رواية أبو الرجالة الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء سعيد
رواية أبو الرجالة الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء سعيد
رواية أبو الرجالة البارت الثالث عشر
رواية أبو الرجالة الجزء الثالث عشر
رواية أبو الرجالة الحلقة الثالثة عشر
بعد مرور أربعة أشهر..
بالمشفى الخاصة بفريد، أنتهت فيروز من الكشف على المريض وهي تحاول بشتى الطرق فتح عينيها من شدة الإرهاق، حملت الطفل بحنان وقدمت الصغير لوالدته المنهارة بالبكاء مردفة بهدوء :
_ إهدي يا مدام هو الحمد لله بقى بخير بس لأزم يطاهر لأن كدة غلط عليه..
ردت عليها المرأة بنبرة مرتجفة :
_أنا جوزي سافر من أسبوع ومش عارفة أعمل إيه دلوقتي حتى المستشفيات الحكومية رفضت تقرب من الولد، أرجوكي أعمل أي حاجة وأنا معايا الدبلة هديها للحسابات تحت لحد ما أجيب الفلوس..
أشفقت على حالها وتذكرت موقف شبيه هذا بعدما انفصل والدها عن والدتها، وقتها كانت عطر تحتاج لعملية الزايدة ولم يفعلها أحد إلا فريد ومن ماله الخاص..
حركت رأسها سريعا تنفض تلك الذكريات من داخلها ثم قالت بهدوء :
_ الموضوع محتاج دكتور جراح، إرتاحي هنا خمس دقايق وأنا هتصرق..
ضمت السيدة ولدها لها أكثر ووضعت عدة قبلات خفيفة على رأسه لتبتسم فيروز وتذهب لمكتب فريد، دقت على الباب مرة والثانية حتى وصل إليها صوته الهادي يإذن لها بالدخول، فتح الباب وأقتربت من المكتب بخطوات سريعة قائلة :
_ دكتور فريد في ولد لأزم يطاهر حالا بس والدته مش معاها الفلوس، أعملها وأنا هدفع حساب المستشفى..
أزال نظارته الطبية عن عينيه وأغلق الملف الموضوع أمامه، نظر لعينيها وجد بداخلهما لهفة وخوف، قام من مقعده واقترب منها مردفا بهدوء :
_ أهدى مال وشك أصفر كدة ليه؟!..
وصل إليه رجفة كفها ليضغط عليها بحنان قائلا :
_ في أيه يا فيروز متخافيش هدخل أعمل للولد اللازم وعلى حسابي كمان بس أهدى أنتِ..
أومات إليه عدة مرات وجلست على أقرب مقعد، كيف تقول إن مشكلتها أكبر بكثير من هذا الصغير، أعصابها أصبحت منهارة مع أي شعور بالتوتر يبدأ جسدها بالإرتجاف، رفعت عينيها بتعب لتجد صورة شقيقتها موضوعة على مكتبه، هنا فقط زاد عليها التعب، همس إليها بقلق :
_ أنتِ كويسة والا لأ ؟!.. تعالي أكشف عليكي..
نفت بحركة سريعة من رأسها ثم أجابت عليه بنبرة منخفضة :
_ أنا كويسة روح شوف الولد..
رفضت وهو يقول :
_ ولد إيه دلوقتي أنتِ عندي أهم..
نظرت إليه بلمعة عين دامعة واضحة أمامه مثل الشمس، مازال لديها سحر خاص يجعله ينجذب إليها بلا مجهود، جلس بجوارها وأخذها بلطف أذاب قلبها بين أحضانه وبكل أسف هدأ جسدها وبدأ يدلف إليها شعور الأرتياح رويداً رويداً، وضع قبلة حنونة على خصلاتها مردفا :
_ نامي يا فيروز أنتِ تعبانة ومحتاجة ترتاحي..
كما هي تضع رأسها على صدره وعينها على صورة شقيقتها الموضوعة على سطح المكتب، مر خمس دقائق وذهبت للنوم سريعة، شعر بإنتظام أنفاسها ليقوم بحرص شديد ويفتح لها الكنبة لتتحول لفراش، وضع قبلة حانة على رأسها وذهب ليري الطفل مردفا لنفسه :
_ فيروز تعبانة قوي ومفيش ليها دوا غيري..
____ شيماء سعيد ______
بمنزل أبو الدهب..
خرجت هادية من غرفتها بخطوات بطيئة حتى لا يسمعها أحد ثم أقتربت من خزنة الأحذية وأخذت حذاء من اللون الأبيض، وضعت الحقيبة بحذر ونظرت حولها تتأكد من خلو المكان من أي شخص وخصوصاً خاطر وبدأت في أرتداء الحذاء، شهقت بفزع وهي ترى باب المنزل يُفتح ويدلف منه خاطر..
قامت من مكانها سريعا متذكرة تهديده لها بحوض الإستحمام عندما قالت برعب :
_إيه اللي أنت بتقوله ده أنا هبقي عرض أخوك وحرمة بيته مش تلاجة عشان تتقاسم فيها معاه سبني يا خاطر سبني..
جملتها جعلته يفوق من جنونه بفكرة وضع صك ملكيته عليها لمجرد ضمانها إليه، تركها فقامت سريعا وهي تحاول أخذ أنفاسها وأخر ما سمعته قبل أن تفر من الغرفة :
_ مش عايز أشوفك تاني ولو صدفة يا هادية ده لو عايزة فعلاً تبقى مرات فريد وتفلتي من تحت أيدي لكن لو شوفتك هتبقى أنتِ الخسرانة ومش هيفرق معايا..
نفذت أوامره بالحرف وطوال مدة الأربعة أشهر ترفض حتى التواجد معه على نفس السفرة، حاولت الفرار من أمامه الا إنه قال بابتسامة باردة :
_ أهدى يا هادية أنا مش هعملك حاجة..
إبتلعت لعوبها بتوتر من هذا الإستسلام ثم رفعت عينيها إليه ونظرات الشك واضحة بعينيها مردفة :
_ وده من إيه؟!..
حرك كتفه ببرود قائلا :
_ ولا حاجة كل الموضوع إنك الأسبوع الجاي هتبقى مرات أخويا يبقى لأزم نحل المشاكل اللي بنا هيكون أفضل بكتير خصوصاً عشان شكل علاقتنا الفترة الجاية..
صُدمت من حديثه وصدمتها الأكبر إنه سوف يتركها لفريد، حاولت التحمل على قدميها التي أعطت إليها إشارة بالسقوط، هل بالفعل ستصبح زوجة فريد؟!.. قالت بتردد :
_ ناوي على ايه يا خاطر؟!..
_ مش ناوي على أي حاجة زي ما قولتلك الأفضل إننا نحل المشاكل اللي بنا وكأننا بنتعرف لأول مرة، أنتِ كانت أمنية حياتك تاخدي بتار أخواتك البنات من أولاد أبو الدهب فاظن حاليا تقدري تاخدي بتارك من فريد اللي طلق أختك وإن شاء الله تولعوا أنتوا الاتنين في بعض..
اه يا ملعون وضعها في فك الأسد والآن يفر، شعرت إن العالم يدور من حولها باقي ثانية واحدة متبقية وتفقد وعيها، أخذت دقيقة كاملة ظلت بها صامتة قبل أن تأتي إليها القوة لتكمل أرتداء حذائها مردفة :
_ ماشي يا خاطر كويس إنك طلعتني من دماغك..
أرسل لها قبلة بالهواء مردفا وهو يشاهدها تذهب بخطوات غاضبة :
_ أمانة عليكي أول عيل يبقى إسمه خاطر يا أم خاطر..
عادت إليها روح العناد، لتلتف بوجهها إليه وأقتربت منه بدلال رسمته على معالمها بطريقة محترفة مردفة:
_ هو أنا أطول أسمي إبني على أسمك يا خاطر، بس مش هتبقي حلوة في حقك خالص، إن أسمك إللي بقي علامة لأي بني آدم قليل التربية، يشيله إبني إللي هيبقي متربي أحسن تربية..
رفع حاجبه بسخرية قبل أن يطلق العنان لضحكته الرنانة مردفا:
_ لأ متخافيش ده هيبقى شايل جينات أبو الدهب مهما حاولتي تربي فيه هتبقي النسوان وقلة الأدب بيجروا في دمه..
_ هتشيلي الشمعة يا خاطر وأنا دخلة على أغنية طلي بالابيض طلي..
أومأ إليها بحماس شديد مردفا:
_ ده إحنا عنينا ليكي هشيلك أنتِ شخصيا لحد أوضة النوم..
______ شيماء سعيد _____
بمنزل نوح..
إنتهت عطر من وضع الطعام على السفرة وهي تبتسم لنفسها بفخر على هذا الإنجاز، أخذت نفس عميق وأصابعها تسير على قميص نومها الوردي هامسة بخجل :
_ نوح بيحب اللون ده قوي وأنا لأزم أبقى دايماً زي ما هو عايز..
دق قلبها مع رجفة لذيذة أصابت عمودها الفقري مع سماعها لفتح باب المنزل، زادت إبتسامتها إتساع وقبل أن تقترب منه أو تنطق بكلمة واحدة دلف دون أي يعيرها أي إهتمام لغرفة النوم..
رفعت حاجبها بتعجب وذهبت خلفه، فتحت باب الغرفة لتجده يزيل قميصه عن جسده بعصبية فقالت بتردد :
_ مالك يا حبيبي في حاجة حصلت في الشغل مزعلاك؟!..
ماذا يقول إنه عقيم؟!.. يقول كما قال الطبيب إليه إنه يصعب عليه الإنجاب تحت أي ظرف؟!.. صمت وأكمل تبديل ملابسه لتقول بقلق :
_ نوح أنا بكلمك قولي مالك؟!..
أنتفض جسدها على أثر ضربه للمقعد الموضوع أمام الفراش، عادت خطوة للخلف بخوف لأول مرة ترى نوح بتلك الطريقة، حاولت التحدث الا أنه سبقها صارخا :
_ أخرسي بقى مش عايز أسمع صوتك، غوري يلا أطلعي برة..
أتسعت عينيها بذهول، ترقرقت الدموع بداخل مقلتها بحزن، جرت خيبتها خلفها بقلة حيلة وتحركت للخارج لتعود على صوته الذي تحول للبرود :
_ مينفعش تفضلي قدامي باللبس ده..
خرج صوتها الباكي :
_ ليه؟!..
مد يده بجيب البنطلون الخاص به وأخرج منه ورقة وقدمها لها، أخذتها منه بكف مترجف وفتحتها وألم قلبها يزيد، تشعر وكأن بداخل تلك الورقة كارثة ستأخذ قلبها الصغير إلى الجحيم، أهتز جدران قلبها وتوقف عقلها عن الإستيعاب، صدمة، خوف، رفض، أشياء كثيرة تحثها على غلق عينيها والهروب من ما هي مقبلة عليه..
طلقها؟!… تخلي عنها؟!.. هل هي الآن تحمل هذا اللقب؟!.. أصحبت إمرأة مطلقة بعد أربعة أشهر فقط من زواجها منه؟!.. لا لا، يستحيل نوح يفعل بها ذلك..
نظرت إليه بنظرات مبهمة ، ذكريات سنوات طويلة تمر أمام عينيها وأولها نصائح والدتها وأخواتها إليها بالبعد عن رجل مزواج مثل نوح أبو الدهب ، عادت خطوة للخلف وشعورها بالاختناق يزداد من رائحة عطره القريبة منها ، أخيراً وجدت الفراش خلفها لتلقي بجسدها على أقرب جهة مردفة:
_ إيه الورقة دي يا نوح ؟!..
رفضت عيناه النظر إلي عينيها ، ربما حان وقت الرحيل ولكن المواجهة أبشع بكثير ، رسم على وجهه إبتسامة باردة قبل أن يقول:
_ ورقة طلاقك ، أنتِ طالق يا عطر..
أهو قالها بلسانه ليثبت الأمر ؟!. سقطت دمعه خائنة من عينيها مسحتها سريعاً وهمست إليه بتردد:
_ طيب ليه إحنا بقي لنا أربع شهور متجوزين..
رده الساخر قتلها ونظرته الوقحة جعلتها تغرق ببحر من الإهانة:
_ كتير عليكي الأربع شهور دول ، زهقت ومحتاج أغير..
برودة غريبة مرت بجميع أطرافها ، بلعت مرارة ما قاله بحلقها ثم أشارت على نفسها بذهول:
_ زهقت مني أنا ؟!..
أن يظهر أمامها باسوء الصور أفضل بكثير من شعورها بالشفقة عليه مع معرفتها بأنه رجل عقيم ، أومأ إليها بقوة قائلاً:
_ أيوة ومن حسن أخلاقي كتبت البيت ده بإسمك تقدري تقولي مكافأة نهاية الخدمة..
بحركة مجنونة جذبت يده ووضعتها على معدتها مردفة بآخر طوق نجاة بالنسبة لها:
: أنا حامل يا نوح
جملة تخيل غبائها انها ستربط بينها وبينه، جملة كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، أخذ عقله يرددها أكثر من مرة، زوجته تحمل ببطنها جنين وهو لا يقدر على الإنجاب،، كارثة جعلت الدماء تفور برأسه لم يشعر بنفسه إلا وهو يضمن عنقها بيديه الإثنين مرددا بحالة جنونية :
_ حامل يعني إيه حامل، أنا متخنش يا بت ثريا نوح أبو الدهب مفيش ست تقدر تعمل فيه كدة..
شعورها بالهلع والاخنتاق جعلها تصمت وترفض المقاومة، قالها عقلها بكل صراحة ” الموت على يده سيكون أفضل الحلول له ولها ولتنتهي تلك القصة إلى الأبد”..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أبو الرجالة)