رواية نعيمي وجحيمها الفصل الثاني والسبعون 72 بقلم أمل نصر
رواية نعيمي وجحيمها الفصل الثاني والسبعون 72 بقلم أمل نصر
رواية نعيمي وجحيمها البارت الثاني والسبعون
رواية نعيمي وجحيمها الجزء الثاني والسبعون
رواية نعيمي وجحيمها الحلقة الثانية والسبعون
بحث عنها في أرجاء المنزل بعد استيقاظه باكرًا على ميعاد عمله اليومي، فتفاجأ بعدم وجودها على التخت بجواره رغم أن اليوم هو إجازة عن العمل في كل الجمهورية وليس المجموعة فقط، وكمان تنبأ بالفعل وجدها بالغرفة المتطرفة من المنزل، والتي خصصتها كمكتبة امتلأت بكتب والدها ومعها الذكريات التي تبقت من والديها الاثنان، بعد زواج شقيقها الكبار، ولم يتبقى سوى ميدو الذي يدرس الاَن ويشاركهم العيش بالمنزل .
توقف قليلًا على مدخل الغرفة بعد أن ولج بهدوء وهي لم تشعر به، فقد كانت منشغلة بمشاهدة شيئًا ما على الحاسوب خاصتها، اقترب يخطو بخفة حتى أصبح خلفها يريد مفاجأتها، ولكن هبطت عزيمته فور أن تبين المحتوى الذي تشاهده بالحاسوب وهذا الحزن الذي ارتسم على محياها، فخرج صوته دون أن يدري باستنكار :
– تاني برضو يا كاميليا؟
اجفلت تنتفض شاهقة لتقول وهي تضع كفها يدها على صــ درها بلهاث:
– حرام عليك يا طارق خضتني.
تنهد يهز رأسهِ بعدم رضا، ثم تمالك ليجلس بجوارها على الإريكة التي كانت جالسة عليها بثني أقدامها أسفلها ليضمها مقبلًا أعلى رأسها بحنان متمتمًا:
– معلش يا قلبي سامحيني لو كنت خضيتك من غير ما اقصد.
تقبلت أعتذاره لتريح رأسها على صدره العريض، وكأنها تستمد منه الدعم، فتابع يشير على الحاسوب الذي وضعته على الطاولة أمامها بعد أن اغلقته سريعًا بعد صيحته:
– انا مش عايز ابقى زو ج سيء واقلبك على أختك يا كاميليا، بس بصراحة بقى بضايق لما الاَقيكي زعلانة على واحدة عايشة حياتها بالطول والعرض ومش سائلة ولا بتعبرك، وانا أسف برضو على كلامي ده معاكي .
ظلت صامتة لبعض اللحظات حتى ظنها غفت، ثم ما لبثت أن تقول بشرود:
– وحشتني يا طارق، قولت ادخل على حسابها واشوف صورها، ما انت عارف هي بقت بلوجر كبيرة وليها الاف المعجبين، بترد ع الناس وكأنها نجمة، بتجيب تفاصيل حياتها وتصور فيدوهات للعيشة المرفهة اللي هي عايشها بعد ما اتجوزت كارم واتحدتنا أنا وبابا وماما كمان الله يرحمهم بقى.
تمتم طارق خلفها بالترحم عليهما ثم قال يخاطبها:
– يعني عايشة حياتها يا كاميليا، يبقى انتي تشيلي همها ليه بقى؟
قالت بأسى :
– لازم اشيل همها يا طارق، دا انا اللي مربياها على إيدي، ودي متجوزتش واحد والسلام، دي اتجوزت كارم ، وانا وانت عارفين كويس اوي مين هو كارم، مش قادرة اصدق إنه زو ج طبيعي معاها.
– وانتي مش قادرة تصدقي ليه بس يا كاميليا؟
هتف بها طارق بانفعال جعلها ترفع رأسها عنه لتواجه، واستطرد هو :
-أختك محدش ضربها على إيدها عشان تتجوزه، دا غير انك بتشوفي فيدوهاتها بنفسك وهي بتستعرض المستوى اللي عايشة فيه قدام الناس، بكل استفزاز لطبقات الشعب المتوسط والفقير… ثم تعالي هنا، هي اختك دي لو مش مبسوطة ايه اللي يخليها تستمر؟ ثم متنسيش كمان ان اخوكي معاها في جناح كارم وبقى ليه وضعه في الشركات.
توقف ليقول بنبرة مترجية:
– انا مش عايزك تقطعي صلة الرحم، لكن عايزك تعيشي حياتك وتنسي، مش عايز اشوف الحزن دا في عيونك، اختك لو محتاجة مساعدة هي عارفة طريقنا كويس ولو سعيدة، تبقي اتمنيلها الخير، وعيشي انتي حياتك زيهم .
اشرق وجهها بابتسامة استجابة لكلماته، ليبادلها هو أيضًا بابتسامة مبتهجة وهو يداعب وجنتها الناعمة بإبهامه مردفًا بغزل:
– بذمتك مش حرام الوش القمر ده يبقى مكشر كدة ع الصبح واتحرم انا من ابتسامتك إللي تسحر دي؟
ازداد اتساع ابتسامتها حتى ظهرت أسنانها البيضاء فهلل مرحبًا:
– يا أهلًا بالشمس اللي نورت الكون، كنت فين من شوية يا شيخة؟ دي الدنيا كانت مضلمة؟
ختم يطبع عدة قبل على وجنتها وشفتيها ليتحضنها بعد ذلك بقوة متابعًا:
– اه لو تعرفي باللي بيحصل جوايا في كل مرة اشوف حزنك ده، بيبقى نفسي اروح لاختك دي واجيبها من شعرها تتأسفلك.
رددت تتنهد بعمق:
– ياريت كان ينفع، كنت عملتها انا من زمان، كنت جيبتها وجوز تها احسن راجل في الدنيا.
– دي سنة الحياة يا كاميليا، كل واحد بيكبر ويختار بنفسه، يبقى يتحمل بقى نتيجة اختياره .
استجابت لغمرته تتنعم بالدفء والحنان الذي يبثه إليها، فقد تأكد لها بالفعل أن طارق هو أعظم اختيارتها، وقد اصبح السند لها بعد رحيل والدها الذي توفي حزنًا على نبيلة بعد ان عرف بمرضها وما عانته في البعد عنه، لتفقد هي الإثنان في عام واحد، ثم تفاجأها شقيقتها بالزواج من كارم بمباركة شقيقها، غير أبهين بغضبها او اعتراضها، أو حتى توسلاتها وكأنها لم تكن يومًا جزءًا أصيلًا في تربيتهم مع الوالد بعد ترك الوالدة.
طرق خفيف على باب الغرفة اخرجها من شرودها لتنزع نفسها عنه مع هتافه على الخادمة بالدخول والتي قالت :
– الست لينا حضرتك مستنية تحت .
أومأ لها لتنصرف قبل ان تسأله كاميليا باستفسار:
– وهي لينا جاية ليه البيت النهاردة؟ واحنا اساسًا خارجين بعد شوية لمشوارنا عند جاسر وزهرة؟
هز رأسهِ بضيق يجيبها وهو ينهض من جوارها:
– ما انتي عارفاها شملولة اوي، اتصلت بيا من شوية تنبهني عن مناقصة الحديد، وانا قولتلها تجيب الأوراق عشان اراجع عليها واقدمها بكرة على طول الصبح.
نهضت خلفه تقول بغيظ هي الأخرى :
– ما هي لو شاطرة كدة في الحياة زي ما هي شاطرة في الشغل كان زمانها في حتة تانية، حد يصدق ان واحدة زي دي تقعد لحد دلوقتي كدة من غير جواز؟
تأوه طارق يمسك بمقبض الباب يقول لها:
– اه يا كاميليا، دا انا لو اقولك على الشباب اللي زي الورد اللي بيتقدمولها ولا المراكز اللي هما فيها، هتستغربي ان الحمارة دي بترفضهم بكل قلب ميت .
ضحكت كاميليا تربت على كتفه قائلة:
– معلش يا طارق، نصيبها موجود اكيد.
توقف يقول بانفعال:
– انا عارف ان نصيبها موجود واكيد كمان ان شاء الله، بس انا عايز اطمن عليها، وامها كمان
ضحكت كاميليا وهي تسبقه في الخروج من الغرفة متمتمة:
– يا حبيبي ما تقلقش، ان شاءالله هتطمن عليها وتريح قلبك، بس اما تلاقي اللي يرضي دماغها المجنونة دي.
ردد طارق خلفها ساخرًا:
– هه لما بقى.!
وفي بهو المنزل، كانت جالسة بتحفز تراقب هذه الصغيرة التي جلست متربعة على الأرض أمامها تناظرها بابتسامة شقية، ساندة بكفيها الصغيران على وجنتيها المكتنزتين، فهتفت بها لينا تقطع الصمت:
– افندم حضرتك، قاعدة ومربعة ع الأرض قدامي، بتبصيلي كدة ليه يا ست فريدة؟
ضحكت الصغيرة تجيبها بنبرة مرحة:
– اصل بتبسط اوي لما انتي بتيجي بيتنا.
ارتخت ملامح لينا تعقب على قول فريدة بابتسامة:
– بجد يا فيفي؟ يعني انتي بتحبيني اوي لدرجادي؟
قهقهت فريدة بضحكات متتابعة لتقول مصححة:
– مش حكاية بحبك، اصل انا بتكلم على خنقاتكم انتي وبابا، بضحكوني اوي هههه.
استمرت فريدة بضحكاتها تغيظ لينا التي اشاحت بوجهها مغمغمة بحنق:
– مفيش فايدة، واخدة خفة واستظراف ابوكي بالكامل، حمد لله انك واخدة شكل امك، دي الحاجة الوحيدة بس التي تفرقك عنه .
بتبرطمي بتقولي إيه؟
هتف بها طارق فور أن ولج إليهن، لتركض نحوه فريدة مهللة:
-بابي .
رفعها طارق ليقبلها بنهم مرددًا:
– يا قلب بابي انتي، يا ملكة الجمال على كل العصور انتي .
اتت من خلفه كاميليا لترحب بلينا التي نهضت لاستقبالها، قبل ان يقترب طارق بابنته ليجلس امامها يغازل فتاته الصغيرة بمناكفة في لينا:
– عيون بني بوسع الفنجان هو دا الجمال اللي على حق، بلا تقولولي فيروزي ولا زفت .
ضحكت كاميليا لوجه لينا الذي انقلب مغمغمة بالكلمات الغير مفهومة قبل أن تقترب بابتسامه صفراء قائلة:
– حضرتك انا النهاردة جاية بصفة العمل…. يعني تمضيلي ع الملف الزفت اللي في إيدي من غير ما نتشاكل ولا نتخانق.
– يالهوي ياما ع القلبة
هتفت بها كاميليا لتجلجل بضحكاتها مع زو جها وابنتها، ولينا تحدجهم رافعة حاجبها بشر، تحفزًا للرد
❈-❈-❈
على التخت كانت الصغيرة جنة جالسة مستسلمة لرقية التي كانت تمشط شعرها الكستنائي الذي تعدى نصف ظهرها، مستمتعة بصوت الجدة والغناء الفلكلوري.
– شعري طويل ياما، وقع في البير ياما ، ونزلت اجيبه ياما، قابلني البيه ياما، إداني جنيه ياما، شعري طويل ياما .
– وانا بقى شعري طويل صح يا ستو؟
سألتها جنة لتجيبها رقية على الفور :
– هو بالنسبة لسنك الصغير يعني، يعتبر طويل، لكن بقى الله أعلم إن كان هيستمر في الطول معاكي ولا هيوقف على كدة، عشان احدد بالظبط ان كان طويل ولا صغير.
ردت جنة بتحدي:
– بس انا أمي بتقول عليه طويل زي شعر أبلة زهرة.
شهقت رقية تردد باستنكار:
– زهرة مين يا حبيتي؟ هو انتي شعرك ده، يجي إيه في شعر زهرة، دي اسم الله عليها، وهي اصغر منك وكان نازل تحت وسطها .
التفت جنة بجذعه للرقية سائلة:
– يعني انا مش هبقى حلوة زي ابلة زهرة ولا اتجوز واحد غني زي عمو جاسر؟
تسمرت رقية فاغرة فاهاها للحظات قبل أن ترد على الطفلة:
– ومين قالك بقى إن أي واحدة حلوة بيبقى شعرها طويل وبتتجوز واحد زي عمك جاسر؟
سألتها جنة:
– امال إيه؟
تبسمت لها رقية تجيبها بحنان:
– لازم تتعلمي يا ستو إن كل البنات حلوين، اللي شعرها قصير او طويل أو أكرت، بشرتها بيضا، أو سمرة أو سودة، كلهم حلوين، ولو ع الجواز، ف انتي متستنيش اللي زي جاسر الريان، انتي شدي حيلك وابقي شاطرة في مدرستك، وسيبي التفكير في الجواز وقت ما يجي وقته، تتجوزي بقى امير ولا غفير ولا وزير، أهم حاجة تبقي انتي راضية بيه وهو بيحبك، فهماني يا ستو؟
هزت برأسها جنة تدعي الفهم، مما أثار ابتسامة سعيدة لرقية التي قبلتها قبل أن تديرها لتعاود تمشيط الشعر والغناء الفلكلوري القديم حتى دلفت إليهن نوال بطفلها الثاني عدي، ذو العامين، لتقول وهي تجلس به على التخت المجاور حتى تبدل له ملابسه:
– اخلصي منها البت دي عشان البسها هي كمان يا خالتي، دا خالد محرج عليا إننا منتأخرش.
شهقت رقية تقول باستنكار:
– اسم الله يا عنيا، طب يقول الكلام ده لنفسه الأول بدال ما هو نايم لحد دلوقتي.
ضحكت تقول نوال بإدعاء الغضب:
– ما هو مش راضي يقوم غير بعد ما نخلص انا والعيال من كل حاجة، الراجل الكسلان، دا بدل ما يقوم يساعد زو جته العاملة هي كمان زيها زيه.
تخصرت رقية ترد بغيظ:
– اه بقى واسم الله عليكي انتي يا ختي مبتقوليش الكلام دا في وشه ليه؟ ولا هي الشكاوي تتقال في الضهر بس وفي وشه متفتكريش غير السهوكة وبس .
زمت شفتيها نوال تحاول كتم ضحكتها المكشوفة، لتقول وهي تنهض عن التخت بعد أن أنهت تجهيز طفلها :
– الله يا خالتي طب ما هو فعلًا هو تعبان وعايز الراحة، هو انا متفكش معاكي في كلمتين خالص يا رقية؟
مصمصت رقية بشفتيها تصدر صوت مستنكرًا اضحك نوال التي تناولت طفلتها الثانية قبل ان تردد لها:
– شوف يا ختي البت وسهوكتها
❈-❈-❈
هتفت غادة من داخل غرفتها وهي تضبط حجابها أمام المرأة:
– أما هي البت منة قاعدة لسة عندك في الصالة ولا زوغت؟
وصلها صوت إحسان النزق كالعادة:
– قاعدة يا ختي، بس اهي بتحبي ع الأرض قدامي اهو .
– يا لهوي .
تفوهت بها غادة قبل أن تأتي إليهما مسرعة لتتناول الطفلة التي كانت تحبو نحو الطرقة المؤدية للحمام، فصاحت غادة وهي تنفض بيدها على أطراف فستانها الصغير:
– مش تمسكي عليها شوية ياما، سايباها كدة لوحدها، دي مصيبة دي، ما بتسيبش حاجة من غير ما تلوش فيها، وانا مصدقت البسها.
صاحت إحسان مستهجنة:
– لهو انا هفضل أجري وراها كمان يا بت؟ معنديش صحة يا ختي للفرهدة دي.
القت نحوها نظرة ممتعضة لتغمغم بصوت خفيض:
– وهتجري وراها ازاي بس؟ وانتي متأنتخة ع الكنبة كدة بوزنك ده اللي بيزيد اضعاف مع كل سنة.
هدرت إحسان:
– بتبرطمي بتقولي إيه يا بت شعبان؟ سمعيني يا ختي.
بابتسامة صفراء توجهت إليها غادة تقول لها:
– مش مبرطم ولا بعمل حاجة ياما، انا بس كنت عايزاكي تقعديها على حجرك دقيقتين، على ما الف الحجاب كويس، دا إمام على وصول خلاص.
همت إحسان لتجادل كعادتها ولكن مع صوت المفتاح بالباب توقفت، وقد ولج إمام ومعه ظافر طفله ألأكبر والذي هتف برجولية فور وصوله:
– إحنا جينا يا ماما .
ردت غادة مجيبة بتهليل:
– يا ختي يا ألف حمد لله ع السلامة، نورت البيت يا عين ماما .
التقفته بقبلة على وجنته رغم اعتراضه لتتوقف على قول زو جها:
– انتي لسة مخلصتيش يا غادة؟ احنا كدة هنتأخر يا بنت الناس .
سبقتها إحسان في الرد :
– وهي طارت على مشوار الباشا ومراته؟ ولا هما ناسين ان انت بطلت شغلة الأمن وفاكرينك لسة الحارس بتاعهم؟
فهم إمام مغزى كلماتها فرد بهدوء عكس زو جته التي لوت ثغرها بغيظ لأسلوب والدتها المستفز:
– وماله بقى لما ارجع اشتغل من تاني حارس، طب والنعمة يا شيخة دا انا اتمنى، بس للأسف بقى جاسر باشا هو اللي مُصر ابقى مدير الأمن في شركته، مع أن انا مبحبش قاعدة المكاتب ولا الأوامر بس اعمل بقى حكم القوي.
رددت خلفه مغمغمة بتهكم تشيح بوجهها:
– حكم القوي! ربنا يعينك يا خويا على ما بلاك .
مصمص إمام بشفتيه يردف بمغزى وأبصاره تركتز عليها:
– اه والله، فعلا عندك حق، في حكاية البلوة دي، منورة يا حماتي.
– دا نورك .
قالتها من تحت أسنانها قبل أن تقطع غادة وصلة من الحرب الباردة بينهم بإن وضعت منة بحجر والدها قائلة:
– طب امسك انت بقى البت دي على ما اجهز نفسي بسرعة، وانت يا ظافر تعالي اغيرلك،
هتف ظافر معترضًا:
– انا محدش يغيرلي هدومي، انا بعرف اغير لوحدي، روحي انتي جهزي نفسك.
قالها واتجه مباشرة نحو غرفته بوجه عابس، غير متقبل للفكرة نفسها مما جعل ابتسامة تسترسم على وجه والدته، مع تهليل إمام الذي كان يقبل ابنته:
– أيوة كدة يا عين ابوك، فهمها إن انت راجل ومينفعش تعتمد على حد .
ضربت غادة كفيها ببعضهم مرددة ساخرة وهي تتجه نحو غرفتها:
– دا على أساس إنه نسي إللي كان بيغيرله البامبرز من مدة قريبة ؟!
❈-❈-❈
في منزل المزرعة الذي سيقام به حفل عيد الميلاد للتوأم رنا و رامي، عاد جاسر من سفرته الخارجية التي قام بها منذ اسبوعين، ليجد والدته هي من تشرف على تحضيرات الحفل بالحديقة مع العمال التي كانت تعمل كخلية نحل حولها وبأمر منها .
– صباح الخير يا ست الكل.
التفت اليه هاتفة بفرح:
– جاسر .
اقترب منه يقبلها على وجنتيها وهي تستقبله بغبطة قائلة:
– الف حمد الله ع السلامة يا حبيبي، هو انت مش المفروض كنت توصل هنا من امبارح؟
أومأ برأسه يجيبها بلهاث:
– اسكتي يا أمي دا انا عملت المستحيل عشان ارجعلك دلوقتي، حركة الطيران كانت واقفة من امبارح عشان المظاهرات والإعتصامات ولولا علاقات مصطفى عزام بالمسؤلين هناك في البلد دي، انا ما كنت هقدر ارجع غير لما المشكلة دي تتحل، وساعتها بقى كان هيفوتني حفل عيد ميلاد الولد.
جزعت لمياء وبدا على وجهها القلق وهي تلمس بكفيها على وجه ابنها وذراعيه، لتتمتم سائلة؛
– طب وانت كويس يا حبيبي بقى، ولا اتعرضلك أي حد هناك؟ يا نهار أبيض يا جاسر صحيح، هو انت إيه اللي خلاك بس تسافر في الوقت ده؟ وانت عارف ان البلد دي في اضطرابات.
ربت على كفها يجيبها بلهجة مطمئنة:
– يا حبيبتي اطمني بقى انا زي الفل قدامك اهو، المهم بقى هو الوالد والولاد فين؟ وزهرة صحيت ولا لسة؟
ردت لمياء:
– روح لمراتك يا حبيبي وشوفها، إنما بقى لو عن ولادك فدول مع جدهم بيفرجهم ع الخيل، ما انت عارف والدك ، واخد الولاد حصري
قالتها لمياء بغيظ رسم ابتسامة مرحة على وجه جاسر والذي تحرك يستأذنها:
– طب انا هروح اشوف زهرة الأول وبعدها اروح لعامر الريان، الراجل الأناني ده.
ختم بضحكة وتركها لتتابع ما تفعله، وقد عبست ملامح وجهها مع تذكرها لأفعال عامر في المنافسة الغير شريفة على الإطلاق لكسب صف الأطفال نحوه..
❈-❈-❈
وفي غرفتها في الطابق الثاني جلست شاردة تضع كفها على وجنتها ويبدوا على هيبتها الهم، حتى لفتت نظر هذا الذي اقتحم الغرفة بهدوء يبتغي مفاجأتها، حتى شعرت بخطواته داخل الغرفة لتنتفض صارخة فور رؤيته:
– جاسر .
على الفور أسرع يتلقفها بأحضانه مشددًا بذراعيه يقبلها باشتياق واحتياج، اسبوعين قضاهم في سفرته لبحث عدد من المشكلات التي تواجه استثماره في إحدى الدول الأجنبية والتي تحدث فيها اضطرابات سياسة هذه الأيام ، عدة أيام مرت في غيابه عنها وعن مسكنه بحضنها وكأنها دهرًا، كان يتأوه ويهمس بشوق يقتله:
– اه وحشتيني وحشتيني أوي…
أرفق كلماته بطبع القبلات على ملامحها الحبيبة ليستقر بعد ذلك بشفتيها حتى استفاق لينزع نفسهِ فجأة ويسألها:
– هو انتي كنتي حزينة ليه من شوية صحيح؟
-هه
رددتها بتوهان وهي تبتعد عنه بارتباك مردفة:
– وانا إيه اللي هيحزني بس يا جاسر؟ انا زي الفل قدامك اهو.
هروبها المكشوف بعيناه عن مواجهة خاصتيه، وارتداداها للخلف مع اختطاف لون وجهها جعله يهتف محذرًا:
– زهرة، جيبي من الاخر كدة ، عشان انتي هيئتك أساسًا فاضحة كدبك، ايه اللي مزعلك قولي .
صاح بالاَخيرة حازمًا ليزيد من ارتباكها، فقالت بتردد وهي تعض على طرف إبهامها وكأنها طفلة صغيرة:
– مستعدة اقول بس توعدني الأول انك متضحكش عليا.
عقد حاجبيه يسألها باستغراب:
– هو الموضوع فيه ضحك كمان؟
صاحت به بجدية:
– اوعدني يا جاسر انك متضحكش عشان انا عارفاك.
هز برأسه يجاريها وبداخله يقتله الشغف للمعرفة، فتحركت لتعود للمكان الذي كانت جالسة به على طرف التخت، ثم تناولت شيئًا ما لتعطيه له، عقد حاجبيه وهو يتناول هذا الشئ المعروف لفحص اختبار الحمل، وقد بدأ يخمن، لتجحظ عيناه فور أن رأى الخط الوردي الذي كان واضحًا بشدة ف تهلل وجهه ليرفعه إليها وقد ظنها تمزح، ولكن مع رؤية هذا البؤس الذي ارتسم على ملامحها، حاول ان يدعي الجمود او الإنتظار لسؤالها، ولكنه لم يقوى على كبت فرحته ليهز رأسهِ أمامها بتساؤل وملامحها تتحول للبكاء مرددة:
– طلعت حامل يا جاسر، طلعت حامل.
إلى هنا ولم يقوى الكبت فانطلقت ضحكة مجلجلة منه، أثارت إستيائها لتصيح به :
– انا كنت عارفة من الأول ، انك هتنقض وعدك، كنت متأكدة إنك هتضحك يا جاسر
ضمها يشدد بذراعيه عليها ليُخمد رفضها للمسته مع عدم مقدرته للتوقف عن الضحك، حتى تمالك قليلَا ليقبل أعلى رأسها ويخاطبها بمهادنة:
– يا بنتي اهمدي بقى، هي دي حاجة تستاهل الزعل دا كله .
هدأت بعض الشئ لتستطيع الرد عليه:
– ما هو دا مكانش اتفاقنا يا جاسر ، إحنا كنا متفقين تستني تلت اربع خمس سنين، بعد جوز التوأم دول اللي كرهوني في الخلفة اساسًا.
رد وهو يعطيها حريتها لتقابله بوجهها:
– انا معاكي يا ستي، بس نعمل ايه بقى؟ دي حكمة ربنا، هنرفض رزق ربنا بقى ونقول مش عايزين
رددت مستنكرة على الفور :
– لا طبعًا استغفر الله العظيم يارب، إيه اللي انت بتقوله ده يا جاسر؟!
قالتها لتبتعد وتضع كفها على عيناها بيأس قائلة وهي تعود لجلستها على طرف التخت:
– بس انا تعبت أوي يا جاسر في العيال دي، وكنت حاطة في بالي إني مش بس أجل، لا دا انا قررت إني هكتفي بيهم على كدة.
ناظرها من أسفل أجفانه من علو بعتب يقول :
– يعني انتي استكفيتي بالعدد وقررتي من نفسك، ومع ذلك كنتي بتهاودي بابا في كل مرة يطالبك بأحفاد زيادة.
رمقته من محلها بغيظ تجيبه:.
– امال يعني عايزني اكسفه يا جاسر ولا اصدمه، طب اهو حصل اللي هو عايزه رغم كل الاحتياطات اللي عملاها، فادني إيه بقى القرار اللي خدته مع نفسي؟
جلس بجوارها على طرف التخت بقول بمناكفة:
– عشان ربنا بيحبه وعايز يراضيه حتى لو مرات ابنه، دماغها غير كدة.
حدجته بنظرة حانقة ليشاكسها بمرح:
– لا لا بلاش النظرة دي ارجوكي، دا انا راجع من السفر، بقى دا يرضكي تقابليني بالبكا كدة، يرضيكي يا زهرة؟
لانت ملامحها مع قوله لتشعر بالأسف تجاهه، فقالت بتأثر:
– بس انا تعبت اوي يا جاسر في الولادة الأخيرة، ولا انت مش فاكر؟
– مش فاكر دا إيه ؟!
ضحك ساخرًا بتفكه ليتابع بنبرة ذات مغزى:
– دا انا طلع عيني مع تحمكات لميا هانم اللي زادت الضعف، وبتقوليلي أنسى! أنسى ازاي بس؟
استجابت تبتسم متذكرة بالفعل معاناته في الانفصال عنها لغرفة ثانية بالأمر، في كل مرة أصابها التعب في الحمل بالطفلين المتعبين، اثناء الحمل وبعده، لتقول بتشفي ضاحكة:
– أحسن امال انا اتعب لوحدي يعني؟
تبسم لها بذهول مردفًا:
– الله يا ست زهرة، دا انتي طلعتي شريرة وبتفرحي في جوزك كمان؟
زادت بضحكاتها لتميل عليه وتحتضنه بذراعيها تقول بتنهيدة كييرة:
– امرنا لله بقى .
-،ونعم بالله
قالها جاسر وهو يشدد هو عليها بذراعيه أيضًا ليغمغم بخبث:
– يا فرحة عامر باشا لما يعرف بالخبر.
❈-❈-❈
– حاسب يا ولد لاتوقع اختك، وتعالى هنا اقف جمبي .
هتف بها عامر نحو التوأمين المزعجين الذين كانا يتسابقان في الركض من خلفه في المساحة الخضراء الشاسعة وهو واقفًا يستند بذراعه على السور الخشبي يتابع مجد أكبر احفاده يمتطي الحصان الأسود ويتريض به بمساعدة السائس ( مدرب الخيل) والذي هتف بدوره لعامر:
– كفاية كدة يا عامر باشا تدريب النهاردة؟ ولا نكمل؟
سبقه مجد بالرد:
– لأ نكمل طبعًا، انا عايز اكمل يا جدو.
ضحك له عامر ثم التف للسائس يخاطبه:
– نص ساعة تاني يا كامل، عشان برضوا ما نشدش في التدريب عليه، شوية شوية يا قلب جدو .
أومأ له مجد برأسهِ ليبادله عامر بابتسامة يغمرها الزهو قبل أن يلتف على صيحة صغيرة من خلفه، ليجد الصغيرين المزعجين قد اشتبكو في الشجار بالأيدي وشد الشعر، هدر عامر بصوت حازم:
– انت يا ولد انت سيب اختك وتعالي، وانتي يا بنت نفس الأمر.
حينما لم يستمعا هدر محذرًا بصوته الجهوري :
– ولد انا بقول إيه؟
اذعن رامي بترك شعر شقيقته وهي أيضًا، قبل ان يقتربا من جدهما بطاعة، ليدنو عامر بجسده نحوهما،ثم قال بصوته الجاد:
-مش عيب تبقوا اخوات وتتخانقوا مع بعض؟
عبس الطفلين يغمغمان بكلمات حانقة بعضها فقط المفهوم، ليردف عامر بشدة:
– دا انتو توأم يا أغبيا ويدوبك سنتين، امال لما تزيدوا شوية هتعملوا إيه؟ هتاكلوا بعض؟
قال الآخرة بنبرة مرحة أثارت الأبتسام على وجوههم، ليرددها بأسلوب فكاهي عدة مرات حتى اصبحت ضحكاتهم الطفولية تصدح بصوت عالي أسعد عامر ليخرج لهم من جيب حلته نوع فاخر من الحلوى، هلل الأطفال لمجرد رؤيته، فقال محذرًا:
– هتصالحو بعض ومفيش خناق تاني .
اطعن الأمر بهز رؤسهم، ليتابع بتحذير:
– وهتيجوا جمبي هنا وتتفرجوا على اخوكم ساكتين بأدب، لحد اما يخلص تدريبه.
هزهزن برؤسهم مرة أخرى بحماس، ليُعطي عامر لكل واحد منهما قطعة الحلوى المحببة فتصدر اصوات الفرح منهما، ثم يسألهما كالعادة:
– مين أحلى حد في الدنيا؟
– جدو عامر .
صرخ بها الأطفال ليتابع بسؤاله الاَخر:
– مين أغلى واحد عندكم انتو الاتنين.
رددا بنفس الاجابة :
– جدوا عامر .
ضحك بانتشاء يستقيم بجسده ليسحبهما معه للوقوف ومتابعة مجد الذي كان يبعث بالابتسامات لجده، ليهتف عامر بمرح:
– يارب تزيدوا كمان وكمان، ويخليني ليكم .
❈-❈-❈
في المساء
كان يتوافد المدعوين تباعًا من الأقارب والأحباب في حديقة منزل المزرعة الذي يقام فيه هذه المرة حفل عيد الميلاد للطفل الأكبر لجاسر الريان، مجد ، والذي يتعامل بهيبة تتعدى سنوات عمره الخمس، يتلقى التهاني برزانة ورثها من أبيه، رغم دلال عامر ولمياء الدائم له، حتى أنه كان يقف وسط الأطفال يراقب شقيقيه الذان لا يكفان عن الشجار وافتعال المشاكل، مما جعل زهرة تصيح عليهما في إحدى المرات، بعد أن أوقع رامي شقيقته:
– إنت يا حيوان يا غبي، مية مرة اقولك ابعد عن اختك، مش هقعد انا طول اليوم وراك إنت وهي بس .
رد رامي منفعلًا بحروف ناقصة:
– مليس دعوة، هي اللي بتوقف قدامي.
هتفت رنا بدفاعية ووالدتها ترفعها عن الأرض تنفض لها فستانها المزين بالورود ذو حمالة واحدة على الكتف:
– أنا يا لامي، حلام عليك يا سيخ.
جزت زهرة على اسنانها تهدر بهما :
– واحد الدغ في ش بينطقها س والتانية لدغة في معظم الحروف، هتجننوني معاكم، اهمدوا بقى وخلو اليوم ده يعدي على خير .
– يا نهار ابيض، دا صريخك إنتي دا يا زهرة؟ انا مش مصدقة، والنعمة ممصدقة .
هتفت بها كاميليا والتي أتت مع زو جها لتصطدم بهذا الوجه الجديد لزهرة، خلافًا لطبيعتها الهادئة دائمًا، التفت لها الأخرى لترحب بها وطارق وابنتهما التي قبلتها بحب عدة مرات لتقول بعد ذلك :
– لا صدقي يا حبيبتي، اللي تخلف جوز مصايب زي دول، لازم تتحول وتبقى بني أدمة تانية، غير اللي تعرفوها اساسًا.
– تدخل طارق معهما:
– لا انا متهيألي الواد رامي هو اللي مسلط اخته، انا شفته قبل كدة في كذا موقف، عنده سنتين لكن حرباية.
ضحكت زهرة تستجيب للمزاح وهي تردف:
– لا ورنا كمان ميغركش السهتنة اللي هي فيها، دي مصيبة.
وصل جاسر ليعقب على الحديث الدائر:
– بتزموا في ولادي ليه؟ دول أشقيا ، محدش فيكم شاف قبل كدة اطفال اشقيا .
– يا عم انت كمان.
هتف بها طارق قبل ان يقترب، ليعانق صديقه بترحيب ذكوري قبل ان ينزل بأبصاره نحو مجد الذي وقف بأدب ينتظر التهنئة ف اقتربت كاميليا تقبله على وجنته قائلة بمرح:
– يا أهلًا بالقمر، إيه يا بني الحلاوة دي؟ كل سنة وانت طيب يا حبيبي .
تبسم مجد يتقبل تغزلها ليجيبها بخجل:
– مرسي يا طنت ربنا يخليكي.
رددت خلفه كاميليا بإعجاب وطارق يهنأه أيضًا:
– يا حبيبي، كلمة طنت طالعة من بوقك زي العسل، إيه الجمال ده؟
عقب طارق ممازحًا:
– بس بقى يا ست انتي، وراعي ان جوزك واقف جمبك الله.
قالها لثير ضحكات الثلاث، أما مجد فقد وجه انتبهاهه لفريدة مرحباً:
– إزيك يا فريدة.
ردت الصغيرة ذات الثلاث سنوات بدلال فطري، تتمايل بفستانها وهي ممسكة بكف أبيها:
– اهلا يا مجد، كل سنة وانت طيب.
– وانت طيبة.
قالها لتلتف إليه والدته:
– خد فريدة القمر دي وروح العبوا مع الولاد يا مجد، وتعالوا انتوا يا جماعة معايا .
علق طارق :
– طب والهديا ياخذهم الأول وبعدين يمشوا.
❈-❈-❈
بعد قليل
كانت الجلسة مكتملة بمعظم الأفراد من المدعوين تحت مظلة كبيرة تزينيت بالإضاءة الملونة والبالون وشرائط الزينة، والأطفال في الجانب الاخر من الحديقة بالقرب منهم يقمن باللهو والرقص أنغام الدجي، عامر وعليه ورقية ولمياء في جانب وحدهم وسمية وبناتها ومحروس بالقرب منهم مع إحسان، طارق والذي كان يتبادل الحديث المرح مع خالد وإمام ، اما جاسر ومصطفي عزام فكانا في جانب وحدهم يتناقشان في أمر ما يخص العمل قبل، أن تدلف زهرة ومعها غادة ونور زو جة مصطفى عزام وكاميليا أيضًا، بعد ان نظمن الاطفال حول المائدة الصخمة؛ التي ارتصت عليها اصناف الحلويات وقالب الجاتوه الكبير الذي تزين بشموع بعدد سنوات عمر مجد ، فهتفت زهرة مصفقة بكفيها للإنتياه:
– يا جماعة، كله كدة يقوم من مكانه عشان دا الميعاد اللي هنطفي فيه الشمع .
تفكه خالد بقوله:
– ولازم يعني نطفي كلنا يا بنت اختي، ما تطفوا كدة مع نفسكم، وهتيلي انا طبقي معاكي وانتي جاية، ونبقى نجاملكم في الأفراح ان شاءالله
صدرت الضحكات من حولهما فهتفت زهرة ترد:
– دا انت بالذات لازم تقوم، قوم يا خالي بطل كسل بقى، ما تقوميه يا استاذة نوال .
تدخلت رقية:
– سيبيه يا ختي، دا باين الراحة قلبت معاه بتناحة والبركة في المسهوكة مراته دي.
شهقت نوال متفاجئة لتخبئ وجهها من الخجل وهي تضحك، لينهض خالد على الفور قائلًا:
-صلي ع النبي يا رقية بلاش فضايح هو انتي متستريش أبدًا.
نفت برأسها ضاحكة بمشاكشة، ليهتف عامر بدوره:
– طب حيث كدة بقى، يبقى تعالوا كدة نتجمع مع بعضينا وناخد صورة جماعية، مدام مفيش فينا حد غريب وكلنا حبايب مع بعض
تدخلت لمياء:
– والصورة التانية تبقى للأولاد معانا كمان.
أومأ المعظم بالموافقة، والتفوا للتجمع في جهة واحدة، حتى نظمهم المصور الخاص بالحفل، النساء في الأمام ورقية بكرسيها في الوسط، الرجال في الخلف يتوسطهم عامر،
عقب التقاط الصورة الأولى تكلم جاسر :
– طيب قبل ما ناخد الصورة التانية ونجيب الأولاد، انا حابة اقول على خبر أسعدني النهاردة.
التفت الرؤس نحوه باهتمام، ليجيب بانتعاش وعيناه تطالع زو جته التي اسبلت أهدابها بخجل:
– زهرة حامل في الشهر التاني، الحفيد الرابع في السكة يا عامر باشا.
– الله اكبر .
هتف بها مهللًا عامر ليتبادل التهاني والمباركات بهذا الخبر السعيد مع الجميع حتى أصبح يطلق بنفسه الألعاب النارية مع الأولاد الصغار، قبل ان يهدأ من جنونه قليلًا وتأخذ الصورة الجماعية للكبار مع الأطفال،
لتضم طبقات مختلفة امتزجت مع بعضها البعض لتكون خليطًا سعيدًا بين الغناء الفاحش والفقر الشديد، الوسط المخملي وابناء الشعب الكادحين، لا فرق بين زو جة لأمير، وأخرى لوزير أو حتى لغفير، الجميع واحد .
…. تمت بحمد الله……
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نعيمي وجحيمها)