روايات

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الثامن والعشرون

رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الثامن والعشرون

وسولت لي نفسي 2
وسولت لي نفسي 2

رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الثامنة والعشرون

“يا وَيلَتِي يومَ نَشرِ صَحيفَتي
إنْ قِيلَ لي خُذْها بغَيرِ يَمينِي”
‏”لا أملك في قلبي رجاء حقيقي سوى أن يغسل الله شوائب تلك الأيام من عمري، أن أُعوّض بقدر كل ماهو صعب تعايشت معه، أن أُجبر كما لو أن الحزن لم يكسرني أبدًا.”
_______________________
توقف أحمد بسيارته جانباً وهو يشعر بالغضب والحزن في آن واحد.. لا يصدق أنها فعلت هذا كيف كانت تخدعه طوال تلك المدة؟ كيف كان يراها بهذه النظرة الملائكية!.
توقف عن التفكير للحظات وهو يسأل نفسه ما دخله بماضيها؟ اليس الله غفور رحيم ما شأنه هو بماضيها؟ فإن كان الله غفر لها ما فعلت من هو حتى يحاسبها على ما كانت تفعله قبل أن يدخل حياتها!.
لمَ لم يفكر في هذا قبل أن يرحل ويخبرها ما أخبرها؟ لمَ عليه التسرع بهذا الشكل الفج؟ الم يكن به ذرة تعقل واحدة! مسح على شعره بغضب شديد ثم نزل من السيارة وهو يجلس أعلى الكوبري بحزن حتى أبصر ظل شخص يقترب منه ولم يكن سوى عمر والذي ما إن رآه حتى إنفجر ضاحكاً.
ظل عمر يضحك بهستريا ما إن رأي حالة أحمد والذي ذاد غضبه أكثر وهو ينهض من مكانه مقترباً منه قائلاً بعصبية:
“انت جاي علشان تشمت فيا ياعمر؟ انا غلطان يعني إني كلمتك”
ظل عمر مستمراً بالضحك حتى أنه فشل في الرد عليه وبصعوبة شديد أجابه وهو يضحك وهو يقول:
“بضحك على خيبتي انا… منا كمان سيبت ياسمين”
نظر له أحمد ببلاهة وهو لا يستوعب ما يقوله وهو يعلم كم أن عمر يحب ياسمين.، هذا يعني أن كلاً منهما فسخا خطبتهما في نفس التوقيت! ومن دون إرادة منه وجد نفسه يضحك بشدة هو الآخر مع عمر.
كانت ضحكاتهما الرجولية منتشرة بالمكان حتى أنها جذبت بعض المارة من حولهم والذي كان منهم من يحسدهما على تلك السعادة ولا أحد منهم يدرى كم تخفي تلك السعادة الوهمية من أحزان داخلها.
قلت ضحكاتهما حتى التزما بالصمت وقد خيم الحزن على ملامح وجههما وكلاً منهما يعلم بأن الآخر ليس على ما يرام.
“طب وبعدين… هنعمل اى”
أردف عمر بحزن وضيق من نفسه وقد كانت نبرته تحمل بين طياتها الكثير حتى نظر له أحمد بأسى وهو يقول:
“مش عارف.. بس انا قولتلها كلام كتير يزعلها وانا واثق أنها مستحيل تسامحني عليه”
صمت أحمد وهو يتنهد بينما أكمل عمر عنه وهو يقول بحزن:
“انا كمان قولتلها كلام يخليها تفقد النطق.. تفتكر ممكن تسامحيني؟”
كلاً منهما لا يعلما سبب عدول الآخر عن خطبته ولكنهما يعلما جيداً تسرعهما وأيضاً أنهما يشتركا في نفس الغباء.
كان أحمد يعض على أنامله من الندم على ما قاله لها…لو كان فقط تمهل وأنتظرها وأخبرها أنه لا يهمه شيء سواها وأن الله غفور رحيم..
كيف يظل يخطب في الناس عن التوبة والسماح وهو لم يفعل؟ رفع رأسه لأعلى وهو ينظر إلى السماء وقد غامت عيناه بحزن شديد.
نظر له عمر بحزن هو الآخر.. رغم أنه لا يعلم ما حدث معه ولكن ملامح وجهه تخبره كل شيء.. يبدو أنه تسرع وفعل شيء أحمق مثله..
“انا مش عارف كان فين عقلي وانا بعمل كدا.. انا بحبها والله ومستعد أعمل علشانها اى حاجه”
هتف أحمد بندم وحزن بينما عمر يهز رأسه يوافقه الرأى هو أيضاً يريد أن يفعل اى شيء لها فقط أن تسامحه.
وقف عمر من مكانه ثم أقترب من أحمد يمسكه من ثيابه قائلاً:
“انا معرفش انت حصل معاك اى بس الواضح إنك هببت مصيبة زيي… اللي بيحب مينفعش يستسلم قوم يلا صلح اللي انت عملته”
نظر له أحمد نظرات خاوية دون أن يبدي أي رد فعل بل أزال أيدي عمر عنه بهدوء وهو يقول:
“دا لو كان اللي عملته ينفع يتصلح اصلا”
لم يحبذ عمر إستسلامه بهذا الشكل بل أوقفه رغماً عنه وهو يقول بصوتِ عالِ:
“كل حاجه وليها حل.. على الأقل حتى لو متحلتش تبقى عملت اللي عليك مش تبقى أتسرعت وأستسلمت؟ بلاش تتهزم مرتين يا أحمد”
شعر أحمد ببصيص من الأمل يتسرب إليه من كلام عمر حتى هز رأسه وهو يقرر أن يعتذر لها ويفعل ما في وسعه حتى تسامحه وهذا ما قرره عمر داخله أيضا فذهب كلاً منهما إلى جهته كي يصلحا ما أفسده.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
“نفس الحلم بيتكرر معايا من شهر”
تفوه يوسف بضيق مكتوم وملامح وجهه باهته بينما صمت زين يحك لحيته بشرود يفكر في كلامه بتمهل فهو لا يحبذ التسرع في تفسير الأحلام بالتحديد.
“انت كنت بتحبها يا يوسف قبل الأحلام دي؟”
سأله زين مباشرًا وهو ينظر إلى عينيه بينما شعر يوسف بالحرج من هذا السؤال فمن يقف أمامه وإن كان يقاربه في العمر إلا أنه كان دكتوره ومعلمه وأيضاً شيخه الذي يكن له كامل الإحترام لذا هتف بحياءِ وهو يقول:
“هي كانت صديقة أختي من وهي صغيرة..، والحقيقة يعني هي وقتها مكنتش ملتزمة ولا البنت المناسبة ليا ومكنتش بشوفها أكتر من أخت ليا”
توقف عن الكلام وهو يرفع رأسه نحو زين ويفكر..، أيخبره بالباقي ام لا؟ ولكنه حسم أمره أن يخبره فأكمل وهو يقول:
“بس بعد وفاة أختي شوفتها وتابت لربنا والتزمت..، انا مش هقول لحضرتك إني لحقت أحبها في المدة دي لإني مشوفتهاش بعدها غير حوالي مرتين..، بس كنت مبسوط لما شوفتها كدا وبعدين لما عرفت إنها أتخطبت حسيت إني مضايق ولكن كدبت شعوري..، آخر مرة شوفتها مع خطيبها ومن وقتها وانا بحلم بالحلم دا”
فرغ له يوسف كل ما يشعر به دون أن ينقص منه شيء بينما زين يبتسم داخله على حيائه.، يوسف من الشباب الذين يندر وجودهم الآن.
فكر زين في ما رواه له يوسف بتشتت ولا يدري بما يخبره.، هو يفقه تفسير الأحلام جيداً وتفسير حلمه لا يوجد سوى معنى واحد ولكنه بالتأكيد لن يخبره به.. وهذا لسببين أنه سوف يضع إحتمال أن ما يراه غير صحيح والآخر أنه لا يريد أن يرهق عقله في التفكير أكثر من هذا فأحيانا معرفة الحقيقة لن تفيد الأمر إلا تعقيداً.
“شوف يا يوسف..، الأحلام أحيانا بتكون ليها معنى وبتكون إشارة من ربنا وأوقات تانية بتكون ما هي إلا أضغاث أحلام ومن الشيطان علشان يضللنا عن الطريق الصحيح”
“طب وانا أفرق بينهم ازاي؟”
سأله يوسف بإنتباه وهو يصب كامل تركيزه مع زين والذي أجاب بدوره وهو يقول موضحاً:
“مش هتفرق ازاي تفرق بينهم أد ما هيفرق انت المفروض عليك تعمل حاجه ولا لأ”
توقف زين دون أن يوضح مقصده كي يعطي لعقله فرصة للتفكير فقضب يوسف جبينه ثم أردف وهو يقول:
“انا آسف بس ممكن حضرتك توضحلي أكتر علشان انا فهمي قليل شوية”
تبسم له زين مجدداً، رغم أن يوسف يمتاز بالذكاء والتعقل إلا أنه نسب عدم فهمه لغبائه وليس لأن زين لم يوضح الأمر لذا أكمل زين موضحاً أكثر وهو يقول:
“بمعنى لو هي مكنتش مخطوبة كان ممكن اقولك الحلم ليه إشارة او معنى.، لكن هي مخطوبة ولا يخطب أحدكم على خطبة أخيه وبالتالي مفيش في أيديك حاجه تعملها وطالما مفيش في أيدك حاجه تعملها يبقى متديش للموضوع أكبر من حجمه ولا تفكر فيه حتى علشان الشيطان ميستغلش النقطة دي ويوهمك بحاجات هي مش موجودة علشان يدخل الحزن على قلبك لإنه بيحاول يدخل للمؤمن من اى ثغرة ممكن تحزنه وتبعده عن ربنا.. ف قد يكون الحلم من الشيطان أو من عقلك الباطن علشان فكرت فيها ودا وارد يحصل حاول تشيل الموضوع من دماغك ومتفكرش فيها ولا تدي للاحلام أكبر من حجمها”
أنهى زين حديثه وقد أراد أن يخبره بالأحتمال الآخر والمؤكد أنها ربما تفسخ خطبتها وهذا ما يراه من تفسير ولكنه سيظل في النهاية إحتمال وربما لن يحدث لذا لم يخبره خشية الا يتعلق قلبه بها وهذا مهما كان بالأخير فسوف يظل حلماً.
بينما لا يعلم يوسف لمَ انزعج وكأنه لا يريد بأن يخبره تلك الحقيقة فهو كلما تذكر هذا الحلم كلما شعر بتسارع دقات قلبه حتى شعر بأنه لا يريد غيرها.
ورغم ذلك فإن ما قاله له زين هو الأصح له أن يسمعه الآن فلا يصح أن ينجرف وراء مشاعره من مجرد حلماً قد يكون من وحي خياله فقط لذا عليه أن يردع نفسه ولا يفكر فيها مجدداً.
أبتسم يوسف بإمتنان إلى زين وهو يدين له بالشكر والإمتنان حتى هتف بإحترام وهو يضع يده على صدره منحنياً له قليلا وهو يردف:
“انا مش عارف أشكر حضرتك ازاي يا دكتور.، ربنا يجازيك خير يارب وشكراً على وقتك الثمين اللي سمحت تضيعه معايا”
ربت زين على كتفه وهو يبتسم له إبتسامة واسعه قائلاً:
“انا اللي ليا الشرف أقف معاك يا يوسف وكونك كنت طالب عندي ف دي شهادة أنا أعتز بيها”
تهللت أساور وجه يوسف أخيراً منذ أن جاء.، دكتوره المفضل يمدحه الآن وهذا أسعد قلبه.، شكره مجدداً ثم أستأذن منه كي يرحل ثم أستعد زين هو الآخر كي يعود منزله إلى حيث زوجته الحبيبة تنتظره والتي على ذكرها لاحت منه إبتسامة أنها خرجت من دائرة الحزن قليلاً وأصبح حالها أفضل كثيراً عن ذي قبل، تنهد وهو يتذكر والدته وخصامها له فرفع بصره لأعلى وهو يدعو الله أن يحنن قلبها عليه وتسامحه على شيء ليس ليه يد فيه من الأساس.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
وقبل قليل وداخل المنزل بالتحديد تراجعت روان خطوتين إلى الوراء بتوتر وهي تبصر حكمت والدة زوجها أمامها دون سابق إنذار والتي ما إن رأت الأخرى صدمتها حتى هتفت بهدوء:
“هتسيبيني واقفة على الباب كتير يا مرات ابني؟”
أفصحت روان لها الطريق وهي تتنحى جانباً ثم أردفت بتوتر:
“لأ اتفضلي طبعاً يا مرات عمي”
دخلت حكمت وهي تنظر للمكان حولها بهدوء وهي تعلم بعدم وجود زين وقد تعمدت تأتي أثناء غيابه ثم عادت ببصرها نحو روان وهي تقول بجمود:
“أحكيلي اى اللي حصل معاكي يا روان”
نظرت لها روان بريبة بل وأن نبرتها أخافتها فكيف كانت منذ قليل تخبرها أن تترك ابنها والآن تأتي كي تسمع لها؟.
“أحكي اى!”
نبتت روان بتوجس فأجابتها حكمت وهي تقول:
“زين قالي إنك مظلومة واللي حصل كان غصب عنك.. ف انا جايه أسمعك منك”
شعرت روان في هذا الوقت برغبتها في البكاء… لمَ لم تسمع منها منذ أن جاءت؟ لمَ الآن بالتحديد وبعدما جعلتها السبب في أن يخاصم زوجها والدته! ورغم ما تشعر به إلا أنها تماسكت وهي تقول:
“من قبل ما يسافر زين وانا كنت بحلم أحلام وحشة ولما قالي إنه ماشي فضلت أتحايل عليه ميسبنيش علشان كنت خايفه بس هو صمم وقالي إنه شغل ضرورى ونبه عليا أواظب على الاذكار والصلاة وبالفعل كانت الأحلام خفت شوية لحد ما ماما… لحد ما ماما ماتت وقتها…”
تحجرش صوتها وشعرت بإنقباضة في صدرها لم تشعر بها من قبل ولأول مرة تذكر وفاة والدتها عليناً وينطقها لسانها وكم آلمها هذا كثيراً بينما حكمت لم تضغط عليها بشيء بل تركتها تخرج ما يجيش بصدرها حتى تابعت روان حديثها بنبرة متألمة وهي تقول:
“من بعدها مبقتش ملتزمة ولا مواظبة على الأذكار والقرآن زي الأول واحدة واحدة بدأت أحس بالخنقة والضيق وبالأخص بعد ما زين رجع وبقيت مش طايقة حتى أشوفه قدامي..، كنت فاكرة دا بسبب انه مشي وسابني لإني مكنتش لاقية مبرر تاني لكرهي له ولما مشيت عند خالتو كنت فاكرة لما أعصابي تهدأ هخف بس حصل العكس وكل ما أشوفه قدامي كرهي ليه بيذيد لحد ما جه اليوم اللي كنت فاكرة إنه عايز يموتني”
صمتت تلتقط أنفاسها وهي تشعر بأنها تبذل مجهوداً ضخماً كلما تذكرت تلك الأيام التي لا تود أن تعيشها من جديد.
“وقتها كان جاى يقرأ عليا قرآن وأول ما بدأ اغمى عليا ومعرفتش اى اللي حصل ولما فوقت عرفت إني مأذية وفضل كل شوية زين يجيلي يرقيني ومفوقتش لدرجة فقدت الأمل إني أخف وفي يوم التعب أشتد عليا لدرجة كنت حاسه نفسي هموت واغمى عليا ولما فوقت بعدها كنت خفيت وأتحسنت ومبقتش كارهاه زي الاول وفي نفس الوقت دا كان زين في المقابر بيفك السحر اللي كان معمولي”
كانت تستمع إليها حكمت بإنصات شديد وحديث ياسمين يتردد داخل أذنها بعدما أخبرتها بما فعلته بها إيثار.، لقد ظلمتها ولم تصدق حديث زين بل وأفترت عليها بأنها تستغل ابنها لصالحها
“انا مصدقاكي ياروان..”
أردفت حكمت بعدما قامت من مكانها ثم سارت نحوها حتى توقفت أمامها مباشراً وقد باتت تشعر أنها ظالمة الآن لذا هتفت موضحة موقفها وهي تقول:
“انتِ عارفه إنك من يوم ما أتجوزتي زين وانا بعاملك زي عيالي وأحسن وعمري ما ظلمتك..، بس انا أم يا روان وخايفه على مصلحة ابني وطبيعي لما أشوف حد بيدمر حياته انا اللي هقفله وغصب عني شوفتك بتعملي فيه كدا..، انا كنت أعرف منين إن دا حصل معاكي فعلا مش اي كلام ابني بيقوله علشان يبرر موقفك؟ دلوقتي بس سمعت الحقيقة منك وصدقتك”
بكت روان بحرقة وهي تسترجع كل ما عانته..، لقد برئها الله بعدما كان الجميع يراها مخطئة عدى زوجها والذي على أثره رفعت رأسها ببطء نحو حكمت وهي تهتف:
“بس انتِ يا مرات عمي لو كنتي عاملتيني زي عيالك فعلا مكنتش هتصدقي عني دا.، مكنتيش هتقوليلي أبعدي عن ابني وانتِ عارفه إني من غيره هموت وكمان خاصمتيه بسببي وبقيت طول الوقت حاسه بالذنب وحاسه إني منبوذة من الكل في أكتر وقت انا محتاجة للكل حواليا ولولا زين وقف جنبي مش عارفه كان حصلي اى”
كانت تتحدث والعبرات تتساقط من عيناها بوجع لقد أتهمها الجميع رغم أنها لم تفعل شيء وقبل أن تجيبها حكمت دلف زين في هذا الثناء وما إن تقدم حتى رأى زوجته تقف باكية وأمامها والدته فأقترب بغضب نحو روان وقد ظن أن والدته هي من تبكيها.
“فيه ايه يا روان بتعيطي ليه؟ مين اللي زعلك ومين ما كان مش هسيب حقك”
أردف زين بغضب مكتوم دون أن يوجه كلمة واحدة لوالدته فلا يكفيها أنها خاصمته ولم تصدق زوجته بل جاءت تكمل عليها أيضاً؟.
“لو قولتلك إن انا اللي عيطها يا زين هتعمل اى؟”
نبتت والدته بنبرة هادئة وهي تسألها بينما حاول زين التحكم بضيقه ثم تقدم نحو والدته وهو يجيبها بإحترام قائلاً:
“حضرتك ربتيني على إني راجل وعلمتيني أمتى أفرق بين إني أكون بار بيكي وبين حقوق زوجتي وكوني بحافظ على كرامة مراتي ومش عايز حد يزعلها ومطالب إني أجيب حقها من مين ما كان ف دا مش معناه إني ابن عاق ياماما ”
غارت نعم وبشدة رغم فخرها به.. ولدها الذي يتحدث عنه الجميع دوما منذ نعومة أظافره.، اليس من حقها أن تغار عليه؟ ورغم ذلك أبتسمت إبتسامة صغيرة وهي تقول بصدق قبل أن ترحل:
“يازين ما ربيتك يا زين”
نظر زين في أثرها بجهل ولم يستشف من حديثها هي قالت هذا على سبيل الإستهزاء أم أنها تفخر به؟ عاد ببصره نحو روان وهو يسألها قائلاً:
“ماما كانت جايه ليه؟”
“كانت جايه علشان تعتذر مني بعد ما طلبت مني أحكيلها اللي حصل”
تفآجأ زين من حديثها وقد شعر بالذنب وأنه تمادي مع أمه فهي جاءت لتعتذر وهو بالأخير يتحدث معها هكذا! مسح على رأسه بضيقِ منه وهو يقرر بأنه سوف يذهب كي يراضيها.
“زين انا نفسي نروح نعمل عمرة”
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
طرقت حور الباب عدة طرقات بقوة وحماسِ في آن واحد بينما تحرك محمد ببطء حتى وصل إلى مقبض الباب ثم قام بفتحه بهدوء ولكنه إتراجع إلى الوراء بعدما إندفعت حور نحوه بقوة وهي تصيح بفرحه:
“وحشتيني يا بابا”
قهقه محمد بخفة وهو يلتقطها بين زراعيه ويشدد على أحضانها وقد سعد برؤيتها وما إن أبتعد عنها حتى أبصر ليث يقف على بعد قليل منه فهتف وهو يفصح له الطريق قائلاً:
“أدخل يا ليث يابني تعالى..”
تقدم ليث منه ثم قّبل جبينه بحرارة ويطمئن على حاله حتى أبتسم له محمد بود وحنان لزوج أبنته الودود ثم سبقهم وهو يدعوهم للداخل وقبل أن ترحل به حور حتى أمسكها ليث من زراعها وهو يقول:
“هو دا اللي أتفقنا عليه يا هانم؟”
أبتلعت حور ريقها وهي تنظر حولها في جميع الأمكان وهي تدعي اللامبالاه وما إن رأت نظراته مصوبة عليها حتى أردفت بجهل مصطنع وهي تقول:
“حضرتك بتكلمني انا يا كابتن؟”
نظر لها ليث بغيظ شديد ثم هتف بوعيد قبل أن يلحق بحماه قائلاً:
“حسابك تقل اوي..، الصبر بس لما نروح”
ضحكت حور بصخب على زوجها الغيور كل هذا لأنها أحتضنت أبيها فقط؟ سارت نحوه ثم هتفت وهي مستمرة بالضحك:
“خد بس انت زعلت ولا اى..، دا حتى الحج محمد زي أبويا يعني”
تجاهلها ليث ولم يجب عليها ثم قام بوضع الأكياس الذي يحملها على طاولة الطعام وهو يفرغ ما بداخلها بينما محمد نظر له بعتابِ وهو يقول:
“وانت كل ما هتيجي يابني هتغرم نفسك كدا!؟”
أبتسم ليث وهو يهز رأسه بالنفي قائلاً بحب:
“دي حاجه بسيطة يا عمي محمد”
ثم وجه بصره نحو حور وهو يهتف غامزاً لها:
“يكفي إني جبتلي أحلى وأجمل جوهرة في حياتي”
نظرت له حور بصدمة من جرأته أمام والدها فتحركت مسرعة نحو المطبخ وهي تقول بخجل:
“طب.. طب انا هروح أجيب الأطباق علشان الأكل”
أبتسم ليث بإنتصار بعدما تعمد إخجالها بينما محمد شعر بالسعادة وهو يرى حب ليث ليها.، لم يخطأ حين أرغم حور على الزواج منه بل كان له نظرته الصحيحة به.
عادت حور وهي تحمل الأطباق ثم ساعدت ليث في إفراغ الطعام على الطاولة ثم جلسوا يتناول في جو من المرح صنعته حور وهي لا تكف عن الحديث بل أرادت أن تلهي عقلها قليلاً عن ما حدث معها في الآونه الأخيرة وتصرف تفكيرها عن الأطفال وقد أندمج معها ليث في الإستماع كي ينسى ما كان يرؤقه بينما محمد يشاركها في الحديث وهو يستعيد معها ذكريات طفولتها حتى أنتهوا من الطعام فوقف ليث يغسل يديه ثم أستئذن كي يكمل عمله وقد ترك حور مخبراً إياها أنه سوف يعود لأخذها عندما ينتهي.
رحل ليث وبقيت حور مع والدها حتى سمعت صوت موسيقي صاخبة فنظرت إلى أبيها وهي تقول بجهل:
“اى الأغاني دي هو فيه حد هنا بيتجوز ولا ايه؟”
“لأ دا أحمد ابن خالتك أم سماح أتقبل في الوظيفة الجديدة وهم كل شوية يشغلوا أغاني فرحية بيه”
ضربت حور كفاَ بكفِ وهي تقول بأسف:
“لا حول ولا قوة الا بالله..، دلوقتي الفرح بقى بالأغاني والمعصية؟ والقرآن مبنشغلوش غير في العزا بس!”
وقفت حور ترتدي نقابها وتهندل ثيابها فنظر إليها محمد مضيقاً عيناه وهو يقول:
“رايحة فين؟”
سألها بتوجس وهو يعلم جيداً إلى أين ستذهب فأجابته وهي تقول ببراءة:
“رايحة أبارك لخالتي أم سماح يابابا”
“رايحة تباركيلها برضو؟”
ضحكت حور وهي تفهم مقصده جيداً ثم غمزت له وهي تقول:
“منا لازم برضو أروح أحط التاتش بتاعي”
وما إن أنتهت عبارتها حتى أخرجت هاتفها تستأذن زوجها أولاً تخبره أين ستذهب ولمَ فوافق ليث لأنه يعلم نيتها على إمتعاض رغم أنه لا يحبذا خروجها دونه ولكنها أخبرته بأن هذه هي نفسها المرأة الذي يجلب لها ليث الطعام كي تصنعه لوالدها.
خرجت حور ثم توجهت نحو منزل أم سماح ورغم أن الباب بالفعل كان مفتوحاً إلا أنها طرقته وهي تنادي حتى خرجت لها والتي ما إن رأت حور حتى أنفرجت أساور وجهها بسعادة وهي تحتضنها بالغة حتى جلست معها وبعد الترحيب أردفت خالتها أم سماح وهي تقول:
“والله يا حور انا مش عارفه أشكرك ازاي على اللي الأستاذ ليث بيعمله معانا”
نظرت لها حور بتعجب وهي تقول بجهل:
“ليث!؟ عمل اى مش فاهمة”
“أيوه ما هو اللي وظف محمد ابني”
تفآجأت حور من حديثها فزوجها لم يخبرها بأي شيء من هذا القبيل ورغم ذلك أبتسمت بأنها عمل هذا لوجه الله وليس لأجلها أو لأجل اى شيء آخر.
“علشان كدا مشغالين الأغاني بقى”
هتفت حور بنبرة لطيفة فشعرت الأخرى بالخجل وهي تقول من مكانها كي تطفأ تلك الموسيقي وهي تعلم تمام العلم بأن حور لا تحبها ثم عادت وهي تقول:
“العيال يابنتي فرحانين وقاموا مشغلين البتاع دا”
أبتسمت حور أسفل نقابها ثم أردفت بهدوء ونبرة لينة وهي تقول:
“اديكي قولتي يا خالتي هم عيال ومكنش ينفع تطاوعيهم في اللي هم بيعملوه”
“انا محبتش أزعلهم وقولت أخليهم يفرحوا شوية”
بررت فعلتها الشنعية تلك بينما ظلت حور محافظة على نفس نبرتها وهي تقول بلين:
“الفرح مش بالمعاصي يا خالتي.، فيه آيه في القرآن بتقول وعصيتم من بعد ما آراكم ما تحبون.، يعني بعد ما ربنا بيرزقنا اللي بنحبه بدل ما نشكر فضله بنعصيه..، لما ربنا بيرزق اى اتنين بالزواج في ظل الظروف دي بدل ما بيحمدوا ربنا وشكره فضله بيروحوا يعملوا فرح فيه أغاني ورقص وأختلاط وعُري ويبدأوا حياتهم بذنوب ومعاصي ولما ربنا يرزق حد بشغلانة كويسة ولا رزقه بمولود يشغل اغاني برضو وذنوب ونعصي ربنا بعد ما آرانا ما نحب”
ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك… ليس كل شخص يستحق أن يطلق عليه لقب داعية… ولا من حق أحد أن يتناظر على غيره فعندما أمر الله موسي وأخيه أن يذهبا إلى فرعون قال (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)
وهذا ما تفعله حور عند نصحها لأحد تنصح بالين والرفق ولذا أثر حديثها بخالتها أم سماح والذي بدورها هتفت:
“أستغفر الله العظيم وأتوب إليه الله يسامحنا على ذلاتنا ويعفو عنا.. والله معاكي حق يابنتي مش هخليهم يشغلوا البتاع دا التاني”
أبتسمت حور وهي تزفر براحة لأنها تقبلت نصيحتها.. فليس من الضرورى أن تتقبل الأخرى النصيحة حتى ولو كانت تحدثها برفق.
قامت حور من مكانها تستأذن منها كي ترحل ثم تعود إلى حيث أبيها من جديد.
🌸اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد🌸
*كان يلقبني بصَاحبة أجمل عينين ذلك الذي أعمىٰ عيناي من فرط البُكاء*
كانت ياسمين جالسه ومازالت تشعر بالحزن الشديد وتفكر كانت هانت عليه بتلك السهولة كيف أستطاع أن يتركها وهو من كان لا يريد شيء سواها!.
مسحت دموعها بوجع ثم همت كي تذهب وتخبر والدها ولكنها تفآجأت به يدخل عليها الغرفة وهو يقول ببسمة:
“تعالي يا ياسمين عمر عايزك برة”
وعلى الطرف الآخر كانت سهير جالسه تبكي هي الأخرى بألم وهي تتذكر كل ما قاله لها أحمد بحزن ولا تستوعب بأنه تركها ورحل غاضباً بعدما فسخ خطبتهما.
سمعت صوت إشعار يصل إليها فأمسكت هاتفها بلامبالاة ولكنها جحظت عيناها عندما وجدت تلك الرسالة منه!.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *