رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم آية محمد رفعت
رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم آية محمد رفعت
رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) البارت الخامس والأربعون
رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الجزء الخامس والأربعون
رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الحلقة الخامسة والأربعون
استغل ذلك اللعين إنشغال “فهد” بالإطمئنان على ابنته وعائلته، ثم أخرج من جيبه السكين وعينيه مسلطة على صدره، كان يود أن يستهدف قلبه حتى يضمن بأن تحيطه موتة سريعة ستقضي عليه، فعلى كل حال هو قتيلًا بنهاية الأمر، فهو يعلم بأنه من المستحيل أن يدعه “آسر” حيًا بعدما كان يود فعله لعائلته لذا كان يود الموت بعدما يضربهما في مقتل، لذا اندفع بشراسةٍ تجاه من يوليه ظهره، فما أن انتصب “فهد” بوقفته حتى دفعه “آيان” الذي كان يراقب عيون ذاك الوغد من بدايةٍ الأمر، فارتد جسد فهد للخلف جراء دفعة آيان له وهو يصرخ به:
_حاسب يا فهد..
كاد نصل السكين أن يلامس كتف “فهد” الذي يرتد جسده تلقائيًا للخلف، فأمسك “آيان” نصل السكين بيديه ليمنعه من اختراق جسده، فانسابت الدماء من يديه من فرط عمق جرحه، والجميع في حالة من الذعر وعدم الاستيعاب لما يحدث، ارتعبت عين ابن مهران وهو يتأمل ذلك الرجل الشجاع، فترك سكينه عالقًا بين يديه ثم تراجع للخلف برهبةٍ منه، وما أن قرر الفرار حتى استوقفته نفس السكين الذي كان يود استعماله، فاخترقت جلده لتنهي على ذاك اللعين الذي تربى على يد أفعى سبقته لمصيرًا عسير..
مزق “آسر” قطعة من الملابس، ثم هرول تجاه “آيان” ليكبت جرحه البالغ وهو يردد بنظرة ذات مغزى:
_انقاذك لابويا ولعيلتي ده مالوش تمن بالنسبالي يا آيان..
منحه ابتسامة هادئة، قبل أن يجيبه:
_سبق وانقذت حياتي وده دوري يا آسر، لاني حسيت أني بقيت واحد منكم.
شعر بتصلب يد على كتفيه فاستدار للخلف، فوجد “فهد” من يحاوطه بيديه، فجذبه لصدره وهو يخبره بابتسامةٍ لم تعد غامضة:
_أنت فعلًا بقيت واحد منينا، ودلوقت أقدر أقول انك تستحق بتي..
تعلق “آيان” به بشكلٍ غريب، فلأول مرة يشعر بمثل ذاك الشعور المفتقد لوجود الأب، خانه انتقامه فجعل شوقه يتأجج لفقدان الأم فقط، وها هو يشعر بحنينه لأبٍ عظيم مثل كبير الدهاشنة، ابتعد عنه “فهد” ليستطرد وعينيه تقرأ ببراعةٍ ما يدور بمخيلاته:
_من النهاردة انت عندي كيف آسر وروجينا..
ارتسمت ابتسامة على شفتيه وخاصة حينما اقتربت منه “هنية” بخطواتٍ واهنة تليق بجسدها الهزيل، ثم قالت بدموعٍ تلألأت بعينيها:
_اللي عملته شفعلك عندي يا ولدي، روح أني مسمحاك على كل اللي عملته..
أمسك بها “فهد” ثم أشار لشقيقته قائلًا:
_خديها أنتي ونواره وطلعوها المندارة ترتاح.
أومأت “ريم” برأسها ثم ساندت والدتها واتجهت بها للأعلى، بينما اقترب “عمر٠” من آيان ثم قال بثباتٍ عجيب:
_على الرغم من إننا عمرنا ما واقفنا في وش فهد في قرار أخده بس أنا كنت مستغرب من قراره بوجودك هنا وسطنا بعد كل اللي عملته والنهاردة عرفت ليه هو عمل كده..
ثم استرسل بحزنٍ لمجرد تخيله ما كان سيحدث هنا لولاه:
_لولا وجودك كان زمانا خسرنا ولادنا ومش بعيد أرواحنا اللي بقينا مديونين بيها ليك..
رد عليها آيان قائلًا:
_أنا معملتش حاجة لكل ده..
واستكمل وعينيه تجوب فهد وآسر:
_انتوا اللي زرعتوا الخير جوايا، وحولتوني لبني آدم بقدر أحس وأخاف على اللي بحبهم.. اللي أنا فيه دلوقتي بسبب كرمكم معايا.. لو واحد تاني مكان فهد كان هيرد على قسوتي بقسوة أكبر ومش بعيد كان استغل كل اللي حصل ده بس هو معملش كده..
ربت “سليم” على كتفيه بابتسامةٍ هادئة، ثم آشار للشباب قائلًا:
_ساعدوا الرجالة في تطفية النار…
وبالفعل اتجه الشباب لمعاونة الرجال الذي اجتمعوا من إنحاء القرى حينما علت ألهبة النيران فجعلت الأمر ملحوظًا من جميع المنازل المحاطة بالسرايا، لذا هموا جميعًا لمساعدة كبيرهم وعائلته.
******
لم يكن الأمر بالهين، فكانت النيران من أخطر ما يكون، وقد نجحت في تأكل السرايا بأكملها حتى الحوائط السميكة، مجرد تخيل ما قد يصيب إنسان عالق بها كان يجحظ لها العقل، فقد استغرق لإطفائها أكثر من خمسة ساعات متواصلة، حتى نجح الشباب أخيرًا في اخماد تلك النيران التي كان منبعها من نفوسٍ مريضة، تربت على زرع الكره والحقد بداخل نسلها المريض وها قد لقت ما يليق بشرٍ مثلها، ارتمى جسد “بدر” بانهاكٍ وإتبعه “أحمد” و”عبد الرحمن”، حتى “آسر” القى القدح الذي يملأه المياه أرضًا ليستكين جوار “آيان” و”يحيى”، ونظراتهم جميعًا تتطلع تجاه السرايا التي بات الشحم الأسود يغلفها، فقال “يحيى” بنبرةٍ نجحت بنقل ارهقه الشديد:
_أيه اللي المفروض نعمله الوقتي؟
أجابه آسر ونظراته الماكرة تحد السرايا:
_مش حابب تجدد!
رفع حاجبيه بدهشةٍ، فاستطرد الاخير حديثه بتسليةٍ:
_السرايا كانت محتاجة تجديد والحيوان ده خدمنا باللي عمله.. وإن كان على التصميم اللي هيتنفذ فأنا بنفسي اللي هصممه..
ثم قال وعينيه الماكرة تجوب الوجوه:
_بس هحتاج مساعدتكم في كل حاجة…
انتبهوا جميعًا لأصوات بوق السيارات العالي، ومن ثم هبط منها رجال أشداء يحملون عدد من الحقائب المغلقة، فانتقلت النظرات تجاه آيان الذي قال بابتسامة صغيرة:
_وأنا ورجالتي معاك..
اتكأ بمعصمه أرضًا ثم انتصب بوقفته ليشير له ساخرًا:
_نأخد راحة الأول من اللي عشناه ده وبعدين نبتدي، مش كده ولا أيه يا رجالة؟
أجابه أحمد بتعبٍ:
_صح أنا فعلا محتاج يومين راحة..
ضحك بدر ثم قال ساخرًا:
_ليه كنت بتحارب ولا جالك اصابة مستهدفة يابو نسب؟
لكزه بغضبٍ فدفعهم عبد الرحمن وهو يردد بضيق:
_سبكم من الخناق ده وفوقولي، جدعان انا ابتديت اقلق من حظي الفقر ده، لا بقولكم أيه أنا مش لسه هستناكم لحد ما تجددوا السرايا وتبنوا طوبة طوبة في ايد بعض وجو هنعمر البيئة ده، أنا عايز أتجوز ماليش فيه اتصرفوا ان شالله تجوزوني في اوضة في المندارة..
تعالت الضحكات الرجولية، الساخرة، فيما بينهما، فقال يحيى بصعوبة بالحديث:
_إحنا في أيه ولا أيه يا عبد الرحمن!
رد عليه آسر بسخطٍ:
_مش قولتلك ان الواد ده نهايته قربت وعلى ايدي..
أجابه آيان قائلًا:
_معلش مهو معذور برضه كل ما فرحه يتحدد يحصل حاجة، هوده وجوزه وأهي السرايا بتاعتي موجودة وتحت أمره..
اتسعت ابتسامته حتى كادت بأن تصل للأذن الاخرى، ثم قال:
_شوفوا الناس اللي بتفهم..
كان رد آسر الأسرع إليه حينما قربه إليه من تلباب قميصه المهترى، ثم قال بصرامةٍ جادة:
_طب اسمع بقى يا خفيف جواز دلوقتي مفيش، ولو عايز قراري ده يتغير تبقي تساعدنا وتدعي اننا نخلص كل حاجة بأقرب وقت..
ابتلع ريقه بخوفٍ، فقال برعشةٍ مصطنعة:
_عايزني أعمل أيه يا كبير وأنا رقبتي سدادة..
تركه وهو يمنحه نظرة منتصرة، ثم أشار له قائلًا:
_وقتها هقولك..
ثم أشار لهما بتعبٍ:
_يالا ندخل نريح شوية..
*******
بالمندارة..
كان الطابق السفلي الذي تم تحضريه سابقًا بأرقى أنواع المفروشات والأرائك العتيقة لاستقبال الضيوف ومجالس الرجال مهيئ الآن لإستقبال الرجال بالأسفل، والطابق العلوي للنساء، ولج الشباب لينضموا إليهم، فتمدد كلًا منهم على أقرب أريكة إليه، فوزع “سليم” نظراته الساخرة بينهما قبل أن يخبرهما باستهزاءٍ:
_لسه محتاجين مجهودكم في اللي جاي، أوام اكده سلمتوا نمر!
أجابه “عمر” وهو يمرر ذراعيه بحنان على ظهر ابنه أحمد:
_حرام عليك يا سليم ده لولاهم مكناش خرجنا من هناك، وسابونا نريح وهما اللي فضلوا بره لحد دلوقتي..
أردف “بدر” هو الأخر بعدما استلقى ليضع رأسه على ساق والده:
_حملك علينا يا حج، ده انتوا لو كنت أجرت رجالة يقوموا بالمهمة دي كنت أكرمتهم مش كده ده احنا حتى لسه عرسان جداد..
تأفف عبد الرحمن لما يتعمد مشاكسته بكلماته الاخيرة، ثم استدار بوجهه تجاه “فهد” ليتساءل باهتمامٍ:
لو كسفنا العمالة هنقدر ننجز بدري ولا ايه؟
منحه فهد نظرة غامضة، ثم قال:
_ياخدوا الوقت اللي يعوزه المهم انها ترجع احسن من سابق..
نهض “آيان” عن مقعده وقال وهو يتجه للاعلى:
_هجبلكم لبس بدل اللي انتوا لبسينه ده.. رد عليه يحيى باستنكارٍ:
_انت اللي نجيت منها بلبسك ومكانك اللي بتنام فيه..
قال أحمد هو الاخر:
_احنا مش محتاجين نجدد السرايا بس احنا محتاجين لبس وحاجات كتيرة اوي..
أغلق آسر عينيه باستسلامٍ للنوم، وهو يردد بصوتٍ ناعس:
_خلاص جددنا السرايا وعملنا كل حاجة ووقفنا على اللبس!
*******
صعد آيان للأعلى حتى يحضر بعض الملابس للشباب، فطرق باب غرفته بحرجٍ شديد، لعلمه بأنه من المؤكد بأن الفتيات تسترخي بغرفته، ففتحت “تسنيم” باب الغرفة لتجده يقف أمامها وعينيه موضوعة أرضًا، فقال دون أن يتطلع لها:
_كنت محتاج ادخل الاوضة اجيب شوية حاجات بس..
هزت رأسها في تأكيد:
_طبعًا اتفضل، مفيش غير روجينا، وأنا كنت رايحة أشوف البنات..
وغادرت تسنيم لتترك له مساحة خاصة، ولج “آيان” للداخل، فوجدها تغفو على الفراش بسكينة، منحها نظرة دافئة قبل ان يقترب من خزانته، فانتقى منها ما قد يليق بهم، ثم كاد بالتوجه للخروج ولكنه توقف حينما استمع لصوتها الرقيق يناديه:
_آيان!
استدار بجسده للخلف، فوجدها تجلس على الفراش وتتطالعه بنظرة يراها لاول مرة، دنى آيان منها حتى جلس لجوارها، وعينيه تأبى طرق حدقتيها، فوجدهما تلمعان بالدمع وسطور العشق ترتل بحرافيةٍ، تاه بهما وشعر بأنه مغيب بتلك اللحظة التي مرت من أمام عينيه كالسهم الذي اشعل حواسه، وضع يديه على يدها الممدودة وصوت جوارجه يحدثها بصمتٍ..
سأظل لجوراك حتى وإن حاربني شياطين العوالم بأكملها، سأحارب حتى وإن لم يكن بجسدي متسع لجرحٍ جديد، سأُحارب حتى ينحني الجميع إحترامًا لعشقي الذي إخترق عواطفي قبل أن يصل قلبي، سأحارب مثلما حاربني حبك حتى حصل على قلبي… فحررني من الملك والجاه وإختارت أن أكون عبدًا لأجلك.. تركت كل شيء وسأفعل المستحيل حتى لا أترك يدك… فربما أنا الوريث الوحيد والزعيم للمغازية بأكملها، ولكني الآن مجرد عاشق لابنة عدو بات أقرب لي من عائلة بأكملها!
تمزقت صفحة الصمت المطولة فيما بينهما حينما قالت والدمع ينهمر على وجنتها ويدها ترفع يديه المصابة:
_أنا لحد دلوقتي مش قادرة أستوعب اللي شوفته، معقول أنت اللي انقذت أبويا من الموت!
منحها ابتسامة مهلكة، ثم رفع يديه الاخرى يحتضن بها وجنتها ليخبرها بصوته الرجولي الرخيم:
_قولتلك أنا اتغيرت يا روجينا وبقيت شايف أهلك أهلي..
أشرقت ابتسامتها لتنير وجهها التعيس، فطبعت قبلة صغيرة على يديه المصابة، انحنى تجاهها آيان ليقبل وجنتها بحنانٍ فتعلقت به واندثت بأحضانه لدقائقٍ طالت بهما، فحاول الابتعاد عنها وهو يهمس لها:
_تسنيم ممكن ترجع في أي لحظة، وأنا كمان لازم أنزل.
هزت رأسها نافيًا لطلبه بالابتعاد عنها فابتسم وهو يضمها اليه، فربما يجتاح النساء العواطف والقليل من المشاعر بمواقف غير مناسبة بالمرة، وبالرغم من ذلك لم يبتعد عنها بل ضمها لصدره واحتواها بين ذراعيه حتى غلبها النوم بعد هذا الصراع القاتل الذي تعرض له الجميع، فسحبها آيان للوسادة برفقٍ ويديه تمسد فوق خصلات شعرها الطويل بعشقٍ، فحمل الملابس ثم رحل بهدوءٍ قبل عودة تسنيم..
********
بالغرفة التي تبعد عن غرفة روجينا بمسافةٍ ليست بكبيرة..
كانت تتمدد هنية على الفراش ولجوارها ريم ورواية، ونادين كانت تحمل لها بعض العصائر المعلبة، فانضمت لهن تسنيم وجلست على الاريكة الصغيرة المقابلة للفراش، فسألته رواية بقلقٍ:
_رؤى بقت كويسة؟
أجابته بتأكيد:
_ايوه بقت افضل، هي مع ماسة وحور في الاوضة اللي نحية السلم.. وتالين وخالتو نواره مع والدة عبد الرحمن في الاوضة التانية..
أومأت برأسها بتفهمٍ، ثم اسندت رأسها على الفراش مجددًا بتعبٍ، فقالت نادين بتعمدٍ لما تود الالتفات اليه:
_بس اللي آيان عمله كان مفاجآة للكل بجد، لولاه كان زمانا كلنا اتفحمنا مع البيت..
أجابتها رواية بقلبٍ مقبوض لمجرد تخيلها وصفها الشنيع:
_الحمد لله اننا خرجنا منه على خير..
ثم استطردت بارتباكٍ:
_أنا اتفاجئت باللي عمله فعلا، بس كنت متوقعة ده بعد ما سمعت كلام فهد..
بحثت ريم عن مغزى ما تود قوله، لذا قالت دون تردد:
_طب آن الآوان انك انتي وبتك تسامحوه على اللي عمله، الواد بقى زين وكلنا شوفنا ده بعنينا..
ردت عليها بتريثٍ:
_أنا ممنعتهاش انها ترجعله أو تسامحه، صدقيني يا ريم انا ماليش دخل هي اللي حابة كده..
تنحنحت تسنيم بحرجٍ وهي تباغت بقولها المرتبك:
_سامحوني لو بقطع كلامكم بس انا حاسة ان بعد اللي حصل أكيد هتقدر تسامحه..
رددت نادين بشكٍ:
_ومش روجينا بس اللي هتسامحه، فهد كمان وآسر اكيد هينسوا كل حاجة ، ويمكن اللي حصل ده الخير لينا كلنا..
خرج صوت رواية هامسًا بتعبٍ:
_يارب يا نادين، لاني خلاص معتش متحملة أي حاجة..
********
لم يكن النهار كافيلًا بمنح أجسادهم الراحة اللازمة لبدء العمل، لذا قضوا النهار والليل بأكمله، وتلك الفترة استغلها رجال آيان المغازي فقاموا بهدم بقايا السرايا حتى تكون الارضية التي قد تصل ل٨٠٠متر لاعادة البناء، وقام رجاله أيضًا بتوفير الطعام والملابس وما يلزم للمندارة باوامر من آيان، لذا كان على الشباب الاستيقاظ باكرًا في صباح اليوم التالي، فاجتمعوا سويًا بقاعة المندارة حتى يتقاسموا المهام، فزفر “بدر” بتأففٍ:
_يعني بعد كل ده وفي الاخر تشيلوني البناية!!
أومأ آسر برأسه ثم قال وعينيه تحدجه بنظرة غامضة:
_مش لوحدك آيان معاك…
ردد أحمد بصدمة:
_بدر مع آيان!! ، ما تراجع نفسك يا آسر..
ابتسم بمكرٍ وهو يجيبه:
_مهو انت هتكون معاهم عشان يا هتكون بتحجز بينهم يا هتابع العمال وتسبهم ياكلوا في بعض…
رفع بدر حاجبيه بسخطٍ:
_هنقطع بعض ليه واخدين افراج من العباسية!
ابتسم ايان ثم رفع يديه حول كتفي بدر ليشير لآسر باستهزاءٍ:
_هو مش واخد باله اننا بقينا زي السمنة على العسل ولا أيه؟
ابتسم له بدر ثم قال بمزحٍ:
_مشافنيش وانا بنط من الدور الاول عشان اساعدك ولا كان مشغول بحالات الاتقاذ…
تعالت ضحكات يحيى ثم قال باستنكارٍ:
_يا عم يا عم، يعني نخرج منها احنا، طيب حيث كده بقى أنا هعمل أيه..
ارتشف آسر كوب الشاي الساخن من أمامه ثم أجابه:
_لا أنت معايا في الاساس وتقسيمة البيت..
رفع يديه بحزمٍ مصطنع:
_انت تؤمر يا بشمهندس، وربنا يستر والكبير ميقلش مننا قدام المهندسين والنجارين هننزل على الفضائية..
طرق بالكوب على الطاولة وهو يجيبه بصرامة ساخرة:
_ليه واقف مع رجل كنبة!..
قطع عبد الرحمن حوارهما المتبادل لساعات مطولة بمللٍ:
_وأنا هعمل أيه!
اتجهت جميع النظرات تجاهه وخاصة حينما نهض آسر ليجلس جواره، فلف ذراعيه حوله وهو يجيبه بابتسامة واسعة:
_أنت هتجيب حاجة السباكة يا عريس..
منحه نظرة غاضبة، قبل أن يرد عليه بضيقٍ:
_ودي هعملها ازاي ان شاء الله، أنا اعرف عدد الحمامات اللي في السرايا دي كلها منين!
غمز له بمشاكسة:
_نفكنا من حوار الجواز مدام انت مش عايز تتعب نفسك وتعرف العدد!
زفر بعصبية وهو يحاول كظم غيظة، فتابع آسر بمزحٍ:
_أنت متضايق ليه بس، مانا اهو لما أخلص أساس البيت هطلع اشتري المفارش والألحفة…
اندهشوا جميعًا، ولكن حينما استطرد اتضح لهما ما يود فعله:
_وانتوا عارفين بقى دي شغلة حريم عشان كده احتمال ابقى اخد تسنيم وروجينا معايا يساعدوني..
اقترب آيان منه ثم قال بخبث:
_حيث كده يبقى أنا لما اخلص مع بدر طالع معاك ميصحش اسيبك تشيل لوحدك يابو نسب…
همس له بصوت منخفض ولكنه كان مسموع:
_نقضي الغرض بليل وهعزمك في نفس المطعم اللي دشدشنا دماغ أمه ده فاكره؟
أومأ برأسه عدة مرات، والشباب يتابعون بحرص ما يحدث بينهما، فقال آيان:
_خلاص اخلع وانا هظبط بدلتين روشين كده وتبقى سهرة صباحي..
وضع يحيى يديه حول كتفيهم ثم قال ساخرًا:
_بعيدًا عن كل الاتفاقات الجميلة دي بالنسبة للمدام اللي هتولد بكره دي أيه، يعني عادي اني اسيبها تولد واتفخت مع العمال وانتوا مقضينها ولا ايه!
لاحقه صوت عبد الرحمن المنتقم لما حدث معه:
_شوف احنا في أيه وهما في أيه!
تنحنح آسر بحزمٍ وهو يهندم من قميصه ثم قال بصرامة:
_فضناها يالا كل واحد يشوف شغله وبعدين بليل نبقى نكمل خناق واتفاقات…
اتجهوا جميعًا للخارج واحدًا تلو الأخر، فلحق بهما آيان وآسر الذي غمز له وهو يردد بصوت هامس:
_على اتفقنا وسبلي الحوش دول..
********
بالأعلى…
حاولت “ماسة” النهوض عن الفراش، حتى تؤدي صلاتها فلم تستطيع فقد ألمتها بطنها كثيرًا، فجاهدت للاستناد على الكومود فما ان انتصبت بوقفتها حتى انسدلت المياه من بين ساقيها كبشرة لها على اقترب رؤية جنينها الذي اشتاقت لحمله بين ذراعيها تعويضًا لما فقدته، لذا بدون تردد صاحت بصوت يصاحبه الألم:
_تسنيـــــــــــــــم!!!!..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء))