رواية وعود الليل الفصل السادس والعشرون 26 بقلم نداء علي
رواية وعود الليل الفصل السادس والعشرون 26 بقلم نداء علي
رواية وعود الليل البارت السادس والعشرون
رواية وعود الليل الجزء السادس والعشرون

رواية وعود الليل الحلقة السادسة والعشرون
هل تُنسى الوعود، أيمحو أنين الأيام ملامحها الواضحة فتصبح باهته؟!
أيعتاد القلب مع كل وعد كاذب ألا يصدق ما يقال ام يستمر القلب في حماقته؟!
نفخت كاريمان بتعب وهمست لأكرم :
شوفلنا أوبر يوصلنا عند ماما سميرة بسرعة الله يكرمك، أنا أول مره في حياتي أتعب من المواصلات كده.
أكرم ضمها بخفة واعتذرلها وهو بيقول
حقك عليا، إحنا سافرنا طيران فكانت الرحلة خفيفة لكن للأسف الفلوس كلها خلصت ويدوب حجزت تذاكر الباص.
كاريمان حاولت ترسم ابتسامة على وجهها وتهون عليه رغم تعبها الحقيقي:
ياحبيبي أنا مبسوطة جدا ومش زعلانة كل الحكاية إني منمتش خالص ومرهقة، والحقيقة بقى تعبت من الأكل بتاع الفندق والمطاعم ونفسي في أكل ماما.
أكرم وهو بيسمعها وبيرد عليها كان شاور لتاكسي وقاله على عنوان بيتهم وكاريمان سألته بتعجب
إحنا مش هنروح لماما الأول زي ما اتفقنا.
أكرم : هنروح لأمي نسلم عليها عالسريع لأنها بتنام بدري، وان شاء الله قبل العشاء هنروح لطنط، اتفقنا؟!
كاريمان هزت رأسها وسكتت طول الطريق، وهو كمان سكت لأنه فعلاً وعدها يروحوا الأول لسميرة لكن لما كلم والدته وسمع صوتها ولهفتها على وصوله حس إنه هيتسبب في مشكلة وزعل يقدر يتفاداه لو بدأ الأول بزيارتها خاصة إنها بطبعها بتنام بعد صلاة العشاء علطول علشان تقوم تصلي الفجر في معاده.
وصلوا بيت جليلة وأكرم كان مشتاق لها جدا، خبط على الباب ٣ مرات بحماس، دقة متعودة تسمعها جليلة وكأنها نغمة مش مجرد خبط، جريت بكل قوتها وفتحت لابنها، حضنته بحب وسعادة وهو ارتاح جوة حضن والدته واستكان، بعد دقايق اتكلمت جليلة بترحاب ممزوج بالاحراج:
معلش يا كاريمان ياحبيبتي، وقفتك على الباب والله يابنتي من لهفتي على أكرم، متعرفيش وحشني أد إيه.
قربت كاريمان ومدت ايدها تسلم بابتسامة رقيقة، شدتها جليلة وحضنتها بحنو.
دخلوا الثلاثة للبيت، وأول ما قعدوا في الصالون أكرم سأل والدته:
طابخلنا إيه يا ماما، أنا واقع من الجوع.
جليلة : كل اللي قلبك يحبه، أنا من أول ما عرفت انكم جايين بالسلامة واقفة في المطبخ.
باس ايديها بامتنان وكاريمان قامت من مكانها وسألت جليلة:
اساعد حضرتك إزاي، المطبخ فين علشان احط معاكي الأكل.
جليلة وقفت وقعّدت كاريمان جنب أكرم وهي بتضحك وبتقول:
اقعدي جنب جوزك، أنتم جايين من سفر، أنا هغرف وهعمل كل حاجة.
وبالفعل قامت جليلة بوضع الطعام، أصناف مختلفة ورائحتها شهية.
أكرم : يا الله، مفيش أكل في الدنيا أطعم من اكلك ياست الكل.
جليلة ردت بسعادة : ألف هنا وعافية على بدنكم يابني، بس كاريمان مأكلتش كويس، شكل الأكل معجبهاش.
كاريمان : لا والله أبدا، الأكل جميل جدا بس أنا معدتي مقلوبة من السفر ورغم كده الأكل من حلاوته خلاني اكل كتير.
جليلة : ربنا يجبر خاطرك يابنتي، يلا يا أكرم خد مراتك خليها تدخل تغسل ايديها وترتاح وأنا هخلص واعملكم الشاي.
كاريمان : بعد إذن حضرتك خليني اشيل الاكل وهغسل الأطباق، أنا أكلت كتير وعاوزة اتحرك شوية علشان اهضم.
جليلة رفضت بشكل قاطع : لأ، ان شاء الله بعدين هتعملي معايا وتساعديني، دلوقت انتم جايين من سفر وأكيد مرهقين، ارتاحي يابنتي وأنا لو عليا من فرحتي حاسة كأني عيلة صغيرة، عندي طاقة ونشاط يكفوا بلد بحالها.
كاريمان تقبلت كلام جليلة لأنها بالفعل مجهدة ومش قادر تتحرك وأكرم كمان كان بيستمع لوالدته ومراته بعيون شبه نعسانة.
قاطعهم خبط على الباب، جليلة قالت بترقب:
ياترى مين؟!
اتفاجئت جليلة لما شافت اختها وبنتها، هي عارفه ان ابنها راجع مرهق واكيد نفسه يرتاح وفي نفس الوقت عارفه طبع اختها وانها بتطول في الزيارة لكن مفيش حل غير إنها ترحب بهم لأن لو عملت العكس هيزعلوا منها وهي ما صدقت علاقتهم تتحسن.
دخلت نبيلة وأول ما شافت أكرم اتوجهت ناحيته بسعادة وحضنته بقوة وقالتله:
قلب خالتك، انت رجعت بالسلامة.
أكرم سلم عليها وبعد لحظات قالها :
ايوة لسه واصلين، الأجازة خلصت وكان لازم نرجع.
نبيلة تجاهلت كاريمان لحد ما كاريمان اتكلمت بحرج:
أهلا يا طنط، ازي حضرتك.
نبيلة : أهلا يا حبيبتي، معلش بقى أكرم كان وحشني ومخدتش بالي منك.
حنين بنتها اتدخلت وحاولت تصلح موقف والدتها لأنها عارفه أسلوبها كويس وقربت من كاريمان وقالتلها بوجه مبتسم:
أنا حنين، فكراني يا كاريمان.
كاريمان ارتاحت لها جدا وكأنها تعرفها من فترة طويلة ومدت ايديها سلمت بحماس وهي بتقول:
أكيد طبعا يا دكتورة، إحنا اتقابلنا مرة قبل كده.
حنين : كده تمام، طالما فكراني هنبقى أصحاب خلاص.
كاريمان ضحكت وجليلة وأكرم كانوا مبتسمين بهدوء لأن كاريمان بتتعامل بعفوية مع أهلهم، لكن نبيلة رغم ملامحها الغامضة كانت متضايقة جدا من أسلوب بنتها وتواضعها مع أي شخص تتعرف عليه جديد حتى لو كان الشخص ده فرد من أفراد العائلة.
الوقت فات بسرعة وكاريمان كانت قاعدة هي وأكرم يجاوبوا على اسئلة جليلة واختها كأنهم في تحقيق خاصة لما أكرم اتكلم قدامهم عن حادثة الغرق اللي اتعرضتلها كاريمان.
نبيلة : معقول يا كاريمان، في حد بيعرف يعوم كويس يغرق بالشكل ده؟!
حنين : هو البحر له كبير يا ماما، في سباحين وغواصين كبار وبيغرقوا.
نبيلة : ومين يا أكرم اللي انقذها، مفروض الشخص ده تشكروه وتجبوله هدية محترمة
أكرم بص لكاريمان ولاحظ توترها وفهم إنها خايفة حد يعرف موضوع ماريا، هيسألوا مليون سؤال وهتضطر كاريمان تجاوب وهو فاهم موقفها من والدها واختها كويس علشان كده قال لخالته:
أكيد طبعا، ست أجنبية كانت قريبة من كوكي وقدرت تلحقها الحمد لله، وروحنا شكرناها.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
سميرة اعصابها تعبت، أفكار مخيفة هاجمتها، حاولت تتصل تاني على كاريمان أو أكرم ومفيش فايدة، انهارت وبدأت تحس بالرعب، فضلت تدعي ربنا ينجيهم ولما يأست اتصلت على ثابت وهي بتقوله بصوت ضعيف:
مساء الخير يا ثابت، أنا آسفه لو صحيتك
ثابت : أنا صاحي، انتِ كويسة يا سميرة؟
سميرة بدأت تبكي بقوة وكأنها مخزنة البكاء من فترة وهمست بخوف:
مفروض كاريمان هتوصل النهاردة، كلمتني وقالتلي هيوصلوا المغرب، ودلوقت الساعة عدت نص الليل وموبايلها مغلق هي وجوزها كمان، أنا خايفه عليها اوي.
ثابت قلق جدا لكنه قدر يسيطر على مشاعره ويتكلم بهدوء:
ان شاء الله مفيش حاجة، إحتمال اتأخروا لأي سبب أو موبايلاتهم مغلقة.
سميرة بدأت تهدأ لحد ما وسألته:
تفتكر، طيب حتى لو اتأخروا في الفندق ليه كاريمان متصلتش.
ثابت اتكلم معاها وقت طويل وحاولوا يشوفوا حل، اتصل على الفندق وأكدوا إن أكرم وكاريمان تركوا الفندق الصبح وأول ما سمع ثابت الكلام ده بدل ملابسه ونزل ركب سيارته وراح لبيت سميرة علشان يطمنها ويطمن على بنته.
في الوقت نفسه كانت كاريمان قاعدة مع اكرم وأهله بتحاول تجاملهم وتشارك معاهم في أي حوار يفتحوه لكنها استأذنت منهم، قلبها انقبض فجأة، معقول موبايلها صامت، ليه سميرة متصلتش عليها، أكيد نامت، راحت بسرعة تدور على شنطتها وانصدمت لما ملقيتش موبايلها خالص، دورت في كل مكان ولما تعبت خرجت من الغرفة بوجه شاحب وسألت أكرم:
موبايلي معاك يا أكرم، مش عارفه راح فين؟
اكرم قرب منها وقالها:
دورتي عليه في شنطتك؟
كاريمان : دورت في كل مكان، أنا كنت داخلة اتصل على ماما سميرة بس ملقتش الموبايل.
أكرم قالها : استني هرن عليكي، خرج موبايله من جيبه وحاول يتصل لكنه اتفاجأ ان موبايله فاصل شحن، نفخ بخفة وطلب من والدته موبايلها وقالها بأدب:
هاتيلي موبايلك يا ماما، وحطي موبايلي يشحن.
جليلة أعطته موبايلها علطول واخذت موبايله يشحن، أكرم سجل رقم كاريمان وحاول يتصل لكنه الموبايل كان مغلق.
كاريمان طلبت منه بصوت متوتر وعالي بعض الشيء :
اتصل على ماما سميرة لو سمحت، أكيد بتتصل وهتقلق علينا.
نبيلة اتدخلت وسألتها : هو انتِ مضيعة موبايلك يعني يا كاريمان ولا في إيه؟
كاريمان : مش عارفه والله، انا دورت عليه مش لقياه خالص، وأكيد ماما حاولت تتصل علينا كتير وهتقلق.
أكرم اتصل بالفعل على سميرة بعد ما كاريمان قالتله الرقم لكنه قبل ما يتكلم اخذت الموبايل من ايده بلهفة وهي بتقول:
أيوة يا ماما، أنا كاريمان.
سميرة رجليها عجزت عن الوقوف وحست كأن جسمها متخدر من الخوف والقلق، قعدت مكانها وهي بتتأكد بصوت مهزوز:
انتِ بخير ياقلبي، حصلك حاجة يا كاريمان؟
كاريمان اعتذرت مليون مرة وفهمت سميرة اللي حصل لكن كل كلامها كان بدون فايدة لأن سميرة بدأت تشتم كاريمان غضبها كان أقوى من أي تبرير تقوله غضب أم فقدت طفلها، تاه عنها وأول ما رجعلها من خوفها عليه بدل ما تحضنه فضلت تصرخ في وشه وتضربه؛ ، قفلت الموبايل في وشها تحت نظرات الدهشة والترقب والرفض من كل الواقفين حواليها.
نبيلة اتنهدت بضيق وقالت:
هو قي إيه يا ولاد، والدتك مكبرة الموضوع أوي.
جليلة : حقها يا نبيلة، أنا لو مكانها هعمل أكتر من كده، انت غلطان يا أكرم، مفروض يابني أول ما جيتوا عندي كنتم تتصلوا عليها وتطمنوها.
أكرم : عندك حق بس أنا والله خفت إنها تزعل فقولت نروحلها بعد ما نطمن عليكي لكن للأسف الوقت سرقنا.
كاريمان بصت ناحيته بحزن وعتاب وقالت:
أنا لازم اروح حالا لماما أراضيها واعتذر منها.
أكرم من غير نقاش اعتذر من والدته وخالته وبنتها ونزل هو وكاريمان بهدوء ، وقفوا تاكسي وراحوا عند سميرة،.
بعد نص ساعة بالتقريب وصلوا البيت لكنهم اتفاجئوا ان ثابت هو كمان نازل من عربية وطالع معاهم عند سميرة.
أكرم متعرفش عليه لأنه متقابلش معاه قبل كده لكن كاريمان انصدمت لما شافت أبوها ونفخت بضيق لأنها بالفعل غير مستعدة للقاءه هو بالذات في الوقت ده.
ثابت وقف في وش كاريمان اللي كانت متجاهلة نظراته لها:
إيه يا كاريمان، مش هتسلمي عليا.
كاريمان بدون ما تمد ايديها له : أهلا، حمد الله على سلامتك.
ثابت قرب منها وشدها لحضنه فجأة، أكرم كان هيتجنن لكنه حاول يتحكم في غضبه وسأله بلهجة حادة:
انت مين بالظبط؟
ثابت التفت له وهو بيضحك وقاله:
أنا أبوها، حماك بالمصري يعني.
أكرم : أنا آسف لحضرتك، بس دي أول مره نتقابل.ثابت مد له إيده وسلم عليه وهو بينظر إليه بتقييم :
تمام يا أكرم، مش إسمك أكرم برده.
ابتسم أكرم بحرج وبص لكاريمان لقاها لسه مكشرة وحزينة ورد علي ثابت:
أيوة، أنا أكرم يا فندم.
ثابت : يلا يا باشمهندس أكرم نكمل كلامنا فوق، سميرة هتتجنن من القلق عليكم وهي اللي كلمتني لما مقدرتش توصلكم.
كاريمان : وتكلمك انت ليه، هتعرف مكاني منين أساساً؟
ثابت قالها بثقة : عارف مكانكم من أول لحظة سافرتوا فيها ومكان الفندق يا كاريمان، وعارف حاجات كتير جدا عنكم، وعنك يا أكرم.
كاريمان حست إنه بيلمح لحاجة معينة وده ضايقها لأنها رافضة تدخل والدها بأي شكل من الأشكال في حياتها لكنها مهتمتش تجادل معاه واكتفت إنها تطلع لسميرة وتصالحها.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
كاريمان فضلت تخبط عالباب بقوة وثابت وأكرم واقفين مكانهم مستغربين موقفها لكنهم فهموا هي منفعلة بالشكل ده ليه أول ما سميرة فتحت الباب نزلت تهزيق فيهم كلهم.
ثابت ضحك وقالها:
انتِ بتشتمي مين بالظبط يا سميرة، مفترض إني ضيف ومش طرف في الموضوع
سميرة بدأت تهدأ وقالتله:
آسفه، أنا مش بقصدك بالكلام ده.، بعدها رجعت لغضبها وقالت لكاريمان:
. اتفضلي روحي بيتك، جاية ليه دلوقت؟!
كاريمان رمت نفسها لحضنها وانهارت، اعتذرت وهي بتبكي بحرقة :
علشان خاطري يا ماما، والله عمري ما تخيلت إنك هتقلقي بالشكل ده، كل اللي حصل كان صدفة وسوء حظ، سامحيني علشان خاطري.
سميرة : انتِ متخيلة احساسي إيه وأنا فاكرة إنك بعد الشر حصلك حاجة وحشة.
كاريمان سكتت وثابت قال لاكرم بصوت خافت:
الستات فعلاً بتعشق الدراما، ولا إيه رأيك؟!
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
بعد ما الاجواء هدأت نسبياً، سميرة قامت وجهزت عشا خفيف لأنها خمنت ان كاريمان أكلت عند حماتها، عملت كل الأصناف الخفيفة الشهية اللي تجبرك تاكل حتى لو شبعان.
كاريمان مقدرتش ترفض وخافت تزعل سميرة وأكرم هو كمان قعد على السفرة من غير إعتراض، أما ثابت فكان حاسس بالحرج، دي أول مره ياكل في بيت سميرة ورغم إنه جعان جدا اعتذر منهم بشياكة وهو بيقول:
استأذن أنا بقى، المهم إني اطمنت عليكم.
سميرة وقفت قصاده بجدية ورفض تام وقالتله:
والله ما يحصل، أنا أول مره أطلب منك حاجة ياريت متكسنفيش ونقعد تتعشى معانا.
أكرم اتدخل بتردد وقاله:
حضرتك أول مره نتقابل مع بعض، عالأقل نتعشى سوا ويبقى عيش وملح، ولا إيه يا كاريمان.
كاريمان كانت عاوزاه يمشي لكن نظرات سميرة وأكرم أجبرتها تبتسم بصعوبة وقالت لثابت من غير ما تبصله :
خليك اتعشى معانا، لو ينفع.
ثابت اتنهد بخفوت ووافق يتعشى ويتعرف اكثر على زوج بنته
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
في الفندق كانت ماريه بترقص على نغمات أغنية سمعتها وعلقت في ذهنها بشدة، تقريبآ كل يوم بتسمعها، كانت بتتمايل مع الموسيقى وهي حاسة بانطلاق وسعادة، وفي نفس الوقت كانت شايفة إنها رياضة خفيفة علشان تحافظ على وزنها اللي بدأ يزيد بسبب الأكل المصري.
دخل جاسم فجأة وفضل واقف مكانه، بيبص لها بنظرات إعجاب، حب ورغبة، قرب منها وهي التفتت وشافته، مقدرتش تكمل رقص ولا قدرت تتكلم، سألته بتوتر
انت رجعت بسرعةليه؟، مش قولتلي هتنزل الجيم وتتأخر.
جاسم حواسه كلها كانت متجهة ناحية ماريه بشكل مختلف، مشاعر بتأكدله إن ماريه حقه، زوجته ومستحيل يبعد عنها.
شدها لحضنه وهمسلها بخفوت :
أنا بحبك.
تاهت الحروف والكلمات من ذهنها واتجمدت مكانها، قرب منها اكتر ولما شاف إنها مستسلمة لقربه اتجرأ أكثر وكانت بداية لحظات رومانسية جميلة انتهت بأنها أصبحت زوجته بالفعل.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
ثابت اتعشى، أكل وحس بدفء وأمان تاهوا عنه من سنين، ابتسم بينه وبين نفسه وهو بيقارن سميرة بزوجته الأولى أم كاريمان، صحيح هي وسميرة أخوات لكن سميرة زي السواق الشاطر، عنده قدرة على قيادة المركبات بثبات وقوة وكل هدفه الوصول والحفاظ على أرواح اللي معاه، إنسانة هادئة، مثقفة، ست بيت شاطرة، والأهم إنها طاقة متجددة من الحنان وده شافه بعينه وقت غياب كاريمان وخوفها عليها.
شربوا القهوة وقعدوا في صمت دقايق، قطع الصمت ده سؤال ثابت لأكرم :
انت هتسافر امتى، سمعت من سميرة إنك ناوي على السفر.
كاريمان اتفزعت من سؤاله وكأنها كانت ناسية ان ده إحتمال وارد، وأكرم بلع ريقه بتوتر لكنه حاول يتصرف بثبات وقاله:
أن شاء الله لو قدرت ألاقي شغل مناسب هنا، عمري ما هسافر، أنا مقدرش أبعد عن كاريمان ولا عن والدتي
ثابت : امم، يعني لو هتسافر، فيه بلد محددة ناوي تروحها، ولا تهريب ولا إيه؟
كاريمان : تهريب إزاي يعني، لأ طبعاً.
أكرم : لأ، هو ان شاء الله يعني هيشتري عقد عمل لأي دولة وبأمر الله هتتحل.
ثابت حرك رأسه بدون اقتناع وبعدين اتكلم من تاني بشيء من التحفظ:
أنا شايف ان مفيش داعي للسفر، خاصة إنك مش محدد هدف بعينه، تعالى اشتغل في الشركة معانا، وفي كل الأحوال مراتك لها جزء من كل حاجة امتلكها.
كاريمان اعترضت بقوة واتكلمت بأسلوب قاسي :
متشكرين جدا، أساساً أنا بشتغل وأكرم كمان قادر يعتمد على نفسه مش محتاجين لحد، وممتلكاتك دي خليها لبنتك، ماريه.
ثابت فضل مكانه بنفس الهدوء، مكنش متوقع منها غير الرد ده علشان كده كمل شرب القهوة وقالها:
بنتي دي تبقي أختك، وانقذتك من الغرق.
كاريمان كانت هتتجنن من طريقته لكن سميرة شاورتلها بتحذير وقالت :
ممكن نتكلم بصوت هادي شوية ونبطل عصبية، انتِ عارفه إني بكره الصوت العالي.
كاريمان : حاضر، أنا يستأذن حضرتك عاوزة امشي لأن الوقت اتأخر.
ثابت شرب الباقي من قهوته مرة واحدة ووقف بخفة، اتحرك ناحية الباب وقال لسميرة:
الوقت فعلاً اتأخر، متشكر جدا يا سميرة على الأكل الجميل ده.
سميرة ابتسمت بمجاملة وسكتت، أما أكرم فكان محرج من هجوم كاريمان على أبوها ورغم تفهمه لموقفها إلا إنه اتضايق من طريقتها.
نزل ثابت وأول ما اتأكدوا إنه بعد عن الببت، أكرم كلم مراته بحدة وعتاب :
إيه الأسلوب ده يا كاريمان، في حد يكلم أبوه كده؟!
ولا إيه يا طنط!
سميرة كانت بتشيل الأطباق من على السفرة، بصت لكاريمان بطرف عينيها وقالت:
هي عارفه كويس إنها غلطت ومع ذلك مش هقدر ألومها، كل اللي هقوله يا كاريمان إن الأصول بتتعمل مهما كانت الظروف ومع أي إنسان طالما دخل بيتنا.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
وعد بدأت رحلتها الثانية نحو الإنطلاق، بدأ يجيلها هدايا قيمة من شركات معروفه، وطبعاً كل ده تحت إشراف بريق، لكن فجأة وبدون تخطيط كانت قاعدة لوحدها بتختار ملابس تناسب حفلة هتضم معظم البلوجرز المشهورين ورغم إنها لسه جديدة في المجال إلا إنه القبول الرهيب خلاها من بين الأشهر.
حست بدوخة شديدة والمكان بدأ يتحرك حواليها، كان إحساس مرعب وصعب يتوصف، زلزال قوي لكنها مفهمتش إنه هزة أرضية لكنها اعتقدت إنها مريضة والدنيا بتدور بها، العجيب في الموضوع إنها مع احساسها بالموت القريب مفكرتش في حد غير أمجد، اتمنت تشوفه ولو مرة واحدة اخيرة، تعاتبه، تلومه وتسأله ليه؟!
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
جليلة خلصت تنضيف المطبخ وساعدتها حنين بنت أختها، وطول الوقت كانت نبيلة بتلمح لموقف كاريمان ورافضة أسلوبها مع أكرم.
نبيلة : هي يعني الدنيا طارت، ماهي خلاص كلمت أمها دي وطمنتها عليها لزومه إيه تاخد أكرم وتنزل جري كده.
جليلة : أنا لو مكانها هعمل كده، أكرم ومراته غلطوا، مفروض أول ما وصلوا عندي كانوا كلموا والدتها ومنعوا المشاكل والقلق.
حنين ضحكت وهي بتشاور لوالدتها بشماته طفولية
شفتي يا ماما، ياريت بقى تتعلمي من خالتو، كلامها كله عقل وحكمة
نبيلة كانت ماسكة في ايدها فوطة مطبخ، كورتها بغيظ وحدفتها في وش حنين وهي بتقول
تقصدي ايه يابت انتِ، لأ يا حبيبتي هتعملي عليا دكتورة ومثقفة امسكك انتف شعرك بأيدي.
حنين ضحكت بقوة واستخبت ورا جليلة وهي بتقول:
الحقيني يا خالتو، أختك هتعضني.
جليلة مقدرتش تمسك نفسها من الضحك خاصة وهي شايفة ملامح نبيلة ورغبتها إنها تضرب حنين :
جليلة منعتها توصلها وقالتلها :
هتضربي البت بجد يا نبيلة ولا إيه؟
نبيلة : وايه يمنعني، هتكبر عليا.
جليلة : لأ طبعاً، متكبرش عليكي، لكن انتِ تكبريها يا حبيبتي، وبعدين حد يضرب القمر ده، دي حتة سكر.
نبيلة بصت لبنتها وابتسمت، هي فعلاً بنت جميلة جدا تستاهل واحد يقدرها ويحبها، حد يحترمها ويقدر قيمتها، زي أكرم ما بيعامل كاريمان كده.
نبيلة روحت هي وحنين لكن فجأة حنين سألت والدتها بترقب وفضول:
أنا مستغربة جدا علاقتك مع خالتو جليلة، أنا شايفة إنها طيبة جدا وبتحبك، ليه كنتم بعيد أوي عنها قبل كده يا ماما؟
نبيلة : هنعمل ايه بس الدنيا تلاهي، خالتك بطبعها كتومة ومبتحبش تدخل حد في حياتها، ولما أبو أكرم اتوفى خالك طلب منها تنزل البلد وتقعد فيها لكنها رفضت علشان خاطر أكرم، قالت إنها مش هتحرمه من بيت أبوه وتبعده عن أصله، وأنا يابنتي كان غصب عني والله، أبوكي الله يهديه كان كل همه إنها متاخدش مننا فلوس ولا أي مساعدة، انتِ عارفه إزاي بيحب الفلوس وبيخرج القرش بالعافية.
حنين : بس خالتو نفسها عزيزة يا ماما ومش طماعة
نبيلة : ياما قولتله، بس هو صعب، لو شافها مرة عندنا أو عرف إني رحتلها كان بيتجنن ويفضل يدور ويفتش ومع الوقت هي بعدت وأنا قولت كده أريح.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
جاسم كان بيتأمل ماريه وجواه شعور غريب بالذنب، مش فاهم إيه حصله، من لحظات كان في قمة السعادة، ليه اتحولت سعادته لهواجس وخوف.
يمكن اتسرع؟!
لكنه عاوزها، راغب بقربها.
حط رأسه على المخدة من تاني ونام جمب ماريه وهو بيسأل نفسه:
ياترى هو تمم زواجه منها بعد ما عرف من الحارس إن هدى قدرت توصلهم، خاف مثلاً إنها تاخد ماريه وتسافر، بس ده مش مبرر لأنها ببساطة مراته ومتقدرش تسافر من غير موافقته.
اتحركت ماريه بخفة وكأنها بتحلم، ضمها لحضنه وغمض عينيه وهي دفنت نفسها جوة حضنه واستسلم للنوم يمكن يهرب من التخبط والخوف.
في نفس الوقت كان ثابت بيكسر كل حاجة حواليه بعد ما عرف ان هدى قدرت تتحداه وتنزل مصر رغم انه حذرها، إزاي مش خايفه منه ومن معرفة ماريه لأمر خيانتها، يتصرف إزاي ويعمل إيه، اتنفس بغضب لكنه اقسم إنه مستحيل يخليها تفسد حياة بنته مهما كان الثمن .
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وعود الليل)