روايات

رواية نيران الغجرية الفصل الخامس والستون 65 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية الفصل الخامس والستون 65 بقلم فاطمة أحمد

رواية نيران الغجرية البارت الخامس والستون

رواية نيران الغجرية الجزء الخامس والستون

نيران الغجرية
نيران الغجرية

رواية نيران الغجرية الحلقة الخامسة والستون

” لو كُنتُ أملكُ أن أهديكِ عيناي لوضعتهما بين يديكِ، ولو أملك أن أهديكِ قلبي لنزعته من صدري إليكِ، ولو أملك أن أهديكِ عمري لوضعت أيّامي تحت قدميكِ “

كانت فصول السنة لا تختلف لأنها متشابهة بالنسبة إليه ، و الليل لا يفرق عن النهار بشيء ، حتى جاءت هي و أضافت لونا مبهجا لحياته الرمادية جاعلة قلبه يمر بعدة فصول اِرتكنت في النهاية على موسم الربيع الذي لم يكتفِ هذه المرة بنثر بهجته و زهوره في المحيط فقط بل أزهر قلبه و جعله يخفق حبا بدل النبضات … و هي كانت ربيعه !
تنهد بمزاج رائق ناظرا للجمع من حوله في أضخم حفل أقيم هذه السنة على شرف زواج إبن رجل الأعمال عمار البحيري ، حيث تم حجز أكبر قاعة لإقامة الزفاف ذات طابع كلاسيكي رومانسي مستوحى من ديكورات إسبانية تطل على البحر و تتسع لألفي شخص بزينة و تنظيم فاخرين يليقان بفخامة العائلة ، و رغم أن مريم كانت تود زفافا بسيطا يكفي لإعلان علاقتهما إلا أنه لم يرضى بهذا معللا بأنها تستحق ماهو أكثر بكثير.

نظر عمار إلى ساعة يده مدققا في الوقت بعدما جاءت سعاد و أخبرته بوجوب حضور العروس الآن فهز رأسه بإيجاب و صعد على درجات السلم بحماس تدفق في عروقه و نبضات مجنونة كادت تقلع قلبه من مكانه ، ما يزال لحد الآن لا يستوعب حقيقة أن القدر جمع بينهما مجددا بعد كل ما حدث.
منذ سنة ونصف عند إقتحام الغجرية لحفل زفافه كان يظن بأن الروابط التي جمعت بينهما في يوم من الأيام قد اِنتهت حيث كانت هي متأججة بالحقد و الكره أما هو فكان في صراع بين شوقه و غضبه و هواجسه التي لا تنتهي إضافة لعدة حواجز تفصل بينهما حينها كان مجرد تفاهمها فقط يعتبر من سابع المستحيلات ولكن هاهو اليوم يرتدي طقمه الأسود و يصعد لغجريته التي أصرت على ألا يراها فستان الزفاف الخاص بها قبل أن يقام الحفل.

و حان تلك اللحظة ، و توقف العالم من حوله عندما توقفت قدماه عن المشي و رآها تطل عليه وهي تتأبط ذراع عمها من يمينها و خالتها تسير بجانبها من الناحية الأخرى أما هالة و ثريا ابنة خالتها كانتا تسيران خلفها بخطوات مسترسلة و ترمين عليها الورود التي تأسر العين من شدة بياضها كجزء من عادات الغجر.
و لكن عمار لم ينتبه للذين من حولها ، و كأن الأرض بلعت سكانها فلم يبقى سِواها ..
راحت ترفل في فستانها ناصع البياض الذي كان يضيق من الأعلى بتصميم راقٍ و مزين بحبات اللؤلؤ و يتسع من الأسفل بتنورة متعددة الطبقات بينما اِسترسل شعرها المموج الذي ازداد طولا رهيبا في السنة السابقة فعاد يغطي ضهرها و ينزل حتى كاد يتجاوز ركبتيها متوجة إياه بتاج أبيض مزين بأحجار صغيرة من الألماس شبيه بالعقد الذي وضعت على عنقها …

تقدمت مريم نحوه بإبتسامة سخية و عاطفة دغدغت حواسها حتى لسعت عيناها بالدموع !
كانت هي الأخرى تعيش لحظات بالكاد تخيلتها في أحلامها ، هنا حيث تتواجد وسط عائلتها الصغيرة و تستعد لوضع يديها بيدي حبيبها الذي تشهد كل ذرة منها على عشقها له.
في يوم تمنته كثيرا و جو تحكمه السعادة و الصفاء بعيدا عن الكره و الغضب ، و الخيانة و الشك …
وقفت أمامه فاِتضحت له زينتها أكثر و ابتسم عمار وهو يرى عيناها المحددتان بكحلها الثقيل و وجنتيها الموردتين مع أحمر شفاهها كانت تقابله بشكلها الذي أحبها عليه أول مرة كفتاة غجرية ترقص على أنغام رنين خلاخيلها و لكنه رغم ذلك شعر ببعض الإنزعاج حينما أدرك بأن جمالها هذا ملفت للنظر أكثر من الازم.

احتضنها عمها بروية و نظر إليه مردفا بنبرة متحشرجة :
– انا من قبل غلطت و سلمتهالك بطريقة مبتليقش بمعزتها عندي بس دلوقتي لازم تعرف أنها أغلى انسانة ليا علشان كده خد بالك منها و عاملها بما يرضي الله.

اِدمعت عينا مريم و طالعته بتأثر وهي تتذكر كيف انهار باكيا عند ظهورها بعد اختفائها لمدة طويلة و ترجاها لكي تعود إليه قاطعا لها وعده بأنه سيعتني بها هذه المرة ولن يسمح لأحد بأذيتها خاصة حينما سمع عن طريق الصدفة زوجته وهي توبخ إبنهما عثمان و تخبره بأن مريم عادت و تسببت بفضيحة لزوجها ولا شك في أنها ستفعل نفس الشيء له و تخبر الجميع بأنه كان يتحرش بها ، لقد طرد إبنه من شقته التي بناها له بالأموال التي قدمها عمار كمهر لزواجه بمريم و كان سيطلق زوجته إلا أنها هي الأخيرة طلبت منه ألا يفعل ذلك فعثمان لقي جزاءه بالفعل بعدما تعرض لحادث تسبب في شلل ذراعه و طرده من عمله أما والدته لا ذنب لها بما اقترفه طفلها و أي أم مكانها كانت ستخفي هذه الحقيقة …

احتضنته مجددا و عانقت خالتها و ثريا ثم سلمت مقاليدها إلى عمار الذي ضم وجهها بين يديه طابعا قبلة عميقة على جبينها فتعالت التصفيقات بحرارة و همس هو بحرارة :
– أخيرا جه اليوم اللي استنيناه يا مريم … انا مش عارف ازاي اوصفك مفيش كلمة قادرة تديلك حق جمالك ده بس اللي عايز اقوله انك أحلى و أجمل واحدة في الكون … والوحيدة اللي خلتني مجنون بحبها.

ارتعشت مريم من جمال حروفه و لمعة عينيه التي تعبر عن صدقه التام في ما يقوله فتنهدت بلوعة و أجابته بهمس مماثل :
– و أنت أفضل حاجة حصلتلي في حياتي يا عمار انا بحمد ربنا مليون مرة لأنه خلاك من نصيبي بوعدك اني ابقى قد مشاعرك ديه و هعوضك ع كل اللي عشته سواء بسببي او لأ.

– وجودك معايا بفستانك الأبيض هو اكبر تعويض ليا ع اللي شوفته فحياتي يا مريم.
قبل عمار يدها بحب خالص ثم سار معها ينزل الى الطابق السفلي وسط التصفيقات و الموسيقى ، كانت الأجواء مليئة بالسعادة التي وجدت لنفسها مكانا كبيرا في وجوه أفراد عائلتيهما حتى والديه كانا مبتسمان لأن إبنهما حصل على فرحته أخيرا وقد أدرك رأفت بأنه لا داعي لأن يمشي طفله على طريقه من أجل أن ينجح في حياته و اِختلاف الطبقات الاجتماعية يُطمس عندما يكون الحب هو الغالب !

وصلا إلى المنصة فحضر واحد من طاقم المشرفين على تحضيرات الزفاف وهو يجر طاولة صغيرة مزينة بطريقة راقية و فوقها علبتان صغيرتان ، وقف بجانبهما فاِلتقطت مريم علبة القطيفة الحمراء و أخرجت منه الخاتم الذي اختارته بعناية مطلقة ثم ألبسته إياه برضا أنثوي لأنها وضعت في بنصره الأيسر ما يدل على أنه ملكها.
اِبتسم عمار و التقط العلبة الأخرى بينما يتمتم :
– فكرت كتير اجبلك ايه و لفيت على كل المحلات بس مقدرتش اخد قراري النهائي غير امبارح.

ابتسمت بفرحة اختلجتها بعض الحسرة التي اختفت سريعا عندما رأته يخرج خاتم الأوبال الذي وضعه في يدها قبل سنوات و رمته هي يوم أعلنت كرهها له ، شهقت بصدمة و طالعته بعينان متأثرتان و نفس متقطع :
– معقول انت لسه محتفظ بيه ؟ انا افتكرتك خلصت منه و زعلت لان قيمته بالنسبالي أغلى من الماس.

– انا عمري ما اتخليت عنه لانه كان رمز علاقتنا مع بعض مهما كانت طبيعتها و لأن الأوبال ده شبهك … هو بيجمع اكتر من لون فجوهرة واحدة و انتي بتجمعي اكتر من صفة في شخصية واحدة و فكل حالاتك بتطلعي حلوة.
وضعه عمار في أصبعها البنصر بعدما أنهى كلماته فبدأ حجر الأوبال يطلق ألوانه إثر إنعكاس ضوء القاعة عليه لتضحك مريم بإنبهار و تطالع حبيبها بعينان لو نطقتا لسمع الجميع غزلا تنهار القلوب له.
بدأ الحفل الضخم و استقبل عمار و مريم التهاني من كل صوب حتى حان دور ندى فتقدمت مع يوسف الذي عانق صديقه بحفاوة أما هي فوقفت أمامهما متمتمة بتحفظ :
– congratulations … بتمنالكم حياة سعيدة مع بعض.

أعطتها عقدا من الألماس كهدية الزفاف و ابتسمت عندما لاحظت أن الكاميرات مركزة عليهم فهي لا تريد خروج إشاعات تافهة عن كون ندى البحيري مستاءة من زواج خطيبها السابق ، صحيح أنها تفاجأت عندما أعلن عمار عن أنه سيقيم حفل زواج متأخر لكي يعلن علاقته بمريم رسميا لكن حدث هذا لأنهما تصالحا رغم ما حدث بينهما يعني حبهما تغلب على كل شيء و عاد مجددا.
حسنا على الأقل هذا يخفف تأنيب ضميرها ناحية مريم التي خسرت طفلها بسبب والدها عادل ، فبعد التفكير مليا وجدت أن ما فعلته مريم في عائلة البحيري قليل ولو كانت هي مكانها لفعلت أشياء أسوء من إفساد زواجها و فضح عائلتها.

أخذت مريم العلبة منها بإبتسامة دبلوماسية شابها بعض الحرج من الموقف برمته ثم تنحنحت بخفة هامسة :
– متشكرة اوي تعبتي نفسك … ندى.

نادتها فجأة بعد صمت دام ثوان فإسترعت إنتباه الأخرى لتردف مريم بجدية :
– اليوم ده أحلى يوم بالنسبالي النهارده أنا هبدأ حياة جديدة مع الراجل اللي بحبه ومستعدة أضحي بعمري عشانه بس مش عايزة ابدا فيها و في غلطات من الماضي لسه بتلاحقني علشان كده انا … انا بعتذر منك لتاني مرة صدقيني مكنش هدفي اؤذيكي بس هي جت كده مكنش عندي طريقة تانية.

كان إعتذارها بدون سابق إنذار فإندهشت ندى ووقفت بحيرة دارتها بثباتها المزعوم و حاولت إختيار كلماتها بعناية ثم نطقت أخيرا قائلة :
– اللي عملتيه غلط فعلا مكنش ينفع تدوسي عليا عشان تنتقمي من غيري.

ضغطت مريم على العلبة التي في يدها بشدة و تململت بإضطراب فنظرت الأخرى ليوسف و عمار وقد تعمدا الوقوف بعيدا عنهما لكب تكون لهما فرصة للتحدث ، ثم نظرت اليها و اِستطردت متابعة :
– بس اللي عملتيه كان سبب في اني اكبر و اشوف الأمور بنظرة تانية عرفت مين اللي يحبني بجد و مين اللي بيتخلى عني في اكتر وقت انا محتاجتله فيه و اتعلمت ازاي اقف على رجليا و مشحتش الحب من حد لأني إنسانة بتستاهل واحد يحبها هي لنفسها مش لانها طلبت منه يعمل كده.
و كمان … عرفت اللي حصلك بسبب بابا انتي خسرتي ابنك و كنتي هتموتي فكرهك لينا كان منطقي بالنسبالك علشان كده انا بعتذر منك و بتمنى ربنا يعوضك.

اِحتكمتها غصة مؤلمة في قلبها فجأة و ظهر الشرخ العميق في عينيها عند ذِكر ذلك الموضوع لكنها تمالكت نفسها و ابتسمت لها هامسة :
– ده مش غلطك انتي ملكيش ذنب في اللي حصل.

هزت رأسها بشكر و غادرت مع يوسف بعدما هنأهما فاِقترب عمار من مريم وحاوط خصرها مغمغما :
– مكنش في داعي تعتذري يا مريم انا كنت مستعد اعتذر منها نيابة عنك.

تنهدت مجيبة إياه ببساطة :
– مكنتش هرتاح غير بالطريقة ديه مش هكدب ع نفسي و اقول اني مغلطتش فحقها واني كنت موجوعة علشان كده انتقمت منها لأ الحقيقة اني غلطت ولو كنت مكانها صدقني كنت هدمر.

داعب وجنتها بلطافة وقبلها ثم رفع رأسه و ابتسم عند رؤيته لريماس قادمة نحوهما بفستانها الطويل الذي كان لونه شبيها بعينيها الخضراوتين ، وقفت أمامها و احتضنت مريم متمتمة :
– الف مبروك بتمنالكم حياة سعيدة.

عانقتها الأخرى بفرحة مدمدمة بكلمات الشكر ليقول عمار بضيق :
– والله شرفتينا أخيرا ليه جاية بدري كده كنتي اتأخري اكتر.

فهمت ريماس أنه يعاتبها على تأخيرها فضحكت بخفة مجيبة وهي تصافحه :
– كان عندي شغل والله مقدرتش الغي كل مواعيدي بس اهو جيت مبروك يا عمار صدقني انا مش عارفة اوصف مدى فرحتي لاني شايفاك مبسوط مع البنت اللي بتحبها.

ضغط على يدها بخفة و التمعت عيناه بإمتنان صادق :
– الفضل الكبير ليكي يا ريماس لولاكي محدش مننا كان هيعرف يتقدم بخطوة واحدة … انتي صديقة طفولتي و دكتورتي و البنت اللي خلتني اعرف اعيش ومهما مدحتك مش هقدر انصفك.
– ديه شهادة بعتز بيها بس متنساش ان لولا قوتك و محاولاتك عشان تتحسن مكناش هننجح.

ردت عليه بلطافتها المعتادة و يبادلها هو بإبتسامته حتى لاحظ تجهم مريم فتنحنح و أفلت يدها طالبا من المساعدين أخذها إلى الطاولة المحجوزة لها هي بالذات و الإهتمام بها خصيصا فهنأتهم ريماس مجددا و ذهبت للطاولة ثم وقفت تطالعهم بحبور و تأثر.
لقد قابلت في حياتها العملية كثيرا من أمثال عمار الذين يعيشون إضطرابات تمنعهم من متابعة حياتهم بشكل طبيعي لكن كان هو بالذات مميزا عنهم جميعا.

ربما لأنها تعرفه من طفولته وكانت ترى مدى وحدته عندما يجلس في مكتبة المدرسة و يبدأ بقراءة كتاب تلوَ الآخر كي يمر الوقت عليه دون ملل ، أو ربما لأنها شاهدة على عشقه الكبير لمريم وكيف قاوم من أجلها.
لا تنكر ريماس بأنها في فترة ما تولد بداخلها الشعور بالاعجاب إتجاه عمار فهي أحبت حبه لزوجته و تمنت لو تجد شخصا مثله في حياتها لذلك كانت تفقد سيطرتها على مشاعرها أحيانا و تغوص في تأمله و التفكير به لكنها استطاعت إستجماع نفسها سريعا و ذكرتها بأنها طبيبة وهو مريضها و هذه ليس أول مرة تعالج شخصا لا يردد سوى إسم معشوقته على لسانه.

تنهدت ريماس بسلام بدّده ظهور رجل من العدم فأجفلت لوهلة ليبتسم هو مغمغما :
– انا شايف الكل متجمع ومبسوط حتى العريس الصنم قاعد بيضحك اهو بس مش فاهم ليه حضرة البرنسيسه قاعدة لوحدها كده.

رفعت ريماس حاجبها بتعجب :
– بتكلمني انا ؟

قضب وجهه و دار بعينيه في المكان قبل أن ينظر إليها بهمس مدعيا الاِستغراب :
– هو في واحدة غيرك جميلة زي الأميرات قاعدة معانا طبعا بكلمك انتي بس اذا بتقولي انك بضايقك بوجودي و عايزاني امشي هحترم رغبتك … و افضل قاعد اتغزل بيكي لحد ما البرينسيس ترضى تكلم الفقير الغلبان اللي مستني نظرة واحدة منها.

نجح في سرقة ضحكة خفيفة منها وهي تعيد خصلة من شعرها الى الخلف ثم هتفت :
– ع كده انت قولت الكلام ده لكام واحدة قبلي يا …

رد عليها سريعا وهو يمد يده لها :
– وائل … انا من طرف العريس صاحب عمار المقرب يعني.

تذكرت ريماس على الفور حديث عمار عن صديقه المحقق وائل الذي كان يساعده في تفاصيل القضية و رجحت أنه نفس الشخص فإبتسمت و مدت يدها هي أيضا ليقبلها الآخر بنُبل بينما تردد :
– وانا ريماس صديقة عمار بردو.

– لا خلاص سحبت كلامي ده لا هو صاحبي ولا بعرفه ازاي يستخسر يعرفني على واحدة بجمالك ايه الصداقة الوحشة ديه.
قالها وائل بمزاح لترفع حاجبها :
– مش شايف انك جريء زيادة عن اللزوم و ممكن تقع في خطر لو فضلت تتعامل بالطريقة ديه.

أجابها بثقته المعتادة :
– شغلي كمحقق علمني ابقى جريء وخلاني بحب الخطر خاصة لو في اخره ست زيك بعيون خضرا و ابتسامة حلوة انتي بتأسري القلوب صدقيني.

– و عايز ايه بقى من دكتورة بسيطة زيي يا سيادة المحقق.
تمتمت ريماسبتثاقل وقد بدأ يلفت إنتباهها فنظر وائل للمتجمعين على حلبة الرقص و قال بنبرة رجولية هادئة :
– رقصة مش هتاخد من وقتك خمس دقايق … بس هتديني لحظات كفاية تعيشني مبسوط خمس سنين لقدام.

*** التفت اليها وطالعها مبتسما على عبوسها :
– مش هتبطلي غيرتك ديه يا غجرية ماانتي عارفة ان ريماس مجرد صديقة و ساعدتنا احنا الاتنين علشان نبقى مع بعض.

مطت شفتها بضيق مفسرة :
– والله انا مش بنكر مساعدتها وبحبها كمان بس يعني بغير شويا لما افتكر انك كنت بتخبي هويتها عني و بتكلمها دايما ولما بسألك بتقولي انها زميلة في الشغل وكمان يوم لما شفتك واقف وبتحضنها انا مش هقدر انسى كنت عاملة ازاي يومها.

ثم تذكرت شيئا ما فإستطردت بوجوم :
– وبعدين ايه لازمة مسكة الايد و الكلام الحلو ده انتي صديقة طفولتي ومهما مدحتك مش هقدر أنصفك.
– الله ده انتي بتغيري اوي يعني.
– لأ طبعا.

ضحك عمار بمزاج رائق وهو يرى عبوس الأطفال خاصتها لقد كانت تموت من الغيرة حرفيا مع أنه توقف عن التعامل مع النساء بأريحية أو معانقتهن كما كان يفعل في السابق ولكن يبدو أن مريم متملكة أكثر منه ، نظر للحضور و شاهد والده و السيدة سعاد مع صديقيه يوسف ووليد كل منهم يراقص زوجته ثم لمح وائل الذي اِستطاع جعل ريماس توافق على الرقص معه بعدما كادت عيناه تخرجان من مكانهما عند رؤيتها تدخل للقاعة.
فتنهد و مد يده منحنيا بعض الشيء مغمغما :
– تسمحيلي بالرقصة ديه يا بنت الغجر.

إبتسمت مريم بجذل وقد نست إنزعاجها فوضع يدا أسفل ظهرها يخاصرها بخفة كما لو كان يُطوِّق فراشة ، و مضى معها نحو حلبة الرقص لتحط بيدها على كتفه و تبدأ بالتمايل معه على أنغام الموسيقى الهادئة.
كانا عاشقان يرقصان في قاعة تتضاعف فيها خطاهما بعدد مراياها فيزدحم بهما الحب و الشغف نشوة ولو كان الزمن يتوقف لَقَبَضت على هذه اللحظات الباهرة في بذخها ، هي لا تريد إمتلاك المكان بل إمتلاكه هو بالكامل ، إذا كان الغرق قدرها فلا مانع إن غرقت في تأمل عينيه الزيتونيتين المشعتان حبا و إن كُتب عليها ألم العشق فستتقبله بصدر رحب !

أدارها عمار مرتين و عاد يجذبها اليه ويرقص على الإيقاع بخبرة جاعلا مريم مثل الفراشة التي تحوم في كل مكان مخلفة أثرا لا ينسى ، ثم أسند جبينه على خاصتها مرددا ببحة رجولية متثاقلة :
– أنا بحبك لدرجة اني مستعد أموت علشانك ممكن تحسي ان حبي معقد و متملك و هيبقى صعب عليكي تواجهيه لو كان اسمه هوس ف أيوة أنا مهووس بيكي يا مريم ومش هسمحلك تتنفسي فمكان انا مش موجود فيه.

– انا عندي القدرة أواجه كل حاجة مادامك معايا.
ردت عليه سريعا بثقة منقطعة النظير فقبَّل وجنتها لتنتهِ فقرة الرقص و يمُرّا على فقرات أخرى ضمن حفل الزفاف حتى وصلت اللحظة المنتظرة التي تتجمع فيها الفتيات العازبات كي تلقي عليهن العروسة باقة الورد ، دخلت ابنة خالتها ثريا بجسدها الصغير وسطهن و صاحت بحماس :
– انا هنا يا مريم ارميهالي.

صفر وليد بإنبهار و تحرك كي يذهب فأمسكته هالة متعجبة :
– انت رايح فين ؟
– هقرب عشان اشوف عروسة ااا اقصد علشان اعرف مين اللي هتتجوز من بعد مريم.

تجهمت تقاسيم وجهها فوكزت ذراعه متمتمة بحدة :
– وانا هجي معاك عشان اشوف عريس ااا اقصد عشان اشوف مين اللي هيتجوز من بعد عمار.

ضحك يوسف عليهما بخفة و نظر الى ندى التي كانت تبدو سعيدة حقا بأجواء الزفاف لولا أن أمها فريال عكرت جمال اللحظة بهمسها :
– يا بجاحتهم فرحانين بحبهم بعد كل اللي عملوه فينا وانتي نسيتي كل حاجة و سامحتيهم.

تنهدت ندى بيأس و أجابتها :
– مامي انا قررت انسى الماضي و اعيش مع الراجل اللي بحبه ومش مهتمة بمين اللي اتجوز و مين اللي اتطلق انا مرتاحة مع يوسف ومليش دعوة بغيره هو حضرتك مش عايزاني ابقى مبسوطة مع جوزي.

ردت عليها فريال بلهفة :
– لا طبعا انا امنيتي الوحيدة اني اشوفك انتي واختك مرتاحين ده انتو اللي طلعت بيكم من الدنياا يا حبيبتي.

إبتسمت ندى متمتمة :
– تمام يبقى ننسى اللي فات وانا لسه عند طلبي انك تسافري معانا بعد يوسف ما يخلص travel procedures.
– مبقدرش اسيب بيتي و بلدي يابنتي ده صعب عليا اوي.
– مش هنسيبهم هنبقى ننزل كل فترة حضرتك عارفة شغل يوسف محتاج منه يسافر وانا لازم ابقى معاه ومش هعرف اسيبك هنا لوحدك.

زفرت فريال بحيرة ثم طلبت منها وقتا للتفكير لتوافق الأخرى على أمل أن توافق والدتها و يتركا القصر الذي لم يجلب لهما سوى المشاكل و الطمع ، ثم نظرت ليوسف الذي كان يستمع لحديثهما برضا و قبل وجنتها معربا عن فخره بها :
– I’m proud of you … و بحبك اوي.
– وانا بعشقك.

في تلك الأثناء كانت مريم تستعد لإلقاء باقة الورود بحماس تحت هتافاتهن حتى رمتها ووقعت على آخر فتاة توقعتها … ريماس !
رفع عمار حاجباه بدهشة بينما صفر وائل متخليا عن هيبته المعتادة لتضحك الأخرى بغير تصديق مقلبة الباقة بين يديها فهي كانت تقف في موقع بعيد عن الفتيات عمدا :
– وقعت عليا منين ديه.

ردد وائل بمزاج رائق :
– هعتبرها إشارة ممكن يحصل فرح تاني قريبا.

من الناحية الأخرى زفرت ثريا بحنق وذهبت إلى مريم تختال بشعرها الغجري الطويل و تهتف :
– انا كنت واقفة من الناحية ديه غلطتي ومشوفتنيش ازاي.

ضحكت مريم تراضيها فإقتربت منهما خالتها ممسكة إياها بغيظ :
– انتي هتموتي نفسك عشان الورد ليه يابت عاوزة تتجوزي.
– ااه لا خالص بس كان نفسي اخد صورة وانا شايلاها.
– طيب تعالي ياختي مرات اخوكي قاعدة لوحدها هناك.

سحبتها معها و ظل العريسان يستقبلان التهاني و يلتقطان الصور حتى جاء أصدقاء عمار و طلبوا منه أن ينضم إلى الرقصة التي ستقام على شرفه الآن امتنع في البداية مبررا بأنه لا يحبذ الجو الصاخب لكن عندما لاحظ أن زوجته متحمسة وافق على مضص و دخل في الدائرة التي شكلها الرجال و انخرط معهم في الرقص ليرفعه يوسف و وليد عاليا و يطلقا الصفير هاتفان بإسمه أما مريم فكانت تقف بجانب هالة و زميلاتها تتابعه وتصفق بعفوية حقيقية …
راقبهم رأفت بصمت و تأمل ملامح عمار السعيدة فلم يستطع منع عيناه من إظهار دموع التأثر غير أنه تمالك نفسه سريعا شاكرا ربه لأنه منحه الفرصة لكي يتدارك اخطاءه و يتصالح مع إبنه ، اقتربت منه سعاد ووضعت يدها على كتفه مهمهمة بهدوئها المعتاد :
– مفيش داعي تفكر في الماضي وتندم عليه كل مرة يا رأفت الحمد لله كل حاجة اتصلحت و ابننا فرحان مع البنت اللي بيحبها.

هز رأسه موافقا إياها و قال بحب خالص و إحترام :
– لولا وقفتك جنبي في الاوقات الصعبة مكنتش هقدر استحمل كل المشاكل اللي عدت علينا انتي نعمة ليا و لعمار يا سعاد مهما شكرتك هيفضل قليل في حقك.
– انا مش محتاجة شكر منك يا رأفت لأني مش غريبة عنكم كل اللي نفسي فيه هو انكو تفضلو مبسوطين ومرتاحين.

قبل رأفت يدها بحب و ضمها من كتفها ليلمحا عمار قادم ناحيتهما و يمسكهما :
– انتو واقفين لوحدكم هنا ليه احنا هناخد صورة عائلية يلا.

و كانت أول صورة تجمعهما كأسرة منذ سنوات طويلة !

طريق العشق.

💖💖💖💖💖💖

” الحب الحقيقي لا يموت بل يبقى حتى النهاية ، إذا كان هناك من يحبك فأنت إنسان محظوظ وإذا كان صادقاً في حبه فأنت أكثر الناس حظاً ” # مقتبس

بعد مرور ثلاث سنوات.
داخل شركة البحيري و بالضبط في مكتب رئيس قسم الترجمة.
اعتدلت في جلستها بمرونة تحدق في الأوراق و الجهاز أمامها بتركيز حتى طرقت المساعدة الباب و دلفت متمتمة بإحترام :
– مدام مريم دول الملفات اللي حضرتك طلبتيهم مني.

حادت بعينيها عن الحاسوب و قالت :
– تمام شكرا، المتدربين اللي دخلو النهارده عاملين ايه معاهم.
– احنا بنعملهم تقييم من دلوقتي بفضل الدورات اللي حضرتك فتحتيها قدرنا نستقطب عدد كبير من الناس اللي عندها مؤهلات و ملقيناش مشاكل معاهم.
– عايزاكم متتساهلوش معاهم بس تقدمولهم كل اللي بيحتاجوه في التدريب و اه ابعتيلي التفاصيل ع الايميل هبقى اراجعهم وانا في البيت.
– أمرك يا فندم عايزة حاجة تانية مني.
– No Thanks تقدري تتفضلي.

اِستأذنت المساعدة و غادرت أما مريم فنظرت إلى ساعة يدها تتحقق من الوقت ثم طالعت صورة زفافها الموضوعة على سطح المكتب بإkبتسامة لتغلق الحاسوب و ترتدي الجاكيت الخاص بها و تتوجه إلى مكتب عمار ، طرقت الباب و دخلت مرددة :
– مش كفاية شغل بقى اليوم خلص.

رفع رأسه إليها و ابتسم بهدوء :
– وحشتك ولا ايه خلاص فاضلي حاجات بسيطة و اخلص.

سارت مريم نحوه و أغلقت الجهاز وهي تقول :
– ايوة وحشتني عشان كده انا جاية اخطفك.

أمسكت يده لينهض عمار ثم حاوط خصرها وجذبها مغمغما بتلاعب :
– متشوق اعرف هتخطفيني تعملي بيا ايه.

ضحكت مريم و تمنعت عنه بدلال عندما أراد تقبيلها :
– انت نسيت ان وليد وهالة عاملين عزومة طنط سعاد و رأفت بيه هيبقو موجودين كمان.
– عزومة ايه ديه لا مش فاكر خالص.

زمت شفتيها بحنق فوكزته بخفة وهي تهتف :
– بلاش تتهرب يا عمار انت عارف ان صاحبك مبسوط عشان عرف ان هالة هتجيب بنوتة و عايز يحتفل معاك بما ان يوسف مسافر.

صمتت قليلا تتلاعب بأزرار قميصه ثم أرفدت بنبرة خافتة دون أن تنظر له :
– ولو انت خايف عليا ازعل و احس بالنقص متقلقش مش هعمل كده بالعكس هفرح لان هالة ديه اختي.

تجهم وجه عمار و طالعها بهدوء وقد استطاعت كشف سبب رفضه للدعوة فهي رغم ادعائها عدم تأثرها بموضوع الحمل و الإنجاب إلا أنه يعلم جيدا مدى شوقها لأن تعيش إحساس الأمومة ، يراها تتأمل صور الأطفال بلهفة و تتصفح حساباتهم على مواقع التواصل و يرى لمعة عينيها عندما يكونان سويا في الشارع فترى طفلا بصحبة والديه و ملابس الصغار المعروضة في المحلات.
لقد مرت سنوات على مريم وهي تتلقى للعلاج و تحسنت حالتها الصحية بالفعل لكن لم يحدث حمل بعد كانت في البداية تنهار و تتلف أعصابها عندما تعتقد بأنها حامل ثم يخيب أملها ، غير أنها مع مرور الوقت أصبحت أكثر عقلانية و تفهما لكن هذا لم يمنع شعورها المتواصل بالحزن خاصة عند تلقي تلك الأسئلة المتطفلة من الناس عن سبب عدم إنجابها لحد الآن.

التمعت عينا مريم بإنكسار لن يُجبر و رفعت رأسها إليه هامسة بحشرجة تكشف عن مكنونات قلبها :
– خلاص هعترف انا كل مرة بحاول متأثرش لما افكر في الحمل بس غصب عني بلاقي نفسي موجوعة يا عمار وحتى انت … حتى انت عندك نفس اللهفة اللي عندي بشوف لمعة عينيك لما بتلعب مع ابن وليد و بنت يوسف او اي ولد تاني ساعتها ببقى حاسة بالذنب اكتر عشان …

قاطعها عمار على الفور و تكلم بصلابة و جدية :
– اوعى تكملي يا مريم فاهمة اوعى اسمع الكلام ده منك تاني انا وانتي واحد ولو كان نفسي ابقى أب لبيبي ف ده علشان انتي تبقي أمه … انا قولتلك من قبل ان ده امتحان لينا احنا الاتنين و هنجتازه و احنا مع بعض وحتى لو لا قدر الله مقدرتيش تحملي فأنا هفضل مكتفي بيكي انتي وبس مش عايز حاجة متكونيش جزء منها.

شعر عمار بالضيق لأنها تشعر بالذنب إتجاهه لكن رؤية حزنها الآن خفف من حدته وجعله يهدأ قليلا فهذا الأمر خارج عن سيطرتها ولا تستطيع التحكم به ، فتنهد و قبل وجنتها هامسا بإبتسامة :
– الوقت اتأخر يلا نمشي.
– مش هنروح للعزومة.
– هنروح بشرط نقضي الليلة ديه في الشقة بتاعتنا عايز نبقى لوحدنا بعيد عن القصر.

إبتسمت مريم و هزت رأسها موافقة فأمسك يدها و غادرا المكتب سويا …
___________________
بعد مرور شهر آخر.
تململت في الفراش الوثير و فتحت عيناها تستقبل ضوء الشمس مستعدة ليوم جديد … تمطعت بكسل ثم نظرت لجانبها لكنها لم تجده فنهضت و اِغتسلت ثم ارتدت ملابس بيتية بما أنها في إجازة من العمل اليوم و نزلت إلى الطابق السفلي لتجد السيدة سعاد و السيد رأفت جالسين على طاولة الطعام ، ألقت عليهما تحية الصباح و جلست متسائلة :
– عمار فين انا ملقتوش في الاوضة لما صحيت.

ردت عليها سعاد بهدوء :
– صحي بدري عشان يروح للمصنع قال عنده شغل هناك … قوليلي انتي عامله ايه دلوقتي لسه تعبانة.

تذكرت مريم كيف أصيبت بالدوار ليلة البارحة و أغمى عليها فتسببت بهلع الجميع خاصة عمار الذي أصر على أخذها إلى المستشفى لولا إقناعها له بأنها بخير و أن الإغماء كان بسبب تعبها فأجبرها على المكوث في المنزل اليوم و منعها عن التواصل مع أحد من الشركة أو القيام بشيء ما حتى تستعيد عافيتها ، تنهدت بخواء و هزت رأسها مومئة بطمأنة :
– انا كويسة يا طنط بقيت أحسن بس كان لازم انزل للشركة النهارده في شغل لازم يتعمل.

نظر إليها رأفت و تدخل في الحوار قائلا :
– انتي بتتعبي نفسك كتير الايام ديه علشان كده مرضتي لازم تاخدي بالك من نفسك وتقعدي ترتاحي شويا و ان كان ع الشغل أنا كلفت موسى يعمل الازم على ما ترجعي متقلقيش.

رفعت سعاد حاجبها و حدجته بعدم تصديق فاِستطرد مستدركا :
– يعني لو حصلك حاجة لا قدر الله عمار هيزعل ومش هيعرف يركز في حاجة علشان كده يعني.

أومأت مريم ببطء و حاولت تناول الفطور لكن معدتها المتقلبة منعتها من ذلك فاِكتفت بأكل ثمرة تفاح أخضر ذو طعم حامض ونهضت عن المائدة ، تابع رأفت خطواتها بينما تستقل المصعد كي تذهب للطابق العلوي ثم نظر لسعاد هاتفا بجدية :
– لو سمحتي ياحبيبتي خدي بالك عليها انا بقالي فترة بلاحظ انها بتتعب نفسها زيادة شوفي هي محتاجة ايه عشان ممكن تتكسف و متقولش.

صمت قليلا ثم أردف بصوت خافت :
– عمار قالي انها زعلانة بسبب تأخير الحمل ياريت تقعدي معاها و تهوني عليها شويا انتي عارفة البنت يتيمة وملهاش حد غيرنا تشكيله همها مش عايزين نبقى مقصرين معاها.

همهمت بإيجاب و تفهم :
– ايوة انا كنت هعمل كده اساسا متقلقش عليها.

ضيق رأفت حاجباه مصطنعا عدم الاهتمام :
– مين قالك قلقان عليها انا بس مش عايز ابني يزعل لما يشوف مراته تعبانة.

– اه واضح ع اساس مشوفتش لهفتك عليها امبارح لما وقعت خلاص بقى متنكرش انك بقيت تحب مريم و تعتبرها زي عمار ابننا.
راوغته سعاد بمكر فتنهد الآخر مستسلما :
– ماشي هعترف انا معنديش مشكلة معاها صحيح في الاول مكنتش متقبل وجودها اوي بس بعد ما شفت حبها لعمار و ازاي بيبقى مبسوط وهي معاه وكمان احترامها لينا اقتنعت اني غلطان فحقها و بتستاهل يبقى عندها عيلة تحبها … كفاية اني كنت السبب فبعدهم عن بعض من الاول.

واسته سعاد بلطفها المعتاد وبعد مغادرته صعدت إلى غرفة مريم وطرقت الباب لكنها لم ترد عليها فشعرت بالقلق و دخلت لتجدها تستفرغ في الحمام الملحق بالجناح فإقتربت منها مرددة بلهفة و قلق :
– في ايه مالك يا بنتي.

انحنت مريم بإرهاق و أغمضت عينيها هامسة :
– مش عارفة … حاسة نفسي غامة عليا اوي و معدتي مش مستحملة.

ساعدتها سعاد في الإغتسال و رافقتها لتضعها على سريرها بينما تهتف بإستعجال :
– هتصل بالدكتور عشان يجي يشوفك و ارن على عمار اا…

قاطعتها مريم على الفور :
– لا مفيش داعي انا مش عايزة اقلقه عليا هو من غير حاجة معرفش ينام امبارح بسببي وكمان مش عايزة دكتور انا كويسة والله.

– كويسة ازاي مش شايفة حالتك عاملة ازاي.
اعترضت سعاد بإستنكار وفجأة سكتت مفكرة في شيء ما لتتساءل مستدركة :
– ازاي معدتك تعباكي و بترجعي و انتي مكلتيش حاجة من امبارح.

ردت عليها بإرهاق :
– معرفش بقالي كتير برجع اول ما اصحى الصبح ومبقدرش اكل.

سألتها مجددا عن دورتها الشهرية فأخبرتها مريم عن أنها لم تأتها منذ شهر فشهقت سعاد بإدراك و نظرت لمريم تتحقق من وضعها لتزدرد ريقها و تهتف بترقب :
– هو ممكن … يعني انا مش متأكدة بس الاعراض ديه بتاعت واحدة حامل كمان شوفتها ع ندى لما حملت.

انتفضت مريم بصدمة و اعتدلت في جلستها هامسة :
– ايه حامل معقول ؟

وضعت يدها على بطنها بإرتجاف و دموع تردد هذه الكلمة بين شفتيها لكنها سرعان ما هزت رأسها تنفي ظهور أمل سيخيب قريبا لو كانت مخطئة :
– لا مستحيل اا انا مش حامل اكيد لأ.

جلست الأخرى أمامها بلهفة لم تستطع السيطرة عليها :
– مستحيل ليه مش انتي خلاص اتعالجتي و بقيتي كويسة.

نزلت دموع مريم بغزارة كالوديان و رفعت رأسها مرددة بصوت متحشرج :
– مش عايزة اتأمل ع الفاضي يا طنط و اطلع في الاخر غلطانة مش هستحمل الوجع ده تاني.

عانقتها سعاد بمواساة و ربتت عليها متمتمة :
– احنا هنعمل اللي علينا و ان شاء الله أملك ميخيبش يا بنتي استني هرن على عمار و اقوله…

قاطعتها مريم على الفور :
– لا خلينا نتأكد الأول عشان ميتحمسش ع الفاضي لو سمحتي.

ترددت في البداية ولكنها أومأت موافقة على أي حال ، ساعدتها في إرتداء ملابسها و في ظرف دقائق كانتا متجهتان إلى المستشفى لتقوم مريم بالتحليل و أخبروهم أن النتيجة ستظهر بعد 24 ساعة …

**** مساء اليوم التالي.
توقفت السيارة الفاخرة عند وصولها إلى القصر و ركض السائق يفتح الباب الخلفي ليخرج منها رأفت ثم عمار وهما يتسامران و يضحكان ، نظر ناحية الباب متوقعا أن يجدها تنتظره كما اعتادت في الأيام التي لم تكن تذهب فيها للعمل إلا أنه لم يلمحها فعبس بوجهه قليلا لكن رأفت أخرجه من شروده قائلا :
– يمكن مطلعتش عشان الجو برد دلوقتي.

تنحنح عمار مستفيقا و شعر ببعض الحرج لأن لهفته كانت واضحة على وجهه إلى هذه الدرجة فاِبتسم و دخل معه ، كانت سعاد قابعة في الصالة بمفردها فقبل وجنتها و جلس بجوارها مرددا :
– الكوين قاعدة هنا لوحدها بتعمل ايه يا ترى فين الشعب بتاعك.

تدخل رأفت في الحوار بمراوغة :
– انت بتسأل ع الشعب كله ولا على واحدة بالذات عشان تعرف ترد عليك.

ضحك عمار أما سعاد فنظرت له بهدوء مجيبة إياه :
– مريم قاعدة في اوضتها فوق و منزلتش خالص.

– ليه هي مالها في حاجة ؟
تساءل وقد بدأ يشعر بالتوجس لكنها أخبرته بأن يصعد إليها ويعرف بنفسه فنهض سريعا و ذهب الى الجناح الخاص بهما ، فتح الباب ووقع قلبه أسفل قدميه حين دار بعينيه يبحث عنها فوجدها مفترشة الأرضية تستند على السرير خلفها وهي تمسك تمسك غرضا ما بيدها و هناك ظرف ورقي ملقي بجانبها.
التاعت ملامحه فركض إليها مغمغما :
– في ايه يا مريم مالك قاعدة كده ليه !

ضغطت على يدها و نظرت اليه لتتبين عيناها الحمراوتين و شعرها الملتصق بوجهها بسبب الدموع ، كان صدرها يتراقص صعودا و هبوطا ولاحظ عمار ذلك فإزداد فزعه و احتوى وجهها بكفيه مدمدما بجنون :
– انتي بتعيطي كده ليه ردي عليا ؟

– انا .. انا ..
تقطعت حروفها قبل إكتمالها فأغمضت عيناها و احتضنت يده الموضوعة على وجهها وهي تسحب كمية من الهواء كي تلفظه دفعة واحدة و تتبعه كلماتها :
– انا روحت للمشفى امبارح و عملت blood analysis … و النتيجة طلعت.

مستشفى و تحليل دم و نتيجة عما تتحدث هذه الآن ولماذا تبكِ ؟! فكر عمار في بضع ثوان وقد دارت كل الإحتمالات السيئة في ذهنه فكاد قلبه يتوقف عن النبض لكنه استطاع تمالك نفسه في النهاية و غمغم بصوت مثقل :
– اهدي شويا و فهميني تحليل ايه اللي عملتيه مقولتليش ليه و قاعدة بتعيطي ليه !

أخذت مريم نفسا عميقا و ألقته مع قنبلتها أخيرا :
– أنا حامل…

زفر عمار براحة و تمتم :
– خضتيني والله اا… ايه ؟

ضحكت بعاطفة و قالت مجددا :
– أنا حامل يا عمار.

كلمات ذات وقع غريب غير مألوفة بالمرة ألقتها على مسامعه فتجمد وجهه و بقيت شفتاه مطبقتين دون أن يبدي حركة ، ثم أطرق لبرهة يحاول إستيعاب ما تقوله وقد بدأت أنفاسه بالتثاقل حتى ظن أنها ستنقطع بعد قليل ، مسح عمار على وجهه و غمغم بتشتت :
– انا حاسس نفسي بسمع او بفهم غلط عملتي التحليل امتى و ازاي و ليه مقولتليش.

تنهدت متفهمة أنها رمت عليه صدمة غير متوقعة فإلتقطت التحليل و أعطته له هاتفة :
– طنط سعاد قالتلي امبارح اني ممكن ابقى حامل علشان كده بتجيلي الاعراض ديه صراحة خفت أقولك وتطلع توقعاتنا غلط و تزعل فروحت للمستشفى لوحدي عشان اعمل تحليل و النهارده الصبح طلعت النتايج … إيجابية.

مرر عمار زيتونيتاه على الكلام المكتوب أمامه و الذي يظهر أن هناك جنينا في بطن زوجته فإستنفرت عواطفه و غامت عيناه بعمق أكبر لينتفض واقفا و يوليها ظهره وهو يصاب بذعر عاطفي حاد بعدما أدرك أنهما نالا المراد أخيرا !
مريم ستصبح أما كما تمنت وهو سيكون أبا لطفلها حلمهما الذي اِمتد منذ سنوات ها قد تحقق الآن أي رحمة و أي هدية عظيمة هذه !
شظف صدره فرفع يده يحل أول زرين من قميصه طالبا الهواء و عيناه تتحققان من التحليل الذي مازال بيده …

أما مريم فكانت كما هي قابعة على الأرضية و تطالع حالته التي كانت شبيهة بحالتها صباحا وهي ترى النتيجة تذكرت صدمتها المهلكة و كيف دخلت في شرود عميق جعل سعاد تتوجس و تتأكد من إذا كانت واعية لما يحدث أمامها.
هي لم تتوقع أبدا أن تواجه مثل هذه السعادة بعدما أوشكت على فقدان الأمل ، عند إستيعابها لحقيقة وجود جنين داخلها الآن فقدت السيطرة على نفسها و انهمرت في بكاء حاد يتضاعف كل ثانية و طفقت تفكر في كيفية قول هذا الخبر لعمار هل تتصل به فورا أم تجهز له مفاجأة.

إلا أن حساباتها فشلت عندما اتصل بها هو صباحا و أخبرها بأنه سيأت مبكرا اليوم لأنه يشتاق إليها ووجدت نفسها تفترش الأرض و تنتظر كي تزف له البشرى.
وضعت مريم يدها على بطنها تتحسس صغيرها وفي لحظة كانت تصرخ عندما هرع إليها عمار على حين غرة و اقتلعها من مكانها يحملها و يدور بها ضاحكا بصوت عالٍ فلم تجد الأخرى إلا أن تشاركه الضحك مرددة :
– استنى هتوقعني يا عمار استنى.

أنزلها و ضم وجهها بين يديه هادرا بصخب :
– انا مش مصدق حاسس نفسي بحلم يا مريم أخيرا أمنيتك اتحققت يا حبيبتي هتبقي أجمل و أفضل أم في الدنيا وانا هبقى أب لإبنك او بنتك.

عانقها بشغف دافنا وجهه في عنقها وبعد دقائق انسلخ عنها متمتما :
– يلا خلينا ننزل ونشارك فرحتنا مع اللي بنحبهم.

أماءت بحماس فأمسك يدها و نزلا للطابق السفلي حيث كانا والداه يجلسان معا و عندما رأته سعاد هرعت تحتضنه إليها بقوة مرددة بعاطفة أمومية :
– الف مبروك ياحبيبي ربنا يجعله إبن يقر عينك يارب.

أغمض عمار عيناه بسلام و أجابها :
– يبارك فيكي يا أمي … مع ان حضرتك قطعتيلي الخلف من شويا.

قهقه رأفت الذي إقترب من مريم الواقفة بعيدا ولصدمتها قبل جبينها هاتفا برصانة :
– مبروك يا بنتي ربنا يديم سعادتك.

أفاقت من ذهولها الذي كان يتملكها منذ أيام! عندما كانت تراه قلقا عليها و يهتم بها ثم تنحنحت بتلجلج :
– متشكرة اوي يا رأفت بيه.

قضب حاجباه بوجوم واضح وعلق :
– انا والد جوزك و جد إبنك ليه بتفضلي تقوليلي يا بيه مش فاهم.

ارتسم التوتر على وجهها و نظرت لعمار بطرف عينها كي ينقذها من هذا الموقف إلا أنه فاجأها بإبتسامته كأنه يقول لها تصرفي بنفسك ، رفعت يدها تعيد خصلة وهمية للخلف ثم طالعته مجيبة :
– انا افتكرت حضرتك هتضايق لو شيلت الرسميات مابيننا.
– بالعكس انا بقالي كتير مستنيكي تتعاملي معايا كأني واحد من عيلتك بس يمكن مقدرتش اخليكي…

قاطعته هي بلهفة صادقة :
– لا خالص والله حضرتك مقصرتش معايا ابدا و كنت بتعاملني حلو دايما حتى لما تعبت شوفت خوفك عليا ، وهفرح اكيد اذا اعتبرتني بنتك … يا عمو رأفت.

نطقت بآخر جملة بخجل واضح فربت الآخر على وجنتها برفق وقبل جبينها مجددا و انتقل لإبنه يعانقه بفرح ، توالى الصخب في المكان مع التهاني و طلبت سعاد أن يتكتموا على الحمل حتى يثبت و ألا يخبروا أحدا سوى المقربين فقط فوافقتها مريم وبعد قضاء الوقت معهم أمسك عمار يد زوجته و اِستأذن من والديه كي يصعدا للجناح الخاص بهما…

و عند دخولهما أخذ نفسا عميقا ثم التفت إليها متشدقا بعاطفة :
– انتي مش عارفة انا حسيت بإيه لما ماما قالتلي تحت انك منزلتيش و جيت لقيتك قاعدة كده وبتعيطي و بتتكلمي على مستشفى و تحليل انا كنت هموت وبعدين تقوليلي انك حامل … مريم كل ده كتير عليا !

– وانا زيك حاسة اني مش هقدر اتحمل السعادة ديه كلها خايفة يا عمار بس لما افتكر انك جنبي ببقى مطمنة … أخيرا اتحقق حلمنا احنا الاتنين و هنعيش مبسوطين مع ابننا بإذن الله.
تمتمت بحشرجة مطالعة وجهه الذي ينضح بسعادة لا توصف ثم تابعت بكل العشق الموجود في العالم :
– شكرا لأنك معايا و بتنورلي حياتي … أنا بحبك يا عمار.

مسح دموعها بأصابع مرتجفة وطبع قبلة على جبينها مغمغما :
– وانا بشكرك لانك سبب سعادتي … انا بعشقك يا غجرية.

قبلها بجنون و ضمها فلفت يديها حوله تطوقه بقوة و أنفاسه تلفح رقبتها ويداه تمران بوتيرة سريعة على شعرها المجعد ، كانت مريم تحس بسلام رهيب كأنها اِمتلكت الدنيا بين يديها و خدر يشبه ذلك الخدر الذي يصيب الإنسان بعد رحلة مشي طويلة.
وقد كانت رحتلها طويلة بالفعل ، مرهقة للحد الذي جعلها في يوم من الأيام تيأس و تستسلم ، مؤلمة لدرجة وقوفها قبل سنوات على حافة الجسر تنوي الإنتحار ، إنها ترى الفرق الواضح بين حملها هذه المرة و حملها منذ سنوات.
في تلك المرة كانت بائسة تعيش بمفردها وتعاني من الوحدة و ألم العشق ، مذعورة و خائفة من رد عمار عندما يعلم بأنه سيصبح أبا من المرأة التي أخبرها من البداية أنه يلا ينوي إنجاب الأطفال منها أو من غيرها ، أما الآن فهي إمرأة ناجحة تعيش في بيت ممتلئ بالدفء مع زوج رائع يعشقها وقد كاد يجن من السعادة عندما أخبرته بأنها حامل.

أدركت مريم في هذه اللحظة أن تلك الآلام التي عاشتها مسبقا لم تكن سوى شوكا غرس في طريق يقبع في آخره النجاح و علمت بأن السعادة لا تأت بسهولة ..
فإذا أرادت القمة فعليها التعب من أجلها و إن أرادت السعادة يجب أن تبدأ بتغيير نفسها هي قبل كل شيء !

*** مرت 3 سنوات أخرى على ذلك اليوم ، و هاهي صاحبة العيون الكحيلة و الشعر المموج تجلس على المقعد بجوار باب الحديقة الخلفية التابعة للشقة التي تقضي فيها عطلتها مع عائلتها الصغيرة و تقرأ من كتابها المفضل ، مطالعة من الفينة للأخرى عمار الذي كان يمشي بخطوات بطيئة على العشب الأخضر وهو يمسك يد صغيرتهما الجميلة التي تعلمت المشيء منذ فترة قصيرة …. ” ألما “

طفلتهما التي حملت معنى إسمها “روح الفتاة المرحة” أصبحت نسخة طبق الأصل من والديها بشعرها الأسود المجعد سريع النمو و عيناها الزيتونيتان و بشرتها الخمرية فورثت بذلك صفات كلا من والديها مع ضحكتها التي تعلو الآن عندما رفعها عمار عاليا بين يديه و طفق يدور بها…
من يراه الآن لا يصدق أنه عمار البحيري المعروف بهدوئه و إتزانه الكبيرين ، فمنذ أنجبت ألما مدللة أبيها أصبح أكثر لينة و حنانا خاصة مع طفلتهما هذه التي يطلق عليها لقب “الغجرية الصغيرة”

ضحكت مريم حين وجدت ألما تشد شعر عمار وهو يضحك بألم محاولا تحرير نفسه من قبضتها فنهضت جاعلة الهواء يطير شعرها و يعبث بفستانها الملون و يزيد من رنات خلخالها ثم إتجهت إليهما مرددة :
– مش هتلعبوني معاكم.

– احنا بنعمل مصارعة هنا مش بنلعب و بنتك قطعت شعري.
هدر بوجع وأخيرا فك يديها عنه فصاحت الطفلة بإنزعاج :
– ااا ب .. با با..

رمقها عمار مبتسما بقلة حيلة :
– بابا هيبقى قرعة بسببك ياحبيبتي.

أمطرها بوابل من القبلات وهي تضحك فإنضمت مريم إليهما ليمسكها من خصرها و يقبل شفتيها في غفلة منها ، شهقت بخفة ثم ضحكت هي أيضا و طبعت قبلة على وجنته هامسة :
– انت فاكر النهارده بيمثل ايه.

لمعت عيناه بوميض ساحر و ملس على وجهها مهمهما بإيجاب :
– في اليوم ده بالذات قبل 12 سنة أنا كتبت كتابي عليكي و بقيتي ليا … لسه فاكر قد ايه كنتي جميلة بفستانك الأبيض.

إنشرحت تقاسيمها لأنه لم ينسَ هذا اليوم و أردفت بحنين :
– كنت خايفة اوي في اليوم ده و عيطت لاني هروح مع واحد مشوفتوش غير مرتين او تلاتة … مكنتش اتوقع ان نفس الشخص ده هعشقه بالشكل ده.

رد عليها عمار بنفس النبرة الرخيمة :
– ولا انا كنت عارف ان الغجرية اللي سحرتني من اول مرة و افتكرت اعجابي ليها مؤقت هبقى مجنون بيها للدرجة ديه … بس هي ديه الحياة محدش عارف ايه اللي ممكن يحصل فيها.

ترقرقت عيناها بغير إرادة منها فوضعت رأسها على صدره ولفت يدها حول خصره و بيدها الأخرى أمسكت قبضة ألما الصغيرة ، و اِستكانت في حضنه مهمهمة :
– أنا بعشقك لدرجة اني أحيانا بحس ان قلبي مش قادر يشيل الحب ده كله انت عملت فيا ايه يا عمار ازاي خليتني مجنونة بيك وبعينيك بالشكل ده.
– اتكتب في قدرنا نكون لبعض رغم اختلاف حياتنا و أحلامنا و طريقة تفكيرنا.

همهمت مريم وطالعته متسائلة بدلال :
– طيب انت حبيت مريم الغجرية اكتر ولا مريم اللي دخلت للشركة بهيأة و مشاعر مختلفين عن الاولى خالص.

رفع عمار حاجبه مدعيا التفكير ثم أراح فضولها عندما أجابها :
– حبيتك فكل حالاتك بهدوئك و رقتك و بقوتك وشراستك حتى كرهك ليا حبيته ومكنتش مستعد اتخلى عنك حتى لو هتحرق ب نارك.

عضت على شفتها و اِبتسمت بشغف تسحب منه كلمات أكثر :
– اتحرقت ب نار مين ؟

رمق إبنته التي مدت يديها لأمها فاِستقبلتها بدورها سريعا ثم تنهد مغمغما بكل الحب الذي يكمن في العالم

تمت

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نيران الغجرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *