رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم روان الحاكم
رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم روان الحاكم
رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الخامس والعشرون
رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الخامس والعشرون
رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الخامسة والعشرون
“وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَت اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ”
” الّذي يُذنب ثمّ يتوب، ثمّ يعود ثمّ يتوب “
-يُسمَّىٰ أوَّاب ، وليس مُنافق.
__________________________
فتحت عيناها ببطء تستشعر المكان حولها وهي تجهل أين هي وبالأساس كيف خرجت من تلك الغابة؟ آخر ما تتذكره أنها وقعت مغشى عليها للمرة التي لا تعلم عددها بعدما اتى لهذا هذا الشخص والذي على ذكره دلف إليها بعدما طرق على الباب عدة طرقات ثم تقدم نحوها وهو يحمل باقة من الزهور قائلاً ببسمة:
” وأخيراً صحيتي.. حمدلله على السلامة”
حاولت التحدث والسؤال عما تريد قوله ولكنها لم تستطيع بل هي لا تشعر بجسدها حتى من شدة ما حل بها..، يالله متى ينتهي كل هذا.
أبتسم الرجل بلباقة وهو يعدل حلته ثم ترك باقة الزهور جوارها وهو يقول:
“انا فقدت الأمل من إنك تصحي تاني”
عقدت عايدة حاجبيها بتعجب هل هي تمكث هنا منذ مدة؟ لا تدري كم من الوقت مر عليها وهي على تلك الحالة بينما تعابيرات وجهها تسأله عن مدة وجودها فأجابها ببساطة وهو يقول ببسمة:
“انتِ بقالك شهر داخله في غيبوبة من اول ما جيتي”
توسعت عيناها بصدمة.. هنا منذ شهر! يالله كيف مضت كل تلك المدة دون أن تشعر! والأهم من هذا أنها مازالت حية ترزق؟ لقد نجت من كل ما حدث معها وهذا شيء أسطوري لن يصدقه عقل بشري وإن روت ما حدث معها على أحد سيقال عنها أنها مختلة بالفعل.
“شايف إنك بقيتي أحسن دلوقتي”
فاقت من شرودها على صوته مجدداً فانتبهت له حتى رفعت رأسها تنظر نحوه وهي تتدقق في ملامحه.. شخص مهندم للغاية.. ثيابه أنيقة لبق في حديثه رائحة عطره تفوح في المكان ولديه أسلوب مميز في الحديث هيئته جذابة وحضوره طاغي ورغم ذلك ملامحه هادئه وبسيطة تجعلك تود النظر إليها دوماً.
يالله هي منذ زمن ولم تصادف أشخاص جيدون مثله ولديهم القدرة على الحديث بشكل جيد هكذا ولكنها ماعادت لتثق في اي شخصِ آخر ولا حتى تنجذب لأحد.
هزت رأسها بشرود ثم أردفت وهي تحاول الحديث مستعيدة توازنها وقوتها وهي تقول:
“انت اللي جبتني هنا؟”
اومأ لها حازم ببسمة صغيرة ثم هتف بإحترام وهو يقول:
“ايوه كنت معدى على الطريق وشوفتك بالحالة دي علشان كدا جبتك هنا”
ثم تقدم نحوها خطوتين وهو يمد يده كي يصافحها قائلاً بود:
“انا المهندس حازم السويسي مدير شركات السويسي لو تسمعي عنها”
نظرت عايدة إلى يده الممدودة نحوها ببرود دون أن تبدى اى ردة فعل وما إن طال صمتها حتى سحب يده وهو يحمحم بحرج ولكنها لم تهتم بل هتفت وهي تحاول الوقوف قائلة:
“انا عايزه أخرج من هنا”
نظر إلى جروحها فقد تحسنت كثيراً عن ذي قبل ولكنها مازالت بها العديد من الآثار التي يظن بأنها لم تزول ببساطة حتى فاق من تأمله على تأوهها وهي تحاول الوقوف فأردف مسرعاً وهو يقول:
“مينفعش تخرجي لسه جروحك مخفتش وكمان لما نشوف الدكتور هيقولك اى”
لم تهتم له بل كل همها أن تخرج من هذا المكان الممل بالنسبة لها وقد أتى على بالها شيء هام أحزنها… يبدو أنه لم يلاحظ أحد غيابها طوال تلك المدة.. أبتسمت بسخرية فمن من الممكن أن يهتم بشأنها من الأساس!.
“ممكن تقعدي مكانك تستريحي لحد ما انادي الدكتور!”
نظرت له عايدة بضجر يالله هي تكره الأشخاص المثاليين او من يدعون المثالية فهي منذ قليل قامت بإحراجه وتتعامل معه بقلة ذوق رغم أنه أنقذ حياتها ومازال يتعامل معها بهذا اللطف! تُرى ماذا يريد منها!..
“انا بقيت كويسة زي ما انت شايف وشكراً ليك على اللي عملته معايا”
أجابته بحدة قليلة بعدما قامت من على الفراش ثم عادت الجلوس وقد شعرت بالإعياء الشديد والأرض تدور من حولها لذا حاولت أن تستريح وتلملم شتات نفسها أولاً.
“الشكر لله يا حضرة الظابط”
نظرت له عايدة بإنتباه وقبل أن تسأله عن معرفته بهويتها دخل هو في هذا الثناء بعدما طرق الباب وهو يقترب منها بلهفة دون أن ينتبه إلى حازم قائلاً بفرحة:
“أخيراً فوقتي بعد ما كنت هموت من القلق عليكي”
فتح ذراعيه يضمها برفق ثم أبتعد وهو يتفحصها جيداً ويرى جروحها ثم رفع وجهها بيده ينظر إلى تلك الكدمات أيضاً والتي قد خفت من وجهها قليلاً بعدما مر عليها شهراً كاملاً هنا ولكن مازالت تترك آثارها.
“طمنيني عليكي عاملة اى دلوقتي وحاسه ب اي وفيه حاجه وجعاكي ولا لأ”
تنهدت بملل من قلقه الذائد ثم أردفت ببسمة متكلفة وهي تقول:
“أهدى يا زين انا بقيت كويسة”
“الحمد لله… اللهم لك الحمد..الحمد لله”
ظل زين يردد الحمد وهو يشعر بالسعادة لكونها فاقت أخيراً فمازال تأثير تلك المكالمة التي جاءته منذ شهر يخبره فيها أحد أنها بالمشفى ومازال لا يستطيع اخراج هيئتها من عقله فقد كان جسدها بأكمله مغطى بالجروح في حالة يثرى لها.،
وفاقدة للوعي ثم دخلت في بعدها بغيبوبة لم تفق سوى الآن.
أراحها زين على الفراش رغماً عنها تحت إعتراضها كي تستريح فهي لم تسترد كامل عافيتها بالتأكيد بينما هي أردفت بتذمر وهي تقول:
“يازين قولتلك بقيت كويسة سيبني بقى أقوم”
هز زين رأسه بالنفي وهو يقول بإصرار ونبرة لا تقبل النقاش:
“لأ أستريحي لحد ما الدكتور ييجي ونشوف هيقولك اى ما صدقنا إنك فوقتي الحمد لله”
وقبل أن تعترض إستدار زين عندما سمع صوت أحدهم يحمحم خلفه كي يثير أنتباهه فنظر له زين بتعجب ولم ينتبه لوجوده منذ أن دخل بينما تقدم منه الآخر وهو يقول بحرج:
“أزيك يا شيخنا…حمدلله على سلامتها”
انزعج زين من وجوده وبالأخص أنه كان معها وحدها حتى ولو كان هو من أنقذها فلا يحق له التمادي معها مهما أن كان ورغم ذلك كتم غيظه وأجابه بإحترام وهو يقول:
“الله يبارك في حضرتك يا بشمهندس شكراً جداً على تعبك معانا”
“لأ يا متقولش كدا يا شيخ اى حد كان مكاني كان هيعمل كدا”
أردف حازم ببسمة بينما زين بادله البسمة بخفه وهو يقول كي ينهي الحوار:
“ربنا يجازيك كل الخير يارب”
لاحت على وجهها بسمة خافتة وهي على يقين من أن زين منزعج من وجوده الآن.. وللحق فهي أيضاً منزعجة من وجوده رغم أنه قدم لها الكثير.
بينما هو شعر بالحرج من مكوثه الغير مرحب به لذا هندم حلته ثم وضع يده بجيبه وهو يقول:
“طب بما إنها الحمد لله بقيت كويسة وحضرتك موجود معاها هستأذن انا بقى”
شكره زين بإمتنان فحتى وإن كان لا يحبذ وجوده إلا إنه يدين له بالشكر وما إن خرج حتى هتفت عايدة بسخرية:
“ما تفرد وشك شوية يا زين مكنش ناقص غير تقوم تطرده”
تجاهل زين سخريتها وهو يسألها عن هذا الشخص الذي يعلمه وهو يقول:
“انتِ كنتي تعرفيه قبل كدا!؟”
هزت عايدة رأسها بالنفي وهي تقول بهدوء:
“مش فاكرة إني شوفته قبل كدا لأ”
صمت زين يفكر فكيف لم تعرفه وهو طوال الشهر يأتي لها ويطمئن عليها ويهتم لشأنها؟ ولهذا السبب أصبح زين منزعجاً منه فالأمر أكبر من أنه أنقذ حياتها.
“بتسأل ليه؟”
سألته عن سبب سؤاله عليه بينما أجابها زين بهدوء وهو يقول:
“كل مرة باجي علشان أشوفك بلاقيه موجود”
قضبت عايدة حاجبها بتعجب فهذه المرة الاولى التي تراه ولكن شيء ما داخلها يخبرها أن هذه ليست المرة الاولى التي تراه فيها…وأيضاً عندما أنقذها لم يسألها عن سبب ما حدث معها حتى بعدما فاقت يبدو أن هذا الشخص بالتأكيد يخفي شيئاً.
دخل الطبيب في هذا الثناء كي يفحصها وقد سره رؤيتها مستيقظة بعدما فقد الأمل في أن تستفيق وهذا لأنها هي من كانت تهرب من العودة وتود الأبقاء هكذا ولكن يبدو أن هناك من حاول إعادتها ونجح فيما فشل هو فيه.
تحدث الطبيب ببسمة عملية وهو يقول بتهذيب:
“حمدلله على سلامتك.. بالك كتير نايمة”
هزت عايدة رأسها بخفة وهي تومئ له بمجاملة دون أن تكلف نفسها عناء الرد عليه بينما وقف زين يصافحه بإحترام وهو يسأله عن حالتها فقام الطبيب بفحصها بعملية شديدة تحت نظرات زين المنزعجة.
زفر زين بحنق وهو يحاول تمالك أعصابه مخبراً نفسه بأن هذا طبيب ويفحصها وهو المختص بحالتها…هو لا يغير على زوجته فحسب بل يشعر بالغيرة على جميع محارمه.
أنتهى الطبيب من الفحص وقد قام بالتغيير على جروحها ثم أستقام في وقفته وهو يوجه حديثه إلى زين قائلاً:
“الجروح اللي في جسمها بدأت تخِف بس لسه محتاجه تقعد هنا أسبوع كمان تحت الملاحظة علشان لسه فيه جروح عميقة”
“وهي جروحي مش هتخف غير هنا؟ انا هخرج يعنى هخرج”
أردفت عايدة بعصيبة فهي لا تطيق الجلوس هنا أكثر من هذا بينما نظر إليها زين بحدة قليلا كدا تصمت ولكنها تجاهلت نظراته وحاولت الوقوف بمفردها وهي تشعر بالألم الشديد ولكنها لم تستطيع فظلت تحاول تحت نظراتهما ولكنها فشلت حتى جلست مجدداً على الفراش بتأوه وهي تقول بغضب:
“مهو انا همشي من هنا يعني همشي فاهم يا زين؟؟”
كان صوتها مرتفع وليس لغضبها فقط بل لأنها تعلم غضب زين من الصوت المرتفع فأرادت إستفزازه بينما هو لم يجيبها بل نظر إلى الطبيب مجدداً وهو يقول:
“هو ضرورى إنها تفضل أسبوع مينفعش تمشي ونوفرلها كل حاجه خاصة بالرعاية؟”
“هي لسه فايقة من غيبوية بقالها شهر والمفروض تستريح ولسه هنكمل باقي الاشاعة والتحاليل علشان نتأكد إن جميع الأجهزة عندها كويسة ومتأذتش ومجرد ما نتخطى المرحلة دي انا بنفسي اللي هكتبلها خروج”
“تمام شكراً جداً لحضرتك”
شكره زين ثم وقف من مكانه حتى توجه نحوها وهو بقول بهدوء ونبرة لينة:
“من فضلك يا خالتي تستريحي وتقعدي هنا اليومين دول لحد ما بس نطمن عليكي انتِ مش شايفه حالتك عاملة ازاى؟”
زفرت عايدة بعصيبة هي لن تشعر بالراحة إلا حين تخرج من هنا بينما زين ينظر إلى الجروح التي تزين وجهها وأيضاً جسدها وهو يقول:
” هتخرجي ولسه الجروح مخفتش منك حتى وعايزة الناس تشوفك كدا؟ هيشوفوا حضرة الظابط عايدة وهي بالمنظر دا! ”
وكأنها للتو تذكرت بأن وجهها لايزال مشوهاً ولن ترضى أن يراها أحد هكذا فتهجم وجهها دون أن تقول شيء بل تمددت على السرير وهي تنظر إلى سقف الغرفة بشرود تفكر فيما سوف تفعله بينما أقترب منها زين حتى جلس جوارها وهو يقول بهدوء:
“انا لحد دلوقتي معرفش حصلك اى وشهر كامل هتجنن واعرف حصل اى وصلك للحالة اللي شوفتك بيها وكأن الزمن بيعيد نفسه… انا عارف إن اللي هقوله دا مش وقته.. بس خليكي عارفه إني مش هسيبك لدماغك تاني ولا تتصرفي من نفسك طالما انتِ مش عارفه قيمة نفسك وحياتك سهلة عندك اوى للدرجة دي”
رمشت عايدة بأهدابها عدة مرات بضجر اى حياة تلك التي يتحدث عنها؟ ابتسمت بسخرية دون أن تجيب بينما طلبت منه أغرب طلب قد تطلبه في هذا الوقت
نظرت له وهي تقول بعينان لامعة:
“زين أقرألي قرآن”
دُهش زين في البداية ولم يتخيل طلبها ولكن هذا أسعده فحمحم يعدل صوته كي يستعد للقراءة ثم أستعاذ وسمي بالله وبدأ بالقراءة وهو يتلو بعض آيات الله:
((۞ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ))
لم تشعر بشيء كما يقولون..، اليس من المفترض أن تتأثر؟ هل أصبح قلبها بهذا الجحود ام ماذا!؟.
“انا ليه مش حاسه بتأثر وانا بسمع يا زين؟ انا قلبي بقى حجر مش كدا!”
سألته بتوجس وهي تنظر له بضياع وحتى وإن كانت كذلك فنعم هي تستحق ولكن.. ولكن هذا مؤسف لها..
تنهد زين وهو يأخذ أنفاسه ثم شرع في الحديث وهو يقول:
“كونك خايفة أن قلبك مبقاش يتأثر دي حاجه كويسة… الإنسان كل ما بيبعد عن ربنا كل ما قلبه بيقسى لدرجة لما يسمع القرآن مبيتأثرش بس هل دا معناه إنه كدا خلاص عمره يا هيحس بيه! لا طبعا لما يرجع لربنا من تاني والإيمان يملى قلبه وقتها هيرجع يحس بلذة القرآن من تاني وهيلاقي نفسه بقى شخص تاني خالص”
شردت في حديثه تشعر بضيق شديد داخل صدرها لمَ وصل إليه حالها بينما أستقام زين في وقته وقد أدرك ما تشعر به لذا ربت على كتفها برفق وهو يقول بهدوء:
“دوري على نفسك ياعايدة”
تركها تراجع حساباتها بعدما وعدها بأنه سيأتي لزيارتها مرة أخرى بينما هي كان عقلها في وادِ آخر تماماً.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
وكنت أدعو الناس إلى ترك المعاصي، وأنا أُنادي على نفسي بدمعي
- ابن الجوزي رحمه ﷲ
كان أحمد راقداً على الفراش ويضع قدم فوق الأخرى ممسكاً بهاتفه وهو يحادثها عبر تطبيق الواتساب كما أعتاد أن يفعل في الآونة الأخيرة… لم يكن يحادثها بمفردها بل قام بإنشاء مجموعة خاصة وأضاف فيها والدها كي يكون محرم لها ولم يفعل هذا سوى لإراحة ضميره وهو يعلم تمام العلم أن والدها ليس لديه متسع من الوقت لتلك التفاهات كي يقرأها بل لا يفتح التطبيق من الأساس.
يشعر بتسارع دقات قلبه كلما أرسلت له شيء وملامح وجهه مشرقة..، يالله لا يود أن ينتهي الوقت الذي يحادثها فيه بل يشعر وكأنه يملك العالم بأكمله.
“أحمد ممكن تكلمني عن قيام الليل!؟”
قامت سهير بإرسال تلك الرسالة له وهي تنتظر رده ولكنه لم يقم بإرسال شيء إليها بل تفآجأت به يقوم بالإتصال عليها فجأة وهذا جعلها تشعر بالتوتر فهي ليست معتادة على محادثته وهاتفياً ورغم ذلك لململت شتات نفسها ثم قامت بالرد عليه وهي تجيب السلام بينما أردف هو معتذراً وهو يقول:
“آسف لو رنت عليكي فجأة بس بصراحة الكلام عن القيام وحلاوة القيام ميتقالش على الواتس علشان كدا رنيت اقولك وهقفل تاني”
كاذب نعم.. بل ومنافق أيضاً فهذا ليس السبب بل هو يريد سماع صوتها لا أكثر… هذا ما كان يدور داخل عقله وصوت ضميره قد أستيقظ يخبره أن ما يفعله الآن خطأ ولكنه أسكت هذا الصوت فهو لا يفعل شيء خاطيء هو يحادثها عن عبادة ولن يقول لها اي شيء خارج نطاق هذا الحديث.
“قيام الليل أفضل حاجه ممكن الإنسان يعملها في حياته
تخيلي إنك تقومي من عز نومك مخصوص علشان تقومي تقفي بين ايدين ربنا في وقت كل الناس اصلا نايمة فيه؟ تخيلي انك قاعدة بتكلمي ربنا وبتشتكيله من كل حاجه مزعلاكي وكل حاجه حصلت معاكي!
ربنا سبحانه وتعالى بينزل في السماء السبع وبيقول أدعوني أستجب لكم تخيلي إن ربنا عز وچل بيقولنا ادعوني أستجب لكم! فيه حديث انا بحبه جداً ودايماً بحطه في دماغي علشان أقدر أقوم للصلاة بيقول عن الرسول صل الله عليه وسلم ( أن الله ليضحك إلى رجل قام فى ليلة باردة من فراشه ولحافه ، فتوضأ ، ثم أقام الصلاة ، ويقول للملائكة : ما حمل عبدي على هذا الصنع ؟ فيقولون : ربنا ! رجاء ما عندك ، وشفقه مما عندك. فيقول الله : فإنى قد أعطيته ما رجا ، وأمنته مما يخاف ، ورزقته ما يتمنى)
قيام الليل شرف المؤمن وتلاقي اللي بيصلي القيام ربنا بيصطفيه عن باقى العباد دا كمان متلاقيش فيه منافق دا كمان بيحميكي من خوفك من الرياء انك تقومي تصلي والناس كلها نايمة ومفيش حد شايفك غير رب الناس
بتقفي تصلي وتدعي ربنا بكل اللي نفسك فيه وانتِ على يقين تام إن دعائك هيتحقق وربنا هيختارلك اللي فيه الخير..،
دكتور حازم شومان بيقول انا نجحت بركعتين قيام واتجوزت بركعتين قيام وأشتغلت بركعتين قيام..
لما بشوف حد على وجهه نور بعرف إن الشخص دا بيصلي القيام وبتحسي تجاهم براحة نفسية كبيرة
وكمان يُقال إن والله أعلم البيت اللي فيه حد بيصلي فيه القيام بيكون منور في السماء والملائكة معتادة على إنها تشوف نوره وتنزل لبيته كما ننظر نحن إلى النجوم”
كانت تستمع إلى حديثه بحماس شديد وقد أخذت عهداً داخلها بأنها لن تترك ولا يوم واحد من القيام فهي بعد هذا الحديث أصبحت ترى قيام الليل من النعيم المعجل في الدنيا.
“طيب هو انا لازم اصلي القيام في الثلث الأخير بس؟ وكمان التزم بعدد ركعات كام!”
سألته بإستفسار عما تريده بينما هو أجابها موضحاً لها وهو يقول:
“مش لازم في الثلث الأخير معاكي من بعد العشاء تقدري تصلي فيه او صلي قبل ما تنامي لو عارفه انك مش هتقدري تصحي قبل الفجر..، قيام الليل ملوش ركعات معينة صلي اللي تقدري عليه بل قيام الليل مش صلاة بس دا صلاة وقرآن وتسبيح وأستغفار ودعاء كل دا قيام الليل واللي هيخليكي تحسي براحه عمرك ما حسيتي بيها قبل كدا”
أومأت له بتفهم وكأنه يراها وبداخلها تحمد الله على أنه رزقها شخص مثل أحمد فهي لا تستحقه بل هو يستحق من أفضل منها ومن لها ماضِ نظيف عنها.
أبتلعت غصة مريرة بحلقها كلما تذكرت ما كانت تفعله قديماً ورغم أن الله هداها إلا أن ما فعلته سوف يظل صفحة سوداء بحياتها..، فاقت من شردوها على صوته وهو يهتف ممازحاً:
“ها أستفادتي من شرحي ولا لأ.. على فكرة انا مدرس شاطر اوي لعلمك”
ضحكت سهير بخفة ورغم أنها ضحكت بصوتِ منخفض إلا أنها وصلت لمسامعه جيداً فهو ينتبه لكل همسة تخرج منها فشعر بتسارع دقات قلبه وأخذ يحاول تنظيم أنفاسه.
هو لم يحادث فتاة بحياته قط سوى أمه وأخته والآن ماذا! يبدو أن مشاعره قد خرجت عن سيطرتها وهو يحادثها بمفردها دون أن يسمعهما أحد.
يعلم أن ما سوف يقوله خاطئ ولا يجوز ولكن غلبته شهواته وهو من كان يقف يخطب بالناس في المساجد ويصلي بيهم إماماً أغمض عيناه وهو يقول كلامه دفعة واحدة بعدما فشل في التحكم بنفسه قائلاً بلا ترتيب:
“سهير انا بحبك…بحبك من اول مرة شوفتك فيها ودعيت ربنا بيكي وانا اللي طول عمري بقول مستحيل الاقي بنت تفتني بس الظاهر إنك كنتي أكبر فتنة اقابلها بحياتي”
عندما أمر الله تعالى سيدنا آدم أن لا يأكل من الشجرة لم يخبره مباشرة أن لا تأكل من الشجرة بل قال له أولا لا تقتربا منها لأن سبحانه وتعالى عليم عندما يقترب منها سوف يأكل وهذا لاننا بشر وضعاف النفس تغلبنا شهواتنا مهما بلغ التزامنا..
وهذا ما حدث معه أيضاً فلا أحد معصوم من الخطأ.،
لم تنطق سهير بل هي لا تعلم أيجب عليها الرد ام لا
هل ما قاله لها أحمد خاطئ؟ اليس هو شخص على خلق ويخطب بالناس ويعلم الخطأ من الصواب ويعلم حدود الخطبة! هي لا تنكر سعادتها بما قاله ولكن تشعر بأن هذا الكلام يسبق اوآنه.
شعر بإرتفاع درجة حرارته وتعرق جسده رغم أن الجو بارد حوله مثل قلبه الآن ضغط على يده وهو يقول بنبرة مهتزة:
“انا.. انا اسف مكنتش أقصد.. عن أذنك”
أغلق معها الهاتف دون أن ينتظر ردها حتى ثم تركه وهو يضع وجهه بين كفيه كمن فعل شيء شنيع وهو بالفعل هكذا بالنسبه له.. يالله ما الذي أوصله إلى تلك المرحلة! هل باح لها للتو عن مشاعره وما يكنه ما داخل صدره رغم أنها مازالت أجنبية عنه!!.
ويلك يا أحمد مما أوقعت نفسك به… شعر بنفسه يضيق فجأة فأستقام من مكانه ثم خرج من المنزل وهو يشعر بالغضب الشديد من نفسه هل اصبح ضعيف لتلك الدرجة؟ هل ترك الشيطان يوسوس له حتى سحبه تلك السحبة!
لا يعلم كم من الوقت مر عليه حتى وجد نفسه يقف أمام المسجد بمشاعر مبعثرة وبخطى بطيئة، فدخل المسجد وهو منكس رأسه يشعر بالخجل مما فعله وهو يقف في بيت الله تعالى.
توضأ أول شيء ثم صلى ركعتين توبة لله وهو يبكي ويدعو الله أن يغفر له تقدم من ذنبه وما تأخر فظل يبكي حتى شعر بأنه قد تحسن من داخله وأزال هذا الثقل الذي كان يتوسط صدره فانتهى من الصلاة ثم أستند بظهره على العمود وهو مازال يستغفر الله وقد مر عليه بعض الوقت حتى وجد من يجلس بجانبه ويناديه برفق.
رفع أحمد رأسه لأعلى حتى وجد شاب بمقتبل العمر ربما يقارب عمره وقد كان وجهه مألوفاً بالنسبه له فالقى عليه الشاب تحية السلام وهو يجثو على ركبتيه أمامه بإحترام فرد أحمد التحية ثم أنتظره حتى يفرغ ما لديه من أحاديث وبالفعل حمحم الشاب بحرج ثم شرع في قول ما يريد وهو يهتف:
“الحقيقة يا شيخ أحمد انا كنت جاى المسجد علشان مخنوق بسبب ذنب عملته ولما شوفتك فرحت وقولت إنك انت اللي هتقدر تساعدني”
توقف عن الإستكمال وهو يشعر بالخجل من نفسه وملامح وجهه حزينة فأكمل وهو يقول بعبس:
“كنت خاطب واحدة وكنت متفق انا وخطيبتي هنمشي على ضوابط الخطوبة وقعدنا اول شهر فعلا ماشيين على الضوابط وبعدين واحدة واحدة بدأنا نضعف وبقى فيه تجاوزات وبقيت أقولها كلام مش من حقي لأنها لسه أجنبية عني ورغم إني عارف دا بس انا بضعف قدامها ف جتلك تنصحني أعمل اى وخصوصاً إنك خاطب واكيد ماشي على الضوابط بالظبط”
بُهت وجه أحمد كمن سكب عليه دلو من الماء يالله كيف يستره الله أمام الناس كي يروه بتلك الهيئة الجميلة وهو أحقر من هذا! كم كره نفسه في هذا الوقت وشعر بالنفاق هو لا يستحق أن يكون الشخص الذي يراه الناس
لمَ الجميع يظنه لا يخطأ وهو عبد ضعيف لا حول له ولا قوة إن لم يرحمه الله.
لا أحد يكون بعيد على الفتن…لن تعفيك لحيتك عن الوقوع إن لم تعف نفسك وتردعها.
أبتلع أحمد ريقه وقد كان يشعر بالتوتر الشديد ولا يدري بما يجيبه فابتسم داخله بسخرية وأن هو من يحتاج للنصيحة وعندما طال صمته نظر إليه الشاب بتعجب فحاول الثبات ثم تنهد وهو يلقى على نفسه هذا الكلام قبل أن يخبره للشاب:
“احنا بطبعنا كبشر ضعاف قدام شهواتنا ف لازم نبعد عن مصدر الذنب الاول علشان نحمي نفسنا من الذنب نفسه
وكل واحد فينا بيضعف قدام حاجه معينة فيه اللي نقطة ضعفه الأغاني مثلا دا يبعد عن مصدر الذنب بإنه يمسح كل الاغاني على موبايله وميرحش أماكن بيشتغل فيها اغاني حتى لو هو مش عايز لان غصب عنه هيتأثر
واحد تاني نقطة ضعفه إنه لما بيقعد لوحده بعيد عن الناس بيعمل ذنوب ف حله إنه ميقعدش لوحده معظم الأوقات علشان ميقعش في الذنب..،
واحد تاني مشكلته في الغيبة والنميمة يبقى يقلل كلام مع الناس على قد ما يقدر وميتكلمش مع الناس اللي عارف إنه لو كلمهم هيغتابوا..وهكذا”
توقف يأخذ نفساً عميقاً كي يستطيع إكمال الباقي والجزء الأهم في حديثه وهو يقول:
“وعلشان كدا ربنا أمرنا بضوابط الخطوبة علشان مهما يبلغ التزام الشخص مش هيقدر يعصم نفسه ولا فيه حاجه اسمها هكلمها بإحترام وإلا مكنش سيدنا آدم كل من الشجرة بعد ما قرب منها لإنه بشر في الآخر
واحنا مش حجر ف طبيعي لما احط نفسي قدام الفتنة هيقع فيها مهما عملت يبقى أعصم مني وأبعد والتزم دايما بالحدود اللي ربنا أمرني بيها في كل شيء.”
تبقى آخر شيء يريد قوله ولكنه غير قادر فقلبه لا يطاوعه ونفسه لا تريد فضغط على يده بقوة وهو يهتف بصعوبة:
“متقعدش معاها غير وفيه محرم وياريت تمنع معاها اى كلام في الموبايل إلا للضرورى ويكون في وجود حد من أهلك لأن زي ما انت عارف الشيطان شاطر ومهما تقول هلتزم بالحدود معاها مش هتقدر ف أعمل اللي عليك ولو بإمكانك تكتب كتابك عليها وانت عارف أخلاقها ومرتاحين لبعض يبقى أكتبه في أقرب وقت ووقتها ياسيدي ابقى كلمها زي ما انت عايز..”
أنتهى من حديثه وهو يشعر بالضغط النفسي الشديد
يقول ما لا يفعله.. يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم!
هل هو الآن منافق ام مجرد عبد ضعيف أمام شهواته!.
“شكراً جداً ليك يا مولانا انا مغلطش فعلا لما جيتلك ربنا يرزقنا ربع علمك يارب وعيالي يطلعوا زيك وقتها مش هكون عايز حاجه من الدنيا..”
ذاد وجعه من هذا الحديث حتى أن نفسه قد ضاق
وأشتد ألمه النفسي فترك الشاب ثم خرج من المسجد
وهو يسير بغير هدى.
(اللي حصل مع أحمد من اول ما كلم سهير لحد ما راخ المسجد فيه أكتر من موعظة نطلع بيهم… هسيبكم انتوا تكتشفوا
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
فتح الباب بعدما ضغط على جرس الشقة حتى تعلم بوصوله أولاً وهو يتهمل في خطواته حتى يترك لها فرصة ترتيب هيئتها إن شاءت وكانت تلك من صفات الرسول والصحابة حتى وهم عائدون من الحروب.
ظل يبحث عنها بعينيه ولكنه لم يبصر طيفها في المكان فذهب نحو غرفة نومهما وأيضاً لم يجدها فقضب جبينه بتعجب ثم فتح فمه كي يناديها ولكنه بتر جملته وهو يسمع صوتاً يأتي من غرفة الأطفال فتحرك بخفة نحو مصدر الصوت حتى توقف أمام الغرفة وقلبه ينبض.
كانت جالسة تتوسط فراش الصغير وهي تضع يدها
حول بطنها تُحسس عليها برفق وتقرأ قرآن بصوتِ مرتفع قليلاً حتى يصل إليه رغم أنه داخل رحمها.
توسعت بسمة زين وهو يراقب ما تفعله بسعادة ولم يكن ليتصور أن يرزقه الله زوجة مثلها.. نعم هو صبر كثيراً عليها ولكنها أثبتت له أنها كانت تستحق هذا الصبر.
أخذ زين يقترب منها بخطى بطيئة بينما هي رفعت رأسها ليس لأنه أصدر صوتاً بل لأن رائحته التي تحفظها عن ظهر قلب أنتشرت في المكان.
توقفت عن القراءة ما إن أبصرته ثم أبتسمت له بسمة صغيرة بادلها إياها وهو يبتسم بشدة حتى جلس جوارها وهو يضم كتفها إليه قائلاً:
“قاعدة بتقرأي قرآن للباشا الصغير مش كدا”
أومأت له ببسمة وهي تهز رأسها ثم أردفت وهي تشير إلى بطنها التي أنتفخت قليلاً وهي تهتف:
“سمعت إن الأطفال بيسمعوا من وهم في بطن أمهم علشان كدا قررت إني كل يوم هفضل أقرأله قرآن بصوتي لحد ما أختمه ليه علشان لما يتولد يبقى سمع القرآن كله قبل كدا”
لم يستطيع زين منع نفسه من الضحك من كثرة سعادته.. يالله لقد كان عائداً وهو يشعر بالحزن والضيق ولكن ما إن رأها حتى أختفى حزنه وكأنه لم يحزن يوماً.
“بتضحك ليه! معجبكش اللي بعمله؟”
سألته بتوجس عندما رأت ضحكته بينما هو هز رأسه بالنفي وهو يقول بصدق:
لو قولتلك إن دي أجمل حاجه انا شوفتها في حياتي بعدك هتصدقي!”
أبتسمت بشدة وهي تنظر إلى طفلها بسعادة من طراء زوجها الحبيب بينما نظر إليها زين بحب كبير ثم أقترب منها يقبل رأسها ثم دنى يقبل بطنها موضع جنينه وهو يقول:
“ربنا يباركلي فيكم”
تنهدت برضى وهي مازالت تضع يدها على بطنها وكأنها تستمد قوتها من طفلها الذي لم يأتي بعد ثم شردت تفكر بذكرياتها بينما زين نظر إلى صمتها بإنزعاج فما عاد يعجبه أن تظل صامتة هكذا بل لا تتحدث إلا عندما يحادثها هو وتجيب قدر الإجابة عليه فقط.
حك لحيته الكثيفة وهو يحاول فتح أحاديث جانبية معها ولكنه لم يستطيع فهو كان معتاداً على أن تبدأ هي معه الحديث وليس هو فظل يحاول بدأ اي كلام معها حتى هتف فجأة:
“اى رأيك نقوم نعمل شاورما سوا!”
عقدت روان حاجبيها بتعجب وهي تنظر إليه بريبة بينما هو لم ينتظر ردها بل أمسك يدها ثم سار بها نحو المطبخ حتى توقفا في المنتصف وهو يقول:
“اقعدي انتِ هنا وأتفرجي على الشيف زين وهو بيطلع أحسن أكل”
كانت روان تنظر إليه ببلاهه فهي تعلم زين منذ أن اتت على هذه الحياة ولكنها لأول مرة تبصر هذا الجانب من شخصيته وهذا لأنه يبذل قصارى جهده كي يسعدها رغم علمها تمام العلم بأن داخله متعب.
شرع زين في التحضير وهو يقوم بصنع عيش الشاورما أولا فأخرج البيض ثم ذهب نحوها حتى توقف أمامها وهو يحمل البيضة ويرفعها أمام وجهها وكأنه سوف يكسرها برأسها فنظرت له بخوف وهي تتراجع إلى الوراء قائلة:
“يازين انت هتعمل اى”
“هكسر البيضة في دماغك بدل ما انتِ واقفة مبتعمليش حاجه كدا”
أبتلعت ريقها وهي مازالت تتراجع إلى الوراء وقد صدقت أنه بالفعل سوف يفعل هذا لذا أردفت وهي تقول:
“وهو انت ملقتش غير دماغي اللي تكسر بيها البيضة”
قهقه زين بخفه حتى جذبها مجدداً وهو يقول ممازحاً:
“وانتِ صدقتي كدا إني هكسر فيكي البيضة بجد؟ لأ طبعا مستحيل انا هروح أكسرها في راس ياسمين”
ضحكت روان هي الأخرى على حديثه وقد أعجبها هذا الجانب من شخصيته.. لطالما كان زين شخص هادئ ورزين ولكن الآن أبعد ما يكون عن هذا الجانب.
عاد زين يكمل ما كان يفعله تحت نظراتها وهي تراقبه يحضر هو الطعام وأثناء تحضيره أخذ يدندن أنشودتها المفضلة وهو يهتف:
“هي دي اللي أختارتها… اللي دينها مهرها…
هي دي اللي أختارتها.. اللي دينها مهرها…
اللي روحها فرضها واللي حافظة ربها…
يوم ما جيت دقت على باباها لقيتها لابسه حجابها… انتِ فين دا انا ياما دعيت بحورية تكون ما الجنة..
لقيتها هي اللي لاقيالي.. بس المهر هو الغالي…
لقيتها هي اللي لاقيالي… بس المهر هو الغالي.. آيات القرآن الهادي… آيات القرآن الهادي عشااانه أختارتهااا.
هي دي اللي أختارتها اللي دينها مهرها..
واللي روحها فرضها واللي حافظة ربها…
قالتي دا بيتنا يازين فرشتنا السنة والقرآن.. والحب حياتنا يبعد عنا شيء اسمه الشيطااان
قالتي دا بيتنا يا زين فرشتنا السنة والقرآن
والحب حياتنا يبعد عنا شيء اسمه الشيطااان
لقيتها هي اللي لاقيالي.. بس المهر هو الغالي…
لقيتها هي اللي لاقيالي… بس المهر هو الغالي.. آيات القرآن الهادي… آيات القرآن الهادي عشااانه أختارتهااا.
كانت روان تستمع له بحب كبير وهي تحسد نفسها على نعمة وجوده.. إن رأي أحد مشهدهما لكان سيظن بأنها أسعد واحدة بالعالم وأكثرهن حظاً.. لا أحد يعلم كم خسرت أمام هذا.
كان منهمكاً في طهي الطعام بينما هي أقتربت منه حتى أحتضنته من الخلف فجأة وهي تقول:
“انا بحبك اوي يازين بحبك أكتر من اي حاجه انت ممكن تتخيلها”
إستدار زين صوبها ببسمة وقد تهللت أساور وجهه فهي منذ زمن ولم تبح له عن مشاعرها بل لا تبادر معه الحديث من الأساس هذه بداية جيدة لقد أخذ عهداً على نفسه أنه لم يتركها حتى تعود له كما كانت قديماً ويعيد لها بهجتها ومرحها من جديد.
“انتِ جايه تتغرغري بيا وانا بجهز الأكل علشان يتحرق وتقولي عليا فاشل صح؟ ااه من لؤمك دا”
أبعدها عنه برفق كي يستطيع إكمال التحضير على خير بينما هي ضحكت هذه المرة بشدة من قلبها فنظر إليها بسعادة.. لقد كان أوشك على أن ينسى صوت ضحكاتها
ولكنها عادت تضحك له من جديد وهذا الشيء كفيل لأن ينعش قلبه من جديد.
أستدار لها زين بعدما قام بإطفاء النار وقد أتى على باله شيء يريد قوله فأقترب منها مجدداً وهو يقول ببسمة:
“لما نزلت سورة الضحى كان الوحي منقطع عن الرسول ثلاثة أيام ودي حاجه كانت أول مرة تحصل لدرجة كفار قريش بداو يعايروا سيدنا محمد إن ربه أبغضه وقالوله (قلاك ربك يا محمد) اي أبغضك وعلشان كدا مبقاش الوحي ينزل وقتها الرسول صل الله عليه وسلم كان في حزن شديد وهو مش عارف بسبب انقطاع الوحي عنه اى وقتها ويشاء ربنا ينزل سورة الضحي وهو بيقوله (وَٱلضُّحَىٰ (1) وَٱلَّيۡلِ إِذَا سَجَىٰ (2) ربنا بيقسم لسيدنا محمد بالضحى اللي هو عز النهار وبيقسم ليه بالليل اذا سچي اى أشتد ظلامه والمقارنة دي في حد ذاتها في دلالة على قدرة ربنا سبحانه وتعالى من تغيير النهار إلى الليل.،
وبعدها ربنا بيكمل بعد ما أقسمله وسبحانه وتعالى بيقول ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ (3) قلى يعني أبغض اى ربنا ما لم يتركك ولم يبغضك( وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ (4) وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ (5)
وبعدها ربنا بيكمل لسيدنا محمد وبيقوله إن الأخرة خير ليك عند ربنا من دنيا وإن ربنا سوف يعطيه حتى يرضى
وبدأ سبحانه وتعالى يعدد عليه بعض نعمه على الرسول وهو بيخبره (5) أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ (6) وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ (7) وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ (😎
يعني كنت يتيم وربنا سبحانه وتعالى كلف من يكفله بعدما ما أبوه توفي وهو في بطن أمه وبعد ما اتولد وأمه توفت كفله جده ثم بعدها عمه..،
ووجدك ضالاً فهدى وهنا مش معناه إن ضال عكس الهدي لأ الأنبياء معصومين من تلك الذنوب المقصود هنا إن ربنا هداه للرسالة والنبوة وبقى عنده العلم اللي عليه الآن..
ووجدك عائلاً فأغنى ربنا سبحانه وتعالى اغناه بالخلق العظيم والعديد من النعم بعدما كان فقير
السورة دي فيها كمية مواساه ربانية من ربنا سبحانه وتعالى للرسول صل الله عليه وسلم وإن ربنا أبدل حاله من حال لحال ودا يخلي عندنا يقين دايماً بالله إن سبحانه وتعالى قادر على كل شيء وإن إنقطاع الماء لبعض الوقت ما هو إلا مجرد تهيئة لفضيان خير جديد وإن خزائن الله لا تنفذ وكرمه ليس له حدود ”
كانت شاردة فيما يقول وهي تستمع إلى ما يقوله بإنصات وكأنه يوجه إليها هذا الحديث بينما تابع حديثه ببسمة قائلاً:
“شوفي انتِ من كام يوم حالتك كانت عاملة ازاى ودلوقتي بقيتي أحسن عن الاول ازاي؟ لانك صبرتي وربنا رضاكي”
هزت رأسها تؤكد حديثه وهي تذكر نفسها بنعم الله عليها قائلة:
” فعلا يازين دا حقيقة.. الحمد لله على نعم ربنا علينا”
أبتسم لها في حنان وهو يمرر يده على وجهها بلطف ثم حمل صنية الطعام بيده واليد الاخرى يمسك يدها وهو يقول:
“دلوقتي يلا علشان نلحق ناكل قبل ما الأكل يبرد وتعرفي اد اي زوجك طباخ ماهر”
سارت معه هو ينظر إلى الطعام الذي قام بصنعه بإنجاز بينما هي تنظر له أكبر إنجازها بالحياة وفي هذه اللحظة لا تتمنى سوى شيء واحد.. أن تبقى معه بقية حياتها في هدوء وسكينة لا أكثر.
🌸اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد🌸
كان عمر منكباً على عمله بإنهاك وهو يحاول تعويض الفترة التي كانت تقيم به روان بمنزلهم بعد وفاة خالته وقد قصر بعمله بشدة.
بينما حالته النفسية لم تكن جيدة بتاتاً فهو يشعر بالوحدة وأيضاً ياسمين لم تقف بجانبه فهو لم يقم بزيارتها الفترة الماضية سوى مرات معدودة بسبب قلة وجود والدها في المنزل وبعد خناق زين مع والدته فلم يعد ينزل نحو الأسفل.
رفع رأسه عندما وجد مصعب صديقه يقترب وبجواره تسير علا خطيبته واضعاً يده على خصرها ويضحك بسعادة بالغة كما تفعل هي الأخرى.
أنزل عمر رأسه وهو يشعر بغصة مريرة في حلقه
لمَ لا يعيش هو الآخر مشاعر مثلهما؟ هل هذا كثير عليه؟ وبالطبع فترة الخطبة لا تعاد والمعروف أن أجمل فترات المرء أثناء خطبته وبالأخص مع من يحب.
“أزيك يا عمر”
فاق من شروده على صوت مصعب صديقه يجلس جواره فرد عليه عمر وهو يقول بتكلف:
“الحمد لله بخير”
انتبه مصعب إلى الحزن الطاغي على وجهه فسأله وهو يقول بقلق:
“مالك يابني شكلك عامل كدا ليه؟”
هز عمر رأسه وهو يقول بإيجاز:
“مفيش يا مصعب نفسيتي تعبانة شوية”
صمت مصعب ينظر إليه بحزن ثم أردف بإقتراح وهو يقول:
“طب ما تروح تخرج مع خطيبتك النهاردة صدقني نفسيتك هتتحسن كتير انا كنت قاعد زيك مخنوق كدا على ما رنيت على علا وخرجت معايا رجعت مبسوط ومنشكح زي ما انت شايف كدا”
تهجم وجه عمر أكثر وهو يبتسم داخله بسخرية ثم أردف وهو يقول بضجر:
“انت عارف إني خطيبتي ملتزمة ومش بتخرج معايا”
زفر مصعب بحنق من خطيبته تلك وهو يكاد يقسم أن عبس عمر بسببها فهو منذ أن خطبها وقد أنطفأ لذا أردف وهو يقول:
“بص يا عمر خطيبتك محبكاها ذيادة عن اللزوم ولو هي بتحبك فعلا مش هتفضل متشدد كدا انت عارف علا خطيبتي محترمة وكويسة ورغم كدا اول ما عرفت إني زعلان مترددتش لحظة وخرجت معايا”
نظر له عمر بعبوس ولا يدري ماذا يفعل بينما أكمل مصعب حديثه وهو يقول:
“انت متأكد الأول إنها بتحبك اصلا؟”
تفاجأ عمر من حديثه فأردف بتأكيد وهو يقول:
“ايوه طبعا بتحبني.. وإلا كانت هتوافق عليا ليه؟”
“عمرها قالتلك بحبك؟ طب سيبك من الكلمة عمرها عملت حاجه تدل فعلا إنها بتحبك؟ فوق يا عمر هي وافقت عليك علشان انت متترفضش مش علشان هي بتحبك وصدقني لو هي مبتحبكش عمرك ما هتكون مبسوط معاها”
نهض من مكانه ثم رحل بعدما بخ سمه داخل عقل عمر وقد أخذت تلك الكلمات تتردد داخل عقله.. هل هي بالفعل لا تحبه؟ هي لم تقل له شيء ولم تفعل شيء يؤكد له أنها تحبه… هل هي تتعامل معه بتلك الجفاء لأنها لا تحبه! يبدو أن هذا سبباً مقعناً لما تفعله فلا يوجد بهذا الزمان من بمثل مبادئها.
أخرج هاتفه ثم طلب رقمها لأول مرة فهي بالأساس لا تعلم أنه يحتفظ برقمها ولكن لا يهم لم تجب من اول مرة فظل يكرر الإتصال حتى أتاه صوتها وهي تقول:
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مين معايا؟”
تجاهل سؤالها وهو يسألها بسؤال آخر قائلاً:
“ياسمين انتِ بتحبيني ولا لأ؟”
نظرت ياسمين إلى هاتفها بريبة وقد ظلت لثوان تحاول إستيعاب ما يحدث حولها وأن هذا عمر فأجابته وهي تقول بتوتر:
“عمر! انت.. انت معاك رقم…”
لم يعطي لها فرصة للاستكمال بل كان في أشد غضبه الآن فتحدث وهو يقول مقاطعاً:
“هي كلمة واحدة يا ياسمين بتحبيني ولا لأ؟”
طال صمتها وقد عجزت عن الرد ولا تدري بما تجيبه بينما هو قد تيقن مما بعقله ورغم ذلك أعطاها فرصة أخرى وهو يقول قبل أن ينهي علاقتهما إلى الأبد:
“لآخر مرة هسألك يا ياسمين بتحبيني ولا لأ”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)