روايات

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 البارت الخامس والثلاثون

رواية جعفر البلطجي 3 الجزء الخامس والثلاثون

رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة الخامسة والثلاثون

يا أيها المسرى به ليلا
إلى ما لا تنا’ل الشمس
والجوزاء يتساءلون
وأنت أطـ.ـهر هيـ.ـكل بالر’وح
أم بالهيـ.ـكل الإسراء
بهما سمو’ت مطهـ.ـرين
كلاهما نو’ر ورو’حا’نية
وبهاء فضل عليك
لذي الجلال ومنة
والله يفعل ما يرى
_محمد الطوخي.
_____________________
<“في بعض الأحيان يصير الأمر معاكـ ـسًا لر’غباتنا.”>
كان يجلس في مو’اجهة رفيقه الذي ألتز’م الصمـ ـت فجأة بعد أن أطـ ـلق ما يكمُـ ـن في جبـ ـعته إليه، لَم يستـ ـطع كتما’ن السـ ـر في قلـ ـبه فنتيجته محتو’مة كما حد’ث سابقًا بعد أن أخـ ـفى الأمر عنه وحينها تلقـ ـى معاملةٌ خا’صة حتى لا يتغا’ضى عن أخبا’ره مرةٍ أخرى، إن كان الوقت غير مناسـ ـب والأجواء مشحو’مة ومتو’ترة فلا دا’عي مِن أن تخـ ـفي الأمر فالأجواء مشـ ـتعلة لِمَ لا تز’يدها أنت كذلك إشتـ ـعالًا؟.
زجـ ـرته زوجته بغيـ ـظٍ وهي تر’مقه بنظراتٍ أشبه بالسها’م الحا’دة وهي غير را’ضيةٍ عمَّ فعـ ـله زوجها لير’مقها نظرةٍ ذات معنى فهو لن يكـ ـرر فعـ ـلته مرتين يعلم رفيقه جيدًا وهذه المرة كانت بمثا’بة قطـ ـع العلا’قات والوِ’د بينهما وهو غير مستعد لقـ ـطع علا’قته بهِ إلى الأ’بد فهذا أخيه والذ’رع الحا’مي إليه كيف سيتـ ـخلى عنه بهذه السهولة؟.
فيما فَهِمَ “يـوسف” نظراتهما لبعضهما البعض دون أن يتحدث أحدهم بحرفٍ واحدٍ ولذلك مـ ـدّ كفه وأمـ ـسك كف شقيقته التي أنتبـ ـهت إلى لمـ ـسته لتنظر إليه د’ون أن تتحدث لتراه يبتسم إليها بسمةٍ صا’فية لبرهةٍ مِن الوقت قبل أن يقول بنبرةٍ هادئة:
_أنا كويس وزي الفُل مفيش داعي تضغـ ـطي عليه عشان ميقولش حاجة، وقد ما حاولتي مش هتعرفي … لأني منـ ـبه عليه قبل كدا إني لو عرفت صدفة إنه مخبـ ـي عنّي حاجة هتكون نها’ية علا’قتي بيه ومش هيكون وقتها لا صاحبي ولا حتى جوز أختي، ولا الشخـ ـص اللي أمـ ـنتله في يوم مِن الأيام، وعلى كلٍ مسيـ ـري هعرف.
_أيوه يا حبيبي بس على الأ’قل مش دلوقتي أنتَ لسه تـ ـعبان ومش فا’يق وأنا بس كُنْت عايزه أخـ ـبي الموضوع عنك لفترة بس لحد ما تخـ ـف وتفو’ق شوية مش أكتر أنتَ عندي أهـ ـم.
صا’دقةٌ وبـ ـريئة في حديثها، تخـ ـشى عليه حتى هذا اليوم وتراه الو’حيد المحتـ ـل لقلبها، هذا الذي حُرِ’مَ مِن متا’ع الدنيا حتى يجعلها تتذ’وقها هي فكانت هي أولى أهتما’ماته وحتى هذا اليوم مازالت وستكون حتى يوم مما’ته، أستطاعت التأ’ثير عليه ببر’اعةٍ ليقوم هو بمحاو’طتها بذراعه ضاممًا إياها إلى أحضانه لتضع هي رأسها على كتفه تنـ ـعم بقـ ـربه ود’فئ أحضانه إليها.
فيما كانت “شـاهي” سعيدة وبشـ ـدة لرؤية حُبّ و’لديها لبعضهما البعض وخو’فهما الشـ ـديد المتبا’دل على كليهما لتبتسم بحنوٍ وتقوم بالدعاء لهما إلى رب العالمين أن يحفظهما مِن كل شـ ـرٍ وسو’ءٍ يلحـ ـق بهما، نظر هو حينها إلى “سراج” نظرةٍ فهمها الآخر ولذلك ألتز’م الصمـ ـت، لحظاتٍ وطُرِقَ على باب غرفته عدة طرقاتٍ يليها ولوج “أكرم” الذي وقف مكانه بعد أن جذ’ب الأنظار إليه ليقول مبتسم الوجه ونبرةٍ سعيدة:
_”بـشير” فا’ق وأتنقـ ـل الأوضة اللي جنبك وبيتكلم وزي الفُل.
تهـ ـللت أسا’ريرهم بسعادةٍ طا’غية لأجل هذا الشا’ب الحبيب الذي يحظى بمكانةٍ خاصة في قلو’بهم لذلك نظر “يـوسف” إلى والدته وقال متلـ ـهفًا:
_ماما أسنـ ـديني معلش، عايز أرو’ح أتطـ ـمن عليه همو’ت مِن الخو’ف عليه ما صدقت جالي خبـ ـر حلو عنه.
رأت حينها تـ ـلهف و’لدها على هذا الشا’ب الذي على الرغـ ـم مِن أنه غد’ر بهِ ولَكِنّ مازال حتى هذه اللحظة خا’ئفًا عليه ويهتـ ـم لأجله ولذلك لَم ترفـ ـض مطلبه واقتربت مِنهُ تقوم بإسنا’ده حينما نهض هو ليشعر ببعض الأ’لم الذي تمر’كز في جا’نبه لتنكـ ـمش معالم وجهه سـ ـريعًا مصد’رًا صوتًا متأ’لمًا.
نظرت إليه “شـاهي” حينها بقلـ ـقٍ لتقول بنبرةٍ متلـ ـهفة:
_خلاص يا “يـوسف” مش لاز’م دلوقتي يا حبيبي أنتَ لسه تـ ـعبان ومفعو’ل البنـ ـج را’ح ومش هتستحمـ ـل خليك وأكيد “بيلا” هتيجي تطـ ـمنك دلوقتي عليه يلا أقعد.
_لا لا أنا عايز أتطـ ـمن عليه أنا كُنْت خا’يف عليه أوي ليجـ ـراله حاجة، “بيلا” قالتلي قلـ ـبه وقـ ـف ٣ مرات يا ماما أنا لاز’م أرو’ح أشوفه أنا عادي واللهِ كويس أهو وزي الفُل.
صـ ـمم على ما يريده في هذه اللحظة فيما و’قفت هي أمامه النـ ـد بالنـ ـد بعد أن رأت الأ’لم يكـ ـسو معالم وجهه وعنا’ده ومكا’برته في آلا’مه لتر’دع هي قوله حينما هتفت بنبرةٍ حا’دة لا تقـ ـبل النقا’ش قائلة:
_وأنا قولت مفيش خـ ـروج خلاص يلا أقعد مكانك عشان متتعـ ـبش أكتر ولمَ الدكتور يسـ ـمحلك أبقى أخـ ـرج ور’وح وتعالى بس طالما الدكتور مأذ’نش بأي حـ ـركة يبقى تلتـ ـزم مكانك، يلا أقعد مكانك تاني.
زفـ ـر حينها بضيـ ـقٍ فلم يعتاد على أن يو’قفه أحدهم أو ير’دعه عن فـ ـعله ولذلك جلس على مـ ـضضٍ والضـ ـيق يحتـ ـل معالم وجهه، فيما جاورته هي حتى لا تجعله يفعل ما يريد فلن تخاطـ ـر بهِ مِن جديد يكفيها أنه عاد بخيرٍ إليها، تحدث “سـراج” بعد أن وقـ ـف أستعدادًا للذهاب قائلًا:
_خليك أنا هروح أتطـ ـمن عليه وهاجي أطـ ـمنك متقـ ـلقش.
تر’كهم حينها وخر’ج للأطمـ ـئنان على رفيقه فيما عاد “يـوسف” على و’ضعيته السابقة مستـ ـلقيًا على الفراش بمساعدة والدته وشقيقته إليه، نظر هو حينها إلى والدته التي كانت تضع الغـ ـطاء الخـ ـفيف على جسـ ـده ليقول:
_أنا محدش مشـ ـى كلمته عليا قبل كدا على فكرة.
تابعتهما “مـها” بنظراتها متر’قبةً ردّ والدتها التي نظرت إليه نظرةٍ ذات معنى لتقول بنبرةٍ حا’دة:
_وأنا مش أي حد يا “يـوسف” ولازم تبقى عارف إني هقـ ـفلك بعد كدا على كل فعـ ـل بتاخـ ـده فوقت عصـ ـبية يأ’ذيك، أنا مش هسـ ـمح بدا يحصل وهقـ ـفلك بعد كدا عشان شيفاك متهـ ـور زيا’دة عن اللز’وم وبتو’جعلي قـ ـلبي كل مرة.
_وهو أنا اللي أتهـ ـفيت فعقـ ـلي يعني وغـ ـز’يت نفسي يا “شـاهي”!.
ر’مقته حينها نظرةٍ ذات معنى وردّت عليه بنبرةٍ أكثر حِـ ـدة عن سابقتها قائلة:
_متردّش عليا وتسمع الكلام بعد كدا ولاز’م تبقى عارف إن دا مش تحـ ـكم مِني أنا مش هتحـ ـكم فرا’جل بشـ ـنبات بس خو’فًا عليك وعلى أختك عشان أنتَ الرا’جل بتاعي وغير كل دا أنا أُمّ وبخا’ف على ولا’دي وأظن أنتَ محطو’ط فنفس الخا’نة ومجّـ ـرب الشعور دا كويس وعارف.
لمـ ـح الحز’ن في عينيها التي هـ ـربت مِن موا’جهة عينيه في هذه اللحظة فهي أصبحت مطـ ـمئنة بجواره وسعيدةٌ بعودته إليها كيف لها أن تتر’كه بعدها يفعل ما يشاء وهي تعلم أنه شخصٌ متهو’ر وسـ ـريع في رد’وده وأفعا’له لا يتفهم إنما يلجـ ـأ إلى يده في كل الأحوال متخـ ـذًا لسا’نه السـ ـليط سلا’حًا ذو حد’ين في إرد’اع الما’ثل أمامه عن الثر’ثرة.
منـ ـعها مِن الأبتعا’د عنه حينما تشـ ـبث كفه في كفها الد’افئ ير’دع فعـ ـلها وهو يشعر بالذ’نب تجاهها، نهض مِن جديد وجلس نصف جلسة محاولًا تجا’هل آلا’مه التي أصا’بته لينظر إليها لتتفهم هي نظرته وتعا’ود الجلوس على طر’ف الفراش أمامه دو’ن أن تتحدث أو تنظر إليه ليشعر بها في نفـ ـس ذات اللحظة يقر’بها مِنهُ يُلثم جبينها بحنوٍ تليها أعتذاره إليها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أنا آسف حـ ـقك عليا مش قصدي أز’علك واللهِ، معلش أنا عارف إني إنسا’ن مَدَ’ب ولسا’ني طويل ومبتفا’همش، بس واللهِ قلـ ـبي طيب ومبتعـ ـمدش أز’عل حبايبي دي بس لحظة عصـ ـبية مِني إنما أنا واللهِ ما أقصـ ـد أي حاجة بس مش متعو’د حدّ يقولي لا يعني مبحبش التحـ ـكما’ت و “مـها” أهي عارفة كدا كويس حتى هي مبتتكلمش معايا وبتسكوت وبتسيـ ـبني، حـ ـقك على را’سي بالله عليكِ ما تز’علي كدا مش متعو’د على ز’علك دا.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر إليها على أملٍ أن تتأ’ثر بحديثه ولَكِنّهُ رأى عكـ ـس ما تو’قعه لينقـ ـل بصـ ـره حينها إلى “مـها” التي نظرت إليه نظرةٍ ذات معنى ليعا’ود النظر إلى والدته ثم أمـ ـسك بكفها ور’فعه حتى يُلثمه طالبًا نَـ ـيل رضاها عليه ولَكِنّ رآها تُبعـ ـد كفها سـ ـريعًا وكأن كهر’باء كادت أن تضـ ـرب جسـ ـدها ليشعر بها تحاوطه بذراعيها تضمه إلى أحضانها ممسدةً على ظهره ليطـ ـبق هو كذلك عليها بذراعيه ضاممًا إياها إلى أحضانه مشـ ـددًا على عناقه لها.
_منكـ ـرش إني زعـ ـلت مِنك ومِن هجو’مك فر’دّ فعـ ـلك عليا بس برضوا قلبي ضعـ ـيف مبيحـ ـبش يشوف حدّ ز’علان ولا مضا’يق، تاني مرة متعملش كدا تاني أنتَ سامع ولا لا، أنتوا ولا’دي ومهما تغـ ـلطوا أنا هفضل معاكم وأعرفكم الصح مِن الغـ ـلط.
أبتعـ ـدت عنه حينها حتى تتـ ـثنى إليها رؤيته لتبتسم في وجهه وتكمل حديثها قائلة:
_أنا بس عايزة أعرفك حاجة عشان تاخد با’لك بعد كدا، أنا بطبعي حسا’سة شوية وبتصـ ـعب عليا نفـ ـسي مِن كلمة بأسلوب يعني حـ ـد شويه بز’عل، بُص كأني عيلة صغيرة كلمة تبو’ظ الدنيا وكلمة تصـ ـلح حاجات كتير أوي.
أبتسم هو لها ثم مـ ـدَّ كفيه يقوم بتعد’يل حجاب رأ’سها بعد أن ظهرت بعض خصلا’تها مِن أسفـ ـله وقال:
_ما هو إحنا كدا مش هنعمَّـ ـر مع بعض، بُصي أنا واللهِ متعود على سيستم فحياتي مِن صغري مش هعرف أغيَّـ ـره كفاية عليا إني بحاول أحبـ ـس شخـ ـصية “جـعفر” جوايا وأخر’جلك “يـوسف” اللي خدتي عليه وحبيتيه الباقي مش هعرف أنا بحا’رب شخـ ـصيتين متناقـ ـضتين أنتِ متخيلة المعا’ناة اللي أنا فيها عشان خاطـ ـري متضغـ ـطيش عليا لو بتحبيني بجد.
خضـ ـعت هي إليه بعد أن رأت أن المنا’قشة بينهما لن تجـ ـدي نفـ ـعًا لتؤ’كد إليه حينها برأ’سها أنها موافقة على حديثه ليبتسم هو إليها أكثر ويعاود لثم جبينها ومعها يديها لتبتسم هي إليه برضا ثم عاودت ضمه مِن جديد تمـ ـسح على خصلاته برفقٍ دو’ن أن تتحدث.
_______________________
<“وبعد ظـ ـلمة الأيام، زارنا نو’ر الحياة.”>
كانت صوت الضحكات نا’بعة مِن القـ ـلب والسعادة تغـ ـلف قلو’بهم بعودة محبوبهم الصغير الشا’ب المشاكـ ـس الذي ما إن أقتـ ـحم حياتهم جعلهم سعداء والبسمة مرتسمة على ثغورهم، كانت “هناء” تجاوره منذ أن نُقِـ ـلَ إلى تلك الغرفة بعد أن أصّـ ـرت على ملا’زمته والتكـ ـفل بعنا’يته طوال الوقت، وعلى الجهة الأخرى تقف “بيلا” وتجاورها “كايلا” التي سعدت حينما رأته بخيرٍ أمامها.
_حمدلله على سلامتك يا حبيبي واللهِ ربنا يعلم إحنا مَر’ينا بإيه فغيا’بك قـ ـلبنا كان مو’جوع عليك أوي بدو’ن إستـ ـثناء.
نظر إلى “كايلا” التي كانت المتحدثة يرى العبرات ملـ ـتمعة في مُقلتيها ليبتسم إليها برفقٍ ثم جاوبها قائلًا:
_عارف يا حبيبتي، عارف مِن غير ما تقولي واضـ ـح قدام عيو’ني.
أبتسمت إليه لتراه يدعوها في عناقٍ مِنهُ لتُـ ـلبي هي مطلبه سـ ـريعًا وتقترب مِنهُ جالسةً على طر’ف الفراش ثم أر’تمت في أحضانه تعانقه برفقٍ ليطـ ـبق هو بذراعه عليها ممسّدًا على ظهرها برفقٍ يُلثم رأسها بقْبّلة حنونة ليأتيه الردّ مِن شقيقته الأخرى التي قالت بنبرةٍ معا’تبة إليه:
_على فكرة بقى أنا فقـ ـدت الو’عي بسـ ـببك أنتَ و “يـوسف” وعيـ ـشت فنـ ـفس الر’عب الفـ ـرق بينا إني أغمـ ـى عليا.
تعا’لت الضحكات مِن حولها على حديثها لينظر هو إليها مبتسمًا ليقول:
_وأنا أقد’ر برضوا يا حبيب عيو’ني دا أنتِ الحُب كله تعالي خديلك مِن الحُب جا’نب.
_لا عشان متعـ ـبكش يا حبيبي جـ ـرحك لسه مطا’بش.
_يا سـ ـتي تعالي جـ ـرح إيه وكلام فا’ضي إيه بس تعالي.
ألتفتت إلى الجهة الأخرى تجاه والدتها التي أبتعـ ـدت مبتسمة ترى حُبّ “بـشير” إلى فتيـ ـاتها، عانقته “بيلا” ليضمها هو كذلك إليه يُلثم رأسها بحنوٍ قائلًا:
_أنتوا أحلى حاجة فحياتي، أنا مَكُنتش أتو’قع يكون عندي تو’أم بالشبه المر’عب دا بس حـ ـقيقي أنتوا مفيش أطيب مِنكم ولا أحـ ـن مِنكم عليا وعشان كدا أنا بحبكم أوي وبحب خو’فكم عليا.
أبتسمت كلتاهما لتقوم كل واحدةٍ مِنها تُلثم وجنته، وفي هذه اللحظة ولج “سـراج” رفقة “جـاد” الذي حينما رأى هذا المشهد جحـ ـظت عينيه بذ’هولٍ ليردف دو’ن و’عيٍ مِنهُ قائلًا:
_هو أنا جيت فوقت مش مناسب ولا إيه؟.
_الله الله! دا منظـ ـر واحد تـ ـعبان خا’رج مِن عمـ ـلية وقـ ـلبه واقـ ـف ٣ مرات، الأتنين يا “بـشير” دا “يـوسف” نفسه متبا’سش تيجي أنتَ يا عـ ـين خالتك تاخد الأتنين، المرة دي “يـوسف” هو اللي هيغـ ـزك يا بجـ ـح شوف رغم إنك مبينلنا إنك و’اد خجـ ـول ومحترم ومتر’بي مليون مرة بس طلـ ـعت صا’يع ومش سهـ ـل.
تعا’لت الضحكات مِن حولهم لينظروا إلى “بـشير” الذي أبتسم وقال بنبرةٍ متخا’بثة:
_هو أنا بتبا’س مِن حد غـ َريب؟ دول أخواتي حبايبي اللي خا’يفين عليا، ومش ذ’نبي إنه متبا’سش أنا مالي.
_لا لا لا مستحـ ـيل دا منظـ ـر واحد خا’رج مِن المد’عكة دي لا، دا كل هـ ـمه إنه خد الحُب وأتبا’س مِن خدوده، أنتَ ياض بقيت مش سهـ ـل وسهـ ـونة كدا مِن أمتى؟ هو الدكتور عمـ ـل فيك إيه أنتَ كُنْت بتتكسـ ـف مِن أي حد يبو’سك قدامنا إيه اللي جـ ـرى؟.
لا يعلم “جـاد” لِمَ شعر بالغيـ ـرة حينما رأى “كايلا” تُلثم وجنة أخيها، شعر بالضـ ـيق يتمـ ـلّك مِنهُ ليظهر على معالم وجهه بو’ضوحٍ دو’ن أن يتحدث أو يفعل شيئًا، أند’مجوا جميعهم مع بعضهم البعض فيما لاحظت “بيلا” ضـ ـيقه البا’ئن على معالم وجهه ونظراته إلى شقيقتها لتفهم سـ ـريعًا أنه قد شعر بالغـ ـيرة ولذلك أبتسمت ثم أقتربت مِنهُ بخطى هادئة حتى وقفت أمامه تنظر إليه بهدوءٍ.
فيما أنـ ـتبه هو إليها ونظر لها كذلك دو’ن أن يتحدث لتبتسم هي برفقٍ ثم قالت بنبرةٍ هادئة وهي تنظر إليه نظرةٍ ثا’قبة:
_شوفتك على فكرة وأنتَ بتبُـ ـص ليها وباين عليك الغيـ ـرة والضيـ ـق اللي أحتـ ـل وشك فجأ’ة وكأنها قتـ ـلالك قتـ ـيل ولا واكلة ور’ثك، قولي يلا بد’ون كذ’ب وبصراحة تا’مة وهعتبره سـ ـر بين أتنين أخوات، بتحبّها؟.
إهتـ ـزت نظراته وأصا’به التو’تر حينما كشـ ـفت أمـ ـره لينظر بعيـ ـدًا دو’ن أن يتحدث محاولًا الإحتفاظ بثبا’ته أمامها وماء وجهه، فيما كانت هي تتابعه بنظراتٍ ذات معنى تنتظر الإجابة التي كانت واضـ ـحة وضو’ح الشمس نُصـ ـب عينيها حتى رأته يتهر’ب مِنها بقوله الذي خـ ـرج حا’دًا رغـ ـمًا عنهُ:
_لا، مفيش حاجة بيني وبينها أساسًا هضا’يق ليه ولا أغيـ ـر على إيه دا أخوها ودي أخته طبيعي يعني، أنا بس اللي مضا’يق النهاردة ومش فالمود مش أكتر.
_تعرف يا “جـاد” قد ما حاولت تكذ’ب على كل اللي حواليك وتقنـ ـعهم باللي أنتَ عايزُه، هتيجي عندي أنا وهتصـ ـعب عليك إقنا’عي لأني بقرأ الناس اللي قدامي وبفهم نظراتهم كويس أوي، زي ما بفهم “يـوسف” وبعرف هو عايز إيه مِن نظرة عنيه وأنتَ نفس الشيء، أنتَ مجذ’وب لـ “كايلا” وواضـ ـح أوي عليك وعلى نظرة عيونك ليها، عشان محـ ـسسكش بالإحر’اج أو إني تطفـ ـلت أنا موجودة تقدر تعتبرني أختك بما إننا مِن سِـ ـن بعض وقت ما تحتا’ج تتكلم أنا موجودة مش هقول لأخويا لا زيك زي “أكرم” و “بـشير”.
أنهـ ـت حديثها مبتسمة ثم أ’لقت نظرة أخـ ـيرة على أخيها قبل أن تتر’كهم وتذهب إلى زوجها تاركةً “جـاد” شا’رد الذ’هن يسـ ـبح في بحو’ر أفكاره بعد أن أصا’به التشـ ـتت وكُشِـ ـفَ أمام زوجة ابـ ـن عمه، زفـ ـر بعـ ـمقٍ ثم مـ ـسح بكفه على وجهه بهدوءٍ دون أن يتحدث.
فيما خر’جت “بيلا” مِن غرفة أخيها في طريقها إلى غرفة زوجها وقبل أن تولج إلى الدا’خل مـ ـنعها صوت “نادر” مِن خـ ـلفها والذي قال بنبرةٍ هادئة:
_أزيك يا “بيلا” أتمنى مَكُنش جيت فوقت مش مناسب.
توقفت مكانها عِدة لحظاتٍ ثم ألتفتت إليه تراه يقف خـ ـلفها ينظر إليها بمعالم وجهٍ هادئة، أقترب مِنها بخطى هادئة مبتسم الوجه ليقف في مقابلتها ينظر إلى معالم وجهها المـ ـرهقة ليقول:
_أنا آسف إني جيت متأخـ ـر بس الخبـ ـر لسه واصلي إمبارح بلـ ـيل ويادوبك أول ما النهار شـ ـقشق جيت على طول عشان خاطـ ـر أطـ ـمن عليهم، بقوا بخير الحمد لله؟.
كانت متعجبة مِن مجيئه وأهتما’مه على الرغم أنها لَم تقابله وتحا’دثه سوى مرةٍ واحدة فقط ولَكِنّ أستفا’قت سـ ـريعًا وحر’كت رأسها برفقٍ إليه قائلة:
_آه الحمد لله، “يـوسف” فا’ق بقاله يومين و “بـشير” لسه فا’يق مِن شوية والأتنين كويسين الحمد لله.
_الحمد لله، أنا حطيت نفسي مكانك وحسيت بيكِ كان الله فعونك حـ ـقيقي سبحان مَن صبرك وأداكِ قد’رة التحمُـ ـل دي، يا بـ ـختهم بيكِ حـ ـقيقي.
أثنـ ـى عليها وعلى شجا’عتها وتحمُـ ـلها في هذه الأيام العصـ ـيبة لتبتسم هي إليه بسمةٍ هادئة ثم قالت بنبرةٍ هادئة كبسمتها:
_شكرًا ليك يا “نادر” على مجيتك وأهتما’مك أنا بصراحة مَكُنتش متو’قعة إنك تيجي بس أنا بشكرك مِن كل قـ ـلبي.
أبتسم إليها بهدوءٍ ثم تقدم الخطى الفا’صلة بينهما ليقف في موا’جهتها مباشرةً ثم أكمل المسا’فة المتبقية ولثم جبينها قْبّلة حنونة وعاد قليلًا إلى الخـ ـلف حتى يستطيع رؤيتها بصورةٍ أوضـ ـح ليقول مبتسمًا:
_مفيش أخت بتشكر أخوها يا “بيلا”، ربنا يعلم أنا بعزكم أزاي وحبيتكم أزاي مِن أول ما قعدت وأتكلمت معاكم أنتوا تتحبوا مِن غير حاجة واللهِ، قوليلي بقى أنتِ داخلة لمين دلوقتي؟.
_”يـوسف”.
حرك رأسه برفقٍ ثم أشار إليها لتعاود هي الطرق على الباب أولًا ثم ولجت مبتسمة الوجه قائلة:
_جيت قبل ما ييجي اللي يفـ ـتن عليا وبالمرة ألحـ ـق نفسي.
توجهت الأنظار إليها ليولج بعدها “نادر” الذي رأى الأنظار مصو’بة نحوه أخرى متعجبة وأخرى هادئة، أغـ ـلق الباب خـ ـلفه ثم أقترب مِن الفراش ليقف أمامه وينظر إلى شقيقته التي أشارت نحوه مبتسمة الوجه قائلة:
_”نادر” حب ييجي يتطـ ـمن عليك لسه عارف إمبارح بلـ ـيل وقال ييجي يشوفك.
نقـ ـل “يـوسف” بصـ ـره حينها إلى “نادر” الذي أبتسم إليه وقال:
_حمدلله على سلامتك يا “يـوسف” صدقني أول ما عرفت إمبارح جيت على طول عشان أطـ ـمن عليك وعلى “بـشير”.
أبتسم حينها “يـوسف” إليه بسمةٍ هادئة وقال بنبرةٍ مـ ـتعبة:
_الله يسلمك يا “نادر” تسلم على مجيتك … أحب أعرفك دي أُمّي ودي أختي الصغيرة “مـها”.
أبتسم إليهما “نادر” وتبادلا عبارات الترحيب والو’د ليوجه هو حديثه إليهما قائلًا:
_ودا “نادر” أخو “بيلا”.
نظرت “مـها” إلى “بيلا” حينها نظرةٍ ذات معنى فهمتها هي لتشعر بالحـ ـرج فكيف ستقول إليها أنه شقيقها وكيف ستقول أن وا’لدها كان متزوجًا ثلاث سيـ ـدات غير والدتها وحينها حمدت ربها أن والدتها ليست معهم في هذه اللحظة، جلس “نادر” قليلًا مع “يـوسف” يتحدث معه قليلًا حتى أستأذن مِنهُ كي يذهب للأطـ ـمئنان على أخيه وكذلك والدته وشقيقته ليتركوا الغرفة إليهما.
عندما أُغـ ـلق الباب أقتربت هي مِنهُ وجلست على طرف الفراش أمامه مباشرةً ثم ولجت دا’خل أحضانه تهرُ’ب مِن الجميع إليه هو، هو حيثُ الأ’من والأ’مان إليها والمكان الأ’من الذي تلجـ ـأ إليه دومًا، فيما حا’وطها هو بذراعه وهو يشعر بالسعادة فكان يريد مرافقتها إليه وحدهما يعلم أنها تحتاج إليه ولذلك كانت هذه بالنسبة إليه فرصةٌ مِن الذهب.
لثمت وجنته بحنوٍ ليتعجب هو مِن فعـ ـلتها وقبل أن يسألها أتاه جوابها على سؤاله الصامـ ـت قائلة:
_أصل عملت كدا مع “بـشير” أنا و “كايلا” فقام “جـاد” و “سـراج” دخـ ـلوا علينا فجأ’ة بقى فقولت ألحـ ـق نفـ ـسي عشان “سـراج” ميجيش يو’لعها خصوصًا إنه متغا’ظ مِن “بـشير” عشان كان خـ ـبيث أوي معاه.
ضحك أخـ ـيرًا غير مصدقًا لِمَ سمعه منذ لحظاتٍ ليشـ ـدد مِن ضمته لها يُلثم جبينها هذه المرة زافـ ـرًا بعمـ ـقٍ ليُر’يح رأسه على الوسادة الو’ثيرة خـ ـلفه مغمـ ـض العينين ليسمعها تقول:
_مش محتاج حاجة أجيبهالك؟.
حينها حرك رأسه نا’فيًا ثم شـ ـدد مِن ضمته لها أكثر وهو مازال على حاله ليجاوبها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_لا يا حبيبتي كتر خيرك كفاية الأيام اللي فا’تت شيـ ـلتِ فوق طا’قتك، كلها ساعتين وأخـ ـرج وقتها هاخد را’حتي أكتر فبيتي.
وافقته الرأي وألتز’مـ ـت الصمـ ـت بعدها تُفكر في فتـ ـاتيها وكيف حالهن الآن فهي لا تعلم عنهن شيئًا منذ أمس ولذلك تو’جه تفكيرها بالكامل إليهن لتقرر مهاتفة جارتها للأطـ ـمئنان عليهن.
_________________________
<“النها’ية ليست نها’ية الأمر، بل بداية جديدة تُكتب.”>
في منتصف النهار و “بحارة درويش”.
توجه “رمـزي” إلى المسجد مستغفرًا ربه حتى وصل إليه وقام بفتـ ـحه وولج مسميًا بالله ليبدأ بإنا’رة الأضواء وتجهيزه حتى يقوم بر’فع الآذان بعد دقائق معد’ودة، ولج حينها الحج “حـسين” بهدوءٍ ليراه يقوم بترتيب المقاعد لكبا’ر السِـ ـن وتجهيز الأكواب البلا’ستيكية ومُبَـ ـرد المياه نظرًا لمجيء بعض محـ ـفظي كتاب الله ليُكملوا مسيرتهم بتحفيظ كتاب الله للأطفال ولِمَن هم في سـ ـن المـ ـرا’هقة، أقترب مِنهُ بخطى هادئة ملـ ـقيًا عليه تحية السلام ليردّ عليه “رمـزي” مبتسم الوجه بعد أن ألتفت إليه ليجلس الحج “حـسين” على المقعد ناظرًا إليه ليقول بنبرةٍ هادئة:
_طمـ ـني عليك بقالي يومين مبجيش أصلي حاضر أنا عارف بس كُنْت تـ ـعبان جدًا مبقد’رش أتحـ ـرك مِن على السرير النهاردة أهو الحمد لله شوية.
_سلامتك يا حج “حـسين” ربنا يتـ ـمم شـ ـفاءك على خير يارب أنا لاحظت فعلًا وبعت لحفيدك “حافظ” قالي إنك تـ ـعبان حاولت أجيلك بس صدقني الظرو’ف كانت أقو’ى مِني حـ ـقك على راسي بس ربنا يعلم أنا كُنْت كل ما أشوفه أسأل عليك.
أبتسم حينها الحج “حـسين” إليه وجاوبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_عارف يا “رمـزي” سلامك كان بيوصل كل يوم أنا لسه شايف “لؤي” وأنا جايلك دلوقتي وقالي إنكم مشغو’لين جدًا مِن بعد اللي حصل لـ “يـوسف” و “بـشير” بالمناسبة أخبارهم إيه دلوقتي.
_والله حتى الآن عندي خبـ ـر إن “يـوسف” فا’ق بقاله يومين والحمد لله أحسن مِن الأول بكتير أما “بـشير” واللهِ ما أعرف حاجة مستني مكالمة “سـراج” لإنه راحلهم الصبح بدري، بس شكله كدا والله أعلم نفـ ـضلي.
أبتسم الحج “حـسين” إليه بعد أن تبادلا أطر’اف الحديث بينهما حتى وقف “رمـزي” أمام مكبـ ـر الصوت إستعدادًا لر’فع الأذان بعدما قام بتجهيز المسجد للمصلين ليبدأ بر’فع الأذان بصوته العذ’ب الهادئ الذي كان يتغـ ـلغل إلى الآذان يقوم بإسكا’ت ضـ ـجيج الر’ؤوس وير’يح القلو’ب مِن رُجـ ـفات الخو’ف، صوته يجعل الرا’حة تتسـ ـلل إلى الصـ ـدور وير’يح أنفسـ ـهم، وعند قوله الشها’دة ولج “سـراج” رفقة “مُـنصف” يُسـ ـندان “يـوسف” الذي أصـ ـر على الذهاب إلى المسجد حيث يتواجد غُـوثه هُناك.
كان يسير بخطى هادئة للغا’ية بسبب آلآ’م جـ ـرحه الذي كان يؤ’لمه كثيرًا، توجها إلى إحدى أركان المسجد ليجلسانه على المقعد ويذهب “لؤي” لإحضار الماء إليه، حاول تجا’هل آلا’مه قد’ر المستطا’ع ليشعر بأن أنفا’سه تُز’هق ليُلاحظ هذا “مـنصف” الذي قال متسائلًا:
_”يـوسف” أنتَ كويس؟.
نظر حينها “سـراج” إليه ليقول بنبرةٍ هادئة:
_لا شكله كدا تـ ـعبان ومكالش حاجة مِن إمبارح، أستنى هروح أجيب “فايز” وأجيلك.
أنهـ ـى حديثه ثم تركهم وذهب ليعود محله “لؤي” الذي مَدَّ يده بكوب الماء البا’رد إليه ليأخذه هو ويبدأ بإرتشافه، نظر حينها حوله يبحث عن “سـراج” ليرى “رمـزي” يرافقه الحج “حـسين” يقتربان مِنهما بعد أن أنهـ ـى “رمـزي” ر’فع الأذان ليكون أول المتحدثين “رمـزي” الذي جاور رفيقه يقوم بإسنا’د رأسه مِن الخـ ـلف ثم بدأ يُد’لك بجانب عيـ ـنيه حتى يظل رفيقه معهم لا يغـ ـيب عن الو’عي مجددًا ليلاحظ الحج “حـسين” صـ ـدره الذي كان يعـ ـلو ويهبـ ـط بشكلٍ ملحوظ ليقول:
_تقريبًا الضغـ ـط عنده كدا نا’زل مش قا’در ياخد نفـ ـسه.
_أنا و “سـراج” أتحا’يلنا عليه يطـ ـلع ير’تاح عانـ ـد معانا وأصـ ـر ييجي برضوا طول عمره عنيـ ـد.
أردف بها “مُـنصف” الذي كان غير را’ضيًا عن أفعا’ل رفيقه ليقـ ـطع هذه الأحاديث “رمـزي” الذي قال بنبرةٍ حا’دة:
_خلاص مش هنقعد نقـ ـطم فيه وهو مش قا’در حتى يتنفـ ـس، مش وقته الكلام دا خلاص.
عاود ينظر إلى رفيقه ليولج في هذه اللحظة “جـاد” الذي صف سيارته أسفـ ـل بِنْاية ا’بن عمه بعد أن أخبره “حـسن” أنها أسفـ ـل أنظاره هو ليتقدم مِنهُ بخطى وا’سعة حتى وقف أمامه مباشرةً ومِن ثم نظر إليهم قائلًا بنبرةٍ قلـ ـقة:
_في إيه “يـوسف” ماله إيه اللي حصل.
_تقريبًا كدا الضـ ـغط عنده فالنا’زل دا غير إنه مكالش مِن إمبارح.
في هذه اللحظة أقترب “فايز” مِنهم ليقف بجوار “جـاد” مخر’جًا جها’ز قياس الضغـ ـط مِن حقيبته الجـ ـلدية وهو يوجه حديثه إلى “يـوسف” حتى يظل معهم ولا يستـ ـسلم إلى دو’اما’ته قائلًا:
_جـ ـرى إيه يا عمنا مالك بس أنتَ خدت عيـ ـن ولا إيه، أرا’هنك إنها عيـ ـن “فـتوح” وأعو’انه.
تعا’لت تأو’هات “يـوسف” بعد أن شعر بأ’لمٍ حا’د يتمر’كز في جـ ـرحه ليبدأ “فايز” بقياس ضغـ ـطه فيما نظر “رمـزي” إلى “لؤي” وقال:
_”لؤي” هتلاقي موبايلي هناك بين المصاحف هاتهولي بعد إذنك.
لبـ ـى الآخر مطلبه وذهب فيما عاود هو النظر إليه وقال بنبرةٍ هادئة:
_أهـ ـدى يا حبيبي شويه بس وهتهـ ـدى معلش.
أنهـ ـى حديثه ليأخذ هاتفه مِن صديقه يعـ ـبث بهِ لبرهةٍ مِن الوقت ثم ر’فع رأسه يبصـ ـر المكيف الذي بدأ يعمل برضا ليعاود النظر إلى رفيقه ليسمعوا “فايز” يقول:
_الضـ ـغط وا’طي جدًا هو اللي عامل فيه كدا.
_طيب أنا هروح أجيبله أي حاجة حا’دقة وأجيلكم خلوا با’لكم مِنُه.
نطـ ـق بها “لؤي” الذي تحرك سـ ـريعًا خا’رج المسجد فيما ربت “جـاد” على يد ا’بن عمه ليسمع هاتفه يعلنه عن أتصالٍ هاتفي لينظر إليه ويرى أ’بيه هو المتصل ولذلك أستأذنهم وذهب كي يجاوبه، وظل “رمـزي” و “سـراج” و “مُـنصف” و “فايز” بجانبه.
_سلامتك يا صاحبي إن شاء الله اللي يكر’هك وأنتَ لا، العيـ ـن عليك و’حشة أوى.
نطـ ـق بها “فايز” الذي جاورهم للاطمئنان على رفيقه ليأتيه ردّ “رمـزي” قائلًا:
_حكمة ربنا يا “فايز”، ربنا يشـ ـفيه كله بيخـ ـفف مِن سيـ ـئاته.
_على رأيك، ربنا يشـ ـفيه.
ألتزموا الصمـ ـت جميعهم لبرهةٍ مِن الوقت حتى بعد أن عاد “جـاد” إليهم والذي رأى “رمـزي” يسير بكفه على رأس ابن عمه ويقرأ آياتٍ مِن القرآن الكريم ولبرهةٍ رأى أصدقائه أو’فياء إليه لأ’بعد الحد’ود وكلُ واحدٍ مِنهم يريد أن يفعل لهُ شيئًا ولذلك أبتسم وتمنى بقاءهم بجواره دومًا.
على الجهة الأخرى وفي منزله.
ولجت “بيلا” رفقة أبـ ـنتها الكـ ـبرى التي كانت سعيدة بعودة والدتها مِن جديد، ألتفتت إليها وقالت متسائلة:
_هو بابا فين مجاش ليه هو أنا مو’حشتهوش؟.
نظرت حينها “بيلا” إليها لتجاوبها بنبرةٍ هادئة وهي تهـ ـدهد أبـ ـنتها الصغيرة قائلة:
_بابا مع عمو “رمـزي” شويه وهيطـ ـلع … دلوقتي بقى ناخد شا’ور حلو وتيجي تقعدي مع أختك وتاخدي با’لك مِنها عشان أنضـ ـف أنا الشقة بسرعة قبل ما بابا يطـ ـلع عشان تـ ـعبان شوية ومحتاج ير’تاح، أتفقنا؟.
أبتسمت “ليان” إليها ووافقتها الرأي قائلة:
_أتفقنا.
توجهت إلى غرفة أبـ ـنتها ثم وضـ ـعت صغيرتها على الفراش وأجلست “ليان” بجوارها كي تـ ـنتبه إليها بينما هي فتوجهت إلى الخا’رج سريعًا لتبدأ بتنظـ ـيف منزلها قبل أن يصعـ ـد هو إليهن رفقة ابـ ـن عمه ووالدته التي قامت والدتها بأستضافتها في منزلها حتى يـ ـتثنى إليها فعـ ـل ما تريد، لحظات وسَمِعَت طرقات على باب منزلها لتقترب هي وتنظر أولًا مِن ثقـ ـب الباب لترى شقيقتها هي الطارق ولذلك فتـ ـحت إليها لتولج هي ناظرةً لها لتقول:
_قولت أجي أساعدك بدل ما أنتِ ملخو’مة كدا وبالمرة أنا فا’ضية مش لا’قية حاجة أعملها.
أبتسمت إليها “بيلا” لتبدل “كايلا” ثيابها حتى تأخذ راحتها في منزل شقيقتها لتبدأ بمساعدتها على تنظـ ـيف المنزل وهما تتثا’مران في عِدة أشياءٍ مختلفة.
في المسجد الخاص بـ “رمـزي”.
أستفـ ـاق “يـوسف” أخيرًا وبدأ يستجـ ـيب إليهم ويتبا’دل معهم أطرا’ف الحديث مبتسم الوجه ليأتي ردّ الحج “حـسين” الذي أبتسم قائلًا:
_طبعًا أنتم مش محتاجين عزومة يعني عقبال عندكم تنجـ ـيد بـ ـنتي الصغيرة “زينب” عقبال ما تشوفوا بنا’تكم زيها يارب.
_يا حج “حـسين” متقولش كدا إحنا أهل و “زينب” أختنا الصغيرة، ربنا يتمملها على خير وتشوفها أحلى عروسة وتشـ ـيل أحفادك.
نطـ ـق بها “سـراج” مبتسمًا ولذلك أبتسم إليه الآخر وكذلك تـ ـلقى المباركات والتهنئة مِنهم ليقول “لؤي” بنبرةٍ جا’دة:
_إحنا فالخد’مة يا حج يعني مش محتاج نقولك كدا ولو أحتاجتنا هتلاقينا طبعًا و “أسـ.ـمر” موجود يعني أي شـ ـيلة مش هيقولك لا دا تـ ـربية “يـوسف” يعني متر’بي على الشها’مة والجـ ـدعنة.
_كلكم ولا’د أصو’ل وجدعان واللهِ وتعتبروا كلكم ولا’دي وأخوات “زينب” الكبا’ر وأنا عارف دا مش محتاج تقولي يا “لؤي” يعني، عمومًا الفـ ـرشة جاية النهاردة بلـ ـيل وأنا بصراحة مش هثـ ـق فحد غيركم فحاجة زي دي.
أتاه حينها ردّ “حـسن” الجا’د كعادته يقول:
_معاك يا حج متقلـ ـقش ودي فرحة أختنا الصغيرة وكلنا متر’بيين مع بعض فكلنا معاها أهم حاجة فرحتها وتكون مبسوطة كلنا حاضرين و “يـوسف” هيكون المشـ ـرف علينا النهاردة.
أبتسم “يـوسف” ونظر إلى “جـاد” الذي شـ ـدد مِن قبـ ـضته على كفه ليراه مبتسم الوجه وينظر إليه نظرةٍ فخو’رة ليقول:
_النهاردة بس عرفت قد إيه مكانك كبيـ ـر وسـ ـط الناس دي كلها وعرفت ليه أصـ ـريت تيجي هنا ورفـ ـضت تروح عندنا، ليك حـ ـق الناس دي تستا’هل حُبّك ليهم يا بـ ـخت حبايبك بيك يا حبيبي.
نظر إليه “يـوسف” قليلًا ثم ر’فع ذراعه الأ’يسر وضمه إلى أحضانه ممسّدًا على ذراعه ليقول بنبرةٍ خا’فتة لَم تصل سوى إليه هو:
_عقبال ما تفرحني بيك أنتَ كمان وأكون المسؤ’ول عن كل حاجة تخـ ـصك مع “أيمن”، يا بـ ـخت اللي هتاخدك يا “جـاد” يا ابـ ـن عم “راضـي”.
ضحك حينها “جـاد” ونظر إليه بطر’ف عينه وقال مبتسمًا:
_أنتَ بتلـ ـمح لأيه يا “چـو” عشان نظراتك مش مر’يحاني نفـ ـسيًا؟ تكونش قفـ ـشتني؟.
_هو مِن ناحية إنك مقفـ ـوش فأتطـ ـمن أحب أقولك آه أنتَ مقفـ ـوش فعلًا، بس عايز أقولك كلمة حـ ـق، بلاش دلوقتي هي مش مستعدة تد’خل فعلا’قات دلوقتي.
_هي مين دي؟.
ر’مقه “يـوسف” حينها نظرةٍ ذات معنى بطر’ف عينه قليلًا ثم أبتسم وقال:
_اللي وا’كلة عـ ـقلك وكلـ ـتوا بعض أول مرة، يا’ض دا أنا خبـ ـرة قديمة وعارف نظرات المحبين دي، بتبقى فضا’يح يابا أسأل مجّرب.
_طب دا’ري عليا عشان ميبقاش شكلي ز’فت أوي كدا، بيني وبينك.
_عيـ ـب عليك سـ ـرك فبـ ـير كبيـ ـر.
أبتسم حينها إليه لينظروا إلى الحج “حـسين” الذي نهض قائلًا:
_طب أستأذنكم أنا بقى الحمد لله أتطـ ـمنت على “يـوسف” هروح أشوف الدنيا ماشية أزاي عشان الحاجة اللي هتيجي دي.
نظر حينها “لؤي” إليه وقال بنبرةٍ جا’دة:
_إحنا معاك يا حج زي ما قولنالك مش هنأ’ثر فحاجة.
أبتسم حينها الحج “حـسين” إليه وأ’كد على حديثه ليتركهم ويذهب، فيما نظر “رمـزي” إلى رفيقه الحبيب وقال بنبرةٍ هادئة:
_”يـوسف” أنتَ محسـ ـود حسـ ـد وحـ ـش أوي، أنا رقـ ـيتك كدا عادي بس لقيت فعلًا إنك محسـ ـود.
_على إيه يا حصـ ـرة.
نطـ ـق بها “يـوسف” ساخـ ـرًا على حاله ليأتيه الردّ مِن “رمـزي” الذي قال:
_مش شـ ـرط فلوس، ممكن عيلة، عا’يش مبسوط، الضحكة بيحسـ ـدوا عليها صدقني، الصلاة، محبة الناس ليك، حاجات كتير أوي مش شـ ـرط تكون فلوس.
_أومال لو عرفوا إنه ابـ ـن عيلة تقيـ ـلة فسوق التجا’رة هيعملوا إيه؟ حاجة غـ ـريبة أوي حـ ـقيقي.
نطـ ـق بها “جـاد” متعجبًا مِن حا’ل الأُناس وما وصلوا إليه، خر’جوا مِن المسجد الذي أغـ ـلقه “رمـزي” مؤخـ ـرًا ليستند “يـوسف” على ابـ ـن عمه ورفيقه متوجهين إلى منزله مارين بالقرب مِن محل “فـتوح” الذي نظر إليهم بغـ ـلٍ يملـ ـئ نفسه ليقول بنبرةٍ عا’لية:
_عـ ـش الد’با’بـ ـير ر’جع أتـ ـلم تاني، خلـ ـصنا مِنهم يارب.
_متديهوش ر’يق وأمشي.
نطـ ـق بها “جـاد” بنبرةٍ جا’دة وهو ير’مق الآخر رفقة أصدقائه نظرةٍ قا’تلة ليسمعوه يقول:
_مالك يا قطة هو الجـ ـرح شا’دد أوي كدا؟.
توقف “يـوسف” فجأ’ةً بعد أن أستمع إلى حديثه ليترك رفيقيه ويلتفت إليه أسفـ ـل أعترا’ضات أصدقائه وابـ ـن عمه إليه ليتر’كهم ويقترب مِن الآخر بخطى هادئة وهو ينظر إليه متجا’هلًا آلا’م جـ ـرحه حتى وقف أمامه مباشرةً ينظر إليه يرى نظرات السخـ ـرية مِنهُ ليقول هو بنبرةٍ سا’خرة:
_الردّ على الحمـ ـير بيعملهم ز’يط، ولو ردّيت على الحما’ر دلوقتي هيشوف نفسه طب وعلى إيه هو لمَ الحما’ر بينهـ ـق حد بيردّ عليه؟.
_أديلوا أ’دي يا حـ ـراق، اللي واقف دا “جـعفر” الحـ ـراق اللي لا بيكـ ـش ولا بيخا’ف.
هكذا كان ردّ “سـراج” الذي كان سعيدًا بردود رفيقه الرو’حي ليردّ عليه “رمـزي” بقـ ـلة حيـ ـلة:
_بتمـ ـوتوا فالخنا’ق زي عنيـ ـكم.
_ردّ يا “فـتوح” وبـ ـرر يلا وطلـ ـعني عيـ ـل ابـ ـن *** مشمتش ريحة التر’بية عشان أنا هقولك وقتها إنه كلامك صح وأهل الحارة كلهم عارفين كدا، ميغـ ـركش الجـ ـرح اللي شا’دد عليا دا لا أنا مش فا’رقلي دا بيدل على إني حا’رقك وأنتَ مش قا’در على الحـ ـرقان دا فهتمـ ـوت وتقتـ ـله بس نجوم السما أقر’بلك يا “فـتوح”.
_أنتَ عامل زي المـ ـرض الملـ ـعون يا “جـعفر” لازم يتبتـ ـر عشان مينتشـ ـرش ويقتـ ـل صاحبه وأنا لسه مش عارف أعمل كدا بس صدقني مش هيهـ ـدالي بال غير أما أخلـ ـص مِنك.
أبتسم “يـوسف” الذي سيـ ـطر عليه شخـ ـصية “جـعفر” الو’قح ليقول بنبرةٍ با’ردة:
_ميهـ ـمنيش رأي الحميـ ـر عشان مبيتردش عليهم، عايزني أخد برأيك هاتلي إثبا’ت بيقول إنك بـ ـني آدم بيتاخد برأيه مش حما’ر بينـ ـهق أول ما يشوف الشيـ ـطان قدامه.
_أنا دلوقتي بس عرفت الوا’د دا بيكـ ـره “چـو” ليه، حـ ـقه أنا لو مكانه هـ ـد’فن نفسي مكاني بالحـ ـيا.
هكذا كان جواب “جـاد” ليأتيه الردّ مِن “مُـنصف” الذي قال:
_دي أقـ ـل حاجة عند “المعلم” بتاعنا، مرة قـ ـل مِنهم أكتر مِن كدا دا أنتَ فا’تك كتير أوي دا كدا محترم.
_جرى إيه ياض يا هفـ ـأ أنتَ هو البعيـ ـد مبيحر’مش مش كفاية كـ ـسرالك لو’ح الإ’زاز وكـ ـلفتكم ٨٠٠ جنيه عايزني أكـ ـسرلك تلاتة غيره ولا إيه يعني مالك ومال الرا’جل هو أي جـ ـر شَـ ـكَل ما تكـ ـن شويه بدل وربنا المعبود أفـ ـرج الحارة عليك وأخلي اللي ما يشتري يتفرج.
هكذا جاء جواب “فاطمة” الحا’د وهي تقف بجوار “يـوسف” الذي أبتسم لها وقال:
_بنـ ـت حلا’ل وتستا’هلي تنو’لي مِن الحُبّ جانب، أسـ ـتلمي يا غا’لية.
تفا’جئ “لؤي” مِن ظهور زوجته ولذلك تحرك نحوها سـ ـريعًا ير’دع فعـ ـلها ذاك حينما وقف بجوارها جا’ذبًا إياها برفقٍ نحوه قائلًا:
_”فاطمة” أنتِ إيه اللي جابك وبتعملي إيه أكتـ ـمي وأطـ ـلعي على فو’ق يلا.
نظرت إليه حينها بعد’م رضا وقالت بنبرةٍ حا’دة:
_وأسـ ـيبه يهلـ ـفط بالكلام كدا مع اخويا يعني ليه حد قالك إني أراجو’ز وربنا لور’يه.
_”فاطمة” أنا قولت كلمة تتسمع، على فو’ق وملكيش دعوة وحسا’بي معاكِ بعدين … أتفضلي.
حينها فقط ألقـ ـت نظرةٍ حا’قدة على “فـتوح” الذي كان ينظر إليها مبتسمًا أبتسامة مستفـ ـزة ليُشعـ ـل فتيـ ـلة غـ ـضبها لتقول هي بنبرةٍ حا’دة:
_فاكر نفسك را’جل يالا دا أنتَ…
بتـ ـرت حديثها بسـ ـبب كف “لؤي” الذي وو’ضِعَ على فمها وهو يهمـ ـس لها مِن بين أسنا’نه قائلًا:
_وربنا المعبود يا “فاطمة” وأنتِ عارفه كويس أوي لو حـ ـلفت هعمل فـ ـيكِ إيه، إن ما طلـ ـعتي وأنتِ ساكتة لوريكِ ومتعا’نديش معايا أحسنلك، يلا على فو’ق.
أبعـ ـد كفه عن فـ ـمها وهو يرشـ ـقها بنظراتٍ حا’دة لتزفـ ـر هي بعمـ ـقٍ وهي غير را’ضية عمَّ يفـ ـعله لتتحرك خطوتين مبتعـ ـدةً عن مر’ماهم أسفـ ـل نظراتهم لتتوقـ ـف فجأ’ة وهي تشعر أنها مازالت غا’ضبة ولَم تر’ضي نفـ ـسها ورو’حها الو’قحة لتلتـ ـفت إلى “فـتوح” تصر’خ بهِ قائلة:
_يميـ.ـن بالله كلمة زيا’دة مع “يـوسف” متعـ ـجبنيش لنز’ل أنسـ ـل الشـ ـبشب على د’ماغك ود’ماغ اللي خـ ـلفوك.
أنهـ ـت حديثها وركضت إلى دا’خل بِنْايتها سـ ـريعًا بعد أن رأت “لؤي” يقترب مِنها ليتوقف هو أمام باب بِنْايته ير’مق أ’ثرها بضيـ ـقٍ ثم ألتفت عا’ئدًا إلى أصدقائه، فيما نظر “فـتوح” إلى “يـوسف” بطر’ف عينه بعد أن تجـ ـهمت معالم وجهه وظهر غـ ـله تجاه الآخر على تقا’سيم وجهه ليقابله لين معالم وجه “يـوسف” الذي أبتسم إليه ثم عاد عدة خطواتٍ إلى الخـ ـلف وألتفت عا’ئدًا إلى أصدقائه موجهًا حديثه إلى العم “ربيع” بائع الخضروات قائلًا:
_متنساش تر’ميله شويه جزر يا عم “ربيع” الحمـ ـير بتحبه أوي.
تعا’لت الضحكات مِن حولهم مِن بينهم “ثُريا” التي قالت بنبرةٍ ضاحكة:
_يخر’بيت د’ماغك يا وا’د لسا’نك لسه طو’يل وهيفضل طو’يل مهما حاولنا نغيَّـ ـرك.
توجه كل واحدٍ مِنهم إلى منزله فيما صعد “يـوسف” إلى منزله رفقة ابـ ـن عمه الذي عاونه حتى وصلا كلاهما ليضغـ ـط “جـاد” بسبّا’بته على جرس المنزل الدا’خلي منتظرًا مَن في الدا’خل أن يفتـ ـح لهما، لحظاتٍ وفُتِـ ـحَ الباب لتقابله جا’ذبة الأنظار إليها، تلك التي خطـ ـفت قـ ـلبه وسحـ ـرته، تجمـ ـد مكانه حينما رآها هي التي قد فتـ ـحت الباب لهما ليقطـ ـع ذلك صوت “يـوسف” الذي قال بنبرةٍ حا’دة زا’ئفة:
_وبعدين يعني هد’خل بكرا ولا إيه؟ ما تتحرك يا “جـاد” وخلّي عندك د’م.
أنتـ ـبه إليه “جـاد” الذي حاول حفظ ماء وجهه ليتحرك بهِ إلى الدا’خل متوجهًا نحو الأريكة، فيما أغـ ـلقت “كايلا” الباب وولجت سـ ـريعًا إلى شقيقتها في الدا’خل بخجـ ـلٍ طـ ـغىٰ على وجهها، نظرت إليها شقيقتها لتعـ ـقد ما بين حاجبيها قائلة:
_مالك في إيه وشـ ـك ماله ضـ ـارب أحمـ ـر كدا ليه؟.
نظرت إليها “كايلا” وهي لا تعلم ماذا تفعل أو تقول لها لتظل “بيلا” تنظر لها تنتظر جوابها الذي جاء أخيـ ـرًا بعد محاولاتٍ عديدة، أخبرتها ما حد’ث بخجـ ـلٍ شـ ـديد بعد أن رأى زوج شقيقتها نظرات ابـ ـن عمه إليها لتبتسم الأخرى وهي تستمع إليها لتختـ ـم “كايلا” حديثها وهي تشعر أنها على وشـ ـك البكاء مِن فـ ـرط إحـ ـراجها لتضحك “بيلا” بخـ ـفةٍ ثم أقتربت مِنها وعانقتها إلى أحضانها قائلة:
_إن قولت الحـ ـق هتهـ ـبي فيا بس دا الو’اقع، هو أنا برضوا قفـ ـشته الصبح ولقيته أتو’تر كدا وعمل نفسه عبده العـ ـبيط بس إن جيتي للحـ ـق هو شكله كدا وا’قع و’قعة سو’دة، هو جدع أوي بصراحة وطيب ومتر’بي وخدي فو’ق كل دا حلو ومهتـ ـم بشكله ومظهـ ـره وتر’بية ناس محتر’مة، ولو ليكِ نصيب فيه هيجيلك لحد عندك أنتوا لسه فالأول وهو شكله كدا أول تجر’بة فعايز يتأ’كد مِن مشاعره لأن وا’رد يكون دا إعجاب، المهم تعالي نشوف هنعمل إيه عشان طنط “شـاهي” زمانها جايه هي وماما والعيلة الكريمة عايزين نعمل أكلة كدا تقـ ـيلة.
أنهـ ـت حديثها وسَمِعَت صوت زوجها يُناديها مِن الخا’ر’ج لتتر’كها هي مكانها شا’ردةً في مشاعرها نحو هذا الشا’ب الذي ظهر أمامها فجأ’ةً دو’ن سا’بق إنذ’ار واقتـ ـحم حصـ ـنها المـ ـنيع متر’بعًا دا’خل قـ ـلبها، خر’جت “بيلا” لترى كما أعتادت صغيرتها في أحضان أبيها ترى سعادتها بعودته إليها لترحب هي بـ “جـاد” الذي أبتسم إليها وبادلها التحية بأخرى أكثر و’دًا لتنظر إلى زوجها الذي قال:
_طبعًا أنا سبق ووعدت السـ ـت “ويلا’ت” إنها هتضايف فبيتي عشان أعرفها مين فينا الجعا’ن وهي طبعًا جايه وسا’حبة شـ ـرها ولسا’ن أبوها بـ ـتر’اجع قاموس شتا’يمها في الطريق، عايزك بقى يا رو’حي تكـ ـتميها خالص مش هفـ ـرض عليكِ حاجة مُعينة دي لعبتك أنتِ هما قدامهم ساعتين يعني معاكِ وقت عايزها وهي بتاكل تبقى مكتو’مة مش لاقية كلام تقوله ولا تر’فع وشها.
_يا ابـ ـني شيـ ـل نقـ ـرك مِنها دي مبتتهـ ـدش صدقني لو السفرة مـ ـليانة والأكل تُحفة هتقولك وحـ ـش أنا عارفها.
_سـ ـيبها يا عم أنا عايز أثبـ ـت لنفسي وليها حاجة مُعينة، أنا واللهِ ما عارف عمك دا مستحـ ـملها أزاي، هو لو يسمع كلامنا ويطـ ـلقها ويغو’رها فدا’هية هير’تاح الرا’جل عنده كبـ ـت مش عارف يخـ ـرجه، والعرايس كتير وما’لين “حارة درويش” أهو هو يشاور بس وأنا هجوزهاله كلهم حبايبي هنا.
حينها أتاه صوت “ليان” التي ر’فعت رأسها حتى تستطيع رؤيته قائلة بنبرةٍ متسائلة:
_هي مين دي يا بابا؟.
_سـ ـت شـ ـريرة يا رو’حي ملكيش دعوة بيها خليكِ معايا أنا.
أنهـ ـى حديثه يُلثم جبينها بحنوٍ ثم أعادها إلى أحضانه كما كانت لينظر إلى زوجته التي أ’كدت على حديثه ثم عادت إلى المطبخ تا’ركةً إياهم يتحدثان سويًا وعادت إلى شقيقتها مِن جديد حتى تبدأ في إعداد الطعام سويًا.
وبعد مرور ساعتين.
أجتمعوا جميعهم حول مائدة الطعام يترأ’سها “عماد” بعد إلحـ ـاحٍ كبيـ ـر عليه وبعد تدخل “يـوسف” خضـ ـع إليه وجلس ليُعيد إلى “شـاهي” ذكريات زوجها الحبيب الرا’حل “عدنان”، الضحكات نا’بعة مِن القـ ـلب والأجـ ـواء صا’فية والسعادة تغمـ ـر الصـ ـدور.
_واللهِ تجمعنا دا بالدنيا وما فيها حـ ـقيقي.
أبتسموا إلى “بيلا” التي كانت المتحدثة ليأتي ردّ “يـوسف” الذي قال مبتسمًا:
_نوَّ’رتوا الحارة والبيت واللهِ، أنا أتـ ـعب بقى بعد كدا عشان تيجوا يعني؟.
_يا حبيبي مِن غير ما تتـ ـعب ربنا يحفظك ويبارك فيك، يارب متجمعين على طول.
السعادة تعُـ ـم على الجميع لدى البعض، أمّا البعض الآخر فليس كذلك ونقصد بالبعض الآخر هو “زينات” التي لَم تصمـ ـت كالمعتاد وبـ ـخـ ـت سـ ـمومها عليهم وهي تر’مق “يـوسف” نظرةٍ ذات معنى قائلة:
_أشي أشي كل الأكل دا، ما أنتَ طـ ـلع معاك فلوس أهو وعلى قـ ـلبك قد كدا أومال لاز’مته إيه جَـ ـو الشحا’تة اللي عملتهولنا هناك دا وعـ ـبيلي الأكل فكيا’س، أظن مكانش لاز’مته يعني.
شعر “عامر” بالإحـ ـراج الشـ ـديد ولذلك سعـ ـل بعد حديث والدته ليجذ’ب أنظار البعض مِن بينهم “يـوسف” الذي عَلِمَ أنه شعر بالإحـ ـراج مِن حديث والدته ولذلك أراد أن يردّ لها ضـ ـربتها بأخرى أقو’ى ليبتسم أبتسامة خـ ـبيثة ثم نظر مِن جديد إلى ابن عمه “عامر” ليوجه إلى “جـاد” حديثه قائلًا:
_تعرف يا “جـاد”؟.
_إيه يا حبيبي؟.
ردّ عليه ليضع الطعام في فـ ـمهِ وينظر إليه حيث كان الآخر يتناول طعامه ليقول دون أن ينظر إليه:
_بيقولك إذا نهـ ـق الحِما’ر فلا تردّ عليه … نسيت أقولها لابـ ـن الـ****.
فَهِمَ “جـاد” إلى مَن يوجه حديثه فبعد أن نطـ ـق بالأولى وتوقف عن الحديث توجهت الأنظار إليه بمَن فيهم “شـاهي” التي شعرت بالإحـ ـراج خصيصًا أنه تعمـ ـد الردّ بعد أن تحدثت زوجة عمه ولَكِنّ حينما شعر أن الأنظار موَّ’جه إليه أكمل حديثه ونسـ ـبهُ إلى “فـتوح” ولذلك لَم يمـ ـنع “جـاد” نفسه مِن الضحك ليشعر “عامر” بالتشـ ـتت بينهما فهو حتى الآن لَم يتفاهـ ـم مع “يـوسف” ولأنه شخـ ـصٌ أنطو’ائي لا يحـ ـبذ الأحاديث الكثيـ ـرة ولذلك كعادته ألتز’م الصمـ ـت.
_بذمتك يا “عامر” مش أنا بقول كلام حلو، لسه مألفها دلوقتي حالًا ياريتها جَت لصاحب نصـ ـيبها بقى.
أردف بها “يـوسف” إلى “عامر” يا’ئسًا لينظر الآخر إليه لبرهةٍ مِن الوقت دو’ن أن يتحدث ليرى نظرات أبيه إليه والتي كانت حا’دة بعض الشيء لعد’م تجا’وبه مع ابـ ـن عمه الذي حاول هد’م العا’زل القائم بينهما ليشيـ ـح ببصـ ـره بعـ ـيدًا مكملًا تناول طعامه.
“قِيلَ في الو’دا’ع إلى اللقاء…
وقِيلَ في المجيء جاءني اللقاء”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *