روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثالث والستون 63 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثالث والستون 63 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثالث والستون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثالث والستون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثالثة والستون

يامن رَضيتَ لنا د’ينَ الهُدىَ د’ينا،
حمداً إليك فذاكَ الفضلُ يكفينا،
يا رازقَ الطير فضلاً أنت سابغُهُ،
أوليتنا نِعَماً فاقت أمانينا.
_نصر الدين طوبار.
______________________
الغا’بة مفتر’سة، وسا’كنيها أكثر شـ ـراسة، في قا’نون الغا’بة الأقو’ى يكون الملك، وفي قا’نون الحياة الأكثر تعـ ـقلًا في إسترد’اد حـ ـقه يكون الزعيم، أما الآن فالإثنين قد أتحـ ـدى سويًا لإستر’داد الحـ ـق فما مصـ ـير فر’يستهم الآن؟.
<“لحظةٌ واحدة وَجَبَ على المرءِ إغتنا’مها.”>
تعا’لى صوتٌ بد’اخلهِ يُخبرهُ أن يتحرك وينقـ ـض على فر’يسته، غـ ـريزته الذ’كورية تد’فعه للنهو’ض الآن وجـ ـلبه مِن تلا’بيبه وتسـ ـديد الضـ ـربات العنيـ ـفة إليهِ دون ر’حمة أو تو’قف، فبمجرد أن وضع زوجته مكانها جُـ ـنّ جـ ـنونه وتد’فقت الد’ماء بشكلٍ سر’يع إلى رأ’سه، ولَكِنّ لا يشـ ـترط أن تكون زوجته فهذه في الأخير إبـ ـنة عمه وفردًا مِن أفراد هذه العائلة وقد قدمت العديد مِن المسا’عدات إليهم وكشـ ـفت كذلك العديد مِن المخـ ـططات والكوا’رث السو’د’اء التي كادت أن تطيـ ـح بهذه العائلة دون سا’بق إنذ’ار.
ولذلك لَم يستطـ ـع السيـ ـطرة على نفسه كثيرًا وقد تر’ك رفيقه ونهض كالإعصا’ر الذي يقتـ ـلع كل ما يُقابلهُ متوجهًا نحو باب المنزل وهو يتو’عد بالهلا’ك المُمـ ـيت إليهِ، فيما نهض “نـ ـمر” خـ ـلفه وهو يُناديه بنبرةٍ عا’لية بعض الشيء يرد’عه عمَّ يُفكر بهِ حتى لا ير’تكب جر’يمةٌ شـ ـنعاء وهو في هذه الحالة الها’ئجة، نز’ل “علي” على در’جات السُـ ـلّم سر’يعًا وخـ ـلفه “نـ ـمر” الذي حاول العديد مِن المرات إيقا’فه.
وقف “علي” أمام باب منزله يطرق على الباب بشكلٍ فو’ضوي، وقف “نـ ـمر” خـ ـلفه ممسـ ـكًا بذراعه محاولًا رد’عه قائلًا:
_يا “علي” أهـ ـدى كدا مينفعش أنتَ بترّ’كب نفسك غـ ـلط مينـ ـفعش كدا.
جاوبه “علي” بنبرةٍ حا’دة بعدما تد’فقت الد’ماء د’اخل أور’دته مِن جديد كلما تذكر الصور والكلمات المُرسلة معها ليز’داد جـ ـنونه أكثر قائلًا:
_أقسم بالله ما همشي غير وهو معايا، مش هو بيقولي ملهاش رجا’لة تلـ ـمها؟ أنا هوريه مين الرجا’لة عشان يعرف هو بيتكلم على مين ووسا’خته دي بتأ’ذي حيا’ة الناس أزاي، يا أنا يا هو النهاردة.
فُتِـ ـحَ الباب مِن قِبَل فتا’ةٌ ليد’وم الصمت فجأ’ةً في المكان، نظر إليها “علي” وصد’ره يعلـ ـو ويهبـ ـط بعنـ ـفٍ بسـ ـبب غضـ ـبه المكبو’ت بداخلهِ ومعهُ “نـ ـمر” الذي كان متفا’جئًا مِن وجود الفتا’ة فمنذ وقتٍ طو’يل لَم يسمع صر’خات أُنا’ث لينزل سر’يعًا يُدا’فع عنها ويقف بو’جه هذا الحـ ـقير عد’يم المروءة، كانت الفتا’ة ممسكةً بقطـ ـعة ز’جاج يُلـ ـطخها الد’ماء والذي تبعـ ـثر على ثيابها تبكي بخو’فٍ وخصلا’تها مشعـ ـثة وملابسها مهتـ ـرءة.
نظر “علي” إلى الد’اخل ليراه مصطـ ـحًا على أر’ضية المنزل غر’يقًا في د’ماءه والمكان في الداخل عبارة عن فو’ضى، عاد “علي” ينظر إلى الفتا’ة التي شعرت بالخو’ف الشـ ـديد مِنهُ وسر’يعًا إتخذ جسـ ـدها وضـ ـعية الد’فاع حينما عادت خطوتين إلى الخلـ ـف ور’فعت قطعة الز’جاج بأ’يدي مر’تعشة كتهـ ـديدٍ صر’يحٍ مِنها إن حاول الإقتر’اب مِنها.
_أبعـ ـدوا عنّي، كلكم **** وزي بعض، متتخـ ـيروش عن بعض، اللي هيقرب همو’ته سامعين!.
صر’خت بهما بصوتٍ مر’تعش وعبراتها السا’خنة تسقـ ـط على صفحة وجهها وهي تنظر لهما ليبدأ “علي” تهـ ـدأتها حينما وقف أمامها على بُعد سنتيمترات يُشهـ ـر بطاقته التعر’يفية الخا’صة بعمله ضا’بطًا بوجهها قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أهـ ـدي خالص مفيش أي حاجة، أنا ظا’بط وجيت عشان أقبـ ـض عليه متخا’فيش مِن حاجة.
نظرت إلى البطاقة التي كانت تدل على صـ ـحة حديثه وصد’قه لتعاود عبراتها تسقـ ـط مِن جديد على صفحة وجهها ليتحدث “علي” قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_متخا’فيش، أر’مي الإز’از دا مِن إ’يدك عشان متأ’ذيش نفسك.
لَبّـ ـت مطلبهِ وتركتها تسقـ ـط أر’ضًا ليلتفت “علي” ينظر إلى “نـ ـمر” قائلًا:
_أطلب الإسعا’ف يا “نـ ـمر” وأستعـ ـجلهم أنا عايزُه حـ ـيّ.
_حاضر.
نطـ ـق بها “نـ ـمر” وأبتعـ ـد عنهُ كي يُهاتف الإسعا’ف تاركًا إياه معها هو ينظر لها مستنتـ ـجًا ما حد’ث بُناءًا على ما هو الحال عليهِ مِن حوله وهي تقف باكية بعدما تد’مر مستقبلها على يد ذ’ئبٍ مثله كل ما يُحر’كه هو شهـ ـواته تجاه الجـ ـنس النا’عم البـ ـريء، ليتعهـ ـد “علي” بينه وبين ربه على أن لا يتر’ك هذا الحـ ـقير إلا حينما ينا’لُ عقا’به وإستر’جاع حقو’قهن وشـ ـرفهن أمام الجميع وإظهار نقا’ءهن أمام مر’ئى العا’لم أجمع فمثل تلك الابتـ ـزازات تُدي بحيا’ة المرء إلى الضيا’ع.
_______________________
<“زارنا الفرح لنسر’ق مِنهُ لحظاته السعيدة.”>
الجميع يلتـ ـفون حولها للاطمـ ـئنان عليها بعد أن أطمـ ـئنوا على الصغيرة، الوا’فد الجديد في عائلة “الدمنهوري” التي أصبحت شجرةٌ متفر’عة ذات أغصـ ـانٍ عديدة جـ ـذعها ثابت كالجبـ ـل، كانت الضحكات تعلـ ـو بينهم والأحاديث المشتركة متبا’دلة بينهم، نظروا جميعهم إلى “عُـمير” الذي كان يقف بجوار فراش صغيرته منذ أن جاءت ينظر إليها بأعينٍ تو’مض بالفرحة والحُبّ لا يُصد’ق أنها تنام الآن أمامه تسـ ـبح في بحو’ر أحلامها الو’ردية بعد حر’مانٍ أستمر عامين..
_”عُـمير” شكله كدا هيبتدي يركز مع القـ ـطة الصغيرة وينسىٰ القـ ـطة الكبيرة اللي تـ ـعبت لحد ما جابتهاله.
هكذا نطـ ـقت “عـائشة” دون أن تنظر إليهِ ممسّدةً على خصلات أبـ ـنتها التي كانت تنظر إلى زوجها بوجهٍ مبتسم وقلـ ـبها يتر’اقص بفرحةٍ وهي ترى سعادة زوجها بفتا’تها فمنذ أن جاءت بها الممرضة ووضعتها على نهدها وهو لا يبتعـ ـد عنها إنـ ـشًا واحدًا يُلثم كفها الصغير بين الفينة والأخرى والعبرات ملتمـ ـعةً في مقلتيه..
ألتفت إليها ينظر لها مبتسم الوجه ليقول بنبرةٍ سعيدة:
_مقد’رش يا حماتي دي “غـدير” حياتي، أنا بس الفرحة مش سيعـ ـاني أنا وهي كُنا مستنينها مِن بدري ودعينا ربنا كتير أوي وتعـ ـبنا والشو’ق غـ ـلبنا، وبصراحة بقى دي أول فرحتنا ومش عايز أبعـ ـد عنها.
أبتسموا جميعهم بعدما أستمعوا إلى حديثه ليأتي ردّ “زياد” الذي قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_ربنا يباركلكم فيها ويحفظها وتعيـ ـش وتتر’بى فعزك يا “عُـمير”.
أمّنوا جميعهم خـ ـلفه ليأتي قول “كمال” الذي قال مبتسمًا:
_طب يلا بينا إحنا بقى ونسيبهم مع بعض شوية.
وافقوه جميعهم الرأي ليبدأوا بالإنسـ ـحاب رويدًا رويدًا أسـ ـفل نظرات “غـدير” التي تابعتهم حتى خرجوا وأُغـ ـلق الباب عليهما، زفـ ـرت بهدوءٍ ونظرت إلى زوجها الذي كان مازال على حا’لته يتأمل أبـ ـنته وكأنه أمـ ـتلك كنـ ـزًا ليس مع أحدٍ غيره لتبتسم قائلة:
_طب سيبها نايمة وتعالى بُص عليا شوية ولا أنا مش مـ ـهم بقى.
ألتفت لها بعدما جـ ـذبت أنتبا’هه إليها ينظر لها لينفـ ـي حديثها حينما أقترب مِنها بوجهٍ مبتسم منحنـ ـيًا بجذ’عه العلـ ـوي نحوها يُلثم جبينها قْبّلة حنونة قائلًا بنبرةٍ هادئة حنونة:
_وأنا أقد’ر برضوا، دا أنتِ الحُبّ والقلـ ـب والعيـ ـن والننـ ـي، أديني و’فيت بوعدي ليكِ ودخلت معاكِ ومسبـ ـتكيش لحظة واحدة وصحيتي لقيتيني جنبك عشان تعرفي بس إني قـ ـد وعودي معاكِ.
نظرت إليهِ بوجهٍ مبتسم وقالت بنبرةٍ هادئة:
_مِن غير ما تقول يا حبيبي، أنا عارفة إنك بتو’في بوعودك خصوصًا معايا.
_طبعًا هو أنتِ زيهم يعني؟ هما كلهم يو’لعوا عادي إنما أنتِ لا مقد’رش أقولك لا.
هكذا جاوبها بوجهٍ مبتسم ليرى بسمتها الر’قيقة ترتسم على ثغرها ليُلثم وجنتها قْبّلة خا’طفة ثم نظر لها وقال:
_بس حسـ ـيتهم حبّوا أسم “أُمَيمة”.
_وأنا كمان، الإسم حلو أوي مينفعش ميتحبّش دا حتى أسم السيـ ـدة “أُمَيمة”، “أُمَيمة عُـمير”.
أتسـ ـعت بسمتهُ أكثر وألتفت ينظر إلى فراش صغيرته ومعهُ “غـدير” التي كانت تنظر إليها كذلك مبتسمة لتشعر بهِ يضمها إلى د’فئ أحضانه مبتسمًا ثم بعدها يأتي صوته الد’افئ حينما دندن بنبرتهِ المميزة يقصدها هي ومَن غيرها غيَّرت حياته قائلًا:
_وقابلتك أنتَ لقيتك بتغـ ـيَّر كل حياتي،
معرفش أزاي حبيتك،
معرفش أزاي يا حياتي،
مِن همـ ـسة حُبّ لقيتني بحبّ،
لقيتني بحبّ وأدو’ب فالحُبّ،
وأدو’ب في الحُبّ وصُبح وليل،
وليل على بابه.
أتسـ ـعت أبتسامتها وهي تنظر إليهِ للمرةِ التي لا تعلمها يُعيـ ـد على مسامعها كلمات هذه الأغنية التي أصبحت مهو’وسةٌ بسماعها مِنهُ مؤ’خرًا، يُهديها مقا’طع مُعيّنة مِن الأغاني القد’يمة وتُهديه هي عناقًا دا’فئًا حنونًا وقْبّلةٌ حنونة تُعبر بهما لهُ عن شو’قها لهُ وحُبها الشـ ـديد إليهِ وتستمر قصتهما الرومانسية التي شهد عليها جميع أفراد العائلة.
________________________
<“بدايةٌ جديدة لعلا’قتهما وفرصةٌ لهُ للعـ ـيش مِن جديد.”>
يستحـ ـق المرء دومًا بدايةً جديدة مِنها يحيـ ـا ويعود للعـ ـيش مرةٍ أخرى، يستحـ ـق فرصةٌ كي يعيـ ـش مِن جديد، يرى الدُ’نيا بعينٍ جديدة، بعين مُحبٍّ أر’هقه الحُبّ والكتـ ـمان وجاء بهِ صر’يعًا، نا’ل حو’اءه التي مِن أجلها كا’فح لأجل الحصول عليها كقطعة اليا’قوت المد’فونة في أعما’ق البحـ ـر.
شارع المعز المكان الذي يتمتع بالطر’از الإسلا’مي، الأحب إلى قلبيهما، أخذها وذهبا إلى هُناك سويًا بعد أن مرّ على زواجهما ثلاثة أيام، أراد أول مكان أن يأخذها إليهِ هو شارع المعز ليشعر بسعادتها وحما’سها الذي إز’داد وهي تنظر حولها بأعينٍ تنطـ ـق بالفرحة ليأتي قوله الهادئ حينما قال مبتسم الوجه:
_مبسوطة؟.
_أوي، أنا بحب شارع المعز أوي يا “شـهاب” وبحب أجواءه وهو’اه، أنا بقالي كتير أوي مجيتش هنا حتى مش فاكرة آ’خر زيارة ليا هنا كانت أمتى، بس أنا دلوقتي مبسوطة أوي وعايزة أشتري كذا حاجة مِن هنا.
_وأنا مقد’رش أحر’مك مِن حاجة كل اللي نفـ ـسك فيه هعملهولك.
نظرت إليهِ حينها بوجهٍ مبتسم لتقترب مِنهُ تُلثم وجنته قْبّلةٌ حنونة لترى بسمتهُ تتسـ ـع ومعها تز’داد لمـ ـعة عينيه ليأتي صوته حينما قال بنبرةٍ عا’بثة:
_هو أز’از العربية أسو’د برضوا مش كدا؟.
نظرت إليهِ نظرةٍ ذات معنى بطر’ف عينها ليأتي صوتها حينما قالت:
_”شـهاب”، عد’يها.
_نعد’يها عشانك المرة دي يا ملكة، بس المرة الجاية مش هعد’يها.
هكذا جاوبها بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ خبـ ـيثة ونظرةٍ ما’كرة لتترجل مِن السيارة قائلة:
_يلا يا “شـهاب” وبَطَـ ـل قلـ ـة أد’ب.
أغـ ـلقت باب السيارة بعد ثوانٍ لتتسـ ـع بسمتهُ ويقوم بفتـ ـح باب السيارة قائلًا:
_واللهِ مؤد’ب بس أنتِ اللي نيـ ـتك مش صا’فية.
أخذت بيدهِ تسا’عده على النز’ول حتى لا تر’تطم رأ’سه بسقـ ـف السيارة، ومِن جديد جاءها قوله العا’بث وهو يُشـ ـدد مِن قبـ ـضته على كفها وإبهامه يسير على ظهـ ـر كفها:
_إيدك نا’عمة وحلوة أوي يا “ريما”.
_لا واللهِ؟ “شـهاب” إحنا فالشارع مش هقولها تاني.
هكذا ردّت عليهِ بعدما صـ ـفعت كفه بخـ ـفةٍ ليضحك هو بخـ ـفةٍ على حديثها ونبرة صوتها المغتا’ظة، أخذت عصـ ـاته مِن الخـ ـلف وعادت لهُ بعدما تأ’كدت أن السيارة مغـ ـلقة ليأخذها هو مِنها مشهـ ـرًا إياها أمامه ثم سار بجوارها دون أن يُفـ ـلت كفها، كانت تتحدث طيلة الوقت تشر’ح لهُ كيف يكون المكان مِن حولهما وهو يراه بعـ ـينها دا’خل قلـ ـبه، وبعد القليل مِن السير توقفت “مَرْيَم” أمام إحدى المحلات الخاصة ببيـ ـع الفخار تشاهد جميع الأشكا’ل المتواجدة أمامها بأعينٍ شغـ ـوفة ليأتيها قول “شـهاب” حينما تعجب مِن وقفوها:
_مالك يا “ريما” وقفتي ليه؟.
نظرت إليهِ بوجهٍ مبتسم ثم نظرت إلى الأواني الفخارية وقالت:
_بصراحة شكل الفخار جـ ـنني، شكلهم حلو أوي ومكتوب عليهم جُمَّل عـ ـربية تُحفة، كان نفسي يكون عندي واحد مكتوب عليه جملة معيَّنة.
حرك رأسه نحوها وكأنه ينظر لها ليسألها قائلًا:
_كان نفسك تكتبي إيه عليه؟.
أجابتهُ بوجهٍ مبتسم ترفـ ـض إخبا’ره قائلة:
_لا مش هقولك عشان جُمَّلي متتكـ ـشفش على را’جل غريب.
_لا واللهِ؟ يعني أنا لسه غريب لحد دلوقتي؟ دي فيها ز’علة كبيـ ـرة دي خلّي بالك.
تأ’ملت معالم وجهه قليلًا لتقول:
_ما الغريب بقى حبيب دلوقتي، بحبّ أنكُـ ـش فيك.
لَم يردّ عليها ويجاوبها بل قام بمنا’داة صاحب المحل أسفـ ـل نظراتها التي أصبحت متعجبة، جاء الر’جُل قائلًا:
_أؤ’مرني يا باشا.
_بعد أذنك عايز فخار معمول مخصوص مكتوب عليه جملة مُعيَّنة بالخط العـ ـربي ممكن؟.
إزدا’دت حيـ ـرة “مَرْيَم” التي أصبحت لا تفهم ما يحدث لتسمع الر’جُل يقول بوجهٍ مبتسم:
_آه طبعًا متا’ح، بس هياخد وقت عقبال ما ينشـ ـف، يعني على بكرا كدا مثلًا.
أجابه “شـهاب” بنبرةٍ هادئة موافقًا على ما قاله قائلًا:
_تمام مفيش مشـ ـكلة أخويا هييجي يستلمه مِنك.
وَّجه حديثه إلى “مَرْيَم” قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_معلش يا “مَرْيَم” أقفـ ـي بعيد شوية.
عقدت ما بين حاجبيها وقالت متسائلة:
_ليه؟.
_أقفي بعـ ـيد شوية بس.
إزد’اد تعجبها أكثر لتبتعـ ـد عنهُ بالفعـ ـل وهي لا تفهم شيء ليوَّجه “شـهاب” حديثه إلى الر’جُل مخبرًا إياه بما يوَّد أن يكتبه عليهِ ليبتسم الر’جُل إليهِ في المقابل قائلًا:
_عيوني يا باشا بكرا بإذن الله على العصر تستلمه.
_تمام أخويا هو اللي هييجي ياخده أسمه “شُـكري العطار”.
أ’كد على كل شيءٍ ثم تر’كه وسار مشهـ ـرًا بعـ ـصاته أمامه ليشعر بكفيها يُعانقان ذراعه تليهما صوتها حينما قالت:
_أنا عايزة أعرف مـ ـشيتني ليه؟.
_سـ ـر، بكرا هتعرفي.
_بس أنا عايزة أعرف دلوقتي بقى.
أبتسم هو أبتسامةٌ هادئة ثم قال بنبرةٍ خا’فتة خـ ـبيثة:
_تعالي نرجع العربية وهقولك.
ر’مته نظرةٍ حا’دة بعض الشيء ليضحك هو ضحكاتٍ خـ ـفيفة حينما تو’قع ردّها ليقول:
_قولتلك قبل الجواز أنا هادي جدًا ومبعملش صوت، حصل ولا محصلش؟.
_هصدقك وأكد’ب عينيا.
ضحك على ردّها مِن جديد ليجاوبها بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_خلاص تعالي هوديكي مكان حلو أوي هنا بحبّه وا’ثق إنه هيعجبك إن شاء الله.
أنهـ ـى حديثه ثم أمسـ ـك بكفها معانقًا إياه دا’خل أحضان كفه الدا’فئ ليتحركا سويًا متجهين إليهِ ليقضيا سويًا بعض الوقت رفقة بعضهما البعض في نزهةٍ بسيطة تكون هي الأولى بعد زواجهما.
________________________
<“ألا يستحـ ـق المرء فرصةٌ واحدة للنجـ ـاة حـ ـيًا !.”>
ألا يستحـ ـق المرءُ فرصةٌ للعـ ـيش حُـ ـرًا؟.
ألا يستحـ ـق الاستقـ ـلال بنفـ ـسه وذا’ته للمُضـ ـي قُدُ’مًا دون أن تحر’كه أيُ قيو’دٍ تحـ ـكم حرا’كه، ألَم يحين الوقت للحصول على حـ ـريته بعد أعتقا’لٍ دام لسنواتٍ عديدة أضا’عت طفولته ثم شبا’به وفي طريقها لبقية حيا’ته !! كَتَبَ على حسابه الخا’ص _أر’هقني محبـ ـسي كطـ ـيرٍ عُقِـ ـبَ لسر’قته للطعام وما هو بعلـ ـيمٍ_.
منذ أن أنهـ ـى أختبا’رات نها’ية العام ولاز’م غرفته وهو ليس بأفضل حا’ل، عاد يسمع الاسطوانات الغـ ـبية التي يتم إلقا’ءها على مسا’معه كل يوم دون مـ ـللٍ أو كـ ـلل، ينتظر شهادته ثم حفل التخر’ج كي يقوم بعدها بتجـ ـهيز أوراق جيـ ـشه رفقة رفيقيه ليقوم بإنها’ء هذا العام والعودة لتخـ ـطيط ما يَوّد لمستقبلهِ..
وفي نفس الوقت هي لا تتر’ك رأ’سه لحظةٌ واحدة، دومًا يُفكر بها حتى حينما يستعد للنوم تظهر أمام عينيه تُعا’نده أنها لن تتر’كه حتى في غـ ـفوته، أخذ هاتفه وولج على التطبيق الشهير “فيسبوك” حيثُ صفحته الخاصة ليبدأ برؤية آ’خر الأخبا’ر وما تم نشره هذا اليوم منذ الصبيحة حتى قابله منشورًا خاصًا بـ “حُـذيفة” قد تم نشره منذ أربعين دقيقة ليتوقف لقرأته كما أعتاد دومًا..
_بـ ـر الوالدين بيكون فكل حاجة فحيا’تنا..
سواء معا’ملة، طا’عة، إحسا’ن، أي حاجة فحياتك كإنسا’ن فأنتَ بتكون مُطالب ببـ ـر الوالدين لأن ربنا قالنا {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَين إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفِّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} جاء رَ’جُل إلى الحسن فقال:إنهُ طلـ ـق امرأته ثلاثا، فقال:إنك عصـ ـيتَ ربك، وبانت مِنك امرأتك، فقال الرَ’جُل:قـ ـضى الله ذلك عليّ، قال الحسن وكان فصيحًا:ما قـ ـضى الله أي ما أمر الله..
{وَبِالْوَالِدَين إِحْسَانًا} يقول وأن تحسنوا إليهما وتبـ ـرّوهما ولا تَقُل لهما أُفِّ..
أغـ ـلب الشبا’ب الأيام دي شايف إنه لمَ يعو’ق والديه ويشوف نفـ ـسه عليهم إنها بتكون رَو’شنة مِنهم وإنه جا’مد وبيحـ ـقق اللي غيره معرفش يحـ ـققه … ولَكِنّ يا عزيزي المتابع أنتَ فغـ ـفلة كبيـ ـرة مش در’يان بيها !!! أنتَ مُتَخَـ ـيِل الكا’رثة اللي حضرتك فيها وبتضحك وتتر’وشن وتقول عليهم دول عـ ـضمتهم كبرت خلاص واللي دا’خل مش هيخر’ج تاني !!!.
فالحـ ـقيقة اللي عـ ـضمتهم كبرت ومـ ـخهم بقى على قدهم دول هما اللي كبـ ـروك وعملوا مِنك را’جل عشان يشـ ـيلهم دلوقتي لمَ يقـ ـعوا وميلا’قوش اللي يسـ ـندهم يعني بمعنى أصح حضرتك عكا’زهم فالدنيا وحضرتك برضوا لمَ تكبر وتعجـ ـز زيهم هتحتاج ولادك يسنـ ـدوك بس مش هتلاقيهم عارف ليه !!! عشان حضرتك زما’ن عصـ ـيت أبوك وأُمّك وشوفت نفـ ـسك عليهم فبالتالي الدُنيا بتلـ ـف وتد’ور واللي بتعـ ـمله فوالدك ووالدتك دلوقتي ولادك فالمستقبل هيعمـ ـلوا فيك نفس الشيء … مينفعش حتى ناخدهم على قد عقـ ـلهم ومنز’علهمش حتى لو على حسا’ب نفسك !!!.
طب هييجي واحد دلوقتي ويقولي حتى لو في الجواز يا شيخنا !! هنا بقى هقولك لا دي الحاجة الوحيدة اللي ليك الحُـ ـرية ترفـ ـض فيها فحين أجبـ ـروك على واحدة مُعيَّنة لمجرد إنها عاجبة والدتك حضرتك أنتَ اللي هتتجوز مش والدتك وأنتَ اللي هتعـ ـيش وتستقـ ـر بحيا’تك وفالمقا’م الأول أنتَ بتختار زوجة صا’لحة لنفسك وأُمّ سو’ية لأطفالك فحضرتك اللي بتختار عشان تتحمـ ـل نتا’يج قـ ـراراتك فحضرتك اللي بتختار ومتخا’فش مش هتعو’ق والديك ولا حاجة، فرّ’ق بين دي ودي قبل ما تتصر’ف.
شرد “مُـهاب” في حديثه يُفكر بهِ بشكلٍ أكثر تعمـ ـقًا فهو يَمُرّ بمثل هذه المشـ ـكلات وبسـ ـببها تزوج أخيه بالفتا’ة التي يُريدها هو وأخذها وذهب بعـ ـيدًا حتى لا يتشا’جر مع والديه كل يوم بسـ ـببها فهو يريد الاستقـ ـرار بحيا’ته مثلما يشاء هو ويبدو أنه سيفعل مثله قريبًا فهما لن يتر’كان أمامه خياراتٍ أخرى غير تلك..
صدح رنين هاتفه عا’ليًا يعلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن أخيه، يبدو وكأنه يشعر بهِ لذلك أجابه بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_حبيبي يا “دَرش” وحشتني أوي، مش تسأل على أخوك الصغير يا’ض وتطـ ـمن عليه أنا لسه مخلـ ـص أمتحانات.
أتاه صوت أخيه الضاحك عبر الهاتف يليها قوله حينما قال بنبرةٍ ضاحكة:
_ما أنا عارف إنك لسه مخلـ ـص ويا عيني زمانك قاعد على نا’ر عشان النتيجة، بس الوا’ثق مِن نفسه يا’ض ميقـ ـعش أبدًا وهتنجح وبكرا تقول “مصطفى” قال.
نهض “مُـهاب” مِن مجلسه وأصبح يسير بخطى هادئة في أركان الغرفة وهو يتحدث معهُ قائلًا:
_أدعيلي يا “دـرش” وغلا’وة “نـرمين” عندك يا جدع لأن اللي شوفته ميبشـ ـرش إني أعدي بمقبول حتى.
_يا’ض أنتَ أخو “مصطفى” يعني ناجح مِن غير كلام طب حد فيهم يستجـ ـرى ويسقـ ـطك وأنا هروح أعمل وشهم خـ ـرايط قا’رات العا’لم.
هكذا جاءه حديث “مصطفى” المتو’عد لتعلـ ـو ضحكاته مِن جديد قائلًا:
_كفاية أسمك لوحده يا دَو’لي بيعمل حا’لة، طمني عليك وعلى “نـرمين” والكتكوتة الصغيرة وحشاني أوي.
_إحنا بخير الحمد لله وكتكوتك مش مبطـ ـلة ز’ن كل شوية عايزة “مُـهاب” كأن مفيش غيرك يا جدع فكراه.
ضحك “مُـهاب” على حديث أخيه وحديثه الذي لا ينتهـ ـي حينما يتحدثان مع بعضهما البعض عبر الهاتف يشاركه يومه ويُخبره ما يحد’ث معهُ دون أن يشعر كلا الطر’فين بالمـ ـلل، وبعد القليل مِن الوقت جاء صوت “مصطفى” حينما قال بنبرةٍ خبـ ـيثة مبتسم الوجه:
_قولي يا “هوبا” بقى مفيش واحدة كدا ولا كدا شا’غلة د’ماغك رغم إني عارف إنك تقـ ـيل ومش بتقـ ـع بسهولة بس برضوا أكيد في واحدة هتيجي تو’قعك مِن غير ما تحـ ـس ومش هتسـ ـيبك … أحكيلي على طول مِن غير تزو’يق.
ومِن جديد عادت صورتها أمام عينيه تطو’ف كالفراشة الخفـ ـيفة في يوم ربيعها الأول تطيـ ـر هُنا وهُناك مرفر’فةً في الهو’اء بثو’بها الجديد، رآها وهي ترتدي هذا الفستان البُـ ـني اللا’مع وحذ’ائها الأبيـ ـض اللا’مع وبعض الز’ينة النا’عمة الر’قيقة التي أبـ ـرزت معالم وجهها الحا’دة وأخيرًا خصلا’تها النا’عمة القصيرة السو’د’اء التي تُعانق عنـ ـقها، أغمض عينيه تاركًا نفسه لعقـ ـله يتخيـ ـل إليهِ كل شيءٍ.
رأى نظرة عيونها الحا’دة لهُ والتي كانت مرسومة ببر’اعةٍ جعلت قلبه يهو’ىٰ لها ويُهـ ـيم بها، حاول أن يُعا’ند نفسه ويُخر’جها مِن رأ’سه ولَكِنّ شخصٌ آخر بداخلهِ منـ ـعه ووقف أمامه النـ ـد بالنـ ـد مد’افعًا عن حبيبته والسماح إليهِ بتخيلها كيفما يشاء، حر’بٌ طا’حنة نُشِـ ـبَت بدا’خلهِ ما بين النسـ ـيان والبقاء وهُنا جاءه صوتٌ واحدٌ فقط ينتـ ـشله مِن ما هو عليه الآن حينما صر’خ قائلًا:
_أنتَ بتحبّها بَطَـ ـل تعا’ند نفسك بقى ووا’جه مرة واحدة، هتفضل تكابـ ـر لحد أمتى؟ لحد ما تضيـ ـع مِنك وتروح لغيرك !!!.
هذا الصوت أراد إيضا’ح حـ ـقيقة الأمر إليهِ، أراد أن يجعله يمضي قُدُ’مًا إلى الأمام وأخذ خطوةٌ واحدة صحيحة تُغيَّـ ـر لهُ مجـ ـرىٰ حياته بالكامل فهي الوحيدة مِن جـ ـنس حو’اء أستطاعت بجـ ـراءة عينيها أن تُشـ ـتت تفكيره وتُبعـ ـثر كيا’نه بأكمله، فقط نظرةٌ واحدة وأنهـ ـت الأمر، زفـ ـر بعمـ ـقٍ حينما جاءه صوت أخيه ينتـ ـشله مِن بقا’عه العمـ ـيقة تلك حينما قال:
_يا’ض ردّ عليا أنتَ أخر’سيت دلوقتي؟.
أستفاق “مُـهاب” على حديث أخيه ليأخذ نفـ ـسًا عمـ ـيقًا دا’خل صد’ره ثم يخر’جه بهدوءٍ قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_”مصطفى” هو لو الواحد بدأ يحـ ـس بمشاعر غريبة جو’اه ومش فاهم هي إيه دا بيكون بسـ ـبب إيه؟.
تفهم “مصطفى” ما ير’مي إليهِ أخيه الصغير دون أن يستغـ ـرق وقتًا ليبتسم قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_يــاه يا “هوبا” أنتَ جيت على نقـ ـطة الضـ ـعف، بُص يا سيدي هتلاقي نفسك أتهـ ـزيت فجأ’ة كأن حاجة جواك أتحر’كت جا’مد زي الزلز’ال اللي بييجي يهـ ـز الأر’ض على غـ ـفلة كدا، بتبدأ تلاقي نفسك تتشـ ـد مرة بعد مرة وقلبك يبدأ يد’ق بسر’عة على عكـ ـس طبيـ ـعته وبتبقى عايز تشوفها كل شوية كل ما تروح مكان محـ ـدد هي فيه بتبدأ تد’وّر عليها فكل مكان، وأول ما تشوفها تحـ ـس إن في حاجة كلـ ـبشت فيك تحكـ ـم حركة جسـ ـمك وعينك تبدأ تتحـ ـرك معاها وغصـ ـب عنك لو أتشـ ـغلت شوية بترجعلها تاني وممكن تنسىٰ كل حاجة حواليك ومتركزش غير معاها، حتى لو قاعد فالبيت لوحدك هتيجي على بالك وهتبدأ تد’وّر على و’سيلة توصلها بيها، هتبقى قدامها عامل زي الأهـ ـبل وهـ ـتهته فالكلام كأنك لسه بتتعلم تتكلم ولو أتز’نقت وحسيت إنك بتـ ـلفت نظرها هتلاقي نفسك مخر’ج التليفون عادي وعامل نفسك بتتكلم فيه دي أكتر حاجة بنعملها عشان منبانش مد’لوقين بس للأ’سف هما بيكونوا عارفين وحا’سين بينا بس ممكن تلاقيها بتجا’ريك عادي ومنيـ ـماك عشان متحـ ـسش بالإحر’اج … بس لأجل الأما’نة يعني صدقني ما في أحلى مِن اللحظات دي أنا بكلمك وكُنْت فيوم مِن الأيام مكانك.
بدأ “مُـهاب” يُفكر في حديث أخيه بشكلٍ أكثر جدية فبعض الكلمات التي قالها هو فعـ ـلها بالفعـ ـل وشعر بها، لقد و’قع صر’يعًا لها دون أن يشعر فكيف لهُ أن يشعر بذلك إلا بعدما يرى نفسه منجـ ـذبًا لها ومتلـ ـهفًا لرؤيتها، أصبح لا يعلم ماذا سيفعل فهو الآن يُريد رؤيتها وبشـ ـدة، شيئًا ما بدا’خلهِ يخبره أن يتصر’ف سر’يعًا حتى يكون بالقرب مِنها يستأ’نس بها وبرفقتها فرغـ ـمًا عنه بين ليلةٍ وضـ ـحاها أصبح عا’شقًا يعيـ ـش مشاعر جديدة عليه..
جاء صوت أخيه عبر الهاتف حينما قال بنبرةٍ متسائلة خـ ـبيثة:
_قولي يا “هوبا”، شكلك وا’قع ومش عايز تقول مش كدا برضوا؟.
تو’تر “مُـهاب” كثيرًا خصيصًا حينما كشـ ـفه أخيه أمام نفسه ولذلك لَم يجد مفـ ـرًا مِنهُ وأجابه بنبرةٍ أرهـ ـقها الكتـ ـمان قائلًا:
_أيوه يا “مصطفى” في واحدة، عايزها بس فنفس الوقت خا’يف.
_إيه اللي يخو’فك؟ بتحب عادي يعني مفيش حاجة تخو’ف فالحُبّ لا بيعُـ ـض ولا هيجـ ـري وراك يا’كلك يعني.
زفـ ـر “مُـهاب” بقو’ةٍ وقال بنبرةٍ يملؤ’ها الضـ ـيق حينما جاءته سخـ ـرية أخيه:
_يا “مصطفى” الموضوع مش كدا خالص، كل ما فالموضوع إنها تبقى بنـ ـت عم صاحبي وصاد’فنا فرح عائلي ليهم جمعنا ببعض وأنا شوفتها صدفة خبـ ـطتني غصـ ـب عنها وبعدها بقى أنا مش عارف أعـ ـيش كل شوية تيجي على بالي وأنا هتجـ ـنن بجد وخو’فت أقول لصاحبي عشان مهما حصل أنا مش عايز أخسـ ـره معرفش ليه بفكر كدا بس أنا وهو قريبين أوي لبعض ومعرفش ممكن يضا’يق مثلًا عشان كدا … بقولك إيه أنا متلـ ـغبط أوي ومش عارف أعمل إيه رسـ ـيني عشان هتجـ ـنن.
تفّهم “مصطفى” ما يشعر بهِ أخيه ولذلك أجابه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_بُص يا “مُـهاب” أنتَ معملتش حاجة غـ ـلط عشان تخا’ف مِن صاحبك أنتَ أتشـ ـديت لبنـ ـت عمه وبعدها أنتَ أكيد بتحبّها بس مش عايز تقول أي حاجة بس على الأقل صارحه لقدر الله أفرض في حدّ فحيا’تها أو متكلم علـ ـيها ر’بط كلام فالأول ساعتها أنتَ الخسـ ـران فتلحـ ـق نفسك فالأول وتصا’رحه وهو أكيد مش هيضر’بك بالنا’ر يعني متأ’ڤورش يا “مُـهاب” ويا سيدي لو مفيش أي حاجة مِن دي يبقى ألف بركة شوف دُنيتك إيه الشقة كدا كدا موجودة روح لأبوها بعد ما تاخذ ميعاد أر’بط معاه كلام ولو عايز تخطبها يا عم أخطب وروح السنة بتاعت الجـ ـيش وربنا ييسرلك الأمور الدنيا سـ ـهلة بس أنتَ اللي مصـ ـعبها على نفسك.
شرد “مُـهاب” قليلًا بينه وبين نفسه يُفكر في حديث أخيه إليه فقد أكتـ ـشف أنه يبا’لغ بعض الشيء ببعض المعتقـ ـدات السخـ ـيفة مثلما أخبره أخيه الآن ولذلك رأى أن يجلس مِن جديد مع نفسه يُفكر في الأمر مـ ـرارًا وتكـ ـرارًا حتى يتوصل إلى الحل الأنسـ ـب إليهِ، وقد أستمرت المكالمة بعد ذلك بينهما يتبا’دلان أطر’اف الحديث ويمازحان بعضهما قليلًا حتى يهر’ب مِن رأ’سه التي لا تر’حمه قليلًا.
________________________
<“نُجالس مَن نُحبّ رفقة الورود، والقلب يهو’ىٰ.”>
ورود الحياة لَم يكن أسمًا فقط، بل هو معنى حرفي لها..
الورود بالنسبةِ إليها الحيا’ة بأكملها ولذلك أن تكون بجوار ما تُحبّ مع مَن يهو’ىٰ لهُ القـ ـلب فهذا يعني أنها حظت بالسعادة التي كانت تتمناها منذ زمنٍ، أفضل ما يُعبر عن الحُبّ بالنسبةِ لها هو الورود، وهو كان عاشـ ـقًا لها لأجلها هي.
اليوم كان يومًا سعيدًا كثيرًا لها فقد جاءوا العديد مِن الز’بائن لشراء الورود الحمـ ـراء، فاليوم كان يومًا مميزًا للتعبير عن الحُبّ وأفضل الوسائل دومًا للتعبير عنهُ هي الورود الحمـ ـراء..
لَم يُحا’دثها اليوم أو حتى ليلة أمس كما أعتادت دومًا، غَـ ـفَت وهي تنتظر رسالةٌ مِنهُ تطمـ ـئنها عليهِ، وها هي الآن غا’ضبةٌ مِنهُ كثيرًا وقد قررت تجا’هله وعد’م مهاتفته حتى يعلم أنها غا’ضبةٌ مِنهُ ويقوم بإصلا’ح الأ’مر، كانت منشغـ ـلة كثيرًا مع زبا’ئنها ولَم تنتـ ـبه لقدومه، أما عنهُ فقد وقف على أعتا’ب المتجر يرى تكد’سه بالز’بائن ليعلم دون أن يرى معالم وجهها أنها سعيدةٌ بهذا الكم الها’ئل مِنهم.
زفـ ـر بهدوءٍ وأبتسم بعدما أستمر هو وأصدقائه بعمل الد’عاية لهُ دون علمها وبذ’لوا قصا’رى جهـ ـدهم كي يُسعدها فقط ويرى البسمة ترتسم على ثغرها والسعادة والفرحة يحا/وطانها، ولج إلى الداخل وهو يتجـ ـنب الواقفين حتى وصل إليها ليرى بسمتها المشر’قة ترتسم على ثغرها ولمـ ـعة عينيها ظاهرةٌ وبشـ ـدة في مُقلتيها، أبتسم واقترب مِنها حتى أصبح يقف أمامها يفصـ ـلهما هذه الطاولة الز’جاجية الكبيـ ـرة، أستند بكفيه عليهما وأنحـ ـنىٰ بنصفه العلـ ـوي نحوها هامسًا إليها بنبرةٍ خا’فتة قائلًا:
_عارف إنك زعلا’نة مِني جا’مد ومش طيقا’ني كمان ولو شوفتيني هتبطـ ـحيني بأي حاجة فد’ماغي ودا حـ ـقك، بس لو تعرفي السـ ـبب هتنسي ز’علك مِني فثانية.
ر’مته نظرةٍ حا’دة دون أن تتحدث وعادت تُكمل تغـ ـليف الباقة دون أن تعيـ ـره أيا أهـ ـمية لتسمعه يقول مرةٍ أخرى بنبرةٍ متخا’بثة:
_هتفـ ـكيها طيب ولا أفـ ـكها أنا؟.
لَم يجد الردّ مِنها كما تو’قع لتتسـ ـع أبتسامته على ثغره أكثر عن زي قبل ثم يلتفت حوله يرى إن كان هناك أحدًا ينتـ ـبه إليهما أم لا ليعاود النظر لها مِن جديد مبتسم الوجه قائلًا بنبرةٍ خـ ـبيثة:
_أنا مجـ ـنون وممكن أقـ ـل أد’بي قدام الناس عادي مش هتفـ ـرقلي، ألحـ ـقي نفسك أحسنلك يا “بـيري”.
أبتسمت بزاو’ية فمها بسمةٌ سا’خرة لتقول بنبرةٍ يظهر بها الضـ ـيق مِنهُ:
_قال يعني أنتَ بيفـ ـرقلك حاجة أصلًا … ما أنا لو كُنْت فر’قالك مَكُنْتش نفـ ـضلتي إمبارح وأنا قعدة طول الوقت مستنية مسدج مِنك لحد ما نمت والفون فإيدي، طلـ ـعت مبتحـ ـسش حتى صباح الخير أستكـ ـترتها عليا والنهاردة كمان شكلك ناسيه خالص … أقول إيه بقى، خليك مطنـ ـشني حلو أوي يا “مـينا”.
أنهـ ـت حديثها تزامنًا مع إنها’ءها لتغلـ ـيف الباقة لتنظر إلى صاحبها مبتسمة الوجه قائلة:
_أتفضل البوكيه خلـ ـص.
شكرها الشا’ب بوجهٍ مبتسم ثم أعطى لها ثمـ ـنه ور’حل لتزفـ ـر هي وتتركه ذاهبةً إلى الد’اخل، زفـ ـر هو كذلك ولَحِـ ـقَ بها إلى الداخل ليراها تضع النقود في الد’رج الخاص بمكتبها ولذلك أقترب مِنها بخطى هادئة حتى وقف خـ ـلفها وقال بنبرةٍ هادئة حنونة بوجهٍ مبتسم:
_أول حاجة إمبارح كُنْت تـ ـعبان جدًا وحـ ـرارتي كانت عا’لية وكُنْت هتحوّ’ل على المستشفى لولا ستر ربنا، ثانيًا الصبح صحيت ولقيت نفسي الحمد لله كويس روحت عملت حاجة كدا هتعجبك أوي وهتخليكِ تصـ ـفي خالص مِن ناحيتي.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر لها مبتسم الوجه ليرى تخـ ـبطها قد بدأ واضحًا على تقا’سيم وجهها حينما أستمعت إلى حديثه لتبدأ بتأ’نيب نفسها وعـ ـض أظا’فرها مِن تسر’عها في الحـ ـكم عليه لتنظر إليه بطر’ف عينها ترى الإر’هاق والتعـ ـب باديان بالفـ ـعل على معالم وجهه بعدما نز’ع نظارته الشمسية، دام الصمت بينهما قليلًا لتنظر إليهِ مِن جديد وهي تشعر بالخجـ ـل الشـ ـديد مِن تسر’عها في الحـ ـكم عليه خصيصًا أنها تعلم أنه لَم يتأ’خر عنها مِن قبل في الردّ عليها..
أبتـ ـلعت غصتها بتروٍ ثم نظرت إليه قليلًا قبل أن تتحدث معتذرةً مِنهُ بخجـ ـلٍ طغـ ـىٰ عليها قائلة:
_أنا بجد آسفة أوي يا “مـينا”، أنا مخدتش بالي إنك تـ ـعبان النضارة مدا’رية وشك، وغير كدا أنا كُنْت متعودة كل يوم إننا نتكلم بليل مع بعض لمَ لقيتك مكلمتنيش بصراحة عشان مبقاش كد’ابة قولت أكيد مشغـ ـول شوية هيخلـ ـص ويكلمني بس أنا قعدت كتير أو’ي مستنية إنك تكلمني مفيش لحد ما غـ ـلبني النوم ونمت حتى لمَ صحيت قولت هلاقيه باعتلي بس برضوا ملقتش مِنك حاجة فأضا’يقت، أنا آسفة يا “مـينا” متز’علش مِني … طمـ ـني عليك بقيت كويس ولا لسه تـ ـعبان؟.
أنهـ ـت حديثها وهي تنظر إليه نظراتٍ مـ ـليئةٍ بالقلـ ـق والخو’ف تتفـ ـحص معالم وجهه، أما عنهُ فقد أبتسم لها وقال بنبرةٍ هادئة حنونة:
_أنا عارف إنك كُنْتِ مضا’يقة مِني عشان معو’دتكيش على كدا بس حـ ـقيقي أنا كُنْت تـ ـعبان جدًا ومِن خو’ف ماما لأنها لوحدها معايا أتصلت بـ “مـينا” و “ديـفيد” عشان يلحـ ـقوني لأن حـ ـرارتي كانت بتعـ ـلى مش بتنز’ل فدا خلاها خا’يفة أوي عليا، ودلوقتي أنا بخير الحمد لله أتحـ ـسنت كتير عن إمبارح بد’ليل إني جاي أصا’لحك أهو وأقولك إني بحبك مش هقولك هابي ڤلانتين داي عشان بحسها ملز’قة.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر لها بمعالم وجهٍ مشمـ ـئزة لتقابله ضحكات “برلين” التي تعا’لت حينما رأت تعابير وجهه حينما أنهـ ـى حديثه، أبتسم فو’ر أن رأى ضحكتها التي أشتا’ق إليها تظهر مِن جديد أمام عينيه مع إغلا’ق جـ ـفنيها ليشعر وكأنها تكافئه حينما تمـ ـنحه ضحكاتها الر’نانة ولمـ ـعة عينيها التي تظهر فجأ’ةً حينما يظهر أمامها، بينما نظرت هي إليهِ بوجهٍ ضاحك لتمدّ كفيها تهند’م چاكيت حِلته الر’صاصي قائلة بنبرةٍ ضاحكة وهي تنظر إليهِ:
_عايز الصراحة؟ أنا بصراحة كُنْت متو’قعة إنك مِن رابع المستـ ـحيلات تقولها عشان مبتحبش تحـ ـس إنك ملز’ق زي ما بتقول، بس ممكن تقولي حاجة تانية تعبَّـ ـرلي بيها عن حُبّك ليا غيرها، خصوصًا بقى إن دي أول مرة.
نظر إليها هو قليلًا قبل أن يبتسم لها مُدَّ’عيًا التفكير أسـ ـفل نظراتها المتـ ـحمسة تنتظر سماع ما سيقوله إليها، لحظاتٍ مرّت ليعود لها ناظرًا حينما تذكر بيتًا شعريًا يُحبّه قد’يمًا ولذلك سر’عان ما أبتسم إليها وقال بنبرةٍ هادئة حنونة:
_رَأَيتُ في عَينَيكِ سِحـ.ـرَ الهَوىٰ،
مُندَفِقاً كَالنو’رِ مِن نَجمَتَين،
فَبِتُّ لا أَقوى عَلى دَ’فعِهِ،
مَن رَدَّ عَنهُ عا’رِضاً بِاليَدَين،
يا جَنَّةَ الحُبِّ وَدُنيا المُنى،
ما خِلتُني أَلقاكِ في مُقلَتَين.
سعدت كثيرًا حينما أستمعت إلى تلك الأبيات التي أطـ ـربت أذنيها لتقول بنبرةٍ يظهر بها حما’سها:
_وعيو’ني مشافتش ولا هتشوف غيرك يا نـ ـن العين.
أتسـ ـعت بسمتهُ ليظهر مكـ ـره حينما طا’لعها بنظرةٍ خـ ـبيثة قائلًا:
_مينفعش نتجوز بكرا ونخلـ ـص بقى دا أنا ز’هقت مز’هقتيش.
أشا’حت بعينيها بعيـ ـدًا تنظر إلى الأسـ ـفل وقد أبتسمت بسمةٌ خـ ـفيفة خـ ـجلة لتقوم بضر’به ضر’بةٌ خـ ـفيفة على كتفه قائلة:
_أتلـ ـم يا “مـينا” أحسنلك.
_إيه يا سـ ـتي أنا وربنا زهـ ـقت حا’سس الشهر دا سنة عمال يمشي ببطئ لحد ما مَـ ـليت.
هكذا جاوبها بضيـ ـقٍ بعدما شعر بمرور الأيام التي باتت تمضي ببطئٍ بالنسبةِ إليهِ ليُكمل حديثه وهو ينظر إليها مبتسمًا قائلًا:
_نفـ ـسي تيجي اللحظة اللي يتقفـ ـل علينا باب واحد فيها وأبقى را’جل مستقـ ـل كدا زي كتـ ـيبة الإعد’ام اللي مصاحبها دي كل واحد فيهم مستقـ ـل ومعاه عيلين وتلاتة دورنا بقى نستقـ ـل ونعـ ـيش حبة حلوين مع بعض، ولا تكونيش بقى مش عايزة؟.
هكذا قام بمرا’وغتها وهو ينظر إليها نظرةٍ ما’كرة ينتظر رؤية ردة فـ ـعلها على حديثه، وصد’قًا لَم ينتظر كثيرًا ورأى إند’فاعها حينما قالت بنبرةٍ متـ ـلهفة:
_لا طبعًا مين قال كدا؟ أنا كمان عايزة كدا ومستنيه اليوم دا ييجي بفر’اغ الصبر، عايزة أحـ ـس إني عا’يشة زي أي واحدة وأفرح وأخر’ج وأتنـ ـطط وأعمل كل حاجة، نفسي أعمل اللي أتحر’مت مِنُه قبل كدا وعايزة أمحـ ـي كل ذكريات الأيام دي لأنها رجعت تعملي عُقـ ـدة وخو/ف تاني، ساعات بتمنىٰ أفقـ ـد الذا’كرة عشان مفتكرش أي حاجة ليها علا’قة بالفترة السو’دة اللي خلتني عندي ر’هاب مِنها.
_بس بعد الشـ ـر متقوليش كدا، متقوليش كدا تاني يا “برلين” أنا بحبك وبخا’ف عليكِ، أو’عي تقولي كدا تاني يا حبيبتي أنا موجود أهو معاكِ مش هسـ ـيبك وهعوضك عن كل الوحـ ـش اللي شوفتيه فحياتك، عايزين نبدأ مع بعض صفحة جديدة مِن أول وجديد وننسىٰ اللي فا’ت كله، أتفقنا يا حبيبتي؟.
بدأ حديثه متلـ ـهفًا ثم بدأ يهـ ـدأ قليلًا حتى أصبحت نبرة صوته حنونة ودا’فئة، فيما نظرت هي إليهِ ترى لمـ ـعة عينيه التي باتت لا تظهر سوى إليها هي فقط، أبتسمت هي ثم حركت رأسها برفقٍ إليهِ وأجابتهُ قائلة:
_أتفقنا يا حبيبي.
أبتسم إليها ثم أمسـ ـك بكفها وتوجها سويًا إلى مكتبها ليجلسا على المقعدين المو’اجهين لبعضهما البعض ليبدأ بالعبـ ـث في هاتفه دون أن يتحدث أسفـ ـل نظراتها الفضو’لية التي تتابعه، لحظاتٍ وأشهـ ـر الهاتف لها قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_عايزك تتفرجي وتقوليلي رأيك ولو حابة تغيَّـ ـري أي حاجة قوليلي.
أخذت هي الهاتف مِنهُ وبدأت تشاهد مقطـ ـع الفيديو الذي يظهر مِن خلاله شقتهما التي سيمكثان بها بعدما أنها’ها “مـينا” ليلة أمس ينقـ ـصها فقط وضع الأثاث بها وتكون جاهزة، شاهدتها بعينين لا’معتين وبسمتها مرتسمةٌ على ثغرها، أدمعت عينيها بسعادةٍ طا’غية فيما كان هو ينظر لها مبتسم الوجه يرى تعابير وجهها التي كانت تتبد’ل بين الحين والآخر حتى ر’فعت عينيها تنظر لهُ قائلة بنبرةٍ سعيدة:
_الله يا “مـينا” … دي حلوة أوي يا حبيبي بجد، مفيش حاجة هتتغيَّـ ـر أنا عايزاها كدا عجباني أوي.
_مِن عيوني يا حبيب عيوني.
هكذا جاوبها بنبرةٍ حنونة وهو ينظر لها مبتسم الوجه لتعاود هي النظر إلى شاشة الهاتف ومشاهدة الفيديو ترى شقتها أصبحت جا’هزةٌ وتنتظر مجيئها فقط، فقد تعهـ ـد على إنها’ءها مبكرًا وقد صد’ق بحـ ـقٍ لتبدأ تنظـ ـم أماكن الأثاث معهُ ومشاورته والأخذ برأيه ليُعطيها رأيه بصراحةٍ ليَمُر بهما الوقت يخـ ـططان سويًا لبنا’ء حيا’ة زوجية هادئة ومر’يحة.
_______________________
<“جَبَـ ـرَ الله قلبًا كان يتد’رع كل ليلةٍ لرب العالمين باكيًا حتى جُبِـ ـرَ.”>
أصبح يتأ’خر كثيرًا في الخا’رج في الآو’نة الأ’خيرة وقد أصبحت تجلسُ و’حيدةً مع نفسها طوال اليوم تنتظر عودته كي تضع الطعام إليهِ وتنا’م بعدها بين ذراعيه سا’قطةً في بحو’ره دون أن تعـ ـي لذلك، د’قت الواحدة بعد منتصـ ـف الليل ليولج هو مِن الخا’رج مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه يبحث عنها بعينيه في أرجاء الغرفة حتى رآها مستلقيةً على الفراش تسبـ ـح في بحو’ر نومها العمـ ـيق، ذهب كي يتحـ ـمم وهو يشعر بالإر’هاق يسيـ ـطر على جسـ ـده بعد يومٍ طو’يلٍ وشا’ق قضـ ـاه مع “ليل”، وبعد مرور دقائق قِـ ـلة خر’ج مصففًا خصلاته..
أقترب مِن الفراش ليجلس على طر’فه بجوارها ينظر لها يرى أستكا’نتها ليَمُدّ كفه ممسّدًا على خصلاتها النا’عمة بحنوٍ حتى سقـ ـطت عينيه على صفحة وجهها ليرى أثا’ر العبرات مازالت تتر’ك أ’ثرها ليعقد ما بين حاجبيه متعجبًا، يتسأل لِمَ كانت تبكي وما الذي حد’ث حتى يصل بها الأ’مر أن تبكي قبل أن تسقـ ـط في بحو’ر نومها؟ وقبل أن يو’قظها رأى بعض التحا’ليل وجها’زًا صغيرًا يعتلـ ـيها ليتعجب مِن تواجدهما معًا..
أخذ التحا’ليل بهدوءٍ وهو يتفحـ ـصها جا’هلًا ما يكون بد’اخلها فهذا لَم يكُن تخـ ـصصه، أخذ الجها’ز الصغير ينظر إليهِ ليعلم أنه إختبا’ر الحمـ ـل الذي تجلبه بين الحين والآخر تقوم بعمله ليكون في نها’ية الأمر الإجابة معروفة ولذلك هو أستنتج أن النتيجة هذه المرة كانت سـ ـلبية كذلك كسابقتها، ولَكِنّ صوتًا ما بد’اخله يخبره أن يتأ’كد مِن الأمر مرةٍ أخرى ولذلك أخذ التحا’ليل وخر’ج كي يتأ’كد مِن الأ’مر قبل أن يو’قظها مِن نومتها..
أقترب مِن حماه الذي كان جالسًا في الحديقة يتفـ ـحص الأوراق التي كانت بين يديه ليقول بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_مساء الخير يا حمايا، قولت أكيد هلاقيه مش هنا وطلـ ـع ينام بس الحمد لله خـ ـيبت ظنـ ـي.
ر’فع “قاسم” عينيه عن الأوراق ينظر إليهِ ليبتسم لهُ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_مساء النور يا “سـعيد”، أنا فعلًا شوية وكُنْت هقوم.
_طب الحمد لله إني لحـ ـقتك بقى.
عقد “قاسم” ما بين حاجبيه متعجبًا ليقول بنبرةٍ متسائلة:
_خير إن شاء الله “هند” كويسة؟.
_الحمد لله، بس أنا لقيت التحا’ليل دي جنبها أنا عارف إنها تحا’ليل د’م عشان تعرف إذا كانت حا’مل ولا لا فعايز أعرف النتيجة إيه المرة دي.
أنهـ ـى “سـعيد” حديثه وهو يَمُـ ـدّ كفه بالتحا’ليل التي أخذها “قاسم” مِنهُ يتفحـ ـصها مسميًا بالله متمنيًا أن يكون ما بد’اخلها خيرٌ لها، أما عن “سـعيد” فقد كان الخو’ف يأ’كله حيًـ ـا منتظرًا سماع ما سيقوله حماه بفـ ـراغ الصبر كأنه يسير على جمـ ـرة نا’ر بالإجبا’ر منتظرًا مجيء “غـوثٍ” لهُ لإنقا’ذه مِمَّ هو بهِ، ظل منتظرًا دقائق قِـ ـلة حتى سَمِعَ “قاسم” يقول مبتسم الوجه:
_بسم الله ما شاء الله، اللهم بارك.
نظر إليهِ “سـعيد” متر’قبًا بعدما أستمع إلى حديث حماه الذي أنذ’ره بقدوم ما يتمناه القلـ ـب وأُر’هِقَ لسماعه، نظر إليهِ “قاسم” بوجهٍ مبتسم وقال بنبرةٍ سعيدة لأجل أبـ ـنته:
_جايلي حفيد أو حفيدة يا “سـعيد” إن شاء الله كمان كام شهر.
ذُ’هِلَ “سـعيد” مِمَّ سَمِعَهُ منذ لحظاتٍ ليعتدل في جلستهٍ قائلًا بتر’قبٍ:
_أحلف كدا بالله عليك.
ضحك “قاسم” على ردة فعـ ـله ليقوم بإشها’ر التحا’ليل بوجهه مشيرًا إلى إحدى الأسـ ـطر قائلًا بتساؤل:
_دي إيه؟.
نظر “سـعيد” لها يتأ’كد مِن أنها هي بالفعـ ـل ولا غيرها لتتهـ ـلل أسا’ريره بفرحةٍ عا’رمة لينهض معانقًا إياه بسعادةٍ طا’غية ليُبادلهُ “قاسم” عناقه ضاحكًا ومباركًا إليه في نفس الوقت قائلًا:
_مبارك يا حبيبي ومبارك ليها فرحتولي قـ ـلبي بالخبـ ـر الحلو دا واللهِ، عقبال يارب ما تقو’م بالسلامة وتفرحوا بيه إن شاء الله.
لثم “سـعيد” رأسه بسعادةٍ كبيـ ـرة ثم أخذ التحا’ليل مِنهُ بعدما نهض قائلًا بنبرةٍ سعيدة ووجهٍ ضاحكٍ:
_الله يبارك فيك يا و’ش الخير والهنا كله.
تركه وذهب سر’يعًا إلى جده حتى يُخبره بهذا الخبـ ـر السار والسعادة تغمـ ـر قلبه ينقـ ـصه جنا’حين حتى يستطيع التحـ ـليق عا’ليًا، ولج إليه بعدما سمح لهُ بالولوج ليقول بنبرةٍ سعيدة حما’سية:
_أفرح يا باشا وقوم وز’ع شربات وهيـ َص، حفيد حفيدك جا’ي فالطريق.
تفا’جئ “حـافظ” الذي نهض مِن مجلسهِ بحـ ـركةٍ سر’يعة وهو ينظر إلى “سـعيد” الذي ألتمـ ـعت عيناه بالعبرات ليقوم بمعانقته سر’يعًا بحر’كةٍ خا’طفة قائلًا بنبرةٍ ضاحكة:
_يا حبيبي على الأخبا’ر اللي تفرح القـ ـلب، مبارك يا حبيبي أخيرًا ربنا رزقكم باللي بتتمنوه وجبـ ـر بخا’طركم، ييجي بالسلا’مة يا حبيبي وتفرح بيه ويتر’بى فعزك يا حبيبي.
عانقه “سـعيد” مبتسم الوجه مشـ ـددًا مِن عناقه إليهِ قائلًا:
_حبيبي يا جدي، الله يبارك فيك يا حبيبي وربنا يديك الصحـ ـة وطو’لة العمر وتفرح بيه معايا يارب.
_روح يلا أفرح معاها متضـ ـيعش وقت، يلا.
هكذا ردّ “حـافظ” عليهِ مربتًا على ذراعه برفقٍ ليبتسم “سـعيد” لهُ ثم تركه وذهب إلى زوجته التي كانت تُلا’زم غرفتهما وفراشهما تسـ ـبح في بحو’ر نومها العمـ ـيق، ولج مِن جديد إلى الغرفة مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه ناظرًا إليها بعينين ينبـ ـعان مِنهما السعادة ليقترب مِن الفراش جالسًا خـ ـلفها بهدوءٍ تاركًا التحا’ليل على جنب..
نظر إليها متأملًا معالم وجهها الهادئة مبتسم الوجه ليتسـ ـلل كفه نحو بطـ ـنها بهدوءٍ مستقرًا عليها ليبدأ قلـ ـبه ينبـ ـض بعنـ ـفٍ دا’خل قفـ ـصه الصد’ري حينما أد’رك أن الأمر قد حد’ث بالفعل وليست خيا’لاتٍ كان يتخـ ـيلها كل يومٍ دا’خل رأ’سه متمنيًا عيـ ـشها، أدمعت عينيه ونظر لها مبتسم الوجه لينحـ ـني قليلًا نحوها يُلثم رأسها بقْبّلة حنونة شاكرًا ربه على تلك النعمة الكبـ ـيرة التي قد منـ ـحها إياه..
نهض عا’زمًا على أداء ركعتين شكر لله عز وجل بعدما رزقه هذه النعمة الكبـ ـيرة التي لَم يُد’رك حجـ ـمها إلا حينما بدأ يشعر أنها ستز’ول مِنهُ إلى الأ’بد، ما تد’رع بهِ القلب كل يومٍ إلى المولى عز وجل قد نا’له اليوم ولذلك لا بُد مِن شُكره على تلك النعمة وهذا ما فعله “سـعيد” الذي غا’ب عنها قليلًا ثم عاد يستقر خـ ـلفها ضاممًا إياها إلى د’فئ أحضانه بكلا ذراعيه اللذان أستقرى أ’على بطـ ـنها ليسقـ ـط بعد دقائق في بحو’ر نومه بقلـ ـبٍ يغمـ ـره السعادة والرا’حة.
________________________
<“بداية الأمل شعا’ع نو’ر.”>
بداية الأمل كان شعا’ع نو’ر طـ ـفيف جاء يكـ ـسر حِـ ـدة الظلا’م ليُعـ ـلن الجميع عن مستقبلٍ مشرقٍ يُغيـ ـر مجـ ـرى حيا’تهن بالكامل والآخذ بحقو’قهن أمام مواجهة تلك الذ’ئاب البشـ ـرية عد’يمة المشاعر والإنسا’نية كل ما يحر’كها هي شهـ ـواتها فقط..
كان “علي” يرافق هذا الذ’ئب مثلما لقـ ـبه بعدما طمـ ـئنه الطبيب وأخبره أنه أصبح بخيرٍ وقد تم لملـ ـمة جرو’حه الغا’ئرة، يقف أمام النافذة الز’جاجية يتابعه بعينين ينبعـ ـث مِنهما الغضـ ـب والحـ ـقد وهو يُفكر كيف سيأخذ بحـ ـقوق تلك الفتيا’ت البر’يئات مِن هذا الذ’ئب المفتر’س عد’يم المروءة، صدح رنين هاتفه عا’ليًا يعلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن زوجته ولذلك أجابها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أيوه يا حبيبتي، مفيش عندي بس شغل عشان كدا أتأ’خرت عليكِ، لا لا مش هتأخر عن كدا متقلـ ـقيش ساعة وهكون عندك، ماشي خلي با’لك مِن نفـ ـسك ومِن “ثائر”، لا إله إلا الله.
أنهـ ـى حديثه وأغـ ـلق المكالمة بعد أن طمـ ـئنها عليهِ بعدما تأ’خر الوقت في عودته ليعاود النظر إليهِ مِن جديد ليأتيه مكالمة أخرى خاصة بالعمل ليجاوبه قائلًا بنبرةٍ جا’مدة:
_في جديد؟ أعتر’فت؟ حلو أوي أحتفـ ـظ بالأعتر’اف دا والصور اللي على تليفونه يتحفّـ ـظ عليها وأرقام البنا’ت دي تتاخد وتتصل بأغـ ـلبهم دلوقتي مِن عندك تقولهم ييجوا بكرا ٩ الصبح عشان نبدأ تحـ ـقيق معاهم وهو هيخرج على القسـ ـم يتحفّـ ـظ عليه لحد ما نشوف هنعمل معاه إيه … تمام.
أنهـ ـى حديثه وأغـ ـلق المكالمة بعد أن أعطى تو’جيهاته وهو ير’ميه بنظراتٍ حا’قدة متو’عدًا إليهِ بالهلا’ك المُمـ ـيت يراه غا’رقًا في بحو’ر نومه ليبدأ بالعد التنا’زلي لمحا’كمته فلَن يهـ ـدأ إلا حينما يأخذ حقو’قهن وينصـ ـفهن أمام هذا اللعيـ ـن الذي سيتلقىٰ در’سًا قا’سيًا يكون عبـ ـرة لهُ ولأمثاله.
_بدأ العد التنا’زلي لعودة الحـ ـق،
كان سا’رقه ذ’ئبًا مفتر’سًا.
___________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *