رواية عيسى القائد الفصل الثامن عشر 18 بقلم آية محمد
رواية عيسى القائد الفصل الثامن عشر 18 بقلم آية محمد
رواية عيسى القائد البارت الثامن عشر
رواية عيسى القائد الجزء الثامن عشر
رواية عيسى القائد الحلقة الثامنة عشر
” طلقني يا منتصـر.. ”
” بس أنا اختـارتك أنتي يا فـردوس.. أنا مقت.لتـوش، هـو اللي حاول يخلص عليا والله حتي شوفـي “..
مد ذراعه لهـا فأنتبهـت له تضع يدها برفق علي ذراعه وقد استعـادت بعد هدؤها بعـد كلماته الأولـي وسألته بإهتمام:
” اي اللي حصـل؟! “..
فـلاش بـاك…
” طب اللي يهـرب يلـم نفسه لحـد ما الدنيـا تهـدي حواليـه، مش أول ما تـهرب تسن سنـانك علينا من تانـي، اي يا نبيـل نسيت تايجر ولا اي!!! “..
إلتفت نبيـل بصدمـه عندما وجـد منتصـر خلفـه ولكنه لم يسأله كيـف توصل لمكـانه عندمـا رأي حراسـه مُقيـدون بواسطـه حراس آخرين يعـرفهم جيدا، حراس القائد..
” خوفت صـح!! كنت اتـعد’مت أهون علي الأقل كـنت رحمت نفسـك مني ولا أنت مبتحرمش!! “..
اقتـرب منتصـر يتـرك المُقدمات والحديث الذي لا داعـي لـه وأخذ يُكيـل لـه الضـربات المؤلمه الواحدة تلو الأخري دون اي فـواصل، لا يـري أمامه سـوي صـورة زوجتـه التي قُتـلت غـدرا…
لم يبـتعد إلا عندما رأي عيسـى و خلفـه قاسم وقـوات الشـرطـه فأبتعـد نبيـل يـأخذ سـلا’ح منتصـر من بين ثيـابه يصـرخ بجنون:
” محدش يقـرب مني وإلا هخـلص عليكم.. محدش يقـرب مني “…
نـظر له منتصـر بسخـرية و مد يـده لأحد الحراس فأعطـاه سلاحـه ليصـوبه منتصـر تجاه نبيل:
” محـدش هيقـرب غيري، أنا كفـاية عليك “..
صـاح قاسم بتحـذير:
” لا يا منتصـر.. سيبـه أنا هتصـرف معاه “..
” أسيبـه علشان يهـرب تـاني يا حضـرة الظابط!! هو مش ليه حكـم إعـد’ام.. خلاص أنا هنفـذ “..
” هتتعـرض للمسائلة القانونيـة يا منتصـر.. وأنت يا نبيـل إرمي السلاح مش هتستفـيد حاجـة باللي بتعمـله دا!! “..
أجابه نبيـل بغضب:
” ما أنا كـدا كدا ميت، يبقي مش هموت لـوحدي بقي “..
يـده الممسكـه بالسـلا’ح تجـاهد لإطـلاق الرصـا’ص وعقـله كأنـه توقف عن التفكيـر و لثـانيـة واحده استمـع لصـوتها وكأنهـا تتحـدث من داخـله أو تقف بجـواره لا فاصل بينهـما تُهمـس بإسمـه فقـط.. لم تكـن نسـرين هذه المره بـل كانت تلك الصغيـرة التي أيقظت بداخـله مشـاعر لم يختبـرها حتي في زواجـه الأول، كأنه يـراها ويري نفسه من خلف القضبـان وهي تتكـر عليه نفس سـؤالها الأخير لـه تسأله إن كـان لها ولو مكانا صغيـرا بقلبـه…
أخفض منتصـر سلاحـه و تراجـع خطوة للخـلف ولكنـه هاجمـه نبيـل بـطلقه نـارية بالكـاد اصابت ذراعـه فأمسك منتصـر ذراعه بألم و قـبل أن يتأخذ أحد ردة فعـل كانت رصـاصه قاسم تستـقر بصـدر نبيـل يقول بضيق:
” طلبها ونـالها “..
نـظر عيسـى له بضيق وأقتـرب يفحص ذراع منتصـر يقول بهـدوء:
” هنـربطـها بس دي شظيـه، مفيهاش حاجـة “..
أومـأ له منتصـر بتعـب وقبل أن يتحـرك سأله عيسى:
” سيبته لـيه؟! “..
” علشان عنـدي اللي أخاف أتحبس وأسيبهـا… مش عـاوز يبقي حبهـا ليا يبقي سبب تعبهـا، حب فـردوس ليا هو أحلي حاجـة حصلت معايا، أنا اللي محتاجها مش هي “…
ابتسـم عيسى بهـدوء ثم تحـرك للخارج رفقـة منتصـر وعاد به للقـصر…
بـاك…
” أنت حـلو أوي يا منتصـر “..
ضـحك منتصـر واتسعت ابتسامتهـا ينـظر لعينهـا التي إلتمعـت بحبـها لـه، أقترب منهـا يطبع قبله رقيقـه علي جبهتهـا فنظرت له بضيق:
” مش هتتغـير أبدا “..
تعـالت ضحكـاته و اعـتدل يـُمسك ذراعـه بألم يقـول بحسـرة:
” أنا عـاوز دكـتور يشوفلي دراعي دا بجد “..
” دكـتور خـالد هنا خليـه ينضفلك الجرح قبل ما يلتهب “..
سكـن جسد منتصـر و نظر أمامه لدقيقـه ثم وجـه عينيه لها يسألها بإستنـكار:
” دكـتور مين اللي هنا يا قلبي؟! “..
ابتلعـت ريقها تقول بتوتر:
” دكـتور خالد.. هو اللي جابنا هنا وأنا والله مقولتلوش عيسي اللي قـاله، وبعدين كان واقف هنا مشوفتوش “..
أجابهـا بضيـق:
” مكنتش شايف غيرك “..
” والله أنا ما عارفه افرح ولا ازعل من الجـمله، قوم يا منتصـر ناديلهم والله ما عارفه عيسى مفضيلنا الجو علي اي! “..
” تعـرفي إن أهم مميـزات البنت إنها تكـون تقيـله “..
” إحلف والله أنا خمسـة وسبعين كيـلو كدا تقيـلة صح! “..
نـظر لهـا منتصـر بتقـزز ثـم تحـرك بعيـدا عنهـا يقـول بيأس:
” مفيش فـايدة، فيـن دكـتور خالد دا يجـي يعمـلي ايدي خلـوني أروح أنام “..
أخـرج منتصـر هاتفـه ليتصـل بعيسـى فآتي بعـد قليل و خلفـه خـالد و بعـد دقائق كـان الجميـع بالأسفـل و خالد يجـلس جوار منتصـر ينظـف له جرح ذراعـه وفـردوس تنـظر له بآسـى:
” محتاجيـن مستشفس نتحط فيها إحنا الإتنيـن “…
أجابتهـا زينـات بضحـك:
” علي رأيك يا بنتي والله، بس يـلا الحمد لله إنكم بخـير “..
قـال عيسى بهـدوء:
” السـاعة بقـت سبـعة، خـلونا نـرجع البيـت أنا تعـبت عاوز أنـام شوية وأعتقـد كلنـا تعبانين يا عيـلة مفيهـاش غير مصايب وبـس، أنا نفسي ناخـد نفسنا يوميـن بس حتي!!! “..
ضحـك خالد وأقتـرب يسـير جـواره للخـارج و بالخـلف منتصـر يُسـاعد فـردوس علي السيـر و البقيـة خلفهـم، عائـلة جـذابة للمصـائب حولهـا، لا يمـر يـوما دون قصـة جـديدة بينهمـا وبين الحياة الطبيعيـة سدا يمنعـهم من السـلام والراحـة…
……………………………………………………………..
بعـد شهـر..
” يعـني اي يعنـي الكيـلو ب40 جنيـة ليه هي الطمـاطم فاكره نفسها مانجـا ولا اي!!! أما أنتوا شوية حـرامية بصحيح!! “..
أقتـرب البائـع منها يصيـح بغضـب:
” بقولك يا ست يا تشتـري بالسعر اللي أنا حاطه يا تتكلي علي الله، مش ناقصـه مناهـدة علي الصبح “..
” لا هشتـري و 25 عشـرين يا هفـرج عليك الخلق كلهم وأقولهم إنك بتزور في الميزان يا حـرامي “..
نـظر البائع حـوله بغضـب خوفا من أن يخسـر زبائنـه، إقتـرب سليم يقف جـوارها بعد أن حصل علي المشتريات التي أخبرته بإحضـارها فنظرت بداخل الحقيبة وهي تلتقط أنفاسهـا بصعـوبة فسألها بتعجب:
” أنتي كنتـي بتجـري ولا اي؟! “..
لم تجيبـه بل ألتفتت للبائع تنظـر للميزان بتـركيز ثم أخذت منه الخـضار وأعطـته المال وهي تحدجـه بنظرات غاضبـة، حتـي سليم جوارها كان يتابعهـا بتعـجب..
” بقـالك يـومين بايت في المستشفي ليـه؟! “..
” شغل مهـم والله، مش قولتلك اقعـدي اليومين دول عنـد أهلك بدل ما تفضـلي لوحدك؟! “..
” لا كنت مشغـولة في تنضـيف الشقـة، أول امبارح روحت في معادي عند الدكـتورة وطولت شوية و بعـدين رجعت مخـرجتش غير لما أنت كلمتني انك جاي، قولت بقي أقابلك تيجي معايا أجيب الخضـار قبل ما تطـلع “..
” طب قوليلـي عاملة أكل اي النهـاردة؟! “..
” لسـه معملتش، هعملك مكرونة بالبشاميل “…
” الله أنا بحبهـا أوي “..
” ما أنا عـارفه عشان كـدا قولت هعملهـا لما تـرجـع “..
غمزها سليم يسألها بمشاكسه:
” دا حب دا ولا اي؟! “..
” تؤ، إهتمـام “..
ابتسـم يقـول بهدوء:
” واي يعنـي و هو الإهتمام اي غيـر وسيلـة للتعبيـر عن الحـب… ما علينا من المسميـات يا زيـنـة “…
” اي حكـاية زينـة دا!! إسمي زيـن وبس “..
” عاجبنـي زينـة أكتـر و عـارف إنه بيـوترك وأنا بحب أشوفك متوترة “..
دلفـت لجواره بالمصعـد و نظرت لـه بتـوتر بالفعل تـدافع عن نفسها:
” علفكـرا مبتوتـرش ولا حاجه، بس مش فـاهمه ليه ممكن تكون بتحب توتـرني!! غلاسه وخلاص!؟ “..
إلتفت يخطـو تجاهها يقـول بثبات:
” علشـان دا معنـاه إن ليا تأثيـر عليكي، وأي راجل هيحب كدا، بحب أشوف في عينيكي إن قـربي منك بيلغبطك.. إحساس حـلو صدقيني “..
” كـلام كتب و فلسفـة فـارغه والله “..
قـالتها وهي تتجـاهله تخطـو لخارج المصعـد ثم أخرجت مفتـاح الشقـة و تحـركت للداخـل تجاه المطبـخ وهو خلفهـا فألتفتت تأخذ منه الأغراض وقالت بهدوء:
” أدخـل غير هدومك ونام شويـة علي ما أحضرلك الغداء و آه علفكـرا ماما بكـرا عازمانا علي الغـداء متقـوليش عندي شغـل، هي عاوزاك تقعـد مع خالد تقنعـه يشيـل موضـوع حنة دا من دماغـه “..
” أنا مش عـارف ماما رافضـه ليه بجد! “..
” علشـان هي في مقام أخت عيسـى و هـي برغم كل اللي عيسـى عملـه خايفـه، هي شايفـه إن كل اللي حـواليه بيتأذوا بسببـه، حتي مرات منتصر صاحبـه ماتت بسببـه “..
” اه مرات منتصـر دي كانت عـندي في المشرحه أنا اللي مطـلع التقـرير بتاعهـا، كانت جريمـة بشعه “..
” ربنـا يرحمها ويغفـرلها، بس أنا عاوزاك يا سليم تقعـد دع ماما هي وتقنعهـا توافق، البنت كويسه ومحـترمة و متعلمـة كـويس ومثقفـه وأنا بجـد شايفاها مناسبـه لخالد، دا طبعا غير إني شايفه حب خـالد ليهـا و زعلانه علي زعـله، حاول تقنع مـاما يا سليم بالله عليـك.. يعني في الأول والأخر.. لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنـا “..
يبـدو أن شمس الحيـاة بدأت في الإشراق من جـديد بالنسبـة ل زيـن، فأصبحـت أكثر إهتماما بذاتها وبمن حـولها، أكثر حيويـة و نشـاطا وهذا يُعجبـه، بل يـجذبه تجـاهها، إهتمامه بهـا أصبح رغبتـه الداخله وليس مجـرد واجبـه كالوقت السابق يحرص فقط علي تأديتـه…
” إن شاء الله المـوضوع هيتم، هحاول أقنعهـا بـكرا و خيـر بقي، يـلا أنا هدخل دلـوقتي أنام شويـة “..
ابتسـمت وانشغـلت بمـا حولهـا تبدأ في تجهيـز الطـعام حتي انتبهـت علي صوتـه يناديهـا فتحـركت للداخـل لتري ما يـريد..
” نعـم؟ “..
” أنتي نقـلتي حاجتك هنـا؟ “..
” اه، هو.. دي نصيحـة الدكـتورة، هتضايق؟! “..
إلتفت ينـظر لها بتعجـب وأجابها سريعا:
” لا طبعـا “..
ابتسمـت بتـوتر وكادت ترحـل ولكنها توقفت علي سؤاله المتعجب:
” أنتي اشتـريتي هدوم جديـدة؟! “..
” أيـوا.. لبس بيتـي و كام طقـم خروج “..
” جـبتي فـلوس منيـن؟ “..
” أخدت من بـابا “..
عبسـت ملامحـه وسألها بحده:
” يعني إي أخدتي من بـابا؟! ليـه مش قـادر أصرف عليكي ولا عـارف أجيبلك هدوم؟! ليه مطلبتيش مني عمـري ما كنت هرفض!! “..
” أنا.. بصـراحه اتحرجـت، أنا بـاخد منك مصـروف البيـت و متعودتش أنا اللي أطلب “..
تنهـد سليم ينـظر لها بإنزعـاج و أردف بحـزم:
” أنا محـدش يصـرف علي بيـتي ولا علي مراتي يا زيـن حتي لـو بابا.. حقـك عليا أجيبلك كل اللي أنتي عـاوزاه ومفيش حاجه اسمهـا اتحرجـت “..
” معـاك حق، أنا أسفـة “…
تنفـس ليـعود لهـدوئه ثم أقتـرب يقف أمامهـا وأمسك بيدهـا يقـول بهدوء:
” لما تحتاجي اي حاجـه تقـوليلي وأنا هسيبلك زيادة علي مصـروف البيت بعـد كدا “…
رفعـت عينيهـا له، كيـف يمكـن له التصـرف معهـا بكـل ذلك الود، وكأنه لم يُجبـر علي الزواج منهـا، بحـثت بعينيه عن النـدم علي قراره فلم تجـده رأي ندم ذلك وهو يفعـل كل ما بإستطـاعته لمساعـدتها علي التخـلص من ذلك الإكتئـاب الذي شخصتهـا بـه الطبيبـه..
في البدايـة تـركهـا لراحتهـا، تركها لعزلتها و صمتها الدائم و بكـاؤها المستمـر، بمجـرد ان خطـت هي خطوة واحده لمحاولة إنقاذ زواجهم كان هو بالمقابل يفعل أضعاف ما تفعـله، وكأنها لم تنفر منه يوما، لم تتجاهله بالأيام والليالي!! لم تسـرق منه الحق بالزواج من فتاة يُحبهـا…
سحبـت يدهـا و ابتسـمت بخفـوت تتحـرك للخـارج تتركـه ينظر في أثـرها كالمعتـاد..
…………………………………………………
” روح أقعـد جمب إخواتك يا عيسـى وسيبني أشـوف اللي ورايا “..
” يعنـي موحشتكيش؟ ولا كأني بقـالي أسبـوع مسافـر “..
إلتفتت تنـظر له بحـب، لم تشتاقـه!! بل فعـلت حتي كـادت تجـن لغيـابه، كانت تلك المرة الأولي التي يذهب بهـا عيسى في سفـر طويل لأجل عملـه و بقيت هي بـدونه تنتظـره بكل لحظة، غمزها عيسى يقول بخبث:
” خلاص عينيكي قـالت كل حاجه “..
ابتسمـت وعادت لتدفعه للخـارج:
” يلا روح أقعـد مع اخواتك بقالك كتير مشوفتهومش “..
تـراجع بظهـره وبصعـوبة تمكن من رفـع عينيه عنهـا فهـو اشتاق لها حقـا، تحـرك للخـارج ليجلس مع اخواته الذيـن قرروا فجـاءة زيـارته و زيـارة اختهـم و ابنة عمهم…
بـالخـارج كـان منتصـر يجـلس علي الأريكـة يأكل أظافـره يُحـاول السيطـرة علي غيـرته فهم بالنهاية اخوتهـا، ربمـا لأنه نادرا ما يـراها معهـم، لم يعتـاد رؤيـتها جوارهم، لم يعتاد فقط..
نـظر له عيسـى بخبث واتجـه يجـلس جوار عمـار حيث جـلست فردوس بيـن التؤاميـن و بذلك ضمت الأريكـة أربعتهـم و أمامهم منتصر يـرسم ابتسامـة علي وجـهه، فقـط ضحكـاتها وسعادتهـا جوارهم هي ما منعته عن أخذهـا من بينهـم…
” أخبـار الجيش اي يا دفعـه؟ “..
أجابه عمـر بضيق:
” ادعيـلي اخلص بقي علي خيـر “…
” ربنـا معاك، بتبقي فتـرة صعبـة أنا عـارف بس هانت خلاص “…
سألته فـردوس بتعجـب:
” اي دا أنت دخلت الجيش يا عيسى؟! إزاي وأنت مكنتش تعـرف إن عندك إخوات!؟ “..
ضحـك عيسى وأجابهـا بسخرية:
” ما الحكـومة عارفـة هيفيد معـرفتي أنا في اي بقي!؟ “..
ضحـكت فردوس و نظـرت لعمـار تقول بشفقة:
” كلها سنـة وشوية وعمـار هو كمان يدخل الجيش “..
ابتسم عمار بهدوء ثم ألتفت يهمس لعيسـى:
” عاوز اتكـلم معاك شوية “..
اومأ لـه عيسـى و تحـرك وخلفه عمـار تجـاه التـراث، وقف الإثنان لدقيقـه ينـظران للطريق بالأسفـل، تنهد عمـار وأردف:
” أنا عـندي فشل كـلوي.. “..
إلتفت عيسـى ينظـر له بصدمـه فأكمل عمار محافطظا علي نفس وتيرته من الهدوء:
” الدكـتور اقتـرح أغسل مرة و بعد كدا أكمل علي أدوية بس بعـد كدا قالي لا لازم أغسل مرتين في الأسبوع، لحـد ما ألاقي متبرع لأن حتي الغسيـل مش هيكمل معايا كتيـر “…
لم يستطـع عيسى التفكيـر كثيـرا فقد اصابه الحـزن لأجل أخيه الذي بالكاد يبـلغ ثلاثة وعشرون عاما..
” مش الإنسـان ممكن يعيش بكليـة واحده أصـلا؟!! “..
أجابه عمـار بآسى وهو يُحـاول إخفاء دموعه:
” أنا أصلا عايش بكـلية واحده يا عيسـى.. “.
” يعنـي اي؟! انت مولود بكـلية واحده ولا أنت كنت تعبان بردو قبل كدا؟! “…
” أنا اتـولدت بكـلية واحده كـانت تعبانه بس كنت باخد علاج و كانت أموري تمام.. لحد من خمس سنين مبقـاش في حل غير إن حـد يتبرعلي.. وساعتها عمر اتبرعلي وكنت قولت خلاص الكابوس انتهـي، مكنتش متوقـع إن دا هيحصل تـاني “..
صمت عيسـى لثواني ثم أردف بحـزم:
” خلاص أنا هتبـرعلك… أنت تفضل هنا و تأجل الكلية السنادي هنـروح أحسن مستشفي متقلقش و هنحل الموضوع “..
” وبعـدين يا عيسى.. هيـرجع يحصل فشل تاني وأدور علي متبـرع تالت؟! خلاص هو دا نصيبي وأنا راضي بيـه، أنا مش بقـولك علشان كدا أنا بس كنت عـاوز أوصيك علي عمر، عمر ذكـي و مجتهد بس طايش مش واخد الحيـاة جد، انا عاوزه يبص لمصلحته ومحدش هيهتم إنه يكـون أحسن غيرك “…
” اللي أنت بتفكـر فيه دا علي جثتي، مش هقف أتفـرج عليك، بقـولك اي أنت معـاك جواز سفر؟! هنسافر برا مصر في أقرب وقت.. جهز نفسك “..
” أنا خايف.. أنا مقولتش لحـد غيرك علشان مش عاوز اسمع مواساه من حد “..
اقتـرب عيسى منه يضمـه بقـوة للمرة الأولي وربت علي ظهـره يقول بحزم:
” وأنا مش هواسي علشان أنت هتبقـي كويس، أخوك موجود وهيتصـرف متخـافش، ان شاء الله هتبقي كويس و هتكمل الكلية و هتتخـرج و هفتحلك عيـادة محدش يحلم بيها، سيبك من عمر دا صايع أنا عارف مش محتاج توصيه دا محتاج يتربي أصلا، أنت فاكرني مش عارف أنـه طايش وبتاع بنات، لا أنا عارف بس مستني يخلص الجيش و هاخده الشركة أسحله في الشغل، متقلقش عليه “..
تحـرك الإثنين بعـد دقائق للداخـل وعيسى بـداخله يخشي فقـدان أخيـه، أخرج هـاتفه يُرسل لخـالد رساله:
” لما تخلص شغل عـدي عليا، عاوزك ضروري “..
خـرجت زمـرد تقـول بإبتسامة:
” يلا يا جمـاعة العشاء جـاهـز، فردوس تـعالي ساعديني قومي “..
” حـاضر يا زوزو… “.
سـاعدتها فـردوس و جـلسوا جميعا حـول طاولة الطعـام ليجـدوا أصناف الطعـام المختلفه لتنـاسب جميع الأذواق، جلست فردوس تضـع الطعام لمنتصـر بحـب فأقترب يهمس لها:
” حطيلي حاجه أنتي اللي طبخاها عشان وحشني أكلك “..
ابتسمت له بحـنان فهـي منذ اصابتها لم تذهـب لمنزله ولم تعـد له الطعام كما اعتـادت، فبدأت تضع له مما حضـرت هي بنفسهـا ليتناوله بإستمتـاع…
في المسـاء بعـد رحيـل الجميـع، جلس عيسى وأمامه خـالد يستمع لـه فأومأ خالد يسأله بهدوء:
” طيب عمر عنده اي مشاكـل زي دي؟! “..
” أعتقـد لا “..
” لازم تعمـلوا تحاليل المطابقة في أسرع وقت يا عيسى و عاوز عمـار يجي نعمل شوية فحوصات نعرف اي سبب الفشـل المره دي و بـردو لازم ندور علي حلول تانيـه لأن مش أكيد إنك مطابق وينفع تتبـرع “..
” ما أنا أخوه “..
” مش شرط “..
” يعنـي اي؟! لازم أدور علي متبـرع تاني؟؟ طب دا سهل نلاقيـه؟! “..
” لا مش سهـل، المفروض مش أنت بس اللي تعمل تحاليل التطابق، المفروض أنت و والدك و عـمك و والدة عمار و كمان فردوس وزمـرد “..
شـرد عيسى وهو يعـود بظهـره للخلف واضعا يديـه علي رأسه يحـاول التفكيـر في أمر أخيه، فكيـف سيتمكـن من انقـاذه الآن!!..
في اليـوم التـالي…
تحـرك عيسـى لداخل ساحـة الزوار في السجـن..رفـع مجدي رأسه ينـظر لإبنه البكـر بهـدوء وبإبتسامة خبيثـه زادت من غضب عيسـى ولكنه تمكن من كتم غضبه وجلس بهـدوء مزيف:
” أتمنـي الحياة في السجن تكـون عاجباك “..
” جـاي ليه يا عيسـى؟ معقـوله قلبك حن لأبوك “..
” جـاي أقولك إن ابنـك بيمـوت.. عمـار تعبـان ومحتاج متبرع بكليـة “…
” يـاااه.. عمار دا أنا مشوفتوش من وقت ما كان في اللفـة، عنده تقـريبا 25 سنه!! “..
” 23 “..
” طيب، أول ما أطلع علطول هتبرعله، دا ضنايا بردو “..
” تطـلع فين!!! أنت محكوم عليك 13 سنه “..
” والله كل حاجه ليها مقابل “..
” حتي حياة إبنك!! بلاش مسئوليات وبلاش حتي تحبه ولا تكـرهه أنت كدا كدا بصمت بكرهك لينا احنا الأربعه، بس دا موضوع حيـاة أو مـوت!! “..
وقـف مجدي بـلا إهتمام بحـديث عيسـى و أردف بسخرية:
” معاد الزيارة خلص… سلام يا عيسى “..
لأي مدي يمكـن أم يتضاعـف كره عيسى لذلك الرجـل!! تحـرك للخارج غاضبا ينظـر لساعة يـده، علي معـاد ليلتقي ب عمـار الذي آتي بمفـرده هذه المره ليذهبا سويـا للمشفي…
” أخوك هيـرجع الجيش إمتي؟! “..
” بكرا بـليل “..
” بعـد بكرا الصبـح تجـيب حاجتك وتيجـي، هتعيش معايا لحـد ما نخـلص كل التحـاليل و بعـد كدا نسافر أنا وأنت “..
اومـأ عمـار برأسـه بهـدوء حتي قاطعهـم خالد الذي دلف يحمـل بعض الأغـراض لأخذ العينات منهـم فجـلس أمامهم يقول ببسمة هادئة:
” جاهز يا دكـتور؟ نبدأ! “..
اومأ عمـار برأسـه ومد لـه ذراعه ليبدأ خـالد في أخذ عيـنات الدم و الفـحوصات الأخري اللازمة للمطـابقة حتي أنتهـي فتحـرك عيسى مع أخيـه للخـارج…
” أنا هـرجع أنا طنطا دلوقتي علشـان أقـولهـم زي ما قولتلي “..
” لا تعـالا الأول اتغـدي وبعدين ارجـع “..
” لا لا يدوب عشان المواصلات بتاخد وقـت عايز ألحق اقعد مع عمـر شوية قبل ما يرجع الجيش “..
” تمـام.. معاك فلـوس قد اي؟ “..
” معايا متقلقش.. يلا سـلام “..
” سـلام “..
رحـل عيسـى عائدا لشـركته ليتـابع أعمـاله، تـوقف أمام المدخـل الرئيسـى للشركـة ينظـر للافتـة الكبيـرة” آل عيسـى “، ظـل شاردا بهـا لدقائق وهو يُفكـر بأمره وأمر زوجتـه فقـد مر أكثر من سبعـة أشهـر منذ زواجـهـم، يُخبـرها بأن أمر الأطفـال لا يُهمه ولكن بالحقيقـة الأمر لم يكـن هينا أبدا وفكـره أن لا يـرزقهم الله بطفـلا أثارت القلق بـداخله، ربما عليه المثول لأمرها والذهاب لطبيب كمـا تُخبره دائمـا وهو قد سبق و وافقها ثم عـاد ليُخبرها بالإنتظـار شهرا أخر، ها قد مر ذلك الشهـر وستعـود زمـرد للحديث عن الأمر من جـديد..
أخرج هاتفـه يتصـل بها فأتي صوتها بعـد دقيقة:
” اي يا حبيبي “…
” مشغـولة دلوقتـي؟! “..
” لا أنا قـاعدة بلعـب في الموبايل شويـة بس بتسأل ليه أنت هترجع دلوقتي؟ أنا لسه محضرتش الغداء “..
” زمرد.. جاهزة دلـوقتي نروح لدكـتورة علشان موضـوع الحمل!! “..
اضطـربت زمرد وتمسكت بهـاتفهـا و شعرت بالخوف و لكن رغم ذلك أردفت بهـدوء:
” اه.. اه نروح دلوقتي “..
” ماشي يا حبيبتي، البسي أنا جايلك في الطـريق “…
اومأت برأسها وكأنه يراها ثم أنهت المكـالمه تتحرك تجـاه خزانتهـا، كانت خائفـة.. لا تعرف إن كان تأخر حملها طبيعيـا أم هناك سببا يمنعهـا!!
كانت تفـكر في كافة الإحتمالات في تلك اللحظات، بماذا ستُخبرهم الطبيبـه؟! ستصبح أما أم لا!!!
بعـد نصف ساعـه كانت تجـلس بداخل السيـارة بجـوار عيسـى الذي تحرك بصمـت، صمت أقلقهـا!! نظـرت للكدمه الصغيرة بيده و اللازق الطبي الذي يُظهر بأنه أجري تحليلا بالفعـل.. إذا أجري عيسى تحليلا!!
” عيسى؟ هو أنت عملت تحليل؟ “..
نظر عيسى للاصق بيـده وأومأ برأسه يجيبها بهـدوء:
” بس دا علشان حاجه تانيـة، هقولك عليها بس مش دلوقتـي “..
” حاجـة اي؟!! لا متخبيش عليا قولي دلوقتي؟ أنت كويس؟ “…
” أنا كويس يا حبيبي، التحليل دا مش عشاني.. متقلقيش بس خلينا دلوقتـي في موضوعنا وبعدين هحكيلك كل حاجه، أكيد هحكيـلك “..
أومأت برأسها و بعـد دقائق توقف عيسـى أمام عيـادة الطبيبـة فتحـرك الإثنين لخـارج السيـارة ثم أمسك عيسى بيدها يتحركان لداخل المبني ينظر لعينيها بإبتسامـة ليطمئنهـا…
جـلست زمـرد جواره بإنتظـار دورهم وللمرة الأولي لا تستطيـع التنفس خلف نقابهـا من فـرط توتـرها…
حـان دورهم فدلف عيسى وهي خلفه يجلسان أمام الطبيبـة فرفعت نقابها تلتقط أنفاسهـا فرحبت بهـم الطبيبـة بنبرة هادئه وهي تري القلق باديا، خوفا من سماع ما لا يطمئنهم…
” مـدام زمـرد صح… أهلا بيـكي “..
أومأت لها زمـرد بإبتسامـة فسألتهـا الطبيبـة بهدوء:
” بتشتكـي من اي يا زمرد؟ “..
أردف زمرد بصوت خافت:
” إحنا متجـوزين بقالنـا 7 شهـور و مفيش حمـل، أنا عارفة إن الفترة يمكن مش كبيرة بس أنا قلقانه، أنا جاية بس أتطمن “…
” إن شاء الله تخـرجي متطمـنه، اتفضـلي معايا “..
تحـركت زمرد خلفهـا وأجرت الطبيبـة فحـصها ثم عادت لتجـلس من جـديد تسـألهم بهدوء:
” أنتـي عنـدك أي أمراض يا زمرد؟! “..
” لا، الحمد لله “..
” وأستاذ عيسـى؟ “..
أجابها عيسى بالنفي:
” لا “…
سـألتهم مرة أخري:
” في صلـة قرابة بينكم؟ “..
أثار ذلك السؤال القلق فيما بينهـم ينظر كلا منهما للأخر وأومـأ عيسى برأسه يجيبها:
” اه.. بنت عمي “..
” اي يا جمـاعه القلق اللي علي وشكم دا أنا لسه بعمل تشخيص “…
قال عيسى بثبات:
” مفيش قلق ولا حاجه يا دكتورة، كملي من فضلك “..
أكمـلت الطبيبـة اسئلتهـا وتبـادل الإثنين في إجابتهـا حتي أنتهـت وأخيرا تقول بهـدوء:
” هكتب لكم تحـاليل تعملوها وترجعوا بيها زي النهـاردة ان شاء الله، بس مبدأيا أنا شايفـة إن مفيش داعي للقلق خالص “…
ابتسـمت زمـرد فأومأت لها الطبيبـة بأن لا داعي لقلقهـا بالفعـل، تحـرك عيسى خلف زمـرد للخارج ثم اتجـه ليُحضـر سيـارته وتحـرك بهـا، كانت صامتـه طوال الطريق حتي توقف عيسـى أمـام أحد المطاعم الفاخـرة فنظرت حولها بتعجب:
” اي دا اي اللي جابنا هنا؟! “..
” هنتغـدي، مش ملاحظة إننا مبنخرجش خالص مع بعض؟ “…
” ملاحظه طبعا، بس علي أمل تخطفني في يوم ونقضيـه لوحدنا، والله أنا بدأت أقتنع بنظريـة فردوس، الإهتمام لازم يتطـلب “…
أجابها عيسى بضحك:
” فردوس مبتطلبش الإهتمام من منتصـر، منتصـر تحت تهـديد السلا’ح تقريبا “..
” بالعكس والله، منتصـر فعلا مهتم بفردوس أوي.. دي لو عملت اي حـاجة بسيطه تلاقيه بيشجعها و بيحتفل بيها وبيعتبرها عاملـة إنجـاز.. ربنا يحفظهم يا رب “..
” ممكن اسألك سؤال! أنتي بتحسي إن منتصـر بيهتم بيها.. أكتر ما أنا بهتم بيكي؟ “..
تنهـدت زمـرد تجيب سؤاله بسؤالا غيره:
” ليـه بتقـارن بينا وبينهـم؟ همـا ظروفهم غيرنا و طباعهم غيرنا يا عيسى.. طمـوحات منتصـر مش نفسها طموحاتك و إحتياج فردوس مش زي احتياجي أنا.. أنا شايفـاك بتسعـي لحيـاة أحسن يا عيسى وأنا شايفاك بتكبر في شغلك علشان طمـوحك وعلشان تسيب بصمتك يعني مش كل اللي بتفكـر فيه الفـلوس وبس.. بتهتم بكل اللي حواليـك، بتحـاول تعوضني دايما عن الوقت اللي بتقضيـه بعيد عني في الشغل والسفريات، فـ لا أنا شايفـة إنك أكتر حد بتهتم بيا في حياتي و مبفكرش في اي حـاجة تانيـه “…
ابتسم عيسى لهـا وأخذ يدها يُقبلهـا بحب ثم أردف بهدوء:
” طيب يلا انزلي علشان نتغـدي “…
تحـركت زمـرد و بجـوارها عيسى لداخل ذلك المطعـم لتجـد الجميع يـرحب به فنظرت زمرد له بتعجب تسأله:
” هو أنت تعرف صاحب المطعم؟ “..
” تؤ.. أنا صاحب المطعم “..
غمزهـا عيسـى فتحـولت صدمتها لذهول ودهشه وهي تنـظر حولها لذلك المكـان الفاخر، وبرغم كل أمواله فهو يختـار حيـاة متوسطـة في شقـة عـادية بالنسبة لثروته تلك تاركا حياة القصور المزيفـة…
” المنيـو يا فنـدم “..
رفـع عيسى رأسه للنادلـة ليتحدث ولكن الصدمه منعته عن الحـديث، فهو يعـرف تلك الفتاة التي ترجته قبـل أشهر عـديدة بأن يتركهـا، أن لا يتقرب منها ففعل عيسى بل هو من أعطـاها ذلك العمل حتي.. لاحظت الفتاة صدمته تلك فقالت برسمية:
” هسيبكـم براحتكم ولما تبقوا جاهزين تطلبوا أنا في خدمتكم “…
أومأ لها الإثنين فتـراجعـت وقـضي عيسى بقيـة يومه شاردا يتذكـر تلك الفتـرة، يتذكر ذنوبـه حينهـا.. يتذكر ذلك الظلام وقد كـانت شمسه زمـرد…
…………………………………………………..
” يا سليـم إفهمني، والله أنا مش وحشـة و والله حنـة دي بنت زي الفـل، بس ليـه إبني مياخدش واحده مسبقلهاش جواز؟! لا وحتي جواز عرفـي مش متوثق “..
فاض الكيـل، قضي سليم أكثر من ساعة جـوارها يحـاول إقناعهـا، نظرت زيـن لوالدتها بغضب وصرخت بضيق:
” ما تفكـري في بنتك اللي هربت وكانت هتترمي في الشـارع وربنا رزقهـا براجـل واتجـوزها وبيعاملها أحسن معاملـة!!، ماما لو كانت نـور عايشه كان زمانها هي اللي محطوطه في موقف حنـة دا “…
أردف سليم بحده:
” زين إهدي الكلام ميكـونش كدا… بصي يا ماما خالد بيحبهـا بلاش تكسري بخاطره، وافقي علي الأقل علشـان خاطر سعادته هو “….
تنهـدت والدة خالد بتعب وحيـرة ثم أردفت وأخيرا:
” خـلاص، علي خيرة الله ربنا يوفقـه ويسعده، أنا مش عاوزة حاجة أكتر من راحتـه.. خلاص يا سليم قوله إني موافقـه “…
في تلك اللحـظة دلـف خـالد ليـجد الجميـع في صـالة المنزل فأتجـه ليصافح سليم ثم ضم أختـه بحـب يسألها بإبتسامة هادئة:
” عاملـة اي؟ “..
” الحمد لله يا حبيبي “..
ذهـب خالد بنـظره تجاه والدته ينظر لها بعتـاب ورغم ذلك ابتسم بحـزن وجلس صامـتا، أقترب سليـم من زين يهمس لها:
” عاملة اي؟! “..
نظرت له تقـول بتعجب:
” الحمد لله “..
طالعهـا بضيق ثم ألتفـت يبتسـم لخالد يغمزه يقول بمشاكسه:
” أخبارك اي يا عريس؟ “..
” عريس اي بقي ما خلاص “..
تنهـدت والدتـه ثم أردفت بهدوء:
” خلاص يا خـالد، أنا موافقة علي حنـة، هي بـردو بنت مؤدبة و هادية و تناسبك “…
اتسعـت عيناه وطـالعها بصدمه ثم اتسعـت ابتسامته وعلي صوت ضحكـاته فرحا يسألها بعدم تصديق:
” بجـد!! بجد موافقة أكلم عيسى تاني! “..
دمعت عيناها لسعادته وأقتربت تضم وجهه بيديها:
” ألف مبـروك يا حبيبي “..
ضمهـا خالد بحـب وهو يشكـرها بإمتنـان وتعالت دقات قلبـه، أخيرا سيحصـل عليها و يتقدم لخطبتها!!!
غمزه سليم:
” أنا اللي اقنعتهـا “..
” تسلم يا سليـم روح ربنـا يسعـدك في حيـاتك أنت وزيـن يا رب ويرزقكم بالذرية الصالحـة “…
ابتسـم سليم لسعادته تلك ثم ألتفـت لزين يغمزها بمشاكسـه فتحـركت بتوتـر تجـاه الداخل تردف بتذكر:
” يلا… يلا علشان نتغـدي “..
في المسـاء عـاد عيسى لمنـزله ممسكـا بيد زوجته بعد أن قضي بقية يومه معهـا، بعـد أن بدل ثيـابه تحـرك للخـارج علي صوت طرقات علي باب شقتـه ليجـده خالد..
” إزيك يا خـالد إتفضـل “…
” أنا.. عاوز معاد أجيب أهلي وأجي أتقدم لحنـة “…
ابتسـم عيسى بهـدوء برغم سعـادته لذلك الأمر وأردف:
” هفـاتح حنة في الموضوع وأرد عليك… قولي بس التحاليل أخبارها اي؟! “..
” لحظة هتصـل بالمعمل “..
” طيب تعـالا ادخل نقف في البلكـونة، أنا لسه مقولتش لحد “…
دلف الإثنـان و اخـرج خـالد هاتفـه ليتصـل بالمعمل فآتاه الرد بعـد قليـل ليـرسل له المعمل النتائج علي أحد وسائل التواصل…
فأمسك خـالد النتائج يقرأها ليردف بأسف:
” لا يا عيسى، أنت مش هينفـع تتبرع “..
أخفض عيسـى رأسـه يقول بحزن:
” أخـويا بيمـوت يا خـالد صح؟! عمار مش هيعيش فعلا!”..
إلتفت الإثنـان علي صـرخة فردوس التي سألتـهم بصدمه:
“هو مين دا اللي بيمـوت!!”….
تحرك عيسى تجـاهها يأخذ بيدهـا وهي تطـالعه بنفس صدمتهـا تلك، خـرجت كلا من زينـات و زمـرد التي تفاجأت بوجود خالد فعـادت لترتدي حجابها و نقابهـا سريعـا…
” إهدي يا فيفي، خـدي نفسك بالراحـة إهدي “..
ولكنها لم تكن تفعـل سوي البكـاء بصوت مرتـفع و بحسرة و حزن حتي كاد قلبها يتمزق:
” عمـار مش هيعيش ليـه؟! ماله عنده اي!! عالجه يا عيسى بالله عليك حتي لو هنسفره برا “..
” مش هسيبـه والله “..
سألت زمـرد وهي تبكـي أيضا:
” هو ماله يا عيسى أنا مش فاهمه حاجه “..
قال عيسى بآسى:
” عمـار كان عـايش بكـلية واحده.. و للأسف هو دلوقتي عنده فشل كلـوي و بيغسـل مرتين كل اسبـوع بس لازم حـد يتبرعلـه “..
مسحـت فردوس دموعها تقول بثبات:
” أنا هتبرعله.. يلا نروح المستشفي دلوقتي وأنا هتبرعـله “…
” لو متطابقه معاه ولـو مفيش خطر عليـكي وجـوزك موافق هنضطر إنك تتبرعيله أنتي لأن أنا عملت التحاليل ومنفعتش “…
” طيب يـلا نعمل التحـاليل، ان شاء الله مفيش خطر ولا حاجه، أصلا عادي ان الإنسان يعيش بكلية واحده وأنا معنـديش أي أمراض.. هينفع يا عيسى أنا معـنديش مشكله “..
” ومنتصـر لازم تقوليله! “..
صرخت فردوس بغضب:
” لو مش موافق يبقي يطلقني هو حر “..
كـانت تكتم بكاؤها بيـن يديهـا وهي تتذكـر معاناة عمـار المرة السابقـة، مسحت دموعها وقالت بصوت مختنق:
” أنـا مش مطابقـة.. ودلـوقتي عيسى كمان مش مطـابق و بـابا و عـمي عمرهم كبيـر بس لو اضطـرينا يبقي…. ”
قاطعها عيسى يقول بغضب:
” أنا روحت لمجـدي.. عـاوز يخرج من السجن مقابل إنه مجرد يعمل التحـاليل “…
همست زينات بحقد:
” حقيـر “…
نـظرت فردوس لخالد وتحـدث متجاهله حديثهم:
” فصيلة دمي A موجب، دكتور خـالد نقدر نعمل التحـاليل إمتي؟
” كـويس نفس الفصيلـة وباقي التحاليل دلـوقتي لو عاوزين!! “..
أردف عيسى بحزم:
” جـوزك يوافق الأول “..
نـظرت له فردوس وأجابته بحـده:
” تمـام اتصل بيـه دلوقتي “..
تنهـد عيسى بتعـب وأخرج هاتفـه ثم تحـرك للتراث، أجابه منتصر بعد دقيقـة:
” اي يا عيسى؟ “..
” تعـالالي البيت، أنا وفردوس عاوزينك في موضوع “..
” هي كويسـه؟ “..
” ايوا تعـالا بس ومتتأخرش “…
بعـد أقل من نصـف الساعـة دلف منتصـر ينظر بحيره لتجمعهم في ذلك الوقت حتي وقعت عيـنيه علي فردوس و عينيها التي أنتفخت من كثـرة البكـاء فتحـرك تجاهها بريب يجـلس جوارها:
” في اي؟! اي اللي حصل يا فردوس؟! مالك؟ “..
ازداد بكـاؤها و هي تسـتند برأسها علي صدره فضمهـا يربت عليها ونظر لعيسى بحيـرة يسأله بقلق:
” في اي يا عيسـى؟! “…
أخبـره عيسـى بكـل القصـة وعن رغبـة فردوس في التبرع لأخيهـا وبإنتهـاء حديثه حل الصمت علي الجميـع وتوجهت أعيـنهم لمنتصـر، تنفس بعمـق وأخـرجها من بيـن يديه ينظـر لها يهمس لها:
” أنـا معاكي في اللي أنتي عـاوزاه.. بس أوعـديني مبقاش وحيد تاني “…
لا تستطيـع قطـع وعدا لـه برغم أنها تعـلم أن نسبـى نجـاح عمليات كتلك ناجحـه، لا خطر عليهـا ولكنهـا لن تستطيـع قطـع ذلك الوعـد، توسلتـه بعينيهـا وقد استطـاع قرأتهـم ببساطـه فسقطت دمـوعه يضمهـا مرة أخـري لدقيقـة ثم ألتفت لخـالد:
” أعمل اللازم يا خـالد “..
أردف خـالد بهدوء:
” متقلقوش يا جمـاعة مفيش أي قـلق علي فـردوس، خوفكم دا مفيش ليه داعي “..
خـلال يوميـن وبعد الإنتهـاء من كـل الفحـوصات اللازمـة و تطـابقت فردوس بالفعل مع عـمار بنسبة كبيـرة، جـلس عيسى علي الأريكـة أمام فراش فردوس الذي جلست عليه قبـل العمليـة بدقائق تقـول بملل:
” هو فيـن منتصـر؟! اتأخر كل دا ليـه! “..
” راح يخلص شوية ورق تبعك، اقعـدي هروح أشوفـه “..
تحـرك عيسى للخـارج ليجـد عمار في وجـهه فسأله عيسى بتعجب:
” أنت مش في أوضتك ليه؟! بتعمل اي هنـا المفروض ترتاح “…
ابتلع عمار لعابه يسأل عيسى بتردد:
” أنا مش أناني يا عيسى صح!! إني وافقت علي ان فردوس تتبرعلي؟ “..
” لا طبعـا، فيـن الأنانية في إنك تختار تعيش!! أنت وأختك هتبقوا كويسيـن، الإخوات يا عمار بيضحـوا بروحهم علشان بعض مش بس بجزء من جسمهـم، أنا عارف إن مفيش حد كان معانا يفهمنا بس الحياة قدرت تعلمنا كويس كل دا، مخدناش من قسوة وجحـود مجدي وعرفنا نحب بعض “…
” وأنا فعلا بحبك أوي يا عيسى.. عاوز أدخل لفردوس شوية قبل العملية “..
ابتسم له عيسـى يجيب بهدوء:
” ماشي وأنا هروح أشوف منتصـر فين “..
تحرك عمـار لداخـل الغـرفـة ليجـدها تجـلس علي طرف الفراش تنظر حولها بملل فأتجـه يقف أمامهـا مبتسمـا لتـردف هي بحمـاس:
” علفكـرا أنا قـولت لطنط زينـات تعملنا كل واحد فرخاية لوحده ومحدش منهم هياكل معانا، خلينا نشوفلنا يومين دلع بقـي، ومامتك كانت زعلانه إن عيسـى منعهـم يجوا معـانا بس أنا قولتلهـا الأحسن انها تعملك الأكل اللي أنت بتحبه “…
ضحـك عمـار وأقترب يُمسك بيدها ثم وضع قبلـة رقيقة علي جبهتهـا يردف بإبتسامة:
” شكرا يا فيفي “…
ابتسمت له بحنـان ورفعت يديها تضم وجهه تقول بحب:
” أفديك بعمـري والله، أنت مش عارف أنتم بالنسبالي اي يا عمـار، ربنـا يقومك بالسلامة و جسمك يتقبل الكليـة و تعيش شبابك يا حبيبي.. ان شاء الله هـنبقي زي الفـل يلا بقي متخليناش نقلبها دراما وروح أوضتك عشان لو في علاج هتاخده قبل العملية تاخده.. يلا متسيبش سريرك “..
اومأ لها برأسه ثم تحـرك للخـارج ليـأتي منتصـر بعـد دقائق يحمـل أدوية من المفترض أن تأخذها بعد الجراحه، تحرك يضعهـا في أماكنهـا بالترتيب بحرص شـديد وهي تتابعه بتعجب:
” أنت اشتغلت مع التمريض هنا ولا اي!! “..
” شششش.. خليني أركز “..
” تركز اي يا منتصـر سيبك من الحـاجات دي و تعـالا أما أحضنك قبل ما أدخل العملية “…
إلتفت ينظر لهـا يقول بضيق:
” إتلمي أنتي داخله أوضة العمليات “..
” أنت يا ابني حد مديلك علي دماغك ولا مكنتش حاضر وإحنا بنكتب الكتاب ولا اي!! أنا مراتك علفكرا! “..
” شششش اسكـتي وتعالي اقعـدي “..
نظـرت له بضيق ثم جـلست وجلس هو بجـوارها ممسكا بيدها ثم بدأ يتـلو بعض الآيات القـرآنيـة لتطـالعه هي بإبتسامة واسـعه تهمس بحب:
” أنا بحبك يا منتصـر “…
دلفـت حنة في تلك اللحظـة وهي تـدفع عامود مُعلق به أحد المحاليل الطبيـة ثم اتجـهت تأخذ بيد أختها بصمت فهي الوحيدة التي عارضتها ولا زالت ترفض الأمر..
وضعت بهـا” الكالونا “الطبيـة و قامت بضـبط سرعتـه وأردفت بصوت مختنق:
” يـلا.. الدكـتور مستنيكي “..
تحـركت فـردوس خلفهـا ثم ألتفتت تبتسـم لمنتصـر الي بادلها بإبتسـامة ليطمئنهـا ثم جـلس بمفـرده بداخل الغـرفـة، لا يعـرف إن كان عيسى بتزويجها له قد أنقـذه من العودة لذلك الظلام وقد كان ضائعا بـه لأعوام من قبل، أم أن فردوس نفسها فتـاة فـريدة من نوعها استطـاعت هي ضمـه لجوارها و لعالمها ليُصبح شغوفا بها لذلك الحـد…
بعـد عدة ساعـات خـرجت فردوس وأخيـرا يـدفع الممرضـين سـريرها المتنقـل تجـاه الغـرفة من جـديد، اتجـه منتصـر وحنة لهـا يتحـركان معها، كانت فـاقدة تماما لوعيهـا….
” هتفـوق خلال سـاعة، مفيش قلق عليها “..
ذهب الجميـع من حولهـا وتبقـي الإثنين ينـظروا لهـا، كان من المفترض أن تبقي حنـة جوارها و يعـود منتصـر لجوار عيسـى ليكن بجواره تحسبا لأي أمر طارئ ولكن نظـرات منتصـر لفردوس جعـلت حنة تتحرك بإستسـلام عائدة ل عيسـى…
اقتـرب منتصـر من فردوس يُمرر يـده علي وجههـا و دقـات قلبه المتسـارعة تضـرب صدره بقـوة يهمس لهـا:
” أأقول أُحبك يا قمـري! آه لو كـان بإمكـاني.. فأنا لا أملك في الدنيا إلا عينيـكِ وأحـزاني “…
…………………………………….
” عمـار هيطـلع عنايـة لحـد ما وضعـه يستقـر ونشوف رد فعل جسمـه، بس خير ان شاء الله يا عيسى متقلقـش “..
” عاوز أشوفه يا خـالد “..
” صعـب دلوقتي يا عيسـى، اصبر ساعتين تلاته هخليك تشـوفـه “…
تحـرك خـالد للأعلي حيـث غرف العنايـة وبقيت حنـة تقف علي مسافـة من عيسى فأردفت بهدوء:
” خيـر ان شاء الله “..
تنهـد عيسى بتعـب وتحـرك وهي جـواره تجاه غـرفة فردوس فأوقفـته حنة تـردف بخفوت:
” فـيفي طـلبت مني أنفذلها حاجـة أول ما تصحي… لو تفتكـر الشاب اللي كان متقدملي من شهـر هو كلمني تاني فأنا قـررت أعرفـه ظروفي و هو معـندوش مانـع وأنا قـولتله إني موافقـة.. فيفي شالت همي كتير أوي برغم ان المفروض العكس لأن أنا الكبيرة وهي حياتها دلوقتي بقت مستقرة مش عاوزة أكون سبب تاني لزعلها، وهو دا كان طلبها إني أوافق، بس محبتش أبلغها بموافقتي دي قبـل ما أقولك “…
أردف عيسى بتردد:
” بس… بس خالد طالب إيديكي مني، خالد بيحبك “..
توسعت عيناهـا تسأله بصدمه:
” اي!!! “..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عيسى القائد)