روايات

رواية وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2) الفصل الثاني عشر 12 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2) الفصل الثاني عشر 12 بقلم أمل نصر

رواية وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2) البارت الثاني عشر

رواية وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2) الجزء الثاني عشر

وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2)
وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2)

رواية وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2) الحلقة الثانية عشر

– كفاية يا ابراهيم، يا ابراهيم كفاية….. يووووه وبعدين بقى…..
كانت تردد بمقاومة ضعيفة، تحاول فك ذراعيه عنها، تبتعد بوجهها عن مرمى قبلاته والتي كانت تجد طريقها على عنقها وجيدها حتى الزرارين المفتوحين في اعلى العباءة، مع ازدياد جرأة اللمسات شعرت بالخطر، ف اشتدت قوتها حتى دفعته عنها ليسقط على مجموعة من أشولة ألحبوب:
– ما قولتلك كفاية يا أخي الله.
بأنفاس لاهثة ووجه متعرق تطلع إليها بذهول وعدم تصديق:
– يخرب بيتك، إيه اللي انتي عملتيه دا يا بت؟
هتفت بدفاعية أمامه وهي تعدل من هيئتها التي بعثرها هو:
– إيه يا عنيا؟ بوقفك قبل ما تتمادى اكتر من كدة، ولا انت عايز تضيعني؟
ابتلع ريقه يلملم شتات نفسه هو الاَخر بأن أخرج سيجارة واشعلها يخرج فيها غيظه، فتابعت إليه بلهجة أخف:
– إيه؟ كل ده مكفكاش للصلح؟
ارتفع طرف شفته يناظرها بعدم رضا، قبل أن يقول:
– وانتي بقى مسمية ان دا صلح؟
شهقت لتتخصر بعبائتها السمراء تقول مستنكرة:
– امال انت تسميه إيه بقى يا عنيا؟ جايالك برجلي لحد عندك في المخزن اللي في ضهر دكان ابوك، يعني ممكن أي حد يشوفني، وساعتها تضر سمعتي، دا غير ال……
توقفت بقصد ملمحه عما حدث منذ قليل، ثم تابعت:
– ولا انت كمان هتنكر.
بنظرة وقحة مرر عينيه على معالم الأنوثة لديها والبارزة بوضوح رغم العباءة السمراء، الشيء الوحيد الذي يجذبه بها، فقال بمكر وهو ينفض رماد سيجارته:
– لا مش هنكر يا أمنية، بس دا يجي إيه بقى جمب كرامتي اللي بعترتيها على باب شقتكم، لما خلتيني اروح وقفايا يقمر عيش، واتهمتيني اني عايز اسوء سمعتك، انتي بقى شايفاني كدة! وانا اللي جاي اطمن واسلم عليكي!
– تاني يا ابراهيم!
هتفت بها بسأم لتزفر وتردف بتعب:
– واحنا مش أصلحنا خلاص، دا انت زليت أمي عليها وعذبتني عذاب، وانا اتصل واترجى وقلبك القاسي غير بجملة وحيدة بعد دا كله:
– “لو عايزاني تعاليلي المخرن” واديني جيت و…. ارضيك بإيه تاني؟
على طرف لسانه كان يود أن يخرج ما يدور برأسه ويحتاجه منها الاَن، ولكنه تمالك ليجيب بخبث وتروي في انتظار المنفعة:
– هو انتي ليه محسساني اني وحش اوي كدة؟ مع انك اكتر واحدة عارفة انني هممني المصلحة، وعارفة اني خطبتك مخصوص عشان اجيبلك حقك من اختك الحرامية اللي سارقاه، عايز ابقالك ضهر بدل ما انتي واخواتك وخالتي كدة عاملين زي الشحاتين عندها، وهي تعبي في كرشها من مال ابوكي، يا بت دا انتو بتخدموا بلقمتكم عندها…..
– أنا مبخدمش حد.
هدرت بها بوجه اظلم بالكره والحقد تتابع:
– انا قاعدة زي الست في بيت ابويا، ولا يهمني شهد ولا حتى ألف غيرها.
رقص حاجبيه ليكيدها بقوله:
– بس امك بقى شغالة خدامة عندها، هي واخواتك، ولا هتقدري تنكريها دي كمان؟
امتقع وجهها وتبدلت ملامحها للقهر وتصيح به:
– انت عايز ايه يا ابراهيم؟
تبسم بشيطانية وقد اسعده تأثير كلماته عليها، فقال :
– يعني هعوز ايه يا ختي؟ انا بس كنت برد عليكي، اديكي شايفة اهو، خير ابويا زايد ومغطي، المخزن متعبي بالبضاعة يعني مش محتاجلك، انا بس شفقان عليكي عشان محبش الظلم.
ردت تمتم بمسكنة وهي تعدل بحاجبها:
– – ربنا موجود بقى، هو اللي بيخلص الحقوق، ما انا لو امي ناصحة كانت لمت الليلة من أولها، خدت حقنا منها، لكن تقول ايه بقى….
قاطعها بقوله:
-طب ما تشتغلي انتي معاها عشان تعرفي تجيبي حقك وحق اخواتك منها.
اعترضت باستهجان مرددة:
– انتي عايزاني انا اشتغل؟ لا يا حبيبي انا متحملش شغل ولا قرف، هي ناقصة تعب وهدة حيل وكمان حر وشمس يأثروا على بشرتي ولا جمالي.
بابتسامة جانبية ساخرة، ردد خلفها:
– لا وانتي جمالك مقطع الدنيا.
توقفت بنظرة غاضبة تحدجه قائلة:
– هو انت قصدك تتريق عليا يا ابراهيم؟
سمع منها واعتدل مستقيمًا ليجيب وهو يتجه نحو الباب الخارجي للمنزل:
– لا يا ختي ولا اقول ولا اعيد، انا بس مستغرب كلامك وخوفك الزيادة دا على نفسك ولا هيئتك، مع ان اختك يعني اهي بقالها سنين في الكار بتاع دا اللي استلمتوا اصغر منك ومع ذلك لسة بخيرها ومتغيرش فيها غير حبه السمار اللي غطوا وشها الابيض من الشمس وبرضوا حلوة…..
قال الأخيرة مشددًا عليها وهو يحاول في قفل البتب الكبير، حتى انفتح والتف إليها، فوجدها متغضنة تعوج فمها بامتعاض مرددة:
– حلوة! بقى بعد كل المرار اللي شايفينه دا منها، بتقول حلوة.
تنهد بغيظ يقول بقرف:
– وايه دخل ده بده؟ انا بتكلم ع الشكل بطلي غباوة…. ويالا بقى هوينا اطلعي عشان انا كمان اطلع، قبل ما اتخنق.
ابتعلت الإهانة بمعاملته الجافة معها تلقي بنظرة نحو الشارع الذي كان خاليًا فقالت قبل ان تغادر:
– طب متنساش بقى تتصل بيا بعد ما توصل الدكان .
– مش هنسى يا ختى.
تمتم بها لتذهب من أمامه ويتابعها بعينيه حتى وصلت إلى الشارع الرئيسي واختفت به، ليأخذ انفاسه ويخرج هو ايضَا، يغمغم بحنق وهو يغلق الباب من الخارج:
– قال جمالها وبشرتها، فاكره نفسها السفيرة عزيزة المحروسة!
❈-❈-❈
في غرفة المكتب الصغير، كانتا الاثنتان على يجلسن على الاَريكة القديمة المتهالكة يتناولان بنهم في الأطباق البلاستيكية الطعام الحارق، واصوات الضحكات تصل إلى خارج الغرفة.
– اممم، الله يخرب بيتك وبيت اللي يأمنك على اكله، بوقي اتحرق يا زفته.
صرخت بها شهد بأعين تدمع وكفها تضرب على جدار الحائط بجوارها، والأخرى تقهقه بتسلية ولا تستطيع التوقف، فصاحت بها متابعة:
– يا بت الشطة حرقت بقي، اوقفها ازاي؟
اجابتها لينا من بين ضحكاتها:
– وقفي الأكل يا أمي، وصاحبتك هتقوم بقى بالواجب متخفيش، انا هتخلص ع الاتنين عادي اوي معايا.
– كمااان، بجحة وليكي عين تطمعي في اللي في إيــدي،
دا انتي على كدة قاصدة بقى؟
أجابت بهز رأسها وضحكة منتشية ترتسم على ملامح وجهها وتقول:
– اه بصراحة يا صاحبتي، اصل الكشري المرة دي يجنن بجد.
عقبت شهد ساخرة تردد:
– كشري! ودا بقى فيه كشري! دا بقى شطة بطعم الكشري، ربنا يحميكي لشبابك، انا معدتك اتحرقت.
كانت لينا تتناول بتلذذ لتزبد من غيظها وهي التي تتناول ملعقة وتتوقف دقائق، حتى تستطيع تتناول الاخرى، فرغم المعاناة كانت تستمتع هي الأخرى.
انهت طبقها لينا لتضعه الفارغ في سلسة المهملات القريبة منها، فقالت لشهد بامتنان على طريقتها؛
– مرسي ازي يا شهد ع العزومة الجميلة دي، الواحد كان محتاج جرعة الحرارة، وانه يشعر بلذة الألم في……
– في مصارينه.
قالتها شهد مقاطعة لها لتضحك الأخرى وهي تسقط بجســ دها بجوارها، وتقول بموافقة:
– هو فعلا كدة…. عرفتي تعبري ع اللي جوايا يا شهد .
سمعت لتقول بدهشة ترافق ابتسامتها:
– اقسم بالله انتي الناس مغشوشة فيكي، اللي يشوفك من برا بشكلك ولا لبسك الخوجاتي ده، ميفتكرش أبدًا ان زوقك كدة على فكرة.
بكفيها الإثنان فركت لينا على شعر راسها الكستنائي لتسقطه أمامها ثم تعيده للخلف بجنون، قائلة:
– انا عارفة نفسي كويس I am special، ( أنا مميرة) حطيها قاعدة في دماغك دي يا صاحبتي.. يعني لازم اكون مختلفة عن كل الناس.
ارتفع حاجبي شهد وانخفضا سريعًا، لتعقب ضاحكة:
– انتي مش مميزة يا قلبي، انتي مخك ضارب
وضعت لينا قدمًا فوق الاخر لتقول بزهو:
– حتى مع دي، برضوا مميزة.
همت شهد ان تستمر بمناكفتها، ولكن صوت الهاتف منعها، تناولته لتجيب بدون ان تركز في الرقم:
– الووو… إزيك يا شهد…
سمعت الأخيرة لتجيب بارتباك وقد علمت بهوية المتصل.
– اهلًا ست مجيدة عاملة ايه؟
جاءها الرد بصوت عاتب:
– كويسة يا ستي، بس لازم يعني انا اتصل عشان تسأليني.
ردت شهد بحالة شديدة الحرج :
– انا آسفة والله يا ست مجيدة لو كنت مقصرة في السؤال بالتليفون، بس ربنا العالم، انا كل ما اشوف البشمهندس حسن بسأله عنك واسأليه بنفسك.
في الناحية الأخرى تبسمت الأخرى بملأ فمها، وقد أعجبها ردها، فهمت ان تزيد بدلالها ولكنها توقفت على صوت السعال الخفيف وتبعه قول شهد وهي تخاطب شخصًا ما بجوالها.
– لينا، ازازية المية والنبي .
– إيه لينا ؟!
غمغمت بها مجيدة ثم انتظرت قليلا، حتى ارتشف شهد من الماء، لتخاطبها:
– هنيُا يا قمر.
– الله يهينيكي يا حجة.
قالتها شهد لتجفلها مجيدة بقولها:
— هو انتي قاعدة فين دلوقتي يا شهد انتي وصاحبتك؟
تطلعت شهد بدهشة نحو صديقتها وهي تجيبها:
– انا قاعدة في مكتب الشغل، وصاحبتي معايا، بس انتي عرفتي منين ان لينا صاحبتي؟
تجاهلت مجيدة الرد ع السؤال، وقالت تزيد من دهشتها:
– بقولك ايه انا ليا عندك حق عرب، عشان قولتلك اعزميني عندك وانتي معبرتيش.
– والله يا حجة انا…..
– متكمليش يا شهد، انا مش بضغط عليكي، انا بس عايزاكي تصالحيني.
تعرقت شهد بشدة، فكلمات مجيدة المفاجئة لها، مع حرارة الكشري، جعل الاضطرب يبدوا جليًا على ملامح وجهها، حتى انتبهت لها لينا لتناظرها باستفهام، فهته لتلوح لها بكفها للإنتظار، قبل ان تجيب:
– طب انتي عايزاني اصالحك ازاي يا ست مجيدة؟
❈-❈-❈
– ها إيه رأيك بقى؟
قالتها ميرنا وهي تدلف لداخل الملهى والذي كان فارغًا من رواده، سائلة الاخرة والتي كان تجول معها بعينيها بانبهار على شيء حولها لتردد ضاحكة بلهاء:
– رأيي في إيه بس؟ دا عامل زي اللي بنشوفه في التلفزيون، لأ دا مش زي، دا احلى كمان….
ضحكت ميرنا لتجلس على أحد المقاعد واضعة قدم فوق الأخرى تزيد من انبهار مودة لتسألها بفضول:
– لكن انتي بتقدمي الخمرا وتقعدي مع الزباين تفتحي أزايز؟
– افتح إيه؟
تفوهت بها الأخرى لتطلق ضحكة مجلجلة، حتى لفتت انتباه رجل البار الأجنبي، قبل ان يعود لمواصلة عمله في ترتيب طاولة البار امامه وتنظيفها، ثم اردفت:
– يا بت افهمي، انا شغالة نادلة، يعني اقدم الطلبات وبس، انتي في مكان محترم يا بنتي، الحاجات اللي بتقولي عليها دي، تحصل في الأماكن اللي برا مش هنا.
اومأت مودة بتحريك رأسها، فقالت بأسف:
– طب معلش بقى سامحيني لو كنت غلطت، انا مفهمش اوي في الكلام ده.
تبسمت ميرنا وهي تجذبها لتجلس على الكرسي المقابل لها، فقالت:
– انتي طيبة اوي يا مودة، وانا عمري ما ازعل منك عشان الصفة دي اللي عندك بالذات، عكس صاحبتك دوكها، يا ساتر.
– قصدك مين؟ صبا؟
– اه هي صبا دي، متقنعرة ورافعة مناخيرها كدة لفوق، بتسلم عليا بطرف صوابعها بقرف، ليه كدة يعني؟ بصراحة انا زعلت منك يا مودة لما عرفتيني عليها.
قالتها بلهجة عاتبة اثرت في الأخرى لتقول :
– والله ما متنقعرة، هي بس شايفة نفسها عشان ابوها مدلعها اكمنها اخر العنقود، دا غير ان حالته كويسة مش مخليها محتاجة حاجة، مشافتش الغلب زي حالتنا ولا اتمرمطت من شغلانة لتانية دي حتى الوظيفة اللي مسكتها دي، جاتلها كدة بالواسطة من الاستاذ شادي اللي اخته تبقى جارتها
اردفت الأخيرة ببؤس فقالت الأخرى تدعي الأشفاق عليها:
– يا حبيبتي، دا انتي باينك شقيتي وتعبتي اوي، لهو انتي معندكيش اخوات ولا اب يصرف عليكي زي المحروسة دي.
مصمصت بشفتيها تصدر صوتًا لتقول:
– يا حسرة، انه خوات ولا أنه أب؟ دا ابويا مشافش وشي من ساعة ما اتولدت، طلق امي وهي حامل بيا، المسكينة فضلت تعافر عليا وعلى تربيتي لحد اما ماتت وانا عمري تلتاشر سنة، وسابتني مع ستي بقى نناقر في بعض، انا قليلة الحظ في كله اساسَا.
ابدت لها ميرنا ملامح متأثرة بشدة عكس ما كان يدور برأسها، فهذه الفتاة نكاد ان تشببهها في الظروف، لكن باختلاف الطباع والمظهر، ف ميرنا رغم كل الظروف التي مرت بها كيتمية تربت في ملجأ وكان جمالها هو سبب شقائها في البداية نظرا لطمع الرجال بها، لتكن عرضة للاستغلال منذ صغرها، قبل ان تعي جيدًا لتستغل هي هذه الصفة بحنكة تعلمتها مع قسوة الزمن،
لتستعمل ذكائها جيدًا في جلب المال بعدم الاستهانة بإمكانياتها، فلا تستسلم أو تكن متاحة للجميع، لا بل كانت تترقي في هذا المجال رويدًا رويدًا، حتى صارت كجارية الملوك، ثمنها غالي وسعرها أغلى .
– هو انا صعبت عليكي لدرجادي؟
قالتها مودة حينما طال الصمت وقد اقنعتها ملامح الأخرى بذلك.
اخفت ابتسامتها ميرنا لتقترب نفسها نحوها قائلة:
– بقولك ايه يا مودة، انتي دخلتي قلبي بجد، وانا بقا عايزاكي تفتحي قلبك معايا وتقولي كل اللي في نفسك، انا اكبر منك والدنيا علمتني بكتير اوي عنك، يعني هفيدك بجد.
أومات مودة رأسها بلهفة فتابعت الأخرى:
– يالا بقى احكيلي عن نفسك اكتر، وقوليلي ازاي اتعرفتي باللي اسمها صبا دي
❈-❈-❈
خرجتا الاثنتان من خارج المصعد، لتحط اقدامهن على الطابق المنشود، فقالت لينا التي كانت تفور وتغلي بداخلها:
– انا مش فاهمة، ايه اللي خلاني اوافقك واجي كمان على بيت معرفوش ولا اعرف حد فيه، دا ايه العبط ده؟
تبسمت شهد تجيبها همسًا:
– وانا كمان والله ما فاهمة ايه اللي خلاني اوفقها، بس انتي شوفتي بنفسك زنها، وازاي قدرت تلفني بزوقها
ضحكت لينا ساخرة تقول لها:
– قال وبيقولوا عليكي مقاول قال، دا انتي طلعتي خيبة.
– يمكن اكون خيبة صح، بس بصراحة بقى هي صعبت عليا لما قالت انها وحيدة ونفسها نيجي ونونسها، اهو نجبر بخاطرها وخلاص.
قالتها شهد وقد اقتربت من باب الشقة، لتوقفها لينا تقول بحذر:
– هما دقيقتين وبس، وهمشي واسيبك بعدها لو فضلتي تقعدي، انا مش ناقصة كلمتين في جنابي من طارق ولا يسلط عليا والدتي.
اومأت لها شهد برأسها بموافقة، قبل ام تضغط على الجرس في الخارج، فلم تنتظر كثيرًا حتى وجدت مجيدة تفتح لها بابتسامة من الأذن إلى الأذن مرحبة بلهفة:
– حمد الله ع السلامة يا قمر، نورتونيني.
تبسمت لها شهد تتقبل عناقها والترحيب الحار، قبل ام تتركها وتذهب الأخرى قائلة بأعين متوسعة:
– هي دي بقى لينا؟
قالت ولم تكد تكملها حتى اجفلت الأخرى تخطفها بعناق اخر وتقبيل على الوجنتين مرددة:
– يا ختي عليكم وعلى حلاوتكم، نورتوني يا بنات، نورتوني
❈-❈-❈
على مقعده بوسط البهو الضخم يباشر التحضيرات ويمارس عمله بالتحدث عبر الهاتف وبالحاسوب، وعينبه تجول بلا هواده في انتظارها، في انتظار رؤيتها، وقد تيبست اقدمه منذ الصباح، ليظل محله، لا هو بقادر على الذهاب إلى عمله ولا هو بقادر على الذهاب نحو الغرفة القابعة بها، رغم ان عملها يحتم عليها الآن عدم الجلوس في مكتبها الا للضرورة، إذن ماذا يمنعها:
– ايوه يا كارم، هاجي يا بني متقلقش…….. يا سيدي عارف بميعادنا متقلقش……. يا عم نتابع الشغل من الفندق، ما انت عارف ان احنا عندنا حفلة ضخمة……. لازم اباشر كل حاجة بنفسي طبعًا…….. يا سيدي انا مهتم المرة دي وعايزها تبقي حدث عالمي، اقفل بقى عشان جايلي عميل مهم.
انهى مكالمته سريعًا فور ان انتبه عليها، وأخيرًا رأها.
كانت قد خرجت على ميعاد البريك الخاص بالموظفين في هذا الوقت بعد أن انهت جزءًا كبيرًا من العمل، حتى اصاب الصداع رأسها، تبحث عن مودة التي اختفت عنها ولم تتصل كعادتها بها منذ الصباح، وصلت إلى بهو الفندق، فتقابلت عينيها بهذا المتغطرس جالسًا في الجهة القريبة منها يرتشف من فنجان قهوته وامامه الحاسوب على الطاولة الصغيرة، ف التفت رأسها بضيق، وقد اصبحت تراه كثيرًا وبشكل متكرر هذه الأيام، في نفس المكان القريب من الجهة التي تذهب وتجيء بها نحو غرفة عملها، تشعر بغربة في هذا الفندق الذي يبدوا كمدينة بسكانها، وهي لا تجد راحتها سوى في هذه الغرفة التي تجمعها بجارها الغريب… شادي!
اشرق وجهها بمجرد رؤيتها له يتحدث مع أحد الأشخاص، لم تدري بنفسها وهي تتقدم بخطواتها حتى هتف بأسمه منادية:
– مستر شادي .
قالتها ف التفت الرؤس نحوها، حتى اذا انتبه هو استأذن سريعًا من الرجل ليقابلها في نصف المساء، ثم اشار لها على احد الزويا حتى توقفا بها ليجيبها بغيظ:
– مالك يا صبا، بتندهي ليه قدام الناس كدة؟
اسبلت أهدابها عنه وقالت بحرج:
– آسفة لو احرجتك.
تمتم بالاستغفار يهدأ من فوران صدره الذي يغلي مع انتباهه للنظرات المصوبة نحوها، وتمالك ليرد بلهجة لينة بعض الشيء:
– لا مفيش احراج ولا حاجة، انا بس استغربتك لما ندهتيني فجأة كدة، هو انتي كنتي عايزاني في إيه؟
رفعت عينيها الجميلتين إليه لتأسره في النظر إليهم، فلم ينتبه جيدًا لما تقوله:
– مش عايزة حاجة شخصية، بس اصل حضرتك مش باين من الصبح ودي مش عادتك.
لوح برأسه امامها باستفسار حتى تعيد ما قالته وقد ذهب تركيزه بلا رجعة:
– يا فندم بسألك، انتي ليه مجتش مكتبك من الصبح؟
ابتسامة جانبية اعتلت ثغره وقد أسعده قولها، حتى ولو كان المقصد يختلف تمامًا عما يتمناه بداخله، فتحمحم، ليجيبها برزانة تختلف تمامًا عن الصخب الذي يدور بداخله:
– انا مش فاضي من الصبح يا صبا زي ما انتي شايفة كدة، بدور زي النحلة في كل حتة عشان ترتيبات الحفل، ما انتي عارفة.
– عارفة طبعًا، ودا اللي مخليني مضايقة عشان انا دوري ان اكون معاك في الترتيبات والتعب ده، لكن انت….
– لا يا صبا.
هتف بها يقاطعها بحدة متابعًا:
– مية مرة اقولك، انتي خليكي في الشغل الاداري، انا مطلبتش مساعدتك غير في دي وبس؟
– طب ليه حضرتك؟
– من غير ليه؟
اردف بالآخيرة ملوحًا بكفه امامه لتقطع الجدال، كتمت زفرة احتقان امامه، لتتكتف بغيظ مرددة:
– تمام يا فندم زي ما تحب.
اخفى داخله بصعوبة ابتسامة بتسلية، وقد بدت امامه كالطفلة المتذمرة، بعد أن أزاحت بانظارها عنه لا تقوى على ان تخفي ضيقها منه، فقال يناكفها:
– هتعملي زي العيال الصغيرين بقى لما يزعلوا؟
عادت لترفع عينيها امامه، مشيرة بسبابتها نحوها بتساؤل:
– انا برضك بعمل زي العيال الصغيرين؟ ليه بجى؟ عملت ايه ان شاءالله؟
قالتها بانفعال زاد من تسليته، وزادت ابتسامته مع عودتها للكنة الجنوبية، حتى كاد ان ينسى وضعه بوسط البهو، ولكن الأعين الفضولية حولهم جعلته ينتبه، فقال مغيرًا دفة الحديث:
– انتي فطرتي النهاردة يا صبا؟
رغم استغرابها لتبدل الحديث فجأة، ولكنها ردت بالنفي بهز رأسها، فتابع هو:
– طب بقولك ايه؟ انا عن نفسي هموت من الجوع، اسبقيني ع المكتب وانا هجيب لنا كام سندوتش نفطر بيهم.
اعترضت على الفور:
– لا طبعًا متجيبيش، انا اساسًا مليش نفس.
– طب مش عايزة كوباية شاي تقيلة، زي اللي بتشربيها دي كل يوم؟
تبسمت هذه المرة موافقة، فقال مستطردًا بهدوء:
– تمام يا ستي، اسبقيني بقى وانا هاجي بالسندوتشات والشاي.
– تاني سندوتشات.
– امشي الله يخليكي .
قالها بحزم مزيف رغم ابتسامته، لتذعن وتنصرف من أمامه بابتسامة هي الأخرى نحو غرفتها بالعمل، لتشعل حريقًا بناحية قريبة، داخل قلب هذا الذي كان يراقب من محله، بتركيز شديد لكل همسة وكل كلمة تتبعها ابتسامة، لينفث غضبه مع دخان السيجارة التي ابدلها بفنجان القهوة، فيُشيعها بأنظاره حتى اختف، رأسه تشتعل بالأفكار التي تجعله يلعن موقعه الذي يقيده عن التصرف بحرية، وما يود فعله الاَن.
حسم فجأة ليتناول هاتفه ويتصل عليها:
– ايوة يا ميرنا انتي فين؟…….. ومرزوعة عندك بتعملي ايه مع البت دي؟……….. طب خلصي معاها وتعالي بلغيني بكل حاجة.
❈-❈-❈
تشعر بالفرح، لا بل هي تود الرقص حتى تتعب وتتعب أقدامها، رؤية الفتاتين معها وداخل الشقة وما تلمسه بإحساس الأم نحوهن يجعلها تجزم أن هذا هو الاختيار السليم:
– ما تدوقي الكيك يا لينا، مبتكليش ليه؟ هو انتو مش عاجبكم الطعم يا بنات؟
قالتها بالحاح لم تكف عنه منذ أن اجلستهم بصحبتها في غرفة المعيشة، التي تقضي بها معظم وقتها.
ردت شهد بابتسامة صادقة:
– والله يا ست مجيدة طعمه حلو، احنا بس اللي مش قادرين ناكل اي حاجة دلوقتي؟
قارعتها تقول بعدم تصديق:
– ومش قادرين ليه بقى؟ يعني مش كفاية مردتوش تتغدوا معايا، حتى الحلو مش قادرين عليه.
تدخلت لينا هي الأخرة تقول بزوق رغم استغرابها يللموقف كله:
— يا حجة احنا متغدين قبل ما نيجي، انتي ساعة ما اتصلتي، شهد كانت بترد عليكي وعلبة الكشري في إيــ دها.
– كشري!
– قالتها مجيدة بابتسامة، قبل ان تتابع:
– ما شاء الله، باين عليكم مرتبطين اوي ببعض، هو انتوا اصحاب من امتى؟ معلش يعني لو بسأل، اصلي بصراحة بقى انا ارتحتلكم قوي يا بنات.
تبسمت لها الفتاتين وردت شهد تجيبها:
– احنا اصحاب من زمان قوي، يعتبر متربين مع بعض، رغم ان لينا تسكن في حتة راقية شوية، وانا في منطقة شعبية، لكني بصراحة صداقتنا بدأت من ابتدائي، والست والدتها كان ليها فضل كبير عليا بحنانها بعد وفاة امي الله يرحمها.
سألتها مجيدة بتأثر، :
– هي امك ماتت من امتى يا شهد؟
اجابتها شهد بصلابة اكتسبتها مع مرور السنين؛
– والدتها توفت وهي في رابعة ابتدائي، متحملتش الولادة، ماتت هي والجنين
– بأعين غائمة تهدد بتساقط الدموع رمقتها مجيدة بإشفاق، فقالت لينا بلهجتها المرحة:
– مالك يا ست مجيدة؟ إجمدي كدة، امال لو تعرفي بقى ان ابويا واخويا حصلوا والدتها بعد كدة بشهور في حادثة عربية هتقولي ايه؟
توقفت تناظرها بعدم تصديق تسألها:
– معقول! انتي بتتكلمي جد؟
ضحكت لينا ومعها شهد التي خشت ان تفهم المرأة خطأ:
– ودي حاجة هيبقى فيها هزار يا ست مجيدة، احنا بس بنتعايش مع الدنيا، وبنضحك على همنا بدل ما يكسرنا، ما هو كل شيء برضوا بأمر الله.
سمعت مجيدة اتردد خلفها:
– ونعم بالله يا حبيايبي، ربنا يخليكم لبعض.
تمتمتن خلفها:
– امين يارب
ثم انتفضت فجأة لينا مستئذنة:
– طب احنا يدوبك بقى نمشي يا طننت،
نهضت خلفها شهد ايضًا، لتتبعهم مجيدة باعتراض:
– كدة على طول؟ ودا اسمه كلام؟ هو انتو لحقتوا تقعدوا؟
بررت لها لينا باعتذار:
– والله ما اقدر، انا متأخرة اساسًا عن اجتماع ضروري غي الشركة اللي بشتغل فيها، دا انا ممكن اخد جزا اساسًا.
عبست مجيدة لتنقل بأنظاره نحو الثانية:
– وانتي كمان يا شهد ممكن تاخدي جزا؟
ردت شهد بتشتت واحراج:
— لا طبعًا مفيش بس لازم امر وعندي شغل متكوم…
قاطعتها مجيدة بوجه بائس تقول بصوت ضعيف:
– دا انا ملحقتش اقعد معاكم دقيقتين، يعني يا ربي، مكتوب دايما كدة عليا الوحدة
قالتها بمسكنة اثرت في الفتاتين ليتبادلن حديثًا بالأعين وتفاهم، جعل لينا تقول اخيرًا:
– خلاص يا خالتي متزعليش، شهد هتقعد معاكي شوية، وانا بقى ابقى اعوضها بمرة تانية.
❈-❈-❈
بعد قليل
وبعد ان تركت شهد مع المرأة خرجت لينا في المصعد، في الطابق الارضي وقد كانت في طريقها نحو باب الخروج قبل ان توشك على الاصطدام بأحد الأشخاص، والذي ارتد على الفور مرددًا بالاعتذار:
– انا اسف معلش.
رفعت عينيها بغضب مرددة بغيظ:
– طب وقبل ما تتأسف بقى، مش تاخد بالك من خطوتك، بدل ما تدخل كدة زي القطر السريع،
توقف امين ليخلع عن عينيه النظارة السوداء، يتحقق جيدا من صاحبة الصوت وقد عرفها من هيئتتها، ويبدوا انها هي ايصا عرفته لانها توقفت تناظره بتحدي، حتى سألها بدهشة:
– انتي ايه اللي جابك هنا؟
– تخصرت لتجيبه ببرود عكس ما يدور بداخلها نحوه :
– وانت مالك؟ كانت عمارتك هي ولا دا بيت اهلك!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وبها متيم أنا (نعيمي وجحيمها 2))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *