روايات

رواية أكل الذئب زينب الفصل الخامس 5 بقلم أمل نصر

رواية أكل الذئب زينب الفصل الخامس 5 بقلم أمل نصر

رواية أكل الذئب زينب البارت الخامس

رواية أكل الذئب زينب الجزء الخامس

أكل الذئب زينب
أكل الذئب زينب

رواية أكل الذئب زينب الحلقة الخامسة

صوت الاعيرة النارية التي كانت تدوي في هذا الوقت بصخب وضجيح الأصوات المهللة التي تصل إليها، حتى جعلها تخرج من داخل غرفتها مجفلة لتستطلع الامر ، لتجد والديها وأشقائها الصغار جميعهم يقفوا خارج المنزل كباقي افراد المنطقة، وأعينهم منصبة نحو المنزل الكبير، والذي بدا كما يشبه الفرح.
– ايه في ايه، ايه اللي حصل لضرب النار دا كله؟ مالهم بيت الدهشوري؟
تساءلت بها فجاء الرد من أحد اشقائها الصغار بسجيته:
– عمي ضاحي هيبجى نائب في مجلس الشعب .
– ضاحي مين اللي هيبجى نايب؟
ردت والدتها وهي تعود اليها لداخل المنزل بابتسامة لاحت على ملامحها:
– ضاحي الدهشوري يا ست زينب، جدم ورقه للترشيح في الحكومة واتجبل، ومدام إتجبل ترشيحه اعرفي انه ناجح ناجح، عشان تتأكدي بس انها مش بالعلام ولا الكلام الفارغ بتاعك.
اعتلت الصدمة معالمها، تزبهل لبعض اللحظات ف محاولة للاستيعاب، ثم رددت بعدم تصديق:.
– انتي بتتكلمي جد ياما؟ يعني ضاحي….. هيبجى نايب في المجلس الموقر.
ضحكت عزيزة بمرح:
– ومالوا يا بت لما يبجى سيادة النايب ؟ ان مكانش هو ولا اخوه البيه التاني حامد حد فيهم يا خدها، مين في بلدك كلها يستاهلها؟
– حامد
غمغمت داخلها كلمة السر فيما يحدث، انه هو من أتى بشقيقه من اجل ان يضعه على رؤوس الجميع كما قال والدها، لكن هذا تعدى التصور ، وبهذه السرعة يريد ان يضعه في منصب هام كهذا؟
– طب وحامد باشا دا ان شاء الله، متجدمش هو ليه؟ على الاجل هو ليه ارضية وهيبته واصله لبرا البلاد اللي حوالينا؟
صدر منها التساؤل، وكأنها تحدث نفسها، فجاء الرد من والدها الذي دخل بالصدفة اثناء الحديث:
– وهو حامد محتاج هيبة يا بت؟ ولا معاه وجت اساسًا للمجالس والكلام الفاضي دي؟ دا راجل عملي وبتاع فلوس ماليها عدد…
تنهد يجلس على الارض ويتابع:
– العز وز يا عم، فلوس ووجاهة وكله، احنا نحمد ربنا اننا عايشين فيها اساسًا .
علقت على قوله زوجته:
– بس برضك اهي فايدة للعيلة يا مطاوع، دلوك اللي عايز خدمة هيروحله يخلصهالو بسهولة، واللي عايز وظيفة كمان، انت اول حاجة تعملها بعد ما تباركله، تطلب منيه يوظف بتك.
– يوظف مين ياما؟
صرخت بها وكأن عقرب لسعها، لتعبر عن رفضها بوضوح تام:
– ضاحي دا لو اخر واحد في الدنيا انا مش عايزة مساعدته، إن مكانتش تاجي الوظيفة من عند ربنا مش عايزاها.
بصقت كلماتها وتحركت نحو غرفتها على الفور، لتردد في اثرها باندهاش:
– لو اخر واحد في الدنيا مش عايزاها، طب ياختي خليكي في خيبتك كدة على ما ربنا يفكها عليكي.
اضاف مطاوع على قولها:
– بتك فجرية يا عزيزة، سبيها في هبلها دا مرنخة من غير فايدة، مفكرة ان في حد اساسا بيتوظف في الزمن ده من غير واسطة، هي اللي خسرانة.
❈-❈-❈
دلفت لداخل الغرفة تغلق بابها عليها بحالة من الغضب تكتنفها حتى تجعل الدماء تغلي برأسها، وعدد من الأسئلة تصدح داخلها، لماذا لا يوجد ميزان عدل في بلدهم؟ كيف يخطأ اثنان، فيتحمل الذنب جميعه شخص واحد والأخر يقضيها دون حساب او عقاب، رغم معرفة الجميع بخطيئته
تفاحة ماتت وووالدها الأعمى مات خلفها، شقيقها الذي عاش من بعدهم الحياة بطبيعية رغم جرمه هو الاخر ، ترك البلدة الان للعمل في إحدى المحافظات الحدودية، ولا احد يعلم كيف تم ذلك في يوم وليلة.
وهو المجرم الاكبر، قضى العديد من السنوات بعيدا عن اي منغصات، والآن يعود لينول الوجاهة بمنصب هام، يالها من كوميديا سوداء ، ذلك الذي يعيشه المرء الآن.
تنهدت بأسى تتذكر الرجل المريض الآن زيدان الدهشان والده، حينما اصدر امره بإبعاد ابنه عن البلدة، انه لم يكن عادلا في هذا الأمر، ولكنه كان مراعيًا على الاقل لمشاعر الخلق.
تنهدت بضيق متعاظم مع تذكرها وقوفه بالشرفة وتحديقه بها دون مرعاة اثناء غسل شعرها بغفلة منها قبل ان تنتبه له، لقد تكرر الموقف يوم امس، حينما دخلت خلف والدتها تساعدها في اعداد الخبز بالفرن الطيني خاصتهم، وقد كانت منهمكة معها وللمرة الثانية انكشف شعرها وهي غافلة ولم تنتبه الا بعد فترة من الوقت، لتجده بنفس الوقفة، فبرقت عينيها بغيظ تنبه والدتها ، والتي ما ان رفعت رأسها إليه، حتى لوحت له تحيه بعفويتها ، ليبادلها هو الاخر بمكره، ثم ينسحب للداخل، ليبدو الأمر عادي ويمر كما يمر كل شيء من حولها.
❈-❈-❈
في المساء
وكما توقعت ازدحم المنزل من الداخل والخارج بأعداد البشر التي أتت تبارك لمجرد قبوله بالترشيح للمجلس الموقر، حتى والديها ذهبا هما الاخران وأشقائها الصغار مع باقي الاطفال هناك، ينالون جانب من الاحتفال بالحلوى والمشروبات الغازية التي توزع عليهم،
اما هي فظلت على عهدها ولم تتحرك من منزلها إلا اذا جاء احد الزبائن لاستلام حاجته من الاقفاص التي صنعها والدها، ، أو يسجل طلبه معها حتى يأتي والدها وتخبره، فما بالها ان كان الطالب من تنتظر اللقاء به يوميا،…. ابن عمتها
لتخرج إليه خارج عتبه المنزل، في الجزء الذي يعمل به والدها، بابتسامة، لا تخفي لهفتها في لقاءه:
، ايه اللي جابك دلوك يا مختار؟ ابويا مش جاعد .
قابلها بابتسامته الحلوة:
– طب وانا ايش عرفني ان خالي مش جاعد، انا جاي مرسال من امي ، اصلها بتستعجله على طلبها ، يا ترى خلص اللي جالت عليه؟
نفت بهزة خفيفة بكتفها، وكأنها لا تتذكر الدلال إلا بحضوره:
– بصراحة معرفش يا استاذ مختار انت جصدك على ايه بالظبط؟
طالعها بافتنان يجيبها:
– والله حلوة منك استاذ دي، بس انا بسأل ع الكفاية ( شيء يشبه القفص، ولكن اكبر واضخم) اللي طلبتها امي منه عشان فروجها اللي بينزل عليه الصيد كل ليلة،
نقلت بعيناها نحو احد الاركان لتشير بكفها والابتسامة لم تغادر شفتيها:
– اممم افتكر يعني اللي جاعدة هناك دي، كان ابويا نبه انها بتاعة عمتي وخلصت، يعني لو عايز تاخدها خدها.
– اخدها وامشي على طول
غمغم بها بضيق، شاعرًا بعدم الاكتفاء بعد من رؤيتها، ليعبر عما يعتريه من حزن:
– اه انا دلوك بس اتمنى عمي يبجى حاضر، ع الاجل هجعد براحتي وتطول شوفتي ليكي.
اسبلت اهدابها عنه بخجل، فهي أيضًا ينتابها الشوق للجلوس والحديث معه بحرية كما كان يحدث ايام الجامعة، وفي سنين التعليم التي مروا بها معًا.
ردت حينما طال صمته:
– مينفعش الوجفة كدة في الشارع، الكفاية جاهزة ان كنت هتاخدها معاك.
اومأ رأسه بتفهم ليقول ببعض الجدية:
– تمام، انا برضوا عامل حسابي وجيبت عربية النص نقل عشان اخدها.
لم تجد ما ترد به، ليتنهد هو بقلة حيلة ويتوجه نحو ما أشارت إليه، ليغمغم بداخله:
– الله يسامحك يا خالي، وانت محيرني كدة ومش راضي ترسيني على بر واصل.

رفع القفص الضخم وما هم ان يتحرك به ، حتى وجد ان طرفه انزلق منه، ليتمتم بحرج:
– يا دي الكسوف.
ضحكت هي من خلفه مهونة:
– لا متتكسفش انا برضو ستر وغطا،.
رمقها بغيظ زاد من تسليتها، لتضحك غير قادرة على التوقف، حتى فوجئت بالسيارة الضخمة التي هدأت سرعتها لتبطئ بالقرب منهما ، وصاحبها من الخلف يطالعها بنظرة غير مفهومة قبل ان ينقل نحو ابن عمتها الذي اعطاها ظهره في هذا الوقت ، قبل ان ينتبه لهويته، ويومئ له بالتحية والتهنئة:
– عجبال ما يبجى الفوز رسمي يا سيادة النائب.
اومأ له بتعالي دون رد ، ليخطف بنظرة اخيرة نحوها ، وكأنه ينتظر منها التهنئة هي الأخرى، ولكنها ادعت عدم الفهم، لتشيح بوجهها ناحية منزلهم، وانتظرت حتى اختفى صوت مرور السيارة، لترفع رأسها وتتأكد
فتزفر بارتياح متمتمة:
– يا سااتر.
❈-❈-❈
كان ضاحي في هذا الوقت، قد وصل منزلهم، ليقابل بالتهاني والمباركات من حشد لا بأس به خارج المنزل،
كان يبادلهم المصافحة وعيناه تنقل كل لحظة نحوها وهي تتحدث مع هذا الشاب الصغير الذي لم يعرفه، حتى غادر من أمامها بسيارته العتيقة نصف نقل، لا تصلح سوى لحمل الغنم الصغيرة
وهي ظلت للحظات تتابع مغادرة السيارة باهتمام، عكس ما فعلت معه، حين تجاهلت مروره، لتبعد عيناها عنه تماما، هل كان نكرة امامها لتفعل ذلك ولا تعطيه اهتمام كباقي فتيات القرية التي تتلهف على رؤيته، كلما مر طيفه امامهن، انها حتى لم تكلف نفسها لتهنئته كما فعل ويفعل الجميع الآن ومنهم…… كما يرى اباها الآن.
في خاطره الاخير، كان قد وصل الى المذكور وقد وجده جالس مع مجموعة يدخنون الشيشة، لينتفضوا جميعا في استقباله، ف اقترب يصافحهم ويبادلهم التحية حتى اتخذ مقعده بجواره، فلم يكن يصدق نفسه.
– لو تحب تاخدلك حجر جوزة معانا يا سيادة النايب؟
رد ضاحي بابتسامة ماكرة:
– لا يا سيدي انا مش عايز اشرب ، لأني مليش في الدخان اصلا، لكني كنت عايزك في طلب.
سمع منه مطاوع ليتمتم ردا له بحماس:
– أؤمر طبعا يا ضاحي بيه، رجبتي سدادة.
– الأمر لله وحده يا مطاوع، انا بس كنت عايز أسألك في البداية، بما انك خبرة تعرف تعمل كراسي حديثة من الجريد؟
رد بحماس:
– طبعا امال، دي صنعتي ابًا عن جد، انا بس اللي بشتغل على حسب طلب الزبون.
❈-❈-❈
في اليوم التالي
وكما تفعل دائما ف الاستيقاظ متأخرا، الا انها في هذا اليوم اضطرت للنهوض من تختها مبكرا على غير ارادتها، مع سماع أصوات الجلبة التي كانت تصلها من الخارج، لتنهض عن تختها مغادرة الغرفة نحو مصدر الصوت بالخارج، لتجد الحركة الغير معتادة، وابيها يعمل في هذا الوقت من الصباح بجد ونشاط على اعداد من السعف وفروع النخيل كثيرة وجديدة، وكأنها قطعت للتو ، ينظفها بالالة الحادة قبل ان تدخل على مراحل التصنيع، ووالدتها هي الأخرى تساعده، والتي ما ان انتبهت لوجودها حتى بادرتها بالقول :
– صحيتي يا زينب، زين جوي، روحي وكلي الطير والبهايم، انا مش فاضية خالص النهاردة اشتغل في البيت واسيب ابوكي.
خرج رد زينب باندهاش:
– وليه الهمة الزيادة النهاردة ياما؟ انتوا اصلا من امتى بتشتغلوا من صباح ربنا كدة؟ دي مش عادته اصلا يشتغل جبل ما يروح الزرع..
صدر الرد من اباها اثناء انهماكه بما يعمل عليه:
– لا ياست ابوكي ما انا طلعت النهاردة من الفجرية على زرعتي، جطعتلي شوية الجرايد الحلوين دول واديني شغال عليهم، عشان اخلص الطلبية اللي قي يدي، حكم دي كبيره وربنا يرزقني منها جرشين حلوين.
– امين يارب، يفتحها عليك يا بوي
تمتمت بها زينب بابتهاج، وقد اسعدها حماس ابيها، لهذه الطلبية التي يبدوا ان بها رزق جيد له، ليدب النشاط بداخلها هي ايضا، ثم تدخل المنزل وتنوب عن والدتها في فعل الأشياء التي تقوم بها يوميا تجاه الغنم والطيور وما يتعلق بطعامهم وشرابهم، ثم ترتب المنزل وتجلي الأواني، وقبل ان تهم بإعداد طعام الغذاء وصلها الصوت المحبب إليها في الخارج يشاكس اباها كعادته:
– علمني صنعتك يا خال، انا راجل عاطل ومش لاجي حد يشغلني.
– بعد ما شاب ودوه الكتاب، يعني بعد ما خيبت نفسك في المدارس، جاي دلوك تتعلم الصنعة؟
ضحكت عزيزة على مناكفة الاثنان، ثم انتبهت بقدوم ابنتها والتي القت التحية بلهفة:
– صباح الخير يا مختار، انت كمان بتساعد ابويا .
قالتها بإشارة نحو الفرع الذي يقوم بتقشيرة من الخوص بيده، ليستغل هو بدرامية:
– خدتي بالك يا بت خالي، شغال بيدي اها، وهو ياجي بعد دا كله يجولي خيبت نفسك في المدارس، بجى انا راجل خريج حقوق ومحترم يتجالي كدة يا ناس؟
– مدام عاطل يبجى خايب
قالها مطاوع وانطلقت الضحكات على رد فعل الاخر ، حينما عبس بمظلومية، جعلتها تضحك بمرح ، تؤازره بنظرتها وكأنها تصبره على جفاء ابيها معه، رغم مزاحه معه، ولكنه لم يوافق حتى الآن على طلبه بالزواج منها، يراوغه بالحديث ولا يعطيه رد حاسم، وكأنه يستمتع بعذابه.
واصل مختار ووالدها تبادل المزاح وانضمت هي معهم في تجهيز الفروع وتقطيعها باَلة مخصصة لذلك، والبدء في التصنيع، حتى اجفلت على صاحب الصوت الذي تمقته :
– الله ينور يا عم مطاوع، دا الشغل ماشي تمام .
انتفض المذكور يستقبله بالترحاب والتهليل:
– سيادة النايب، اتفضل يا باشا، المكان مكانك.
رد التحية ضاحي يصافحه بكفه، ثم اتجه لعزيزة يصافحها أيضًا، لينقل بنظره نحوها وقد كانت جالسة على الأرض ولم تكلف نفسها بالنهوض في استقباله، لتضطره ان يومئ بذقنه نحوها كتحية من محله، غمغمت بهمهمة غير مسموعة كرد له، لتعود لعملها على الة التقطيع وينتبه هو على نفس الشاب الذي رأه بالأمس معها، يستقبله بحفاوة هو الاَخر:
– منور يا سيادة النايب.
اومأ له بتعالي ثم التف نحو مطاوع بنظرة استفسار فهم عليها الاخير ، ليجيبه على الفور :
– دا مختار واد اختي يا ضاحي بيه، كلية حقوق هو التاني، مخلص مع زينب في نفس السنة ، مستني عقد الوظيفة على ما يحدد موقفه من الجيش الاول، اتفضل اجعد معانا، دا لو وجتك يسمح يعني؟
قال الاخيرة مطاوع وهو يشير على احد المقاعد التي صنعها بنفسه من الجريد ، وعلى عكس ما توقعت، وجدته يوافق على الفور:
– يسمح يا عمي ما يسمحش ليه.
جلس ضاحي مقابلا لها ولمختار الذي كان يتحدث بسجيته:
– والله دا تواضع منك يا سيادة النايب
اغتاظت داخلها من بلاهته في التحدث الى هذا الرجل ، ولكنها اعطته عذره في عدم معرفته الجيدة به، لتظل على صمتها تسمع الحديث وتركز فيما تعمل، حتى ثقلت يدها وتجمدت محلها حينما علمت انه صاحب الطلبية التي ينكفئ عليها اباها منذ فجر اليوم.
– وانتي يا زينب كمان جدمتى على شغل ولا مستنية المسابقة الحكومية؟
توجه بالسؤال لينزعها من شرودها، فنظرت له بحدة لتنهض مستئذنة بإجابة مقتضبة:
– ربنا يسهل ان شاء الله، عن اذنكم هروح اطل ع الطبيخ .
– طب ممكن لو فيها رزالة تعملي كوباية شاي معاكي يا زينب.
اجفلها بطلبه حتى انها لم تجد الفرصة في الرفض مع ترحيب والدها:
– وه يصح يا ضاحي بيه، هو انت هتستأذن كمان؟ دا احنا نعملك براد بحالة لو عايز؟ دا الواجب علينا نحضر فطور ، حضري فطور يا زينب .
جلجلت ضحكته الصاخبة بالرفض :
– لا يا عم مطاوع، كتر خيرك والله هي بس كوباية شاي لو تسمح الأبلة زينب .
بصعوووبة جمة كبتت رفضها، لتضطر مزعنة على مضض لأمر والدها، وتدخل لإعداد الشاي، لتخرج إليه بعد دقائق حاملة عدة اكواب على صنية صغيرة، له ولوالدها ولمختار الذي وجمت ملامحه، وكأنه بدأ يستشعر عدم الراحة، اما اهو فقد كان يرتشف بتمهل وتلذذ وعيناه تتابعها ، حتى ان همت بالدخول اوقفها بقوله:

– انا سألتك يا زينب عن موضوع الشغل، عشان لو عايزة من بكرة الاجيلك وظيفة هنا في مدرسة البلد، بدل ما تستني ولا ياجي حظك في بلد بعيدة
يدعي الحديث برزانة وعيناه الوقحة تشملها بنظرة لا يفهمها الا رجل مثله، يغفل عنها مطاوع بسجيته، لكنها لفتت انتباه مختار الذي اسقط أعواد الجريد دفعة واحدة بصورة عنيفة اجبرت الجميع أن يلتفت له، فتمتم مبررًا بحجة واهية:
– معلش يا جماعة فلتو مني مخدتش بالي .
قالها ثم توجه اليها بملامح ممتقعة فهمت عليها لتسأذن خشية غضبه دون ان تجيب الاخر:
– عن اذنكم يا جماعة، شكل الطبيخ فار ع البوتجاز.
حركت قدميها سريعا في الذهاب، ليتوجه مختار الى الاخر بتحفز اثار تسليته ليناكفه بابتسامة مستترة:
– نسيت أسألك انت كمان يا مختار لو عايز وظيفة في الحكومة او خاص، انا احب اخدم كل اهالي الدايرة.
صدر رد مختار برفض قاطع:
– لا متشكرين يا سيادة النايب، انا اصلا وظيفتي محجوزة في مكتب الدكتور اللي كان بيدرسلي، محامي تحت التمرين، وان شاء الله اتطور عنده وابجى محامي كد الدنيا.
❈-❈-❈
– كل دا جعاد عند مطاوع الجفاص يا ضاحي؟
هتف بها شقيقه يستقبله بها فور ان صعد اليه في الطابق الثاني في منزلهم والذي لا يضم سوى جناحين كبيرين لهما دونا عن باقي الاخوة، قام بتصميمه حامد بنفسه..
وجاء رد الاخر بابتسامة غير مفهومة:
– ومالوا مطاوع الجفاص، ما هو راجل زين وعال العال، دا كفاية انه من العيلة. دا انا حتى حبيته، حبيته جوي
زوى حامد ما بين حاجبيه يطالعه بتمعن ومغزى كلماته المكشوف لا يحمل الا معنى واضح، لينتصب بجذعه بعد ان كان متكًئًا على سور شرفته، يخاطبه بحدة:
– ضاااحي، كلامك مش عاجبني يا واد ابوي، اتعدل الله يرضى عنك وافتكر زين العهد اللي واخده عليك، انك تلف الدنيا كلها وتعمل اللي انت عايزه، لكن عند بنات العيلة لا، مطاوع راجل خفيف وبته من الأساس عيلة صغيرة عليك .
– ومين جالك اني عايز العب ببته؟ ثم حكاية صغيرة دي متنفعش يا عمنا طول ما عدت العشرين ، يعني عزها في الجواز وانا في عز شبابي
ازبهل حامد يردد بعدم تصديق:
– جواز مين؟ وتتجوزها كيف يعني؟ انت بتتكلم جد؟
– اه والله بتكلم جد
قالها ببساطة أثارت غضب الاخر:
– عايز تتجوز بت الجفاص؟ ضاجت عليك يا واد ابوي؟ ولا انت ناوي تمشي ورا كلام جدتك؟ طب دي كان جصدها على عيال ستهم وبهانة، انما انت كبير وبكرة تبجى نايب في مجلس الشعب يعني عايز واحدة تليجلك.
انتظر ضاحي حتى توقف شقيقه ليرد بجدية خلت من عبثه الدائم:
– وان جولتلك ان ميهمنيش رأي حد، يجولوا ابوها جفاص ولا كناس، انا ميخصنيش الا البت، بصراحة بجى داخلة مخي ومعششة، ومش هستريح غير لما الاقيها في بيتي وعلى فرشتي.
– اتعدل يا ضاحي ونجي كلامك.
هدر بها حامد بغضب لم يكترث له الاخر فتابع بتصميم:
– ماااشي يا سيدي هنجي كلامي، المهم بجى انت افتكر زين الوعد اللي وعدتني بيه عشان ارجع البلد ، جولتلي هنفذلك كل اللي انت عايزه يا ضاحي، مش ده كان كلامك؟
اضطرب حامد بتذكيره بالوعد الذي قطعه عليه، ليتراجع عن حدته مخاطبًا له بعتب:
– انا فاكر ومش ناسي يا ضاحي، انا فعلا جولت كدة عشان عايزك جمبي، انت شقيقي، يعني مفيش اي حد يسد مكانك، لا خوات ولا اصحاب ولا حتى حريم ، انا جربت الجواز مرة واحدة، ومتحملتش بت الناس رغم انها كانت كاملة من كله جمال وعز وأصل، ومع ذلك مطجتهاش .
– اديك جولت بنفسك.
تمتم بها ضاحي، يلوح بكفيه امامه، ليواصل اثبات وجهة نظرته:
– كان فيها كل المميزات وبرضك مطيجتهاش، يبجى انا ايه اللي يغصبني، انا راجل بدور على راحتي، والبت دخلت مزاجي يبجى استنى ايه؟
ظل حامد صامتًا للحظات ، يبحث عن حجة تقنعه، ولكن في النهاية امام تصميمه خفف حدته في الحديث:
– طب وهتعمل ايه في موضوع الانتخابات؟ انا من رأيي تخلص خالص وبعدها تشوف موضوع الجواز ده.
قهقه ضاحي ضاحكا :
– يعني عايزنى استنى شهور يا حامد يمكن انسي، لا يا حبيبي دا انت اللي تنسى، انا من بكرة هكلم ابوها، والم الموضوع ع السريع اخدلي يومين حلوين معاها جبل ما اتلهي في انتخاباتي، جولت ايه بجى؟
صدر رد حامد بقلة حيلة:
– يعني هجول إيه وانت مرتب وعامل حساب كل حاجة، مبروك يا ضاحي
صاح ضاحي بتهليل:
– ايوة كدة، هو دا اللي انا عايزه، عجبالك يا واد ابوي.
.يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أكل الذئب زينب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *