روايات

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 البارت التاسع والعشرون

رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء التاسع والعشرون

وسولت لي نفسي 2
وسولت لي نفسي 2

رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة التاسعة والعشرون

اللهُمَّ وجّهنا لما خلقتنا له، واصرفنا عمّا نهيتنا عنه، ولا تشغلنا بما تكفلت لنا به.
اللهُمَّ اجعلنا من جند الخير،
دُلنا عليك، أرشِدنا إليك، علّمنا منك، فهمنا عنك، واعِذنا من مُضلات الفتن ما أحييتنا.
________________________
نظرت ياسمين بصدمة إلى والدها.. ما الذي يفعله عمر هنا؟ هل جاء كي يخبر أبيها بقرر إنفصاله عنها! لم يترك حتى لها فرصة إخبارهم وإسترداد شيئاً من كرامتها!.
خرج والدها مسرعاً حتى يجلس مع عمر إلى حين أن تنتهي هي دون أن يلاحظ دموعها تلك.، بينما هي جلست تشعر بقرب إنهيارها بعدما قد ظنت بأن عمر سوف يهاتفها يخبرها أن تلك كانت مزحة فقط لا أكثر ولكن الأمر الآن أصبح جدياً..
قامت من مكانها ببطء شديد وبروحِ مثقلة بالهموم إرتدت ثيابها دون إكثرات ودون حتى أن تهتم بأن هيئتها حسنة بل وضعت النقاب على وجهها آخر شيء ثم خرجت وهي تحاول التماسك.
كانت تحرك أقدامها بصعوبة وهي مازالت لا تصدق ما هي مقبلة عليه وأنه سوف يفسخ خطبته معها بعدما علق قلبها المسكين به.
وصلت ياسمين إلى الغرفة التي يقطن بها عمر مع والدها حتى سمعت صوت ضحكاتهما سوياً فقضبت جبينها بتعجب.، كيف يضحك معه والدها وهو يخبره بأنه سوف يترك ابنته! ام أن عمر مازال لم يخبره بعد؟.
طرقت الباب بخفة كي تثير إنتباهما ثم ألقت تحية الإسلام وهي تخفض رأسها أرضاً إحتراماً لأبيها وحياءً من عمر حتى تبسم لها أحمد والدها بعدما أجاب السلام وهو يقول:
“تعالى يا ياسمين أدخلي”
تقدمت نحوهما على إستحياء من أمرها ثم جلست على بعد مناسب فوقف أحمد وهو يقول:
” عمر عايز يتكلم معاكي في حاجه يا ياسمين”
تعلم جيدًا السبب الذي حمله على المجيء هنا ولكنها تعجبت تصرف والدها الذي هتف بدوره وهو يقترب نحو الباب قائلاً:
“خدوا راحتكم انا قاعد في الاوضة اللي قصادكم”
خرج أحمد إلى الحجرة التي تقابلهما والتي من خلالها يستطيع أن يراهم بينما عمر في هذا الوقت حمد ربه على عدم وجود زين فكان من المستحيل أن يتركه معها وحدها لدقيقة واحدة حتى لو كان سيراهم على بعد من مكانهما.
“أزيك يا ياسمين عاملة ايه؟”
تحدث عمر بنبرة هادئة.، بينما هي أكتفت ببسمة صغيرة باهتة لم تظهر سبب ما ترتديه على وجهها حتى تابع عمر حديثه بتسآل وهو يقول:
“انتِ عارفه انا جاي النهاردة ليه؟”
أبتلعت ريقها بألم.، نعم تعلم وياليتها لم تفعل.، كان عليها تصديق أخيها منذ البداية بأن عمر لا يشبهها ولن تستطيع تغيره ولكنها أبت كلامه وأختارت قلبها، وهي لا تلومه فلن يتحمل أحد انضباطها ولا تشددها إلا شخص مثلها بل وهو من يعينها.
هزت رأسها بهدوء تومئ له أنها تعلم سبب مجيئه ولكن توسعت عيناها بصدمة عندما سمعته يهتف:
“انا جاي أكلم أبوكي علشان نكتب الكتاب”
شعرت ياسمين بأن العالم توقف حولها لثوانِ.. كيف كان يخبرها منذ قليل أنه لا يريدها وسوف يفسخ خطبته معها والآن يخبرها بأنه يريد أن يعقد عليها.. هل يتلاعب بمشاعرها هذا العمر! هل يظنها سهلة وبلا كرامة إلى هذا الحد! شعرت بالغضب الشديد يعصف بها وهي تهتف بنبرة مرتفعة قليلاً وغاضبة أمامه لأول ومرة وهي تقول:
“انت فاكرني لعبة ياعمر معنديش مشاعر شوية تقولي هسيبك وشوية تقولي عايزين نكتب الكتاب انا مبقتش فاهمه حاجه اصلا ولا بقيت فاهمه انت عايزاني ولا لأ”
يعلم الآن أنها محقة في غضبها وهو هنا كي يمتص غضبها ويصلح ما أفسده بغبائه وتسرعه لذا هتف بهدوء ورزانة وهو يقول:
“معاكي حق في كل اللي قولتله بس اللي انتِ متعرفهوش إن دا كان إختبار”
نظرت له ياسمين بفاه فارغ وهي تضيق عيناها ولا تفهم ما يقوله واي إختبار هذا الذي يتحدث عنه فأكمل عمر موضحاً وهو يقول بثقة:
“انا عارف كويس اوي إنك بتحبيني يا ياسمين وإلا مكنتيش وافقتي على واحد زيي”
شعرت بالخجل وهي تنكس رأسها أسفل من جرأته في الحديث معها وأنه يقولها هكذا صراحة بينما عمر تابع بجدية:
“وعلشان كدا دا كان إختبار ليكي..، هو مش من حقي برضو أختبر البنت اللي هتجوزها وهتكون أم ولادي وتشيل أسمي وأكون مطمن أنها هتصون بيتي في غيابي.، وعلشان كدا لما رفضتي تقوليلي إنك بتحبيني رغم إني عارف دا كويس حسيت وقتها إني لازم أخد خطوة قدام وإن قراري كان صح لما خطبتك لإني عمري في حياتي ما هلاقي حد زيك ولا هثق في اى حد غيرك”
كانت ياسمين تتابع حديثه وقلبها ينبض بعنف… يالله تتخيل فقط لو أنها أستجابت لضغطه عليها وأفصحت له عن مشاعرها لكان ظنها بأنها فتاة سهلة المنال!؟..
أما عن عمر فأبتسم بخبث وهو يرى تشتتها وتأثير حديثه عليها وأنها بالفعل أقتنعت لذا أكمل تلك المسرحية وهو يقول:
“انا آسف جدا يا ياسمين على اللي عملته او إنك فكرتي إني ممكن اتخلى عنك وانا اصلا كنت واثق إن عمرك ما كنتي هتقوليلي دا طول فترة الخطوبة ودا اللي مخليني كل مرة بحترمك أكتر.. يسلم اللي رباكي يابنتي وانا مش عايز حاجه من الدنيا بعدك غير إن عيالي يطلعوا زيك”
فركت ياسمين يدها بتوتر ثم أخذت نفساً عميقاً وهي تتنهد براحة وأن هذا كان إختباراً لها بل أنها سعدت بتفكير عمر وأنه يفكر بعقله وبأخلاق الفتاة التي سيتزوجها وليس فقط لأنه يحبها.
بينما هو يبتسم بدهاء داخله ثم هتف بسعادة وبسمة واسعة:
“انا أتفقت مع عمي كتب الكتاب هيكون بعد إسبوع”
تفآجأت ياسمين من حديثه وتسارعت دقات قلبها بقوة..يالله كيف يتغير كل شيء بهذه السرعة فهي منذ قليل كانت على وشك أن تتركه والآن يخبرها بموعد عقدهما؟ وقبل أن تجيبه وجدت من يجذبها من ثيابها أسفل حتى انحنت نحو هذا الشيء ثم التقطته بين يديها ولم تكن سوى قطتها سكر فنظر إليها عمر وقد وجد أن هذه فرصة سانحة ليخبرها بالمطلب الآخر فهتف وهو ينظر إلى قطتها قائلاً:
“انا قولتلك قبل كدا إني عندي قط؟”
طالعته ياسمين بتعجب وهي تهز رأسها بالنفي فلا تتذكر بأنه أخبرها شيئاً هكذا فابتسم لها عمر وهو يقول:
“بصراحة كدا انا من وقت ما شوفت قطتك سكر وانا عايز اخدها لقطي فتحي.. ف انا جاي أطلب أيد بنتكم سكر لابننا فتحي”
ضحكت ياسمين رغماً عنها على طريقة عمر وقد كانت قطتها بالفعل بحاجة إلى الزواج لذا أجابته وهي تقول:
“هي سكر فعلاً سنها مناسب للزواج بس هي رافضة وكل ما بجيبلها قط بتضربه هي مكتفية بيا ومبتحبش حد يقرب منها ولا يضايقها ف أعتقد إنها مش هتنفع للقط بتاعك”
نظر عمر إلى القطة مجدداً فقد كانت تبدو رقيقة للغاية ولا يليق بها أن تضرب اي قطاً آخر فأجابها وهو يقول:
“يمكن علشان انتِ طول الوقت معاها..، اى رأيك اخدها معايا أعرفها على فتحي الأول ويقضوا فترة تعارف كدا علشان لما نعمل فرحنا يكونوا خدوا على بعض!”
لم تحبذ ياسمين الفكرة بل نظرت إلى قطتها بتردد وهي تقول:
“لا انا هفضل خايفة عليها اوي.. هي مش أجتماعية ولا بتحب تروح لحد غيري وممكن نفسيتها تتعب كدا”
طمئنها عمر وهو يقول في محاولة لإقناعها:
“متقلقيش انا هعرف أتعامل معاها كويس وكمان فتحي متفهم وهيعرف يخليها تاخد عليه”
لم تطمئن ياسمين بل ذاد قلقها أكثر على قطتها فأردفت بتردد وهي توضح له ما يجب عليه فعله وهي تقول:
“طب بالله تخلي بالك منها، وكمان متحاولش تجبرها عليك علشان طبيعي هتكون خايفة منك سيبها هي اللي تاخد عليك وتقرب منك لإنك لو أجبرتها عليك نفسيتها هتتعب..، وكمان بلاش تأكلها اى حاجه مسبكة او فيها توابل أكلها حاجات مسلوقة بس وبلاش لبن ولانشون علشان بيتعبها.. أكلتها المفضلة بطاطس مهروسة وجزر وبطاطا… بتاكل 3 وجبات بس متأكلهاش أكتر من كدا وبتعمل حمام بعد الأكل في الليتر بوكس بتاعها المهم بس تخلي بالك من أكلها علشان متتعبش”
كان عمر ينظر إليها بفاه فارغ.. كل هذه المبالغة لأجل قطة! وهو من كان ينوى أن يجلب لها طعام معه هو وفتحي والذي لا يأكل إلا الحار!.
“حاضر.. هعمل كل دا ودلوقتي حضريلها البوكس اللي هاخدها فيه على ما أروح أتكلم مع عمي بخصوص كتب الكتاب”
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
نظرت سهير إلى المسدج المرسلة لها من أحمد بصدمة وقد كان مسجل صوتي ولكنها خشيت أن تفتحه.، هل تبقى له شيء آخر لم يقوله؟..
وبإيدِ مرتعشة أمسكت الهاتف تسمع ما أرسله لها وهي في حالة يثرى لها..
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… سهير انا اسف أقسم بالله ما كنت أقصد اللي قولته دا.. انا انا بس كنت مصدوم يمكن علشان انا كنت شايفك ملاك ونسيت إن كلنا بشر ومحدش معصوم من الغلط.. انا غبي وعارف إني غبي ومتسرع ولو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي زيك،
واللي حصل دا كان ماضي وأنتهى سامحيني على اللي قولتهولك وأديني فرصة نبدأ حياتنا من جديد وأوعدك إن اللي حصل دا عمره ما هيتكرر المهم تسامحيني على اللي قولته دا في لحظة غضب”
كانت تستمع له والدموع تفيض من عيناها بغزارة، لم تكن لحظة غضب وحسب بل أخرج لها حقيقتها، لم ولن تنسى تلك النظرة المحتقرة التي رمقها بها قبل أن يرحل.
لم تجب على رسالته بل تركت الهاتف من يدها ثم نهضت من مكانها متوجة نحو المرحاض تتوضئ وكلما نطحت الماء في وجهها كلما تساقطت دموعها وهي تشعر بأنها تغسل روحها وليس وجهها..
يبدو أنها ستظل طوال حياتها محبوسة داخل ماضيها المظلم.، ما فعلته سيظل نقطة سوداء في حياتها.
خرجت من المرحاض ثم توجهت نحو القبلة وهي تستعد للصلاة ولكنها لم تستطع التركيز جيداً بل أن عقلها مشتت لمَ حدث معها ولكنها حاولت أن تردع نفسها وهي تصب كامل تركيزها في الصلاة وتحاول التماسك بالا تبكي..
تدعو الله أن يريح قلبها ويمحو ما مضى من ذنوبها ويعفو عن سيئاتها وأن يختار لها الصواب.
أنتهت صلاتها وهي تشعر بأن هذا الثقل قد أنزاح وأن الله معها… نعم يكفيها أن الله يعلم مابداخلها وأنها لم تعد تلك الشخص السيء بل أن من رحمة الله بيها أن روان لم يصيبها..فلولا أن زين لحقها في الوقت المناسب ما كانت لتسامح نفسها البتة.
وعلى ذكرها أمسكت سهير الهاتف ثم قامت بالضغط على رقم هاتفها ثم أنتظرت لثوانِ حتى أتاه الرد من الجهة الاخرى.
“السلام عليكم ورحمة الله أزيك يا سهير”
“وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. الحمد لله يا روان بخير.. أخبارك انتِ؟”
نظرت روان بتعجب لصوتها الذي يبدو أنه باكي فهتفت بقلق وهي تقول:
“خير يا سهير ماله صوتك؟”
وما إن سألتها روان حتى إنفجرت سهير في البكاء أكثر
مما جعل قلق روان عليها يذداد فكررت سؤالها مجدداً حتى أخبرتها سهير بكل ما حدث معها منذ إخبارها لأحمد عن ماضيها حتى رد فعله ونظرته لها.
تنهدت روان بحزن ثم أردفت وهي تقول بلوم:
“وبتقوليله ليه يا سهير مش الموضوع كان أنتهى؟”
“كنت خايفه.. طول الوقت حاسه إني بخدعه وحاسه إنه كان يستاهل حد أحسن مني.. انا مش عارفه اذا كان اللي عملته صح ولا غلط بس كل اللي أعرفه إني مكنتش هبقى مرتاحة غير لما أعرف”
أقتنعت روان بحديثها.. نعم كان يجب عليها أن تخبره لذا أردفت في محاولة لتهدئتها وهي تقول:
“حبيبتي أهدي متزعليش نفسك ويمكن اللي عملتيه دا هو الصح.. كان ممكن يعرف من برة ووقتها فعلاً كان هيشوفك خدعتيه.. على الأقل هو عرف اللي حصل واللي قاله دا كان وقت عصيبة ورجع أعتذر.. ف انا شايفة إنك تديله فرصة كمان وتسامحيه”
أستمعت لها سهير بتردد وحيرة من أمرها.. هل توافق بعدما أصبح يحتقرها وأخبرها هذا الكلام السيء! هل روان محقة فيما تقول!.
مسحت على وجهها بقوة بعدما أغلقت الهاتف مع روان وهي تشعر بالضياع لأول مرة بهذا الشكل.. إنها بين نارين الآن ولا تدري اي الطريق تسلك.
أنتفضت من مكانها فجأة يالله كيف تاهت عن بالها تلك! حور هي الوحيدة التي تستطيع مساعدتها في هذا الأمر وهي تثق في قرارها ثقة عمياء لذا حسمت أمرها بأنها ستفعل ما تنصحها به حور.
اما عند روان فقد دخل زين وهو يقطب جبينه بتعجب قائلاً:
“كنتي بتتكلمي مع مين ومشغولة كدا”
أنتفضت روان من مكانها بتوتر وهي تخشى أن يكون قد سمعها.. فهي لم تخبره بأن من خطبها صديقه هي نفسها سهير.
“كنت بكلم سهير صاحبتي خطيبة صاحبك”
أومأ لها زين ببسمة بينما هي لم تستطع الإخفاء عليه أكثر من هذا فتابعت وهي تقول:
“كانت بتكلمني بتقولي إنهم سابوا بعض”
نظر لها زين بدهشة وتفآجأ.. صحيح أن أحمد اتصل به ولكنه كان مشغول وقرر أن يحادثه في وقت آخر فسألها وهو يقول:
“لا حول ولا قوة إلا بالله… أحمد كان بيقولي من قريب إنه عايز يعجل بكتب الكتاب”
أبتلعت روان ريقها بخوف.. حسناً فهو على الأغلب سيعلم بأنها هي نفسها سهير من فعلت هذا بها.، لذا أستجمعت شجاعتها وهي تقول بتردد:
“خطيبته… تبقى هي نفسها سهير اللي كانت صاحبتي هي وعلياء وودوني شقة عمرو”
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
كان عمر عائداً وهو يحملها بين يديه واضعاً إياها داخل البوكس الخاص بيها وهو يسير متجهاً نحو منزله ولكنه توقف عندما أبصر فتحي يقف ينتظره كالعادة في هذا الوقت وهو يظن بأنه قد جلب له طعام بينما أبتسم عمر وهو يقترب منه قائلاً بعبث:
“جبتلك الأحلى من الأكل ياسيدي تعالى ورايا”
سار عمر وخلفه فتحي الذي جهل ما قاله له وكل ما يفكر به هو الطعام الذي سيقدمه له فقط.
وصل عمر إلى المنزل وهو يلتف حوله يمينا ويساراً خوفاً من أن تراه والدته ولكنه أطمئن عندما وجد المنزل فارغ ولا يوجد به أحد..
توجه نحو حجرته مباشراً ثم قام بوضعها على الفراش وهي ما زالت داخل البوكس فأقترب فتحي منها ظناً أنها طعام ولكن أمسكه عمر قبل أن يصل إليها كي يوضح له الأمر وهو يقول:
“دا مش أكل..، دي سكر خطيبتك.. بس قبل اي حاجة كدا هنتفق على شوية اتفاقيات وأول حاجه تربية الشوارع بتاعتك دي تنساها خالص وتعاملها بكل رُقي وإحترام”
جثى عمر على ركبتيه يفتح البوكس الخاص بها بحماس ثم نظر إليها بإعجاب فقد كانت تبدو رقيقة وجذابة للغاية حتى أنه أعترف لنفسه للتو بأنها من أجمل القطط التي رآها بحياته.
مد عمر يده حتى يخرجها ولكنه صرخ بفزع عندما عضت يده بقوة حين أقترب منها فنظر إليها عمر بصدمة وهو يقول:
“هي دي بوسي… هي دي ملاك الرحمة!”
ثم نظر إليها شرزا وهو يقول:
“تستاهلي بقى اللي هو هيعمله فيكي”
أمسكها عمر فجأة دون أن تستطيع الدفاع عن نفسها ثم أخرجها من البوكس وهو يتركها أمام فتحي الذي ظل ينظر إليها بغرابة.
بينما هي كانت تنظر لهما بخوف شديد وهي تنكمش على ذاتها حتى أخذ فتحي يقترب منها شيئاً فشيء وهي تتراجع إلى الوراء بخوف.
“أيوه كدا أبدا انت معاها واتعرف عليها.. راجل ياض من يومك”
وما إن أنهى عبارته حتى أنقض عليها فتحي بوحشية يضربها وهي تحاول مقاومته ولكن ضرباتها الصغيرة لا تؤثر به.
أنتفض عمر من مكانه مهرولا نحوهما وهو يبعد فتحي عنها ويتفحصها بهلع خشية أن يكون قد أصابها شيء
وما إن أطمئن عليها حتي نظر إلى فتحي بغضب شديد وهو يعنفه قائلاً:
“انا يلا مش قولتلك تربية الشوارع دي متطلعهاش عليها؟ الحق عليا انا يعني عايز أجوزك وأسترك بدل ما انت داير مع قطط الناس كدا”
كان عمر ممسكا بسكر جيداً بين يديه وأسفل منه يقف فتحي وهو يحاول الوصول إليها بشتى الطرق فنظر له عمر بضجر وهو يقول:
“ياحبيبي أفهم دي مينفعش تتعامل معاها كدا…بلاش طريقتك اللا قططية اللي مترضيش حد دي”
ظل فتحي يجذب عمر من قدمه وهو مازال يحاول الوصول إليها فزفر عمر بعدما قرر أن يعطي له فرصة أخرى وهو يقول:
“هنزلهالك بس تتعامل معاها برقي..، علشان لو بقيت كويس معاها هجوزهالك رغم إن كدا هظلمها معاك بكرشك دا”
أنزلها عمر برفق أرضاً بينما هي كان جسدها يرتجف رعباً
فأخذ فتحي يقترب منها بتمهل ولم يضربها هذه المرة بل رفع يده كي يلمس شعرها وكأنه يحاول إستكشافها حتى قامت هي هذه المرة بضربه فانقض عليها فتحي يضربها بوحشية أكبر حتى ترك بعض آثار الضرب على وجهها الجميل وكل هذا في ثوانِ معدودة لم يستوعبها عمر فركض مسرعاً يبعد فتحي عنها بقوة ثم شهق عندما أبصر وجهها المجروح من ضربه.. يالله يتخيل لو أن ياسمين كانت هنا ورأت ما حدث!. لربما كانت تفقد الوعي.
أمسك عمر فتحي ثم هتف بغضب وهو يتجه نحو الباب:
“طب عقاباً ليك يا فتحي الكلب مش هجوزهالك ولا هطول منها شعرة وابقى وريني هتدخل ازاي”
ألقاه عمر خارج المنزل ثم عاد وهو يزفر بضيق كي يرى تلك المسكينة والتي نزلت أسفل الأريكة تختبئ بها فنظر إليها عمر وهو يقول بغيظ:
“وانتِ يعني كان لازم ترديله الضربة ما كنتي تسيبه يقرب منك يتعرف عليكي”
كانت سكر تنظر إليه بخوف شديد ثم بدأت بالمواء تبحث عن صديقتها الوحيدة والتي لا تعلم سواها فبعدما كانت تنعم معها بسلام أصبحت وحيدة الآن ومع من يحاول إيذائها.
كان عمر يراقب نظراتها حتى سمع صوتاً بالخارج فتحرك صوب النافذة ينظر منها حتى رأى القط فتحي يقف وهو يحاول تسلق العمود حتى يصل إلى النافذة فنظر له عمر بشماتة وهو يقول:
“أحسن تستاهل.. علشان تبقى تضربها حلو بعد كدا”
لم يعيره فتحي أى أنتباه بل أكمل محاولته في التسلق حتى يصل إليها فوقف عمر يراقبه وهو يدندن بعبث:
“هوصلك حتى لو عارف إني ممكن أموووت… هوصلك ولازم تحسي إن حُبك مووت..، ولو أيديكي ملمستش أيديا كفايا عليا أموت وانا شايف.. لهفتك عليااا”
وقف عمر يدندن أثناء تسلق فتحي حتى نجح بالفعل وهو يصعد بحذر وما إن أقترب من النافذة حتى أغلقها عمر في وجهه مرة واحدة.
ذهب عمر نحو سكر والتي ما إن رأته يقترب نحوها حتى ركضت ولكنه كان أسرع منها فالتقطها بين يديه ثم توجه نحو فتحي مجدداً وهو يغيظه بها.
كان فتحي يراقب ما يحدث بأعين مشتعلة وهو يحاول الدخول ولكنه لا يستطيع فنظر له عمر بشفقة ويبدو أنه ندم على ما فعله وقد رأى في عيناه حزن وغيرة لذا أقترب نحو النافذة يفتحها حتى دلف منها فتحي وقد كان هادئ هذه المرة حتى أنه وجهه مسالم ولا يريد ضربها فابتسم له عمر وهو يرتب على رأسه قائلاً:
“كدا انت قط مؤدب وانا هنزلهالك”
انزلها عمر وما إن وضعها أرضاً حتى جذبها فتحي بأسنانه وانهال عليها ضرباً للمرة الثالثة فلطم عمر وهو يسبه بجميع الشتائم التي يعرفها والتي لا يعرفها.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
“انا آسفه ياحور لو كنت بكلمك في وقت مش مناسب!”
أردفت سهير بخجل وهي تحادث حور هاتفياً بينما أجابتها حور ببسمة وهي تقول:
“لأ يا سهير كلميني وقت ما تحبي يابنتي”
شكرتها سهير ثم توقفت عن الحديث بتردد وهي لا تعلم من أين تبدأ ولم تحبذ أن تفضح نفسها أكثر من هذا وبالأخص أمام حور التي تراها فتاة جيدة ولم تشأ أن تخبرها حتى لا تتغير تلك النظرة عنها.
“كنت عايزة أسالك هو المفروض الخاطب يعلم حاجه عن ماضي خطيبته!؟”
سألتها سهير عما كانت تريد معرفته.، فأجابتها حور وهي تقول:
“لأ، مش من حقه يعرف اي حاجه عن ماضيها هو ليه بس من وقت ما دخل حياتها وكل حاجه حصلت هو ملوش إنه يعرفها”
“بس هي كدا مش هتكون بتخدعه؟ وخصوصا لو هو شايفها كويسة وملتزمة”
“لأ برضو هي كدا مش بتخدعه.. طالما تابت وربنا سترها ليه هي تفضح نفسها؟ البشر يعيرون ولا يغيرون والله سبحانه وتعالى يغير ولا يعير علشان كدا مينفعش تعرف خطيبها عن اي حاجه كانت تخص ماضيها سواء من قريب او من بعيد”
أبتلعت سهير ريقها بغصة.. لقد تسرعت فيما فعلته وندمت أشد الندم.، أغمضت عيناها وهي تسألها آخر سؤال واهمها وهي تقول:
“طب ولو حصل وقالت لخطيبها عن ماضيها السيء وهو شافها وحشة واتصدم فيها وقالها كلام صعب.، وبعدين رجع أعتذرها وقالها إنه مكنش يقصد ودا كان وقت صدمته علشان متخيلش منها كدا وعايز يرجعلها تاني.، شايفه إنها توافق ترجعله؟”
أخذت حور نفساً عميقاً وهي تسمي الله وتحوقل وتطلب معونة الله وأن يوفقها في الرد المناسب وأن يرشدها إلى ما هو صواب لها.
“بصي يا سهير انا مينفعش أحكم على شيء من بعيد او اقول هي تكمل ولا لأ وهي أكتر واحدة ادرى بمصلحتها.. هل هتقدر تكمل معاه بعد ما عرف حقيقتها وبقت مكشوفة قدامه!؟ وهل هو هيرجع يثق فيها ولو حصل
حاجه مش هيعايرها بماضيها؟ من خلال رده ف واضح إنه شخص متسرع وللاسف الرجالة مش بتنسى إلا من رحم ربي.، رأيي انا إنها متكملش معاه لإن الثقة اللي بينهم واللي هي أساس أي علاقة أتهدمت ويمكن اللي حصل دا خير لإنها متكملش الخطوبة حتى ولو كان هو شخص كويس بس ملهمش نصيب في بعض هي برضو تصلي وتستخير ربنا واللي فيه الخير ربنا يقدمه”
أنتهت حور من حديثها وهي تخبرها رأيها.، وشتان بين حديثها وحديث روان وهذا جعلها تشعر بالتردد والحيرة.
إن أخذت بحديث روان سوف تكمل معه.. وإن أخذت بحديث حور لن تكمل معه فماذا عن رأيها هي؟ ماذا تفعل الآن، وهل إن تركته سوف تجد شخصاً مثله؟ حتى وإن كان أحمد قد أخطأ في حقها ولكنها لن تنكر أخلاقة.
رفعت رأسها نحو السماء تدعو الله أن يختار لها ما فيه الخير ثم أمسكت مصحفها تراجع الأجزاء التي سوف تدخل بها المسابقة حتى يتم قبولها في معهد التحفيظ كي تشغل بالها عن موضوع أحمد.
وما يذيد توترها هو أنه سوف يتم إختبارها على أيدي مشايخ رجال وكلما تخيلت كلما شعرت بالخوف والتوتر.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
كانت تقف في شرفة المنزل تشاهد إنيهار الأماكن حولها بحزن دفين.. متى سينتهي كل هذا!؟ إلى متى ستظل تعاني وسط هذا الخوف المميت تنتظر أجلها في اي وقت.، لم يكن هذا خوفها وحسب بل خوفها الأكبر أن استيقظ يوماً ويكون هو من سبقها ورحل…من يعينها على ما تعيشه الآن من أوجاع وخوف والآلم.
تدور بعينها في المكان على قطرات الدماء المتناثرة في كل مكان وتلك الملابس الممزقة الملقاه أرضاً بإهمال بعدما كانت تحوى أجسادًا لم يعد لديهم اي أثر.
“تُرى ما الشيء الذي يشغل بال صغيرتي؟”
أحتضنها من الخلف وهو يتحدث إليها بنبرته اللطيفة كعادته.، يالله هذا الرجل لا يتغير ابداً وسيظل كما هو مهما حدث حوله.
بينما هي أبتسمت وهي تشعر بدفء أحضانه وللتو أستشعرت كما كانت تشعر بالبرد حولها ولكنها لم تنتبه! لم تدرك ذلك إلا عندما اتى هو يبث الأمان داخلها والراحة التي أفتقدها لسنوات .
“لحد امتى هنفضل على الوضع اللي احنا فيه دا.، مش قلة رضى اد ما هو خوف”
لم يتحدث بل أمسك يديها يحتويها بين يديه برفق وهذه الحركة كفيلة أن تطمئنها دام هو جوارها فكل شيء سوف يكون على ما يرام.
“كيف نخاف والله معنا دائما ولا يغفل عنا طرفة عين! الله يرانا ويسمعنا ومطلع علينا ولكنه لم يأمر لنا بعد.. أصبري صغيرتي وأحتسبي اوجاعنا لله تعالى وعند الله تجتمع الخصوم ولنا ميعاد في الأخرة لم ينج منه اي ظالم”
تنهدت براحة وهي تضع رأسها على كتفه تستند عليه بكامل همومها وهي تزفر بأمل قائلة:
“كل ما بحزن برجع أفتكر إنك جبني فبلاقي خوفي كله تلاشي.. انا مش خايفة من الحرب صدقني انا كل خوفي أصحى لاقي نفسي لوحدي وانت مش جنبي”
حاوطها بإحدى زراعيه يشدد عليها وهو يقول:
“لن أتركك صغيرتي ما حييت انا جواركِ دوماً ولن يصيبنا اي مكروه إن شاء الله”
أبتعدت عنه تنظر إلى يده بحزن شديد بينما هو أبتسم ثم أردف برضى وهو يقول مشيراً إلى يده المبتورة قائلاً:
“لست بحزين بل على النقيض انا سعيد.. فهذه يدي سبقتني إلى الچنة.. اما العقبى فهي لنا..صغيرتي رغد”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *