روايات

رواية أبو الرجالة الفصل الخامس 5 بقلم شيماء سعيد

رواية أبو الرجالة الفصل الخامس 5 بقلم شيماء سعيد

رواية أبو الرجالة البارت الخامس

رواية أبو الرجالة الجزء الخامس

أبو الرجالة
أبو الرجالة

رواية أبو الرجالة الحلقة الخامسة

بعد شهر..
بالمشفى الخاصة بفريد..
كان يقف أمام شرفة مكتبه يتابعها وهي تخرج من الباص الخاص بالأطباء بملامح غاضبة، أخذت تعدل من موضع نظارتها الطبية أكثر من مرة بحركات متوترة، مازالت كما هي تهرب خلف نظارتها عند توترها وغضبها، ابتعد عن الشرفة وهو يضع يديه بداخل جيب بنطاله مردفا :
_ مكنتش عامل حساب الرجوع يا بنت ثريا بس أحلويتي في عنيا من جديد..
عاد ليجلس على مكتبه ثم رفع سماعة الهاتف الأرضي وقام بالاتصال على السكرتير مردفا :
_ في دكتورة إسمها فيروز حمدي مع الدكاترة الجديدة عايزها عندي حالا..
وضع السماعة محلها وبعدها سند ظهره على المقعد بكل أريحية، أغلق عينيه ودار بالمقعد ليعطي ظهره للباب وبدأ يعد واحد.. إثنان.. ثلاث.. ثلاثون.. دلفت هي بخطوات متوترة من مقابلة مديرها الجديد، خائفة من فشلها وهي أخيراً وجدت تلك الفرصة التي بحثت عنها سنوات، أغلقت باب المكتب الزجاجي خلفها واقتربت من المكتب بخطوات بطيئة، انتظرت أي رد فعل منه ولكن بلا فائدة، تنحنحت مردفة بنبرة منخفضة :
_ أنا دكتورة فيروز يا دكتور، بيقولوا حضرتك طلبتني..
توقعت شكل رجل وصل لمركز مدير مشفى بتلك الفخامة بأن يكون قصير القامة، أصلع، لديه بطن كبيرة، ومن المؤكد يكون تخطي السبعين عاما، سقطت تخيلاتها من دوران المقعد وظهور فريد أبو الدهب أمام عينيها.
قابلها بابتسامة مشرقة، لولا خطورة ما يريده لقام الآن وأخذها بين أحضانه، أبتلعت ريقها بذهول مردفة وهي تشير إليه :
_ أنت بتعمل ايه هنا؟!..
أجابها وهو مفتون بجمالها، ليكون صريحا زوجته الحالية أجمل بكثير من فيروز ولكن فيروز ساحرة قادرة على جذبه إليها من نظرة عين :
_ ما أنا المدير هنا المستشفى دي بتاعتي..
صرخت به :
_ لما هي بتاعتك طلبت من دكتور صفوت ليه يجيب لك دكاترة ووافقت على طلب تعييني هنا في المستشفى؟!..
قام من على المقعد وذهب ليقف أمامها، أخذ خصلتها الموضوعة امام وجهها ووضعها خلف أذنها ثم سحب نظارتها بين أصابعه مردفا :
_ قولتلك ألف مرة مش بحب حاجة تحجز عينيك عني..
حاولت جذب النظارة وهي تقول بعصبية :
_ بطل بجاحة وهات النضارة وبعدين أنا سألت سؤال وعايزة عليه إجابة..
وضع النظارة في فتحة قميصه وأشار إليها بخبث :
_ اللي عايز حاجة يمد ايده ياخدها أنا معنديش مانع، اعملي زيي لما حسيت إنك وحشتيني جبت للمستشفى فريق طبي كامل عشان بس تبقى معايا عرفتي طلبتك من صفوت مخصوص ليه؟!..
تفاجأت من رده ورفعت عينيها إليه ثم قالت بذهول :
_ طلبتني عشان وحشتك؟!..
أومأ إليها ببساطة قبل أن يبتسم على ملامحها، يعلمها أكثر من نفسها ويعلم أن الفأر وقع بالمصيدة من جديد، وضع النظارة على وجهها بحنان قائلا :.
_ عايز أردك لعصمتي يا فيروز..
______ شيماء سعيد ______
بنفس التوقيت بداخل منزل كمال..
انتهت ثريا من ارتداء ملابسها ثم خرجت من الغرفة لتجده بداخل المطبخ يقوم بعمل فنجان من القهوة، ألقت عليه نظرة سريعة قبل أن تقول :
_ لازم أمشي دلوقتي الوقت أتأخر..
أخذ الفنجان وقام بوضعه على سفرة المطبخ مقتربا منها، أخذ نفسا عميقا وطبع قبلة هادئة على وجهها هامسا :
_ ماليش مزاج تمشي خليكي في حضني النهاردة..
أزاحته بعيدا عنها، كل لحظة تقضيها معه بهذا المنزل تشعرها بالاختناق، إهانة بشعة تعيش بداخلها مع كل لحظة تمر عليها وهي بين أحضانه، بللت شفتيها بطرف لسانها ثم همست :
_ أنت عارف إنه مش هينفع يا كمال هقول للبنات كنت بايتة فين؟!..
زفر بضيق من تلك الحالة، هي ليست أول امرأة يتزوجها بتلك الطريقة ولكنها الوحيدة التي تزوجها رغما عنها، الوحيدة التي يرفض تركها رغم مرور أكثر من عامين على هذه الزيجة، عاد خطوة للخلف وضرب الطاولة بكل قوته لتسقط أرضا بكل ما عليها مع فنجان قهوته صارخا :
_ بقولك ايه الطريقة دي مش نافعة لما أقولك عايزك يبقى عايزك ولازم تفضلي، تصرفاتك زي العيلة الصغيرة اللي بتهرب من الإبرة بكل الطرق في إيه يا ثريا؟!…
قوية ثرياولكن أمام هذا الرجل بنظرة واحدة من عينه يسقط قلبها أرضا، ضمت نفسها بخوف قبل أن تعود للخلف عدة خطوات، لاحظها هو ليجذبها سريعا بين يديه حتى لا تفر مثل العادة مردفا بغضب :
_ اياكي تتحركي من مكانك وأنا بتكلم معاكي، بتهربي ليه يا ثريا..
حركت رأسها بكل الاتجاهات حتى لا يرى دموعها إلا أن فات الأوان وانهارت باكية وهي تجيبه بنبرة متقطعة :
_ مش مش ب بهرب بس هقول للبنات أنا هنام فين طيب..
رق لها، رغم عشقه لملامحها البريئة ونبرتها المتوترة، يسعد جداً برؤية رجولته الطاغية عليها، امرأة مثل ثريا وقوفها أمامه بتلك الحالة انتصار عظيم له، ومع ذلك رق، رفض هزيمتها، رفع أحد أصابعه ليزيل دموعها مردفا بحنان :
_ هششش بلاش دموع مش بحب أشوفها، ولو على بناتك محلولة اطلعي مؤتمر أسبوع في أي مكان أو المدرسة تطلع رحلة وهناك هنكون سوا اتفقنا؟!..
حركت رأسها بقلة حيلة قائلة :
_ اتفقنا ممكن أمشي دلوقتي؟!…
تركها وعاد لإعداد فنجان قهوة جديد قائلا :
_ مع السلامة يا بيبي..
_____ شيماء سعيد _____
بالشارع..
مرت عطر من أمام محل أبو الدهب وهي عائدة من كليتها، نظرت لنوح الجالس على مكتبه بطرف عينيها وأبتعدت عن المكان بخطوات سريعة، أخذت نفسها براحة بعدما ضمنت عدم رؤيته لها، عشقها لنوح أصبح مثل اللعنة لا تعلم كيف تعيش بداخلها أو كيف تخرج منها..
دلفت لمنزلها ورفعت حاجبها بدهشة من هدوء المكان، قالت بصوت مرتفع :
_ ماما يا عيال أنتوا روحتوا فين؟!.. الله معقولة لسة محدش رجع، بس البت هادية مفيش عندها خروجات النهاردة راحت فين؟!…
دق باب المنزل لتبتسم بسخرية مردفة :
_ يا ريت كنت جبت سيرة مليون جنيه أهي جات، استني يا عبيطة أنا جاية أهو..
ألقت شنطتها على الأريكة الموضوعة بجوار المطبخ وفتحت باب المنزل، تجمدت مكانها بخوف وهي ترى نوح يقف بطلة كانت تخطف قلبها والآن تشعرها باقتراب الخطر، جاءت لتغلق الباب ليضع هو ساقه بحركة سريعة ثم دفعها للداخل وأغلق الباب عليهما مردفا :
_ شهر كامل مش عارف أتلم عليكي وأنتِ حلالي، أعمل فيكي إيه؟!..
عادت للخلف مردفة بتوتر :
_ امشي من هنا لو سمحت يا نوح أنا مش حابة أتكلم كفاية اللي حصل لحد كدة، ماما قربت تيجي وأنا والله مش عايزة مشاكل زيادة..
ضربها بخفة على رأسها بيد وبالاخري سحبها من خصرها لتثبت أمامه مردفا بسخرية :
_ ماما مين يا بت ما تظبطي كدة، الحاجة مش فاضية وراها شغل مهم خلينا في حالنا احنا…
نظرت إليه نظرة حزينة، عيناها قادرة على ارسال العتاب إليه أسرع من لسانها، وجعها كثيرا بالفترة الماضية حتى لو فعل ذلك من أجلها، عضت على شفتيها قائلة :
_ وهو فين حالنا ده اتكتب كتابنا في قسم البوليس وكنت عايز تدخل عليا من غير فرح زي باقي البنات، أنا طلعت قليلة في نظرك أوي يا نوح..
رأي دمعتها وهذا ما يكره رؤيته وضع قبلة حنونة على شفتيها ثم قبل عينيها هامسا :
_ أنتِ ست الكل في نظري والبنت الوحيدة اللي جوا قلبي، عملت كدة عشان أمك مجنونة وكنت عايز أضمن وجودك معايا، هعملك فرح اسكندرية كلها هتتكلم عليه لسنين قدام بس أضمنك يا بت..
تاهت معه بسحر حديثه المعسول ونظراته الحانية، قدر بكلمات بسيطة اقناعها بوجهة نظره، وبالفعل أرسلت إليه ابتسامة لذيذة تعبر عن ميول قلبها ثم ردت :
_ ما أنا دلوقتي مراتك يا نوح عايز ضمان أكتر من كدة إيه؟!…
رفع وجهها إليه بطرف أحد أصابعه وعينيه مركزة على شفتيها المهلكة بالنسبة له، أجابها بخبث :
_ كل ده على الورق وأمك فى أي لحظة ممكن ترجع في كلامها، أنا عايزك يا عطر وأوعدك هعملك الفرح اللي نفسك فيه بس سيبي قلبك يحركك اللحظة دي..
أومأت إليه وهي مغيبة، زوجها حبيبها بين يديها وطلب القرب وهذا بالنسبة إليها بالدنيا وما فيها، ستعيش تلك اللحظة وكأنها الأخيرة بحياتها وبعد ذلك يحدث ما يحدث..
شهقت بخجل عندما حملها مردفا بابتسامة :
_ أوضة النوم بتاعتك فين؟!..
_ هي اللي هناك دي..
أجابته وهي شبه مخدرة ثم سندت رأسها على صدره بعدها أشارت إليه على غرفتها مع أخواتها ليأخذها بكل صدر رحب للداخل ويده تمر على جسدها بطريقة مغرية ليلعب على الوتر الحساس لديها مغلقا الباب خلفهما بساقه.. وبداخله يعلن إنتصاره العظيم.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أبو الرجالة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *