روايات

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الرابع 4 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الرابع 4 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الرابع

رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الرابع

وسولت لي نفسي 2
وسولت لي نفسي 2

رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الرابعة

‘يظل الرجل مهمُومًا حتى تدخل حياته امرأة صالحة يسكُن إليهَا؛ فتتّصل رُوحها بروحه وقلبُها بقلبه ♥

ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ – رضي الله عنه :

‏اﻟﺘﻘﻮﻯٰ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺮﻯٰ ﻧﻔﺴﻚ ﺧﻴﺮاً ﻣﻦ ﺃﺣﺪ .
_____________________________

وقفت «حور» خلف الباب لتسمع صوت الطارق أولاً قبل أن تفتح حتى وجدته صوت فتاة مما جعلها تتعجب فقد ظنت بأنه زوجها عاد ولكن خاب ظنها ولا تعلم هوية تلك الفتاة بعد.

فتحت الباب حتى وجدت فتاة تقف أمامها وهي تحمل صنية مغطاه يبدو أن بها طعام وما إن رأتها الفتاة حتى أبتسمت لها قائلة بفرحة وهي تحتضنها:

“حور وحشاني… أخيراً جيتي”

سمحت لها «حور» بالدخول بعدما بادلتها العناق وقد سعدت برؤيتها حقا وهي تجيبها:

“وانتِ كمان ياسماح وحشتيني جدا انتي وخالتي ام سماح”

ناولتها «سماح» الصنية التي بيديها وهي تخبرها بأنها أتت خصيصاً لتعطيها لوالدها مما جعلها ترفع حاجبيها بإندهاش وهي تقول:

“انتِ اللي بتيجي تجيبيله الأكل كل يوم؟”

أومأت لها «سماح» ثم صمت قليلا بتوتر ولا تدري أتخبرها الأمر ام لا ولكنها حسمت أمرها وهي تخفض صوتها قائلة:

“بيني وبين ياحور امي كانت بتعمل الأكل وتبعتني أجيبه هنا بس الاستاذ جوزك لما عرف بقى لازم كل اسبوع يجيب طلبات كتير اووي لزوم الأكل ولما أمي جات ترفض صمم وطلب اننا منقولش لعمي محمد”

ظلت تنظر لها بصدمة وفاه فارغ، هل زوجها يهتم بأمر أبيها إلى هذا الحد؟ زوجها نفسه التي كانت تبكي كي لا تتزوجه أحن على أبيها منها! لقد أستجاب الله دعواتها الدائمة بأن يرزقها الزوج الصالح وها هو قد تمثل في «ليث» زوجها حفظه الله، فاقت من شرودها على صوت «سماح» وهي تخبرها قبل أن ترحل:

“هروح أعرف أمي إني هقعد معاكي شوية علشان متقلقش لانها متعودة إني بدي لعمي محمد الأكل من على الباب وهرجعلك تاني علشان محتاجة أتكلم معاكي”

أومأت لها وهي تهز رأسها بالموافقة وبعدما رحلت أمسكت «حور» صنية الطعام ثم توجهت حيث أبيها وأعطتها له ثم خرجت مجدداً تنتظرها وقد فرت دمعة هاربة من عينيها وشعورها بالندم لأنها تركت والدها تلك المدة دون أن تطمئن عليه، ما هذا الجفاء الذي بها؟ هو من فعل كل شيء بوسعه لأجلها ورغم أنها كانت تبكي كل يوم لأجله إلا أنها لم يكن لديها الشجاعة لتأتي له منذ آخر شجار حدث بينهما.

عادت «سماح» مجدداً ثم جلست جوارها وهي تبتسم بشدة ثم تحدثت بفرحة:

“انتِ مش مصدقة ياحور انا فرحانة اد اى علشان شوفتك وكنت مستنياكي من بدري علشان محتاجة اتكلم معاكي في موضوع واثقة إن محدش هيفيدني غيرك”

بادلتها «حور» البسمة وهي تشكرها وتدعو لها ثم صمتت كي تعطيها فرصة للحديث عما تريده وبالفعل أخذت «سماح» نفساً عميقاً ثم تحدثت قائلة:

“بصي ياستي انا الحمد لله لابسه الخمار من حوالي 3 سنين وربنا ثبتني عليه الحمد لله ودلوقتي عايزة البس النقاب”

سعدت «حور» بحديثها وهي تدعو لها ولكل بنات المسلمين فليس هناك عبادة أجمل للفتاة من أن تعف نفسها وتلتزم بحجابها الشرعي، لتكمل «سماح» حديثها مجدداً مردفة:

“المشكلة بقى في خالتك أم سماح رافضة تماما الفكرة وبتقولي لما تتجوزي الأول وانا عايزة ألبسه دلوقتي”

ظلت «حور» محافظة على بسمتها منذ أن جلسا سوياً ثم شرعت في الحديث قائلة بنبرة مطمئنة:

“بصي غالباً دا تفكير أمهات كتير اوي شايفين إن النقاب بيمنع الزواج رغم إن عمره ما رزق يمنع رزق والنقاب دا رزق من عند ربنا زي ما هو الزواج رزق بل كمان الشاب اللي هيجيلك علشان نقابك ولا خمارك هيكون راجل بجد وملتزم مش واحد ديوث بيدور على واحدة جميلة عايز يعرضها للناس زي ما بنشوف كتير ربنا يعافينا ،
وبعيداً بقى عن نقطة الزواج هو احنا ضامنين إننا نعيش لحد ما نتزوج؟ مش ممكن نموت في لحظة؟ النقاب من الدين وفرض في زمن الفتن والفساد وعفة للبنت وبيحافظ عليها تخيلي اللي هيتزوجك دا هيجيلك البيت مخصوص لمجرد إنه عايز يشوف وشك علشان انتِ ملكية خاصة ومش من حق اى حد يشوف جمالك؟ نفسي البنات يقدروا نفسهم ويعرفوا إنهم جمال ولازم يحافظوا على جمالهم للي يستحقهم… ربنا حاشا لله مبيخلقش حد وحش ولكن احنا معايير جمالنا بتختلف بس في النهاية كلنا جمال ومطالبين نحافظ على جمالنا مش نعرضه للجميع”

أخذت نفسها قليلاً ثم أكملت حديثها مرة مجدداً بعدما رأت اندماج الأخرى معها مردفة:

” الجنة تستاهل إننا نضحي علشانها لإن الدنيا فانية وبتمر بلمح البصر ومتستاهلش إننا نعصى ربنا عليها لدرجة إننا يوم القيامة هنحس إن الدنيا دي كانت شيء لا يذكر أصلاً وهنكون في أشد الندم إننا مستغلناش كل دقيقة من عمرنا في طاعة ربنا.. هيفضل النقاب بالنسبالي أجمل خطوة ممكن تاخدها أي بنت واللي كمان هيقربها من ربنا أكتر وأكتر لإن ملابسها المحتشمة هتمنع عنها ذنوب كتير وبالتالي هتلاقي نفسها بقت قريبة من ربنا والعبادات بالنسبالها مفيش أسهل منها ودا لإنها تخلصت من ذنوب كتير كانت بتاخدها لمجرد إن لبسها مش كويس وكمان النقاب هيمنعك تقصري خمارك او تلبسي طرحة النهاردة او تحطي حاجة في وشك لمجرد إنك عندك مناسبة بإختصار النقاب حياة تانية جميلة مريحة مش هيدرك أهميتها غير اللي جربها”

“طب وهو النقاب فرض؟”

“فيه رأيين بخصوص النقاب رأي قالوا فرض ورأي قالوا سنة بس انا بميل للفرض
وطبعا الموضوع محتاج شرح طويل علشان أفضل اذكرلك كل الادلة اللي أستدل بيها كل رأي بس انا هذكر الخلاصة وبعض الايآت اللي أختلف المفسرون عليها والاغلبية أتفقوا أنه فرض ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )
وكمان ربنا سبحانه وتعالي قال (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين )
(والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن) والآيه دي بخصوص كبار السن الغير متزوجات لكن العفة خيراً لهم.

دا غير إن فيه آيات تانية واقوايل كتير بخصوص النقاب
وعلشان كدا بالنسبالي النقطة دي بشوف ناس كتير اوي بتفضل تجادل فيها وكل واحد يقعد يقول رأيه وانا بالنسبالي مش هقولك لا فرض ولا سنة هقولك النقاب من الدين، إن كان فرض فقد نجونا وإن كان سنة فقد غنمنا وفي كلا الاحوال احنا الكسبانين وكمان لو مش فرض هيكون خير أكتر لينا لاننا تجنبنا الشبهات وهرجع أقولك إن الجنة حقيقي تستاهل والنقاب هيذيدنا قرب وطاعة لربنا سبحانه وتعالي وربنا يرزق جميع بنات المسلمين يارب”

ترغرغت عيني «سماح» تأثراً بحديث «حور» وشعرت برغبة جامحة في إرتدائه وأخذت تشكرها كثيراً ثم عادت تسأل وهي تمسح عيناها من الدموع قائلة:

” طب دلوقتي أقنع ماما بيه ازاي! “

“أقعدي أتكلمي معاها براحة وفهميها إنك مقتنعة بيه وعايزة تلبسيه وإنك شايفة إنه فرض هتقولك لأ سنة قوليلها ياستي حتى لو مختلف عليه انا عايزة قلبي يطمن وأتشبه بأمهات المؤمنين وعلشان لما أموت اروح لربنا وانا ساترة نفسي ومش باين مني شيء ولبسته علشان أرضي ربنا وبخصوص الزواج ف مفيش رزق بيمنع رزق والأهم من كل دا إنك تدعي ربنا يرزقك بيه ويلين قلبهم”

أومأت لها وهي تتفهم حديثها جيداً ثم سألتها مرة أخرى قائلة:

“طب بابا بيفضل يقولي لو لبستيه مش هتخلعيه تاني وانتِ مش هتقدري تلتزمي بيه”

أجابتها وهي تتفهم مخاوفها جيداً وذلك لإن هذا يحدث مع الجميع وتحديداً في أخذ خطوة مثل النقاب.

“شايفة حور اللي قاعدة قدامك دي وشبه الغمامة السودة! مش لابسه النقاب شطارة مني لأ دا ربنا اللي مثبتني عليه لاني دايما بدعي ربنا في كل فرض إنه يثبتني لان كلنا معرضين للفتن والرسول وصانا دايماً إننا ندعي اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبي على طاعتك”

“طب آخر سؤال بقى علشان زهقت انا عارفة… لو موافقوش برضو بعد كل اللي قولتيه دا ينفع ألبسه من وراهم ومش هاخد ذنب!”

هزت رأسها بالنفي وهي تبتسم لإصرارها وتمسكها به ثم أردفت قائلة:

“لأ مش هيكون عليكي ذنب لانك بتعملي طاعة لربنا ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالص وطالما النقاب فيه شك إنه فرض يبقى طاعة وبعدين صدقيني هم ممكن يتعصبوا شوية في الاول لكن بعد كدا هيتعودوا صدقيني وهيرضوا بيه”

غادرت «سماح» بعد أن جلسا قليلاً ثم أتي «ليث» وأخذ زوجته وغادرا واعداً والدها بزيارة قريبة.

🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸

“عايزة حد يدخلي الشنطة الاوضة علشان مش هقدر أشيلها”

تحدثت «إيثار» وهي توجه نظرها نحو والدها وعمها فوقف «زين» أولا إحتراماً لهم ليحمل هو الحقيبة بدلا عنهم فقد خرج «مصطفى» إبن عمه يجلب بعض الاشياء وقد رحل «عمر» فلم يتبقى سوى هو وعمه وأبيه من الرجال وبالطبع لن يجعلهم يحملون الحقيبة وهو موجود ليقول مسرعاً وهو يتحرك من مكانه:

“لأ خليك ياعمي هدخلها انا”

كانت تجلس بجواره زوجته «روان» والتي ما إن رأته يتحرك ناحية إبنة عمه ورأت عيونها التي تكاد تنخلع من مكانها على زوجها حتى شعرت بالغيرة تفتك بها فوقفت هي الأخرى وذهبت بتجاهه وما إن رأت «عايدة» الوضع حتى إبتسمت بخبث وقد حان وقت خطتها لتقترب من «روان» بسرعة كبيرة بعدما أبتعد عنها «زين» ثم أصطدمت بها عن قصد بقوة مما جعل قدمها يلتوى بشدة وهي تسقط أرضاً بعدما أطلقت صرخة بسبب الألم الذي عصف بقدمها فجأة.

وأثناء سقوطها كان «زين» قد تقدم من إبنة عمه وهو مازال خافضاً بصره وما إن حمل حقيبتها حتى سمع صراخ زوجته فترك حقيبها وألقاها على الأرض ثم ركض نحو «روان» بلهفة وهو يتفحصها ويصرخ بعايدة قائلاً:

“مش تخلي بالك ياعايدة كنتي هتكسريها”

عملت أنه غاضب لانه نطق بإسمها دون ألقاب والذي بات ينطقه بدون القاب منذ مدة يبدو أنها تغضبه كثيراً، أعتذرت منه معللة بأنها لم تقصد ثم توجهت ناحية«إيثار» التي كانت تقف وتتابع الحوار بضيق لتقول «عايدة» وهي تمصمص شفتيها بحسرة مزيفة:

“متزعلش على الراجل لو مات أزعل عليه لو خاب… وهو يا إيثار يختي من يوم ما أتجوزها وهو بقى ملهوف عليها كدا.. يخسارة الرجالة”

شعرت «إيثار» بالغيرة الشديدة وهي تنظر لهم وترى كيف كان خائف عليها ويهتم بها هذا الاهتمام المبالغ فيه من وجهة نظرها وترى بأنها كانت أحق بهذا الاهتمام وأحق ب «زين» عنها.

تابعت «عايدة» نظراتها بإبتسامة كبيرة وهي ترى بأن خطتها نجحت وأثارت غيرتها بشكل أكبر، بينما «ياسمين» كانت تنظر لها بتعجب لمَ فعلت هذا وهي متيقنة بأن «عايدة» فعلت هذا عن قصد وهي الوحيدة التي رأتها وتجهل أيضاً السبب، هل مازالت لا تحب «روان» حتى بعدما تزوجت «زين»؟ هي واثقة بأنها لن تؤذيها لأن هذا سيؤذي «زين» أيضا، لكنها مازالت تجهل السبب الذي دفعها لهذا.

أوقفها «زين» على قدميها ولكنها لم تستطع السير وكادت تسقط مرة أخرى حتى حملها وهو يشعر بالخجل لوجودهم ثم أعتذر منهم ورحل ليداوى قدمها مما جعل «إيثار» تكاد تنفجر من الغيظ، ثم تحدثت والدتها «أنتصار» قائلة ببسمة ممزوجة بالضيق:

“لسه زي ما هي مدلعة من صغيرها”

لتجيب عليها «حكمت» والدة «زين» قائلة ببسمة متكلفة:

“وماله خليها تدلع عليه مش جوزها برضو”

ثم أضافت «عايدة» وهي توجه بصرها إلى «انتصار» قائلة بغمزة:

” عقبال عيالك لما يدلعوا هم كمان”

إنزعجت الأخرى منها ولم ترد عليها ثم أردفت مغيرة الحديث قائلة:

” بقى زين يتجوز وياسمين تتخطب من غير ما نعرف برضو؟ “

لتجيب عليها «عايدة» بصوت منخفض قليلاً وصل لمسامعها قائلة:

“ماهو انتوا لو كنتوا عرفتوا لا الجوازة كانت تمت ولا الخطوبة ولا كنا شوفنا فرح في ام البيت دا”

وما إن نظرت لها أختها «حكمت» بتحذير لأنها تمادت حتي أبتسمت لهم ببرود لتقول الأخرى بخبث مردفة:

“وانتِ بقى ياعايدة مفكرتيش تتجوزي تاني؟”

نظروا جميعاً نحو «عايدة» وهم يخشون من رد فعلها بسبب ذكر هذا الحديث أمامها وقد رأوا تغير ملامح وجهها وهي تضغط على يدها محاولة التحكم بغضبها وكي لا تسمح لها بالإنتصار عليها لتجيبها وهي تضع قدماً فوق الأخرى وكأن الأمر لا يعنيها:

“والله لو عندك عريس يبقى كتر خيرك… “

ثم توقفت عند الحديث قليلاً وهي تنظر لها بخبث مكملة بأسف مصطنع:

” اووه نسيت صح ما انتِ لو عندك عرسان كان القرد نفع نفسه وكنتي جيبتيهم لبناتك أولى”

ثم تحركت ببرود من أمامهم بينما أخذت «ياسمين» نفسها براحة وتلك الجلسة مرت دون مشاكل وهي تدعو الله داخلها بأن تمر فترة اقامتهم على خير رغم تيقنها بأن القادم ليس بالهين

أما عن «زين» فقد أجلس «روان» على الكرسي ثم تفحص قدمها فوجدها قد تورمت فذهب ليحضر لها مرهم مضاد لها وفي طريقه للخارج أوقفته «عايدة» وهي تعطيه المرهم قائلة بلا مبالاه:

“خد أديها المرهم دا هيريحها”

أخذه منها وقبل أن تستدير لترحل أوقفها وهو يسألها رغم علمه السبب قائلاً:

“عملتي كدا ليه؟”

قلبت عينيها عدة مرات بملل وهي تهز كتفها ببراءة قائلة:

” مكنتش أقصد”

رغم أنه لم يراها وهي تسقط إلا أنه متقين بأن «عايدة» فعلت هذا عن يقصد لأنه يعلم الدافع من ورائها، وقبل أن ترحل مرة أخرى أوقفها وهو يمسك يدها بحدة مردفاً:

” انا وانتِ عارفين كويس انك كنتي قاصدة وليه بس أحب افكرك تاني ياعايدة إن روان خط أحمر ومكنش ليه داعي اللي عملتيه لإن الكل عارف هي بالنسبالي اى”

نزعت يدها منه ثم تحدثت ببعض من النؤفزة وهي تضغط على شفتيها مجيبة:

“لحد أمتى هتفضل لازق فيها وخايف عليها؟ بدل ما تاخدلها حقها علمها هي اللي تجيب حقها بنفسها لانك مش هتكون موجود جنبها طول الوقت ووقتها متلومش الا نفسك”

مسح على شعره بملل وضيق شديد من حديثها ثم تحدث بجدية وهو ينظر لها قائلاً:

” ومين قالك اني عايزاها تاخد حقها وانا موجود ومش هسمح اصلا لحد يأذيها”

أقتربت منه ثم وضعت يدها على كتفه تربت عليه ثم نظرت في عينيه قائلة بنبرة لم يفهمها:

“لأنك مش هتفضل طول الوقت جنبها وأفتكر كلامي دا كويس يا زين”

تركته ورحلت ولا يعلم لمَ ولكنه شعر بالخوف والقلق عليها، هل من الممكن أن يصيبها شيء؟ لا لم يحدث لها شيء فقط «عايدة» هي من تبالغ ودائما تشكك في من حولها فقط بسبب ما مرت به ليس أكثر
عاد إليها مجدداً ثم قام بوضع المرهم لها وهو يدعو الله أن يحفظها وما إن أنتهى حتى نظر إليها قائلاً:

“انا آسف”

تعجبت «روان» عن سبب إعتذاره وهي تضيق حاجبيها بجهل تسأله عن اعتذاره ليجيبها بعدما فهم تعابير وجهها وهو يقول:

” انا اتسرعت لما أجبرتك نتجوز بالسرعة دي وعملتلكيش شقة خاصة بيكي زي اى حد ودا حقك وانا عارف انك مش مرتاحة هنا بس لو تحبي ناخد شقة برة لحد ما شقتن…”

قاطعت حديثه وهي تضع يديها على شفتيه مجيبة على حديثه قائلة:

“انت مأجبرتنيش يا زين على حاجة وانا اللي وافقت ومبسوطة كمان هم بس “

صمتت ولم تكمل حديثها هي تثق بزوجها تمام الثقة لكن أيضا تخشى عليه من تلك الإيثار والجميع يعلم بحبها الشديد له وأنها لا تتخلى عن شيء تريده بسهولة.

لا تعلم لمَ ولكنها لا تشعر بالراحة وكأن شيء سيء سوف يحدث وقد تفهم «زين» خوفها حتى ضم وجهها بين كفيه قائلا بحنان:

“طالما انا موجود مش عايزاك تخافي من حاجة”

سندت برأسها على كتفه وهي تنزع تلك الوساوس من علقها ولن تسمح بأن تخرب حياتها فهاهو زوجها جوارها يطمئنها بأن كل شيء سيكون بخير.

🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸

وقفت «سهير» أمام المرآه تعدل من ثيابها وتتيقن من ضبط نقابها بأن كل شيء على ما يرام ثم عادت تجلس مكانها على الفراش تنتظر نداء والدها لها وهي تشعر بالضجر من كل شيء حولها حتى أنها أصرت على أن تخرج بنقابها رغم أن هذه رؤية شرعية ويجب أن يرى وجهها ولكنها أبت بشدة وهذا لانها لا تعرفه ولا تعلم أخلاقه ولا هويته وهي على تمام الثقة بأنه شخص لا يناسبها من الأساس لذا وفرت على ذاتها ولم تتخلى عن نقابها..

أخذت تفرك يديها بتوتر وهي تدعو الله أن تمر تلك الجلسة على خير رغم شعورها بعدم الإرتاح ولكنها تحاول تهدئة نفسها ولا تعلم كيف تحلت بهذا الخجل الذي بها الآن وهي التي صاحبت الكثير دون حياء!.؟

أرجعت رأسها إلى الوراء وهي تتذكر ذهابها إلى قبر «ياسر» كي تقفل صفحته من حياتها إلى الأبد وقد فرت دمعة هاربة منها، لقد سمعت منه كلام لا يحق لها بحجة أنه سوف يتزوجها وماذا الآن! هو الآن في مكان لا تعلم مصيره بعد.. تتذكر إنهيارها عندما علمت بخبر وفاته والذي كان فاجعة كبرى لها ولم تتخيل ابداً أن يرحل بتلك السهولة ودون حتى أن يودعها!!…

أخذت تستغفر وهي تدعو الله بأن ينزع حبه من قلبها فقد كانت ترفض الزواج بسبب أنها مازالت تفكر به حتى بعد موته وترى أن هذه خيانة للشخص الذي سوف ترتبط به أى أن كان..

فاقت من شرودها على صوت والدها وهو يناديها حتى أستقامت واقفة وهي تتجه نحوه وما إن رأتها والدتها حتى نظرت لها بصدمة قائلة:

“انتِ هتطلعيله كمان بالنقاب؟؟؟ دا انتِ لو قاصدة تطفشيه مش هتعملي كدا يا شيخة”

ورغم أن والدها أيضا لم يرحب بثيابها إلا أنها هدئ والدتها ثم أخبرها بأن تخرج كي تجلس مع العريس الذي ينتظرها والتي ما إن جلست ورأته حتى شعرت بالصدمة…

وعلى الجانب الآخر وقف «أحمد» كي يستعد لمقابلة العروس والذي أصر على والدته بأن يذهب هو بمفرده أولا وإن حصل قبول بينهما سوف يأخذها معه المرة القادمة ولكنه لم يحبذا أن يأخذها معه من المرة الاولى حتى يراها أولاً ويرى أهلها.

أرتدى أفضل الثياب لديه ثم وضع الكثير من العطر على ثيابه ومسح حذائه جيداً وقام بتمشيط شعره حتى بدا بهيئة تناسب زيارته فهي ستراه لأول مرة وفي الغالب الإنطباع الأول هو الذي يدوم لذا فيجب أن يكون في أحسن حال.

حمل حقيبة الحلوى التي أشتراها خصيصاً لهذا الموعد ثم توجه ناحية سيارته الصغيرة «مرزوقة» كما يطلق عليها ورغم أن الجميع يسخر منها بسبب أنها قديمة ومتهالكة إلا أنه يحبها ويرى أنها رزق من الله تعالي وراضِ بها.

هبط من سيارته أمام منزل تلك الفتاة بعدما سأل عن والدها وتأكد بأن هذا هو المنزل المنشود ثم أخذ يدعو الله بأن يوفقه في تلك الزيجة ويطلب معونته لإنه هو وحده غير قادر على الإختيار دون توفيق الله تعالى.

طرق على الباب بخفة وقد إنفتح الباب مباشراً وكأن من بالداخل كان ينتظره ثم خرج منه ولد يبدو بسن المراهقة وهو يستقبله ويدعوه إلى الداخل ولكن «أحمد» قد شعر الضيق داخله فقد كان ذوقياً أن يستقبله والد الفتاة وليس أخيها الصغير فهو مازال غريب عنهم ولا يعرفونه ولكنه دخل دون أن يعلق على الأمر ثم جلس في نهاية الغرفة على المقعد ولم يجلس في وجهة الحجرة بحيث اذا مر أحد من أهل المنزل لا يراهم إحتراما لخصوصيتهم.

وصل والدها بعض دقائق وهو يرحب به بحفاوة ثم تقدمت زوجته بوجه بشوش وهي تقدم المشروبات إليه مرحبة به ليأخذ منه ما قدمته على إستحياء وهو محتفظ ببسمته ثم وضعه على الطاولة أمامه والتي لاحظ عليها مطفأة سجائر وبها بعد بقايا اوراق السجائر وهذا شيء أزعجه ولكنه لم يعلق ولم يكن أيضا المكان مرتب بشكل جيداً فمن الطبيعي أن أهل المنزل ينظفونه جيداً عند إستقبال الضيوف وتذيد النضافة اذا كان الضيف عريسا لإبنتهم ولكنه لم يجد هذا وأخرى لم يعلق.

تحدثت والدتها وهي مازالت جالسة موجهه حديثها إلى زوجها قائلة:

“ما تناديلنا أسماء يا أبو أسماء علشان تقعد مع العريس”

أومأ لها زوجها ثم قام من مكانه وتوجه ناحية إبنته ينادها بينما «أحمد» لم يعجبه التصرف وقد رأي بأن زوجته يبدو بأنها هي المتحكمة بكل شيء هنا وهذا واضح منذ أن دخل ولكنه نزع تلك الأفكار من عقله حينما تقدمت منه فتاة بيضاء البشرة وقصيرة القامة يكسوها الخجل وترتدي ثياب مناسبة إلى حداً ما لهذه المناسبة ثم جلست على مقربة منه وقد خرج والديها وتركوهما بمفردهما.

ظلت الفتاة صامتة حتى قطع هو الصمت وبدأ يعرفها عن نفسه وحياته بشكل عام ثم توقف عن الحديث كي يسمح لها هي الأخرى للتعريف عن نفسها وبالفعل تحدثت بشكل عام عن نمط حياتها ليقرر بعدها أن ينتقل من تلك المرحلة إلى مرحلة أخرى وهي علاقتها بربها ليسألها أولا وهو ينظر لها قائلاً:

“بتحفظي قرآن ولا لأ؟”

هزت رأسها بالنفي وهي تشعر بالخجل مجيبة:

” كنت بحفظ وانا صغيرة وحفظت خمس أجزاء بس لما كبرت وانشغلت في الدراسة وكدا مكملتش”

أومأ لها بتفهم ثم صمت كي يعطي لها فرصة للحديث ولكنها لم تفعل ليطلب منها هو ذلك مردفاً:

“لو عندك أي أسالة أتفضلي”

“بتشرب سجاير!”

حسس «أحمد» على لحيته من سؤالها المتعجب فهيئته لا تدل أبداً على إنه يدخل ورغم ذلك أجابها بإحترام قائلاً:

“لأ بفضل الله عمري ما شربت”

أجابها وما إن صمتت مجدداً حتى بادر هو بسؤالها قائلاً:

“أخبار الصلاة معاكي؟”

أبتسمت وهي تجيبه بخجل قائلة:

“بصلي الحمد لله”

هز رأسمه مبتسما ثم أخذوا يتناولون أطراف الحديث بشكل عام كي يعلم كلاً منهما عقلية الآخر وطريقة تفكيره ليسألها «أحمد» من ضمن الحديث قائلاً:

“أى رأيك في الافراح الاسلامية؟”

لم يبدو على وجهها الترحيب بسؤاله ولا يعلم لمَ ولكنه شعر في هذه اللحظة لأنها تراه متشدد لتجيبه ببسمة متكلفة قائلة:

” اكيد بحبها بس بالنسبالي حابة أعمل فرح عادي والبس فستان وأنبسط لإنه يوم في العمر ومش هيتكرر تاني وبصراحة بشوف الافراح السلامية شيء غير مبهج وملوش لزمة يعني ياما يعملوا فرح عادي او ميعملوش خالص أفضل”

لم يعلق على حديثها بل إحترم رأيها ثم غير الموضوع وتركها تتحدث هي وتسأل ثم عاد والديها مجدداً وجلس معهم قليلاً ثم أستئذن كي يرحل بعدما ودعهم.

لم تكن الفتاة سئية بالنسبة له ولم تكن أيضا جيدة اى بالمواصفات التي يريدها رغم أنها كانت جميلة ويتمناها اي شاب ولكن أفكارهم لا تناسب بعضهم البعض
فرغ عقله من كل شيء ثم ذهب منزله كي يصلي إستخارة مرة أخرى وهو يدعو الله بأن يوفقه إلى الطريق الصحيح.

🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸

كانت «ياسمين» جالسة مغمضة العينين تفكر بأمر «عمر» وهي تشعر الضيق الشديد ولا تدري ماذا تفعل، هو بالفعل لا يناسبها كما أخبرها أخيها مراراً وتكراراً ولكنها لم تستمع له، هو يريد محادثتها ولا يفعل لانها تمانع، اما اذا وافقت فسيفعل وليس مثل أخيها الذي كان يحافظ على «روان» ويخشي عليها حتى من نفسه.

ترى هل سوف يتغير مثل «روان» ام لأ؟ هل تغامر وتضحي على أمل أن يتغير أم تتركه! ولكنها لا تستطيع لانها تحبه.

أخذ عقلها يستعيد كل ذكرياتها معه وبعض المواقف التي شعرت بأنه بالفعل لا يناسبها وشخص أمضى حياته بالخارج وقد تطبع ببعض طباعهم.

مسحت على شعرها بتعب وهي لا تدري ماذا تفعل، لتمسك هاتفها وتطلب رقم معين وإنتظرت حتى أتاها الرد من الطرف الآخر قائلة:

“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أزيك يا ياسمين عاملة اى؟ “

“وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. الحمد لله ياحور بخير آسفه لو أتصلت في وقت مش مناسب”

أجابتها «حور» وهي تناغشها قائلة بمزاح وخجل مصطنع:

“لو إتصلتي في وقت مش مناسب مكنتش رديت أصلا”

ضحكت «ياسمين» وقد فهمت مقصدها وللحقيقة مزاحها خفف من توترها قليلاً لتجيبها هي الأخرى مردفة بمزاح:

“مش ملاحظة إنك انحرفتي وأخلاقك باظت ياحور!”

قهقهت بخفة عليها ثم ردت على حديثها معلقة:

“ايوة دي حقيقة عقبال ما أخلاقك تبوظ انتِ كمان”

“مفيش فايدة فيكي برضو.. المهم كنت محتاجة أتكلم معاكي في موضوع ضرورى لو ينفع يعني نتقابل لانه مش هينفع على الفون”

“خير إن شاء الله… بس لو تعرفي تجيلي البيت بقى لان ليث مش هيرضى يخليني أخرج وكدا كدا مفيش حد في البيت وانتِ عارفة إن من بعد ما نقلنا انا هو وانا قاعدة لوحدي أغلب الوقت”

صمتت «ياسمين» قليلاً بتردد أتذهب لها ام لا ولكن بعد إلحاح «حور» بأن زوجها لن يأتي الآن قررت أن تذهب لها فهي ترى أنها الوحيدة القادرة على حل مشكلتها وهذا لانها تثق برأيها كثيراً.

أغلقت معها ثم ذهبت تستأذن والدها أولاً وما إن وافق حتى عادت ترتدي ثيابها بعدما توضأت مثلما تفعل دائما قبل أن تخرج حتى اذا تأخرت تستطيع الصلاة دون أن تخلع ثيابها كي تتوضئ وما إن أنتهت حتى خرجت تبحث عن أخيها كي يوصلها إلى منزل «حور» حتى وجدته و«روان» تجلس جوراه ملتصقة به وكأنها تخشي شيء، وما إن رآها ترتدي ثياب الخروج حتى رفع حاجبيه قائلاً:

“رايحة فين يا ياسمين!”

أجابته وهي تعدل بقية ثيابها قائلة:

“كنت رايحة لواحدة صاحبتي أقعد معاها شوية وعايزاك توصلني”

رفعت «روان» رأسها لهما فجأة هل سيخرجا ويتركها وحدها هنا مع هؤلاء (الحرابيق) كما تطلق عليهم «عايدة»؟

لم يبدو على «زين» أنه رحب بالفكرة وخصوصا أنه كان سيخرج من الأساس ويترك «روان» مع أخته كي لا يزعجها أحد وما إن رأت «ياسمين» تعابير وجهه حتى عملت بأنه لا يريد ترك زوجته وبنفس الوقت هي لا تستطيع أخذها معها لأن الأمر خصوصي بالنسبه لها.

“لو مش فاضي خلاص هروح انا”

رفض فكرة ذهابها بمفردها ثم وجه بصره لزوجته الجالسة جواره والتي ترجوه بعينيها الا يتركها ولكن يجب أن تعتاد على من بالمنزل فهو لن يكون معها دائما وأيضاً «ياسمين» سوف تتزوج لذا لابد أن تتأقلم على المكان.

لقد رحل عمه وزوجته وإبنه بعدما وجد طابق صغير جوار العمارة مكون من غرفتين واحدة له ولزوجته وأخرى لأبنه «مصطفى» ثم ترك الفتيات بمنزل عمهما حتى تجهز شقتهم بالطابق الأعلى.

وقد ذهبوا جميعاً ليروا المنزل وذهبت الفتاتان كي يرتاحوا قليلاً من عناء السفر وعادت «عايدة» من عملها.

“هروح أوصل ياسمين واخلص كام حاجة كدا وهرجعلك ولو احتاجتي حاجة كلمي عايدة ماشي؟”

نظرت له «روان» برعب فهي من الاساس تخاف من «عايدة» ولا تأمن لأحد من فتيات عمهما ولكنها لا تستطيع الاعتراض لتومئ برأسها له على امتعاض وهي تذهب إلى غرفتهما وقد علم بأنها غاضبة منه لذا سوف يتحدث معها بعدما يعود وقبل أن يرحل ذهب إلى «عايدة» التي كانت ممسكة بهاتفها ويبدو أنها تعمل ليخبرها على عجالة قائلاً:

“خلى بالك من روان يا عايدة على ما أرجع”

هزت رأسها بسخرية دون أن تنظر له وهي تكمل عملها، يعاملها كما لو كانت طفلة صغيرة لا تستطيع الإعتماد على نفسها! خرج وهو يشعر بالتردد لتتحدث «ياسمين» وهي تخرج معه قائلة:

“متقلقش عليها طالما عايدة موجودة”

أجابها وهو يركب سيارته وهي تصعد بجوراه قائلاً بسخرية:

“انا مش خايف عليها غير من عايدة شخصياً”

قهقهت «ياسمين» وهي تعلم أنه محق ثم أضافت معلقة على حديثه قائلة:

” عايدة دي محدش يقدر يقف قصادها وطول ماهي موجودة محدش هيقرب منها اصلا”

وافقها الرأي ثم ساد الصمت بينهما للحظات حتى قطعته «ياسمين» وهي تسأله بتردد:

“تفتكر إيثار لسه بتحبك!؟”

كاد أن يتوقف عن السواقة من سؤالها المباغب له بهذا الشكل دون سابق إنذار وقد انزعج من تلك الفكرة ولكنه تجاهل الأمر وهو يقول بهدوء:

“ميهمنيش أعرف… هي دلوقتي عارفة اني واحد متجوز وبحب مراتي فخلاص دي مشاعرها وهي حرة فيها والأمر ميعنينيش”

لم تقتنع بإجابته ثم حسمت أمرها أن تخبره بما يدور بعقلها مردفة:

“لأ يا زين لازم الأمر يعنيك”

نظر لها بتعجب وهو مازال يكمل سواقة ولم يفهم مقصدها من هذا الحديث لتكمل كلامها موضحة مقصدها وهي تقول:

” لو هي لسه بتحبك هتفضل تضايق في روان زي ما كانت بتعمل زمان وممكن تعملكم مشاكل”

ورغم أن هذا الأمر كان يشغله منذ أن علم بعودة عمه إلا أنه كان يحاول تجاهله بشتى الطرق ورغم ذلك أجابها وهو يطمئن نفسه قبلها:

“بس دا كان زمان وكانوا صغيرين هي دلوقتي كبرت وبقت ناضجة وعاقلة”

هزت «ياسمين» رأسها ولم تقتنع بتبريره وهي تجيبه مردفة:

“روان اللي كانت صغيرة لكن إيثار مكنتش صغيرة انت ناسي انها من سنك انت وعايدة! وإيثار مبتتخلاش عن حاجة بسهولة وحتى لو مش هتاخدها هتخربها وانت عارف دا كويس”

خلل لحيته بأصابعه وهو يفكر بحديثها ثم زفر بضيق ولا يعلم ماذا يفعل، فقد تكون إبنه عمه تغيرت بالفعل حتى ولو كانت لاتزال تحمل مشاعر له فهي أصبحت ناضجة بما فيه الكفاية لتفرق بين الصح والخطأ ليقول قبل أن ينهي هذا الحوار:

“كلها حوالي عشر أيام او اسبوعين وشقتي هتكون خلصت وهم كمان شقتهم هتكون خلصت ومش هتقدر تضايقها ومن هنا لوقتها انا هخليها تتجنبهم”

ولكن السؤال الأهم الذي دار بعقله هل ستبقى بخير إلي حين أن ينتهى من منزلهم ويأخذها ويعيش بهدوء! لا يعلم لمَ شعر بأن تلك الفكرة لن تحدث وكأن شيء سيء سوف يصيبهم! أخذ يستغفر ويدعو الله أن يحفظها.

دلفت «ياسمين» إلى منزل «حور» بعدما وجودتها تنتظرها ثم أخذت تسمي وتبارك لها على منزلها الجديد وبعد الترحيب وبعض المزاح قدمت لها «حور» الضيافة أخذتها الأخرى وهي تشكرها ثم تحدثت بالموضوع التي أتت إليه تحديداً قائلة:

“كنت عايزة أسالك على حاجة والله مش قصدي تدخل بجد بس يعني…. انا فاكرة إن لما البشمهندس ليث لما اتقدملك كنتي رافضه لانه مش ملتزم ومش شبهك ف كنت عايزة اعرف يعني…”

قطعت حديثها ولم تكمل وهي تشعر بالخجل لأنها تسأل عن حياتهم بينما «حور» علمت السبب الذي جعلها تسأل في هذا الشأن ولكنها لم تعلق لتجعلها تكمل ما تريد قوله.

“أقصد يعني إنه أتغير وبقى أفضل دلوقتي صح.. بس لو مش عايزة تجاوبي متجاوبيش”

أبتسمت لها «حور» وهي تربت على يديها ثم أجابتها قائلة:

” هقولك على حاجة يا ياسمين.. جوزاي من ليث كان أفضل حاجة حصلت في حياتي.. بس لو رجع بيا الزمن وبابا اللي خيرني مكنتش هوافق”

طالعتها الأخرى بدهشة وعدم فهم من حديثها المتناقض لتكمل هي موضحة مقصدها وهي تقول:

“اللي عايزة أقوله إن بابا فرض عليا ليث رغم إنه مكنش شخص ملتزم وقتها خالص بس يمكن هو كان ليه نظرة تانية وانا اضطريت أوافق لإن مكنش بإيدي حل تاني ودعيت ربنا يختارلي اللي فيه الخير لانه وارد جداً ميتغيرش ودا بيحصل كتير اوي من بنات تقول هخليه يتغير وللاسف بعد الزواج هو اللي بيغيرها وبتبعد عن ربنا مهما كانت ملتزمة وليث يعتبر حالة إستثنائية إنه بفضل الله اتغير بس لو كان الاختيار ليا عمري ما كنت هغامر وأضحي إني أتجوز واحد احتمالية إنه ميتغيرش أكبر من إنه يتغير حتى ولو كنت بحبه”

أبتلعت«ياسمين» ريقها عند آخر الحديث وعلمت أن «حور» تقصدها بهذا الحديث ولكن بشكل غير مباشر لتسألها بتردد قائلة:

“ليه قولتي حتى لو كنت بحبه كان ممكن تقولي حتى لو معرفوش او مواصفاته عاجبتني؟ “

لتجيبها الأخرى وقد وصلت إلى النقطة التي تريدها وهي تقول:

“لإن الحب بيعمينا تماما عن الإختيار الصحيح وبيخيلنا مش عايزين شيء غير اننا نكون مع الشخص اللي بنحبه حتى ولو متأكدين اننا مش مناسبين لبعض إطلاقا وعلشان كدا انا مبفضلش الاختيار اللي بيكون القلب هو المتحكم فيه لانه بيلغى العقل تماما عكس الأمر لو كانوا اتنين ميعرفوش بعض هتلاقيهم الاتنين بيفكروا بعقلهم وبيشوفوا الشريك التاني وبيقدروا يشوفوا العيوب والمميزات في وقت واحد ويحكموا،
بنسمع دايما إن جواز الحب بيكون فاشل وتسألي اى طرف فيهم يقولك مفيش حاجة اسمها حب اصلا،…
جواز الحب مش فاشل بالعكس ممكن اتنين يكونوا بحبوا بعض ويكملوا لو كانوا هم الاتنين متفهمين وكويسين وقادرين يكملوا مع بعض
واحيانا ودا الاغلب يعني اللي بيحصل إن الجوازة بتفشل لان كل واحد مبيشوفش غير مميزات التاني بس لانه قلبه بيعميه عن العيوب فييجي بعد الزواج المشاعر تستقر والشهوة تستقر فيبدوأ ياخدوا بالهم بقى من عيوب بس لدرجة مبقوش شايفين المميزات اللي كانت موجودة اصلاً وعلشان كدا مبيقدروش يكملوا مع بعض ولو حصل وكملوا بيكون بينهم مشاكل كتير زي ما بنشوف دائما علشان كدا بفضل إن الإنسان يفكر بعقله الاول ويختار صح حسب المواصفات اللي هو عايزاه واللي من خلالها هيقدر يكمل مع الطرف التاني”

تفهمت «ياسمين» حديثها جيداّ وقد حسمت أمرها لتلقي كلامها جملة واحدة دون أن تفكر فيه قائلة:

“حور انتِ عارفة عمر وعارفة انا جيالك ليه صح”

صمتت قليلاً ثم أغمضت عينيها وهي تقول بحزن وهي تعلم ردها جيداً:

“لو قولتيلي أسيب عمر هسيبه حالاً”

🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸

كانت «روان» تجلس بغرفتها وهي تشعر بالملل الشديد والغضب من زوجها الذي خرج وتركها بمفردها،
زفرت بضيق وهي تود الخروج ولكنها تخشي أن تلتقي بها فهي كانت تؤذيها كثيراً عندما كانت صغيرة مسببة لها الذعر كلما رأتها ودائما «زين» من كان يدافع عنها وينهر «إيثار» وهو يحذرها بالا تقترب منها مجدداً.

تذكرت بأن «ياسمين» قبل أن ترحل أخبرتها بأنهم ذهبوا كي يستريحوا وهذا يعني أنهم بغرفة الضيوف ولن تراهم لذا خرجت من غرفتها بتردد وخوف وهي تدعو الله الا تلتقي بيهم وبالفعل خرجت حتى وجدت السكون يعم المكان لتزفر براحة وهي تسير ببطء وتعرج على قدمها حتى وصلت لحجرة المعشية ثم فتحت التلفاز وهي تقلب بملل على أمل أن تجد شيء يعجبها ثم وجدت «عايدة» تخرج من غرفتها وهي تتحدث في الهاتف ويبدو أنه لا توجد شبكة لذا ذهبت لتتحدث بالخارج وقد بدات المكالمة هامة بالنسبة لها.

قامت من مكانها متوجة إلى المطبخ كي تصنع لها مشروبا يسليها وأثناء سيرها تفاجئت ب «إيثار» التي كانت تقف بالمطبخ كي تشرب وما إن رأتها «روان» حتى أبتلعت ريقها بتوتر وخوف بينما الأخرى نظرت للخوف البادي على وجهها بتسلية وهي تقول ببسمة:

” طب كويس إنك هنا وممشيتيش معاهم علشان ملحقتش أقعد معاكي كويس”

أبتسمت لها بتكلف وهي تبتعد عنها متوجه ناحية موقد النار كي تفعل ما أتت له دون أن تحتك لها.

تركت الأخرى ما بيدها ثم وقفت وهي تستند بجذعها على الحائط تراقب ما تفعله ثم تحدثت قائلة:

“شايفاكي يعني لبستي النقاب والتزمي أهو.. ودا من نفسك ولا هو اللي خلاكي تعملي كدا؟”

رفعت «روان» رأسها لها مباشراً ثم تحدثت بضيق وهي تجيبها مردفة:

“زين عمره ما أجبرني اعمل حاجة وانتِ عارفة دا”

رفعت حاحبها من الشجاعة التي تحلت بها وهي تبتسم لها قائلة:

“شايفاكي كبرتي ومبقتيش تخافي اهو”

كانت «روان» قد أنتهت من صنع المشروب وقبل أن تتحرك خطوة واحدة إنقطعت الكهرباء مما جعل الكوب يسقط من يديها أرضا وهي تشعر بالذعر وقد عادت لها ذكريات سيئة يبدو أنها ستعاد مجدداً!!..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *