روايات

رواية في رحالها قلبي الفصل العاشر 10 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي الفصل العاشر 10 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي البارت العاشر

رواية في رحالها قلبي الجزء العاشر

في رحالها قلبي
في رحالها قلبي

رواية في رحالها قلبي الحلقة العاشرة

جميلة .. لو كان للسعادة ملامح فستكون ملامحها .
منذ أن رآها وهو يتخبط بغير هدى .
ملامحها طُبعت في ذاكرته ليشعر كما لو كان في غرفة مظلمة والإضاءة تنبعث من صورتها فقط .
ملامحها أجمل مما كان يتخيل ، جمالها ليس غربيًا ولكنها مميزة وساحرة و … شامخة تشبه الفرسة الأبية .
لم تغب عن عقله هيئتها وتوترها وعيناها وشفتيها المضمومتين .
ابتسم بتعجب من حالته تلك ومشاعره التي كادت أن تجبره على تقبيلها وكم تمنى لو فعلها .
ما هذا الذي يشعر به معها ؟ ، ما هذا الأمر الجديد عليه وعلى قلبه ؟
هل يمكن لأنها دومًا تتحداه وتعانده ولا تخشاه ؟
كانت داخله رغبة ملحة في رؤيتها وظن أنه بعدما يراها ستهدأ رغبته بها ولكن ما يحدث معه الآن هو العكس تمامًا .
بات يطالب برؤيتها مجددًا بالرغم من أنها لا تغيب عن عقله .
حتى منذ قليل وهو يناغش الصغير كان يراها وهي مصدومة ويبتسم .
حتى الآن وهو يهاتف أحد العملاء ويتحدث معه عن العمل كان يرى شفتيها المزمومتين ويبتسم .
في الوهلة الأولى تساءل من هذه وكاد أن يظنها غريبة احتلت بيته ولكن نبرة صوتها ونظرة عيناها حينما التفتت جعلته يتأكد أنها هي نفسها سارة التي احتلت عقله بأفعالها .
ابتلع لعابه وأنهى مكالمته ثم تحرك خارج مكتبه ليراها ، يريد رؤيتها مجددًا .
ولكنها عكس حالته ، منذ أن فرت هاربة وقد لجأت إلى غرفتها تبكي شاعرة أنها ارتكبت خطأ فادحًا ، ألقت بنفسها داخل فوهة الذنب والندم اللذان تشعر بهما .
خائفة بل مرتعبة من فكرة وقوعها في حب هذا الشخص خاصةً وأن عقلها الباطن يفرض عليها خيالات تخشى حدوثها .
لمَ هو ؟ ، لمَ هو تحديدًا ، لقد كانت تبغضه ، كانت تراه شخصًا عديم الضمير ومتبلد المشاعر وإلى الآن تراه هكذا إذًا لمَ باتت تفكر فيه وتتهرب منه وتصبح أمامه عنيدة حادة سليطة اللسان بالرغم من رتابة كلماتها مع الجميع .
اعتدلت في جلستها ثم مدت يدها تنتشل هاتفها وتعبث به حتى ظهرت أمامها صورة فريدة .
تحسستها بأصابعها وانهمرت دموعها وتحدثت من بين شهقاتها بعيون منتفخة :
– لا يا فريدة ، لن يحدث هذا أعدكِ ، أنا لم ولن أخون ثقتكِ بي ، كل ما فعلته لأجل نوح ، نوح فقط يا فريدة صدقيني .
رفعت كفها تجفف دموعها ثم زفرت بقوة وتحدثت بشموخٍ كعادتها ونظرة تحدي صريحة :
– كفى يا سارة ، كفى هروبًا وكفى خوفًا من وجوده ، دعيه يراكِ وتعاملي معه كأنه رجلًا من محارمكِ وانتهى الأمر ، لا خوف ولا هروب ولا أي مشاعر أخرى ، هو والد نوح وبينكما عقدًا من أجل الصغير وكفى .
نهضت تتجه للحمام الملحق لتغسل وجهها وتعود إلى المرآة تنظر لهيئتها .
ترتدي منامة قطنية التصقت بها وخصلاتها الغجرية السوداء تركتها للعنان .
ليصطبغ وجهها بحمرة الخجل وهي تتذكر كيف التفتت له ظنًا منها أنها نورا لتذيقها خليط الشوكولاتة ولكن كان هو .
عادت نبضاتها تتسارع لتضع كفها على قلبها توبخه بهمس :
– كفى يا هذا توقف عن الخفقان ، اهدأ أنت فقط تشعر بالتوتر ، نعم هو كذلك ، كل ما في الأمر أنه رآني للمرة الأولى ولكن ما بعد ذلك سهلًا .
حاولت تعزيز طاقتها لتعود ملامحه تحتل عقلها ، لقد تجمد يطالعها بذهول كأنه لا يصدق أنها هي سارة ، رأت في عينيه الدهشة ونطق بجملته التي كانت سببًا في مشاعر لا تريدها أن تتحكم بها .
ابتسمت فجأة بل وصدرت منها ضحكة خافتة حينما تذكرت ملعقة الشوكولاتة التي التصقت بفمه فتركت أثرًا مضحكًا ولكنه تذوق المزيد ولم يعترض بل أعجب بها ، هل يحب الشوكولاتة ؟ .
زفرت بقوة تنهر نفسها مردفة بغيظ :
-ايوووووه أيتها الغبية توقفي ، كلما قلتِ لا تفكري تعودي وتفكرين ! ، كفى يا سارة كفى .
ارتدت إسدالها ولفت طرحته حولها وجهها بعدما جمعت خصلاتها .
نظرت لنقابها تطالعه بعمق ثم قررت التخلي عنه ، ستظر بإسدالها فقط من الآن وصاعدًا داخل هذه الفيلا .
خرجت متجهة إلى غرفة الصغير لتراه ، ما إن فتحت الباب حتى وجدته أمامها يحمل الصغير ويدلله .
التفت على الفور يطالعها بعيون ثاقبة محدقًا بها بتعجب فهي جميلة في كل الأحوال .
جميلة بنقابها وجميلة بحجابها هذا ويزداد جمالها وهي بدونهما .
ابتسم لها وقرر إظهار التجاهل وعدم التأثر بملامحها التي يكتشفها حديثًا لذا التفت يطالع الصغير قائلًا بنبرة خبيثة :
– ما هذا الجمال كله يا صغير ، أنت تشبه أباك يا ولد .
برغم توترها الذي تجاهد لتخفيه واستطاعت ذلك وهي تتجه نحوه وتحاول أخذ الصغير منه قائلة بغيظ من ثقته العالية بنفسه :
– لا هو لا يشبهك ، هو جميل جدًا ولهذا هو لا يشبهك بالطبع .
تعلم جيدًا أنه يشبه والده ولكنها لا تعلم حينما تراه تود إثارة حنقه بأي شكل وكأنها إن حدثته برتابة سيقع في حبها ، لا تعلم هذه العنيدة أن هذا ما يجذبه إليها ولو تعلم ذلك لاخترعت له أسلوبًا مخصصًا من الرتابة تحدثه به .
ابتسم عليها وأبعد الصغير عنه يلف به قائلًا بخبث مستفز :
– من سيشبه إذا لم يشبه أباه ؟ ، لا تحاولي لأنه وسيم مثلي ، يكفي أن عيناه ملونة .
ضحكت دون إرادتها فأشرقت الشمس على ليله الحالك لينتفض قلبه في نبضة جديدة عليه من مجرد ضحكة سريعة صدرت منها وهي تقول بثقة وثبات بعدما التقطت منه الصغير الذي تهاوى ناحيتها لتبتعد به وتطالعه بانتصار :
– لا تحاول عبثًا ، معايير الجمال هذه وضعوها أصحاب العيون الملونة بعدما اهتزت ثقتهم بنفسهم نسبةً لسحر العيون السوداء .
– نعم هي ساحرة بالفعل .
قالها كالمسحور حقًا وهو يباغتها بنظرة شاملة لتتوتر لذا ابتعدت تغادر الغرفة بالصغير قاصدة الأسفل وتتركه يحدق في أثرها بشرود .
نزلت لتجد سعاد تطالعها بابتسامة مشرقة حينما وجدتها قد تخلت عن نقابها في وجوده لذا تحدثت حينما اتجهت سارة تجلس جوارها :
– ما هذا القمر .
نظرت لها سارة بمغزى فابتسمت سعاد والتفتت تنحني وتقبل يد الصغير قائلة بخبث :
– ما هذا القمر يا نوح .
ضيقت عيناها تطالعها بشكٍ ثم قالت ما جال في عقلها :
– ما بكما اليوم ؟ ، هل اكتشفتما للتو جمال نوح ؟
قطبت سعاد جبينها تردف باستفهام وتمنى :
– بكما ؟ ، وهل قالها أحد غيري ؟
توترت واكتشفت زلة لسانها لذا ادعت انشغالها بالصغير ليأتي سيف من خلفها مردفًا وهو يجلس بالقرب منها :
– نعم أنا قلت أيضًا .
ابتسمت سعاد له وانتعش داخلها بأمل وسعادة تقول بهدوء لترفع الحرج عن ابنتها :
– هل أخبر نورا بتجهيز العشاء لك يا بني ؟ ، أنت لم تتناول وجبة غدائك أيضًا .
شكرها سيف قائلًا وهو ينظر نحو تلك التي اندمجت مع نوح ولكن أذنها معهما فسمعته وهو يقول :
– لا شكرً لكِ ، يجب أن أذهب بعد قليل سأتناول العشاء في الخارج مع بعض الشركاء .
أومأت له بتفهم ولكنه لا يعلم لمَ فعل ذلك وتساءل بشرود وهو يحدق في سارة :
– هل تأتين معي ؟
للحظة ظنت أنه يطرح السؤال على والدتها ولكنه يقصدها بنظراته لذا رفعت رأسها تطالعه للحظات بعدم فهم ثم مر على عقلها شقيقتها وحديثها عنه ورغبته في ظهورها بكامل أناقتها بين مجتمعه لذا احتدت نظرتها وتملكها غضبٌ عاصفٌ تجيبه بحدة قاسية :
– لا مؤكد أنك تمزح ، افهمها جيدًا يا سيف نحن لسنا زوجين حقيقيين وأنا لن أكون تلك الواجهة العملية التي تبحث عنها ، أنا لن أسمح لك بأن تعاملني كالسلعة بين هؤلاء الرجال .
تجهمت تعابير وجهه بالكامل حينما استمع إلى ما قالته لينهض يطالعها بعيون حادة مردفًا بجمود ومحذرًا إياها بسبابته وهو يرفع حاجباه :
– تماديتي كثيرًا ، تماديتي معي كثيرًا جدًا وهذا ما لن أسمح به ، من الآن وصاعدًا ستلتزمين حدكِ معي .
تحرك بعدها يغادر بخطوات غاضبة وملامح مكفهرة تاركًا خلفه عقلًا يشعر بالندم على ما تفوه به لتزيدها سعاد عليها وتردف معنفة بكلمات كانت تشبه سياط الجلد التي لا ترحم :
– أنتِ مجنونة ؟ ، ما هذا الكلام السيء الذي قلتيه في حق الرجل ؟ ، هل هو ديوث أمامكِ ، بتِ لا تحتملين .
نهضت سعاد تغادر من أمامها حتى لا تعنفها أكثر ولكنها تناولت الصغير منها وتركتها تجلس نادمة على كلماتها ولكن أولم يكن هذا ما تخبرها به فريدة ؟ ، أولم تخبرها أنه أرادها أن تتخلى عن حجابها لأجل حفلاته ومجتمعه ؟ ، أولم تخبرها فريدة أنه كان يطلب منها الظهور بكامل أناقتها بين عالمه ! .
زفرت بقوة ووضعت وجهها بين كفيها تستغفر نادمة على ما قالته ، حتى وإن أخبرتها فريدة بذلك ولكن لم يكن عليها أن تبصق تلك الكلمات المؤذية خاصةً وأنها لم ترَ بنفسها تصرفًا قبيحًا منه وهي من اعتادت ألا تحكم على أحدهم من خلال الآخرين .
❈-❈-❈
قارب الوقت على الثانية صباحًا وهو لم يعد .
جميع من في الفيلا نام إلا هي تجلس تنتظره لتعتذر منه عما صدر منها بعدما عاشت تأنيب ضمير لم يسبق له مثيل .
تجلس في غرفتها تُرفه السمع جيدًا ولكنه تأخر كثيرًا على العودة فهو يعود باكرًا عن هذا الوقت .
انتفضت حينما سمعت خطواته يتحرك بثبات نحو جناحه المتطرف في آخر الردهة .
كادت أن تفتح الباب وتوقفه لتعتذر ولكن منعها توترها من فعلها خوفًا من رؤية أحدٍ لها .
لتعود وتتذكر ما عاشته من ندم وتتذكر ملامحه ووقع كلماتها الثقيلة عليه لذا فعليها أن تحسم أمرها وتعتذر منه .
زفرت بقوة ثم التفتت تطالع هيئتها عبر المرآة ، كانت ترتدي إسدالًا قطنيًا منقوشًا بورود صغيرة وتلف حجابها حول خصلاتها بإحكام .
عادت تتنهد ثم أومأت تقوي نفسها وتحركت بخطوات هادئة نحو الخارج تفتح الباب بهدوءٍ وحذر حتى لا يسمعها أحد .
خطت حتى وصلت أمام بابه وعاد التوتر يلتهمها ولكنها رفعت يدها تطرق الباب بخفة وتتمنى ألا يفتح ولتكن فعلت ما عليها .
ولكن خاب أملها وهي تراه يفتح الباب ويطالعها بهيئة مشعثة وفى يده لفافة تبغٍ تحترق كحال قلبه بينما أزرار قميصه الأبيض مفتوحةً جميعها لتظهر تفاصيل جذعه بوضوح كأنه كان على وشك نزعه .
وقف يطالعها بعيون حمراء غاضبة وأنفاس ملتهبة ينتظر حديثها الذي تبخر تمامًا وتجمدت من هيئته وحالته وجذعه المكشوف .
حاولت ابتلاع لعابها ولكنه توقف في حلقها فكادت أن تختنق لذا تحمحت بقوة وحاولت التحدث ولكن حروفها خرجت مبعثرة وهي تقول :
– سـ أ ، سيف أنا أعتذر منك عما قلته .
زفرت بعدما انتهت من قولها وكأنها كادت أن تغرق لتجده لم يحرك ساكنًا لذا التفتت تنوي العودة ولكنه أسرع يقبض على معصمها ويسحبها إلى الغرفة فجأة دون سابق إنذار لتخرج منها شهقةً كادت أن تصرخ ولكنه أسرع يغلق الباب ويحتجزها خلفه ثم ألقى السيجارة ودعس عليها بقدمه ليحرر يده الأخرى مكممًا فمها بها قائلًا بنبرة هامسة وعيون محذرة :
– لا أريد أن أسمع صوتكِ .
تهاوى قلبها وجحظت عيناها وهي تجد نفسها محاصرة بين جسده لتومئ له مرارًا لذا أبعد يده عن فمها ثم اتكأ بيديه من حولها ليصبح قريبًا جدًا منها وأنفاسه تلفحها لتلعن نفسها على قدومها إلى وكر هذا الذئب الماكر ، لقد أتت لتعتذر له ولكن ليذهب هو واعتذاره إلى الجحيم .
لم تتعرض في حياتها لمثل هذا القرب والنظرات من رجلٍ لذا فهي أصبحت على وشك البكاء بينما هو يجول بعينيه فوق ملامحها ثم تحدث بألمٍ داخلي ونبرة صوتٍ لم يتحدث بها من قبل :
– لمَ تصرين على جرحي ؟ ، لمَ تتلذذين بألمي ؟ ، ما الذي سمعتيه عني لتصدري علي أحكامًا قاسية هكذا ؟ ، هل ترينني حقيرًا أمامكِ لأعرض زوجتي على الرجال كسلعة ؟ ، هل عيناكِ تراني هكذا ؟
نطق الأخيرة وهو يكور قبضته ويلكم الحائط المقابل له بقوة جعلتها تجفل ولكنها حزنت لأجله بالرغم من رغبتها في التحرر وتوترها إلا أن نبرته دلت على تألمه من كلماتها ليتابع وهو يراها تلف وجهها عنه وتغمض عيناها بانكماش وتحاول بجسدٍ متشنجٍ أن تلتصق في الباب حتى لا تلتصق به :
– أخبريني ماذا تعلمين عني ، أخبريني يا سارة .
تغيرت نبرته من الألم إلى شعورٍ آخرٍ اجتاحه من قربها هكذا ليتابع بنبرة خافتة متحشرجة :
– أعلم أنكِ سمعتي الأكاذيب عني مثلما سمعت حيث قيل لي أنكِ لستِ جميلة .
التفتت تقابله بعدم فهم مما يقوله لتصبح في مواجهة وجهه ولكن لسانها معقود وجسدها متجمد ليتابع هو وعيناه ترتكز على شفتيها :
– أنتِ أجمل إمرأة رأيتها في حياتي .
شعرت بخطرٍ جسيمٍ يقترب منها لذا أسرعت تنتفض في محاولة منها للهروب ولكنه الآن بات في حالة سحر بها ، تفاقمت مشاعره وتهاوى قلبه وارتفعت يده لتقبض على كفيها وترفعها للأعلى مقيدًا حركتها بالكامل بينما هي تهز رأسها بهستيرية وصدمة عقدت لسانها ليردف بخفوتٍ :
– هششششش ، اهدئي .
وكأنه فرمان من الملك لتهدأ فورًا تطالعه بعيون لامعة وقوية ومتحدية برغم وضعها الذي لا يعبر عن أي قوة ولكنها تخبره بنظراتها أنها لن تخضع لسطوة عشقه أبدًا ليبادلها بنظرة تحمل تحدٍ أكبر وإصرار أكبر ولم ينتظر أكثر إذ انحنى يلصق شفتيه في خاصتها مقبلًا إياها قبلة ناعمة رومانسية متمهلة وهو يغمض عيناه مستمتعًا بمذاقٍ أروع من مذاق شوكولاتتها المميزة .
صدمتها فيمَ يحدث جعلتها لا تشعر بشيء سوى الغضب لذا ما إن حرر قبضته تأثرًا بمشاعر جسده حتى كورت قبضتيها واعتصرت عيناها لتدفعه بكل ما أوتيت من قوة فارتد فجأةً للخلف بعدما سقط من جنته يطالعها بعيون راغبة وتطالعه شزرًا ولم تتفوه بحرف بل التفتت تفتح الباب وتندفع مغادرة بغضبٍ كرياحٍ عاصفة .
أما هو فوقف يطالع أثرها بتعجب مما أصابه ، هل حقًا قبلها ؟ ، كان ينوي معاقبتها على ما قالته فهل هذا هو العقاب ؟.
قلبه يقيم حفل زفاف داخل صدره ولا يعلم ما أصابه ، لا يعلم ما بها فكلما وقفت أمامه يجد شيئًا داخله يهفو إليها .
مد يده يغلق الباب وزفر بقوة ليحاول تحجيم مشاعره ثم اتجه للمرآة يطالع هيئته ليعود طعم قبلتها يسيطر على عقله فيعزز مشاعره لذا زفر بقوة وتحرك نحو الحمام ليستحم .
❈-❈-❈
بعد أسبوع
عادت لوضعها السابق في تجنبه بل زاد الوضع عن حده ولكنها أصرت على ألا تستسلم مجددًا .
منذ ذلك اليوم وبعد أن عادت إلى غرفتها مأخوذة وقلبها يكاد أن يقفز منها بشعورٍ مختلطٍ من الغضب والصدمة والخجل والخوف .
لا تصدق أنه قبلها ، لا تصدق أنه للتو سرق أول قبلة منها .
كيف سمحت له ، غاضبة من نفسها أكثر من غضبها منه فكان عليها أن تعنفه ولا تسمح له بفعلته هذه أبدًا .
لذا فهي لم تعد تبالِ بحديث سعاد وتوبيخها لها بل تفعل فقط ما تراه مناسبًا .
أسبوعًا حرم من رؤيتها بعدما تعمدت الاختفاء من أمامه وعدم الظهور في وجوده أبدًا .
تحرمه من رؤيتها بعدما تذوق شهدها ؟ ما هذا العذاب ؟ ، أي امرأة هذه ؟ ، بحياته لم يرَ شخصية شامخة وأبية مثلها .
❈-❈-❈
تجلس في غرفتها كالسجينة وهي تعلم أنه في الخارج .
تشعر بالملل الشديد ولكنها تجاهد ألا تستسلم ، تتصفح هاتفها بعدم تركيز وعقلها يفكر فيه مجددًا وهذا يشعرها بالضيق .
انتبهت حينما وجدت إعلان عن مسابقة خيول لصالح جمعية خيرية لذوي الاحتياجات الخاصة .
توغلها الحماس والحنين لركوب الخيل وخاصة رشيدة لذا لم تترد لحظة في إرسال رسالة تطلب فيها بنود المشاركة في هذا السباق والتي لن تكون صعبة على الإطلاق لذا فها هي تجد شيئًا ينسيها ما حدث وفي ذات الوقت سيعم بالخير على غيرها لذا سجلت اشتراكها عبر الإنترنت بعدما أرسلت لهما تقارير تثبت أنها فارسة ماهرة .
❈-❈-❈
بعد عدة أيام توجهت بسيارتها إلى مكان السباق بعدما أخذت الإذن من والدتها التي لم تعترض وهذا أثار دهشتها ولكنها فرحت ولم تفكر في الأسباب .
وصلت إلى المكان واتجهت لترى الحصان الخاص بها ولتحاول بث الطمأنينة فيه ومصاحبته كي يأمن لها .
تعجب المشاركين حينما وجدوها منقبة فبرغم وجود مشاركات سيدات إلا أنها الوحيدة بينهن صاحبة الوجه المغطى .
استعد المشاركين يصطفون بجوار خيولهم في نقطة البداية ليبدأ الإنذار الأول لذا صعد كل مشتركٍ على ظهر حصانه .
لم تكن تهتم سوى بنفسها ولم تلحظ أو تدقق في أحد المشتركين ولكن أثار انتباهها صوتًا صدر من الحصان المجاور لحصانها لذا التفتت تطالعه لتجد صاحبه يدلكه بحنو فابتسمت قبل أن يرفع وجهه ويطالعها لتشهق جاحظة حينما وجدته سيف .
صدمة أفقدتها النطق ولم تنتبه على الإنذار الثاني إلا حينما تحرك الحصان فجأة ولولا تثبيت قدميها في سرجه لكانت قد وقعت لذا أبعدت الصدمة عنها وحاولت الاندماج مع السباق فتمسكت بلجام الحصان بقوة والتمع التحدي في عينيها وهي تراه يجاورها ويتسابق معها وكأن السباق كله قائمًا بينهما فقط .
مرت دقيقة والأحصنة في حالة تحدٍ مستمتعة وهي تركض بفرسانها ولكنها تلاحظ تفوقه عليها وعلى الجميع وهذا أثار تعجبها فلم تكن تعلم أنه يجيد ركوب الخيل لذا أومأت مبتسمة بخبث وشددت من قبضتها تنفض اللجام ليسرع حصانها بقوة يسابق الريح حتى استطاعت تخطيه وتخطي الجميع وابتسمت بتعالٍ وهي ترى أنها باتت في المقدمة ولكن فجأة تعثرت قدم الحصان الأمامية ليرتطم في الأرض الترابية بقوة وتنقلب سارة من فوقه وسط الأتربة التي أخفت معالمها تحت أنظار ذلك الذي جحظت عيناه وهو يصرخ باسمها ويشد لجام حصانه ليوقفه فجأة ولم ينتظر حتى أن يتوقف بل قفز من فوقه وأسرع يركض نحوها ينادي باسمها مرارًا ولم تكن هي التي وقعت من فوق الحصان بل كان قلبه الذي وقع .
وفي هذه اللحظة تحديدًا أدرك شيئًا كان يهرب منه طوال الفترة المنقضية وهو أن قلبه بات في رحالها .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *