واحد وتكون أمام زوجها!..
“رغم إني مش حابب الفكرة برضو بس انا هكلم رأفت وأفهمه إني هجهزلهم أوضه برة يقعدوا فيها ونخلي البنات هنا”
لم يتحدث «زين» ولم يعترض وهذا لإنه يعلم بإنه من الاصول أن يقيموا معهم جميعاً إلى حين تنظيم منزلهم ولكنه لا يهتم لاي عادات وتقاليد تخالف شرع الله وهذا ما تعود عليه فلن يسمح لشاب أجنبي عنهم مهما كانت صلة قرابته أن ينزعج أهل بيته من وجوده.
بعد قليل وصل عمه ومعه باقي أسرته وسبق كلاً من «زين» ووالده بإستقبالهما بينما بقي «عمر» بالداخل والذي طلب منه والد زين الإبقاء حتى يتعرف عليهم فلم يعترض.
عاد «زين» وهو يحمل بعض الحقائب وخلفه دخل «مصطفى» إبنه عمه والنساء خلفه ولم يراهم بعد وقد أرتدن النساء حجابهن كاملاً.
وصل إلى أنف «زين» رائحة نفاذة معطرة وقوية فعلم أن أبنتي عمه قد وصلا لذا سرعان ما أخفض رأسه سريعاً قبل دخولهما.
وبالفعل دخلا إلى المنزل وكانت أول من دخل هي «إيثار» الفتاة الكبرى لإبنه عمه والتي كانت ترتدي ملابس غير لأئقة إلى حداً ما ورغم أنها ترتدي فستاناً بسيطاً إلا أنه كان يصف جسدها بشكل كبير ولا تضع الكثير من الميك أب على وجهها فهي فتاة بيضاء البشرة.
ثم دخلت بعدها زوجة عمهما «انتصار» والتي كانت ترتدي ملابس شبابية لا تليق بمن في سنها بتاتا وتزين وجهها أيضا بمستحضرات التجميل كي تبدو بسن أصغر من سنها الحقيقي ومازالت لم تطغي للشيب بعد رافضة فكرة أنها تخطت العمر.
ثم وأخيرا دخلت «جنة» الأميرة الصغيرة لديهم والتي لا يرفضون لها طلباً والتي هي بسن «ياسمين» تقريباً والغريب بأن ملابسها كانت أكثر أحتشاما عن ثياب أمها وأختها الكبرى فكانت ترتدي بنطال وفوقه بلوزة طويلة تصل لركبتها ولم تصف مفاتنها مثل ثيابهم ولكن وجهها لا يخفى من معالم الزينة مثلهم.
كان الجميع ينظر لهم عدا «زين» الذي ظل خافضاً رأسه وينظر أسفل ويحاول بقدر الامكان الا يشم عطرهن النفاذ وأخذ يدعو الله بسره وهذا أثار غيرة إحداهن لتجاهله وعدم النظر لهن حتى لتترك حقيبتها أرضا مصدرة صوتا كي تلفت إنتباهه وينظر إليها ولكنه لم يفعل.
نظر «عمر» إليهم وقد تذكرهما ورغم إنهم كانوا صغار إلا أنهم مازلوا يملكون نفس الملامح ويبدو أنهم مازلوا يملكون نفس المشاعر!!.
نظرت «ياسمين» ألى أخيها الذي كان محافظاً على غض بصره ويستغفر بسره وتقف بجواره زوجته مرتديه حجابها الشرعي، ثم وجهت نظرها إلى «عمر» والذي وجدته ينظر إليهم ولم يغض بصره عنهم ورغم أن نظراته لم تكن سوى نظرات فضولية يتفحص هيئتهم إلا أن هذا أغضبها كثيراً وعلمت وقتها الفارق الكبير الذي بينه وبين أخيها الذي يعرف حدوده جيداً.
لقد أعترفت لنفسها للتو بأن «عمر» لا يناسبها، فهذا الموقف وإن بدى بسيطاً إلا أنه بين لها أن «عمر» مازال يجهل أمور دينه او أنه يحاول تجاهلها فمن منا لا يعلم عن غض البصر؟ لمَ لم يخفض رأسه ويحفظ بصره كما فعل أخيها رغم أنهم بنات عمه!؟
يقولون أن للحب ضريبة، ولكن ضريبتها جاءت في أكثر شيء كان تحرص عليه بإختيار شريك ذو مواصفات معينة، فالآن إما أن تختار الحب واما أن تختار الدين.
قاموا بالترحيب بهم بعدما دخلوا جميعاً وإحداهن لم تنزع نظرها عن «زين» منذ دخولها والتي قد لاحظتها «روان» بشدة وشعرت بالغيرة على زوجها وودت لو أن ترحل به من أمامها وطوال مدة الإستقبال وهي متعلقة بذراعه وتضغط على يده بقوة وهو يجهل السبب.
أخذوا يتحدثون في عدة مواضيع بعدما أستئذن «عمر» لكي يرحل ثم وصلت «عايدة» ورحبت بيهم بحبور وقد لاحظت هي الاخرى نظرات الفتاة الموجهه لإبنة أختها «زين» وأيضا لاحظت ضيق «روان» زوجته بسبب ذلك.
وفي ثواني معدودة أتت على بالها خطة شيطانية بالنسبة لها ولم يتوقعها أحد لذا أبتسمت بخبث وهي تتوجه إليهم لتنفذ ما خططت له في ثواني معدودة فلن تكن عايدة إن لم تفعل ما خططت له.
ترى ما هي خطتها ومن هي تلك الفتاة التي تحب «زين»
هذا ما سنعرفه في المرة القادمة.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *