Uncategorized
رواية أنا والمجنونة الفصل التاسع عشر 19 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
رواية أنا والمجنونة الفصل التاسع عشر 19 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
![]() |
رواية أنا والمجنونة الفصل التاسع عشر 19 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم |
رواية أنا والمجنونة الفصل التاسع عشر 19 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
هربت مهجة ناحية غرفتها ، وأغلقتها خلفها وهي تقول برعب : يا مرك يا مهجة يا مرك ….!!!
طرق جلال عليها باب الغرفة بكل عنفوانه ، قائلاً بغضب : إفتحي يا مصيبة إنتي …..!!!
فقالت له بصوت مرتعد : هفتح بس متتعصبش …
فقال لها بانفعال : بجولك إفتحي وإلا هتلاجيه مكسور على راسك دلوك .
اضطرت أن تفتحه بعد سماع تهديده لها .
ثم عادت مهجة إلى الوراء عدة خطوات بطيئه متعثرة ؛ والرعب فى عينيها يكاد ينطق بالهلع الذى ينهش بداخل قلبها .
وهو يقترب منها بخطوات سريعة مهددة والشرر يتطاير من عينيه الواسعة الحمراء من كثرت انفعاله وتنطق بأنها ستحل كارثة الآن .
ارتعش قلبها أكثر من ذي قبل وجسدها يرتجف من تهديده لها .
فقالت له بصوت مرتجف : إيه يا بيه مالك فيه إيه يا جلال بيه ، أنا عملت حاجه .
جذبها بقبضته القوية من أعلى ثيابها من وراء رقبتها ، بكل العنف والخشونة الذي يشعر بها في هذه اللحظة قائلا لها بقسوة وإنفعال : إنتى إيه ما بتفهميش ، أنا جايلك إيه يا اللى إسمك مهجة إنتى …!!
من شدة خوفها منه تعثرت قدميها ؛ فاستندت بيدها على صدره قائله له بذعر : جايلى …. جايلى …. إنزلي تحت وإجعدي مع أمي …… وإلبسى خلجات زينة …. و…. فقاطعها بعصبيةً ؛ قائلا لها بغضب : طب ولما آنى جايلك إكده ومنبه عليكي …. مبتسمعيش حديتي ليه عاد ….. و إزاي بتطلعي بره الأوضة بخلجاتك دى وتنزلي بيها تحت كمان .
ابتلعت مهجة ريقها بصعوبة وشحب وجهها وهي تحدق بوجهه القريب من وجهها قائلة له بهلع : معلش النوبادي يا سعات البيه ، حرمت ….حرمت …. أصل … أصل … جُلت يعني محدش في الدوار غيري آني وأمي الحاجه علشان إكده نزلت بخلجاتي دي .
صرخ بها جلال قائلاً لها بانفعال : مفيش حاجه اسمها مفيش حد في الدوار إلا إنتي وأمي ، وتجومي تلبسي براحتك ؛ لع إلبسي اللى أنى جُلت عليه جبل إكده كذا مره فاهماني يا مجنونة إنتي .
هزت رأسها بسرعة بطاعة قائلةً له بارتباك : حاضر ….. حاضر ….. يا سعات البيه مش هلبس إلا خلجات حشمة وزينة والمجنونة هتعجل على يدك يا باشا بإذن الله .
شعر بالسخط بداخله مع عباراتها تلك ؛ فضم قبضته أكثر على ثوبها من الأعلى فتمسكت مهجة بمقدمة جلبابه من الأعلى بقوة شاعرةً بأنفاسه القوية على وجهها ؛ قائلاً لها بحنق :
إنتي خابرة ما ألمحك بخلجاتك دي تاني لجطعهالك نصين وإنتي لابساهم ولأحبسك إهنه ومتشوفيش أي حد واصل لغاية ما طلجك وارتاح منيكي .
وأخرج لها من جيب جلبابه سلاحه شاهراً إياه في وجهها ؛ مهدداً لها به قائلاً لها بغضب : ولا تحبي تجربي ده دلوك وتشوفي أني أجدر أعمل بيه إيه وأخلص البشرية من مصايبك .
اتسعت عينيها بصدمة وهي تسمعه يقول جملته الأخيرة ؛ فا أبعدت يدها بتلقائية عن صدره ؛ بقلبٍ جريح .
قائلة بصوت مرتجف : حاضر يا باشا ؛ هنفذ كل اللي هتجول عليه .
ابعد قبضته بعيداً عنها ثم تركها بقسوة بعض الشىء ؛ فحبست دموعها الحبيسة داخل مقلتيها شاعرةً بالدوار من أثر الخوف والحزن بداخلها ؛ تمعن بوجهها قليلاً مضيقاً عينيه فسارعت بقولها له بصوت غير متزن : فيه حاجه كمان وآني مخبراش قبل ما تطلبلي الإسعاف .
وقبل أن ينطق بحرف وجدها مغشياً عليها أمامه في الحال
فقال لنفسه بحده : أهو إنتي إكده كل ما تخافي مني ونتخانقوا سوا يغمى عليكي ؛ صدقي برتاح منيكي ومن لسانك الطويل اللي عايز جطعه
فوجئت نوال بمن تنادي عليها مقاطعة لهذه الخطوات ، قائلة بجزع : نوال …!!!
تيبست نوال في مكانها ، لا تستطيع الحراك من مكانها ، أغمضت عينيها بقوة حتى تتماسك ؛ ولا تذرف الدمع .
هرعت إليها أم ياسين ووقفت أمامها تواجهها ، بأعين مصدومة تقول لها بأعين زائغة : واخدة حاجتك كده ورايحة على فين يانوال ، شحب وجهها ولم تستطع أن تنطق ببنت شفه .
فقالت لها برجاء : يا بنتي إنطقي وريحي قلبي وقوليلي رايحة على فين ، بشنتطك دي قولي يالا .
أجابتها دموعها الحبيسة هذه المرة ، التي هبطت من عينيها دون إستئذان ، شحب وجه أم ياسين لرؤيتها هكذا قائلة بحزن عميق : ياسين مش كده .
هنا لم تستطع أن تتحمل نوال أكثر من ذلك ، فألقت بنفسها بين ذراعيها فضمتها أم ياسين بقوة إلى صدرها بحنان وعطف .
قائلة لها : تعالي معايا يالا وإحكيلي إيه اللي حصل .
همست من بين دموعها قائلة لها بحزن : لأ لازم أمشي من هنا وكفاية إهانه ليه ولكرامتي لغاية كده .
تنهدت والدته بضيق قائلة بتصميم : لأ مش هتمشي وتعالي يالا معايا واسمعي الكلام بدل ما أضربك .
حل الصمت عليهم لعدة ثوانٍ قبل أن تنصاع لها نوال ، دخلت وراءها إلى غرفة جانبية ، وجدت مها تجلس بها ، فقالت لها والدتها بأمر : إطلعي ذاكري برة اوضتك يا مها على السفرة .
حدقت بهم باستغراب قائلة لها : حاضر يا ماما ، تجمدت مها عند حافة باب الغرفة حيث شاهدت ياسين مقبلاً عليها بوجه متجهم غاضب .
قائلة بصوت متحشرج : أبيه ياسين …. !!!! ما أن استمعت نوال جملتها حتى ارتعد قلبها وجسدها معاً في حضن أم ياسين .
قائلة بصوت خائف : أنا لازم أمشي من هنا بسرعة قبل ما يشوفني ، أنا وعدته بإنه مش هيشوفني تاني .
هزت أم ياسين رأسها بالرفض قائلة بحزم : نوال إنتي مش هتمشي من هنا فاهمة ، وإذا كان على اللي لازم يسيب البيت ويمشي ، فهوه اللي لازم يمشي منا هنا بسرعة .
ما ان انتهت من عبارتها حتى إستمع ياسين إلى عبارتها شاعراً بالسخط والغضب بداخله ووقف عند حافة باب الحجرة قائلاً لها بانفعال : مين دي إللي أسيب بيتي علشانها .
انحنى عليها جلال وحملها بين ذراعيه بغيظ قائلاً لنفسه : أهو إنتي إكده فالحة بس يغمى عليكي ، بس بصراحة إكده ببجى مرتاح منيكي ومن مصايبك ، الكتيرة اللي بتعمليها .
وضعها على الفراش ، جالساً بجوارها يتأملها بمشاعر متعددة ، زفر بغضب ثم هبّ من مكانه ، واتى بزجاجة صغيرة من العطر ووضعها أسفل أنفها .
بدأت تستفيق من الإغماء رويداً رويدا ، دون أن تفتح عينيها قائلة بهمس : المسدس …. الباشا الحليوة عايز ينتجم مني ويخلص عليه ، وهيقضي على شبابي .
تنفس جلال بغيظ ، وهو يستمع إليها تقول ذلك ، حتى أنه همس لنفسه بغيظ : إهدى يا جلال بدل المصيبة دي تجبلك جلطة على آخر الزمن وتعلي ضغطك مانتاش ناجص .
فتحت عينيها ببطء ، وجدته يحدق في وجهها بتمعن فقالت له بطريقة مضحكة : آني لساتني عايشة ، لسه مجتلتنيش مش إكده ، قال لها بنفاذ صبر : أيوة لأن لساتني محتاجك في مهمتي ، اتسعت عينيها بصدمة مضحكة قائلة : يالهووي يا بيه يعني أول ما هتخلص مهمتك ، هتجتلني يا سعات الباشا .
هبّ من جوارها ثم تناول من جانبها وسادة وألقاها في وجهها بنرفزة قائلاً لها : ياريت علشان أخلص البشرية كلاتها من لسانك الطويل ثم تنهد بضيق مردفاً بقوله : إخرسي بجى خلاص آني هتجيني جلطة منيكي يا مجنونة إنتي .
ابتلعت مهجة الكلمات التي كادت أن تبدر من فمها ، وهي تحدق به بذهول وصدمة .
تنهد بقسوة قائلاً لها : على الله تخرجي من الأوضة دي تاني إلا لما آني اللي أذنلك فاهمة .
ثم رمقها بأعين متقدة مهددة ؛ انصرف جلال من الحجرة صافقاً الباب خلفه بقوة ، شاعراً بالغضب يسيطر عليه في جميع شرايينه ، اتجه صوب غرفته ، فاستمع لصوت طرقات على الباب .
ضيق عينيه بتساؤل ، وفتح الباب ، فكانت سعاد التي تطرق على الباب قائلة بتردد : آني آسفه يا بيه ، بس فيه واحده ست إكده مستنياك تحت إنت والست مهجة .
ضم جلال شفتيه بتساؤل قائلاً لها : مين يا سعاد اللي جات ، فقالت له بتفكير : إسمها ….إسمها الست سماح يا بيه .
تنهد باهتمام قائلاً لها : طيب بلغيها إني عشر دجايج ونازل آني والست هانم .
غادرته سعاد ، فقال لنفسه : طب كويس إكده جات في الوجت المناسب .
هبت مهجة من الفراش واتجهت ناحية المرآه دون أن تغير ثيابها التي من أجلها ، فعل جلال كل هذا .
قائلة لنفسها : مالهم البنطلون والبلوزة وحشين للدرجادي ، طب خلاص والله لأوريك يا حليوة وأخليك تجول حجي برجبتي ، طالما لساتك محتاجني لأعمل كل اللي أنا عايزاه ومادام كمان هطلجني في الآخر وتسيبني لوحدي .
صمتت ثم عادت تتحدث من جديد قائلة : وطالما أنا مراتك وقاعده هنا لألبس اللي على مزاجي فاهم يا حليوة ، داني مهجة يا جلال باشا .
اتجهت ناحية الخزانة لترى ماذا سترتدي ، وجدت في وسط الثياب فستان أسود للسهرات ، وفستان آخر بنفسجي اللون .
فأخرجتهم من الخزانة ووقفت تتأملهم قائلة لنفسها باستهزاء : آني مش عارفه تاعب نفسه ليه وجايبهم ، طالما مش بخرج وحابسني زي اللي موجودة في سجن .
كان جلال يستبدل ثيابه بأخرى ، ليهبط إلى الأسفل ، فارتدى جلباباً فخماً تليق بمكانته .
ثم توجه ناحية غرفة مهجة التي مازالت حائرة لا تعرف ماذا ترتدي ، لكنها فوجئت بصوت طرقاته على الباب .
فأسرعت ناحية الخزانة ووضعتها ، فتح جلال الباب ، مقبلاً نحوها ، بوجه جامد ، ازدادت خفقات قلبها بقوة من مظهره ، وكادت أن تقول له بهيام : جمر يا باشا .
لكنها تعرف أنه لن يقبل منها ذلك ، وسينفجر في وجهها صارخاً كالثور الهائج .
لهذا فضلت الصمت المطبق ، إلى أن قال لها : دجيجتين وتبجي جاهزة علشان لازم ننزلوا مع بعض تحت دلوك .
قطبت جبينها قائلة بتساؤل : ليه يا سعات الباشا ، فيه حاجه تاني .
تنهد قائلاً لها : أيوة فيه وخلي بالك من حديتك تحت وبالذات جدام الضيفة اللي تحت .
شعرت بعدم الفهم قائلة له : ضيفة مين يا بيه ، ابتسم بسخرية غامضة قائلاً لها : إنزلي امعاي وانتي هتعرفي لوحدك ، بس أهم حاجه تخلي بالك من تصرفاتك مفهوم وإلا إنتي خابرة إيـــه اللي هيحصلك .
أغمضت عينيها بضيق قائلة له : حاضر طب ممكن أغير خلجاتي ، قال لها باستغراب : ما تغيري هوه آني مانعك .
نظرت إليه ببلاهة وقالت له بتردد : لا يا بيه مش مانعني …. لكن ….. فقاطعها قائلاً بضيق : خلاص منتظرك بره بس بسرعة علشان هننزل سوا .
أسرعت والدته تقول له بحدة : إياك تدخل يا ياسين الأوضة ، فقال لها باعتراض : ماما …. إنتي بتقولي إيه ….!!!
فقالت له غاضبة : زي ما سمعت يا ياسين فاهم ، وهبت من مكانها وأخرجته خارج الغرفة وعينيه تتوعد نوال .
بكت نوال بحرقة شديدة وهو يحدق بها ، بكره وقسوة لم تعتادها من أحد ، وأمسكت حقيبتها ، لتغادر الحجرة .
وقفت والدته معه في بهو المنزل قائلة له بضيق : شكلك ناسي البيت ده بتاع مين في الأساس ها ، إنت شقتك فوق ، لما تتحكم ابقى اتحكم في حاجتك إللي تملكها .
زفر غاضباً غير مصدق ما يحدث معه من إهانه الآن ومن أجل من ، من أجل فتاة غير محترمة مثلها ، فزاده هذا الأهتمام بها ، كره وحقد قائلاً لها : ماما أرجوكي متصعبيش الموضوع أكتر من كده علشان بنت زيها .
صاحت به قائلة : ياسين لازم تنتبه لكلامك عنها مش معنى إنها بنت مسكينة ، وملهاش حد تقوم تقسى عليها كده ، قولي عملتلك إيه لده كله وعلشان تظلمها بطريقتك دي .
أغمض عينيه غاضباً بقوله : ماما أرجوكي ما تدخليش بينا أنا هعرف أتصرف إزاي معاها ، دي بتضحك عليكي أنا فاهم الأصناف دي كويس أوي
كادت أن تقوم بالأعتراض على كلماته بسخط إلا أن مها نبهت والدتها قائلة بتحذير : ماما …. نوال ناوية تسيب البيت إلحقي .
حدقت بابنها بغضب قائلة له : شايف آدي أخرة عمايلك السوده …… ثم أسرعت واتجهت إلى نوال التي وجدتها تحمل حقيبتها بيدها قائلة بجزع : على فين يا بنتي .
فقالت لها بأعين دامعه : همشي وأروح أي مكان …. قاطعتها قائلة بحزم : مش هتمشي ولا هتتحركي من هنا طول ما أنا موجوده يالا إدخلي جوه .
مسحت دموعها قائلة بتصميم : لا همشي وكفاية أوي كده ، أنا تعبتك معايا ، جذبتها من ذراعها بقوة قائلة : فين التعب ده ها ….. يالا ومش هكررها تاني إدخلي الأوضه .
كادت أن تنصاع لها ، لكن عينين تشتعلان كالجمر ، تحدقان بها من وراء والدته ، أثنتها عن ذلك ، فتسمرت في مكانها .
إلتفتت أم ياسين ناحية ما تبصر إليه نوال ، فضمت شفتيها بغضب قائلة له بحنق : ياسين ….. إمشي دلوقتي .
فقال لها بعناد : مش همشي ، ويالا خليها تمشي من هنا بسرعة .
ضيقت عينيها بتفكير ثم تأملت وجه نوال المملوء بالحزن والتي تنهمر من عينيها الدموع والمتمسكة بحقيبتها المصرة على الأنصراف قائلة له بتحدي : طب إيه رأيك بقى نوال هتقعد وإنت اللي هتمشي .
قطب حاجبيه بعدم تصديق قائلاً لها بصدمة : ماما إنتي بتقولي إيه …!!! ، تنهدت بثقة قائلة له : زي ما سمعت بالظبط ، فهز رأسه بسخرية قائلاً لها بعدم استيعاب : ماما إنتي هتمشي إبنك من بيته علشان واحدة زيها ، تمالكت والدته أعصابها وأمسكت بيد نوال قائلة له بعناد : أيوة هتمشي ودلوقتي كمان بسرعة ، ثم ان البيت ده مش بيتك ، وانت شقتك فوق ، روح إقعد فيها ونوال هتقعد في إوضتك .
هبطت مهجة إلى الأسفل بصحبته ، دخلت معه إلى الغرفة الجالسة بها هذه المرأة ، عندما لمحتها المرأه هرولت ناحيتها ، محتضنة إياها قائلة لها بحنان : مبروك يا بتي ألف مبروك وعجبال عوضك
صدمت مهجة مما تواجهه الآن وتحولت عيناها ناحية زوجها الذي كان يبادلها النظرات ، لكنها نظرات تحذيرية وخصوصاً بوجود والدته هو الآخر .
تدخل جلال قائلاً لها : إتفضلي إجعدي ، يا مرحب بيكي فقالت له المرأه : الله يرحبك يا ولدي ، حدقت بها والدته قائلة لها : أهلاً بيكي ياست سماح نورتينا بالأذن منيكي هروح أشوف سعاد ، الدار دارك .
ابتسمت سماح قائلة لها : ده منور بأصحابه يا حاجه فاطمة ، إتفضلي .
لاحظ جلال صمت مهجة غير المعتاد ، فضيق عينيه باستفهام قائلاً لها : الست سماح والدتك جايه تهنيكي بجوازنا يا مهجة .
حدقت به مشدوهة وابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له : الله يبارك فيكي ، ثم صمتت برهةً من الوقت قائلة له بتوتر : بس آني ماما مي …….. قاطعها جلال بقوة قائلاً لها : مهجه ….. إسكتي دلوك ، شحب وجهها وهي تحدق بالسيدة التي لاحظت عليها الأرتباك والتي تحدق بوجه جلال بقلق .
دخلت عليهم سعاد بصينيه مملوءة بكافة أنواع الفاكهة وبعض الحلوى ، فقالت سماح : ليه تاعبين نفسيكم إكده علشاني مش محتاجه .
فقال لها : مفيهاش تعب ولا حاجه إتفضلي كُلي ، ثم حدق بزوجته قائلاً لها بلهجه آمره : جوليلها تاكل يامهجة ، وتاخد راحتها لغاية ما أروح أصلي العصر وهاجي .
هزت رأسها بطاعة ، قائلة له : حاضر ، فاقترب منها وانحنى بجانب أذنها قائلاً : على الله تغلطي لغاية ما ارجع .
حدقت به بقلق ولم تستطع الرد على كلماته التحذيرية ، جاءت والدته بعد قليل قائلة لها : إتفضل معاي يا ست سماح الغدا جاهز .
جلست سماح على المائدة تحاول التأقلم على الوضع ومعها مهجة تحاول أن تفعل ذلك أيضاً .
دخل فهمي إلى غرفة ولاء ، التي كانت لا تزال متعبة ، وقد اهتم فهمي لأمرها كثيراُ متابعاً لحالتها بصحبة طبيب نفسي زميلهم داخل المشفى .
حدق بها فهمي كثيراُ إلى وجهها الباهت من آثار ما تعانيه قائلاً لها : ولاء عامله إيــــه دلوك .
حدقت به بضعف صامت ولم تستطيع النطق ، أتى فهمي بمقعدٍ وجلس بجوارها قائلاً : واضح إكده إنك بخير .
نظرت إليه بحزن شديد ، ثم أشاحت بوجهها بعيداً عنه ، سألها بهدوء : ها يا ولاء حديتي صُوح .
تنهدت بحزن قائلة له بخفوت : منيش عايزة أتحدت مع حد واصل ، قابل كل ذلك بهدوء متفهماً وضعها قائلاً لها : بس آني منيش أي حد ، آني الدكتور بتاعك .
حدقت به ببرود قائلة : مش فارجه كتير ، زيك زي غيرك كلكم واحد ، استغرب لكلماتها قائلاً لها : طب ما تجربي إكده وتتحدتي وياي يمكن أكون مش زيهم .
قالت له بعناد متعب : لأ زييهم واتفضل جوم من إهنه عايزة أبجى لوحدي .
زفر فهمي بقوة قائلاً بتفهم : ولاء لازم تتحدتي وياي علشان تخفي بسرعة ، تجاهلت كل ذلك قائلة : بجولك مليش نفس أتحدت مع حد إطلع من إهنه دلوك .
زفر بعمق قائلاً لها : أني خارج يا ولاء ، بس راجعلك تاني ، غادر فهمي الحجرة ، بالفعل وهو يحاول ضبط أعصابه وألا ينفعل عليها يكفي ما تعانيه .
ما أن غادر الغرفة حتى انهمرت دموعها بغزارة قائلة لنفسها : آني السبب في كل اللي بيحصلي دلوك .
أغمضت عينيها متذكرة ما حدث معها ، بالتفصيل فصرخت قائلة : كان لازم أجتلك بيدي ، أجتلك بيدي .
صمتت وعينيها متسعة من الغضب في منظر مخيف يرثى لها ، وهو يقول لها بخفوت : تعالي هنا رايحة فين ، ليه بتبعدي عني ومردتيش على سؤالي يعني .
ابتلعت ولاء ريقها بصعوبة وتهربت منه قائلة له بتلعثم : عادل كفاياك إكده …. ويالا بينا نخرجوا سوا زي ما كنا متفجين .
احتضنها بنعومة قائلاً لها بخبث : عايزاني أسيبك كده بسهوله ونخرج برة داني ما صدقت إنك معايا ، مش بقولك عايزك تبقى معايا على طول .
ابتعدت عنه بارتباك قائلة بتوتر : عادل أرجوك متجربش مني ، وإذا كنت عايزني صحيح جنبك زي ما بتجول ، تعالى إطلبني من أبوي ونتجوز على سنة الله ورسوله .
هز رأسه بمكر قائلا لها : طبعاً عايزك يا قلبي ، علشان كده بقولك عيشي معايا هنا على طول ومتسبينيش .
توجست منه قائلة له بخوف : عادل لما تبجى تتجدملي رسمي وتطلبني من أبوي ونتجوز أبجى آجي وأعيش معاك إهنه عن إذنك .
همت ولاء بالإنصراف بسرعة مسيطراً عليها الذعر بسببه ، فركض عادل خلفها محاولاً منعها ، وحملها بين ذراعيه بغتةً حتى لا يترك لها مجال كي تبتعد عنه ، خفق قلبها بقوة من الخوف والهلع ، وارتعدت قائلة وهي تدفعه من صدره : إبعد عني ….. إبعد عني إلى هنا صرخت ولاء ، صرخة أتت على أثرها الممرضة .
أتى جلال من المسجد وقد وجدهم يتناولون طعام الغداء ، دخل إلى غرفة المعيشة ، فقد وجد أبيه جالساً بصحبة شقيقه الذي قد أتى للتو من المشفى .
ابتسم اسماعيل لولده قائلاً : بجالي يومين منيش بشوفك يا عمده ، تنهد جلال قائلاً له : آسف يا أبوي غصب عني ، الشغل بجى ياخد من وجتي .
ثم حدق بأخيه الجالس معهم بجسده فقط ، قائلاً له : وانت إزيك يا أخوي ، أخبارك دلوك طمني عليك ، تنهد يحيي قائلاً بهدوء : كويس يا أخوي لساتني واصل من المستشفى ومنمتش طول الليل .
قال له اسماعيل : الله يكون بعونك يا ولدي ، آني مجدر تعبك ، ولو تجدر تغير مواعيدك بالمستشفى غيرها .
زفر بقوة قائلاً له : منيش جادر يا أبوي ، كل يوم بيبجى فيه حالات طوارىء ولازم أبجى موجود .
ابتسم والده قائلاً : معلش يا يحيي يا ولدي هيه وظيفتك مهمه وخصوصاً تخصصك مش موجود في البلد إهنه إلا جليل .
ابتسم ثم حدق بأخيه قائلاً له : أعمل إيه يا أبوي ، جناب العمدة وصاني ساعتها وجالي لازم تعمل حسابك تتخصص في جسم الجراحه إحنا ناجصنا التخصص ده في البلد .
تنهد جلال قائلاً له : ما آني لازم أعمل حساب لأهالينا بردك يا دكتور .
فقال له اسماعيل : طبعاً يا ولدي العمدة معه حج ، فهز يحيي رأسه بتفهم ، عائداً إليه شروده في مريم التي لا تكاد تغادر تفكيره أبداً .
حانت إلتفاته من جلال عند الباب فوجد مهجة تقف بالباب مرتبكة ، فأشار لها بعينيه كي تتراجع ، فشاهدها إسماعيل قائلاً له : شوف مرتك يا ولدي ، متسيبهاش واجفة إكده .
فقال له بضيق : حاضر يا أبوي … اقترب منها جلال بخطوات واسعة مبتعداً بها عن الغرفة ، ممسكاً لها من ذراعها قائلاً لها بحده : إيـــه اللي جابك إهنه …. خشيت من غضبه فقالت له بسرعة : أبداً جيت أجولك الست سماح …. قاطعها قائلاً لها : جولتلك أمك فاهمة …. فهزت رأسها بقلق من عينيه الغاضبة قائلة : أيوة أمي ، عايزة تستأذن وتمشي .
مط شفتيه قائلاً لها : طب إمشي جدامي بسرعة ، دخل جلال إلى الغرفة الموجود بها سماح ، والتي كانت بصحبة والدته قائلاً لها : ما لسه الوجت بدري عايزه تمشي دلوك ليه ، فقالت له بارتباك : معلش مره تانية يا ولدي .
فقال لها بهدوء ظاهري : لا مش هتمشي جبل ما مهجة تفرجك على الشُجة الأول ، يالا خديها يا مهجة وفرجيها
انصرفت سماح بصحبة مهجة إلى الأعلى ، وفتحت باب منزلها لتشاهد سماح المنزل ، في هذه الأثناء تفحصتها مهجة فوجدتها في العقد الرابع من العمر ؛ من الواضح عليها أنها ليست من أهل البلد وهذا ما جعل الفضول يتكاثر وينمو بداخلها فسألتها مهجة بفضول زائد : إنتي تعرفيني جبل كده .
ارتبكت سماح ولم ترد فقالت لها بغيظ : يبجى متعرفنيش وده كلام العمده مش إكده ، ما آني خابراه زين .
فقالت لها سماح متهربه منها : الله شجتك جميلة جوي جوي ، ربنا يسعدك بيها يا بتي .
كادت أن ترد عليها بسخط ، لولا دخول صاحب المنزل الذي خشيت منه ، وجعل سخطها داخل فمها ، والتي تلاقت نظراتها المتواضعة ، بنظراته القوية المحذرة .
فقالت لنفسها بضيق : لولا هيبتك دي ما كنت سكت ، يا بن اللذينه عليك هيبه مشفتهاش على حد وأول مرة مهجه تخاف من راجل ، ده أنا حوده كنت بديله بالجزمة والمقشة ومبيهمنيش منه .
شعرت بعينيه تلاحقها كأنها تعلم بأي شىء تفكر ، فابتعدت عنه قائلة : آني هخلي نعيمة تعمل عصير عن إذنكم .
تركتهم في غرفة الضيوف ، نادت على نعيمة ، التي هرولت إليها قائلة لها : إعملي كوبايتين عصير يا نعيمة بسرعة .
قدمت نعيمة العصير ، ثم غادرتهم ، فقال جلال : كويس إنك عرفتي الدوار بسهولة ، ومغلطيش في العنوان .
تماسكت سماح أمامه قائلة له : لا العنوان ما يتوهش ، يا جلال بيه ، دخلت عليهم مهجة وعلامات الأستفهام تملىء وجهها ، لاحظها جلال ، لكنه تجاهلها .
بعد انصراف سماح دخلت مهجة غرفتها ، شاعرة بالغضب والغيظ من جلال الذي ما دائماً يضعها أمام الأمر الواقع ، دون أي توضيح من جانبه .
وهذا ما يشعرها بالضيق منه والسخط ، فعدم الثقة بها دائماً ما يؤرقها ، ويجعلها غير راضية عن ما تمر به .
في المساء تمدد يحيي على الفراش ، إستعداداً للنوم لكن صورتها لا يجعل النوم يقترب من عينيه ويؤرقه إلى الصباح .
تنهد وهو يتذكر حديثها إليه اليوم وهي تستكمل حديثها عن ما عاشته من أحداث قبل الحادث .
استمعت مريم إلى صوت صرخات آتيه بأنين من الداخل تقول : إبعد عني …. إبعد عني .
جعلت هذه الصرخات ، ينقبض لها قلبها وهي تستمع إلى صوت رفيقتها وصديقة عمرها ، ولاء ، تصيح بهذه الطريقة .
أخذت تطرق الباب ، عدة طرقات عالية وهي تصيح قائلة له : إفتح يا الباب يا جبان …. إفتح .
فوجئت به يفتح الباب ونظرات عينيه لها ، يملؤها الخبث والشر ، كادت أن تتراجع مريم خوفاً من نواياه الوضحة من نظراته لها مما جعلها تتيبس مكانها ، فابتسم ساخراً بشر قائلاً لها : إدخلي ….. مالك خايفة كده ليه .
شحب وجهها وهي تحدق بالداخل تبحث عن صديقتها ، التي لم تراها إلى الآن فقالت له بارتباك : فين ولاء …. مش شايفاها ليه ، ابتسم متهكماً وقال لها : إدخلي وإنتي تشوفيها …. مش هينفع تشوفيها من على الباب كده ، ده حتى مش من الذوق بردو ، دخلت ببطء وتردد وهي تتلفت حولها ، بخوف وهلع .
قفزت قدميها قليلاً من الفزع عندما أغلق الباب خلفها ، فالتفتت إلى الباب بهلع ، وكادت أن تهرب منه لولا صوت بكاءٍ آتٍ من إحدى الغرف ، هرعت إليها فأمسكها عادل بقسوة من ذراعها قائلاً لها : على فين كده يا جميل مش لما نتفق الأول .
حدقت به بتساؤل قائلة بفزع : عايز إيه مني ، آني جايه علشان ولاء وبس .
حدق بها بعبث سخيف قائلاً لها : إوعى تكوني فاكرة أنا بعتلك العنوان علشان صاحبتك وبس لأ ، ده أنا عايزك إنتي يا حلوة .
أغمضت مريم عينيها قائلة له بصوت موجوع : آني آسفه مش جادرة أكمل تاني ، آني عايزة أرتاح دلوك .
حدق بها بدون أن تفهم معنى نظراته لها ، هب من مقعده قائلاً لها : براحتك يا بنت عبدالرحيم .
كاد أن ينصرف فنادته قائلة له بتردد : دكتور يحيي …. إلتفت إليها بجمود قائلاً لها : نعم فيه حاجه تاني عايزة تجوليها .
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له بارتباك : يا ترى إنت بتصدجني في كل حديتي معاك .
لم يرد عليها يحيي ، إنما عاد أدراجه إلى الخلف بوجه خالٍ من التعبير .
زفر يحيي وهو يتذكر كل هذا وهو مازال يريد أن ينام لكن النعاس هرب من عينيه على إثر صورتها التي لا تغادر مخيلته ، حتى وهو يتفحص مرضى آخرين .
أخرجت مهجة الفساتين مرةً أخرى من الخزانة ؛ ووضعتهم على الفراش ، تتفحصهم باهتمام قائلة لهم بضيق : وانتم هتخليكم كده متتلبسوش ، مش عارفه هوه جايبهم لأيه علشان يغيظني بيهم .
أمسكت الفستان الأسود تتأمله فارتدته بعد أن قالت لنفسها بإسلوب مضحك : تعالى والله لألبسك ، أمال شريك ليه يعني ، ولا يكون جايبه لواحده تانيه غيري ، صمتت برهة مستطرده ده بعينها ده ليه أنا بس هوه واللي شاريك .
وقفت تتمعن بشكلها في المرآة فابتسمت لنفسها قائلة بإعجاب : مخليكي زي الأميرة يا مهجة ، يا سلام لو يشوفني بيه ، بس الحكم يشوفني من هنا ويطلعلي مسدسه ويقولي اتشاهدي على روحك .
ما أن انتهت من عبارتها حتى إنطفأت الكهرباء ، وأحاط الظلام الحالك بالغرفة ، شعرت بالخوف والفزع ، من إثر ذلك فنادت قائلة بصوت مرتجف : نعيمة ….. نعيمة …. فلما تجيبها نعيمة ، سارعت بالركض خارج غرفتها ، تنادي قائلة بذعر : نعيمة ….. نعيمة …. إنتي فين …..!!!
فتحت مهجة باب إحدى الغرف ودخلتها مسرعة بقلب خائف ، شاعرةً بالعجز .
وأغلقت الباب خلفها مستندةً إليه بقلب مرتجف ، شاعرةً بالإختناق ؛ وهرعت ناحية فراشها قائلة بصوت مرتجف : نعيمة …… نعيمة ……. أوام ما نمتي ….. جومي آني خا……. بترت باقي عبارتها في حلقها وابتلعتها داخل فمهما ؛ عندما اصطدمت بصدر قوي قائلة لنفسها بهلع : يا مصيبتك السودة يا مهجة ؛ اتشاهدي على روحك …!!
يتبع..
لقراءة الفصل العشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي