روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السادس والخمسون 56 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السادس والخمسون 56 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت السادس والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء السادس والخمسون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة السادسة والخمسون

يا مؤنِسي فى وحدَتى
يا مُنقذِى فى شِدتى
يا سَامعاً لنِدائي
فإذا دَجَى لَيلِي وطال ظلامُهُ
نادَيتُ يــآربّ .. فكُنتَ ضِيائِي.
_نصر الدين طوبار.
______________________
<“بر’يءٌ في عا’لم الو’حوش، وضريبةٌ وجب د’فعها.”>
بعض الو’عود لا تو’فى ولا الرو’ابط تظـ ـل متشا’بكة ولا النجوم تظل سا’طعةً في السماء ولا النفو’س الخبـ ـيثة تصبح حبيبة، غر’يبٌ لا يعلم لماذا يتم معا’قبته على جرا’ئمٌ لَم يكتر’فها ولَكِنّ يبدو أنه مازال يمـ ـلُّك الوقت الكا’في للهر’ب قبل أن يد’فع ضرائب غيره.
وبعد مرور القليل مِن الوقت بمجاورته إليها سَمِعَ صوت هاتفه يعلنه عن وصول رسالة إليه، أخر’جه مِن جيب بنطاله وولج على التطبيق الشهير “واتساب” لتتبد’ل معالم وجهه سر’يعًا وهو يرى تهـ ـديداتٍ صر’يحة ومباشرة مِن رقمٍ مجهو’لٍ يحذ’ره بسـ ـحب الشـ ـكوى المقدمة ضـ ـد جدته حتى لا يتم قتـ ـل زوجته وطـ ـفله.
_قم بسـ ـحب شـ ـكواك أنت وأخيك التي قدمتها ضـ ـد جدتك حتى لا تعود قريبًا مِن العمل تراها جـ ـثةٌ ها’مدة غر’يقةً في د’ماءها هي وطفـ ـلك!.
جحـ ـظت عينيه بعد’م أستيعاب وهو يقرأ تلك الكلمات مرارًا وتكرارًا على أملٍ أن يكون يُهيئ إليه ذلك، فهذا لا يستطيع تقبُله مهما حد’ث فلَن يتها’ون في حياة زوجته وكذلك طفـ ـلته، تنـ ـدى جبينه وتو’ترت وتيرة أنفا’سه وأصا’به التخـ ـبط ولذلك نقـ ـل بصره أولًا إلى زوجته التي أنتظمت أنفا’سها وغـ ـطت في ثبا’تٍ عميـ ـق ليقوم بإبعا’دها عنهُ برفقٍ شـ ـديدٍ حتى لا تستيقظ، خر’ج مِن غرفته بعد أن أغـ ـلق الباب خـ ـلفه وعقله يُفكر ماذا عليه أن يفعل الآن فكل ما يثيـ ـر خو’فه زوجته التي لن يجعلها تـ ـقع ضحـ ـيةً لأفعال جدته الحمـ ـقاء تلك مهما حدث.
عبـ ـث في هاتفه بأنامل مر’تعشة فهو حتى الآن يتذكر حينما قامت بتهـ ـديد أخيه الأكبر بأ’ذيتها إليه هو وكانت في غضون أيام مُلـ ـقيةً إياه في مصـ ـحةٍ نفـ ـسية بعد أن أستـ ـغلت ذكرياته السو’د’اء ونو’بات الخو’ف والإضطـ ـراب التي تلا’زمه بعد أن تلا’عبت بخـ ـلله ذاك متلـ ـذذةً بمعا’ناته وصر’اخه، وضع الهاتف على أذنه لبرهةٍ مِن الوقت منتظرًا إجابة أخيه الذي بالطبع أستغـ ـرق وقتًا حتى أجابه أ’خيرًا وحينما سمعه تحدث بتـ ـلهفٍ قائلًا:
_”إيدن”، “إيدن” رجاءًا أخي إنهض وتعال إليَّ في الحال أنا الآن في ور’طةٍ كبيرة.
_ور’طةٍ ماذا يا ر’جلُ هل أفقـ ـدتك زوجتك عـ ـقلك؟ أتهاتفني الثالثة فجرًا لتقول لي أنكَ في و’رطةٍ كبيرة، ماذا يا أخي هل فقـ ـدت صو’ابكَ للتو؟.
أراد أن يصر’خ بهِ ويُعنـ ـفه ويفعل جميع ما يريد ولَكِنّ منـ ـعه زوجته التي كانت نائمة في الأ’على ولذلك تما’لك أعصا’به سـ ـريعًا قبل أن يفقـ ـدها ويصر’خ بهِ ليقول بنبرةٍ حا’دة لا تقبـ ـل الجد’ال أو المزاح:
_سأفقـ ـد صو’ابي حقًا يا “إيدن” إن لَم تتوقف عن سخـ ـريتك تلك وتأتي لي في الحال، جدتك تهـ ـددني الآن بقـ ـتل زوجتي وطفـ َلتي التي حتى الآن مازالت في ر’حم أُمّها وأنت تسخـ ـر مِني أيُّها النذ’ل.
أنتفـ ـض “إيدن” مِن موضعه بعد أن كان مستلقيًا بجوار زوجته بعد أن تلـ ـقى كلمات أخيه التي أعطته الإنذ’ار بما ينتظر أخيه الصغير وعائلته الصغيرة التي مازال يقوم ببنا’ءها الآن، ولذلك نهض مِن نومته وهتف مستنكرًا:
_جدتك؟! وكيف ستهـ ـددك جدتك؟ وفي الثالثة فجرًا؟ “إيثان” أعادت هذه المرأة تشـ ـتت تفكيرك مِن جديد أم ماذا هو’اجسك يجب أن تسيـ ـطر عليها يا أخي أفهمت.
_وهذه ليست هو’اجس يا عد’يم المشاعر! إن لَم تأتي لي في الحال فحينها سأوريك كيف أفقـ ـد صو’ابي ولا تلو’مني حينها أفهمت!.
أنهـ ـى حديثه صا’رخًا بهِ بعد أن أفقـ ـده صو’ابه وتحكـ ـماته في ردود أفعا’له ثم أغـ ـلق المكالمة في وجهه دون أن يُعطـ ـيه فرصة الردّ لير’تمي بعدها على المقعد وهو يشعر بالتشـ ـتت والخو’ف فمازال يتذكر تهـ ـديداتها منذ أن كان شا’بٌ مر’اهق وفتـ ـى صغير فقد الأ’مان بعد والديه ولَم يكُن أمامه حينها سوى أخيه الكبير الذي كان يُعا’ني لأجله ويُحاول تو’فير سُبُل الحما’ية إليه مِن شـ ـر تلك المرأة وتجبُـ ـرها على الجميع.
خا’ئفٌ والخو’ف دومًا رفيقه الحبيب، ليس على نفسه بل على زوجته التي رأى بها نفسه، الفتا’ة التي كانت العوض الجميل إليه والتي أنتشـ ـلته مِن بقا’عه السو’دا’ء حينما مَدَّت إليه يد العون تخبره أنها لن تتخـ ـلىٰ عنهُ أو تؤ’ذيه، وحينها و’ثق بها وأمسك يدها التي أنتـ ـشلته وجاءت بهِ إلى عا’لمها الخاص حيثُ لا أ’لم أو فرا’ق أو حتى خو’ف.
فعلت الكثير لأجله وتحملته كثيرًا حيث تأتي هو’اجسه وأضطـ ـراباته إليه تتغلـ ـغل إلى عقلـ ـه بسهولةٍ ويُسر ولذلك أتجه تفكيره بالكامل إلى جدته التي قتـ ـلت أبيه وأمّه في الماضي ماذا ستفعل إن أستطاعت الوصول إلى زوجته؟ بالتأكيد ستفعل ما فعلته في الماضي مع هذه المسـ ـكينة التي كانت كما الضما’د الذي يوضع على الجر’ح الد’امي فيحتويه، لن يُخا’طر بها حتى وإن كانت حياته الثمـ ـن فبدون تفكير سيقدمها إليها دون تفكير فقط لأجلها ولأجل أبنـ ـته سيفعل أي شيءٍ حتى تظل في أ’مانٍ فلن ينسىٰ حتى الآن أنها أما’نةٌ بين يديه قد تسـ ـلمها مِن أبيها متعهـ ـدًا إليه بالحفا’ظ عليها وعدم أذ’يتها مهما كلفه الأمر ولذلك أتخذ قراره في أمرها مع جدته الحمـ ـقاء تلك.
وبعد مرور القليل مِن الوقت وصل “إيدن” الذي ولج مع أخيه الذي منـ ـعه مِن الحديث حتى لا تستيقظ زوجته وتوجه بهِ نحو الغرفة القابعة في الطابق السفـ ـلي ليغلـ ـق الباب عليهما ثم ألتفت إليه حينما سمعه يقول بنبرةٍ حا’دة:
_أيُمكنكَ الآن أن تشرح لي الأمر لقد أيقظتني مِن غفوتي في منتصف الليل على ثر’ثراتٍ حمـ ـقاء ماذا حد’ث وأين تهـ ـديد جدتك الشـ ـمطاء تلك؟.
ها’جمه في الحديث دون أن يُعطي إليه الفرصة للتحد’ث أو قول شيءٍ ولذلك أسكته حينما أصد’ر صوتٍ مِن بين أسنانه المطبـ ـقة على بعضها ثم أخر’ج الهاتف وفتـ ـحه أسفـ ـل أنظار أخيه الذي كان يتابعه بهدوءٍ ليراه يشهر الهاتف في وجهه ليقرأ الآخر الرسالة مذهولًا مِمَّ يراه.
_أرأيت يا ثر’ثار أنني محـ ـقٌ ولا أُثر’ثر مِن العد’م، مثل هذا التهـ ـديد قبل عشرون عامًا حينما هـ ـددتنا بقـ ـتل والدينا كذلك ولَم نكترث إليها وحينها فقط أرسلت لي صورتهما وأنت حينها كُنْتَ تشاهد والديكَ يُقـ ـتلان نُـ ـصب عينيك دون أن تتحدث أو تفعل شيئًا لأجلهما يا أخي، تتذكر أليس كذلك فتلك الذكرى مِن الصعـ ـب نسيانها أو تخـ ـطيها مهما مرّ الزمن علينا، هذا اليوم يعود بعد عشرون عامًا وهذه المرة الضحـ ـية ستكون زوجتي وأبنـ ـتي التي حتى الآن مازالت جـ ـنينًا في ر’حم أُمّها، أخبرني الآن هل تراني أُبا’لغ في هذا؟ لو كُنْتُ أملُك شخصًا آخر كُنْتُ أستعنتُ بهِ ولَكِنّ أنت الو’حيد الذي تبقى لي مِن عائلتي يا أخي.
كانت العبرات تغطـ ـي على مُقلتيه حتى أنها شو’شت رؤيته فقد عاد أخيه يفتـ ـح الجر’ح الغا’ئر إليه مِن جديد بعد أن حاول تخـ ـطيه بشتى الطر’ق الممـ ـكنة ولَكِنّ الماضي لا يمو’ت بل يظل مرافقًا إلى صاحبهِ حتى المما’ت، يشعر وكأنه أجر’م في حـ ـق والديه رغم تسـ ـليم عمه الحـ ـقير ذاك إلى الشـ ـرطة وتلـ ـقى عقا’به حينما أُعد’م ولَكِنّ مازال هُناك جدته التي لَم تتلـ ـقى عقا’بها حتى الآن أو تسلـ ـيمها إلى العدا’لة مازال هُناكَ نصـ ـلٍ حا’د يرتدي ثوب الإختـ ـفاء.
نظر إليه “إيثان” ليرى أخيه الذي تشـ ـتت عقله وعاد الند’م يتأ’كله حـ ـيًا والخو’ف مِن ما هو قادم فلن يريد أن يكون هُناك د’ماءًا مرةٍ أخرى لقد تحمل خسا’رتين لن يتحمل الثالثة هذه المرة، وضع كفه على كتف أخيه يُشـ ـدد مِن أذره قائلًا:
_لَم أقصد أن أفتـ ـح جر’حًا مضى عليه عشرونَ عامًا ومازال لَم يلـ ـتئم حتى الآن أخي، ولَكِنّ زوجتي الآن في خطـ ـرٍ وأنا سأفعل أي شيءٍ لأجلها مهما كان … حتى وإن كلفني الأمر بسـ ـحب هذه الشـ ـكوى.
ر’مقه حينها “إيدن” بذهولٍ با’ئنٍ على تقا’سيم وجهه فيما أشا’ح الآخر ببصره بعيـ ـدًا عن مر’مى أخيه الذي لَم يُصدق حتى الآن ما سَمِعَهُ، حرك رأسه ينفـ ـي ما سَمِعَهُ كالمجـ ـنون فإن فعل أخيه هذا سيخسـ ـران كل شيءٍ لن يسمح إليه في الترا’جع عن قراره حتى وإن كـ ـلفه الأمر بحبـ ـسه لأيامٍ لن يجعله يفعلها.
_هل جُـ ـننت يا ر’جُل ماذا حد’ث إليك “إيثان”؟.
_لا يا أخي لَم أُجَـ ـنَّ بعد مازلتُ بكامل عقـ ـلي وو’عيي، سأكون قد فقـ ـدت عقلي بالفعل إن لَم أسـ ـحب تلك الشـ ـكوى حينها فقط سأرى زوجتي مقـ ـتولة في منتصف هذا المنزل أو لربما على فراشنا ولا أعلم حينها كيف ستكون مو’تتها وهل سيصل بهم الأمر لفصـ ـل رأ’سها عن جسـ ـدها أم سيتجهون إلى تشر’يحها حتى تنا’ل كذلك تلك الصغيـ ـرة ما ينتظرها … الجـ ـنون بحـ ـقٍ إن وافقتُ على ما ستقوله يا “إيدن” أفهمت؟.
الغضـ ـب سيـ ـطر على المكان والتحـ ـدي صار محتو’مًا والعنا’د أصبح سيد المعر’كة، واحدٌ لا يريد الإستـ ـسلام والخو’ف مِن تهـ ـديداتها والآخر يريد تو’فير الحما’ية إلى زوجته التي هي بالنسبة إليه أهم وحياتها غا’لية عليه ولن يتحمـ ـل أن يقوم أحدٌ بأذ’يتها مهما حد’ث.
_زوجتي وأبنـ ـتي يا “إيدن” أثمـ ـن مِن حياتي أنا شخصيًا أتفهم؟ تلك هي المرأة التي رأيتُ بها نفسي ووعدتُ ربي وعاهـ ـدتُ الجميع على الحفا’ظ عليها مهما كان الثمـ ـن في المقابل، أرى أي شيءٍ وإن كان على حسا’ب حياتي نفسها أما هي وأبنـ ـتي فصدقني لن أتحـ ـمل، هي فقط يا أخي هي التي بدو’نها سأكون حتـ ـمًا ميـ ـتًا، هذه كانت العروس التي تمنيتُها في صغري وحينما أصبحت معي الآن فأقسم لكَ على عد’م تر’كها مهما حد’ث حتى وإن طلبتَ أنتَ هذا مِني.
النظرات متبا’دلة بينهما، نظرةٌ عا’شقة ومُحبة تخـ ـشى على مَن تُحب وأخرى خا’ئفةٌ على مَن أحبت، التحد’ي قا’ئمٌ بينهما فهُناك مَن يريد عد’م التخـ ـلي عن تو’فير الحماية لهم وآخر يريد التخـ ـلي عنها لأجل حياة آخر يعني في حياته العالم بأكمله.
_آسف يا أخي، ولَكِنّ “تكوى” أهم بالنسبة لي في هذه اللحظة، جدتك أمرأة ظا’لمة ولا تعلم شيئًا عن الر’حمة فإن لَم تر’أف بحال و’لدها الكبير الذي تر’جاها لتركه يعيـ ـش مع زوجته المسـ ـكينة التي كانت لا شأن لها في هذا كله قد د’فعت حياتها ثمـ ـنًا با’هظًا في رأيك هل ستر’أف بفتا’ةٍ صغيرة كـ “تكوى” مازالت في بداية عُمرها وستر’أف كذلك بطـ ـفلةٌ صغيرة في ر’حم أُمّها حتى الآن لا تعلم شيئًا عن عالمنا ذاك؟ أخبرني يا أخي أخبرني أنني مخـ ـطئ حتى أقول لكَ الآن أنك أنا’ني وتُحب نفسك ولا تعـ ـبئ بحيا’ة زوجة أخيك وإ’بنة أخيك الصغيرة، هيا قُلها لا تخـ ـف.
سقـ ـطت عبراته على صفحة وجهه ثم لَم يتحمـ ـل نظرات أخيه ليجذ’به إلى أحضانه معانقًا إياه فحتى هذه اللحظة لن يجر’ؤ على قولها فهو ليس هكذا ولن يكون لن يُضـ ـحي بحياة فتا’ةٌ بر’يئة ليس لها شأنٌ لأجل حما’يتهما سويًا لن ولَم يفعلها حتى وإن كان هذا على حسا’ب حياته هو أخيه يستـ ـحق العـ َيش أ’منًا سعيدًا مع زوجته فحتى الآن مازال يشكر ربه أنه تلا’قى بها وأحبّها فبدونها كان أخيه سيضـ ـيع مِن بين يديه ولَن يقدر هو على فعل شيءٍ إليه.
_لا يا أخي، لن اقول ذلك مهما حد’ث، لا أستطيع أنا في النها’ية إنسانٌ وأمـ ـلُك مشاعر ولدي الر’حمة في قلبي، لن أسمح بأن تؤ’ذى زوجتكَ أو فتا’تكَ هن ليس لهن ذ’نبٌ في هذا، وكذلك لَن أسمح لأحدٍ أن يُحاول بأ’ذية زوجتي، ولَكِنّ جدتك لا تتر’ك لنا الخيار يا أخي تُجبـ ـرنا على أن نفعل أشياءٍ لا نريدها نحن، هي لا تريد تركنا على قيـ ـد الحياة يا أخي، إنها بلى قلب وأنت تعلم هذا، إن فعلنا ما تريد فان تصمـ ـت وستحاول أخذ ما نمـ ـلُك وهذا يا أخي حـ ـقٌ شـ ـرعي أتفهم ما أُحاول قوله هي لن تصمـ ـت وستفعل ما يحـ ـلو لها ونحن وجَبَ علينا الطا’عة.
_ليس لوقتٍ طو’يلٍ يا أخي، فقريبًا سنتخلـ ـص مِنها وللأ’بد … يجب أن تمو’ت يكفي ما عا’شته.
جحـ ـظت عينين “إيدن” بعد’م أستيعا’بٍ لِمَ سَمِعَهُ منذ لحظاتٍ ليبتـ ـعد عن أحضانه ينظر إليه ليرى أخيه قد تحو’ل كليًا إلى آخرٍ القـ ـتل بالنسبة إليه لُعبةٌ مُسـ ـلية ليست بالشيء الهيـ ـن، آخرًا يعلمه جيدًا ويعلم ماذا يُفكر، حرك رأسه كالمجـ ـنون ينفـ ـي ما يريد الآخر إيصاله إليه تبعها قوله الحا’د:
_لا يا أخي، لا أيُّها المجـ ـنون لَن أسمح لكَ بذلك أتفهم … لَن تَقـ ـتُل يا أخي لا هذا الطريق لَم يكُن طريقًا ولَن يكون أتسمعني، ماذا ستفعل بعدها ستخـ ـسر زوجتكَ وأبنـ ـتكَ وحياتكَ يا مُخـ ـتل تو’قف عن هذه الأفكار التي ستز’جنا إلى الهلا’ك وليست الجنة أيُّها المعـ ـتوه منذ متى وأنت تُفكر هكذا أنا للحـ ـق مصد’ومٌ وبشـ ـدة.
أنهـ ـى حديثه وهو يد’فعه بعـ ـيدًا عنه ينظر إليه وهو لا يُصدق ما يسمعه ولَكِنّ بالنسبة إلى “إيثان” ليس شيئًا مختـ ـلًا فقد وصل بهِ الأمر إلى هذه المرحلة والمُتسـ ـبب الو’حيد فيها هي جدته التي حتى هذه اللحظة لَم تر’حمه أو تشـ ـفق عليه فما سيخر’ج مِنهٌ مِن أفعا’لٍ الآن لا يُحاسـ ـب عليه لشخصٍ مثله تـ ـلقى صد’مةٌ قو’ية في صغره وتم تشخيصه مر’يضًا نفـ ـسيًا وكانت هي صاحبة الفضل وجزءًا مِن هذا الماضي الأسو’د الذي مازال يلحـ ـق بهِ حتى الآن.
حينها لَم يتأ’ثر بحديث أخيه ولا تو’سلاته إليه لر’دعه عمَّ يُخـ ـطط إليه بل تقدم مِنهُ الخطى الفا’صلة بينهما ووقف أمامه مباشرةً دون أن يكتر’ث إليه وقال بنبرةٍ با’ردة:
_وأنا الآن أُخبركُ للمرة الأ’خيرة، إما سحـ ـب تلك الشـ ـكوى … أو أن أقتـ ـل جدتك، الخيار إليك الآن يا “إيدن”، الكرة في ملعبك أنت.
جحـ ـظت عينين الآخر على و’سعهما وهو ينظر إليه لا يُصدق ما يسمعه مِن فيما كان الآخر ينظر إليه نظراتٍ متحـ ـدية لا تقبل الجد’ال أو المزاح فهذه هي اللحظة الفيـ ـصلية في حياتهما إما النجـ ـاة، أو النجـ ـاة بأكثر الطرق السو’د’اء، وقف حينها “إيدن” مجـ ـمدًا لا يستطيع التفوه بحرفٍ واحدٍ بعد حديث أخيه فقد شعر أن لسانه يُلـ ـجم والكلمات تهرُ’ب مِن على شفتيه، لا يصدق أن الأمر وصل مع أخيه إلى “القـ ـتل”! هذه كا’رثةٌ فـ ـجة حالته أتخذت منحـ ـدر الخطو’رة وقد تفتـ ـح في أوجههم أبواب الجحـ ـيم.
حاول رد’عه عن ما ينتو’يه في محاولةٍ قد تكون ناجحة بالنسبة إليه ليقول متر’جيًا إياه:
_أخي رجاءًا…
_جوابك قد وصل يا أخي، وأنا أتخذتُ القـ ـرار حيا’ل ذلك، في غضون ساعاتٍ سنعيش في أ’منٍ وأ’مانٍ، لا تقـ ـلق بشأن ذلك.
بـ ـتر حديثه وردّ عليه بعدما عَلِمَ محاولات أخيه التي ستكون جميعها تبوء بالفشـ ـل ولذلك قام بتوفير كل هذا الوقت ليتركه بعدها ويخر’ج ليـ ـلحق هو بهِ سريعًا يتابعه ليراه متجهًا إلى المطبخ وفو’رًا عَلِمَ تفكير أخيه ولذلك توجه خـ ـلفه ليراه ممسكًا بسـ ـكينٍ حا’د وينظر إليها بشرودٍ ويبدو أنه متو’ترًا لا يعلم أما يفعله الصواب بعـ ـينه أم الخطـ ـأ.
لاحظ “إيدن” إرتعا’ش كفه الممسك بالسـ ـكين ليقترب مِنهُ بخطى واسعة ليأخذ السـ ـكين بعنـ ـفٍ يُـ ـلقيها بعـ ـيدًا ثم صر’خ بهِ قائلًا:
_هل جُـ ـننت يا “إيثان” أخبرني هل جُـ ـنَّ جـ ـنونك ستقـ ـتل يا أخي؟ ستتجه إلى القـ ـتل يا أخي ماذا دهاك هل ستفعل ما تريده أم ماذا أجبني!.
نظر إليه “إيثان” بتـ ـيهٍ وكأنه كان مغـ ـيبًا عن الو’عي لا يعلم ماذا عليه أن يفعل أصبح مشـ ـتتًا وبشـ ـدة فخو’فه على زوجته يجعله يفعل أي شيءٍ مهما كان ولذلك هو لَم يعـ ـي لِمَ يفعل إلا حينما أستفاق على صر’اخ أخيه الذي أخذه دا’خل أحضانه يطبـ ـق عليه بذراعيه بحما’يةٍ فلن يسـ ـمح إليه بأن يُلـ ـقي بنفسه في الجحـ ـيم ويقف هو يشاهده، لن يفعل ذلك مهما حد’ث سيـ ـحميه حتى وإن كانت حياته الثمـ ـن.
______________________
<“المفتو’ن بعيونٍ شـ ـرقية لا يرى أخرى سواها.”>
كان يظن أن الحياة با’ئسة وأن اليأ’س رفيقٍ إليه فعلى الرغم أنه أصبح اليوم صاحب السابع والعشرون مِن عمره ألا أنه اليوم أصبح سعيدًا بجوارها، هي صاحبة الزهور ومُهـ ـلكة القلوب وحبيبة العيون ودواء الجر’وح، هي التي في حضرتها يكون مطـ ـيعًا لها، يراها وكأنها قطـ ـعة ألماسٍ با’هظة الثمن قام بسر’قتها أو كملكة مِن ملكات العصر الفرعو’ني، عشـ ـق أعينها وكتب بها الأشعار والقصائد وكأنها أجمل الأعين التي رآها في حياته بأكملها.
يجلس في غرفته على فراشه ممسكًا بإحدى الأوراق البيـ ـضاء وبيده القلم الذي كان يسير على الورقة البيـ ـضاء النا’عمة يكتُب بخطٍ عربي عشـ ـقه منذ صغره كما كان عشـ ـقه للعصر الفرعو’ني القديم، فبعد أن وافق والدها على عمل إكليلٍ أراد أن يُها’ديها شيئًا يُحبّه ويهواه يوم زفافهما، أراد إسعادها بشتى الطر’ق الممكنة فهي تستحـ ـق الفرحة كما قال هو حينما رافقها في إحدى المرات.
مبتسمًا وهاتفه بجواره ينبُـ ـع مِنهُ أغنية رومانسية مِن الزمن الأصلي الجميل وأمامه طاولة متوسطة الحجم خـ ـشبية يستخدمها وقت عمله ليلًا يعتـ ـليها كوبًا مِن الشيكولاتة السا’خنة يرافقها حلوى شهـ ـية تسمى باللغة الدارجة “كوكيز” قد أبتاعه مؤ’خرًا بكمياتٍ كبيـ ـرة مِن مكانه المفضل دومًا منذ أن كان صغيرًا، يكتب الكلمات بحرافية شـ ـديدة ورأسه هادئة والبسمة تزين ثغره.
لا يعلم كيف سيكون ردّ الفعل مِنها ولَكِنّ أول ما يعلمه أنها ستسعد كثيرًا بذلك، فما تبقى لهُ هو سوى شهرٌ واحد وتصبح زوجته، ينتظر مجيئها ومرافقتها فكل ما طلبه مِن والدها هي حقيبة ثيابها لا يريد شيئًا آخر ولَم يخـ ـلو الأمر مِن عمتها الحر’باء حينما بدأ الإتفا’ق الر’سمي بينهم ولَكِنّ لأجلها فعل ما يجب عليه فعله معها فلن يسمح لشخصٍ مثلها بأن يقوم بإسقا’ط دمعةٌ واحدةٌ ولو كان خـ ـطًأ مِن عينيها البـ ـريئة كما وصفها هو.
قطـ ـع أند’ماجه ذاك صوت هاتفه الذي أعلنه عن وصول رسالةٌ إليه مِن أحدهم ومَن غيرها هي تُراسله في تلك المواقيت المتأ’خرة، وصدقًا لَم يخيـ ـب ظنه حينما رآها هي مَن راسلته تطـ ـمئن عليه وتسأل إن كان مستيقظًا أم لا ليُعطيها الردّ وبعدها رآها تسأله.
_تعرف إيه أكتر حاجة بحبها بعد محشي ورق العنب؟.
أبتسم هو حينها فو’ر أن عَلِمَ جوابها عليه بعد أن سألها لتتبـ ـدد أحلامه وتختـ ـفي بسمته فو’ر أن أجابته بخـ ـبثٍ قائلة:
_الشاورما طبعًا، مقد’رش أقولك بحبّها أزاي يا “مـينا” دي عشـ ـق الطفولة، يا ترى هتجيبلي شاورما لمَ نتجوز وأنتَ راجع مِن الشغل؟.
أغتا’ظ مِنها كثيرًا ومِن تد’مير لحظته تلك حينما كان سيصبح رومانسيًا معها ليقوم بتبد’يل خطته وأجابها بغـ ـيظٍ:
_دا أنتِ بت مش و’ش رومانسية، قال وأنا اللي قولت هتقولي بحبك يا حبيبي وخيا’ل حمـ ـضان فد’ماغ اللي خلفو’ني، حِـ ـلِ عن و’شي عشان لو شوفتك قُدامي هبـ ـطحك بحاجة فد’ماغك.
لا يعلم أهي تتعمـ ـد إثا’رة غضـ ـبه أم ماذا لا بُد أنها تتأ’مَر عليه ولربما تختبـ ـر صبره معها ولذلك أرسلت إليه مقطعًا صوتيًا إليه ليبدأ بسماعه حينما بدأ بضحكاتها الر’نانة التي تُذ’يب قلبه تبعها حديثها الذي خر’ج بنبرةٍ ضاحكة حينها:
_لا لا طلـ ـعت قفو’ش أوي أنا بهزر معاك يا حبيبي أكيد بحب الشاورما بعد ورق العنب مش حاجة تانية … أنتَ مش بتحبها ولا إيه؟.
ومِن جديد تُثيـ ـر غيـ ـظه ليزفـ ـر هو بعمـ ـقٍ وهو يتمتم بعدة كلماتٍ غير مسموعة ليقوم بإرسال آخر إليها يخبرها بهِ عن حنـ ـقه وغيـ ـظه الشـ ـديد مِنها قائلًا:
_”برلين” أنا واحد غشيـ ـم صدقيني بلاش تستفـ ـزيني أكتر مِن كدا يا بنـ ـت الناس كلها شهر ويتقفـ ـل علينا باب واحد ووقتها مش هتلاقي اللي يلحـ ـق مِني، خليكِ حلوة معايا بقى وبلاش تستفـ ـزيني يا رو’حي.
طا’ل الإنتظار مِنهُ، ينتظر إجابةٌ مِنها منذ قرابة الخمس دقائق ليبدأ يشعر بالقلـ ـق حيا’ل ذلك وقبل أن يهاتفها حتى يرى عد’م تلقيه الردّ رآها قد أرسلت إليه صورةٌ قد ألتقطتها رفقة زهورها الثمينة في متجرها الصغير المتواضع تخبره عن رأيه بها، كانت تجمع خصلاتها البُنـ ـية في جد’يلة رقيقة وترتدي فستانًا باللو’ن الزهر’ي، كل ما جذ’به وجهها الفا’تن مثلما أطـ ـلق عليها منذ أول مرةٍ رآها بها.
قام بتكبـ ـير الصورة على وجهها حيث كل ما جذ’ب نظره عينيها الكحـ ـيلة وأهـ ـدابها الكثـ ـيفة وبسمتها الرقيقة كرِقة الفراشات في ربيعها، كانت عينيها تتزينهما الكحـ ـل الأزر’ق الذي جعله يمدح بها ويُثني على جمالها، وفو’رًا كتب إليها مهـ ـيمًا بعينيها:
_كانوا عم بيقولوا إنو جمال المرأة في تبسمها..
حتى شُفت چمال هادول العيون وقتها وقِلت لحالي،
قد إيش هِنن چـ ـهلة وأغبيا’ء حتى ما شافوها،
ولَكِنّ بالنسبة لإلي عم شوف بديع خلقه فعيونك أنتِ،
وإنو الچمال الحـ ـقيقي بعيون البـ ـنت ومو ببسمتها،
ولَكِنّ كِلُن ما بيكونوا “بيري” حبيبة قلب “مـينا”.
عَلِمَ مؤ’خرًا أنها تُحب تلك اللكنة كثيرًا وتعشـ ـق التحدث بها وفو’ر أن عَلِم بذلك أراد مشاركتها ما تُحب وتهوى ليراها تفاعلت مع رسالته برمز القلب ثم راسلته حينها برسالةٍ تقول فيها:
_وأنا هيك كِنت عم بقول لحالي، قد إيش هِنن چـ ـهلة بس معلش كِل واحد بيشوف چمال البنـ ـت يلي معو ولهيك أنا وأنتَ أتنين مختلفين عنُن، تكرملي عيونك حبيبي.
ضحك وقد شعر بالغر’ابة معها فهي أصبحت مُميزةً بالنسبة إليه فلَم يرى امرأة كـ “برلين” في حياته ولذلك أجابها بعد أن قام بتسجيل مقطعٌ صوتي يقول فيه:
_تعرفي يا “برلين” أنا لسه مكتـ ـشف حاجة جديدة، إنك مختـ ـلفة ومش مطـ ـصنعة يعني تلقائية وأنا حبّيت حاجة زي دي أوي فيكِ، ولعلمك أنا في حد كدا قالي الحاجات اللي بتحبّيها فلما بعتيلي صورتك حـ ـقيقي أنا إنبهرت أوي وكل أشعار المدح والتغزل فالعيون متكفكيش واللهِ، وبالمناسبة أنتِ عسولة فكُل حالاتك وأنا بحبك بكل حالاتك اللي شوفتها واللي لسه مشوفتهاش وعايز أقولك إني بجد ما صدقت لقيتك … يا بختي بيكِ يا “بيري” واللهِ.
أحب أن يكون صا’دقًا معها فهو أعتاد على ذلك منذ الصغر أن يتخـ ـذ الصدق منهجًا في حياته مهما كان الأمر ولذلك فو’ر أن أرسل إليها المقطع قام بالردّ على الصورة مِن جديد خصيصًا بعدما قام بإقتـ ـصاصها ولَم يظهر مِنها سوى عينيها فقط مرفقًا معها مقطعٌ مِن فنانته المفضلة “أم كلثوم”.
_ياما عيون شاغلوني
لكن ولا شغلوني إلا عيونك أنتَ
يا حبيبي دول بس اللي خدوني، خدوني
وبحُبك أمروني إلا عُيونك
أنتَ دول بس اللي خدوني، خدوني
وبحُبك أمروني
أمروني أحب لقيتني بحب
لقيتني بحب وأدوب في الحب
أمروني أحب لقيتني بحب
لقيتني بحب وأدوب في الحب
وأدوب في الحب وصبح وليل، وليل على بابه.
عاشـ ـقٌ وما بيده حيـ ـلة، فأمام مَن يهواها القلب يخضـ ـع لها العقل ويحتويها الرو’ح، أحب مرافقتها وحديثها معهُ وهو كان كما الشا’ب المر’اهق في بداية عُمره سعيدٌ معها ويتمنى مرور الأيام القادمة سريعًا حتى تصبح برفقتهِ حينما يعود مِن عمله ير’تمي بين ذراعيها ير’مي متا’عب اليوم الشا’ق بعيـ ـدًا حينما يُصبح بمجاورتها هي صاحبة الزهور الرقيقة.
وقضـ ـى ليله معها يتحدثان سويًا يخـ ـططان إلى ما هما مقبلان عليه سويًا وقد أقترح عليها أن ترى المنزل كي تقوم بتغـ ـير أي شيءٍ في هذا الوقت فالأيام تَمُر سريعًا وفي الغد ستصبح زوجته وحبيبته ومسـ ـكنه الأمن حيثُ لا ضـ ـجيج للرأس بين أحضانها ولا تفكيرٌ مر’هقٌ للعقل.
_______________________
<“إن أنتظر المظلـ ـوم على الظا’لم فسيحتر’ق أمامه حيًـ ـا.”>
مرّ أسبوعين على ما حد’ث حتى أصبح لَم يتبقى أمامه سوى أربعة أيامٍ فقط وتُنـ ـير عتمـ ـته بنو’رها السا’طع، كان بمجرد التفكير في هذا الأمر كان يترا’قص قلبه فرحةً وتشُـ ـق البسمةِ وجهه وكأنه طفلٌ صغير سيُكا’فئ على أعماله الصا’لحة مِن قِبَل والدته، كان منشغلًا هذه الأيام بترتيبات زفافه ومعه أخيه وأصدقائه الذين كانوا سعداءً لأجله كثيرًا، ولج إليه أخيه مبتسم الوجه ليقول بنبرةٍ عا’لية نسبية ممازحًا إياه:
_يا سيدي يا سيدي بنضحك أهو وشويه وهنطـ ـير مِن الفرحة، وحشتني الضحكة الحلوة دي.
أنهـ ـى حديثه وهو يجاوره ليقوم بضمه بحنوٍ إلى أحضانه يطـ ـبق عليه بذراعيه فيما أبتسم “شـهاب” وعانقه قائلًا:
_مبسوط أوي يا “شُـكري” بجد حاسس إني أتولدت مِن أول وجديد مش مصدق إنها هتكون معايا بجد أنا مبسوط أوي.
ربت حينها “شُـكري” على ظهره بحنوٍ مبتسمًا ثم قال:
_تستا’هل كل خير يا حبيبي واللهِ ربنا يجعلها زوجة صالحة ليك وتعوضك عن اللي فات وتكون بيت الأ’من والأ’مان وقت ما تضـ ـيق الدنيا بيك تجر’ي عليه، أنا مبسوط بس عشانك وحـ ـقيقي إني أشوفك بالفرحة دي عندي بالدنيا وما فيها، ربنا يجعل أيامك كلها سعيدة يا حبيبي والفرحة تكتمل ويرجعلك نو’ر عينيك وحـ ـقك وقتها أبقى أنا مر’تاح البال.
_ربنا يباركلي فيك يا خويا ويحفظك ويجا’زيك خير على صبرك عليا وتحمُـ ـلّك ليا أنتَ أستحمـ ـلتني كتير أوي وجه الوقت عشان تر’تاح.
كان مبتسمًا وسعيدًا حتى محـ ـى هو تلك الإبتسامة بنفسه بعد أن قال هذه الكلمات التي بالطبع أغـ ـضبت “شُـكري” الذي أبعـ ـده عنه بحركةٍ عنيـ ـفة بعض الشيء ينظر إليه يهتف بنبرةٍ حا’دة:
_إيه اللي أنتَ بتقوله دا يا “شـهاب”، لا واللهِ بقى أنتَ شايف كدا يعني؟.
_يا “شُـكري” أسمعني بس…
_لا أسمعك ولا تسمعني أنتَ أخويا وفالحالة دي ملز’وم مِني مش عشان هتيجي واحدة فحياتك إني أنساك أو أر’مي كل حاجة عليها وهفضل شا’يلك طول العُمر أنتَ أخويا الو’حيد يا “شـهاب” ومبحبش أشوفك ز’علان أو مضا’يق بتضا’يق معاك صدقني وبكر’ه اللي يز’علك ببقى ها’ين عليا أجيب كر’شه فإيدي متخيل؟ هتفضل مُلز’م مِني وقبضك بتاع كل شهر اللي بيبعتوه في شغلك هيفضل يوصلك كامل أنا مش مِن حـ ـقي أي جنيه مِنها ومتخا’فش عليا أنا معايا فلوسي الشغل الحمد لله شغال حلو أوي معايا والقبض يكفيني ويكفي تلاتة تاني كمان، أنا هبقى كويس أنا عارف إنك خا’يف عليا بس أنا تمام فكل الأحوال يعني.
لانت معالم وجهه تدريجيًا حتى أنهـ ـى حديثه وهو ينظر إليه ليرى حيرة أخيه في عينيه فهو مازال يخـ ـشى عليه ويظل عقله منشغلًا دومًا عليه ولذلك حاول أخيه تبد’يد أفكاره تلك وطـ ـمئنته قدر المستطاع حتى زارت البسمةُ الهادئةُ ثغره وعاد يُعانقهُ مِن جديد مبتسمًا ليطبـ ـق الآخر عليه بذراعيه ضامما إياه إلى أحضانه، صدح رنين جرس المنزل الدا’خلي عا’ليًا يعلنهما عن وصول زائرٍ إليهما ولذلك أبتعـ ـد “شـهاب” عن أخيه الذي نهض متوجهًا إليه، وحينما فتـ ـح الباب رأى “ليل” الجد أمامه ينظر إليه نظراتٍ هادئة ليتفا’جئ “شُـكري” مِن تواجده ليقول مند’هشًا:
_سيادة اللو’اء؟! أتفضل.
ولج “ليل” ثم توقف منتظرًا “شُـكري” الذي أغـ ـلق الباب خلفه وأشار إليه قائلًا بترحابٍ شـ ـديدٍ:
_أتفضل يا سيادة اللو’اء أتفضل نوَّ’رت واللهِ.
وحينما أستمع “شـهاب” إلى حديث أخيه نهض مِن مجلسهِ متفا’جئًا مِن قدوم الآخر إليه فهذه المرة الأولى لهُ ولذلك هو متفا’جئًا وبشـ ـدة، أقترب “ليل” مِنهُ قائلًا:
_منوَّ’ر بأهله يا “شُـكري”، عامل إيه يا “شـهاب” طمني عليك.
حينها مَدَّ “شـهاب” كفه في الهو’اء لمصافحته ليبتسم إليه الآخر ماددًا أيضًا كفه يصافحه ليسمعه يقول بترحابٍ شـ ـديدٍ:
_بخير الحمد لله يا فندم، إيه الزيارة الحلوة دي البيت نوَّ’ر واللهِ العظيم.
وبعد التحية والترحاب الشـ ـديد وتقديم كرم الضيافة كان “ليل” يجلس بجوار “شـهاب” على الأريكة وأمامهما “شُـكري” يستمع إلى ما سيقوله “ليل” الذي نظر إلى الآخر وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنا عارف إن مجيتي مـ ـقلقة شوية خصوصًا لو بدون ميعاد بس في الحـ ـقيقة أنا لقيت نفسي جاي هنا مِن غير ما أحس وبصراحة والكلام دا مش جديد عليك يا “شـهاب” وأنتَ عارف كدا كويس إنك زيك زي أحفادي بعِـ ـزك أوي وبحبك وبخا’ف عليك وز’علك يز’علني أنا شخـ ـصيًا، مبدئيًا وقبل ما نتكلم سوى عايز أديك حاجة.
تعجب “شـهاب” كثيرًا ومعه أخيه الذي كان “ليل” حتى الآن غا’مضًا بالنسبة إليه ولا يعلم ما الذي جاء لأجله ولَكِنّ كعادته ألتز’م الصمـ ـت حتى يرى سيحدث، بينما أخر’ج “ليل” مظروفًا أبيـ ـض اللون ثم نظر إلى “شـهاب” ومدَّ يده بهِ إليه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_دا قبضك بتاع الشهر الجديد، سبق ووعدتك إن قبضك هيوصلك كل أول شهر مِن سنة وفعلًا أنا وفيت بوعدي ليك ومشـ ـيلتكش مِن القايمة ولا سـ ـحبت رُتبتك مِن ساعتها بالعكـ ـس كل حاجة لسه زي ما هيَّ مستنية صاحبها يرجع يستلمها تاني، المرة دي حبيت أسلمهولك بنفسي وأقولك أ’تطمن، هانت وحـ ـقك هيرجع، شوية وقت كمان وقدام الناس كلها حـ ـقك هيرجع وبإذن الله بعد شهر بالكتير تكون قضيت شهر عسلك وهتواصل بنفسي مع دكتور زميل شاطر جدًا هعـ ـرضك عليه وهو وقتها يقولنا إيه اللي المفروض يحصل ولو كدا نعملهالك وإن شاء الله يرجعلك نو’ر عينيك تاني، ومتقـ ـلقش كل حاجة هتكون على حسا’بنا إحنا مش هتشيل هم حاجة، إحنا محتاجينك يا “شـهاب” أنتَ بسم الله ما شاء الله عليك كُنْت أكـ ـفئهم عندي وأنا بصراحة محتاجك ترجع تاني عشان كدا جيت أبلـ ـغك باللي هيحصل بإذن الله الفترة الجاية.
أبتسم “شـهاب” حينها وظهر الحز’ن على تقا’سيم وجهه ليبتسم إليه “ليل” الذي مَدَّ ذراعه نحوه يضمه إلى أحضانه يحتو’يه فهو يعلم أن والده قد ر’حل منذ أن كان صغيرًا ولَم يتبقى سوى والدته التي تركتهما كذلك منذ عامٍ لتتزوج بأخرٍ ليصبح هو فر’يسةٌ سهلة للما’ضي حينما يكون و’حيدًا ورفيقًا لظُـ ـلمته التي عاهـ ـدته على عدم التخـ ـلي عنه مهما حدث.
فيما شعر “شـهاب” لمرته الأولى بالد’فئ في أحضان هذا الر’جُل النبيل الذي لَم يخلـ ـو يده مِنهُ بل مازال متمـ ـسكًا بهِ ير’فض تر’كه مهما كلفه الأمر، هو حيثُ لُقِبَ عليه منذ زمنٍ الأب الشا’مل، حيثُ كان خيرُ رفيقٍ إلى أولا’ده وأحنهم عليهم وأكثرهم خو’فًا كذلك، ضم الحفيد الخامس عشر إليه فمنذ أن رآه وأحبَّه أصبح كأحفاده هو وأخيه الذي تولى دور الأب والأم مع أخيه الكبير وكان جد’يرًا بالمسؤ’ولية بحـ ـقٍ.
_حـ ـقيقي أنا مش لاقي كلام أقوله، أنتَ طيب أوي وتستا’هل الخير كله ربنا يجازيك ويباركلك أنا حـ ـقيقي أول مرة أقول كدا وأحس بالمشاعر دي بس أنا بحسك زي أبويا بالظبط على طول معايا وبتسأل عليا ومش مأ’ثر مِن ناحيتي خالص رغم مشاغـ ـلك، أنا حـ ـقيقي بحبك أوي.
أبتسم “ليل” وشـ ـدد مِن عناقه إليه ممسّدًا بكفه الأخر على خصلاته ثم لثم رأسه جا’برًا لخاطر يتيـ ـمٍ فقـ ـد أعز ما يمـ ـلُّك وعلى الرغم مِن ذلك مازال يحا’رب الحياة ويسـ ـعى بها رغم ما أصا’به، فيما كان “شُـكري” يتابعهما مبتسم الوجه وهو يرى حُبّ أخيه إلى رب عمله الذي رأى بهِ جانبًا نـ ـقيًا وحنونًا على غيره.
صدح رنين جرس المنزل الدا’خلي يعلنهم عن زائرٍ إليهم ولذلك تولى “شُـكري” هذا الأمر وذهب حتى يرى مَن الطارق تاركًا إياهما سويًا، فـ ـتح الباب لينصد’م مِن وجودها أمامه، عادت؟ نعم لقد عادت ولَم تأبى بتحذ’يراته بتا’تًا، وقف متجـ ـمدًا أمامها متفا’جئًا مِن جر’اءتها وقدومها إلى هُنا، فيما كانت هي تقف أمامه والعبرات تغر’ق صفحة وجهها وعينيها قد أكتـ ـستهما الحُـ ـمرة فبعد أن ضا’قت بها الدُنيا جاءت إلى حيثُ كانت تنتمي مِن جديد علَّهُ يشـ ـفع إليها قليلًا ويتأ’ثر.
ولَكِنّ ليس كل ما نتمناه ننا’له حقًا فبعد أن كانت تأمل بأ’ن يقبل بها حينما يراها كالشـ ـريدة هكذا رأت القسو’ة والجمو’د في تقا’سيم وجهه ونظرته إليها وكأنها أر’تكبت جُر’مًا مشهو’دًا في حـ ـقه لَن يُغفر لها، وعلى حين غرّ’ة أمسك ذراعها بعنـ ـفٍ يقـ ـبض عليه وكأنه يشفـ ـي غـ ـليله مِنها لتبدأ إمارات الآ’لم تُسـ ـيطر على معالم وجهها التي إنكمـ ـشت متأ’وهةً ليقول هو مِن بين أسنانه المطبـ ـقة بصوتٍ خا’فت حتى لا يثـ ـير إنتباه القا’بعين في الداخل قائلًا:
_أنتِ إيه يا شيخة؟ مبتحسيش معندكيش حبة فهم تفهمي كلامي؟ أنا قولتلك متعتبـ ـيش عتبة بيت عيلة “العطار” صح مش نبهـ ـت عليكِ؟ أوعي يغُـ ـرك شويه الدموع دول هيأ’ثروا فيا لا أنا لسه منستش اللي عملتيه ومش هنسىٰ إني أتبا’عت أنا وأخويا عشان را’جل غر’يب، اللي بيتصرف مِن د’ماغه زيك كدا مِن غير ما ياخد رأي البها’يم اللي عا’يشة معاه تستحـ ـمل النتايج بعد كدا اللي هيجـ ـرالها وأنتِ وقتها جر’يتي وراه ونسيتي كل حاجة بس عشان عايش بره، أمشي … أمشي بدل ما أند’مك عندنا ناس مهمة جوه متفـ ـضحيناش، أمشي.
أنهـ ـى حديثه ود’فعها بعـ ـيدًا عنه وهو ينظر إليها محتقـ ـرًا إياها والأشـ ـمئزاز با’ئنًا على تقا’سيم وجهه ونظرته لها لتراه يستعد لإغلا’ق الباب في وجهها لتشعر بأمالها تتبخـ ـر ولَكِنّ لن تستسـ ـلم وستحا’رب حتى تعود إلى مكانها الصحيح مِن جديد ولذلك ركضت نحوه ومنـ ـتعه مِن إغلا’قه للباب وهي تنظر إليه متحـ ـديةً إياه على عد’م الأستسلا’م أو التخـ ـلي عن حـ ـقها فيهما مهما حدث وستحا’رب لأستعادة و’لدها الذي يقف في مو’اجهتها الآن يتحـ ـداها ويرفـ ـض بقاءها معهما.
_لو فاكر نفسك هتمـ ـنعني إني أدخل البيت اللي أتجوزت فيه وربيتك أنتَ وأخوك فيه وكبرتكم وصرفت عليكم حتى بعد ما أبوك ما’ت وجر’يت هنا وهنا عشان أجيب حـ ـقكم فميراث أبوكم اللي نهبـ ـوه أخواته فكر’شهم ولولايا كان البيت دا بقى تحـ ـت إيديهم تبقى غـ ـلطان يا “شُـكري”، أنا حا’ربت فالدنيا دي كتير ولسه لحد دلوقتي بحا’رب فيها وسا’كتة مبتكلمش عشان لو أتكلمت هنز’عل مِن بعض أوي، ولعلمك لسه بحا’رب وهحا’رب عشان خاطر الغـ ـلبان اللي جوه دا محتاجني وأنتَ اللي ما’نعني عنه، أنا مش هفر’ط فحـ ـقي، سامع!.
أنهـ ـت حديثها المتحـ ـدي إليه وهي تر’مقه بنظرةٍ متحـ ـدية، كان يريد مَن يقف أمامه النـ ـد بالنـ ـد وها هي قد أتخذت قرارها فإن كانت ضعـ ـيفة فلن يجدي هذا نفعًا يجب أن تكون قو’ية أمامه حتى تستطيع السيطـ ـرة عليه وترو’يضه حتى لا يخر’ج أكثر مِن ذلك عن طو’عتها، فيما تفا’جئ هو كثيرًا فكان يتوقع رؤية ضُعـ ـفها وقـ ـلة حيـ ـلتها وأستسلا’مها أمام هيمـ ـنته وتمر’ده ولَكِنّ هذه المرة قد فا’قت توقعاته كثيرًا ليرى التحد’ي في عينيها والتمر’د في شخـ ـصيتها مثلما كانت حينما مَدَّت يدها في بر’اثين أعمامه لإستر’جاع حـ ـقهم الشـ ـرعي ولَم تأبى لأحدٍ مِنهم حينها فصاحب الحـ ـق لا يخـ ـشى في إستر’جاع حـ ـقه مهما حدث.
وصلها ضحكات و’لدها الأكبر والذي كان دومًا ير’تمي في أحضانها يحتـ ـمي بها مِن قسو’ة الحياة منذ صغره ويقوم في وقتٍ آخر بالد’فاع عنها والوقوف أمام أعمامه النـ ـد بالنـ ـد حتى لا يؤذ’يها احدٌ مِنهم، حبيب القلب الذي كان حنونًا عليها مازال يريدها ومازال يتمـ ـسك بها وهي لن تخيـ ـب ظنه بها مِن الآن فصا’عدًا.
_”شـهاب”! “شـهاب” أنا جيتلك يا حبيبي، “شـهاب”!.
صر’خت بأسمه تخبره أنها عادت إليه حتى تعوضه عمَّ ضا’ع، صر’خت حتى يأتي ويعانقها ويخبرها أنه مازال يريدها وتخبره أنها كذلك وسترافقه حتى مما’تها، فيما كان الآخر متفا’جئًا وحاول د’فعها كي يُغـ ـلق الباب ولا ينتبه أخيه وضيفهم إلى تلك الفضا’ئح في منظوره هو، ولَكِنّ قد سـ ـرقه السـ ـيف العُزل وجاء صوت “ليل” مِن خلفه يقول:
_في إيه يا “شُـكري”؟ إيه اللي حصل ومين السـ ـت دي خليها تدخل.
حينها شعر الآخر بالغضـ ـب الشـ ـديد تجاهها ليحاول تصـ ـليح الأمر خصيصًا حينما رأى أخيه يقترب مِن مو’قعهم متلـ ـمسًا الجدار لا يفهم ما يحدث:
_في إيه يا “شُـكري” بتز’عق مع مين إيه اللي حصل؟.
حينها نظرت إليه “نهى” والدته بعينين ملتمـ ـعتين وقد ظهرت الإبتسامة تزين ثغرها لتقول بنبرةٍ مضطـ ـربة:
_”شـهاب” حبيبي، أنا يا حبيبي، أنا اُمّك.
توقف فجأ’ةً مكانه حينما وصله صوتها ليشعر بنبـ ـضات قلبه تعلـ ـو داخل قفـ ـصه الصد’ري مصد’ومًا فلَم يكُن يتوقع أن تعود إليه مِن جديد، لا يعلم ماذا أصا’به، التشـ ـتت، أمّ أنه يتهيئ إليه ذلك، هل أشتيا’قه إليها يهيئه أنه يستمع الآن إلى صوتها؟ جاءت حتى تقترب مِنهُ وتضمه إلى أحضانها أوقفها “شُـكري” مِن جديد غير سا’محًا إليها بالولوج مرةٍ أخرى، نظرت إليه “نهى” بعينين باكيتين لترى القسو’ة في عينيه وعد’م القبول على تقا’سيم وجهه مازال يُعا’ند ومازال يُكا’بر ويتمر’د، شعر “ليل” بحِـ ـدة الأجواء لينظر إلى “شـهاب” الذي كان شاردًا والعبرات متجـ ـمعة في مُقـ ـلتيه، يريدها ولَكِنّ أخيه يقف في طريقه كالشو’كة الحا’دة العا’لقة في الحـ ـلق.
ولذلك أراد أن يُهـ ـدئ مِن حِـ ـدة الأجواء ولذلك أقترب مِن “شُـكري” ممسكًا بذراعه ير’دّعه عن فـ ـعله ليلتفت إليه الآخر ينظر لهُ ليأتيه الردّ مِن “ليل” الذي مازال يتمتع بالحكـ ـمة والتعقل حتى تلك اللحظة:
_مهما كانت المشا’كل كبيرة ومكلـ ـكعة والغـ ـلط كله عليها فمينفعش تطـ ـرد أمك مِن بيتكم مهما حصل، أمك ثم أمك ثم أمك، ٣ مرات يا “شُـكري” يعني تخا’ف لو مبقتش را’ضية عليك لو خا’لفت طو’عها، ثم إنها واحدة سـ ـت مينفعش تتر’مي فالشارع ولا’د الحر’ام كتير ودي سـ ـت كبيرة، وبعدين هي جاية ند’مانة أهي وحست بغـ ـلطها راجعة تصـ ـلحه وتاخد ولا’دها فحضنها تاني، وار’د الإنسان يغـ ـلط مش هقولك مبيـ ـغلطش لا كلنا خطا’ئين ومليا’نين عيو’ب مفيش حد فينا ملا’ك، هي جّربت وعا’شت وشافت ونـ ـدمت ورجعت تاني للي دايـ ـمين ليها واللي مهما تغـ ـلط يصلـ ـحولها أغلا’طها مش عيـ ـب ولا حرا’م، أوعى تقـ ـسى عليها ولا تخر’ج عن طو’عها الأم لو راحت صدقني مبتتعو’ضش دا كلام مِن واحد كان تحت طو’ع أمه طول عُمره وكان حر’يص على إنه ميز’علهاش ولو بالغـ ـلط، هتعرف معنى كلامي بعدين يا “شـكري” أنتَ لسه شا’ب صغير ور’اجلها مِن بعد والدك الله يرحمه ومسؤ’ول عنها أخوك مش هيفضل معاك على طول مشاغـ ـل الحياة بتـ ـلهي البني آدم، صح ولا كلامي في حاجة غـ ـلط؟.
صمـ ـت حينها “شُـكري” ولَم يتفوه بحرفٍ واحدٍ فحديثه أسـ ـكته تمامًا وجعله يشعر أيضًا بالحر’ج ولَكِنّ ذكريات هذا اليوم السـ ـيء يُعكـ ـر صفو’ه فر’غمًا عنه كلما تذكر تو’سلات أخيه إليها أمام هذا البغـ َيض يجُـ ـنَّ جـ ـنونه، حرك رأسه برفقٍ بعد أن أستطاعت ذكريات هذا اليوم تُجـ ـبرهُ على التمـ ـسك بقراره نحوها ولذلك شعر بهِ “ليل” الذي حاوطه بذراعه وقال بنبرةٍ هادئة:
_طب سيـ ـبها كدا تروح لأخوك ووقتها غـ ـصب عنك مش هتتكلم ولا تمشيها.
نظر إليه “شُـكري” ليراه يبتسم إليه يؤ’كد على فعل ما قاله ليبـ ـتعد عن مر’ماها بخطى هادئة لتشعر هي بالسعادة حينما رأت تأ’ثير هذا الرجُل عليه كيف لا وأسلوبه يُجـ ـبر المتجـ ـبر على الخضو’ع إليه؟ حينها أتسـ ـعت أبتسامتها وألتمـ ـعت العبرات في مُقـ ـلتيها لتولج بخطى واسعة تخطـ ـتهما وأقتربت مِن و’لدها البكـ ـري الحبيب الذي كان أولى فرحتها، وقفت أمامه تنظر إليه وتتأمل معالم وجهه الحبيبة التي كانت تشتا’ق إليها كل ليلة.
أشتا’قت لنظرته إليها وبسمته المشر’قة التي تجعل يومها سعيدًا دون أ’دنى مجهو’دٍ مِنهُ، أشتا’قت لمناداته وعناقه وخو’فه عليها وحنانه اللا متنا’هي، كم هي غـ ـبية لتفضـ ـيلها لذاك الغر’يب على هذا الحبيب الحنون، ر’فعت كفيها المر’تعشين وحاوطت وجهه بينهما لترى عبراته تسـ ـقط على صفحة وجهه حينما شعر بكفين نا’عمين يعلمهما عن ظهـ ـر قلبٍ يعانقان وجهه.
تهتـ ـك صوت أنفا’سه مع صوت أنفا’سها لتراه يُبـ ـعد كفيها عن وجهه وصدقًا شعرت بقلبها يسـ ـقط أرضًا، هل كر’هها توًا ولَم يعُد ير’غب وجودها بعد منذ هذه اللحظة؟ ولَكِنّ ضر’ب بظنونها عرض الحا’ئط حينما رأته ير’تمي داخل أحضانها باكيًا، تفا’جئت كثيرًا وجحـ ـظت عينيها بعد’م استيعاب وهي لا تصدق ما تراه عينيها، أهو حقًا يُعانقها ويتشـ ـبث بها وير’فض تر’كها ويُطالبها ببقاءها معه.
_محتاجلك، أقسم بالله محتاجلك أوي، بس فنفس الوقت قلبي مو’جوع أوي، أنتِ وجـ ـعتيني يوم ما فضلـ ـتيه عليا وروحتي وسيـ ـبتيني، طب هو’نت عليكِ؟ هو’نت عليكِ وأنتِ شيفاني بالحالة دي وقومتي برضوا سيـ ـبتيني، “شُـكري” شا’ل حِمـ ـل تقيـ ـل أوي مِن بعدك ليه كدا.
عا’تبها وألقـ ـى اللو’م عليها فيـ ـحق إليه في هذه اللحظة بفعل ما يشاء، أما هي فقد طبقـ ـت عليه بذراعيها وشـ ـددت مِن عناقها إليه وهي تبكي بصمـ ـتٍ تتشـ ـبث بهِ مثلما هو متشـ ـبثًا بها الآن وكأنه كان كالطفل الشـ ـريد الذي يبحث عن والدته بين هذا الحـ ـشد الكبير مِن الأُناس حتى وجدها أخيرًا في نها’ية تلك الحر’ب تقف في سا’حتها تفرد ذراعيها في الهواء تدعوه للإنضمام إلى عناقها ليكون هو مُـ ـلبيًا لها دون أن يُعا’رضها.
نظر حينها “ليل” إلى “شُـكري” نظرةٍ ذات معنى وأبتسم قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_صدقتني، شوفت هو محتاجلها أزاي؟ مش هيقدر يستـ ـغنى عنها مهما حصل لأنه محتاجلها فحياته وأنتَ كمان محتاجلها بس بتعا’ند نفسك وشايف إنك قا’در تقسـ ـى عليها زي ما هي قسـ ـيت عليك وسا’بتك أنتَ وهو ومشيت مش هتقدر أنتَ تعمل زيها، أنتَ بتحبها وهي بتحبك وأوي كمان، متخسر’هاش يا “شُـكري”، متخسر’هاش هي بتحبك، أنا لو مكانك أستغـ ـل كل لحظة معاها أتر’مي فحضنها وأبو’س إيديها وأرو’ح مع أخويا أحضنها وأعتذ’رلها على الكلام اللي خـ ـدته، أمك غـ ـلبانة وأنتوا رجا’لتها دلوقتي وسنـ ـدها فالدُنيا دي، يلا فُـ ـك ور’وح خُدها فحضنك وفرَّح أخوك اللي فرحه بعد ٤ أيام، لو مش عشانها عشانه على الأ’قل حالته النفـ ـسية أهم عشان هتنفعنا وقت العمـ ـلية، يلا وأغـ ـزي الشيـ ـطان.
أستطاع إذ’ابة هذا الثلج المتجمـ ـد وإحتوا’ءه بخبراته في هذه الحياة فهو يعلم الما’ثل أمامه مِن نظرة عينه يقرأ ما في رأسه حينها ولذلك يتخذ أسلوبه الخاص معه، فيما عنه هو فقد تأ’ثر بحديثه بالفعل وشعر بالذ’نب يتملّـ ـكه نعم تد’مرت حياتهما في تلك اللحظة ولَكِنّ الذكي الذي يعود لإصلا’حها سريعًا قبل أن يزد’اد الجفا’ف بينهم وهي قد عادت إلى رُشدها بعدما تعلمت مِن أخـ ـطاءها وعَلِمَت أن لا شيء سيدوم لها سواهم.
تقدم مِن والدته بخطى هادئة وكأنه عاد طفلًا صغيرًا شعر بالخو’ف مِن والدته بعدما أخـ ـطأ خـ ـطًأ فا’دحًا، وقف أمامها ينظر إليها دون أن يتحدث فيما رأته هي وعَلِمَت ما يشعر بهِ ويريده ولذلك أبتسمت إليه وعبراتها تتسا’قط على صفحة وجهها لتفرد ذراعها الآخر إليه تدعوه لعناقها مبتسمة الوجه فمهما قسـ ـىٰ وتمر’د فسيظل دومًا يند’م على أفعا’له ويعود إليها.
ولذلك ألتمـ ـعت مُقـ ـلتيه بالعبرات وسريعًا كان يُلبـ ـي مطلبها مر’تميًا مع أخيه داخل أحضانها لتطـ ـبق هي كذلك بذراعها عليه لتشـ ـدد مِن عناقها عليهما والآن فقط شعرت بالراحة حينما جاورتهما مِن جديد وقام هذا المتمر’د بمسا’محتها فلَم تعُد تُريد شيئًا بعد الآن.
_________________________
<“الو’فاء بالوعود دَّ’ينٌ، والدَّ’ينُ حـ ـق.”>
اليوم، حيثُ بداية الأمتحانات للعام الدراسي الأخير للثلاثي “عادل” و “يزيد” و “عـز” كلٌ مِنهم داخل لجـ ـنته الخاصة، ولج “يزيد” حا’ملًا حقيبته على كتفه متجهًا إلى مقعده حيث يجلس خلف صديقه الحبيب، رأى “مُـهاب” يجلس أولًا وخلفه “وهـيب” وفي الأ’خير “يزيد” الذي جلس قبل أن ينطـ ـلق موعد الأختبار ليرى “وهـيب” يلتفت إليه ومعه “مُـهاب” الذي قال محذ’رًا إياه:
_ولا مِن الآخر لو قولتلك على سؤال ومخدتش إجابته فثانيتها لأشـ ـرحك تحت وما حد هيسمي عليك آمين؟.
أبتسم حينها “يزيد” وأشار بسبّابته على عينيه ليعاود “مُـهاب” جالسًا كما كان ثم يليه “وهـيب” الذي كان هادئًا كعادته، صدح صوت المُشرف عا’ليًا يُعطي تعليماته على الجميع قائلًا بنبرةٍ صا’رمة:
_أي شنطة على الأر’ض، الساعة تبقى فالشنطة معاها التليفون مقفو’ل خالص أي تليفون هلاقيه مفتو’ح محضـ ـر غـ ـش على طول، مش هعيد كلامي تاني وممنو’ع تبا’دل الأدوات كل واحد معاه أدواته، ممنو’ع الكتابة على ورقة الأسئلة، أسمك ورقم جلوسك على الورقة.
_ما خلاص بقى حفظنا بقالنا أربع سنين بنسمع نفس الجملة.
نطـ ـق بها “مُـهاب” بنبرةٍ مليئة بالضـ ـيق ليشعر بـ “وهـيب” يز’جره في كتفه مِن الخلف ليلتفت إليه ير’مقه بضيـ ـقٍ ليقوم بردّها إليه، بينما كان “يزيد” يقوم بمحادثة أخيه الذي كان يخبره بأن يقوم بإغلا’ق هاتفه حتى لا تحدث مشـ ـكلةٌ أخرى معه ليشا’كسه حينها والابتسامة تزين ثغره بعد أن كتب إليه عِدة كلماتٍ ممازحة:
_يا ابني متخا’فش أوي كدا، وبعدين أنا قولت أ’طمن على خطيبتي قبل ما أقفـ ـل خالص.
_يا عمي خطيبتك كويسة وزي الفُل ممكن تقفـ ـل بقى وتركز أبوس إيدك.
ضحك بخـ ـفةٍ ولذلك أخبره أنه سيغـ ـلقه ليفعل ذلك بالفعل ويقوم بوضعه في حقيبته زافـ ـرًا بعمـ ـقٍ ليراهم بدأو بتوزيع الأوراق عليهم ليبدأ بذِكر ربه وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم حتى وضع المراقب الورقة أمامه لينظر بها “يزيد” مجـ ـحظ العينين ليقول مذهولًا:
_يا نهار اسو’د!.
ألتفتا إليه كلًا مِن “وهـيب” و “مُـهاب” وكلاهما قد أبتسما إليه بسمةٍ سا’خرة ليأتيه ردّ “مُـهاب” السا’خر قائلًا:
_شكلنا كلنا هنشـ ـيل أوبح ونصيف مع الدكاترة فشرم.
_السُـ ـخنة بعد إذنك.
كان هذا ردّ “وهـيب” عليه بعد أن سمع تمتماته الخا’فتة، ومرّ بهم الوقت البعض عجـ ـز عن إكمال الإختبار والبعض الآخر يأس وقام بالمغا’درة وهو يدعو على مَن وضع الأختبار والبكاء يحو’مه وهو حتى الآن يشعر بالعجـ ـز أمام هذا الأختبار فحتى الآن هو لا يضمن درجات الأجتياز ولَكِنّ شعر أنه لن يقدر على الإكمال ولذلك نهض وقام بتسـ ـليم ورقته بعد أن شعر أنه سيحد’ث لهُ شيئًا بسـ ـبب هذا الأختبار، وحينما خر’ج رأى الفتيا’ت تبكي والشبا’ب يحاولون التما’سك قدر المستطاع وكل ما يُسمع حوله:
_حسبي الله ونعم الوكيل … دا أمتحان دا؟ … مِـ ـنُه لله اللي حطه.
وقف ينتظر أولا’د عمومته وهو شارد الذهن يُفكر هل سيجتازه أم سيرسُـ ـب بهِ؟ حتى الآن لا يعلم ماذا ينتظره وباتت العديد مِن الأفكار السو’د’اء تقـ ـتحم رأسه حتى أنتشـ ـله سريعًا صوت غُـوثه الذي قال:
_”يزيد”، واقف كدا ليه ومفتـ ـحتش تليفونك ليه يا ابني قلـ ـقتني عليك وقولت أجّرب أدخل فالز’حمة دي والحمد لله يعني محدش خد باله … في إيه يا “يزيد” وشك يضر’ب يقلـ ـب كدا ليه إيه اللي حصل؟
نظر إليه “يزيد” حينها وهو يشعر بالعديد والعديد مِن المشاعر السـ ـلبية، خو’فٍ ور’عبٍ بعد ما رآه اليوم وعجـ ـزه في تأ’دية هذا الأختبار لير’تمي داخل أحضانه يعانقه قائلًا:
_الأمتحان كان وحـ ـش أوي يا “حُـذيفة”، كان صعـ ـب أوي وأنا حسيت إني عاجـ ـز مش بعيـ ـد كان جرا’لي حاجة بجد أنا حسيت إني همو’ت يا “حُـذيفة” قومت سلّمت الورقة ومشيت.
ضمه “حُـذيفة” إلى أحضانه ممسّدًا على ظهره برفقٍ يو’اسيه قائلًا:
_ولا يهمك يا حبيبي مش مهم، المهم أمتحان الآخرة.
_”حُـذيفة” بالله عليك أنا ما متحـ ـمل واللهِ بقولك حاسس إن هيجرا’لي حاجة وأنتَ جاي تهزر.
_ياض بخـ ـفف مِن عليك، وبعدين ما أنا بتكلم صح أمتحان الآ’خرة أهم مِن أمتحانات الدكاترة، رَوَق “نوران” عملالك صينية مكرونة بالبشاميل وحبة ورق عنب مقولكش، تقريبًا كدا عندها الحسة السادسة.
أنهـ ـى حديثه وبدأ يوا’سيه ويُخـ ـفف مِن الأعبا’ء المتكا’لبة على كتفيه قليلًا ليرى حالات مئات الطُلاب أمام عينيه ليزفـ ـر بعـ ـمقٍ ثم قال بنبرةٍ مشـ ـفقة على حالهم:
_لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حسبي الله ونعم الوكيل.
وبعد مرور دقائق معدودة.
أقترب كلًا مِن “عادل” و “عـز” وكلاهما حالتهما المز’اجية متنا’قضة حيث وجو’م “عادل” وسعادة “عـز” ولذلك لَم يكُن صـ ـعبًا على “حُـذيفة” تفسير الأمر ولَكِنّ رغـ ـم معرفته سألهما ليأتيه الردّ أولًا مِن “عادل” الذي قال منـ ـفعلًا:
_زي الز’فت وكله خا’رج بيعيط واللي راح على المستشفى بسـ ـبب الضـ ـغط النفـ ـسي، أنا مش عارف بيعملوا فينا كدا ليه بجد أنا قسمًا بالله العلي العظيم ما’سك نفسي بالعا’فية، وربنا ما’سك نفسي بالعا’فية عشان دا مش عد’ل ربنا إن ناس تغـ ـش وتقفـ ـل المادة فنص الوقت واللي زينا اللي طا’فحين المُـ ـر طو’ل السنة نتساوى بيهم.
أشـ ـفق عليه فحاله مِن حال أخيه الذي حتى الآن متما’سكًا، مَدَّ يده وربت على كتفه برفقٍ ثم ضمه موا’سيًا إياه فيعلم هذا الشعور المقـ ـيت جيدًا، نظر إلى “عـز” الذي أخفـ ـى سعادته بإختباره مراعيًا مشاعر الرفيقين وبدأ بموا’ساتهما سويًا.
نظر “حُـذيفة” حوله ليرى أنظار البعض موجهة إليهم كيف لا ومعضـ ـلة أخيه لَم تنحل بعد فقط ينقـ ـصه عدة خطواتٍ بسيطة وسيستعيد حـ ـقه أمام الجميع ما كان يُعر’كل سيره كانت صـ ـحته والآن حمدًا لله لقد تحسـ ـن الوضع كثيرًا وعاد إلى سابق عهـ ـده ينقـ ـصه فقط الو’فاء بالو’عد إلى أخيه.
يلتزمون الصمـ ـت في طريقهم إلى القصر بعد أن أصطـ ـحبهم في سيارته والهدوء يعـ ـمُ المكان، صدح رنين هاتفه عا’ليًا يعـ ـلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن ابن عمه ورفيقه الرو’حي الذي أعطاه ما يسـ ـعى إليه حينما قال:
_مبروك يا عمنا، الفر’ان و’قعت فالمصـ ـيدة خلاص، حـ ـق أخوك را’جع الليلة دي.
“سقو’ط الفئر’ان لا يدُل على ذكاءهم..
بل يدُل على غبا’ءهم لسـ ـعيهم خلف ما يُحبون”
______________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *