روايات

رواية حان الوصال الفصل السابع والعشرون 27 بقلم أمل نصر

رواية حان الوصال الفصل السابع والعشرون 27 بقلم أمل نصر

رواية حان الوصال البارت السابع والعشرون

رواية حان الوصال الجزء السابع والعشرون

حان الوصال
حان الوصال

رواية حان الوصال الحلقة السابعة والعشرون

نزل الدرج سريعًا يدفع الباب بكتفه بعدم انتظار لطرقه ولا بقرع الجرس، فأصوات صراخها كانت تشق الأذان بصورة فاضحة، يرافقها صيحات جهورية لسامر ووالديه في الجدال معه لتخليصها من يده كما رأى بأم عينيه فور ان اقتحم عليهم، ليجد المشهد امامه.
شقيقه كالمجنون بهيئة اجرامية لم يعهدها عليه قبل سابق ابدًا، ممسكًا بالحزام الجلدي يضرب به في الهواء نحوها، يريد أن يصل اليها، وقد كان والديه يمثلان حاجز بينها وبينه لعدم الفتك بها، على الرغم من تمكنه منها عدة مرات، وهذا ما ظهر على هيئتها التي افزعت شقيقه، ولكن غليله لم يهدأ بعد.
– ايه يا حيوان اللي انت عامله في اختك ده؟ وانتو ازاي سيبتوه يعمل فيها كدة؟
قالها يلتقط شقيقته ويضمها اليه بين ذراعيه، فالتف الثلاثة وتوقف سامر يضحك بسخرية متهكمًا نحو والديه:
– دا جاي يسألني بعمل فيها كدة ليه؟ البيه قاعد في شقته وميعرفش الدنيا اللي اتقلبت حوالينا، وسيرتنا اللي بقت على كل لسان بسببها.
– سيرتنا اللي بقت على كل لسان!
ردد بها سمير يدفع شقيقته عنه يوجه لها السؤال بتوجس:
– الواد ده بيقول ايه يا بت؟ هببتي ايه يا سامية.
انتفضت تتراجع عنه برعب ان تأخذ دورها منه ايضًا لتردد بهذيان:
– والله ما كنت بوعيي، والله ما كنت بوعيي .
انتفض امامها بأعين جحظت بارتياب صارخًا بها، وقد ذهب ظنه لما هو أفظع من خلف كلماتها:
– الله يخرب بيت ابوكي، عملتي ايه يا بت؟
صرخت درية هذه المرة تتمسك به شارحة بلهفة:
– يا بني مش اللي في بالك، الموضوع حاجة تانية خالص، بس حظها زفت واخوك كمان مزودها، الله يخرب بيتكم فضحتونا .
جاءها الرد من سامر:
– أحنا برضو اللي فضحناكي ياما، ثم حظ ايه بالظبط ايه اللي بتتكلمي عنه، بتك لولا البوليس ما دخل ونجدها من ايد النجس ده اللي عامل فيها شيخ، الله اعلم عمل كان يعمل معاها ايه؟ ادي اخرة الدلع يا ماما ، ادي آخرة الدلع يا بويا.
خرج صوت خميس مدافعًا عن نفسه:
– وماله ابوك يا خويا، واحدة طويلة وشحطة، يعني عارفة الصح من الغلط، هقعد قبالها انا بقى، واعد عليها خطواتها، امال امها لازمتها ايه؟
– ما كفاية بقى يا خميس، هو انت اللي عليك امها امها، خلفتها لوحدي انا بقى؟
– بااااااااس
كانت هذه صرخة سمير الذي تشتت عقله بالذهول مما يسمعه، دون توضيح جيد لمغزى ما يتحدثون فيها، ليلقي نظرة نحو شقيقته التي جلست بزاوية وحدها تنتحتب وتبكي، ليستطرد بغضبه:
– انا عايز اعرف دلوقتي بتتكلمو عن ايه بالظبط وتشرحولي بهدوء .
❈-❈-❈
عادت معه هذه المرة في السيارة، بعد لقاءهم في عش الزوجية، وقد تصالحا ونسيا في غمرة الوصال زعل الأمس وقلق الغد، هي ليست غافلة حتى لا تعرف بمقدار عشقها في قلبه، حتى وان كانت تجربتها الاولي في الحب، وحتى وهي لم ترى من الرجال غيره حبيبًا، هو فرحتها الحقيقية وسر عذابها ايضًا،
كانت معه في السيارة، كفها الصغير داخل قبضته يرفعها اليه اثناء القيادة كل لحظة ويقبل ظهرها، وكأنه يطمئن نفسه دائما بوجودها معه.
كان قد اقتربا من منزل والديه، ف انتبهت تذكره:
– رياض وقف هنا، لحد من الحراس يشوفنا .
فاجأها بإصراره:
– لا انا هدخل وانتي معايا وفي داهية الحراس .
شعرت بشيء من السعادة كانت تكبتها من الداخل، حتى لا تظهر لهفتها امامه، وتتركه يكمل احاديثه المستمرة:
– شوفي بقى، انتي تحاولي تلاقي صرفة وتسبيلي نفسك لو حتى يومين، نفسي يا بهجة أختلي بيكي عن العالم كله، اللحظات اللي بنخطفها دي مبقتش تكفيني، انا عايزك على طول معايا.
– وايه مانعك؟
همت ان تتفوه بها ولكنها وعدت نفسها الا تنطق بها ابدًا ، فلابد ان تأتي المبادرة منه.
توقفت السيارة داخل محيط المنزل، لتترجل هي وتسبقه:
هروح انا اشوف مدام نجوان على ما روحت انت ركنت العربية في الجراج
اومأ لها بعيناه وتحرك مغادرًا، لتتخذ هي طريقها نحو المنزل، وبداخلها امل ينمو نحو إمكانية تغيره، لتدلف داخل المنزل فتُزهل بضحكات نجوان التي كانت تصدح بصوت عالي جعلها جعل الفضول يتأكلها، لتتبع الصوت حتى وجدتها في وسط البهو تحمل طفلا ما، وبرفقتها رجل شديد الهيبة ومعه امرأة…… ينتابها الاحساس انها رأتها قبل ذلك في التلفاز؟.
– تعالي يا بهجة، انتي هتفضلي واقفة مكانك.
كان هذا صوت نجوان التي انتبهت اولهم عليها ، لتدعوها بفرح:
– تعالي يا قلبي متتكسفيش، دا ابن اختي مصطفى احب الناس على قلبي، ودي مراته الممثلة المشهورة.
– عرفتها مدام نور .
قالتها بهجة مشيرة بسبابتها نحوها، وقد تأكدت من صدق حدسها، فضحكت الأخرى تؤكد لها بلطفها المعتاد:
– ايوة انا هي يا ستي، عرفتيني ع الطبيعية؟
اقتربت منها بلهفة تصافحها:
– طبعا عرفتك على الطبيعة، دا أنتي قمر على الشاشة وعلى الحقيقة، انا في خيالي مكنتش اتخيل انك بالجمال ده .
تتحدث بعفوية جعلتها تتقبلها بمحبة، فتعلق نجوان وتعرفها لهم:
– دي بقى بهجة يا جماعة، اجمل بنوتة تشوفوها هنا، يعني تعتبرها بنتي اللي مخلفتهاش.
– يا نهار ابيض للدرجادي
قالها مصطفى لتمتد يداه نحو بهجة قائلا بتقدير:
– دا احنا كدة نحسدك يا ست بهجة، محدش يقدر ياخد المكانة دي في قلب خالتو الا اذا كان غالي اوي .
– وأغلى مما تتصور
قالتها نجوان لتمسكها من كفها وتجلسها بجوارها ، مما اخجلها في التعامل معهم وكأنها واحدة منهم، فتواصل بطريقتها لأدماجها معهم:
– شايفة يا بهجة، شايفه الأمور ده، يبقى ابن مصطفى ونور، ايه رأيك بقى؟ جميل زيهم، صح.
❈-❈-❈
أما عنه فقد بدت ان المفاجأة لم تكن سارة له على الإطلاق، وهذا ما ظهر على ملامحه التي انكمشت فور ان وقعت عينيه على أبن خالته رجل الاعمال النجيب، مع زوجته الممثلة المشهورة وبهجة تحمل طفلهما وكأنها…….
– مساء الخير.
صدرت منه التحية بصوت خشن لفت انظار الجميع اليه، لتلتقط نظرته نحوها بلهفة قابلها بجمود وهو يتقدم نحو ابن خالته يرحب به وزوجته قبل ان ينضم مجبرًا للجلوس معهم،
– منور يا مصطفى، مفاجأة مكنتش اتصورها بصراحة.
لاح في نبرته شيء ما لم يريح والدته، فجاء رد الاخير بسجية:
– مفاجأة ليه يا اخينا؟ اينعم انا مشغول اربعة وعشرين، بس دا ميمنعش اني ان اخلق الوقت عشان اجي واطمن على خالتو بعد ما عرفت برجوعها لينا، ولا ناسي بمعزتها عندي؟
استمر بطريقته وابصاره تتجه نحو بهجة كل لحظة بضيق شعرت به:
– لا طبعا انسى ازاي؟ ما هي كمان بتحبك
❈-❈-❈
انتهى سامر من سرد ما حدث، ووصف الخزي الذي شعر به اثناء ذهابه إلى قسم الشرطة لاستلامها، وقد كانت في حالة من الاوعي تُمكن أي شخص حتى لو بدون عقل ان يستغلها، ولكن الله كان رؤوف بهم وجاءت معه سليمة
في كلمات وجيزة ولكنها كانت كفيلة لتجعل الدماء تصير كاللهيب في عروق الاخر، وبصدمه يستشعرها كمطرقة حطت على رأسه ليستفيق من حال الامبالاة التي يتخذها منهجًا امام صلف والديه معه في اي قرار يريد تنفيذه، لينتفض فجأة نحوها وقد ظلت على جلستها في زاوية الغرفة تبكي وتنتحب دافنة رأسها في ركبتيها التي تضمهما بذراعيها.
ليقبض على ذراعها يهدر بفحبح :
– رايحة عند الراجل الوسخ دا ليه يا سامية؟
– اااه
صدر صوت توجعها ليزيد بضغطه امام صمت الثلاثة وقد نال منهم الاجهاد:
– رايحة تعملي عمل يا بت؟ ومين اللي عرفك على سكته من الاساس؟ قولي،
صرخ بالاخيرة لتنتفض والدته على أثرها ، وقد لاحت من ابنتها نظرة نحوها فهم منها الإجالة ، ليتوجه بالكلمات المقصودة:
– طب انا هعيد تربيتك من اول وجديد يا سامية، واللي مقدرش عليه ابوكي وامك، هقدر انا عليه أن شاء، وابقى الاقي حد فيهم يعترض وانا اسف يعني؟
ردد خميس من خلفه بسخرية خالية من اي مرح:
– وانا هعترض ليه يا حبيبي؟ اعمل اللي انت عايزة ، انا خلاص حطيت صوابعي في الشق منكم كلكم، جاتكم البلا، دا انتو تقصروا العمر.
سمع ليلتف نحو والدته بتحدي ونظرات كاشفة:
– وانت ياما، ليكون عندك اعتراض بعد اللي حصل؟
– هو انت ناوي تعمل فيا ايه؟
صرخت سامية تسبق والدتها، والتي جاء ردها ببعض الجدال رغم توترها من تلميحاته:
– ايوة صحيح، انت عايزاني اقول امين من غير ما اعرف هتعمل في البت ايه؟.
تبسم يجيبها بمكر؛
– مش حاجة وحشة والله ياما، الواد سامر ماسك ايده من الوجع من كتر ما ضربها، انا بقى هقصر المسافات واجوزها، حتى الحمد لله العريس جاهز مش محتاجين تعب .
وقبل ان يصدر السؤال من كلتاهما اردف يجيبهم:
– طلال ابن عم منعم صاحبك يا بابا .
صرخت سامية بالرفض امام جزع والدتها:
– نهار اسود، اللحقيني ياما، دا عايز يجوزني للبرمشاجي، اللي لا شكل ولا هيئة.
.
وعلى عكس المتوقع تلجمت درية ليست بقادرة على دعمها او الرفض، عكس خميس الذي تهلل وجهه، وانتقض يستغل الفرصة:
– حلو اوي يا سمير، اهم حاجة يفتح بيت وهو ناصح في الحتة دي، انا هروح ابلغ منعم يفرح ويحددو ميعاد اللي هيجوا فيه.
قالها خميس وهرول من جوارهم لتصرخ سامية:
– اللحقي جوزك ياما، دا ماصدق، الواد دا مبيطقهوش وربنا ما بطيقه.
– اخرصي يا بت مسمعش صوتك خالص، دا انتي تبوسي ايدك وش وضهر لو هو رضي بيكي.
صدرت الصيحة من شقيقها سامر بحزم جعل درية نفسها تنكمش على نفسها، اما سامية فلم يتبقى لها سوى معاودة الندب تلطم على خديها بحسرة على ضياع الحلم لينقلب إلى كابوس طلال
❈-❈-❈
داخل السيارة التي تقلهم للعودة إلى المنزل، كان الحديث الدائر بينهم، لتعبر زوجته عما تشعر به بعفويتها كالعادة:
– انا فرحانة اوي يا مصطفى بزيارة طنت نجوان ورجوعها لينا، بسيطة وطيبة وبتحبك وبتحبني في نفس الوقت يا مصطفى.
ضحك مرددًا خلفها بمشاكسة:
– فرقت معاكي اوي دي يا نور، انها بتحبني وبتحبك، والله انا كمان محبتكيش من شوية.
تبسمت بحرج لتلكزه على ذراعه موضحة:
– بطل غلاستك دي يا مصطفى، انا قصدي مش بتتعالى ، ما انت عارف نظرة مامتك الطبقية ليا، حتى وانا نجمة كبيرة وليا جمهوري
استاء بالفعل لقولها، ولعلمه التام انها لم تكذب، ليتخلى عن عبثيته مبديًا اعتذاره:
– معلش يا قلبي، هي كدة اعملها انا ايه؟
– لا يا سيدي متعملش حاجة، ما انا خلاص اتعودت بقى، المهم خلينا في ابن خالتك ده، انا كنت حاسة انه مش طايقنا.
عاد للضحك مرة اخرى مرددًا بسخرية:
– حاسة بس، طيب ما هو فعلا مش طايقنا؟
توقف يسحب نفسًا قويًا ليردف بجدية:
– رياض ابن خالتي وانا اكتر واحد عارف باللي في دماغه، هو متخطاش الماضي اللي انا كنت جزء منه، لذلك أنا دايما بديله العذر، اللي مر بيه مكانش قليل، هو يستاهل الحب، بس لو يدي لنفسه الفرصة ويشيل العقد اللي مكلبشاه ساعتها هيرجع انسان تأني خالص.
صمتت زوجته تستوعب الحديث، وتوافقه الرأي، فأتت فجأة صورة بهجة بذهنها لتقول بلهفة:
– على فكرة انا لاحظت حاجة غريبة النهاردة، نظرات رياض للبنت القمورة جليسة طنت نجوان مكنتش طبيعية، مش عارفة ليه دخل في قلبي احساس كدة لما لقيته مركز فيها
– قصدك انه يكون بيحبها ولا معجب بيها؟
مطت شفتيها، توضح بعينيها انها لا تستبعد، مما جعله يردف بما شعر به هو الاخر:
– تصدقي عندك حق .
❈-❈-❈
بداخل المكتب كان معطيًا ظهره، واضعًا يده في جيب بنطاله، ينظر من خلال الحائط الزجاجي إلى الحديقة بوجوم تام حينما دلفت اليه حاملة فنجان القهوة الذي تكلفت تصنعه بيدها لتأخذها حجة وتراه، بعد اختفاءه كل هذا الوقت منذ مغادرة مصطفى عزام وزوجته المنزل .
– القهوة اللي بتحبها .
قالتها برقة لم يعيرها اهتمامًا وقد التف اليها بوجه ممتقع الملامح وغضب غير مفهوم، يحدجها بنظرة نارية وكأنها قامت بجرم ما، ليلقي بنظرة خاطفة نحو القهوة فيجلس زافرًا بصوت عالي انفاس قوية، ليزيد بداخلها التوجس حتى عبرت عنه:
– ممكن افهم انا زعلتك في ايه بالظبط عشان ابقى فاهمة بس؟
أجاب بعد فترة من الصمت:
– ومين قالك اني زعلان، شوفتي ايه عليا يخليكي تفتكري كدة؟
لم تحتمل مراوغته في الحديث ، لتنفعل هاتفه به:
– رياااض بلاش اسلوب اللف والدوران معايا، انا مش غبية عشان مفهمكمش، انت متغير من ساعة ما شوفت ابن خالتك والممثلة المشهورة مراته مع مدام نجوان، شكلك كان واضح عليه اوي انك مخنوق، بسبب خلافات بقى ولا مشاكل قديمة، لكن انا ايه ذنبي…..
– بتشيلي ابنهم ليه؟.
اجفلها بها مقاطعًا بحدة جعلتها تقطب بعدم فهم:
– وفيها ايه يعني؟ دي مدام نجوان كانت فرحانة بيه اوي وهي اللي شيلتهولي؟
– وانتي ليه تجاريها؟ هي فرحانة عشان دا ابن الننوس الغالي حبيب العيلة كلها، انتي ليه قعدتي معاهم اصلا؟ ادخل انا الاقيكي شايلة لولد وكأنك ما بينهم……
قطع فجأة ليصلها المعنى على الفور، فشخصت ابصارها بصدمة مرددة:
– قصدك خدامة؟ شايلة ابنهم وكأني الخدامة بتاعتهم .
– اخرصي يا بهجة، انا مقولتش كدة .
نهرها كي تتوقف، ولكنها لم تبالي لتواجهه بتحدي:
– لأ مش هخرص عشان انا مش غبية عشان مفهمش قصدك، بس لعلمك بقى، انا مزعلش منها دي ولا تهمني، انت بقى مش متحمل مجرد الفكرة، يبقى نفضها سيرة من اساسه، وانت تقطع من الخدامة اللي هتعر الباشا ابن الباشا.
نهض من جلسته لينفض عنه الذهول الذي اكتنفه بسماع حديثها القوي، وازدادت عيناه اشتعالا نحوها ليقبض على ذراعها مرددًا بتحذير:
– بطلي كلامك المستفز يا بهجة، انا على اخري اصلا، ومش حمل اي تفسير سخيف منك، ولا عايز ارتكب جناية بسببك.
نفضت ذراعه عنها لتقارعه بغضب:
– بلاش انا تفسيري السخيف يا باشا، وقولي انت عن السبب الحقيقي لقلبتك، انا عايز اسمعك اهو قول.
ظل على جموده في الصمت لتكرر في طلبه بانفعال:
– كذب كلامي بقى واقول اني فهمت غلط، مستني ايه يا باشا؟
اخرج تنهيده من صدره، طاردًا دفعة كبيرة من الهواء، ليتحرك من جوارها عائدًا نحو مكتبه يتكلم بصوت يتخلله الألم:
– انا اللي جوايا كتير يا بهجة، وانتي لا يمكن هتفهميني.
ردت بعدم رضا تجلس امامه:
– ليه بقى؟ شايفني مبفهمش؟
رمقها بحنق قائلًا:
– الموضوع مش زي ما انتي فاهمة، الحكاية ان في تفاصيل كتير انتي متعرفهاش، تفاصيل عدى عليها سنين كتير، كتير يا بهجة.
بشبه ابتسامة لم تصل لعيناها عقبت :
– وانت بقى هتفضل حابس نفسك جوا السنين دي؟ الدنيا كل يوم في حال، واللي النهاردة كويس معاك ، من الجايز بكرة تلاقيه وحش، والعكس كمان، المهم اللي احنا فيه دلوقتي.
حديثها كان به شيء من المنطق لكنه لم يقتنع به، ليأتي رده بتقليل:
– انتي بتقولي كدة عشان دنيتك محدودة، ما شوفتيش نص اللي انا شفته، مش بقولك مش هتفهميني .
نهضت من امامه تردد بيأس احتل معالمها، وقد فاض بها منه:
– عندك حق، انا فعلا مش فاهماك ولا عمري هفهمك يا رياض.
قالتها وخرجت على الفور تتركه في وحدته، يصارع ذكرياته القديمة، في تلك الحقبة اللعينة
بعد ان انهى دراسته الجامعية في الخارج وأتى إلى هنا مع والدته، ليستقرا مع والده الذي سبقهم قبلها بسنوات في تأسيس مصنع الملابس والازياء الحديثة حلم حياته، فيحتك هو بالعالم الواقعي هنا المخالف تمامًا عما نشأ عليه.
عالم المظاهر المبالغ فيه، مال واعمال وعائلة ارستقراضية يختلف تمامًا عما نشأ عليه مع والدته المتواضعة لدرجة السذاجة رغم اصلها النبيل، والده الذي كان يعده قدوة اكتشف مع الوقت سفاهة معظم قرارته، والتي كانت تكلفه الكثير من خسارة الأموال.
على العكس تمامًا مع زوج خالته الهمام وابنه النجيب، نجاحات متتالية دون توقف، يعرف بها القاصي والداني، انجازات تتغنى بها بهيرة في كل اجتماع او مناسبة
وفي المقابل فشل والده المستمر في إدارة مصنعه، حتى قرر المساعدة بالعمل معه كي يصبح له ذراع يمنى كمصطفى عزام ووالده،
ولكن اكتشف مع الوقت المصيبة الحقيقية لتأخر الرجل ، تلك الأفعى التي كانت تشغل عقله بعشقها وأنوثتها الطاغية، يصرف عليها ببذخ، غير مراعيًا لفرق العمر بينها وبينه، مما تسبب له في العديد من الخسارات، الشد والجذب والخلافات المستمرة معه خشية وصول الأمر إلى تلك الغافلة والهائمة بعشقه،
محاولاته في كشف هذه الأفعى، والتي غلبته بمكرها حتى خلقت ضغينة بين الاب وابنه واضعة بعقله تلك الفكرة التي لم تخطر له على بال ، انه يحاربها من أجل الحصول عليها لنفسه.
كان احمقًا لا يعرف بأساليب النساء، ليظل متخبطًا لا يعرف وجهة صحيحة يستند عليها، حتى جاءت القاسمة بحادث السيارة وما تلاها من فضائح تصب المزيد عليها ، قصتهم اصبحت علكة بين الافواه لتظهر الفرق الشاسع ما بين الأسرة الملتزمة والناجحة ، وبين اسرته الفاشلة .
ايام سوداء لن ينساها ولن تنمحي من ذاكرته، ولكنها خلفت في قلبه جروحًا لن تندمل، رغم النجاحات التي حققها، ليكون ندًا للأخر حتى وثروته لا تصل لنصف ما يملك ولكنه اثبت نفسه، رجل ناجح وأسرة مستقرة وزوجة……..
توقف عند الاخيرة يغلق على عينيه بتعب، فقد وقع في نفس الفخ، ومع ذلك يأبى الخروج منه.
❈-❈-❈
منذ تلقيه اتصال صديقه ضابط الشرطة يخبره عن الوضع بعد القبض على الشيخ الدجال، ثم ذكره لاسم ابنة خاله والحالة التي وجدت عليها ساعة القبض على هذا المدعي، شيء مخزي جعل الغضب يتصاعد داخله، وشيء يتعدى الأسف الاف مرات، لما تعرض نفسها لهذه الإهانة؟ لما الاذية له ولزوجته؟ ومن اجل ماذا ينسى المرأ دينه بالاتفاق مع الشيطان فيخسر الدنيا والآخرة؟
ظل شادي لفترة ليست بالقصيرة يصلي ويتضرع إلى الله بالمغفرة والحفظ له ولعائلته
حتى اذا انتهى وذهب إلى والدته قص عليها جميع ما حدث:
– شوفتي بقى يا ماما، عشان انا من الاول كنت شاكك وسبحان الله لما جيت اتأكد انكشف كل شيء، انا مش بأنبك والله، لأنه كله بإيد ربنا، لكني عايز اعرفك بس ان سبب بلاء الطيبين في الدنيا دي هي طيبيتهم .
– سامحني يا بني، انت فعلا عندك حق في كل اللي قولته، ربنا يهديها،،قد صدمتي فيها، قد زعلي عليها ، دي مهما كان بنت اخويا وعرضها يمسني.
لن يلوم والدته على تعاطفها مع تلك الملعونة، فهو ايضًا اكتنفه هذا الشيء ورغم قهره منها ومن بجاحتها ووقاحتها، إلا انه يفضل لها الستر دائمًا .
– انا قايم اشوف مراتي يا ماما، هي اكيد قلقانة من قلة اتصالي بيها من الصبح .
قالها ونهض يهم بالخروج ولكن والدته أوقفته:
– واد يا شادي، مش كفاية كدة بقى ورجعها، ومدام عرف السبب بطل العجب.
تبسم يجيبها بتأكيد:
– هيحصل يا ماما، ما انتي قولتيها بنفسك، معدتش في سبب يمنع والحمد لله.
تمتم بالاخيرة وذهب، نحو من ما ملكت فؤاده، واشتياقًا يحرق صدره إلى رؤيتها، ألا وقد حان الوصال اخيرا بعد الهجران وعذابه.
❈-❈-❈
كأمواج متلاطمة يعلو بها الى عنان السماء مرة، ثم وعلى حين غفلة منها، يهبط بها سريعًا في العمق حتى يكاد ان يغرقها، كم ودت ان تصل معه إلى بر يريحها او حتى بدونه لو استحال الأمر، ولكنه لا يعطيها فرصة، تبًا له من أناني.
دفعت الباب لتكمل السهرة مع اخوتها داخل محل الكافيه الذي اصبح مقرهم الاساسي الان، نظرا للعمل به ، ولأنه ايضًا مكان جيد للترفيه
وقعت عينيها في البداية على شقيقها الذي يتعامل بجدية مع احد الزبائن، حتى همت ان تنادية او تلفت نظره، ولكنها تفاجأت تبصر اعز صديقاتها امامها وكأنها كانت في انتظارها
لتهرول اليها متمتمة بإسمها :
– صفية .
❈-❈-❈
خرج بها اخيرا بعد فترة طويلة من الانشغال بقضية عمره، قرر اليوم اخذ استراحة محارب، يريح عقله قليلًا من التفكير ، ويرفه عنها، شاعرًا بذنب اهماله لها في الفترة الأخيرة، على الرغم من عدم شكواها، مما زاد من تقديره لها.
ليسألها فور الجلوس على طاولة تجمعهما وحدهما بذلك المطعم المختص بتلك اللقاءات .
– قوليلي بقى يا أمنية؟ عجبك المطعم؟
ردت بابتهاج يعتلي تعابيرها:
– اوي، عجبني اوي، إضاءة هادية ومزيكا جميلة، اقدر اسميه عشاء رومانسي ده يا عصام؟
– انتي لسة هتسألي يا أمنية؟ ولا انتي مش مصدقة اصلا ان جوزك يطلع منه الحاجات دي؟
قالها بعفوية ليجد الرد على ملامحها المتبسمة، فيردف معبرا عن استيائه:
– اما صحيح ستات غدارة، عاملين زي القطط تاكلو وتنكروا
– أحنا يا عصام.
تمتمت بها ضاحكة ليستطرد هذه المرة متغزلا:
– طبعا عشان حلوين وليكم حق.
اعجبها اطراءه فتابعت بغريزة الأنثى تريد المزيد:
– يعني شايفني حلوة يا عصام؟
تناول كفه يدها يقبل ظهرها مجيبًا:
– دا انتي قمر مش حلوة وبس، انا عارف اني مقصر معاكي كتير، وانتي متحملة وساكتة، لا بتنكدي ولا بتشتكي، اوعي تفتكري اني مش واخد بالي منها دي، دا انا ابقى راجل غبي لو مقدرش
قالها بامتنان وصل اليها لتعقب بما زاد من سعادته:
– بعد الشر عليك يا حببي من الغباء، زي ما انت مقدر ، انا كمان مقدرة، لا يمكن ازيد على همومك، ربنا يخليك ليا، كلمتينك دول معناهم كبير اوي عندي وربنا العالم
قبل يدها مرة اخرى قائلًا بانتعاش:
– دا انتي اللي تستاهلي الدنيا كلها تحت رجليكي، شوفي بقى، انا قابض وجيبي مليان النهاردة، اطلبي اللي انتي عايزاه، وشاله ما حد حوش .
❈-❈-❈
في تلك الزاوية المظلمة، والتي يقوم بها بدوره في الاستلام والتسليم مع الزبائن المعروفين لديه، كان عقله
منصبًا في التركيز مع هذا الفتى، الذي لا يتوقف عن اللعب في الهاتف بيده، وقد سمع عنه الكثير وعن مهاراته في الاختراق وأشياء كثيرة .
تقدم يتخذ مقعده بجواره، ليفتح معه حديثًا:
– بيقولوا انك شاطر اوي في التليفونات وبتعرف تهكر اي حساب يا عويضة.
رد الفتى باعتزاز:
– طبعا امال ايه، انا مفيش حاجة تصعب عليا، وبكرة تسمع عني لما تلاقيني بهكر حسابات بنوك، انا ماشي في السكة دي وهوصل
– يعني على كدة تعرف تهكر اي حساب أدلك عليه؟
رد الفتي بحماس، وقد اشتعلت رأسه بالتحدي:
– دلني ع الحساب اللي انتي عايزه يا عم إبراهيم وانا بعون الله هعرف .
– طب قولي ازاي؟
سأله بفضول ، ليجيبه على الفور:
– مش مستاهلة تعب، هو لينك تبعته عن مسابقة مثلا ولا حاجة تغري صاحبها بفتحه، المهم نعرف راجل ولا ست عشان نقدر نحدد اللي اهتمامات الزبون وعلى هذا الأساس نشتغل يا باشا .
نالت الفكرة استحسانه، وقد شعر بفائدتها قبل ذلك مع والدتها، فما باله لو صارت التجربة معها، يبدو ان التسلية ستكون افضل بكثير في الايام القادمة، ليقترب منه يغريه بعرضه:
– طب شوف بقى، لو عرفت تهكر الرقم اللي هكتبهولك دلوقتي، ليك عليا الفين جنيه تاخدهم كاش ايه رأيك بقى
– دا الفل الفل يا عم إبراهيم، هاني الرقم اللي انت عايزه وانا هشتغل عليه يوماتي لحد ما اجيب قراره.
❈-❈-❈
لم تحبذ الجلوس معها داخل المحل المزدحم، رغم كم المرح والفرح الذي يغمرها به، بمشاهدة اشقائها وحماسهم في العمل، إلا ان حالتها المزاجية هذا اليوم جعلتها تتلقف لقاء صديقتها كالغريق، لتسحبها معها على الفور وتأتي بها الى هنا داخل المنزل،
فتختلي بها بعيدا عن الجميع في جلسة داخل غرفتها، يستعدن ذكريات المراهقة وجلسات النميمة والأحاديث اللذيذة،
ولكن اليوم كان حديثهم في شيء آخر، ذلك الذي اتعبها وارهقها بكثرة التفكير فيه:
– يعني ايه يا بهجة؟ انا عايز افهم اكتر منك، بيحبك ولا ما بيحبكيش؟
ردت بما تأكد في قلبها:
– لو عندي ذرة شك واحدة بس انه مببحبنيش، عمري ما كنت هقعد ولا استمر معاه ثانية واحدة تاني .
– ولما انتي متأكدة اوي كدة يا حبيبتي من حبه ليكي، تقدري تقوليلي ميعلنش ليه؟ في الضلمة بحبك وبموت فيكي ، وفي النور لا سوري معرفكيش، انا اسفة في صراحتي يا بهجة .
تبسمت متقبله نقدها :
– لا والله ما ازعل منك، عشان عارفة ومتأكدة بصحة كلامك، بس اعمل ايه؟ ما هو ده سبب تعبي معاه يا صفية، ساعات بحس انه في احتياج شديد ليا ودا اللي بيقيدني اخد موقف شديد معاه، وساعات تانية بكرهه واكره جوازنا واكره الظروف اللي اجبرتني على جوازي منه والدنيا كلها .
تنهدت صفية بياس، شاعرة بحجم المعاناة التي تعيشها صديقتها، وبداخلها تريد مساعدتها بأي صورة.
– طب واخرتها يا بهجة
تبسمت بسخرية تعقب:
– تصدقي نفس السؤال ده اتسألته من شادي ابن عمتي، لدرجادري انا موضوعي شاغلكم .
ردت صفية بجدية:
– جدا يا بهجة وانتي عارفة بكدة، وبتكابري وبتهزري،
صمتت تنتظر ردها والذي جاء بعد برهة:
– انتي قولتي بنفسك اني بكابر وبهزر، لكن اكيد مش هفضل كدة كتير، ان كان قلبي النهاردة في مساحة انه يحن، فتأكدي يا صفية ان المساحة دي يوم عن يوم بتضيق، والحل اكيد في ايده هو يا نستمر في النور، يا كل واحدة يروح لحاله، وانا شايفه ان الميعاد قرب اوي
– ميعاد ايه؟
– ميعاد تحديد المصير يا صفية، انا وعدت نفسي من زمان اني لا يمكن هطلبها منه، ان مكانش يعلنها هو من نفسه يبقى بلاها احسن وكل واحد يروح لحاله.
❈-❈-❈
سحبها من يدها، لتدلف بخطوات مترددة داخل المنزل الذي كان عشها السعيد في أيام زواجها الأولى به، تبتلع ريقها بتوتر يصل اليه، ليواصل حثها بالمزاح والمشاكسة:
– روقت ومسحت ورشيت المعطر وخليت البيت فلة، بصي بقى كويس، وقولي ايه رأيك في شطارتي؟
ضحك وجهها الصبوح، لتشرق في قلبه انتعاشًا واملا في عودتها لطبيعتها، صبا الجميلة الساحرة، والتي صارت تطوف بعيناها على ارجاءه تتبسم بمرح، تخفي من خلفه بعض الرهبة التي مازلت تستوطن داخلها، نتيجة ما مرت به في الفترة الصعبة لزوجها به.
تبتلع ريقها وتجاريه في المزاح:
– حلو ومش بطال يا مستر، بس يجي منك صراحة يعني مكدبش
– يجي مني؟
اومأت رأسها تذكره بشقاوتها المحببة:
– امال يعني اكسفك واطلع العيوب، ما نخليها يجي منك احسن.
سحب شهيقًا طويلًا يتخلى عن اتزانه، وقد غلبه
اشتياقه ليضمها فجأة ويرفعها عن الأرض مرددًا بلوعة:
– اااه يا صبا، وحشتيني وحشتيني، حاسس قلبي هيوقف من فرحتي بروجعك
شددت هي ايضًا بذراعيها، تبادله بدموعها:
– وانت كمان يا شادي، ويمكن اكتر والله، أنا روحي اتردلتي برجوعي ليك .
– يا قلب حبيبك انتي.
شدد يعصرها بين ذراعيه، وهي تبادله، تستمد منه الدفء، تستمد منه امانها الذي افتقدته بابتعادها عنه
اخرجها بعد فترة ليست بالقليلة ليكوب وجهها بين كفيه، يتأمل ملامحها الجميلة متغزلا:
– وحشني اوي عيونك الحلوة دي يا صبا، انام بعد ما اشبع من البص فيهم، وأصحى على نورهم، اللي أدفى من نور الشمس، في بعدك لا كنت بعرف انام ولا كان ليا نفس أصحى، كل الايام واحدة وملهاش طعم في غيابك.
سالت دماعاتها مرة اخرى لتردد برجاء:
– كفاية يا شادي، انا كدة والله هكره نفسي .
– لا يا ست تكرهي نفسك دا ايه؟ دا احنا ما صدقنا.
قالها ليجذبها من يدها يتابع بمزاح:
– انا بقول نأجل كلامنا شوية، تسلمي على ماما، وبعدها نكمل ونكره بعض براحتنا.
استسملت له لسحبها حتى دلف بها الى داخل غرفة والدته، والتي فور ان رأتها، فتحت ذراعيها لها تتلقفها في احضانها، تعبر عن اسفها:
– سامحيني يا بنتي، غبائي هو السبب في كل اللي حصلك .
– خرجت من احضانها تنهاها:
– لا خالتي متجوليش كدة، دا في الاول والاخر نصيب، مش ذنبك انك اَمنتي لاجرب الناس ليكي، العيب ع اللي يستغل ومراعاش القربة ولا صلة الرحم، وعلى رأي شادي، الطيبة في الزمن ده بجت بلاء على صاحبها،
اومأت المرأة توافقها الرأي، لتتبادل معها حديث قصير ، قبل ان تخرج مع زوجها تتوجه إلى غرفة النوم التي كانت في بعض الأيام، تمثل اسوء كوابيسها.
مما ارتد بأثره الاَن على خطواتها التي ثقلت رغم تشجيع نفسها والحماية في زوجها الذي كان يصله احساسها ، حتى اذا دلفت داخلها تفاجأت بخلوها من الأثاث ، لتلتف اليه سائلة بإجفال :
– اوضة النوم فين يا شادي؟
– اتصرفت فيها .
قطبت عاقدة حاجبيها بعدم فهم:
– نعم!
لم يزيد في الحديث، ولكنه باغتها، ليقوم بإخراجها متوجهًا بها إلى غرفة اخرى، فتحها امامها لتفاجأ بغرفة نوم جديدة ومختلفة عن السابقة بل واجمل، تطالعها بانبهار وقبل ان تسأل، وجدته يجيب استفسارها:
– شوفي يا ستي انا اتصرفت في القديمة واتبرعت بيها، محبتش يتبقى اي ذكرى وحشة تفكرك باللي حصل، عايزها تبقى صفحة وانطوت ما بينا يا صبا، ايه رأيك فيها بقى؟ عجبتك؟
– جوي ، عجبتني جوي
تمتمت بها ضاحكة وقد ذهب عنها القلق وحل محله الإعجاب التام، تتأمل كل ركن بالغرفه، خزائن الملابس المتلئة بملابسها وملابسه، اشيائها النسائية العديدة من مستحضرات تجميل وعطور ارتصت بنظام على تسريحة المراَة، وفراش التخت المرتب، ليصدر تعقيبه على الآخير :
– معلش بقى، كنت عايز اعمل قلوب وحاجات بالورد الاحمر والشموع بس بصراحة معرفتش، حسيته هيبقى مسخرة، روحت لميتهم في الكيس اللي هناك ده، اهو جمب الدولاب .
وأشار بسبابته نحو احد الأركان، لتهتف هي به، وقد بلغت مشاعرها العنان:
– شااادي
– نعم
وما كاد ينهيها حتى وجدها تلقي بنفسها على صدره وتضمه بقوة:
– بحبك جوي يا شادي
ردد من مستوى طولها بلهجة تشوبها السخرية:
– بحبك جوي، هي دي اللي ربنا قدرك عليها يا صبا.
نزعت ذراعيها عنه قائلة بعدم فهم؛
– امال انت عاوز ايه؟
مال نحوها يجيبها بعملية، مقتطفًا ثغرها بقبلة قوية جامحة، بادلته تستجيب بشوقها اليه، ليرفعها بين ذراعيه بعد ذلك متوجهًا بها نحو التخت مغمغمًا:
– عرفتي بقى باللي انا عايزه، والله وهنعيد أمجاد شهرنا عسلنا من تاني يا صبا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حان الوصال)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *