روايات

رواية في رحالها قلبي الفصل الثامن 8 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي الفصل الثامن 8 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي البارت الثامن

رواية في رحالها قلبي الجزء الثامن

في رحالها قلبي
في رحالها قلبي

رواية في رحالها قلبي الحلقة الثامنة

شراء الخواطر غالي وثمين لذا فمن يشتريها يكون من أثرى الناس .. وأفضلهم على الإطلاق .
بعد أن غادرت من فيلته منكسرة وهي تقود بغير هدى .
مهما بلغت توقعاتها لم تتوقع أبدًا أن يعرض عليها الزواج لتجد نفسها فجأة محاصرة بين جدران اليأس والحسرة والمنفذ الوحيد هنا كي لا تفقد الصغير هو الزواج به .
كيف تعقلها ؟ ، ستجن حتمًا لا محالة ، كيف تتزوج بزوج شقيقتها والإنسان الوحيد الذي تبغضه .
ماذا عن علي ذلك الشاب الذي تحمل الكثير من أجلها كيف ستغدر به وتتركه بعدما اقترب موعد زفافها منه .
كيف ستخون عهدها مع فريدة بعدما وعدتها ألا تترك الصغير له .
كيف سيربطها بهذا الرجل رباطًا قويًا كالزواج .
ليحتل رأسها صوتًا آخر يخبرها أنها بالفعل ارتبطت به سواء تقبلت هذا أو أبت .
لقد ربطها القدر به عن طريق نوح الذي تحبه كما لو كان قطعة منها ليكن هذا الرجل من بين رجال الكوكب جميعهم هو والده لذا فهما بينهما رباطًا مهما حاولت فكه ينعقد أكثر .
مشتتة بعدما كانت رافضة تقَبّل ما قاله لتفكر في العواقب التي لم تحتملها أبدًا لذا عادت تقود إلى منزلها لتتحدث مع والدتها وتخبرها بمَ حدث لتجد حلًا سريعًا فهي لم تحتمل أن تبتعد عن الصغير ليلة ، ستتخلى عن أي شيء حتى لو كانت سعادتها ومستقبلها فـ راحتها الآن هو فقط نوح .
❈-❈-❈
منذ أن غادرت وهو يجلس في مكتبه يفكر لمَ عرض الزواج عليها .
كان بإمكانه إيجاد حلٍ آخر لن يعجز عن إيجاد حلًًا خاصةً وأنه رجلًا رحالًا يسافر دومًا .
ولكنه يقنع عقله أن هذا الأنسب لطفله الذي يخطط له ولمستقبله من الآن وبأسرع وقتٍ فيجب أن يضمن له أكبر قدرٍ من الاستقرار والسلام لعل القادم لعنة جديدة .
أطرق رأسه بحزن على ما آلت إليه الأمور ، لم يرغب في حدوث ذلك ولكنه حدث وسواء رفض أو تقبل فالقدر واقع لا محالة .
يتذكر ملامحها وحدتها وصدمتها ولسانها السليط ، لا يعلم لما يمتلك فضولًا لرؤيتها ولكنه يخفيه وراء قناع جليدي من البرود .
عيناها قويتان لا تنهزمان ونظرتها تشبه نظرة فرسة شامخة مدللة تنصر فارسها على أي عدو .
هل ستقبل بعرضه وتوافق على الزواج الذي لا يعلم كيف ستكون ملامحه ؟
أم سترفض وتتخلى عن الصغير .
وبجزءٍ من خبرته الخبيثة يستطيع توقع ردها حيث رأى جيدًا هي من تحب أكثر .
لقد رأى نظرتها نحو علي ، نظرة ميتة لا تحمل مشاعر حبٍ ، يعلم جيدًا هذه النظرة وكيف لا يعلمها وهو عاشها دومًا .
زفر ونهض بعد برهة من التفكير ليرى الصغير الذي هدأ معها بل وحينما رأى عيناها توقف عن البكاء ، هل لتلك الدرجة عيناها آمنة ! ، ليعود مجددًا يحتل الفضول عقله لرؤيتها .
❈-❈-❈
في منزل علي
يتناول الفطور هو ووالدته التي تطالع شروده بضيق حيث أصبحت هذه حالته مؤخرًا وهذا الأمر لم يعجبها أبدًا بل يخيفها عليه .
نادته تردف بحنان متسائلة :
– ما بك يا علي ؟
رفع نظره يطالعها بترقب ثم تنفس يبتسم ويردف بهدوء :
– لا شيء يا أمي أنا فقط شردت .
– هل أنت وسارة على ما يرام ؟
تساءلت بشكٍ فتنهد يتكتف بعدما ترك طعامه قائلًا وهو ينظر أمامه :
– سنصبح على ما يرام يا أمي لا تقلقي ، اقترب زواجنا وبعدها سنصبح على ما يرام .
التفت يطالع والدته وابتسم قائلًا بغموض :
– لقد تحملت الكثير ولكن لا بأس .
شعرت بالقلق حياله لذا تساءلت بترقب :
– وماذا عن ابن شقيقتها يا بني ؟ ، ماذا إن قررت ألا تتركه .
ضحك يعتدل ثم تحدث بأريحية ظاهرية تخفي وراء جدرانها توعد :
– لا لا ، لقد أخذه والده أمس وانتهى الموضوع ، وحتى إن لم يأخذه فلن أقبل بتربية طفل ليس لي ولكنني كنت فقط أنتظر بعد الزواج .
أومأت له متفهمة ولكنها أيضًا لم تشعر بالراحة لذا تساءلت بملامح يتجلى فوقها التوتر :
– أنت تحب سارة يا بني أليس كذلك ؟
– أحبها جدًا يا أمي ، أحبها كما لم أحب إحداهن من قبل ، أفعل أي شيء لأحصل عليها .
نطقها بملامح حادة ليتهاوى قلب والدته خوفًا عليه ، لم يقل أفعل أي شيء لأجلها بل قال أفعل أي شيء لأحصل عليها وهذه الجملة أبدًا لم تطمئنها وباتت تخشى وترتعب من عودة أيامٍ لا تريدها أبدًا .
❈-❈-❈
دلفت سارة منزلها لتجد والدتها تقف في المطبخ فنادتها لتجيب سعاد عليها لذا اتجهت سارة إليها وجلست على المقعد تنزع نقابها وتلقيه على الطاولة ثم نظرت لوالدتها نظرة ضائعة مشتتة أدركتها سعاد ولكنها ظنتها حزنًا على الصغير لذا اتجهت تجلس مقابلها وتتحدث بتروٍ :
– هل ستظلين هكذا يا سارة ؟ ، ستضيعين شبابكِ في الحزن يا ابنتي ؟ ، الصغير لن يبتعد عنكِ وسترينه وقتما تشائين ولكن الأفضل له ولكِ أن يظل مع والده ، سيكون بحاجته حينما يكبر يا سارة وحينها سيلومكِ وأنتِ ستعانين .
– سيف طلبني للزواج .
قالتها لوالدتها التي جحظت متجمدة لثوانٍ قبل أن تردف بصدمة :
– ماذا ؟ ، متى ؟
وضعت وجهها بين كفيها تدلكه كأنها تحاول الاستيقاظ من كابوسٍ مزعج لتجيب بزفرة حادة خرجت من جوفها :
– منذ قليل ، أخبرني إما أن أتزوج به أو أبتعد عن نوح لا خيار ثالث .
وضعت سعاد كفها على فمها بصدمة لا تستوعب ما تخبرها به ابنتها ثم عادت تطالعها متسائلة بتيه :
– وبماذا أجبتيه ؟
نظرت لوالدتها بعمق وأجابت بسؤالٍ إجابته واضحة :
– ماذا برأيك يا أمي ؟ .
عاد الصمت يلتهم كلٍ منهما ، تفكر ولكن أفكار سعاد سبحت للبعيد لتبدأ في رؤية مستقبلٍ مختلف عما تراه سارة .
تعلم أن ابنتها لا تحب علي برغم أنها تراه شابًا جيدًا تحمل معهما الكثير ولكن ليس على القلوب سلطان .
ابنتها لا تحبه ولكنها كانت تراه الخيار الوحيد الأنسب لها وحاضرًا معلوم أفضل من مستقبلٍ مجهول .
ولكن الآن هل يمكن أن تتزوج ابنتها بسيف ويتربى الصغير بينهما ، على الأقل هي ستضمن نصف سعادتها .
ولكن هل ستتقبل سارة هذا الحل ؟ ، هل ستتقبله زوجًا ؟ ، خاصةً وأنه كان زوج فريدة ؟
التفتت إليها سارة حينما طال صمت سعاد وتساءلت بتيه وتشتت :
– ماذا أمي ، ماذا أفعل ، أنا تائهة وكل ما أريده هو نوح ولكن كيف يمكنني أن أقبل بالزواج من زوج أختي وأنا أعلم أن اختي كانت تحبه كثيرًا ، سيجن عقلي يا أمي .
نظرت لها سعاد بحزن تدرك جيدًا صراعها فهي بالأساس ما زالت في صدمتها لتتنهد بعمق وتتساءل بسؤالٍ لم تتوقعه سارة :
– هل أحببتي علي يا سارة ؟
تعجبت تقطب جبينها وتنظر لوالدتها بصدمة ثم قالت بتجهم :
– ما هذا السؤال يا أمي ؟ ، ماذا تقصدين ؟
راوغت سعاد بعاطفة وقالت بهدوء :
– أقصد هل ستتألمين إن ابتعدتي عن علي أم عن نوح ؟ ، فكري جيدًا يا ابنتي فكلاهما مستقبلكِ أنتِ .
تطالع والدتها بصدمة ، لم يكن هذا حديثها من قبل فماذا تغير ؟ ، باتت تهز رأسها ثم قالت باستفهام :
– هل أنتِ مقتنعة بعرض سيف ؟ ، أولم تكوني أمس توبخيني من أجل علي ؟ ، ماذا أمي أنا لم أعد أفهمكِ .
زفرت سعاد وحاولت التحلي بالهدوء وقالت موضحة بصدق :
– أنا لا يهمني مشاعر أحدٍ سوى ابنتي في المقام الأول ، نعم أوبخكِ من أجل علي لأنني كنت أريدكِ أن تخططي لحياتكِ مع شابٍ يحبكِ وتحبيه وتسعدي معه ، ولكن إن كنتِ لا تستطيعين التعايش من دون نوح فيجب عليكِ أن تفكري في عرض سيف .
ظلت محدقة في والدتها ببلاهة كأن من أمامها ليست والدتها التي تعلمها جيدًا بل هي شخصًا آخر يرى الأمور بمنظورٍ جديد عليها .
لقد أتت لتشاركها كي تعزز وتقوي موقفها ولكن يبدو أن سعاد مثل بعض الأمهات كل ما يهمها أن تتزوج ابنتها برجلٍ جيدٍ ولكنها تناست أن سيف الدويري ليس ذلك الرجل ، ليس هو أبدًا .
❈-❈-❈
مر يومين
قضتهما سارة في النوم مجددًا كي لا تفكر ، جسدها مرض وامتنعت عن تناول الطعام فلم تستطع إكمال حياتها دون نوح ، تتساءل في كل دقيقة كيف حاله الآن .
تشتاق لرؤيته حد الموت ولكنها تحاملت على نفسها لترى هل ستحتمل هذا ؟
لتجد أنها لن تحتمل لذا مرضت وبرغم ذلك تصارع صوتًا داخلها يخبرها بالموافقة على الزواج من سيف الدويري .
حزينة سعاد من أجلها ، حزينة جدًا ولكنها تحاول أن تهيأها لتتخذ قرارًا هو الأصعب في حياتها .
على الجهة الأخرى كان الصغير دومًا يبكي برغم محاولات براء البائسة في هدهدته ليسرع إليه سيف يحمله ويفعل معه مثلما فعلت سارة في ذلك اليوم .
يحممه ويبدل له حفاضته ثم يظل يناغشه بنفس الطريقة التي رآها تفعلها خفيةً من خلال كاميرا المراقبة التي لاحظتها لذا لم تتخلى عن نقابها آنذاك .
ليجد الصغير بديلًا مؤقتًا يهدأ معه وهو والده الذي سعد كثيرًا باستجابة نوح معه ، بل لأول مرة ينشرح قلبه وهو يراه يضحك له .
ظل يفعل معه نفس الأمر طوال اليومين ولكنه برغم ذلك يفكر ويتعجب من صمتها ، هل قررت التخلي عن الصغير ؟
يبدو كذلك له فها هي ليومين لم تسأل عنه لذا فمن المؤكد أنها رفضت عرضه لذا فهو يشعر بالحزن والغضب الذي لا يعلم لهما سببًا .
كان في منزله كعادته مؤخرًا حينما أتاه اتصالا من سعاد تعجب له ولكن هناك شعاعًا سطع داخله فجأة ليجيب على الفور متسائلًا :
– أهلًا بكِ يا سيدة سعاد ، كيف الحال .
تنهدت سعاد بهدوء تجيبه بحزن نسبةً لحالة ابنتها :
– أنا بخير يا بني ، ولكني أريد أن أطلب منك طلبًا .
ضيق عيناه يجيبها بترقب وقلبه بات ينبض بصخب كأنه يعيش قصة حبٍ جديدة على قلبه المتصحر :
– تفضلي ، ما هو !
– هل يمكن أن تحضر نوح إلى سارة لتراه ؟ ، منذ يومين وهي مريضة ولم تأكل ونائمة طوال الوقت حزنًا عليه وأنا لا أعلم كيف أخرجها من هذه الحالة ، فضلًا أحضره لتراه ربما انشرح فؤادها برؤيته .
لم يعترض بل أصابه الهم لحالتها وشعر بالحزن يتفاقم داخله لذا قال بهدوء ينافي لهفته :
– حسنًا سيدة سعاد سأحضره بعد قليل .
❈-❈-❈
كانت نائمة تحلم بالصغير يقهقه معها ويمد يده يلامس ملامحها وهي تناغشه كالعادة .
حلمًا بدى لها جميلًا وليته يتحقق .
لتشعر بلمسة الصغير على وجهها أكثر وأكثر حتي سحبتها تلك اللمسة من نسيج عقلها الباطن لتستيقظ تجده ينام جوارها وبالفعل يده تلامس وجهها بينما يبتسم لها ويصدر أصواتًا تدل على وجوده بالفعل ، إذا هذا ليس حلمًا ، نوح هنا ينام بجانبها .
انتفضت بطاقة مضاعفة تجلس تحدق به بذهول ثم التقطته تحمله وتعانقه تارة وتقبله تارة أخرى وتحدثه باشتياقٍ بلغ منتهاه .
دلفت سعاد تطالعها بفرحة تجلت في نبرتها وهي تقول متجهة نحوها :
– هل تحسنتِ يا سارة . كنت أعلم ذلك .
عانقته سارة وهي تنظر نحو والدتها بانتعاش وأمل تضخم بها فالتهمها وأنساها الواقع قائلة :
– لقد عاد نوح لي يا أمي ، عادة لي مجددًا يا سعادة .
أحبطت ملامح سعاد وزفرت بضيق ثم ربتت على ظهرها لتقول بهدوء وهو تجاورها :
– لا يا سارة ، لقد هاتفت سيف ليحضره إليكِ قليلًا يا ابنتي فحالتكِ كانت بائسة وقلبي انفطر عليكِ .
سحقت أمالها وذابت فرحتها وهي تطالعها بحزن وتبتلع غصتها المُرة قائلة باستنكار عاد إليها :
– ماذا ؟ ، أيعني أنه سيعود معه ؟ ، سيأخذه وأبقى من دونه مجددًا ؟
أبعدت الصغير عنها تحدق به بقوة ثم عادت تحتضنه وتغلق عيناها وقلبها عليه قائلة برفضٍ لمَا تعيشه :
– لا أرجوكم لا تأخذوه مني ، أتركوه لي واتركوني له ، أرجوكم .
نظرت لها بحزن ولكن ما باليد حيلة والقرار لها في النهاية لذا تحدثت سعاد مجددًا بنبرة مختنقة معاتبة :
– يكفي يا سارة ، ستنهين نفسكِ يا ابنتي ، يكفي فقلبي لم يعد يحتمل رؤيتكِ هكذا ، لقد تحملت موت والدكِ ولم أنهَر لأجلكِ وتحملت موت فريدة ولم أنهر لأجلكِ ولكنني لم أحتمل أبدًا رؤيتكِ هكذا وأنت تقتلين نفسكِ ، حرامٌ عليكِ صحتكِ ومستقبلكِ وحياتكِ ، حرامٌ عليك ما تفعلينه بنفسكِ وبي .
نظرت لوالدتها بحزنٍ والآن أدركت فداحة ما تفعله بحق نفسها ، الآن أدركت أنها أحزنت والدتها كثيرًا في خضم أحزانها وتقلباتها لتتابع سعاد بنبرة جادة وعيون ثاقبة :
– إن كان الحل هو زواجكِ من سيف فتزوجيه وكوني أمًا لنوح وكفى بكاءً على اللبن المسكوب .
❈-❈-❈
في اليوم التالي تقود في طريقها إلى فيلا سيف بعدما اتخذت قرارها واستخارت ربها فيما هو قادم .
ملامحها خالية من أي تعبير فقط تقود بصمتٍ ينافي ضجيج أفكارها .
لقد أتى ليلًا واصطحب الصغير معه مجددًا بصمتٍ تام حتى أنها لم تخرج لمقابلته ولم تره ولم تعد تريد رؤيته ولكنها مجبرة .
وصلت إلى الفيلا واتجهت تطرق الباب لتفتح لها العاملة مرحبة .
ابتسمت لها وتساءلت بتوتر :
– أين سيف ؟
– السيد سيف غادر إلى الشركة منذ ساعة ، قال أن لديه اجتماعًا عاجلًا وسيأتي بعد انتهاءه .
أومأت بتفهم ثم نظرت للأعلى نحو غرفة نوح وعادت تطالعها متسائلة بترقب :
– هل نوح نائم ؟ ، سأذهب لأراه إلى أن يأتي سيف .
أومأت لها العاملة باحترام وأشارت لها بالدخول قائلة :
– بالطبع تفضلي آنسة سارة .
دلفت سارة واتجهت على الفور للأعلى نحو غرفة الصغير لتراه وتلعب معه وتنسى همومها لبعض الوقت إلى أن يأتي سيف .
❈-❈-❈
كان يجلس في عزبته يستمع إلى حديث الرجل الذي كلفه مؤخرًا بمراقبة سارة والذي أبلغه للتو أنها دلفت فيلا سيف الدويري .
أغلق معه واستشاط غضبًا ، يريد أن يطفئ النيران الساعرة التي تحرقه وتحرق جسده ، لمَ باتت تذهب مؤخرًا إلى فيلا ذلك الرجل .
هل بينهما شيء ؟ ، تهمله وتتجاهل حديثه واتصالاته وحينما يهاتف سعاد تخبره أنها مريضة والآن تركض متجهة نحو سيف الدويري .
الأمر برمته لا يدخل عقله المشكك لذا فهو الآن في قمة غضبه الذي لو تجسد لأحرقهما ولينهي هذه المسألة التي طالت كثيرًا .
ظل طوال خطبته يتحامل ويضغط على نفسه فقط لكي يحصل عليها ويتزوجها ولكنها باتت تتجاهله للحد الذي جعله على حافة الجنون .
يفترض أن يتزوجا بعد أقل من شهرين ولكنها تتصرف وكأنها ليست على خطبة رجل ، تتعامل معه كما كانت تتعامل مسبقًا قبل خطبتهما .
كان يتقبل هذا ولكن بعدما ظهر سيف للساحة لم يعد يحتمل وعليه أن يتحدث معها في أقرب وقت لينهي مسألة سيف للأبد وإلا فهو لا يتوقع ردود أفعاله .
❈-❈-❈
بعد حوالي ساعة عاد سيف من عمله وحينما وجد سيارة سارة لا يعلم لما انشرح صدره وبات يتحرك نحو الداخل بحماس يخفيه وراء جدران الثبات والبرود الخاصة بشخصيته .
استقبلته العاملة بينما هو تحرك للأعلى نحو غرفة صغيره ليراه أو … يراها .
كانت تلف وجهها عن الكاميرا بعدما رفعت نقابها كي يتسنى لها اللعب مع الصغير بأريحية .
تناغشه والآخر يبتسم ولكن أجفلتها طرقة واحدة على الباب تبعها فتحه فورًا لتسرع في إنزال نقابها قبل أن يراها ليرى فقط فمها وهذا كل ما استطاع رؤيته .
وقف متجمدًا لثوانٍ يتمنى لو كان فتح دون استئذان ولكن عاد سريعًا ينهر نفسه على أفكاره ولم يكد يتحدث حتى وجدها تردف بنبرة موبخة خانقة :
– ألا تعلم عن الأصول شيئًا ؟ ، من المؤكد أنك تعلم أنني هنا لذا فاطرق الباب وانتظر وتذكر أنني متنقبة .
تحرك يتقدم بثبات نحو الصغير الذي يجاورها ثم دنا يقبله من وجنته واعتدل يحدق بها ويتحدث ساخرًا بوقاحة وبرود مستفز :
– لا تقلقي يا آنسة سارة لم أرَ شيئًا وحتى إن رأيت فأنا لا أميل للملامح الشرقية والعيون السوداء .
نظرت له شزرًا ولكنها أرادت أن ترد له الصاع صاعين لذا أومأت وقالت بشموخٍ :
– وأنا مثلك لا أميل للرجل الذي يقيم المرأة حسب ملامحها أو لون عينيها ، لا أميل له أبدًا .
صمت يبادلها النظرات الثاقبة المتحدية قبل أن يبادر هو بإطراق رأسه قائلًا ببرود ظاهري :
– إذا كلانا متفقان وكلٍ منا يعلم ماذا يريده .
عاد يملس بإصبعه على وجنة صغيره الناعمة ثم التفت يغادر الغرفة ولكن قبل أن تخطو قدماه للخارج أوقفته قائلة بتوترٍ جعل نبرتها مرتعشة :
– انتظر .
توقف مكانه وتعالت نبضاته ولم يلتفت لها لتنهض واقفة تردف بشموخٍ برغم بنبرتها الحزينة والواهنة :
– أنا موافقة .
للحظات لم يستوعب مقصدها لذا التفت يطالعها قاطبًا جبينه باستفهام فتابعت بأنفاسٍ شبه معدومة كأنها تسحبها من سم خياط :
– أنا موافقة على الزواج بك .
لم يصدق ما قالته لذا وقف بصمتٍ يحاول الاستيعاب لتتابع هي بنبرة ذات مغزى :
– من أجل نوح أفعل أي شيء ، من أجل ألاّ أنقض وعدي لأختي أفعل أي شيء حتى لو كان هذا الشيء هو الزواج منك ، لا تتأمل ولا تحلم أن يصبح هذا الزواج حقيقيًا يومًا ما ، هو فقط من أجل نوح .
– حسنًا ، كلانا متفقان على ذلك أيضًا .
نطقها بثباتٍ ظاهري فقط وعينيه مسلطة على خاصتها لتسرع في الإلتفات نحو الصغير وتفيض منها دمعة خائنة أسرعت تلتقطها ثم عادت إليه تردف بنبرة متحشرجة حزينة :
– حسنًا دعنا لا نطيل هذا الأمر ، ولكن فقط انتظر كي أخبر علي بقراري ، من حقه أن يعلم .
لا يعلم لمَ شعر بنارٍ تنهش قلبه جديدة عليه حينما ذكرت اسم علي لذا وضع كفيه في جيبي بنطاله وتحدث بصرامة :
– دعيه لي ، أنا سأخبره ، لا تلتقي به أنتِ .
استشاطت غضبًا وغيظًا من هذا الرجل لذا تحدثت باندفاع :
– ليس من شأنك ، لا تتدخل فيما لا يعينك ، سألتقي به وأخبره بنفسي .
تقدم خطواتٍ منها يضغط على أسنانه بتحدٍ ويردف بنبرة تحذيرية :
– إلى الآن أتعامل معكِ بهدوء ، لا تلتقي به ودعيني أنهي أمره بنفسي ، أنا لا أثق به أبدًا .
نظرت له شزرًا ولم تهدأ ولم تخشه بل هاجمته تلوح بيدها بغضبٍ قائلة :
– لأنه ليس مثلك ، هو لم يتخلّ عني أبدًا وتحمل كل ما مررت به ، هو الوحيد الذي أحبني وسأخسره بسببك أنت .
تقدمت منه قليلًا وتكتفت تحدق به وتتابع بمغزى لترد كرامتها :
– هو الذي أحبني دون أن يراني ، ولهذا أنت لا تثق به ، لأنه لا يشبهك .
قالتها وتحركت تغادر وتركته يقف مكانه يعيد كلماتها في رأسه ويرددها ليزفر بضيق ويلقي نظرة على الصغير ثم ينادي بعلو على المربية التي أتت من غرفتها تطالعه بتساؤل فقال :
– اهتمي بالصغير .
التفت بعدها يغادر الفيلا كما غادرتها هي متجهة إلى العزبة كي تتحدث إلى علي وتخبره بإنهاء الخطبة ، من المؤكد سيكون وقع الخبر صادمًا ولكن ليس بيدها حيلة .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *