روايات

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم روان الحاكم

رواية وسولت لي نفسي 2 البارت الثالث والثلاثون

رواية وسولت لي نفسي 2 الجزء الثالث والثلاثون

وسولت لي نفسي 2
وسولت لي نفسي 2

رواية وسولت لي نفسي 2 الحلقة الثالثة والثلاثون

‏المعاصي سُمٌّ، والقليلُ منها قد يقتل قلب المرء.
‏قالَ أحدُ السَّلف:
‏إرتكبتُ صغيرةً فغضبَ عليَّ قلبي فلم يرجعْ إليَّ إلا بعدَ سنةٍ!
‏- ابن الجوزي.
“كلما زاد عِلمُك، اختفت منك الرغبة في الجدال؛ وكلما نضج عقلك، ظهر فيك خُلق التغافل”
_____________________________
وقف ينظر حوله بضجر شديد والغيظ يملئه فهذا المشهد يُعاد أمامه من جديد.. ففي المرة الاولى كانت بعد خطبتهما ولكن الآن قد عقد عليها فلمَ كل هذا الحشد حوله! بل أنه سابقَا لم يكن كل هذا يجلس معهما كما يحدث الآن.
يبدو أنهم لا يتذكرون الإجتماعات العائلية إلا عندما يأتي هو.، أبتسم بداخله بسخرية أنه كان يظن أن بعد العقد سوف يتغير الوضع ويستطيع أخذ راحته معها والجلوس وحدهما ولكن هذا لم يحدث بل ذاد الأمر سوءً وبعدما كان زين فقط هو من يجلس معه أصبحت العائلة بأكملها مجتمعة في وجوده.
“منور يا عمر يابني”
تفوه أحمد والد زين وهو يحاول كبح ضحكاته على ملامح وجه عمر المنزعجة في كل مرة يأتي بها ويجد الجميع هنا بينما عمر أبتسم بسمة صغيرة مجاملة وهو يقول:
“تسلم ياعمي دا نورك”
ثم أستقام في وقفته معدلاً ثيابه وهو يحمحم قائلاً:
“هستأذن انا وياسمين يا عمي علشان نلحق نخلص الحاجات اللي ناقصانا ونجيب الفستان”
وما إن أنهى عبارته حتى وقفت روان من مكانها بصعوبة شديدة بسبب بطنها المنتخفة وهي تقول بإجهاد يشوبه الحماس:
“وانا كمان هاجي معاكم علشان عايزة أجيب الفستان بتاعي”
رمقها عمر شرزًا وهو يهتف بإستنكار شديد:
“تيجي فين يا ماما وهو انتِ فيكي حيل تتنفسي اصلاً؟ وبعدين جوزك عندك اهو روحي خليه يجبلك”
تحدث زين ببرود وهو مازال منكبًا على حاسوبه الخاص يكمل عمله قائلاً بإستفزاز:
“جوزها مش فاضي زي ما انت شايف… خدها معاك واهي بالمرة تونسكم”
لم تستطيع ياسمين كتم ضحكاتها وهي ترى تشنج وجه عمر والذي أقترب بدوره من روان هامسًا بشر:
“تعالي بس لما أرميكي في البحر متبقيش تزعلي”
أنتفضت روان من مكانها وهي تنظر له بخوف ثم توجهت نحو زوجها قائلة بتراجع:
“لأ انت صدقت إني هاجي انا بهزر معاك”
رفع زين رأسه لها وهو يقول ببسمة:
“سيبك منه انا هجيبلك أحلى فستان”
بينما هي إنكمشت ملامح وجهها بضيق وهي تشير إلى بطنها المنتفخة قائلة بحنق:
“طب وهلبس الفستان ببطني دي ازاي… مش هو لو كان راضي يستنى كمان شوية لحد ما أقوم بالسلامة”
شهق عمر وهو يضع يده حول خصره كما يفعلن النسوة قائلاً:
“نعم ياختي أصبر أكتر من كدا اى دا انا حاسس إني خللت دي مكنتش خطوبة اللي تقعد كل دا”
لوت شفتيها بحنق وهي تشعر بالضيق والإرهاق ومنذ أن عادت من العمرة مع زوجها وقد ذاد التعب أكثر وأمرها الطبيب بالراحة حتى ينتهي حملها بسلام ولكن في تلك الأيام بالتحديد ذاد تعبها أكثر عن ذي قبل.
“سيبك منه انتِ بتكوني قمر في كل حالاتك”
قالها زين بصوت خافت وهو يغمز لها ولم ينتبه أن صوته وصل لمن كانت تجلس بالقرب منه ومن داخلها تشتعل غيرة… لقد باءت كل محاولاتها في تفرقتهما بالفشل فقد حاولت مرارًا التفرقة بينهما ولكن لا جدوى وكلما رأتهما سويًا كلما ذاد حقدها لهما بعدما يأست من إبعادها عنه.
“صحيح يا روان اجهزي علشان لما أرجع مع ياسمين هاخدك ونروح عند الدكتورة علشان الكشف بتاعك”
إنتبهت إيثار لحديث عمر وهي تعقد حاجبيها بتعجب لمَ عمر الذي سيصطحبها إلى العيادة بدلاً من زين! وفي نفس الوقت آتاها الرد من زين الذي قال بعجالة ومازال يباشر عمله:
“خلاص يا عمر مش مشكلة انا هحاول أخلص الشغل اللي ورايا بدرى وأوديها”
هز عمر رأسه بالنفي وهو يقول بإصرار:
“لأ يا زين انت قولت كدا المرة اللي فاتت وأخرت وهي ملحقتش الكشف… كمل شغلك وانا اللي هوديها المرادي”
نظر له زين بإمتنان فقد اتاه عمل ضروري ولم يستطع تركه وفي نفس الوقت يريد أن يذهب هو معها مما ذاد من ضيقه.
بينما هي وضعت يدها على يده وهي تقول ببسمة:
“مش مشكلة يا زين انا عارفه إنه غصب عنك..، كمل انت شغلك وانا هروح مع عمر وهبقى أطمنك”
التمعت عيني إيثار بخبث شديد وقد أتخذت قرارها فيما ستفعل.. سوف تبعدها عنه ولو كلفها الأمر أن تنهي حياتها تمامًا! وقد كانت هذه فرصة سانحة لن تتكرر لديها كثيرًا إن أرادت الحفاظ على حبها.
بينما سارت ياسمين مع عمر حتى تقوم بإشراء مستلزمات عرسها الذي تبقى عليه أيام معدودة فقط.. يالله لا تصدق أنها بعد أيام سوف تكون معه في منزل واحد إلى الأبد.
صعدت جواره وقد كانت السعادة تملىء وجوههما فأمسكت ياسمين يد عمر وهي تقول بحماس:
“انا مبسوطة اوي يا عمر وأخيرًا.. انا مش مصدقة إن فرحنا بعد أيام”
بينما عمر تلاشى غيظه بعدما رأى سعادتها والتي كانت لا تقل عن سعادته هو الآخر فلقد تحمل كثيرًا لأجلها وأيضًا صبر على تحفظها معه حتى بعد عقدهما.
فطوال الأشهر الماضية واللاحقة على العقد لم تخلو من مشاكلهما بسبب تحفظ ياسمين بعض الشيء معه فلم تكن تسمح له بأن يغوص معها في اي حديث غير لائق وسابق لآوانه وأيضًا لا تسمح له بأن يتجاوز حدوده معها وهذا ما كان يزعج عمر أكثر لأنها أصبحت زوجته.
بينما ياسمين مازالت تحترم وجودها في بيت أبيها حتى أخبرها عمر في إحدى المرات غاضبًا:
“لأ انتِ بتبالغي يا ياسمين ما عندك زين وروان كانوا بيخرجوا لوحدهم وبتروح معاه كل مكان لوحدها بعد ما كتبوا الكتاب وكمان كانوا بيحضنوا بعض عادي كنت بقول الأول علشان ضوابط الخطوبة لكن دلوقتي حتى بعد ما كتبنا الكتاب وانتِ لسه زي ما انتِ يا ياسمين”
“انا مليش دعوة بحد يا عمر وبعدين بالنسبة ليه هو وروان ف روان متربية معانا والنسبة لزين مكنوش أغراب عن بعض.. لكن انا وانت نختلف عنهم وبعدين انا لسه في بيت أهلى ياعمر وبعدين صبرونا كل دا جات خلاص على الكام شهر دول!”
أردفت ياسمين بضيق ولكنها سرعان ما هدأت وشعرت بأنها حقّا تبالغ فقد رأى منها عمر الكثير لذا أسرعت بإمساك يده خوفًا من أن يمل منها وهي تقول بنبرة هادئة:
“ياعمر انت عارف إني بحبك بس كل حاجة بتسبق اوانها بتفقد لذتها سيب كل حاجة لوقتها وبعدين خلاص هانت اهي.. انا آسفه بقى متزعلش مني”
أبتسم عمر مرغمًا وهو يهز رأسه بهدوء قائلاً:
“حاضر يا ياسمين هعمل كل اللي انتِ عايزاه”
بادلته ياسمين البسمة وهي تنظر إليه بإمتنان قائلة:
“شكرًا يا عمر.. ربنا يخليك ليا يارب”
🌸اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد🌸
كانت تقوم بإحضار الطعام بآلية شديدة في سكونِ تام حتى أنها ما عادت تستمع إلى الحلقات التي كانت تقوم بتشغيلها أثناء تحضير الطعام بل أصبح بالها منشغلاً والقلق ينهش قلبها والحزن أنهك روحها.
كانت صامتة تمامًا لا تبدي اي ردة فعل فقد مر خمسة أشهر على هذا اليوم الذي لم ولن يرحل من ذاكرتها إلى الأبد.. اليوم نفسه الذي علمت فيه بأنها لن تصبح أمًا في يومِ من الأيام.. أحلامها الجميلة تلاشت في مهب الرياح..
لن يكون لديها طفلة كي تدليها وتقوم بتمشيط شعرها وتعاملها بدلال وتختار لها من الفساتين أحلاها وتجعلها أميرة.. كانت دومًا تحلم بأطفالها يجلسون حولها وهي تعلمهم دينهم وتخبرهم عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف جاهد وصبر ورحلته الشاقة كي يكون قدوتهم.
تخبر فتياتها عن أسماء بنت الخياط وكم عانت مع كفار قريش وتحملت آذاهم حتى تظفر بالجنة كي يأخذونها قدوة لهن ولكن كل هذا تلاشي.
حاولت الإنفصال عن ليث ولكنه أبى تركها.. بكت كثيرًا وأرهقته بشكل كبير حتى يتركها ولكنه ظل متمسكًا بها لأبعد الحدود.
تعلم أن هذا التمسك سوف يوم بشكل مؤقت فهو من حقه أن يصبح أبًا وليس من حقها أن تمنعه… فإذا كان الله قد حلل له الزواج من أربعة دون عِلة فماذا بعد أن أصبح هناك عِلة بها!.
أصبح فؤادها فارغًا ومازالت لا تستوعب أثر هذه الصدمة الكبيرة عليها ولكن ليس بيدها شيء.
عملت بأن زوجها عاد منذ برهة عندما سمعت أصواتًا بالخارج ولكنها لم تهتم لمعرفة ماذا يفعل أو حتى تهتم لإستقباله كما كانت تفعل قديمًا.. بل أنها لم تهتم بأنه لم يأتي لها بعدما عاد من الخارج.
ظلت تتابع عملها في تحضير الطعام بهدوء حتى سمعت صوت أقدامه بالقرب منها وما إن دلف إليها حتى أحتضنها وهو يقول بحماس:
“عاملك مفجأة هتعجبك اوي”
كان ليث يبذل قصارى جهده كي يسعدها ولكن لا شيء يضاهي كونها لن تكون أمًا..، ورغم ذلك أرغمت نفسها على الإبتسامة وهي تقول:
‘مفجأة اي؟”
أمسك ليث يدها ثم سار معها نحو الخارج إلى أن وصل إلى غرفة مكتبه ثم قام بفتحها وهو يسير داخلها حتى توقف وهو ينظر إليها قائلاً:
“اى رأيك؟”
توسعت عيني حور وهي تجد أمامها مكتبة كبيرة تحوى على جميع الكتب التي قد تخطر على بالها… الكثير من كتب التفسير والفقة والعقيدة والسيرة وكل شيء قد تريده موجود هنا.
أقتربت حور ببطء من المكتبة ومازالت تحت تأثير الصدمة ولا تتخيل كم الكتب التي تراها أمامها الآن فهي تريد عمرًا فوق عمرها حتى تستطيع قراءة البعض منها فقط وليس جميعها.
“كل الكتب دي علشاني!”
قالتها حور بريبة وهي مازالت تنظر لهذا الكم الهائل من الكتب بينما هز ليث رأسه وهو يقول ببسمة:
“أيوه كل الكتب دي علشانك.. بقالي أسبوع كامل بظبطلك فيهم بس انتِ اللي مكنتيش واخدة بالك ياهانم”
ظلت حور تنظر له وبداخلها مشاعر عديدة لقد تغير ليث معها كثيرًا حتى أنه ماعاد يغضب عليها بل دائما يحاول مراضتها ويفعل كل شيء قد يسعدها… هل كان ينتظر حرمانها من الأطفال حتى يقوم بتعويضها!!
أقترب منها ليث حتى وقف أمامها مباشرًا ثم أحتضن وجهها بين كفيه قائلاً بحنانِ بالغ:
“انا عارف إنك لسه زعلانة وبتجبري نفسك على التعايش بس ليه متشوفيش الموضوع من وجهة نظر تانية! فاكرة مرة قولتيلي إن نفسك يكون عندك كتب كتير وتفضلي تدرسي ومش عايزة أي حاجة تشغلك وتعلمي الناس ويكون ليكي أثر نافع..،
مش يمكن لو كان ربنا رزقك بأطفال كانوا تعبوكي ومكنوش ذرية صالحة؟ مش ربنا قال ( وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) اعرفي ياحور إن اللي حصل دا خير ليكي… وبعدين انا اصلا مكنتش عايز أطفال علشان ميشغلوكيش عني وعايزك دايما تفضلي تهتمي بيا ودلوقتي انتِ ربنا أختارك من بين كل الناس علشان يكون ليكي أثر وملكيش حِجة كل الكتب اللي كنتي عايزاها موجودة وكمان مفيش حاجه هتضيع وقتك وبعدين دي لسه أول مفجأة لسه فيه واحدة كمان”
لم يعطي لها ليث فرصة للرد بل سحبها من يدها مسرعًا ثم سار بها نحو الجزء الكبير بعض الشيء المجوار للمنزل والذي لا يراه أحد وقد كان يحوى على عدة غرف ثم قام بفتح جميع المصابيح حتى تفآجأت حور بأن المكان مرتب ومهيأ للتدريس فهتف ليث وهو مشيرًا للمكان:
“طبعًا كل اللي هتقرأيه وهتتعلميه مطالبة إنك تعلميه للناس المكان هنا هيكون شبة مدرسة صغيرة لتعليم القرآن والعلم الشرعي وكمان هتحفظيهم القرآن بالتفسير علشان أكتشفت إن مفيش حد بيهتم بموضوع فهم معاني القرآن بس انا عايزاك تكوني مميزة وليكي أثر… انا مش عايزاك تضيعي دقيقة واحدة من وقتك يا حور وكمان واثق إن كل الأطفال اللي هتحفظيهم هتعامليهم على إنهم عيالك وهتقدمي ليهم كل اللي كنتي هتقدميه لعيالك”
كانت حور تقف دون أن يستطيع عقلها إستيعاب كل ما حدث.. نعم فقد كانت تلك إمنيتها في إحدى الأيام فهل باتت أمنتيها الآن حقيقة!.
نظرت إلى ليث دون أن تستطيع التعبير عن مشاعرها بل كل ما بدر منها أنها أبتسمت برقة وهي تقول بسعادة هجرتها منذ مدة:
“ليث انا قولتلك قبل كدا إني بحبك!”
توسعت بسمة ليث بشدة وهو يهز رأسه قائلاً:
“مش فاكر الحقيقة ممكن تفكريني تاني”
ضحكت حور بخفة وهي تحاول جاهدة حبس دموعها ولكن ليث لم يغفل عنها بل هتف وهو يقول:
“متكتميش دموعك يا حور.. عيطي وخرجي اللي جواكي… اي رأيك ناخد شوط عياط سوا!”
نظرت له حور وقد بدأت الدموع تترغرغ في عيناها وهي تقول:
“مش هتزهق مني؟”
هز ليث رأسه بالنفي وهو يقول:
“عمري… عمري ما أقدر أزهق منك يا حورى”
أبتسمت حور برضى ثم تركت لدموعها العنان وقد زال ثقل شديد من على قلبها بينما أحتضنها ليث وقد تركها تبكي كما تشاء.
🌸سبحان الله وبحمده…سبحان الله العظيم🌸
خلع أحمد نعليه ثم دلف إلى المسجد حيث كان الجميع بإنتظاره وما إن وجدوه أمامهم حتى تهللت أساور وجهم سعادة لرؤيته ومنهم من قام لإستقباله بحفاوة.
أبتسم أحمد بسمة جانبية لمَ يراه من حب الناس له.. يذنب ويخطأ ورغم ذلك مازال الله يستره.. يظنونه الناس لا يأثم وهو أشد الآثمين.
وكلما رأى حب من حوله له تردد على ذهنه شيء واحد وهو أن الله يحبه حتى يحبه الجميع إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ، وإذا أبْغَضَ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فيَقولُ: إنِّي أُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضْهُ، قالَ فيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في أهْلِ السَّماءِ إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضُوهُ، قالَ: فيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ له البَغْضاءُ في الأرْضِ.
سار نحو الداخل حتى جلس بين الشباب الذين ينتظرون خطبته وقد كان هو أشدهم حماسًا.. فمنذ مدة وهو يريد أن يتحدث في هذا الموضوع بالتحديد ولكنه كان ينتظر… كان ينتظر حتى يتعافى من مشاعره المزيفة التي أوهم نفسه بها… نعم يعترف لنفسه الآن أنه لم يحبها بل لم يستطيع التحكم في مشاعره الفياضة وترك ولعنان لقلبه يتحكم به كيف يشاء..
كانت هذه الشهور القليلة التي مضيت كافية حتى يتعافى ويستعيد ثباته من جديد وهو يقبل على الله وهذه المرة شخص جديد.
دار بوجهه بين الجميع ينظر إليهم حتى تأكد بأن الجميع قد أتى ثم شرع في الحديث قائلاً:
“السلام عليكم ورحمة الله.. إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.، إنه من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاد له وأشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير هو الواحد لا من قِلة وهو الحي لا من عِلة، أول بلا بداية وآخر بلا نهاية، كل شيء قائم به.، كل شي خاضع له، هو عز كل ذليل وهو رزق كل فقير وهو قوة كل ضعيف..
النهاردة حابب أتكلم معاكم عن حاجة مهمة جدًا ياشباب وأغلبنا بيقع فيها حتى الملتزمين إلا من رحم ربي… أغلب منكم هنا عارف ضوابط الخطوبة وعارف إن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج وإن الخاطب ملوش غير إن لا يخطب أحدهم على خطبة أخيه بس ونحط تحت كلمة بس دي ميت خط.. لا ليه إنه يقعد معاها لوحدهم لإن دي خلوة..، ولا ليه إنه يخرج معاها بلا داعي من غير محرم ولا ليه إنه يكلمها في الفون إلا لو فيه ضرورى تستدعي دا.،
هييجي حد دلوقتي يقول امال هنعرف بعض ازاى طالما الكلام بحدود؟ انا بؤكدلكم للمرة التي لا أعلم عددها إن الزواج هيفضل أكبر بطيخة مش هتعرفها غير لما تفتحها وكذلك الزواج مش هتعرفوا حقيقة بعض غير لما تتزوجوا وياما بنشوف ناس فضلوا يحبوا بعض سنين ولما اتجوزوا مكملوش..
طب امال هنتجوز ازاي ياعم أحمد كدا! انا هقولك يا حبيب أخوك اول حاجة لازم تعملها لما تتيجي تتجوز هي إنك تطلب المعونة والتوفيق من ربنا لإنك مستحيل تعرف مين الشخص المناسب ليك واللي هتعرف تكمل حياتك معاه والوحيد اللي قادر على دا هو ربنا سبحانه وتعالى علشان كدا قبل ما تروح لازم تصلى إستخارة وتطلب التوفيق من ربنا والإستعانة وتختار على الخلق والدين ومفيش ما يمنع إنك تشترط إنها تكون جميلة لو جمالها دا هيعفك عن الحرام المهم إنها تكون على خلق.
نيجي بقى لأكبر نقطة مهمة واللي علشانها انا عامل الحلقة دي..اغلب الشباب الملتزمة بيفضلوا محافظين على مشاعرهم وقلبهم واول ما يخطبوا يسيبهم لنفسهم العنان وينجرفوا بمشاعرهم ويوهم نفسه إنه خلاص كدا انا بقيت بحب خطيبتي والحمد لله على نعمة الحب الحلال.. هو فين الحلال يابني هي لسه مجرد خطوبة ومبقتش مراتك.. بيخرج كل مشاعره اللي محافظ عليها ويقنع نفسه إن كدا خلاص بقيت بحبها ويوم ميحصلش نصيب يزعل ويكتئب وقلبه ينكسر… طب ما هو انت اللي عملت في نفسك كدا! ماهو علشان كدا ربنا وضعلنا ضوابط خطوبة علشان سبحانه وتعالى أرحم بينا من نفسنا.
وعلشان اكون منصنف طبيعي إن الواحد مشاعره تتحرك غصب عنه تجاه خطيبته بل لو متحركتش يبقى فيك مشكلة لإن دا طبيعي لكن اللي مش طبيعي انك تسيب نفسك وتخرج كل مشاعرك اللي مدكنها بقالك سنين… انت صبرت كل السنين دي وعايش في جفاف مش قادر تصبر كمان شوية!.
اللي بيقولوك فترة الخطوبة دي احلى فترة وأستمتع بيها علشان بعدها الجواز غم ونكد ف هم مكدبوش عليك هو فعلا بالنبسالهم فترة الخطوبة احلى فترة علشان بيقضوها خروجات وفسح وكلام فاضي ولما ييتجوزوا تبدأ المشاكل… ماهو علشان هم من الأساس بدأوا غلط اصلاً..وصدقيني ذنوب الخطوبة مبيغفرهاش الزواج إلا طبعًا لو تابوا لربنا.
فترة الخطوبة مش أحسن فترة ولا حاجة بالعكس دي يعتبر جهاد بسبب انك طول الوقت بتحاول تتقى ربنا وتجبر نفسك على الالتزام وتصبر نفسك إن دي مجرد خطوبة لسه والخطوبة ما هي إلا وعد بالزواج.
خلاصة القول في اللي انا عايز اقوله جاهد نفسك في الخطوبة والتزم بالضوابط اللي ربنا أمرك بيها علشان تبدأ حياتك صح.. ومتقولش هكلمها بحدود والكلام الخايب اللي بنضحك بيه على نفسنا دا.. كلنا عارفين إن ما أجتمع رجل وأمراة في مكانِ إلا وثالثها الشيطان وطبعا الشيطان غنى عن التعريف وانت عارف بعدها بقى اى اللي بيحصل.. ف متحطش نفسك قدام الفتنة علشان انت مش حجر وطبيعي هتضعف.. ربنا لما أمر سيدنا آدم ميكلش من الشجرة أمره الأول إنه ميقربش منها لإن سبحانه وتعالى عليم إن لو آدم قرب من الشجرة هيضعف وياكل منها ودا اللي حصل فعلا.
علشان كدا أعصم نفسك من الفتنة واتقى الله في نفسك وفي اللي هتكون زوجتك وصدقني لو حاولت ربنا هيعينك وأسال الله تعالى أن يزوجنا جميعًا ويغنينا بفضله وحلاله عن حرامه وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وأسال الله أن يجعل جلستنا هذه شفيعة لنا يوم القيامة”
أنهى أحمد الحديث وهو يشعر بالرضى الآن..قد يكون هو وقع بهذا الخطأ كي يستطيع أن ينبه من حوله كي لا يخطئون مثله.. كان حديثه موجه لنفسه قبلهم.
لقد وضع الله فيه القبول وعلمه من دينه ورزقه الله طريقة لينة تحبه الناس من خلالها وتقبل كل هذه النعم بصدر رحب وأصبح كل همه الدعوى في سبيل الله والحديث عن الله وما أجمل الكلام عن الله ومن تذوق حلاوة الإيمان هو من سيدرك هذا فقط.
أبتسم أحمد بداخله وهو يحمد الله على تلك النعم ثم أخذ يسأل الله الثبات واخذ يدعوه أن يرزقه المذيد من العلم الذي يستطيع أن ينفع به الناس ويجعله دائمًا منشغلاً بهم الدعوى وهدفه الجنة.
🌸أستغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
وقفت سهير تشعر بالتوتر الشديد وهى ترى هذا العدد الكبير من المشايخ وكبار العلم حتى أنها فكرت في التراجع.
أرتفعت وتيرة أنفاسها وهي تفرك يدها كلما أبصرت الوجوه من حولها.، يالله كيف ستُسأل أمام هذا الحشد الكبير!.
حركت أقدامها ببطء نحو أقرب مقعد لها تنتظر دورها ويأكلها القلق حتى شعرت بأنها نسيت كل ما قامت بحفظه لذا أخرجت مصحفها سريعًا حتى تقوم بالمراجعة للمرة التي لا تعلم عددها.
ورغم القلق الذي ينهش قلبها إلا أنها أبتسمت في الخفاء برضى للنتيجة التي توصلت إليها.. فاهي قد أتمت حفظ كتاب الله تعالى في هذه المدة القصيرة التي لم تتجاوز الستة أشهر فقد تعايشت مع القرآن بكل جوارحها وأمضت تلك الشهور في الحفظ والمراجعة حتى قامت بختمه..
لم يكن الأمر بالهين بتاتًا بل كانت تبذل قصارى جهدها والذي سهل عليها الأمر هو تعطشها الشديد لحفظ كلام الله تعالى بتمعن وكلما أتمت جزءًا كلما ذاد تعطشها لحفظ المذيد.
كانت هذه المسابقة كبرى لجميع حافظي القرآن وقد كان يوجد الكثير من حفظة القرآن إلى تلك المسابقة.
شعرت بالراحة تغمرها وهي ترى الحاضرين فقد كان الرجال متقدمون يعفون لحيتهم ويسيرون غاضين لبصرهم وعلى الجانب الاخر والتي تمكث فيه كن الفتيات يرتدين النقاب وأغلبنهن متشحين بالسواد مثلها..
كان هذا المكان كفيل لإن يبعث الطمأنينة داخل قلبها وكلما طالعت من حولها كلما شعرت بأن الدنيا مازالت بخير.
يالله هذا المكان مختلف تمامًا عن المجتمع الذي تعيش فيه فالجميع هنا لنفس السبب وهم يبتغون رضى الله.
رفعت رأسها بإنتباه عندما سمعت أحد كبار المشايخ وهو يحمحم كي يجذب الأنظار إليه ثم بدأ بالحديث بمقدمة عن فضل حفظ القرآن والمكانة الذي يرتقى إليها الحاملين لكتاب الله.
“انا حابب أشكر وجودكم كلكم هنا وحقيقي انا فخور جدًا بيكم وانتوا متتخيلوش فرحتي بحافظ القرآن وقبل ما نبدأ المسابقة حابب أنوه عن إن دي مجرد مسابقة للتشجيع ف اللي مش هيفوز ميزعلش بل يجتهد ويشد حيله ويفرح إن ربنا أختاره وأصطفاه لحفظ كتابه..،
نيجي بقى للنقطة الأهم واللي حابب تاخدوا بالكم منها اوي وهي المراجعة على حِفظ القرآن.. مش معنى إنكم ختموا يبقى كدا خلاص احنا حفظنا لأ القرآن بيتنسى لو مفضلتش دايما على تواصل معاه.. لازم تخلى علاقتك مع ربنا بالقرآن مستمرة.، حتى لو انت محفظ قرآن لازم يكون ليك ورد حفظ ومراجعة على اللي فات علشان متنساش لإن منزلة حافظ القرآن عند آخر آية ويوم القيامة هيقال لحافظ القرآن أقر ورتل كما كنت تفعل في دنياك طب لو انت حفظت بس نسيت هتقرأ وترتل ازاي ووقتها مش هيكون في مصاحف! بلاش تضيعوا حلاوة حفظ القرآن بإنكم تنسوه تاني استمروا واختموا مرة واتنين وتلاتة وعشرة ولحد ما تموتوا وانتوا بتحفظوا وبتراجعوا”
أنهي الشيخ كلماته فتحدث شيخ آخر قائلاً كلماته:
“حافظ القرآن ليه ميعاد مميز يوم القيامة وأول حاجه هيقابلها لما يطلع من القبر هقابل واحد هيقوله انا صاحبك القرآن الذي أسهرت ليلك وكمان حافظ القرآن بيوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حُلتان لا تقوم لهما الدنيا ودي أجمل هدية ممكن تقدملها لأهلك وأعظم البر على إطلاقه إنهم يعدوا بسببك.. احنا لو فضلنا نتكلم عن فضل حافظ القرآن مش هنخلص أتمنى من الله تدركوا قيمة حفظكم للقرآن وتعملوا بيه مش مجرد حفظ وخلاص وهم تفهموا معانيه بتمعن وأسال الله تعالى أن يجعله حُجة ليكم يقوم القيامة لا عليكم”
أنهى الرجل حديثه والجميع منصت له ثم بدأت المسابقة والجميع يتوالى حتى سمعت سهير إسمها وما إن سمعته حتى أذداد توترها أكثر فتأهبت من مكانها حتى تذهب نحو الداخل وجسدها يتصبب عرقًا.
توقفت أمام مجموعة من المشايخ الكُثر على شكل مجموعات وكل مجموعة يترأسها ثلاثة من المشايخ فأشار لها أحدهم بالذهاب إلى إحدى المجموعات فأمتثلت لأوامره ثم وقفت وهي مطرقة الرأس ولكنها رفعت رأسها فجأة بصدمة عندما سمعت أحدهم يقول:
” أسمك اى يا آنسه”
توسعت مقلتاها بصدمة وهي تبصر وجه يوسف أمامها والذي يبدو أنه لم يتعرف عليها بسبب هيئتها! شعرت بتوقف نبضات قلبها لثوانِ فهي لم تره منذ ذلك الحين عندما عرض عليها أمر الزواج يوم عقد صديقتها ياسمين والذي وقتها تلبستها حالة من الصدمة حتى فرت من أمامه دون أن تجيب عليه حتى فقد كانت نفستها سيئة فهي للتو خرجت من علاقة فاشلة حتى يأتى هو دون تمهل ويطلب يدها دون إعطاها فرصة لإستعادت توازنها مرة أخرى.
لم تتوقع قط بأنها قد تراه مجددًا فهي لم تعد تذهب منزله وأيضًا قطعت التواصل مع والدته التي حاولت مرارًا الإعتذار عما بدر من إبنها ولكنها فضلت الإبتعاد وقتها فلا طاقة لها بالدخول في علاقات مجددًا.
“يابنتي الشيخ يوسف عمال يسألك رودي عليه”
فاقت سهير من شردوها على صوت الشيخ الذي يجاوره فأبتلعت ريقها بتوتر وهي تعض على شفتيها ثم همست قائلة:
“أسمي سهير.. سهير أحمد”
رفع يوسف رأسه مسرعًا بلهفة وهو ينظر إليها بتفحص يحاول التأكد من أنها هي بالفعل وعندما طال نظره أخفض بصره مجددًا وقد أصبح نفسه أعلى ولا يصدق بأنها تقف أمامه بعدما فشلت كل محاولته في التواصل معها والإعتذار لها عن تسرعه وعندما يأس تركها بعدما رفضه والده في كل مرة يتقدم إليها مخبرًا إياه بأنها لا ترغب في الزواج في الوقت الحالي.
“أهلا يا آنسة سهير…إن شاء الله تكوني من المتميزين في المسابقة”
تحدث يوسف بهدوء بعدما أستعاد توازنه بينما هي لم تجيبه بل تريد أن تهرب من هذا المكان بأسرع ما لديها ولكن هذا في مخيلتها فقط فقد أنتبهت على صوت يوسف وهو يسألها قائلاً:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا …كملي باقى الآية لو سمحتي”
لم تجيب بل ظلت واقفة مكانها دون أن تستطيع النطق وقد أربكها بسؤاله.. يالله لقد نسيت حقًا كل ما حفظته رغم أنها تحفظ هذه الأية عن ظهر قلب لكثرة سماعها ولكن سؤاله وترها بشدة.
سألها يوسف سؤالين آخرين وأيضًا لا رد منها حتى تحدث الشيخ المجاور له قائلاّ:
“براحة عليها في الأسالة شوية يا مولانا مش شايفاها متوترة… انا هسألها انا.. قولي يا بنتي وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”
هدت سهير قليلاً وهي تأخذ نفس عميق وقد هدأت لمجرد أن ليس هو الذي يحادثها ثم أستعادت تركيزها وفكرت حتى أكلمت الآيات وهي تقول:
“وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”
نظر لها يوسف ببسمة لم يستطيع إخفائها وكبح ضحكاته وعلم أنه هو سبب توترها ثم التزم الصمت وهو يتابعها كلما سألها الشيخ عند سؤال جابت حتى سألها نفس السؤال الذي سأله يوسف أول مرة قائلاً:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا… كملي اللي بعدها ”
” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ (22) وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ ”
“اللهم بارك عليكي ماشاء الله ممتازة”
كان هذا ثناء الشيخ عليها ثم قام بتدوين الدرجة النهائية وما إن أنتهت حتى فرت من أمامهم او ركضت إن صح القول بينما نظر الشيخ متولى إلى يوسف وهو يقول له بخبث:
“مكنتش أعرف إن تأثيرك قوي اوي كدا يا شيخ يوسف”
قهقهه يوسف بخجل وقد أحمر وجهه حياءً من شيخه الذي يكبره بأعوام عدة وما إن رأي الآخر إحمرار وجهه حتى تابع حديثه وقد تأكد من ظنونه قائلاً:
“دا انا ظني طلع في محله بقى”
قهقهه يوسف مجددًا وقد أسعدته رؤيتها مرة أخرى ثم هتف ممازحًا:
“طلعت مش سهل انت يا شيخ متولي”
أجابه الآخر وهو يقول بمزاح:
“دا احنا شكلنا هنفرح قريب بقى”
هز يوسف رأسه يومئء له بتأكيد قائلاً ببسمة:
“إن شاء الله يا مولانا… أدعيلي انت بس”
🌸أستتغفر الله العظيم وأتوب إليه🌸
“ياعمر جبنا كل حاجة ولسه برضو مجبناش الفستان”
تحدثت ياسمين بتسآل بعدما قد قاموا بشراء كل شيء عدا فستان زفافها بينما توقف عمر بسيارته امام إحدى البنيات وهو يقول:
“أنزلي بس الأول وتعالي علشان عاملك مفجأة”
نظرت ياسمين إلى ما يشير إليه ثم عقدت حاجبيها بتعجب وهي تقول:
“اى المكان دا احنا جايين هنا ليه؟”
سألته ياسمين بتوجس فنزل عمر من سيارته ثم أغلق الباب خلفه قائلاً:
“أنزلي بس وتعالي هقولك جوة”
نظرت له ياسمين بتردد ثم ظلت جالسة مكانها قائلة:
“طب قولي الأول اى المكان دا؟”
نظر لها عمر مطولاً ثم هتف بهدوء يسألها قائلاً:
“ياسمين هو انتِ مش بتثقي فيا!”
أبتلعت ياسمين ريقها وهي لا تدرى بما تجيب تحت نظرات عمر المراقبة لها ينتظر ردها فهتفت بتردد قائلة:
“لأ يا عمر الموضوع مش كدا… بس الفكرة بابا وزين ميعرفوش إني جاية معاك هنا… هم سامحيني أخرج معاكم على أساس هنروح أماكن عامة”
كرر عمر عليه سؤاله وهذه المرة بنبرة أعلى قائلاً:
“متتهربيش من الإجابة يا ياسمين.. انتِ مبتثقيش فيا!؟”
لم تجيبه ياسمين بل صمتت حتى هز عمر رأسه قائلاً بنبرة خالية من المشاعر:
“تمام يا ياسمين انا عرفت ردك كدا”
وقبل أن يرحل متوجهًا نحو مقعده أسرعت هي بالنزول ثم أقتربت منه وهي تقول:
“انا بثق فيك أكتر من نفسي ياعمر”
نظر لها عمر قليلاً يحاول أن يستشف الصدق من حديثها ثم أومأ لها وهو يسير نحو الداخل بينما هي كانت تشعر بالتوتر والإضطراب داخلها ليس لعدم ثقتها به بل لإنها لم تخبر أحد.
دخلت معه هذا المنزل الصغير والذي كان مزينًا بطريقة جميلة ثم صاحت ياسمين عندما وجدت فستان زفاف أبيض لم تر مثله في حياتها فأقتربت منه وهي تنظر إلى الفستان قائلة بسعادة بالغة:
“الله ياعمر الفستان جميل اووي دا شبه الفستان اللي كان نفسي فيه”
أبتسم عمر لسعادتها بينما هي أقتربت منه فجأة ثم وبدون سابق إنذار قامت بإحتضانه هي لأول مرة وهي تضحك بشدة وسعادة بينما عمر كانت سعادته لا توصف حتى أبتعدت عنه وهي تعبر له عن فرحتها بهذا الفستان.
بينما عمر كان شارد النظر بها وبالأخص بعدما أسدلت النقاب عن وجهها فأقترب منها عمر ثم مرر أنامله على وجهه وهو يقول:
“وانا مبسوط إنه عجبك اوي”
وقبل أن يقترب منها أكثر أبتعدت ياسمين مسرعة وهي تسحبه من يدها بتوتر نحو الخارج قائلة:
“طب يلا نمشي علشان أتاخرنا ومينفعش نقعد هنا أكتر من كدا”
توقف عمر عن السير ثم إستدار نحوها وهو يقول بنبرة جدية:
“هو اى اللي مينفعش نقعد هنا أكتر من كدا يا ياسمين؟ انتِ مراتي ولا ناسية دا!”
هزت ياسمين رأسها وهي تؤكد حديثه قائلة:
“لأ مش ناسية يا عمر بس احنا لسه معملناش فرح ولسه قدام الناس مكتوب كتابنا بس هل لو بابا ولا زين رنوا عليا دلوقتي اقدر أقولهم إني معاك في شقة لوحدنا؟ ولا لو حد شافنا هيقول اي؟ حتى لو كاتبنا كتابنا يا عمر في عرف بلدنا طالما لسه متجوزناش مينفعش والعرف بعتد بيه في الشرع على فكرة”
لم يكن عمر يريد أن يدخل في نقاش آخر معها لذا لم يجادلها ثم خرج معها كي يعديها إلى المنزل ويأخذ شقيقته حيث الطبيب.
وصل عمر أمام العمارة ثم نزل ومعه ياسمين وما إن صعد إلى أعلى حتى خرجت إيثار وهي تنظر أمامها بشر ثم أقتربت من سيارة عمر وأخرجت بعض الأشياء من جيبها ثم أبتسمت بشر وقد قامت بما خططت له.
بينما في الأعلى كانت روان أنتهت من إرتداء ملابسها ثم سارت مع عمر بسبب غياب زين لأجل عمله رغم أنها كانت تتمنى أن تذهب معه ولكنها عذرته.
نزلت معه بصعوبة شديدة وعمر يقوم بإسنادها فقد تخطت الشهر الثامن وكل يوم يذادد تعبها أكثر.
ساعدها عمر حتى أجلسها في السيارة وهي تلهث بشدة وما لبثت حتى أرتاحت أنها جلست أخيرًا وقبل أن يتحرك عمر وجد زين عاد مسرًعا ثم ركن سيارته وهو ينزل مقتربًا منهما وهو يقول بأنفاس لاهثة:
“الحمد لله إني لحقتكم علشان اروح أوديها انا”
قالها زين وهو يلهث بشدة بينما روان ورغم سعادتها لأنه سوف يأتي معها أردفت بإجهاد وهي تقول:
“طب مكنش ينفع تيجي بدري شوية قبل ما أركب.. لسه هنزل من العربية تاني”
أقترب زين من سيارة عمر وهو يقول غامزًا لها:
“وانا ميهونش عليا أنزلك”
ثم وجه حديثه نحو عمر وهو يعطيه مفاتيحه الخاصة قائلاً:
“سوق انت عربيتي يا عمر وانا هاخد عربيتك”
أومأ له عمر دون جدال فهو أيضًا لم يحبذ أن تنزل مرة أخرى حتى لا يذيد تعبها بينما صعد زين جوارها وهو يطمئن عليها.
كانت روان تشعر بالراحة والسعادة لأنه سوف يأتي معها وقد كان الهواء يداعب وجهها من نافذة السيارة ولكنه بات يزعجها بعدما أسرع زين في سواقته على غير عادته.
“يازين سوق براحة على مهلك شوية”
نظر زين للسيارة بقلق وهو يقول بتعجب:
“مش عارف مالها عربية عمر كدا”
“طيب اوقف على جنب لحد ما نشوفها”
أجابته روان وهي تنظر له بقلق فهز زين رأسه ثم ضغط على الفرامل ولكن توقف قلبه عندما أكتشف أن السيارة ليس بها فرامل.
وبسرعة كبيرة إنحاد عن الطريق الرئيسي حتى لا يصطدم في اي سيارة أخرى فوجد أن سرعة السيارة تذداد أكثر دون أن يستطيع التحكم بها.
صرخت روان برعب وهي تتمسك فيه جيدًا بيدها ويدها الأخرى تضعها حول بطنها خوفًا على طفلها.
بينما زين فقد السيطرة على أعصابة بسبب خوفه عليها والوضع يذاداد سوءً عندما أوشك على الإقتراب من الهاوية فصرخ بها وهو يقول:
“أفتحي الباب يا روان وإنزلي منه بسرعة”
بينما هي رفضت وهي تتشبث به بقوة أكثر قائلة ببكاء عنيف:
“لا لا يا زين مش هسيبك”
أذداد ضغط زين أكبر وإذداد إعواج السيارة وقد أوشك على نهاية الجبل وبصعوبة شديدة فتح زين الباب وهو يصرخ بها أن تنزل ولكنها ظلت متشبثة بها فدفعها زين بقوة رغمًا عنه حتى أسقطها من السيارة وقد كانت تلك الدفعة كفيلة لأن تفقده جنينه… جنينه الذي لم ير النور بعد ولكنه لم يستطيع الحفاظ عليه حتى ينجو بحياتها.
وفي الوقت الذي دفعها به وجد زين هاتفه ينير بإتصال من عمر ولأنه كان قد اوصله ببلوتوث السيارة أستطاع أن يجيب عليه وهو يقول بأعلى صوت لديه:
“الحق روان بسرعة يا عمر”
لقد سمع زين صرخة كبيرة بدرت منها قطعت أنياط قلبه صرخة أفقدته صوابه حتى أنه لم يستطيع أن يركض من السيارة بل سقطت السيارة بقوة كبيرة أسفل الجبل بطريقة مسآوية ومازالت صرختها تتردد داخل أذنها حتى أستسلم لنهايتهما سويًا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وسولت لي نفسي 2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *