روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الستون 60 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الستون 60 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الستون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الستون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الستون

كانت هنا يا أبا “غسان” مشرقة
عرفت أهلاً بها قد عانقوا الشمما
عرفت أعذب أيام بكم عذبت
” أبو محمد ” في أيامها العلما
مجالس عبق الذكرى يخلدها
عبر الزمان ومهما عهدها قدما
أبها لها القلب والذكرى تعلله
والقلب يستعجل الأيام ما كتما
مشى إليها الهوى يُلْقى طواعية
مفاتناً ومغانٍ عانقت عشما
_أحمد الصالح.
_______________________
صر’اعاتٌ عنيـ ـفة وقتا’لٌ للأخذ بشيءٍ ليس مِن حـ ـق العد’و، حر’بٌ تواصلت لأعوامٍ حتى تكن نها’يتها مُر’ضية لصالح العد’و، جهـ ـل الأُناس في وضع وصفٍ د’قيقٍ وصحيحٍ يليق بهم فلا التسا’مح يرضي الجميع ولا الخـ ـراب يرضاه صا’حب الأر’ض، وما كان للشتا’تين أن يجتمعا في أر’ض محا’يدة ولذلك قد طا’ل الصر’اع في البقـ ـعة فطـ ـرفٌ يأ’بى الإستسـ ـلام وتر’ك أر’ضه حتى وإن كانت د’ماءه ثـ ـمنًا إليها وأخرًا يتعهـ ـد على القتا’ل حتى يضع را’يته عليها كي تكون منسو’بةٌ إليهِ ولبلا’ده وكأن تلك الأر’ض ليس لها حا’كمٌ عا’دل!.
<“السلام على مَن أرتضى بنا ورضينا بهِ.”>
كان قـ ـلبه يتأ’كله الخو’ف على أبـ ـنته الصغيرة والوحيدة فلا يعلم أين يمكن أن تذهب ومع مَن الآن وكيف هو حالها؟ يكاد يشعر بالجـ ـنون وأقسم على أرتكا’ب جر’يمةٌ الآن إن لَم يجدها في هذه اللحظة، وقد كان “حُـذيفة” و “أحـمد” يرافقانه وقد كان “أحـمد” يحاول تهـ ـدئته بين الحين والآخر وهو يبحث عن الصغيرة وبد’اخلهِ يعلم أن “شـريف” إن تهوَّ’ر فسلامٌ على الجميع.
على الجهة الأخرى مِن المكان المتواجدون بهِ.
كانت “چويرية” تقف وهي تحمـ ـل “شـروق” على ذراعها تضمها إلى أحضانها تنظر إلى الكاميرا مبتسمة الوجه فقد أخذت الصغيرة حتى تلتـ ـقط معها بعض الصور، نظرت إليها لتُلثم وجنتها الصغيرة بشـ ـغفٍ قائلة:
_إيه يا ناس الحلاوة دي؟ إيه الجمال دا جايبة الحلاوة دي مِن مين بس؟.
كانت تهدهدها وتُلا’عبها طوال الوقت مبتسمة الوجه، صدح رنين هاتف “بتـول” برقم “ناهد” بعد برهةٍ مِن الوقت لتُجيبها فو’رًا تستمع إلى صوتها المر’تبك والخا’ئف تسأل عن أبـ ـنتها التي أختـ ـفت فجأ’ة لتخبرها أنها مع “چويرية” تلتقـ ـط برفقتها بعض الصور، وبعد القليل مِن الوقت كانت “ناهد” تضم صغيرتها إلى أحضانها بعدما رأتها مع “چويرية” تُلثم وجنتها بحنوٍ بعد أن هـ ـدأ قلـ ـبها ورو’حها.
أما عن “شـريف” فقد زفـ ـر بعـ ـمقٍ ورا’حة حينما رأى أبـ ـنته بخيرٍ أمامه ليمسـ ـح بكفه على وجهه محاولًا تهـ ـدئة نفسه، أقتربت “چويرية” مِنهُ بخطى هادئة حتى وقفت أمامه تعتذر مِنهُ قائلة:
_أنا آسفة يا “شـريف” إني خدتها بدون ما أديكم خبـ ـر أنا بس أتلـ ـهيت بيها ونسيت نفـ ـسي مش قصدي أخو’فكم.
نظر إليها حينها ليبتسم برفقٍ لها قائلًا:
_ولا يهـ ـمك بس أبقي عرفيني أو عرفي “ناهد” على الأ’قل أنا أتر’عبت عليها ود’ماغي ودت وجابت.
_أنا عارفة وحـ ـقك طبعًا تخا’ف عليها وتعمل اللي ميتعملش عشانها أي حد مكانك هيعمل كدا وأكتر.
وبعد أن أطـ ـمئن كلًا مِن “شـريف” و “ناهد” على فتا’تهما عادوا مِن جديد إلى أماكنهم ليجلس “شـريف” مع أصدقائه ضاممًا أبـ ـنته إلى أحضانهِ ممسّدًا على ظهرها برفقٍ وهو يقوم بلثم رأسها بحنوٍ بين الفينة والأخرى، وعلى الجهة الأخرى كانت “چويرية” تسير وهي تعبـ ـث في هاتفها مبتسمة الوجه لتصتد’م بشخصٍ ما دون أن تنتـ ـبه لتر’فع رأسها معتذرةً إليهِ قائلة:
_أنا آسفة جدًا مقصد’ش واللهِ.
نظر إليها “مُـهاب” ليجاوبها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
_ولا يهـ ـمك حصل خير.
كانت “چويرية” خا’طفة للأنظا’ر في هذه اللحظة فقد كانت ترتدي فستانًا بهِ الكثير مِن الفصو’ص اللا’معة مِن اللو’ن البُنـ ـي الدا’كن وتضع بعض الز’ينة النا’عمة أبر’زت معالم وجهها بألو’انٍ متنا’سقة مع لو’ن فستانها وأخيرًا خصلاتها القصيـ ـرة السو’د’اء الممو’جة، جـ ـذبت أنظاره نحوها وجعلته يشرد بها فهو عنيـ ـدٌ لا ينجـ ـذب لأي أنثـ ـى أمامه وإن كانت ملكة جمال فقد كانت هناك مواصفات وطبا’ع خاصة يقوم بالبحث عنها.
أسـ ـرته عيناها الجر’يئة كجر’ئتها في التعامل والد’فاع عن نفسها وعن أقرباءها، نظرتها إليهِ و’حِدة معالم وجهها الذي كان يدل على أنها فتا’ةٌ مشا’غبة وهذا كان دومًا نوعه المفضل، نظر إليها قليلًا فيما كانت هي تُشيـ ـح ببصرها بعـ ـيدًا عنهُ تتلا’شى النظر إليه حتى سمعته يقول بنبرةٍ هادئة:
_أنتِ تبع العريس ولا العروسة؟.
نظرت إليهِ رغـ ـمًا عنها قبل أن تجيبه وهي تشعر بالتخبـ ـط الشـ ـديد أمامه فنظراته كانت لها عاملٌ كبيـ ـر في إخضا’عها وكأنه وحده مَن يَمـ ـلُك سُـ ـلطة الترو’يض هُنا فكان يجب أن تكون هي المتمر’دة هُنا كعادتها، ولَكِنّ وجدت نفسها تُجيبه بنبرةٍ هادئة قائلة:
_العروسة.
_كدا أنتِ تبقي قريبة “يزيد”؟.
نظرت إليهِ لحظاتٍ قبل أن تعقد ما بين حاجبيها قليلًا تجيبه بإجابةٍ أخرى لا تمُت لسؤاله بصلةٍ قائلة:
_أنتَ تعرف “يزيد”؟.
_آه طبعًا أعرفه عِز المعرفة دا أخويا مش صاحبي، أعرفك بنفسي أنا “مُـهاب الشامي” صاحب “يزيد” الرو’ح بالرو’ح.
تفهمت الآن صلة القرابة بينهما ولذلك أبتسمت إليهِ بسمةٌ خفـ ـيفة متو’ترة بعض الشيء لتقول:
_أهلًا بيك، أنا “چويرية” تقدر تقول بنـ ـت عمه لأن صلة القرابة بعـ ـيدة وتعتبر مش موجودة بس إحنا كلنا فالآخر يُعتبر ولا’د عم.
تفهم كذلك مغزى حديثها ليبتسم إليها بهدوءٍ ليقول:
_أتشر’فت بمعرفتك، عن إذنك.
حركت رأسها برفقٍ ليتر’كها هو ويذهب تاركًا قـ ـلبه يجاور قـ ـلبها يؤنس وحد’ته، قـ ـلبه معها وعـ ـقله لا يُفكر سوى بها ففي حياته لَم يشعر بمثل تلك المشاعر لأول مرة يشعر بشيءٍ يهـ ـزُ ثبا’ته ومشاعره المنز’وية فحتى هذه اللحظة كان لا يهـ ـتم بمثل تلك الأشياء كالمشاعر والحُبّ والرومانسية وكل تلك الأشياء التي يسمع عنها مِن أصدقائه، واليوم شعر أن شيئًا ما يجـ ـذبه إليها دون إراد’ة فلا يعلم الآن كيف يسير ولا يعلم أي الطُرُقات يجب أن يتخذ خُطاها ففي غمـ ـضة عين سُرِ’قَ القـ ـلب وحُـ ـفِرَت الأ’عين دا’خل العقـ ـل والرو’حُ تلُـ ـذ بتلك اللحظة.
أما عنها فكانت تشعر بالتخـ ـبط الشـ ـديد لا تعلم متى جاء فهي كذلك كانت حتى هذه اللحظة تسخـ ـر مِن الحُبّ والرومانسية وتنفـ ـر مِنهما حتى جاء هو في لحظةٍ كانت ليست في الخا’طر سر’ق قلبها وأسـ ـرها بأعينه الرما’دية الحا’دة، حاولت تهـ ـدئة نفسها والحفا’ظ على ثبا’تها الذي تبعـ ـثر في حضرته ولَكِنّ وجدت سُـ ـلطة قـ ـلبها عليها الذي كان ينبـ ـض بعنـ ـفٍ هي المتحـ ـكمة في تلك اللحظة، أبتـ ـلعت غصتها وحاولت تهـ ـدئة نفسها قليلًا لبضع دقائق قبل أن تعود مِن جديد إليهم داعيةً المولى أن لا تراه مجددًا.
كانت ليلةٌ لا تُنسى للجميع، ليلةٌ ستسـ ـكن القلو’ب بجانب مَن تُحبّ ويلُـ ـذ بمجاورتهِ، كانت ليلتهُ أستثنائية وسعيدة بجوار أصدقائه وعائلته وكانت أكثر فرحةً إلى والدته التي كانت تتابعه بعينيها الد’امعة والمبتسمة طوال الوقت سعيدة لأجله والدمع يتر’قرق في مقلتيها داعيةً المولى عز وجل أن تكون حياته هادئة وأن تكون زوجةٌ صا’لحة إليهِ تُعو’ضهُ عن مـ ـرارة الأ’لم الذي عا’ش بهِ لمدة طو’يلة.
زُفَ العروسين وتلقـ ـطتهما الدعوات المباركة بحياةٍ زوجية ها’دئة والرزق بالذ’ريةِ الصا’لحة، وبعد أن ولجا سويًا إلى المصـ ـعد وأُغـ ـلِقَ الباب وبدأ يصـ ـعد بهما أتاها صوته يقول مبتسم الوجه ممازحًا إياها:
_معلش بقى يا “ريما” مش هقد’ر أشيـ ـلك لسـ ـببين أولهم معروف طبعًا والتاني هو إن الشقة فالد’ور الخامس.
ضحكت هي حينها بخـ ـفةٍ ثم نظرت إليهِ مبتسمة الوجه لتقول بنبرةٍ ضاحكة:
_لا وعلى إيه إحنا لسه بنقول بسم الله.
أبتسم هو ثم ر’فع ذراعه الأ’يسر يضمها إلى أحضانه يُلثم جبينها بِقْبّلة حنونة ليشعر بها تولج داخل أحضانهِ واضعةً رأسها على صد’ره وتحا’وط خصره بذراعيها مبتسمة الوجه فلأول مرة تعيش تلك اللحظات مع حبيبًا تمنته كل ليلةٍ مِن ربها حتى أصبح اليوم زوجًا لها ورفيق دربها، وصل المصـ ـعد إلى الطابق المنشو’د ليد’فع الباب بيدهِ وتخر’ج “مَرْيَم” بفستانها الأبيـ ـض تنظر حولها بإنبها’رٍ مِن المكان ليتقدم مِنها “شـهاب” بخطى هادئة ليقوم بعدها بفتـ ـح الباب مشيرًا لها قائلًا بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_سـ ـمي الله وأدخلي برجلك اليمـ ـين.
أبتسمت “مَرْيَم” وولجت أولى خطواتها في شقتها الجديدة بقدمها اليُمـ ـنى وهي تُسمي الله تنظر إلى المكان حولها بإنبها’رٍ ليولج هو خـ ـلفها مـ ـغلقًا الباب خـ ـلفه تاركًا إياها تتفحـ ـص المكان حولها مبتسمة الوجه والرضا والسعادة باد’يان على معالم وجهها، تر’ك المفتاح على سطـ ـح الطاولة الزجا’جية وتقدم مِنها بخطى هادئة عِدة خطواتٍ حتى جاورها وقال متسائلًا:
_إيه رأيك بقى يا سيدة المنزل؟ كله تمام ولا في حاجة مش عجباكِ؟.
نظرت إليهِ مبتسمة الوجه لتقول بنبرةٍ سعيدة:
_كل حاجة كويسة ومتناسقة وهادية زي ما بحب، وكفاية إنك معايا حتى لو هنقعد فشقة أصغر مِن دي مش بالمكان بالنسبة لي بالحبيب، يعني لو خدت واحد معاه ومعاه ومنظـ ـرة مش هكون بحبه ولا مر’تاحة ولا مبسوطة معاه، إنما لو مع واحد بسيط بيحبني وبحبه ومستعد يعمل أي حاجة تسعدني وتر’ضيني وقاعدين إن شاء الله لو أوضة فو’ق السـ ـطح هكون مبسوطة، أنا مبحبش المنظـ ـرة ولا بحب أكون جا’مدة وسـ ـط صحابي والجَو دا اللي يهمني المظهر الدا’خلي وبس، وأنا ر’اضية بيك وبحبك ومبسوطة ومر’تاحة وأنا معاك.
غمـ ـرته السعادة وألتـ ـمعت عينيه بو’ميضٍ سا’حرٍ وكأنه حصل على جائزة بطولية أولمبية وليس فقط قد تلقى بعض الكلمات التي تُسعد المرء وتجعله يُحـ ـلق عا’ليًا فالسماء، فَرَ’ق بين ذراعيه في الهواء وقال بنبرةٍ سعيدة مبتسم الوجه:
_تعالي فحضني.
كانت مجرد كلمتان بسيطتان ولَكِنّ كان معناهما كبيـ ـرًا بالنسبةِ إليها ولذلك لَبـ ـت مطلبهُ سريعًا وأر’تمت داخل أحضانهِ تعانقه بقو’ةٍ تُرسل إليهِ مقدار حُبّها إليهِ ليقوم هو بإحاطتها بذراعيه والر’احة والهدوء يحو’مه فما تمناه الآن يعيشه ويشعر بلـ ـذتهُ حينما أصبحت حبيبة القـ ـلب والرو’ح معهُ فستؤنس وحد’تهُ ولَن يُصبح وحـ ـيدًا مرةٍ أخرى في منزلهِ، وبعد مرور القليل مِن الوقت وقف “شـهاب” حتى يئم بالصلاة وخـ ـلفه “مَرْيَم” التي كانت في أقصـ ـى مراحل السعادة يبدأن حياتهما الزوجية بالصلاة.
كان لا يُصدق أنه يئم الصلاة بزوجته التي كان يدعو المولى عز وجل بها في كل يوم وكل ليلة، كان يشعر أنه أسعد ر’جلٍ في العا’لم فتلك تُعتبر المرةِ الأولى التي يسعد بها بهذه الطريقة بعد فقـ ـدانه لبصـ ـره، ظل يشكر ربه دون توقفٍ وقـ ـلبه ينبـ ـض بسرعةٍ فا’ئقة مِن شِـ ـدة سعادتهِ، وبعد أن أنهـ ـى الصلاة ألتفت لها مبتسم الوجه لتنظر هي كذلك إليهِ بوجهٍ مبتسم لتراه يُمسك بكفها يُشـ ـدد بقبـ ـضتهِ عليهِ.
ولأنها تعلمه عن ظـ ـهر قلـ ـبٍ فصـ ـلت المسافة التي كانت بينهما لتولج إلى أحضانهِ تُعانقهُ ليضمها إلى أحضانهِ ويأتي قوله الهادئ الذي أسعد قلبها:
_شكرت ربنا إنه رزقني بيكِ وبقيتي أخيرًا مراتي على سُنة الله ورسوله وحبيبتي وكل حاجة حلوة فحياتي، بعد صرا’عات ومعا’ناة وو’جع وفُر’اق ربنا أراد يكون طريقك هو طريقي وبدل ما نبقى أتنين بقينا واحد، ربنا يباركلِ فيكِ ويقدرني وأسعدك على طول، أنتِ وصية الرسول ومقد’رش أخا’لف الوصية حتى لو كان اللي حواليا واللي بنشوفه كل يوم مبيعملوش بيها، أنا مش زيهم وعارف قيـ ـمة السـ ـت كويس أوي وبحتر’مها يعني مِن الآ’خر مش عايزك تقـ ـلقي مِن حاجة.
وحينما أنهـ ـى حديثه شـ ـددت مِن عناقها إليهِ وقد غمـ ـرتها السعادة المفر’طة لتقول بنبرةٍ سعيدة:
_إيه الكلام الحلو دا كله طب شيـ ـل شوية لقدام إحنا لسه فالأول.
_متقـ ـلقيش عندي كلام كتير أوي ولو خـ ـلص نعيده تاني يا سلام، بس اللي هتسمعيها كتير بعد كدا _تعالي فحضني_ دي بصراحة هقولهالك كل شوية بس متز’هقيش.
ر’فعت رأسها تنظر إليهِ نظرةٍ ذات معنى لدقائق قِلـ ـة قبل أن تقول:
_أنتَ أزاي تقولي كدا؟ لا بقى أنا ز’علت مِنك أوعى.
أنهـ ـت حديثها وهي تبتعـ ـد عنه والضيـ ـق با’ئنًا على معالم وجهها تنظر بعيـ ـدًا فبالنسبةِ إليها هذا يُعتبر إتها’مًا فا’حشًا لن تتغا’ضى عنهُ، أما عنهُ فقد أنز’عج حينما أبتعـ ـدت عنهُ ولذلك مدَّ كفه نحوها وجـ ـذبها إليهِ قائلًا:
_وأنا قولت إيه بس زعلك كدا، أنا بقول متز’هقيش لمَ أقولك كل شوية تعالي فحضني لأن في ناس بتضا’يق لمَ تكرري نفس الكلام ليهم فقولت أقولك بس مش أكتر.
نظرت إليه بوجهٍ عا’بسٍ وهي تضيـ ـق ما بين حاجبيها قائلة:
_وأنا مش مِن الناس دي يا “شـهاب”، المفروض أنتَ عارفني كويس زي ما بتقول بكلامك دا بينتلي إنك لسه متعرفنيش.
لَم يتحدث هذه المرة بل أقترب مِنها برأسه يُلثم وجنتها بِقْبّلة حنونة دون أن يُمهـ ـد لها ذلك ثم قال بنبرةٍ هادئة:
_وعارف لمَ بتز’علي بتتصا’لحي أزاي، ولو ز’علك جا’مد أنا عارف برضوا أزاي بصالحك بس مش هتوصل إن شاء الله للمرحلة دي.
وحينما أنهـ ـى حديثه أستلقى على الأر’ض واضعًا رأسه على قدميها ليشعر في لحظتها بكفيها الد’افئينِ يتسـ ـللان نحو رأسه وما كانت سوى لحظاتٍ وشعر بأناملها يتسـ ـللن بين خصلاته ليُغمض عينيهِ حينما شعر بالرا’حة والأ’مان لأول مرة يحو’مان حوله في حضرتها ولذلك تر’ك نفسه لها مطـ ـمئنًا فكيف يخـ ـشىٰ المرء على نفسه وهو يجاور ونيسه؟.
_______________________
<“لا يجب على الخيلِ أن تسير منحـ ـنية الر’أس، اليوم يسير بشمو’خٍ لا يخـ ـشىٰ شيئًا في حضرة خيَّا’له”>
اليوم سار الخيل الحُـ ـر في وسط الميدان بين جميع الخيول مر’فوع الر’أس واثقًا مِن نفسه لا يخـ ـشىٰ أحدًا ولا يأ’بى لخيَّا’لٍ غير صديقه النبـ ـيل، خرج هذه المرة مبتسم الوجه والسعادة تغمـ ـره بعدما ضـ ـمن درجات الأجتياز ليقف ويلتفت إلى صديقيه اللذان كانا في قـ ـمةِ سعادتهما ليقول بنبرةٍ سعيدة:
_أنا مبسوط أوي النهاردة الحمد لله الدكتور كان ر’حيم بينا ومصـ ـعبهاش علينا.
حمد رفيقيه ربهما بعدما أرتا’حت قلو’بهم وسعدوا بذلك الأختبار، صد’ح رنين هاتفه برقم “عادل” ليُجيبه بنبرةٍ غـ ـمرتها السعادةُ قائلًا:
_إيه يا دولي طـ ـمني، طب الحمد لله طمـ ـنتني عليك، أنا فُل الفُل مِن فرحتي عايز أرقص، طب حلو أوي نروَّح ونخـ ـربها يا سلام أنا مضـ ـمنش الأمتحان اللي جاي هيبقى عامل أزاي، في إيه يا أهـ ـبل مالك؟.
هكذا سأله “يزيد” متعجبًا حينما سَمِعَ الصيحا’ت المتخا’فتة مِن ابن عمه الذي قال:
_بقولك إيه ٥ ثواني وتكون قدامي بسرعة، يا عم تعالى بسرعة بقى متتأخرش، تعالى على كليتي هتلاقيني قدامها مستنيك.
زفـ ـر “يزيد” وخضـ ـع إليهِ قائلًا بقلـ ـة حـ ـيلة وهو ينظر إلى صديقيه:
_ماشي يا عم هجيلك، سلام.
أغـ ـلق المكالمة ونظر إلى صديقيه قائلًا:
_هروح لـ “عادل” هتيجوا معايا ولا إيه النظام؟.
_معاك فأي حِتة هتروحها، يلا.
هكذا جاوبه “وهـيب” ليسيروا ثلاثتهم سويًا متجهين إلى “عادل” وأثناء سيرهم كان “يزيد” يعبـ ـث في هاتفه مبتسم الوجه لينظر إليهِ “مُـهاب” في هذه اللحظة ثوانٍ قبل أن يقول:
_بتكلم مين يا’ض مِن ورايا ومبسوط أوي كدا؟.
أجابه “يزيد” مبتسمًا دون أن يُبعـ ـد بصره عن هاتفه قائلًا:
_بكلم خطيبتي بفرحها معايا، متعود لو حصـ ـلت حاجة فرحتني بفرحها معايا ولو حصل العكـ ـس برضوا بقولها بحب أشاركها كل حاجة، عقبالك إن شاء الله.
ألقـ ـى حديثه وهو لا يعلم ماذا سيفعل بالآخر الذي تذكر “چويرية” مِن جديد، فمنذ يومين وهي لا تفا’رق مُخيلتهِ حتى في وقت نومه تظهر صورتها أمام عينيه، أر’هقته في يومينٍ حتى أضـ ـحى لا يعلم كيف يُخر’ج صورتها مِن رأسه أصبح يراها في كل مكانٍ يذهب إليهِ حتى حينما كان يؤدي الإختبار شرد بها حينما أقتـ ـحمت رأسه فجأ’ةً، سار شاردًا على غير عادتهِ ليُلاحظ “وهـيب” شروده ذاك ليعقد ما بين حاجبيهِ قائلًا:
_في إيه يا “مُـهاب” مالك سر’حان كدا ليه؟.
لَم يجد سوى الشرود ليتعجب أكثر عن زي قبل ويتحدث مِن جديد ليقول:
_يا ابـ ـني أنتَ أنا بكلمك.
أستفا’ق “مُـهاب” مِن حالة الشرود التي كانت تنتا’به لينظر إليهِ متعجبًا ليفهم نظرة صديقه إليه ولذلك أبتـ ـلع غصته وألقـ ـى نظرة على “يزيد” الذي كان يسبـ ـقهما بعِدة خطواتٍ لينظر إليه مِن جديد قائلًا بنبرةٍ خا’فتة:
_في حاجة عايز أحكيلك عليها بس مش قدام “يزيد”.
عقد “وهـيب” ما بين حاجبيه متعجبًا قائلًا:
_وأشمعنى المرة دي؟.
_هقولك بعدين مش دلوقتي.
هكذا ردّ “مُـهاب” على صديقه الذي تعجب أمره كثيرًا هذه المرة والذي بدوره ألتزم الصمت كذلك، أما عن “يزيد” فبعد قرابة الخمس دقائق وصل إلى ابن عمه الذي أستقبله بالأحضان والبسمةُ الصا’فية ثم بعدها أستأذن مِن رفيقيه وأخذه وذهب فيما كان “يزيد” متعجبًا مِن أمرهِ ولذلك نظر إليهِ وقال متسائلًا:
_في إيه ياض متعفـ ـرت النهاردة كدا ليه ومتجـ ـنن علينا؟.
نظر إليهِ “عادل” وأجابه بنبرةٍ متحـ ـمسة ومتلهـ ـفة وهو يشـ ـد خطواته نحو هدفه قائلًا:
_هتعرف دلوقتي دا أنا مبسوط أوي وهتبسط أكتر لمَ ربنا يحققلي اللي بتمناه.
حديثه محـ ـملًا بالألغا’ز بالنسبةِ إلى “يزيد” الذي حتى الآن هو لا يفهم شيئًا ولا يعلم مقصد ابن عمه مِن ذاك الحديث ولَكِنّ ألتزم الصمت حتى توقفا سويًا ورأى “عادل” ينظر حوله بتلـ ـهفٍ يراه لمرتهِ الأولى حتى رآه ينظر إليهِ ويقول بنبرةٍ متلـ ـهفة:
_بُص كدا هتلاقي على يمـ ـينك بنـ ـت لا’بسة فستان كيوي وطرحة بُني.
طاف “يزيد” بعينيه في المكان يبحث عن تلك الفتا’ة وهو يجهـ ـل الأمر كليًا حتى رآها أمامه تقف مع صديقتها وتتحدث معها مبتسمة الوجه، أجابه وهو مازال ينظر إليها قائلًا:
_شوفتها، مالها بقى؟.
_دي اللي شا’غلة د’ماغي بقالها مُدة ومش عارف أطـ ـلعها مِن د’ماغي، مع إنها معملتليش حاجة بس معرفش قلبي أتشـ ـدلها أوي وعـ ـقلي معا’ند معايا ومش عارف أنساها.
نظر إليهِ حينها “يزيد” بعدما ألتفت إليهِ بجسـ ـده ليُبادله “عادل” نظراته بأخرى هادئة ليسمع الآخر يقول:
_ولو مجَتش فمرة بتعمل إيه؟.
_بصراحة كدا بتجـ ـنن، بفضل أفكر طب هي عاملة إيه دلوقتي وإيه اللي منـ ـعها تيجي، حاجات كتير أوي محستهاش قبل كدا، أنا حتى مبقتش فاهم نفسي وغـ ـصب عني لازم أشوفها كل شوية أنا محسيتش مع أي وا’حدة باللي أنا حاسس بيه دلوقتي، ولو في يوم منز’لتش فيه بخلي حد مِن صحابي يرا’قبهالي ويقولي هي بتعمل إيه ومع مين، مش هخـ ـبي عليك يا “يزيد” إحنا شبا’ب زي بعض وحر’كاتنا مفهومة لبعض أنا بصراحة كدا مش عايز أتخر’ج قبل ما أضـ ـمن وجودها جنبي، خا’يف معملش أي خطوة تقربنا لبعض ونتخر’ج ومعرفش أوصلها لأني معرفش حاجة عنها غير شكلها حتى أسمها معرفهوش لحد دلوقتي، تا’يه أوي الفترة دي ومش عارف أسيـ ـطر على نفسي قدامها.
أبتسم “يزيد” ووضع كفه أ’على كتفه مشـ ـددًا عليه برفقٍ وهو ينظر إليهِ ليقول بنبرةٍ هادئة:
_أنا فاهم كويس أوي كل دا وحاسس بيك ومتفهم تخبـ ـطاتك ومخا’وفك دي بس عايزك تتأ’كد مِن مشاعرك ناحيتها كويس أوي يا “عادل” لأن المرة اللي فاتت قولت بحبها وفالآخر قولت إنك أتسر’عت وكـ ـسرت قـ ـلبها وسـ ـيبتها، دي لازم تكون متأ’كد مِن مشاعرك ناحيتها لأن الحُبّ حاجة والإعجاب حاجة تانية خالص، تحبها لنفسها هي لا بالمظهر ولا بالشكل أهم حاجة تكون حابب رو’حها هي لأن مش عايز اللي حصل مع “شادية” يحصل معاها يا “عادل”.
_المرة دي أنا متأ’كد مِن مشاعري كويس أوي يا “يزيد” وبقولك إني بحبها مش معجب بشكلها ولا أسلوبها ولا بأي مظهر خا’رجي، أنا مشـ ـدودلها بطريقة غبـ ـية ومش عارف أنساها وعايز أعمل أي حاجة قبل ما ترو’ح ومعرفش ألاقيها.
أبتسم “يزيد” إليهِ وتحدث بأسلوبٍ سا’خرٍ بعض الشيء قائلًا:
_واللهِ يا حبيبي لو أنتَ فالشـ ـرق وهي فالغـ ـرب وربنا رايد تشوفوا بعض هتشوفها … أنا عايز بس أسألك عمو “طارق” وطنط “فرح” على عِلم؟.
نفـ ـى “عادل” قول ابن عمه حينما حرك رأسه يمـ ـينًا ويسا’رًا ليأتيه القول مِن “يزيد” الذي قال:
_خلاص أنتَ تفا’تحهم النهاردة وتصلي أستخارة لو لقيت نفسك مر’تاح والدنيا تمام توكل على الله والأسبوع الجاي خُد بعضك وأطلب رقم أبوها وهي هتفهم الدنيا وأكيد هتكون حاسه بحاجة ناحيتك زي ما أنتَ حاسس مِن ناحيتها بحاجة وربنا يوفقك وييسرلك الطريق.
أبتسم إليهِ “عادل” وعانقه ممتنًا إليهِ فيما أبتسم “يزيد” وبادلهُ عناقه مربتًا برفقٍ على ظهره ثم بعدها أخذه وأبتعـ ـدا سويًا حتى يطـ ـمئنا على “عـز” الذي لَم يهاتف أحدٍ مِنهما حتى الآن، كان “يزيد” يشعر هذه المرة بالر’احة حينما لَم يرى نظرات الجميع مثلما كان يرى دومًا بل تلك المرة كانت النظرات معتذرة وأخرى فخو’رة وأخرى سعيدة بعدما تو’لى “حُـذيفة” مهـ ـمة إفصا’ح الحـ ـقيقة وإخر’اج أخيه مِن صورة الجا’ني المتو’حش عد’يم القلب إلى هذا البـ ـريء الذي مازال رغم كل شيءٍ ملتز’مًا بعاداته وتقاليده التي تر’بى ونشأ عليها وكم كان ممتنًا لأخيه في هذه اللحظة لو’فاءه بوعده إليهِ رغم صعو’بة المهـ ـمة ألا وأنه لَم يخـ ـيب ظنه بهِ.
_______________________
<“وعلى مر الزمان مازال الوضع ثا’بتًا لَم يتغير.”>
إن تغيَّر الزمان وأختلفت العقو’ل والفِكر والأجيال فلا تتغيَّر قواعد تلك العائلة ولا عاداتها التي أعتادت عليها منذ زمنٍ، قد يتغيَّر كل شيءٍ مِن حولنا ولَكِنّ ثو’ابتنا وعاداتنا وتقاليدنا لا يتغيرون وإن تقا’بلت الشمس مع القمر، أحتفظ بعائلته وتو’لى رعايتها ومسؤولية جديدة تُضا’ف إلى تاريخه الحا’فل ليُثبـ ـت هو إليهم في كل مرة أنه مازال يتحـ ـمل ويتحـ ـمل ومستعدًا لأي شيءٍ آخر في سبيـ ـل الحفا’ظ على هذا الكيا’ن الكبير الذي بنا’ه بكل حُبّ وشغـ ـف.
أجتمع بأفرادٍ قِـ ـلة هذه المرة وقد كان هذا الإجتماع ها’مًا بالنسبةِ إليهِ يجلس في الحديقة معهم يبدأ ذاك المجلس بقوله الهادئ وهو ينظر إليهم قائلًا:
_طبعًا الحمد لله “عـمر” أطمن على بنـ ـته وكانت ليلتها حلوة وعشان كدا أنا كُنْت واخد قرار الد’بح دا العين و’حشة ومتعرفش مين فيهم بيتمنى الخير ومين لا، دلوقتي إحنا برضوا داخلين على فترة اللهم بارك حلوة وكل واحد هيجيله حفيد أو حفيدة وكلهم ورا بعض بأختلا’ف مُدة قصيرة، فعشان كدا طالب مِنكم خدمة ياريت تنفـ ـذوها … “زياد” خلاص كلها شهر ولا شهرين ويبقى جِد ويا “صقر” أنا عارف كويس أوي مشاعرك مِن دلوقتي وحاسس بيك وعارف شعور إن يبقى عندك حفيد الحفيد فبعد أذنكم تظبطوا أموركم مع بعض كدا وتد’بحولها حاجة عشان أنا عارف كويس أوي الكلام اللي هيتقال والغـ ـل اللي هيظهر مِن الغريب قبل القريب صح ولا شايفني بتكلم غـ ـلط؟.
_لا يا عمي كلامك كله مظبوط وصح أنتَ عندك حـ ـق ومعنديش مشـ ـكلة فالآخر دي بنـ ـتي ودي حفيدتي ومش هستخسـ ـر فيها أي حاجة.
هكذا ردّ “زياد” على حديث عمه موافقًا وبشـ ـدة على حديثه ليبتسم إليهِ “ليل” مربتًا على يدهِ برفقٍ وأستحسانٍ، أما عن “عُـمير” فقد أبتسم ونظر إلى والده الذي نظر إليهِ كذلك وقال بنبرةٍ هادئة:
_بابا أنا حاسس إنه بيقرأ أفكاري، هو كدا عادي ولا إيه النظام؟.
أبتسم “كمال” إليهِ وقام بالتربيت على يدهِ قائلًا:
_أنا عارف إنك هتعمل كدا حتى لو محدش قالك هو بيتكلم فنقطة مُعينة أنتم ما شاء الله عليكم كل واحد ربنا هيرزقه ورا بعضكم فأكيد لازم يعني هند’بحلكم حاجة.
نظر “عُـمير” إلى “ليل” وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_مش عايزك تقـ ـلق يا جدي أنا فعلًا كُنْت ناوي على كدا وأنا ليا مين غير “غدير” بس.
أبتسم “ليل” إليهِ ومازحهُ بحديثه حينما قال:
_أنا عارفك يا “عُـمير”، دا يا بخت “غدير” بيك.
أبتسم “عُـمير” إليهِ وقد شعر أنه أشتا’ق إليها الآن ولذلك نظر إلى “ليل” الذي قال مبتسم الوجه:
_قوم روحلها.
نظر إليهِ “عُـمير” ليرى الإبتسامة تزين ثغر الآخر ولذلك أستأذن مِنهم ونهض تاركًا إياهم ذاهبًا إلى حبيبة الفؤاد التي شعر أنه أشتا’ق لها فيما كان “ليل” و “كمال” ينظران إليهِ بوجهٍ مبتسمٍ دون أن يتحدث أحدٍ مِنهما.
في غرفة “عُـمير”.
كانت تجلس الحسناء على الفِرَاش بيدها إبـ ـرة سـ ـميكة الحجم فضية وخيطًا سـ ـميكًا بعض الشيء بألوا’نه الكثيرة الهادئة تقوم بعمل سترة لطفلها الصغير بوجهٍ مبتسم مندمجةً وبشـ ـدة فيما تفعله، فيما فُتِـ ـحَ الباب بهدوءٍ يولج هو بوجهٍ مبتسم كالمعتاد ليراها مثلما أعتاد رؤيتها مِن قبلٍ، أغـ ـلق الباب وأقترب مِنها بخطى هادئة حتى جاورها في جلستها يُمسك بين أناملهِ أعمالها اليدوية ليشعر في هذه اللحظة بالعديد مِن المشاعر تد’اهمه..
نقـ ـل بصره إلى بطـ ـنها المنتـ ـفخة لبرهةٍ مِن الوقت ثم نظر إلى الأشغال اليدوية ثم أخيرًا إليها ليرى معالم وجهها الصا’فية ولمعة عينيها التي لا تفا’رقها والبسمةُ تُزينُ شفاها ليقول بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_وحينما سألني أحدهم ما سر تلك السعادة،
قُلتُ ومَن غيرها؟ إنها حواء.
نظرت إليهِ بوجهٍ مبتسمٍ ثم عادت تنظر إلى ما تفعلهُ بعدما إزد’ادت لمعة عينيها لتقول بنبرةٍ لَم تخـ ـلوا مِن السعادة:
_يا حبيبي، آه لو تعرف مزاجك الرايق دا بيسعدني قد إيه بيخليك تقول كلام حلو زيك.
أقترب مِنها بعدما أعتدل في جلستهِ يجلس أمامها مباشرةً وقد أتسـ ـعت بسمتهُ الهادئة على ثغره لينحـ ـني برأسه قليلًا حتى يُتيح إليهِ رؤية معالم وجهها بشكلٍ أوضح ليرى بسمتها تتسـ ـع أكثر عن زي قبل ليدوم الصمت ثوانٍ بينهما قبل أن يقطـ ـعهُ هو بقوله الهادئ:
_هو إحنا هنفضل نحلَوا كدا لحد أمتى طيب؟.
أجابتهُ دون أن تنظر إليهِ وهي تصـ ـب كامل تركيزها على ما تفعلهُ قائلة:
_وماله لمَ أحلَو مش عايزني أبقى حلوة ولا إيه يا “عُـمير”؟.
لا طبعًا أحلَوي يا حبيبتي هو أنا همنـ ـعك يعني، بس را’عي قلـ ـبي طيب كل شوية أبُص عليه ألاقيه مسـ ـحول فجمالك.
ضحكت “غدير” هذه المرة بعدما لَم تستطع تما’لُك نفسها ليبتسم هو حينها حينما رآها تضحك لتنظر هي إليهِ وتحدثت بعدما هـ ـدأت قليلًا قائلة بنبرةٍ ضاحكة:
_مش بقولك بحب روقانك، قولي كُنْت فين كدا.
زفـ ـر بهدوءٍ وقد أبعـ ـد ما تفعله ووضع رأسه على قدميها مستلقيًا على ظهره قائلًا:
_جدي “ليل” كان مجمعنا بس أنا خـ ـلعت وجيتلك لمَ لقيتك وحشاني.
تر’كت ما كانت تفعله وعادت تنظر إليهِ مبتسمة الوجه واضعةً كفها رأسه تسير بهِ على خصلاته والآخر على وجهه أناملها تدا’عب لحيتهِ المنمقة قائلة:
_لا كدا أنا عايزة أعرف أنتَ إيه اللي مخليك رايق أوي كدا.
نظر إليها وأبتسم قائلًا ببساطة ويُـ ـسرٍ:
_هقولك، أنا الحمد لله وبفضل ربنا وتوفيقه أترقيت فالشغل النهاردة والمرتب زا’د وبصراحة مبسوط أوي لأنها جات فجأ’ة وأنا مَكُنْتش متو’قع حاجة زي كدا بس ر’اجع فرحان وكُنْت طا’لعلك على طول أفرَّحك معايا بس هما خـ ـدوني بقى قعدت خمس دقايق وخـ ـلعت بقى عشان أطـ ـلعلك … عشان كدا أنا رايق بز’يادة النهاردة عن كل يوم فليه متنو’ليش مِن الحُبّ جانب وتشاركيني؟.
كانت في هذه اللحظة في أكثر أقصـ ـى مراحل السعادة فمثلما تفا’جئ تفا’جئت هي أيضًا ولذلك أشارت إليهِ سر’يعًا أن ينهض وحينما لبـ ـى مطلبها ونهض عانقتهُ سريعًا بشـ ـدة والسعادةُ باديةً على معالم وجهها وأفعا’لها وحركة جسـ ـدها، باركت إليهِ بنبرةٍ سعيدة فَرِحة بما وصل إليهِ زوجها حتى هذه اللحظة، أما عنهُ فقد أستقبلها بكل حُبّ وتر’حابٍ ضاممًا إياها إلى أحضانهِ، ألتمـ ـعت مقلتيها بالعبرات مِن شـ ـدة سعادتها بهِ ولذلك حينما أبتعـ ـدت عنهُ ونظرت إليهِ، وحينما رأى العبرات ملتمـ ـعة دا’خل مقلتيها أبتسم وقام بلثم عينيها بحنوٍ واحدة تلو الأخرى ثم بعدها نظر لها وقال:
_عرفتي ليه بحب أشاركك، عشان رد’ود أفعا’لك دي بتفرحني أوي أكتر مِن المناسبة نفسها، قوليلي بقى نفسك مش رايحة لأي حاجة خالص؟ النهاردة يوم مبيتكررش وأنا مبسوط أوي فأي حاجة نفسك فيها قوليلي عليها وأنا هنفـ ـذهالك على طول مهما كانت.
نظرت إليهِ “غدير” نظرةٍ ذات معنى بعدما أستمعت إلى ما قاله لتُعيد حديثه مِن جديد وكأنها تتأ’كد مِن صحتهِ قائلة:
_أي حاجة أي حاجة؟.
حرك رأسها برفقٍ مبتسم الوجه لتتسـ ـع بسمتها حينها وتنتا’بها حالة الحما’س حينما قالت:
_ماشي، أول حاجة تسمعني كلام حلو زيك كدا وليك عليا صينية بسبوسة بالمكسـ ـرات هتاكل صو’ابعك وراها مِن حلاوتها.
فكر قليلًا ورأى أنه عرض ممتاز لينظر إليها موافقًا على حديثها قائلًا:
_حلو شغل هات وخُـ ـد دا كلام حلو مقابل صينية بسبوسة بالمكسـ ـرات دا أنا على كدا أسمعك كلام حلو كل يوم.
ضحكت بخـ ـفةٍ على حديثه ثم نظرت إليهِ مبتسمة الوجه لتقول:
_تاني حاجة عايزاك مبسوط على طول والضحكة الحلوة دي متفا’رقش وشك عشان لمَ بشوفها بحس يومي حلو حتى لو كان مش قد كدا، صدقني يا “عُـمير” شوفتي ليك مبسوط بتبسطني أوي.
أقترب مِنها مبتسم الوجه ونظر إليها قليلًا قبل أن يقول بنبرةٍ هادئة:
_طب أنا المفروض أكا’فئك أزاي على الكلام الحلو دا؟.
_بسيطة، أنا نفـ ـسي رايحة على الفراولة ممكن تجيبلي فراولة.
_بس؟ دا أنا أجيبلك صنا’ديق فراولة يا فنانة.
أبتسمت إليهِ بسمةٌ صا’فية مُحِبة لتراه يُلثم وجنتها بحنوٍ ثم عاد يستلقي مجددًا على ظهرهِ واضعًا رأسه على قدميها مغمض العينين ليشعر بأناملها تتسـ ـلل بين خصلاته النا’عمة تُد’لك فر’وة رأسه برفقٍ لبرهةٍ مِن الوقت حتى ذهب في ثباتٍ عميـ ـقٍ بفعل أناملها النا’عمة التي ما إن تُلا’مس فر’وة رأسه تجعله يغيـ ـب عن العالم في غضون دقائق معدودة، زفـ ـرت بهدوءٍ وتركته يحظى بالقليل مِن الراحة قبل أن يستيقظ مِن جديد ويذهب.
_________________________
<“أُلقـ ـيت الكرة في ملعب المباراة وفي أنتظار التسـ ـديد تجاه المرمى.”>
كانت “مـودة” تجلس في غرفتها تدون بعض الملاحظات في سجـ ـل مذكراتها تارة وأخرى تنظر إلى حاسوبها وأخرى إلى هاتفها حينما يصلها إشعارًا مِن إحدى صديقاتها في الجامعة، تعا’لت الطرقات على باب غرفتها بهدوءٍ لتسمح إليهِ بالولوج وهي تنظر إلى ما تقوم بكتابتهِ، ولج “سـيف” رفقة “بيسـان” إليها مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه قائلًا:
_شكلك مشغو’لة دلوقتي.
ر’فعت رأسها تنظر لهما سويًا تحاول أستيعـ ـاب ما تراه أمامها فوالديها سويًا أمامها في غرفتها لأول مرة؟ شعرت بالر’يبة ولَكِنّها أبتـ ـلعت غصـ ـتها وأجابتهُ بنبرةٍ هادئة قائلة:
_لا عادي، أتفضلوا.
أنهـ ـت حديثها وتر’كت أغراضها بجوارها على الفراش ثم نظرت إليهما، فيما جلس “سـيف” و “بيسـان” بجواره ينظران إلى “مـودة” التي شعرت بالر’يبة والغر’ابة تنتظر سماع ما سيُقال مِن أحدهما، وكما المتو’قع بدأ “سـيف” حديثه إليها حينما نظر إليها وقال بنبرةٍ هادئة:
_جيت أنا وماما عشان نتكلم معاكِ شوية فموضوع كدا، أنتِ عارفة إنك خلاص كبرتي وبقيتي عروسة زي القمر ووارد يجيلك عرسان، وعشان أنا صر’يح ومبحبش اللـ ـف والد’وران أنا هقولك على طول اللي جاي عشانه … بصراحة جايلك عريس.
_جايلي عريس؟ دا بجد؟.
هكذا ردّت عليهِ “مـودة” متعجبة وهي تنظر إليهِ ليؤ’كد على حديثها حينما حرك رأسه برفقٍ دون أن يتحدث لتنظر إلى والدتها التي كانت نظراتها تؤ’كد لها قول أبيها لتقول هي متسائلة:
_مين دا؟ وشافني أمتى ويعرفني منين عشان يتقدم؟.
أجابها “سـيف” بنبرةٍ هادئة دون أن يُحـ ـيد ببصره عنها قائلًا:
_”حـسام” صاحب “ليل”، جه مِن شهرين تقريبًا أو أقـ ـل طلب إيدك مِني ووقتها كانوا ولا’د عمك فالعـ ـمليات فالوقت مكانش مناسب ومِن وقتها أنا مكلمتهوش فمينفعش نطو’ل على الرا’جل أكتر مِن كدا عيـ ـب، تحبي إيه أقوله ييجي ويقعد معاكِ تتكلمي معاه وتشوفي هتر’تاحي لِيه ولا إيه؟ أنا مش هغصـ ـبك على حاجة اللي تقولي عليه هو اللي هيمـ ـشي دي حياتك أنتِ.
كانت متفا’جئة فحتى الآن تجهـ ـل مَن يكون فهي تعلم معالم وجهه أما عن أسمه فتجهـ ـله ولذلك كانت تشعر بالتخبـ ـط قليلًا ولَكِنّ أنتشـ ـلها صوت والدتها حينما قالت:
_فكري يا “مـودة” مش هنضـ ـغط عليكِ يا حبيبتي دي حياتك أنتِ وأنتِ حُـ ـرة توافقي أو تر’فضي مكانش الأول ولا الأخير.
أستغـ ـرقت القليل مِن الوقت بينها وبين نفسها قبل أن تقول بنبرةٍ هادئة تُعطيهما موافقتها قائلة:
_ماشي موافقة أقابله، لو أر’تحت هصلي أستخارة برضوا عشان أتأ’كد ولو لا هقول برضوا.
_على بركة الله، هديه الموافقة وأظبط أمو’ري وهقولك هييجي أمتى اللي يهمـ ـني فالليلة دي كلها را’حتك وسعادتك وبس.
أبتسمت إليهِ “مـودة” دون أن تتحدث وهي تُفكر بينها وبين نفسها في هذا العريس الذي ظهر إليها مِن العد’م لتسأل نفسها عن “حـسام” الذي تعلمه شكلًا وليس أسمًا والذي حينما رآها قبلًا إنجذ’ب إليها وشعرت حينها بالعديد مِن المشاعر نحوه ولَكِنّها ألتزمت الصمت حينها وتر’كته ور’حلت، لا تعلم ماذا ستفعل فالآن عادت مشاعرها تحـ ـيا حينما ظهر أمامها فجأةً ولَكِنّ لا يعلم المرء في بعض الأحيان ما هو مصيره في المستقبل.
_________________________
<“الحياة تنقـ ـصها شيئًا صغيرًا، لربما بعض الزهور الملو’نة.”>
عادت كعادتها إلى متجر الزهور الخاص بها مِن جديد وهي تشعر أنها قد وو’لِدَت مِن جديد وعادت تحـ ـيا بعد أن كانت شبه ميـ ـتةً ومنتـ ـهية، تُرتب الزهور وتقوم بتنظـ ـيف المكان حتى مرّ القليل مِن الوقت كانت قد أنتهـ ـت وجلست على المقعد الخشـ ـبي تنظر إلى المكان حولها برضا وأبتسامة صا’فية، لحظات وولج شا’بٌ في مقتبـ ـل العمر بوجهٍ مبتسم لتنهض هي تنظر إليه ليقترب هو مِنها حتى وقف أمام مكتبها قائلًا:
_صباح الخير.
_صباح النور أتفضل.
هكذا ردّت “برلين” عليهِ بوجهٍ مبتسم ليُجيبها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أنا كُنْت محتاج بوكيه ورد يكون رقيق أهـ ـديه لخطيبتي بمناسبة إنها هتتخر’ج، ممكن تساعديني لأني مبفهمش فحاجة البنا’ت دي.
_آه طبعًا، ثانية واحدة.
أنهـ ـت حديثها مبتسمة الوجه وهي تقوم بفـ ـتح أحد الأدراج وإخراج كُتيب كـ ـحيل اللو’ن مِنهُ مدوَّن عليهِ أسم متجرها باللو’ن الذ’هبي بطريقةٍ جذ’ابة بهِ بعض النقو’ش الذ’هبية الصغيرة، وضعته على سـ ـطح المكتب وفتـ ـحته على إحدى الصفحات لتقول بنبرةٍ هادئة:
_دي كل الأشكا’ل والألو’ان تقد’ر تختار الشكل والتصـ ـميم اللي يعجبك ولو حابب تعد’ل أي حاجة مفيش مشـ ـكلة.
أخذ الكُتيب مِنها وبدأ يُشاهده بهدوءٍ، فيما كانت هي تقف وتنتظر أن يُخبرها بأختياره حتى رأت فتا’ةٌ تولج إلى المتجر وهي تشاهد الزهور مِن حولها لتبتسم “برلين” وللحـ ـق شعرت أنها عادت تحـ ـيا مِن جديد لا شـ ـك، لحظاتٍ معدودة وولج “مـينا” مرتديًا ملابس كلا’سيكية يتقدم مِنها بخطى هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
_صباح الخير.
_صباح النور.
هكذا ردّت عليهِ مبتسمة الوجه ليجلس هو على المقعد الموضوع أمام مكتبها يرى الزبائن بدأت تولج إلى الداخل لينظر إليها ويبتسم قائلًا:
_شكل اليوم جميل، شايف الدنيا بدأت تحلَو أهي.
أجابته حينها مبتسمة الوجه وهي تنظر إليهِ قائلة:
_الحمد لله، أنا مبسوطة أوي النهاردة يا “مـينا”.
_يارب أشوفك مبسوطة كدا على طول، ونتـ ـنيل نتلحلـ ـح شوية وأ’خدك بيتي وهخليكِ وقتها مبسوطة العمر كله.
أبتسمت “برلين” إليهِ ونظرت سر’يعًا إلى الشا’ب الذي نظـ ـف حـ ـلقه وقال:
_أنا أخترت البوكيه دا.
_تمام حضرتك حابب أي تعد’يلات.
حرك رأسه نا’فيًا ومبتسم الوجه لتأخذ الكُتيب قائلة:
_تمام حضرتك أديني أسمك ورقم الفون وهتحتاجه أمتى.
وبعد أن أملىٰ عليها بياناته ر’حل بعدما أ’كدت إليه موعد الإسـ ـتلام ور’حلت الفتا’ة كذلك دون أن تبتا’ع شيئًا، نظرت إلى “مـينا” الذي قال:
_دي لسه بداية اليوم أستني على العصرية هتلاقي المحل دا مليا’ن زباين مش هتلا’حقي عليهم، تفائلي.
جلست “برلين” بإحبا’طٍ وهي تستند بمرفقها على سـ ـطح المكتب وبكف يدها على وجهها بيأ’سٍ دون أن تتحدث، أما عنهُ فقد نظر إلى هاتفهِ بعدما وردته العديد مِن الإشعارات الكثر على التطبيق الشهير “فيسبوك” ليقوم بمشاهدتها بعدما قام بنشـ ـر منشورًا جديدًا على صفحتهِ الشخـ ـصية متعـ ـلقًا بمتجر “برلين” حينما ألتقط صورةً إلى وجهته وبعض الزهور كنوع مِن أنواع الد’عم إليها حتى لا تيأ’س مثلما يراها أمامه الآن.
_”مـينا” أنا بدأت أيأ’س بجد، بفكر أصـ ـفيه وأقفـ ـله حاسة إني فـ ـتحاه على الفا’ضي ومش جايب هـ ـمه وبدأت أتقفـ ـل مِنُه.
_لا طبعًا أنا مش هسـ ـمحلك تقـ ـفليه، أنا هساعدك بس ميتقـ ـفلش.
ها’جمها بحديثه المند’فع دون تمهيـ ـدٍ مِنهُ لتتفا’جئ هي كثيرًا مِن ذاك الإند’فاع، أر’عبها بالطبع فلَم يُمهـ ـد لها هجو’مه ذاك وفا’جئها، فيما زفـ ـر هو حينما أدر’ك فعـ ـلته تلك وأشا’ح بوجهه بعيـ ـدًا محاولًا تما’لُك نفسه، أما عنها فقد كانت تنظر إليهِ مند’هشة وبالطبع ألتزمت الصمت إجابة فمازالت حتى هذه اللحظة تُحاول أستيـ ـعاب ما حد’ث.
_مقصدش أنفعـ ـل كدا بس مينفعش برضوا تفكيرك دا وخصوصًا إنه شـ ـغفك وحُبّك، أنا فإ’يدي أساعدك بس مش هسـ ـمحلك تقفـ ـليه يا “برلين”.
أنهـ ـى حديثه بنبرةٍ شبه هادئة وهو ينظر لها ليتلقى الصمت إجابة على حديثه حتى نظرة عينيها حر’مته مِنها ويبدو أن وَجَبَ على أحدهم الآن أن يُصـ ـلح خـ ـطأه، نهض بعدما أغـ ـلق هاتفه وأقترب مِن إحدى أر’فف الزهور الملو’نة ليقوم بأخذ _زهرة چوري حمـ ـراء_ اللو’ن ثم طاف بعينيه الخضـ ـراء الصا’فية بين بقية الزهور ليرى _زهرة توليب ور’دية_ اللو’ن قارن بينها وبين تلك التي بيدهِ قليلًا ليستقر على الزهرة الما’كثة بين أنامله ليعود لها مِن جديد مبتسم الوجه يقف بجوارها ليراها تشيـ ـح برأسها إلى الجهة الأخرى تتفا’دى النظر إليهِ.
أبتسم “مـينا” ومدّ كفه يُبـ ـعد خصلاتها النا’عمة إلى الخـ ـلف وقام بوضع الزهرة خـ ـلف أذنها لتُعطيها مظهرًا أكثر رِ’قة وجاذ’بية، عاد إلى مكانه مِن جديد وجلس على المقعد ونظر إليها يتأمل معالم وجهها العا’بسة ليبتسم ويقوم بالإقتراب مِنها بنصـ ـفه العلـ ـوي قليلًا قائلًا بنبرةٍ هادئة ونظرةٍ عا’بثة:
_وبعدين يا جميل مكانتش لحظة غضـ ـب عشان تز’علي أوي كدا، خلاص حـ ـقك عليا أنا أستا’هل ضر’ب النا’ر مَر’ضية كدا ولا إيه؟.
نظرت إليهِ نظرةٍ نا’رية ليبتسم هو حينما عَلِمَ أنه وصل إلى مبتـ ـغاه وبقوله ذاك سيُحرك الكثير بداخلها مِمَّ يجعلها تو’بخه دون توقف ولذلك كان مستعدًا لرد’عها حينما رآها تفتـ ـح فَمِها لتبدأ بتبو’يخه ليوقفها هو حينما قال:
_شكلك حلو أوي النهاردة … يا ترى دا بسـ ـبب إيه؟.
صمتت حينما فَهِمَت مغزى حديثه لتشيـ ـح برأسها إلى الجهة الأخرى مِن جديد ملتز’مة الصمت ولذلك سَمِعَتهُ يقول مِن جديد دون أن ييأ’س بعدما أعتدل في جلستهِ:
_عمومًا طنـ ـشيني حلو، بكرا نتجوز ويتقفـ ـل علينا باب واحد وساعتها هوريكِ أزاي مترديش عليا وتطنـ ـشيني كدا كأني مجـ ـنون بكلم فنفسي، ماشي يا “برلين”.
أبتسمت في الخـ ـفى بعدما أستمعت إلى وعيـ ـده لها لتنظر إليهِ بطر’ف عينها تراه ينظر بعيـ ـدًا عن مر’ماها ولذلك أنتهـ ـزت الفرصة للأخذ بثأ’رها وقامت بأخذ إ’برة ر’فيعة السُـ ـمك وقامت بتقر’يبها مِنهُ ببطـ ـئٍ حتى لامـ ـست ذراعه وقامت بإلا’مه ليتأ’وه هو واضعًا كفه على موضع الأ’لم وهو ينظر لها بوجهٍ متجـ ـهم ليراها تنظر إليه بتشـ ـفي وخـ ـبثٍ، نقـ ـل بصره بينها وبين تلك الإ’برة لينهض متو’عدًا إليها قائلًا:
_هي بقت كدا؟ على آخـ ـر الزمن أتشـ ـكشك بالإ’برة زي العيال الصغيرة وربنا لوريكِ.
وقبل أن يفعل شيئًا منـ ـعه ولوج شا’بٌ إلى المتجر وهو يشاهد الزهور بإعجابٍ وأستحسان ويليه فتا’تين لتسعد “برلين” كثيرًا وتنهض مِن مجلسها تقترب مِنهم ترحب بهم وتعرض عليهم مساعدتها لتندمج سر’يعًا معهم، فيما جلس هو مِن جديد حينما رأى تجاوبها مع الفتيا’ت وسعادتها حينما بدأت الفتا’تين بشراء الزهور ليبتسم ويشعر بالرضا بعدما رأى و’ميض عينيها الذي عاد إلى رو’نقه مِن جديد يشاهدها طوال الوقت ويرى في نفس الوقت توا’فد البعض إلى المتجر ليقوم بإخرا’ج هاتفهِ عا’بثًا بهِ قليلًا مرسلًا إلى رفيقه رسالةٌ كتابية.
_شكرًا يا صاحبي على الخدمة الصغيرة دي، طا’يرة مِن الفرحة بسـ ـببك هبقى أردّ’هالك قريب إن شاء الله.
أغـ ـلق هاتفه مبتسمًا وعاد يشاهدها مِن جديد وعينيه طوال الوقت تتحرك مع حركاتها وتنظر إلى وجهها الذي غمـ ـرته السعادة والفرحة فمنذ القليل مِن الوقت كان متعهـ ـدًا على فعل أي شيءٍ لأجل سعادتها وها هو يُنفذ هذا العهـ ـد وما راق ذ’هنه بسمتها الجميلة ليُيقن أنه يسير على الطريق الصحيح معها.
________________________
<“الهـ ـروب مِن المرء نفسه يكن لحضن حبيبٍ.”>
كانت تجلس في غرفة صغيرها تجاوره بعدما طلب مِنها الجلوس معهُ حتى يذهب في ثباتٍ عمـ ـيقٍ وفي الحـ ـقيقة هي لَم تتأ’خر عنهُ بل لَبـ ـت مطلبهِ في الحال وذهبت معهُ، وها هي تضمه إلى أحضانها الآن عا’زمًا على النوم بجواره بعدما أخبرها زوجها أنه سيبيت في قصر جده هذه الليلة، كانت مستلقية على جانبها الأ’يمن ضاممةً الصغير إلى أحضانها ممسّدةً على خصلاته المتشا’بهة مع خصلات أبيه وعقـ ـلها شاردًا في اللا شيء، بدأت تشعر بثقـ ـلًا في رأسها وبدأ النعاس يسيـ ـطر على جفـ ـنيها وقبل أن تسـ ـقط في بحو’ره العـ ـميقة سَمِعَت صوت هاتفها يُعلنها عن أتصالٍ هاتفي.
زفـ ـرت بعـ ـمقٍ وألتفت تلـ ـتقطه بكفها لترى زوجها هو مَن يقوم بمهاتفتها في هذا الوقت المتأخر، أجابته واضعةً الهاتف على أذنها لتسمعه يُلقي عليها تحية السلام لتجيبه بأخرى ثم يأتيها الردّ حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_تعرفي إني مش عارف أنام خالص، بقالي ساعة بحاول مش عارف.
عقدت “أيسل” ما بين حاجبيها وأجابتهُ بنبرةٍ هادئة قائلة:
_ليه يا “حُـذيفة”؟ أنتَ كويس طيب؟.
أنتا’بها القـ ـلق عليهِ وأنتظرت تلقي الإجابة مِنهُ، أما عنهُ فقد أبتسم وأستلقى على ظهرهِ ناظرًا إلى سـ ـقف الغرفة قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أنا بصراحة بفكر أجي، مش عارف أبعـ ـد عنك خدت عليكِ وعلى وجودك حواليا، أنا مش جايلي نوم عشان بعـ ـيد عنك خدت على إنك بتكوني جنبي على طول، إيه رأيك أجي ولا بلاش وأنا بتد’لع؟.
_لا تعالى … دا مش د’لع بالعكـ ـس، أنتَ أتعودت على وجودي حواليك وفكل مكان تروحه وعشان كدا أول ما بعـ ـدت كام ساعة بس مستر’يحتش، تعالى مش هنام غير لمَ تيجي هتلاقيني فأوضة “عدنان”، متتأ’خرش.
هكذا كان جوابها على سؤاله ليبتسم هو بأتسا’عٍ وقد أجابها بنبرةٍ هادئة يُعطيها جوابه حينما قال:
_مقد’رش أرفـ ـضلك طلب، مسا’فة السـ ـكة وأكون عندك بس أوعي تغد’ري بيا وتنامي.
أبتسمت هي وقد أجابته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_حاضر، خلـ ـي بالك مِن نفسك.
أنهـ ـت حديثها وأغـ ـلقت المكالمة معهُ وتر’كت هاتفها مثلما كان وعادت تضم صغيرها إلى أحضانها أكثر ممسّدةً على رأسه وظهره برفقٍ وعادت تشرد مِن جديد وهذه المرة لن تنام فستنتظر قدوم زوجها مِن الخا’رج وحينما تطمـ ـئن عليهِ وتراه بخيرٍ حينها تستطيع أن تنام بر’احةٍ أكبر.
وبعد مرور ما يقارب الساعة كانت قد أوشـ ـكت بها على السقو’ط في بحو’ر نومها العميـ ـق شعرت بهِ يستلقي خـ ـلفها على الفراش ثم شعرت بعدها بذراعيه حينما حاوطها بهما وضمها إلى أحضانهِ لتلتفت هي برأسها تنظر إليهِ لتراه يُلثم جبينها بقْبّلة حنونة تليها قوله الهادئ:
_أنا زي الفُل الحمد لله صا’غ سليـ ـم نامي مرتا’حة بقى الدنيا بخير.
يفهم ما يد’ور دا’خل عقـ ـلها وما تُفكر بهِ وتلك الأفكار السو’د’اء التي تقـ ـتحم رأسها دون سا’بق إنذ’ار لتبتسم إليهِ وتعاود الإستر’خاء في نومتها لتنتظر دقائق معدودة حتى زارها النوم مُرحبًا بها لتستقبلهُ هي بحفاوةٍ وسريعًا سـ ـقطت في بحوره بعـ ـمقٍ تا’ركةً “حُـذيفة” و’حيدًا يفكر في عدة أشياءٍ لبعض الوقت حتى دا’همه النعاس وسـ ـقط هو الآخر في بحو’ره بعمـ ـقٍ.
______________________
<“أشرقت شمس يوم الأحد بعد غيا’ب عامٍ كاملٍ.”>
كانت مستيقظة منذ باكورة الصباح بعدما أدت فريضة الفجر كما كانت معتادة ومِن ثم عادت إلى النوم لمدة ساعتين وأستيقظت مِن جديد قبل زوجها لإعداد الفطور، كانت مندمجة في إعداد الفطور وتنظر إلى ساعة الحا’ئط المُعـ ـلقة لترى الساعة قد دقت السابعة والنصف لتُنهـ ـي إعداد الفطور سر’يعًا ووضعه على المائدة ثم بعدها توجهت إلى الغرفة حتى تُيقظه كي يفطر معها.
ولجت بهدوءٍ إلى الغرفة لترى الفراش فا’رغًا ولا يوجد أ’ثرٌ إليهِ، نظرت حولها ثم خرجت مِن جديد تبحث عنه في أنحاء الشقة ولَكِنّ لا ترى أثره في المكان ولذلك عادت مِن جديد إلى غرفتهما على أملٍ أن تراه هذه المرة وهي التي لَم تنتـ ـبه إليهِ.
أما عنهُ فقد خر’ج مِن المرحاض المتواجد في الغرفة يجـ ـفف وجهه بالمنشفة جيدًا ثم تر’ك المنشفة على المقعد بعدما تحـ ـسس أ’ثره فالمكان جديدًا عليهِ ولا يعلم أماكن أثاث ذاك المنزل بطريقةٍ جيدة مثل المنزل الأخر فقد كان يحفظ كل ثغـ ـرةٍ بهِ سواء كانت كبيـ ـرة أو صغيرة، ولأنه نسي أن يأخذ عصـ ـاته مِن أخيه رأى صعو’بةٍ في السير وحينما فكر في الأستعا’نة بـ “مَرْيَم” ظن أنها منشـ ـغلة في شيءٍ ما أو أنها لَن تستطيع سماعه.
ولذلك حاول السير و’حيدًا ببطـ ـئٍ وهو يتحـ ـسس المكان مِن حوله وقد كان خط سيره في منتصف الغرفة ولذلك هو ظل يسير ويسير حتى شعر أن قدمه قد تعـ ـركلت في شيءٍ ما يجـ ـهله ثم سقـ ـط أرضًا مصطد’مًا بالطاولة الزجا’جية الموضوعة ليتأ’وه بنبرةٍ عا’لية بعض الشيء مستشعرًا الأ’لم يسـ ـيطر بطريقةٍ غير طبيـ ـعية في ر’كبتهِ اليُمـ ـنى ولذلك لَم يستطع أن ينهـ ـض وظل كما هو وفي نفس ذات اللحظة قد شعر بالعجـ ـز الذي لا يفا’رقه دومًا مسـ ـببًا إليهِ المزيد والمزيد مِن الأ’لم اللا متنا’هي يفـ ـتك بهِ دون ر’حمة.
_كان الفتـ ـى مدهو’سًا بين الأقد’ام،
حتى جاء حا’مي العـ ـرين يحـ ـمي حبيبه في كـ ـنفه.
_________________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *