رواية في رحالها قلبي الفصل الثالث عشر 13 بقلم آية العربي
رواية في رحالها قلبي الفصل الثالث عشر 13 بقلم آية العربي
رواية في رحالها قلبي البارت الثالث عشر
رواية في رحالها قلبي الجزء الثالث عشر
رواية في رحالها قلبي الحلقة الثالثة عشر
من يحبك بصدق سيصنع من المستحيل سبيلًا كي يأتي لك بشيءٍ تحبه
قبّلها وتركها واختفي ، تركها تتخبط في أمواج مشاعرها المتلاحقة .
رفعت كفها تتحس شفتيها بخجل مختلط بشعورٍ ممتع يراودها خاصةً بعدما شعرت بغيرته عليها .
اعترف بحبه لها مجددًا ، يجهز لها مفاجأة .
بات عليها أن تتوقف عن الانحراف بأفكارها نحو اتجاه يثبط وقوعها في حب سيف الدويري .
كانت بحاجة دفعة أخيرة لتقع في العشق وهي التحدث مع والدتها لذا زفرت بقوة ثم نظرت للصغير النائم بحب وتحركت نحوه تحمله وتتجه بعدها نحو غرفة والدتها .
وصلت وطرقت الباب فسمحت لها سعاد بالدخول .
دلفت تمدد الصغير على سرير سعاد ثم اعتدلت تطالعها حيث كانت ترص ثيابها المطبقة في خزانتها وشعرت بشيء ما يجول في خاطر ابنتها لذا تساءلت وهي تلتفت تحدق في عينيها بمكر :
– احكي يا بنت سعاد ، وجهك يضحك هذه بشرى خير .
ابتسمت سارة ثم اتجهت تجلس على المقعد وتقول لوالدتها بتعنت :
– حسنًا يا سعادة هل سأتحدث وأنتِ ترصين الثياب ؟ ، تعالي هنا كي تركزي فيمَ سأقوله .
زفرت سعاد وتركت ما في يدها ثم اتجهت تجلس أمام ابنتها وتضع كفيها على ساقيها بترقب قائلة :
– أسمعكِ ، هيا أخبريني يا آخرة صبري .
زمت سارة شفتيها بنظرات حانقة ثم زفرت وتحدثت بتوتر وعيون وديعة :
– سأخبركِ ولكن لا توبخيني ، عامليني بلطفٍ يا سعادة .
أومأت والدتها تطالعها بشكٍ وتضيق عينيها مصدرة تمتمة خافتة لتتحمحم سارة وتبدأ في شرح ما بها قائلة وهي تطرق رأسها وتفرك كفيها :
– أمي أنا وقعت في الحب .
– أعلم .
قالتها سعاد بسعادة لترفع سارة رأسها تطالع والدتها بعمق وتبادلها بتحدٍ قائلة :
– وأنا أعلم أنكِ تعلمين ، ولكن تنتظرين اعترافي وها أنا أقولها ، والآن لا أعلم ما علي فعله يا أمي أنا خائفة وقلبي صاخب وضميري يؤنبني كثيرًا ، ولكن بعد كل ما قاله لي سيف بتُّ أشعر نحوه بانجذاب قوي لا يمكنني تجاوزه ، أريد كلمات منكِ تريحني يا أمي .
شعرت سعاد بمَ يدور في ذهن ابنتها ، تعلمها جيدًا وتعلم كيف تفكر ومما تخاف لذا تحدثت بدون مراوغة :
– لا تتجاوزيه إذا يا سارة ، أريحي قلبك وقلبه وصارحيه كما فعل معكِ يا ابنتي ، تعلمين أن الله سخر لنا الدنيا وفي كل حدثٍ حكمة حتى لو كان موتًا ، إرادة الله يا ابنتي وخططه كلها خير وعوض عن كل المتاعب والأحزان ، تظنين أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب والحقيقة أنها تعتدل .
مدت سعاد يدها تقبض على كفي ابنتها المتشتتة وتتابع بنظرة ثاقبة ونبرة لينة :
– استسلمي يا سارة ، استسلمي لمشاعركِ يا ابنتي فهذا الرجل أصبح زوجكِ وحلالكِ ، دعيه يعلم بحبك ربما كنتِ عوضًا من الله عن خوفه ويتمه ، ربما أرسلكِ له الله عن طريق فريدة لنفض أمر تلك اللعنة عن رأسه ، أنا لم أرَ منه سيئًا قط ، بت أحبه كأنه ابني وأتمنى أن أراكِ معه سعيدة ، لا تكابري وكفى عنادًا أنتِ لستِ مذنبة في حق فريدة يا سارة ولا يجب أن تفكري بهذا الشكل أبدًا ، أنتِ أحببتِ فريدة أكثر منها يا سارة لا تلومي نفسكِ أبدًا ، دعي قلبكِ يطمئن يا ابنتي واعترفي لزوجكِ بمَ يتمنى سماعه فهو يحبكِ ، ينظر لكِ نظرة مختلفة صدقيني يا قلب أمكِ .
تعمقت في عيني والدتها تعيد كلماتها على عقلها لذا تنهدت تنهيدة قوية ثم تحدثت بترقب وهي تشعر بأن كلمات والدتها هي التي كانت تنقصها :
– سيف دعاني الليلة على العشاء يا أمي ، أخبرني أنه يود مفاجأتي بشيءٍ ما .
شجعتها سعاد ولكزتها في ساقها بخفة ثم ابتعدت تطالعها بثقب قائلة :
– حسنًا اليوم ستعترفين له بمشاعركِ ، ستخبرينه بحبكِ سارة .
– ولكنني متوترة يا أمي وأشعر بالخجل والتلعثم حينما أشعر أن علي قولها ، أريد طريقة ليست مباشرة لقولها ، أرجوكِ يا سعادة ساعديني .
زفرت سعاد بيأس على حالة ابنتها ثم فكرت لثوانٍ قبل أن تقول بتحفيز :
– حسنًا اكتبيها يا سارة ، إن لم تستطيعي قولها اكتبيها في ورقة وليقرأها هو بنفسه ، ولكن اكتبي معها كلمتين لطيفتين ترطبان حلق الرجل أيتها الشاعرة .
نهضت تنحني على والدتها وتقبل وجنتها بقوة حينما أعجبتها فكرة الاعتراف في مكتوب ، حقًا هذا أفضل حلٍ لتتجاوز خجلها .
اعتدلت تزفر بقوة ثم التفتت تنظر نحو نوح لتعود لوالدتها قائلة :
– أمي ستعتني بنوح إلى أن أعود ؟
طالعتها سعاد بحنق ونهرتها قائلة :
– لا لن أعتني به ، سأتركه في غيابة الجُب ، غادري يا بنت من هنا وإلا كسرت رأسكِ هذا .
ابتسمت سارة وتحركت تسرع نحو غرفتها لتستعد لهذا اللقاء .
❈-❈-❈
مساءً توقف بسيارته أمام الفيلا بعدما أبدل ثيابه في مكتبه .
رفع هاتفه وحاول الاتصال بها لتجيبه بهدوءٍ :
– نعم يا سيف .
بدأت نبضاته ترقص على أوتار صوتها وتنهد يجيبها بنبرة رخيمة :
– أنا في الأسفل يا سارة أنتظركِ .
– حسنًا سآتي في الحال .
أغلق معها وترجل يغلق الباب ثم استند على السيارة ووجهه يقابل باب الفيلا ينتظر ظهورها بترقب وشرودٍ فيها وفيما فعلته بقلبه .
دقائق مرت حتى لمح الباب يفتح لذا رفع أنظاره نحوه يترقب النظر لتلك التي بدأت تظهر بفستانها الأبيض ونقابها الأبيض كذلك لا يظهر منها سوى عينان سوداوتان تطالعانه ليرتد قلبه صريعًا في سحرهما .
تخطو نحوه على استحياء بخطواتٍ هادئة وعيناها تنظر فيه عينيه برغم أنها ودت لو تخفض نظراتها ولكن خالفتها عيناها.
اعتدل يستقبلها بابتسامة مشرقة ونظراته ترسل لها سهامًا محملة بالحب والهيام حتى وصلت إليه وتحدثت بهدوء مبطن بالخجل :
– كيف حالك ؟
– لم أكن بخير قبلكِ .
لا يعلم كيف أجابها بجملته هذه كان يظن أنه لا يمتلك أي كلمات غزلٍ وحب لذا نطقها لسانه لتطرق رأسها بخجل فتنهد بعمق ثم مد يده لتناوله كفها ففعلت فانحنى يقبله بنبلٍ ثم عاد يردف بترقب :
– هل نذهب ؟
أومأت لها لذا تحرك معها نحو الجهة الأخرى وفتح لها الباب لتستقل السيارة بعدها أغلق الباب والتفت لجهته ثم ركب يطالعها بقلبٍ متضخم بالعشق وتساءل قبل أن ينطلق :
– هل تريدين أغنية محددة ؟
– لا أنا لا أفضل الأغاني ، يمكننا أن نتحدث عنا أفضل .
قالتها بهدوء فأعجبه اقتراحها كثيرًا لذا أومأ وبدأ يقود في مساره نحو وجهته ثم قرر سؤالها يردف بهدوء :
– ماذا تريدين أن تعرفي عني ؟
تحمحمت ثم نظرت له بشرود فالتفت يطالعها فأسرعت تنظر أمامها بتوتر وتساءلت :
– هل تحب الشوكولاتا ؟.
ما هذا الغباء الذي تتفوهين به ؟ ، هل هذه هي الأسئلة التي تودين طرحها عليه ؟.
هكذا نهرت نفسها بعدما ألقت سؤالها المفاجئ هذا نسبةً لتوترها بالرغم من أنه أخبرها مسبقًا بحبه للشوكولاتة التي أعدتها ولكنه ابتسم وأدرك توترها لذا أجابها بصدقٍ وهو ينظر أمامه :
– نعم من قبل كنت أفضلها من بين الأطعمة ، مثلًا كنت أحب الكيك بالشوكولاتة والمثلجات بطعم الشوكولاتة ولكن بعدما تذوقت خاصتكِ بت أحبها هي فقط وتعهدت ألا أتذوق شوكولاتة إلا من يداكِ ، أنتِ بارعة في صنعها .
استطاع أن يجعل قلبها يقفز فرحًا ورضا بعد تصريحه هذا لذا تحدثت بسعادة وحماس كأنها عادت طفلة :
– حسنًا سأعد لك كل ما تشتهيه .
ابتسم وعاد يطالعها بشرودٍ فوجدها تنظر للأمام ثم قرر سؤالها عن شيءٍ ما طرأ على عقله :
– سارة متى ارتديتِ النقاب ؟
تنهدت لتعود لجديتها وتحدثت متذكرة :
– ارتديته قبل وفاة أبي بعامين .
لفت نظرها تطالعه ثم تابعت بترقب :
– هل تعلم أنني كنت أخرج بشعري حتى وأنا في الجامعة ؟
تعجب بحق حتى أن عيناه توسعتا والتفت يطالعها بتعجب ظهر في نبرته وهو يقول :
– حقًا ، وماذا حدث ليتحول الأمر معكٍ إلى نقاب؟ .
عادت بذاكرتها إلى بضع سنوات لتتنهد ولا تعلم هل تخبره أم لا ولكن نظراته دلت على انتظاره لإجابتها لذا تحمحمت تجيبه بتوترٍ دون مبالغة وهي تطالعه بطرف عينيها ثم تعود للأمام :
– لأنهم في الجامعة كانوا يخبرونني أن ملامحي وتفاصيل وجههي شرقية جذابة ، كنت أتعرض للمضايقات من بعض الشباب وبرغم أنني كنت أعلم جيدًا كيف أوقفهم عند حدهم ولكن قررت أن أكمل جزءًا هامًا في ديني وهو أن أتحجب ثم طرأ لي فكرة النقاب بعدها بعدة أشهر وها أنا أرتديه .
شعر بالغيرة تنهش قلبه العاشق لذا تساءل بمَ خطر على ذهنه دون تريث نسبةً لغيرته :
– ولمَ يخبرونكِ هكذا من الأساس ؟
عاد شموخ الأنثى يتوغلها لتتكتف وتجيبه بنبرة قوية متباهية :
– لأنني بالفعل أمتلك تفاصيل وجهٍ وملامح جذابة يا ابن الدويري .
انفلتت منه ضحكة أظهرت أسنانه فجعلتها تشرد به بينما هو التفت يطالعها بثقب وتبسم ليردف مؤكدًا وعيناه متعمقة في عينيها :
– نعم أعلم ذلك جيدًا ، تمتلكين عينان سبحان من خلقهما .
خجلت وارتخت أعصابها لتعود تنظر للأمام وهو كذلك عاد يتطلع أمامه بصمتٍ بينما يردد على عقله كمالة حديثه بصوتٍ داخلي ( وتمتلكين شفاهًا مهلكة أريد أن أتذوقها دومًا ، وتمتلكين أنفًا لا تستحقه امرأةً سواكِ ، بشرتكِ الخمرية تصيب قلبي في مقتل وضحكتكِ تأسرني مدى الحياة ) .
تنهد بحرارة ليتابع ( أنتِ ربيع قلبي يا سارة ) .
التفتت تطالعه وتحدثت بتوترٍ وخجلٍ :
– شكرًا لك .
كلمتها جعلته يدرك أنه نطق الأخيرة بصوتٍ سمعته ، نطقها دون أن يدري وأخبرها أنها ربيع قلبه الذي كان يعمره الحزن .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ
توقف سيف في مكانٍ صحراوي هادئ لتتعجب سارة وتنظر حولها بتساؤل ، لقد ظنت أنه سيصطحبها إلى مطعمٍ ما أو ما شابه ولكن هنا ؟
انتبهت له وهو يقول بترقب :
– هيا ننزل ؟
شعرت بالتوتر وهي تلتفت له تطالعه لثوانٍ ثم أومأت وترجلت مثله تلتفت حولها مجددًا لتجد الأنوار خافتة لذا طالعته وتساءلت بتوتر بعدما أصبحت أمامه :
– سيف ما هذا المكان ؟
حدق بها قليلًا ثم تحدث وهو يدس يده في جيبه يخرج شريط قماش أسود :
– مفاجأة .
رفع الشريط أمام عينيها مسترسلًا بترقب :
– هل تسمحين لي ؟
نظرت للشريط في يده وللحظة شعرت بالرهبة لذا تفوهت بمَ يجول في عقلها برغم اقتناعها التام بالمبالغة :
– ما هذا الرعب ؟ ، هل تود قتلي ؟ ، جئت بي لمكان صحراوي والإضاءة شبه معدومة ، هل تنوي سرقة أعضائي وخاصة عيناي اللتان مدحتهما منذ قليل ؟ .
تعجب ذاهلًا ثم تساءل بقلقٍ راوده :
– حقًا ، ألا تثقين بي ؟
زفرت تغمض عينيها ثم لوحت بيدها مشيرة تقول :
– هيا هيا يا سيف اربط عيناي هيا ، لقد فات الآوان وانتهى .
ضحك عليها وعلى جملتها التي أظهرت ثقتها به حتى لو عن طريق المزاح لذا لف خلفها ورفع يده يحاوط عيناها بالشريط الأسود ثم عقده من الخلف وتقدم يتمسك بيدها قائلًا بنبرة حاول بها بث الأمان داخلها :
– تحركي معي .
أومأت تطيعه وبدأت تتحرك معه بثقة نبعت من داخلها ، لا تشعر بالخوف وإنما بالتوتر فقط لذا ظلت تتقدم خطواتٍ معه حتى سمعت هليل حصان تعلمه جيدًا ، صوتًا تميزه من بين الأصوات ولكن ربمَا تتخيل ! .
توقف بها ثم انحنى يهمس عند أذنيها بحب :
– مستعدة ؟
تعالت وتيرة أنفاسها وأومأت له فرفع يده يحل عقدة الشريط ويسحبه لتعتصر عينيها ثم تنظر أمامها .
ذهلت حينما وجدتها أمامها في صندوق خشبي كبير بثلاث جدران خشبية ثابتة والرابع قصير ومتحرك كالباب لتظهر منه رشيدة مصهللة أمام نظرات سارة الجاحظة .
ظلت تتأملها لحفنة من الوقت ثم التفتت تنظر نحو سيف بعينين متسائلتين ليبتسم لها ويتساءل :
– هل أعجبتكِ المفاجأة ؟
هزت رأسها باندهاش ثم تساءلت ببلاهة :
– ماذا فعلت ؟ ، كيف فعلتها ؟
تحرك حتى وقف أمامها ومد يده يحاوط خصرها بجرأة عاشق ثم تحدث بحبٍ خالص :
– أصبحت ملككِ ، تستحقيها يا صاحبة العيون الليلية التي أسرتني .
لا تعلم ماذا تفعل في هذه اللحظة وكيف تعبر عما تشعر به لذا تلألأت عينيها بالدموع وهي تطالعه وتتساءل بنبرة متحشرجة :
– ماذا فعلت بي ، ماذا فعلت يا سيف .
لم يجبها بل سحبها إليه يعانقها عناق رجلٍ باحثٍ عن الطمأنينة والحب ، رجلٍ يتمنى أن تفتح له أبواب الترحاب نحو قلبها .
لم تبادله بل تجمدت حينما وجدته يحاوطها وتبعثرت في حزمة قوية من المشاعر التي لا تعلم كيف تنظمها لا هي ولا نبضات قلبها .
بينما هو غارقٌ بها مستمتعًا بوجودها في كنفه لتصدر رشيدة صوتًا كأنها تعبر عن استياءها من هذا العناق فهي تود أن تعانق صديقتها لذا تحمحم سيف يبتعد ثم أشار لها قائلًا :
– هيا رحبي بصديقتكِ .
نظرت له بامتنان شديد لا تعلم ماذا تقول ثم تقدمت من رشيدة تدلك رقبتها وتحدثها والأخرى تصهلل بسعادة .
بعد ترحيب حافل التفتت تنظر نحو سيف الذي يقف يتابعها لتتجه له حتى توقفت أمامه قائلة بنبرة متحشرجة باكية وسعيدة :
– هذا كثير يا سيف ، حقًا كثيرٌ جدًا ما فعلته .
رفع يده يزيح بإبهاميه دمعتين معلقتين في عينيها قائلًا بتروٍ وحب :
– الدنيا جميعها قليلة أمام عينيكِ يا سارة ، هذه الفرسة هدية أخذت مقابلها حبًا لم أعترف به يومًا .
ابتسمت له بتنهيدة وتوتر ليتابع بنبرة رخيمة :
– هيا تعالي لنتناول العشاء سويًا .
تعجبت وهي تجده يتمسك بكفها ويسحبها معه عدة خطواتٍ أخرى لتتفاجأ بطريقٍ مضيء بخفوت وسط الرمال يؤدي إلى طاولة طعامٍ مميزة تتلألأ بالشموع وصممت خصيصًا لهما .
تحركا سويًا نحوها واتجه سيف يسحب المقعد لها فجلست بقلبٍ متضخمٍ بالحب واتجه يجلس قبالتها محدقًا بها وهي تطالعه بامتنان يخفي وراءه حبًا يتصاعد رويدًا رويدًا .
مد يده يرفع الأغطية عن الطعام ويردف برتابة :
– سألت السيدة سعاد عن الطعام الذي تفضلينه لذا أتمنى أن يعجبكِ .
نظرت للأطعمة مبتسمة ثم عادت له تردف مستفهمة :
– يبدو أنك أعدت لهذه الليلة جيدًا ! .
– نعم هو كذلك ، وأتمنى أن تنتهي كما خططت لها .
كانت نيته خبيثة بعض الشيء وهذا ما شعرت به سارة لذا أطرقت رأسها خجلًا تطالع الطعام وتتجاهل نظراته التي تسألها عن جوابها .
❈-❈-❈
بعد ساعتين عادا سويًا إلى الفيلا ، صف سيارته يطالعها بترقب منتظرًا ومتلهفًا لأي شيء تقوله ولكنها صامتة تمامًا وهذا أشعره بالضيق قليلًا ولكنه يحاول التحلي بالصبر ولكن أي صبر وهو الذي كان يظنها ستنطق لا محالة ، هل عليه بذل جهدٍ أكبر من هذا يا ترى ؟.
التفتت تطالعه بامتنان وتحدثت بتوترٍ وهي تفتح حقيبتها وتتناول منها شيئًا ما :
– شكرًا لك يا سيف ، كانت مفاجأة حقًا سارّة لم يفاجئني أحدٌ بمثلها من قبل ، وشكرًا على الطعام أيضًا ، عن إذنك .
فتحت الباب تترجل وتخطو أمام عينيه متعجبًا من فعلتها ، هل هذا كل ما في الأمر ، ألن تعترفي بحبكِ وتبادليني القبل وتخبريني بإعطاء زواجنا شكلًا آخر ؟
ظل يتابعها وهي تلتفت لتتجه إلى الداخل ولكن بدلًا عن ذلك توجهت تقف أمام نافذته ومدت يدها بمكتوبٍ تناوله له وتضعه في يده قائلة بتوترٍ بالغٍ :
– لا تقرأه إلا بعدما أختفي .
قالتها واندفعت هاربة نحو الداخل لتختفي بالفعل تحت أنظاره ودهشته .
ظل يطالع أثرها بذهول ثم التفت ينظر إلى المكتوب بقلبٍ صاخبٍ ثم فتحه ليقرأ ما به .
تنهدت بقوة وابتلع لعابه وهو يقرأ ما كتبته .
( سيف أنا أحبك ، نعم أحبك لا أعلم كيف ولا متى ولكنك جعلتني أقع في حبك ، وإياك أن تلحق بي لأنني لا أستطيع النظر إليك الآن ، أنا فقط أحبك )
ظل يقرأ تلك الكلمات البسيطة التي كتبتها والابتسامة تزين ثغره على حبيبته المميزة حتى في اعترافها ولكن كيف له ألا يلحقها ، كيف له أن ينام ويهدأ بعد اعترافها هذا ؟ .
لقد كانت هذه أسمى أمانيه لذا تنهد بقوة ليهدئ من صخب نبضاته ثم طبق الورقة ودسها في جيبه يفكر لثوانٍ ثم ابتسم بخبث وترجل يغلق سيارته ويتجه إلى الداخل ومنه إلى غرفتها ليراها الآن وفورًا .
كانت في غرفتها تجولها بتوترٍ وتفكر وتفرك كفيها بعدما نزعت نقابها وحجابها ، الآن قرأ اعترافها ، فهم وأدرك أنها ستعطي زواجهما فرصة ، تُرى كيف استقبل كلماتها ، كيف هي ملامحه ؟ ، هل فرح أم شعر بالضيق من فعلتها وطريقة اعترافها وظنها عدم اهتمام بمشاعره ؟ .
باتت حائرة وبرغم طلبها في المكتوب إلا أنها أرادت أن تعرف بماذا يشعر الآن .
تجمدت حينما سمعت طرقات هادئة على الباب ، من المؤكد أنه هو ، لمَ جاء أخبرته ألا يأتي لا تستطيع الظهور أمامه الآن .
زفرت تهدأ نفسها ثم تحركت تقف خلف الباب متسائلة بترقب :
– مَن ؟
تعلم جيدًا من لذا ابتسم عليها وقال :
– أنا سيف يا سارة افتحي الباب .
تحدثت بتوترٍ :
– ألم أخبرك في المكتوب ألا تأتي الآااااان .
تحدث بنبرة خبيثة :
– المكتوب اختفى يا سارة ، بعدما ذهبتِ فتحته لأقرأه ولكن الهواء جاء شديدًا فتهاوت مني الورقة وبحثت عنها لم أجدها ، ماذا كتبتِ فيها يا سارة ؟.
تفاقمت داخلها طاقة اندفاعية جعلتها تفتح الباب وتطالعه بغيظٍ ثم تكتفت قائلة بنزق :
– اختفت ؟ ، تركتها تختفي يا سيف ؟ .
حدق بها بعينين ماكرتين يضيقهما ثم أومأ يتساءل :
– نعم ، أخبريني ماذا كتبتِ فيها ؟
ضيقت عينيها هي الأخرى تطالعه بتفحص تريد استكشاف هل يراوغ أم يقول الحقيقة وحينما لم تستطع إدراك نواياه تحدثت بغيظ :
– اذهب وابحث عنها إذا إن كنت تريد أن تعلم .
كادت أن تغلق الباب ولكنه صدها بيده ثم اقتحم الغرفة فجأة يغلق الباب ويقف أمامها حتى كاد أن يلتصق بها قائلًا بعينين ثاقبتين :
– تحبينني إذًا يا سارة ؟
رفعت عينيها تطالعه ثم ارتعشت من قربه وتحدثت بهمسٍ وتوترٍ بالغ :
– قرأتها إذًا ؟
رفع يده يعيد خصلاتها للوراء وتحدث بهمس وقلبه يتبعثر في عدة مشاعر :
– نعم قرأتها والآن أريد أن أسمعها منكِ صريحة ، أسمعها من شفتيكِ يا سارة وليست مكتوبة يا بخيلة .
ابتلعت لعابها ولم تعد تشعر بنفسها وتتمنى أن تختفي الآن ليسرع في لف ذراعه حول خصرها يجذبها إليه أكثر ثم تابع بنبرة آمرة مغلفة بالعشق :
– انظري لي سارة .
فعلت من بين زحام مشاعرها ورفعت عينيها تحدق به فتابع وعيناه ثاقبة على خاصتها :
– قوليها يا سارة .
لم تعد تحتمل ولم تعد تستطع الصمت لذا تحدثت بحروفٍ متقطعة وهمس مستسلمة لدوامة المشاعر وسامحة لعشقه أن يتوغلها :
– أنا أحبك يا سيف .
نسي نفسه والمكان والزمان وانحنى يقبل هذا الثغر الذي اعترف بحبه .
يقبلها كما لم يقبلها مسبقًا ، قبلة تتناسب مع استقباله لهذا الاعتراف وتجعلها تشعر بشيء ما لم تستطع تحديد كنهه ولكنها فقدت سيطرتها معه وباتت لا تمنعه وكأنها مخدرة عن الدفاع تعيش تجربة تجربة جديدة كليًا عليها .
جحظت حينما وجدت نفسها ممدة على الفراش لا تعلم متى وكيف حدث هذا ، حقًا لا تعلم كيف انتقلت من هناك إلى هنا دون أن تشعر ولكنها باتت خائفة برغم سعادتها ونبضاتها المتراقصة ، توغلها الخوف من بين مشاعرها خاصة وهو يندمج في سطوة مشاعره لذا تحدثت بضعفٍ ورجاء :
– سيف أرجوك .
لم يكن يسمعها بل يعيش معها مشاعر جديدة ليصبح أكثرهم طمعًا وطلبًا في المزيد وحينما دقت نواقيس الخطر تحدثت بنبرة أعلى وهي تدفعه بهدوء :
– سيف أرجوك توقف .
ابتعد يلتقط نفسًا قويًا بعدما حبس أنفاسه في خضم مشاعره ليحاول السيطرة على نفسه لذا انحنى يطبع قلبة هادئة فوق شفتيها ثم اعتدل يطالعها وهي تخفي وجهها عنه بخزيٍ أصابها من استسلامها المفاجئ هذا .
وبينما هو يبتسم بسعادة على خجلها تذكر شيئًا ما ، شيئـا جعله يلعن غباءه ويحمد الله أنه ابتعد في الوقت المناسب .
لذا زفر بضيقٍ وعاد يفكر بأن عليه فعل هذا الأمر قبل أي شيء
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)